MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية



نحو تمتين الرابط الجيلي مع مغاربة العالم: الفرص والتحديات (تقرير رسمي)

     



الرأي


يسلط‭ ‬المجلس‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والاجتماعي‭ ‬والبيئي‭ ‬عبر‭ ‬هذا‭ ‬الرأي‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬الطابع‭ ‬متعدد‭ ‬الأبعاد‭ ‬للرابط‭ ‬بين‭ ‬مغاربة‭ ‬العالم‭ ‬والمملكة‭ ‬المغربية،‭ ‬والعوامل‭ ‬التي‭ ‬تحدد‭ ‬خصوصيته‭ ‬وعمقه،‭ ‬والسبل‭ ‬والوسائل‭ ‬الكفيلة‭ ‬بتمتينه‭ ‬وضمان‭ ‬ديمومته‭. ‬كما‭ ‬يأتي‭ ‬إعداد‭ ‬هذا‭ ‬الرأي‭ ‬في‭ ‬أعقاب‭ ‬خطاب‭ ‬جلالة‭ ‬الملك،‭ ‬نصره‭ ‬الله،‭ ‬بمناسبة‭ ‬الذكرى‭ ‬69‭ ‬لثورة‭ ‬الملك‭ ‬والشعب‭ (‬20‭ ‬غشت‭ ‬2022‭) ‬والذي‭ ‬جدد‭ ‬فيه‭ ‬جلالته‭ ‬دعوة‭ ‬مجموع‭ ‬المؤسسات‭ ‬الوطنية‭ ‬إلى‭ ‬الوقوف‭ ‬عند‭ ‬حصيلة‭ ‬وآفاق‭ ‬وسبل‭ ‬تأهيل‭ ‬التشريعات‭ ‬والسياسات‭ ‬العمومية‭ ‬المخصصة‭ ‬لصون‭ ‬مصالح‭ ‬وحقوق‭ ‬مغاربة‭ ‬العالم،‭ ‬ودعم‭ ‬مشاريعهم‭ ‬والنهوض‭ ‬بمساهمتهم‭ ‬في‭ ‬تنمية‭ ‬المملكة‭ ‬وتعزيز‭ ‬إشعاعها‭.‬



تحميل الرأي

تحميل_الرأي.pdf تحميل الرأي.pdf  (2.43 ميغا)
ملخص
يسلط‭ ‬المجلس‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والاجتماعي‭ ‬والبيئي‭ ‬عبر‭ ‬هذا‭ ‬الرأي‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬الطابع‭ ‬متعدد‭ ‬الأبعاد‭ ‬للرابط‭ ‬بين‭ ‬مغاربة‭ ‬العالم‭ ‬والمملكة‭ ‬المغربية،‭ ‬والعوامل‭ ‬التي‭ ‬تحدد‭ ‬خصوصيته‭ ‬وعمقه،‭ ‬والسبل‭ ‬والوسائل‭ ‬الكفيلة‭ ‬بتمتينه‭ ‬وضمان‭ ‬ديمومته‭. ‬كما‭ ‬يأتي‭ ‬إعداد‭ ‬هذا‭ ‬الرأي‭ ‬في‭ ‬أعقاب‭ ‬خطاب‭ ‬جلالة‭ ‬الملك،‭ ‬نصره‭ ‬الله،‭ ‬بمناسبة‭ ‬الذكرى‭ ‬69‭ ‬لثورة‭ ‬الملك‭ ‬والشعب‭ (‬20‭ ‬غشت‭ ‬2022‭) ‬والذي‭ ‬جدد‭ ‬فيه‭ ‬جلالته‭ ‬دعوة‭ ‬مجموع‭ ‬المؤسسات‭ ‬الوطنية‭ ‬إلى‭ ‬الوقوف‭ ‬عند‭ ‬حصيلة‭ ‬وآفاق‭ ‬وسبل‭ ‬تأهيل‭ ‬التشريعات‭ ‬والسياسات‭ ‬العمومية‭ ‬المخصصة‭ ‬لصون‭ ‬مصالح‭ ‬وحقوق‭ ‬مغاربة‭ ‬العالم،‭ ‬ودعم‭ ‬مشاريعهم‭ ‬والنهوض‭ ‬بمساهمتهم‭ ‬في‭ ‬تنمية‭ ‬المملكة‭ ‬وتعزيز‭ ‬إشعاعها‭. ‬ومن‭ ‬هذا‭ ‬المنظور،‭ ‬بلور‭ ‬المجلس‭ ‬رأيه‭ ‬وفق‭ ‬أربعة‭ ‬محاور‭ ‬كبرى‭ ‬متكاملة،‭ ‬ألا‭ ‬وهي‭ :  ‬1‭) ‬بلوغ‭ ‬معرفةٍ‭ ‬وفهمٍ‭ ‬أفضل‭ ‬بأوضاع‭ ‬مغاربة‭ ‬العالم‭ ‬وتمثلاتهم‭ ‬وانتظاراتهم‭ ‬2‭) ‬الارتقاء‭ ‬بجودة‭ ‬الخدمات‭ ‬المقدمة‭ ‬إليهم‭ ‬وتحسين‭ ‬نجاعتها،‭ ‬3‭) ‬تحسين‭ ‬آليات‭ ‬استقبال‭ ‬واستقطاب‭ ‬ومواكبة‭ ‬كفاءات‭ ‬مغاربة‭ ‬العالم‭ ‬وتعزيز‭ ‬مساهمتهم‭ ‬في‭ ‬مشاريع‭ ‬البلاد‭ ‬ونموذجها‭ ‬التنموي‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬العلمي‭ ‬والأكاديمي‭ ‬والثقافي‭ ‬والاقتصادي،‭ ‬4‭) ‬بث‭ ‬دينامية‭ ‬جديدة‭ ‬وتعزيز‭ ‬التقائية‭ ‬عمل‭ ‬البنيات‭ ‬المؤسساتية‭ ‬والإدارية‭ ‬والتمثيلية‭ ‬والجمعوية‭ ‬الموجهة‭ ‬للإنصات‭ ‬إلى‭ ‬مغاربة‭ ‬العالم‭ ‬وضمان‭ ‬مشاركتهم‭ ‬وتمثيلهم،‭ ‬مع‭ ‬الحرص‭ ‬على‭ ‬إشراكهم‭ ‬في‭ ‬بلورة‭ ‬السياسات‭ ‬العمومية‭ ‬التي‭ ‬تهمهم‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الوطني‭ ‬والجهوي‭ ‬والمحلي‭. ‬

وينطلق‭ ‬المجلس‭ ‬من‭ ‬معطى‭ ‬أساسي‭ ‬يتمثل‭ ‬في‭ ‬كون‭ ‬مغاربة‭ ‬العالم‭ ‬يشكلون‭ ‬نحو‭ ‬15‭ ‬في‭ ‬المائة‭ ‬من‭ ‬مجموع‭ ‬ساكنة‭ ‬المملكة،‭ ‬ويساهمون‭ ‬بأزيد‭ ‬من‭ ‬7‭ ‬في‭ ‬المائة‭ ‬من‭ ‬ناتجها‭ ‬الداخلي‭ ‬الإجمالي‭. ‬ثُم‭ ‬إنه‭ ‬في‭ ‬شعورِ‭ ‬مغاربةِ‭ ‬العالمِ‭ ‬القويِّ‭ ‬بالانتماء‭ ‬إلى‭ ‬الوطن‭ ‬والطابع‭ ‬الهيكلي‭ ‬لمساهمتهم‭ ‬في‭ ‬الاستجابة‭ ‬للاحتياجات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬وفي‭ ‬إقامة‭ ‬التوازنات‭ ‬الماكرواقتصادية‭ ‬للبلاد‭ ‬فرصةً‭ ‬وتحدِّياً‭ ‬في‭ ‬آنٍ‭ ‬واحد‭.‬

لقد‭ ‬أتاحت‭ ‬الهجرة‭ ‬لمغاربة‭ ‬العالم‭ ‬توسيعَ‭ ‬آفاقهم‭ ‬وتحسين‭ ‬ظروف‭ ‬عيشهم‭ ‬وأوضاع‭ ‬أسرهم‭ ‬وإثراء‭ ‬تجاربهم‭ ‬المهنية‭. ‬فهم‭ ‬يرتقون‭ ‬بين‭ ‬عوالم‭ ‬اجتماعية‭ ‬وثقافية‭ ‬مختلفة‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬الموروث‭ ‬التاريخي‭ ‬والهوية‭ ‬والبيئة‭ ‬المعيشية‭ ‬والمناخ‭ ‬السياسي‭. ‬ثُمَّ‭ ‬إنهم‭ ‬يَنفعون‭ ‬بعملهم‭ ‬وطاقتهم‭ ‬الإبداعية‭ ‬ومواردهم‭ ‬المجتمعات‭ ‬التي‭ ‬تحتضنهم‭ ‬وبلدهم‭ ‬الأصل‭ ‬على‭ ‬حّدٍّ‭ ‬سواء‭. ‬غير‭ ‬أن‭ ‬هؤلاء‭ ‬النساء‭ ‬والرجال‭ ‬يواجهون‭ ‬بشكل‭ ‬متزايد،‭ ‬وفي‭ ‬كل‭ ‬مكان‭ ‬تقريباً،‭ ‬مناخات‭ ‬سياسية‭ ‬معادية‭ ‬للهجرة‭. ‬

ورغم‭ ‬هذا‭ ‬السياق،‭ ‬فإن‭ ‬الرغبة‭ ‬في‭ ‬الهجرة‭ ‬لم‭ ‬تَفْتُر،‭ ‬مع‭ ‬بُروز‭ ‬وجهات‭ ‬جديدة‭ ‬للهجرة،‭ ‬لَعَلَّ‭ ‬أبرَزها‭ ‬أمريكا‭ ‬الشمالية،‭ ‬حيث‭ ‬باتت‭ ‬الهجرة‭ ‬تستقطب‭ ‬فئات‭ ‬عريضة‭ ‬ومختلفة‭ ‬من‭ ‬المجتمع‭ ‬المغربي،‭ ‬يُشكل‭ ‬الشباب‭ ‬مُعظمَها،‭ ‬مع‭ ‬حضور‭ ‬أقوى‭ ‬للنساء‭ ‬في‭ ‬تدفقات‭ ‬الهجرة‭ ‬إلى‭ ‬الخارج‭. ‬وهم‭ ‬مهاجرون‭ ‬من‭ ‬ذوي‭ ‬الشواهد‭ ‬العلمية‭ ‬العليا،‭ ‬يَقبلون،‭ ‬في‭ ‬سَعْيِهِم‭ ‬للكد‭ ‬والعمل‭ ‬الجادّ،‭ ‬بمزاولة‭ ‬وظائف‭ ‬تكون‭ ‬في‭ ‬عدة‭ ‬أحيان‭ ‬أدنى‭ ‬من‭ ‬مستواهم‭ ‬التعليمي‭ ‬والمهني‭. ‬وإذا‭ ‬كانت‭ ‬الجالية‭ ‬المغربية‭ ‬تضم‭ ‬بين‭ ‬صفوفها‭ ‬قصص‭ ‬نجاح‭ ‬باهرة‭ ‬لمهاجرين‭ ‬يمتلكون‭ ‬كفاءة‭ ‬ذات‭ ‬مستوى‭ ‬عالمي‭ ‬في‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬القطاعات‭ ‬وفي‭ ‬عدة‭ ‬بلدانّ،‭ ‬فهي‭ ‬تضم‭ ‬في‭ ‬المقابل‭ ‬فئات‭ ‬تعاني‭ ‬من‭ ‬الهشاشة‭. ‬فئات‭ ‬يصعب‭ ‬تقدير‭ ‬عددها‭ ‬لا‭ ‬تملك‭ ‬تصاريح‭ ‬إقامة،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬فئة‭ ‬القاصرين‭ ‬غير‭ ‬المرفوقين‭ ‬بذويهم‭ ‬مِمَّن‭ ‬يَقَعون‭ ‬ضحايا‭ ‬شبكات‭ ‬الاتجار‭ ‬والاستغلال‭ ‬غير‭ ‬المشروعين،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬العامِلات‭ ‬المُهاجرات‭ ‬اللاتي‭ ‬يُعانِين‭ ‬من‭ ‬مختلِف‭ ‬أشكال‭ ‬إساءة‭ ‬المعامَلة،‭ ‬عِلاوةً‭ ‬على‭ ‬الأشخاص‭ ‬المُسِنِّين‭ ‬الذين‭ ‬اضطروا‭ ‬للمكوث‭ ‬في‭ ‬بلدان‭ ‬الإقامة‭ ‬نظراً‭ ‬لغياب‭ ‬إمكانية‭ ‬نقل‭ ‬حقوقهم‭ ‬الاجتماعية‭ ‬المكتسبة‭ ‬في‭ ‬بلد‭ ‬الإقامة،‭ ‬المتعلقة‭ ‬بمعاش‭ ‬التقاعد‭ ‬أو‭ ‬التعويضات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬أو‭ ‬التغطية‭ ‬الصحية،‭ ‬نحو‭ ‬المغرب‭.‬

وتبرز‭ ‬هذه‭ ‬الوضعية،‭ ‬أهمية‭ ‬توفير‭ ‬حماية‭ ‬فعلية‭ ‬لحقوق‭ ‬مغاربة‭ ‬العالم‭ ‬وصون‭ ‬كرامتهم‭ ‬حيثما‭ ‬وُجدوا،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬مواصلة‭ ‬الجهود‭ ‬لتمكينهم‭ ‬من‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬خدمات‭ ‬قنصلية‭ ‬وإدارية‭ ‬وصحية‭ ‬واجتماعية‭ ‬ذات‭ ‬جودة،‭ ‬مع‭ ‬ضرورة‭ ‬تقريب‭ ‬الخدمات‭ ‬الثقافية‭ ‬منهم‭ ‬والاستجابة‭ ‬بطريقة‭ ‬عقلانية‭ ‬وذات‭ ‬مصداقية‭ ‬لحاجياتهم‭ ‬الدينية‭ ‬بما‭ ‬يُراعي‭ ‬المقومات‭ ‬الدينية‭ ‬للشخصية‭ ‬المغربية‭ ‬وينسجم‭ ‬مع‭ ‬قوانين‭ ‬بلدان‭ ‬الاستقبال‭. ‬ويدعو‭ ‬هذا‭ ‬الرأي‭ ‬إلى‭ ‬تنظيم‭ ‬عملياتِ‭ ‬نقل‭ ‬الكفاءات‭ ‬والتشجيع‭ ‬على‭ ‬تقوية‭ ‬التبادل‭ ‬والعمل‭ ‬المشترك‭ ‬مع‭ ‬الكفاءات‭ ‬المغربية‭ ‬بالخارج،‭ ‬وذلك‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬الميادين‭ ‬العلمية‭ ‬والأكاديمية‭ ‬والصناعية‭ ‬وفي‭ ‬مجالات‭ ‬الفن‭ ‬والثقافة‭ . ‬ومن‭ ‬شأن‭ ‬عمل‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬القبيل‭ ‬أن‭ ‬يضع‭ ‬الأفراد‭ ‬في‭ ‬صُلب‭ ‬السياسات‭ ‬المعتمدة،‭ ‬وأن‭ ‬يُعزِّز‭ ‬فرص‭ ‬نجاح‭ ‬مختلف‭ ‬البرامج‭ ‬والتدابير،‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬تعهدها‭ ‬بالتجديد‭ ‬والتحيين،‭ ‬بما‭ ‬يشجِّع‭ ‬المشاركة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬لمغاربة‭ ‬العالم‭ ‬ويدعم‭ ‬مشاريعهم‭ ‬الاستثمارية‭.‬

إن‭ ‬أوضاع‭ ‬مغاربةَ‭ ‬العالم‭ ‬وتمثلاتهم‭ ‬وتصوراتهم‭ ‬لآفاقهم‭ ‬المستقبلية‭ ‬في‭ ‬تغير‭ ‬دائم،‭ ‬إذ‭ ‬باتوا‭ ‬يندمجون‭ ‬بشكل‭ ‬متزايد‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬المدنية‭ ‬في‭ ‬المجتمعات‭ ‬التي‭ ‬يُقيمون‭ ‬فيها‭. ‬ومن‭ ‬خلال‭ ‬نتائج‭ ‬الاستشارة‭ ‬التي‭ ‬أطلقها‭ ‬المجلس‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والاجتماعي‭ ‬والبيئي‭ ‬عبر‭ ‬منصته‭ ‬الرقمية‭ ‬‮«‬أشارك‮»‬‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬إنجاز‭ ‬هذا‭ ‬الرأي،‭ ‬يتبيَّن‭ ‬أنَّ‭ ‬قوة‭ ‬الأواصرٍ‭ ‬التي‭ ‬تربط‭ ‬مغاربة‭ ‬العالم‭ ‬مع‭ ‬بلدهم‭ ‬الأصل‭ ‬تتجلى‭ ‬أساسا‭ ‬في‭ ‬تمسكهم‭ ‬بالمؤسسة‭ ‬الملكية،‭ ‬وبشخص‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬محمد‭ ‬السادس،‭ ‬واعتزازهم‭ ‬بما‭ ‬يضطلع‭ ‬به‭ ‬جلالتُه‭ ‬من‭ ‬دورٍ‭ ‬عالمي،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬القضية‭ ‬المقدسة‭ ‬للصحراء‭ ‬المغربية،‭ ‬كما‭ ‬تتجلى‭ ‬في‭ ‬إشادتهم‭ ‬بما‭ ‬تحقق‭ ‬مِنْ‭ ‬تَقَدُّم‭ ‬في‭ ‬تنمية‭ ‬البلاد‭ ‬وتشبثهم‭ ‬بقيم‭ ‬المغرب‭ ‬وثقافته‭. ‬لكنهم‭ ‬في‭ ‬المقابل‭ ‬أعربوا‭ ‬عن‭ ‬استِنكارِهم‭ ‬الشديد‭ ‬لمظاهر‭ ‬الفساد‭ ‬وغياب‭ ‬الأمن‭ ‬القانوني‭ ‬وبُطْء‭ ‬الخدمات‭ ‬الإدارية‭. ‬ورغم‭ ‬أن‭ ‬أغلبية‭ ‬مغاربة‭ ‬العالم‭ ‬لا‭ ‬يفكرون‭ ‬في‭ ‬العودة‭ ‬بشكل‭ ‬نهائي‭ ‬إلى‭ ‬المغرب،‭ ‬غير‭ ‬أنهم‭ ‬يتطلعون‭ ‬إلى‭ ‬المساهمة‭ ‬في‭ ‬تنميته،‭ ‬وأن‭ ‬يسخِّروا‭ ‬لذلك‭ ‬ما‭ ‬اكتسبوه‭ ‬من‭ ‬كفاءات‭ ‬ومهارات‭ ‬ومعارف‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬منهم‭ ‬عدداً‭ ‬كبيراً‭ ‬ممن‭ ‬يَطْمَحون‭ ‬إلى‭ ‬المزاوجة‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬بين‭ ‬المغرب‭ ‬وبلد‭ ‬الإقامة‭.‬

إن‭ ‬الهجرة‭ ‬لا‭ ‬يجوز‭ ‬ولا‭ ‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬تَتَحَوَّل‭ ‬إلى‭ ‬وسيلةٍ‭ ‬لمعالجة‭ ‬البطالة،‭ ‬أو‭ ‬تُخْتَزَلَ‭ ‬في‭ ‬مُجرَّد‭ ‬مَوْرِدٍ‭ ‬لجلب‭ ‬العملة‭ ‬الصعبة‭ ‬أو‭ ‬تُصَيَّر‭ ‬إلى‭ ‬أداةٍ‭ ‬تُحَقِّق‭ ‬توازنَ‭ ‬الحسابات‭ ‬الخارجية‭ ‬للدولة‭. ‬ويشكل‭ ‬هذا‭ ‬الرأي‭ ‬مساهمة‭ ‬من‭ ‬المجلس‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والاجتماعي‭ ‬والبيئي‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إحداث‭ ‬تَحَوُّلٍ‭ ‬في‭ ‬التعاطي‭ ‬مع‭ ‬الرابط‭ ‬مع‭ ‬مغاربةِ‭ ‬العالم،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬عبر‭ ‬إعادة‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬الإطار‭ ‬المؤسساتي‭ ‬والسياسات‭ ‬العمومية‭ ‬المخصَّصة‭ ‬لهم‭. ‬

مؤطر‭: ‬مداخل‭ ‬التغيير‭ ‬المقترحة‭ ‬من‭ ‬لدن‭ ‬المجلس

الإطار‭ ‬المؤسساتي‭: ‬يدعو‭ ‬المجلس‭ ‬إلى‭ ‬تجديد‭ ‬الهندسة‭ ‬المؤسساتية‭ ‬الحالية‭ ‬من‭ ‬خلال‭:  ‬

إناطة‭ ‬مهمة‭ ‬الإشراف‭ ‬على‭ ‬بلورة‭ ‬وحسن‭ ‬تنفيذ‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬المتعلقة‭ ‬بمغاربة‭ ‬العالم‭ ‬بوزير‭ ‬مكلف‭ ‬بشؤون‭ ‬مغاربة‭ ‬العالم‭ ‬منتدب‭ ‬لدى‭ ‬وزارة‭ ‬الشؤون‭ ‬الخارجية‭ ‬والتعاون‭ ‬الإفريقي‭ ‬والمغاربة‭ ‬المقيمين‭ ‬في‭ ‬الخارج؛‭ ‬

الارتقاء‭ ‬بأدوار‭ ‬مؤسسة‭ ‬الحسن‭ ‬الثاني‭ ‬للمغاربة‭ ‬المقيمين‭ ‬بالخارج‭ ‬بجعلها‭ ‬مؤسسة‭ ‬عمومية‭ ‬استراتيجية‭ ‬خاصة‭ ‬بمغاربة‭ ‬العالم‭ ‬تشكل‭ ‬الذراع‭ ‬التنفيذي‭ ‬لتنزيل‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬المشار‭ ‬إليها،‭ ‬وذلك‭ ‬بتنسيق‭ ‬مع‭ ‬مُختلِف‭ ‬الجهات‭ ‬الفاعلة‭ ‬والأطراف‭ ‬المعنية‭. ‬ويوصى‭ ‬بأن‭ ‬توضع‭ ‬هذه‭ ‬المؤسسة‭ ‬تحت‭ ‬إشراف‭ ‬الوزير‭ ‬المنتدب‭ ‬المكلف‭ ‬بمغاربة‭ ‬العالم‭ ‬الذي‭ ‬يترأس‭ ‬مجلس‭ ‬إدارتها،‭ ‬وينبغي‭ ‬أن‭ ‬تخول‭ ‬الاختصاصات‭ ‬والموارد‭ ‬اللازمة‭ ‬للاضطلاع‭ ‬بمهامها‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬أمثل؛

الارتقاء‭ ‬باللجنة‭ ‬الوزارية‭ ‬لشؤون‭ ‬المغاربة‭ ‬المقيمين‭ ‬في‭ ‬الخارج‭ ‬وشؤون‭ ‬الهجرة‭ ‬إلى‭ ‬لجنة‭ ‬استراتيجية‭ ‬عليا،‭ ‬محدثة‭ ‬لدى‭ ‬رئيس‭ ‬الحكومة‭ ‬ومكلفة‭ ‬حصريا‭ ‬بقضايا‭ ‬مغاربة‭ ‬العالم‭. ‬وينبغي‭ ‬أن‭ ‬تضم‭ ‬هذه‭ ‬اللجنة‭ ‬مختلف‭ ‬الأطراف‭ ‬المعنية‭ ‬وأن‭ ‬توكل‭ ‬إليها‭ ‬سلطات‭ ‬واسعة‭ ‬في‭ ‬مجالي‭ ‬المتابعة‭ ‬والتحكيم‭ ‬المرتبطين‭ ‬بتنفيذ‭ ‬البرامج‭ ‬الموجهة‭ ‬لمغاربة‭ ‬العالم‭.‬

جودة‭ ‬الخدمات‭ ‬المقدمة‭ ‬من‭ ‬لدن‭ ‬الإدارة‭ ‬وباقي‭ ‬الفاعلين‭ ‬المعنيين‭ ‬لفائدة‭ ‬مغاربة‭ ‬العالم‭:‬

إحداث‭ ‬منصة‭ ‬رقمية‭ ‬وحيدة‭ (‬على‭ ‬غرار‭ ‬مبدأ‭ ‬الشباك‭ ‬الوحيد‭) ‬لتيسير‭ ‬العمليات‭ ‬والتفاعل‭ ‬بين‭ ‬كل‭ ‬الفاعلين‭ ‬في‭ ‬المنظومة‭ ‬الموجهة‭ ‬لمغاربة‭ ‬العالم‭. ‬ويتعين‭ ‬أن‭ ‬تخول‭ ‬هذه‭ ‬المنصة‭ ‬لمغاربة‭ ‬العالم‭ ‬إمكانية‭ ‬الولوج‭ ‬إلى‭ ‬مختلف‭ ‬الخدمات‭ ‬والمعلومات‭ ‬والمساطر‭ ‬التي‭ ‬تهمهم‭ (‬الوثائق‭ ‬القنصلية،‭ ‬وتقديم‭ ‬الدعم‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الاستثمار،‭ ‬والمعلومات‭ ‬الثقافية،‭ ‬وتدريس‭ ‬اللغة‭ ‬العربية،‭ ‬وغير‭ ‬ذلك‭)‬؛

تعزيز‭ ‬الموارد‭ ‬البشرية‭ ‬العاملة‭ ‬في‭ ‬البعثات‭ ‬القنصلية‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬العدد‭ ‬والكفاءة‭ ‬وتنوع‭ ‬القدرات‭ ‬والتدخلات،‭ ‬وتعزيز‭ ‬الوحدات‭ ‬القنصلية‭ ‬المتنقلة‭ ‬في‭ ‬البلدان‭ ‬التي‭ ‬تسجل‭ ‬ضعفاً‭ ‬في‭ ‬الخدمات‭ ‬الرقمية‭.‬

الاستفادة‭ ‬من‭ ‬الخدمات‭ ‬الدينية‭ ‬والثقافية‭:‬

العمل‭ ‬بتعاون‭ ‬مع‭ ‬السفارات‭ ‬على‭ ‬عصرنة‭ ‬العرض‭ ‬الديني‭ ‬الموجه‭ ‬لمغاربة‭ ‬العالم؛

إحداث‭ ‬جيل‭ ‬جديد‭ ‬من‭ ‬البنيات‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬النهوض‭ ‬بالعمل‭ ‬الثقافي‭ ‬للمغرب‭ ‬بالخارج،‭ ‬تعمل‭ ‬وفق‭ ‬نمط‭ ‬تدبير‭ ‬مرن‭ ‬ودامج‭ ‬ومرتكز‭ ‬على‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬الرقمية،‭ ‬وهي‭ ‬بنيات‭ ‬تسمى‭ (‬hors‭-‬murs‮ ‬‭) ‬أي‭ ‬غير‭ ‬مرتبطة‭ ‬بتشييد‭ ‬بناية‭ ‬داخل‭ ‬مجال‭ ‬ترابي‭ ‬معين‭ ‬أو‭ ‬تدبير‭ ‬إداري‭ ‬كلاسيكي‭. ‬وينبغي‭ ‬أن‭ ‬يناط‭ ‬بهذه‭ ‬البنيات‭ ‬تنظيم‭ ‬ملتقيات‭ ‬منتظمة‭ ‬بالمغرب‭ ‬حول‭ ‬مغاربة‭ ‬العالم‭ ‬وببلدان‭ ‬الإقامة‭ ‬حول‭ ‬المغرب،‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬تتخذ‭ ‬هذه‭ ‬الملتقيات‭ ‬شكل‭ ‬منتديات‭ ‬للحوار‭ ‬ومعارض‭ ‬وحفلات‭ ‬وفعاليات‭ ‬ثقافية‭ ‬وأنشطة‭ ‬لتعزيز‭ ‬قيم‭ ‬المواطنة‭.‬

الاستفادة‭ ‬من‭ ‬الحماية‭ ‬الاجتماعية‭:‬

الانخراط‭ ‬في‭ ‬حوار‭ ‬مع‭ ‬بلدان‭ ‬الاستقبال‭ ‬بهدف‭ ‬تحيين‭ ‬و‭/‬أو‭ ‬توسيع‭ ‬نطاق‭ ‬الاتفاقيات‭ ‬الثنائية‭ ‬المتعلقة‭ ‬بالضمان‭ ‬الاجتماعي‭ ‬بهدف‭ ‬تبسيط‭ ‬الشروط‭ ‬التي‭ ‬تعيق‭ ‬استفادة‭ ‬مغاربة‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬حقوقهم‭ ‬المرتبطة‭ ‬بالتقاعد‭ ‬والرعاية‭ ‬الصحية‭ ‬عند‭ ‬عودتهم‭ ‬بشكل‭ ‬نهائي‭ ‬أو‭ ‬مؤقت‭ ‬إلى‭ ‬المغرب؛
العمل،‭ ‬بشراكة‭ ‬مع‭ ‬الأبناك‭ ‬وشركات‭ ‬التأمين،‭ ‬على‭ ‬إعداد‭ ‬عرض‭ ‬للتأمين‭ ‬عن‭ ‬المرض‭ ‬لفائدة‭ ‬الأصول،‭ ‬وعرض‭ ‬للتأمين‭ ‬الاختياري‭ ‬على‭ ‬التقاعد‭ ‬لفائدة‭ ‬مغاربة‭ ‬العالم‭ ‬يكون‭ ‬مرفقا‭ ‬بتحفيزات‭ ‬ضريبية‭.‬
تعبئة‭ ‬واستقبال‭ ‬الكفاءات‭ ‬المغربية‭ ‬المقيمة‭ ‬بالخارج‭:‬

إدراج‭ ‬مقتضيات‭ ‬تشريعية‭ ‬وتنظيمية‭ (‬لا‭ ‬سيما‭ ‬مشروع‭ ‬القانون‭ ‬رقم‭ ‬63‭.‬21‭ ‬المتعلق‭ ‬بتنظيم‭ ‬التعليم‭ ‬العالي‭ ‬والبحث‭ ‬العلمي‭ ‬ونصوصه‭ ‬التطبيقية‭) ‬تسمح‭ ‬بتيسير‭ ‬استقدام‭ ‬الكفاءات‭ ‬المغربية‭ ‬العاملة‭ ‬بالخارج،‭ ‬خاصة‭ ‬الأساتذة‭ ‬والخبراء‭ ‬والباحثين‭ ‬الجامعيين؛‭ ‬
العمل‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬شراكة‭ ‬بين‭ ‬القطاعين‭ ‬العام‭ ‬والخاص‭ ‬على‭ ‬إحداث‭ ‬منصة‭ ‬رقمية‭ ‬للتدبير‭ ‬التوقعي‭ ‬للوظائف‭ ‬والكفاءات‭ ‬خاصة‭ ‬بالكفاءات‭ ‬المغربية‭ ‬المقيمة‭ ‬بالخارج،‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬تشمل‭ ‬المهن‭ ‬الجديدة‭ ‬وتلك‭ ‬التي‭ ‬تعاني‭ ‬من‭ ‬الخصاص‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الوطني‭.‬
التحويلات‭ ‬المالية‭ ‬والتعبئة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬لمغاربة‭ ‬العالم‭:‬

فتح‭ ‬صندوق‭ ‬محمد‭ ‬السادس‭ ‬للاستثمار‭ ‬أمام‭ ‬مساهمة‭ ‬مغاربة‭ ‬العالم‭ ‬و‭/ ‬أو‭ ‬إحداث‭ ‬صندوق‭ ‬استثمار‭ ‬مخصص‭ ‬لمغاربة‭ ‬العالم‭ ‬بهدف‭ ‬توجيه‭ ‬بعض‭ ‬الموارد‭ ‬نحو‭ ‬الأنشطة‭ ‬ذات‭ ‬الانعكاسات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والبيئية‭ ‬الإيجابية،‭ ‬والاستثمار‭ ‬في‭ ‬أسهم‭ ‬الشركات،‭ ‬وأنشطة‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الاجتماعي‭ ‬والتضامني؛
تشجيع‭ ‬الفاعلين‭ ‬المغاربة‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬المالي‭ ‬على‭ ‬تطوير‭ ‬منتجات‭ ‬تكميلية‭ ‬ذات‭ ‬جاذبية‭ ‬في‭ ‬مجالي‭ ‬الادخار‭ ‬والتقاعد‭ ‬مخصصة‭ ‬لمغاربة‭ ‬العالم؛
إحداث‭ ‬غُرَف‭ ‬تجارية‭ ‬مغربية‭ ‬مع‭ ‬مشاركة‭ ‬فعالة‭ ‬لمغاربة‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬الفاعلين‭ ‬الاقتصاديين‭ ‬في‭ ‬بلدان‭ ‬الإقامة‭. ‬
بخصوص‭ ‬التمثيلية‭ ‬والمشاركة‭ ‬السياسية‭ ‬لمغاربة‭ ‬العالم‭:‬

تطوير‭ ‬مشاركة‭ ‬وتمثيلية‭ ‬مغاربة‭ ‬العالم‭ ‬في‭ ‬المؤسسات‭ ‬الاستشارية‭ ‬وهيئات‭ ‬الحكامة‭ ‬الجيدة‭ ‬التي‭ ‬يحدثها‭ ‬الدستور‭ ‬أو‭ ‬القانون؛
وضع‭ ‬الترتيبات‭ ‬التنظيمية‭ ‬والتقنية،‭ ‬ولا‭ ‬سيما‭ ‬الرقمية‭ ‬منها،‭ ‬الكفيلة‭ ‬بتيسير‭ ‬التسجيل‭ ‬في‭ ‬اللوائح‭ ‬الانتخابية‭ ‬الوطنية‭ ‬والتصويت‭ ‬في‭ ‬الانتخابات‭ ‬التشريعية‭ ‬بالنسبة‭ ‬لمغاربة‭ ‬العالم‭.‬



الاثنين 2 يناير 2023

تعليق جديد
Twitter