
إن مقتضى إعمال مبدأ الحرية التعاقدية أنه يجوز لطرفي العقد أن يضمنا ما يشاءان من شروط، وكان من المفترض كأثر للرضا بالعقد وقبول شروطه، وفي ظل حرص كل من الطرفين على تحقيق مصالحه، أن يتحقق للعقد توازنه الذاتي(1)، فالأصل في إبرام العقود هو مبدأ سلطان الإرادة الذي مفاده أنه إذا ما انعقد العقد لا يجوز تعديله أو نقضه إلا باتفاق الطرفين المتعاقدين أو للأسباب التي يقررها القانون، فالعقد شريعة المتعاقدين(2).
وكأثر للمتغيرات الاقتصادية والاجتماعية الحديثة، برزت مظاهر التفاوت بين طرفي العقد في مجال المعاملات، وانتشرت العقود النموذجية (العقود الإذعانية) التي يستطيع أحد المتعاقدين في ضوئها أن يضع الشروط والبنود التي تحقق مصالحه، غير عابئ بما قد يلحقه بالطرف الآخر من أضرار، وعلى نحو ينال من توازن العقد ويؤدي بدوره إلى إفساد العلاقات التعاقدية.
هذا ما جعل وضعية المستهلك المغربي أكثر تعقيدا في ظل القواعد العامة، وإذا كانت الدول الأوروبية(3) قد انتبهت إلى خطورة وحساسية الأمر منذ مدة طويلة فأصدرت العديد من التشريعات الهادفة إلى حماية المستهلك، فإن المستهلك المغربي كان يفتقد لتشريع خاص يكفل له حماية فعالة ضد كل اختلال للتوازن العقدي، باستثناء بعض القوانين الخاصة مثل القانون 99.06 المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة (4)، والقانون 13.83 المتعلق بزجر الغش في البضائع التي لها علاقة بالإنتاج والتسويق (5)، فإن عملية التعاقد التي تجمع بين الطرفين لم تحظ بأي تنظيم خاص وإنما تحكمها مقتضيات قانون الالتزامات والعقود التي لم تضمن قدرا كافيا من الحماية للطرف الضعيف في العقد في ظل سيادة مبدأ سلطان الإرادة وما يتفرع عنه من اعتبار إرادة المتعاقدين هي أساس عدالة العقد (6).
وعلى هذا الأساس تنبه المشرع لمحدودية النظرية الكلاسيكية الخاصة بالعقود وإلى ضرورة سن قواعد جديدة أكثر حماية للمستهلك، فقد جاء القانون 31.08 القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك (7) الصادر في 18 فبراير 2011 بمجموعة من المقتضيات التي جاءت لحماية المستهلك من الشروط التعسفية.
وتتجلى أهمية الموضوع، في كون أن الأصل في العقود تبرم بعد مفاوضات حقيقية بين الأطراف المتعاقدة بما يكفل وقوف كل طرف على حقوقه والتزاماته وذلك على قدم المساواة بينهما، إلا أن الواقع يكشف على أنه في العقود التي تبرم بين المهنيين من جهة وبين المستهلكين من جانب آخر، أن المهنيين قد دأبوا على أن يدرجوا في عقودهم شروطا صيغت مسبقا ومن جانب واحد، تحقق لهم مزايا كبيرة على حساب المتعاقدين معهم.
ومن هنا بدت تلك الشروط ذات الطابع التعسفي تبرز عوامل اختلال التوازن العقدي لاسيما في العقود المبرمة بين المهنيين والمستهلكين، وهو ما طرح إشكالا يتعلق بآلية تحقيق الحماية في مواجهتها.
إذن إلى أي حد استطاع المشرع المغربي توفير حماية للمستهلك من الشروط التعسفية في ظل قصور مقتضيات قانون الالتزامات والعقود؟ وما هي التدابير التي جاء بها القانون 31.08 للحد من التفاوت الحاصل في العلاقة التعاقدية بين المورد والمستهلك ؟
للإجابة على هذه الإشكالية الرئيسية تقتضي منا الاستعانة بالمنهج التاريخي، لمعرفة التطور التاريخي الحاصل في توفير الحماية للمستهلك من الشروط التعسفية، كما سنعتمد على المنهج التحليلي من أجل تحليل مجموعة من النصوص القانونية والقرارات القضائية المتعلقة بحماية المستهلك من اختلال التوازن العقدي، كما سندعم هذا البحث بالمنهج المقارن، وذلك من خلال الوقوف على النصوص القانونية والقرارات القضائية الصادرة في هذا الموضوع في بعض التشريعات الأخرى خاصة التشريع الفرنسي الذي كانا سباقا في الإحاطة بهذا الموضوع المتعلق بالشروط التعسفية.
وللخوض في غمار هذا البحث سنعتمد التقسيم التالي:
المطلب الأول: تجليات الشروط التعسفية في مرحلة إبرام العقد
المطلب الثاني: تجليات الشروط التعسفية في مرحلة ما بعد إبرام العقد
المطلب الأول: تجليات الشروط التعسفية في مرحلة إبرام العقد
عرف المشرع المغربي الشرط التعسفي في الفقرة الأولى من المادة 15 من القانون 31.08 القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك على أنه :" يعتبر شرطا تعسفيا في العقود المبرمة بين المورد والمستهلك كل شرط يكون الغرض منه أو يترتب عليه اختلال كبير بين حقوق وواجبات طرفي العقد على حساب المستهلك"، يتضح من خلال هذه المادة أنه يكفي لنكون أمام شرط تعسفي أن ينتج عنه اختلال كبير بين حقوق وواجبات المهني والمستهلك سواء كان ذلك مقصودا من طرف المورد أو ترتب هذا الاختلال دون أن تتجه نية المهني لإضرار بالمستهلك غير المحترف.
إذن الشروط التعسفية كثيرة منها ما يكون في مرحلة إبرام العقد، كتعليق إبرام العقد على إرادة المهني (الفقرة الأولى)، وانفراد المهني بتحديد الثمن (الفقرة الثانية)، ومنها ما يكون في مرحلة ما بعد إبرام العقد كما سنرى في المطلب الثاني.
الفقرة الأولى: تعليق إبرام العقد على إرادة المهني
ينص الفصل 112 من ق.ل.ع على أنه :" يبطل الالتزام إذا كان وجوده معلقا على محض إرادة الملتزم (الشرط الإرادي). ومع ذلك، يجوز لكل من الطرفين أو لأحدهما أن يحتفظ لنفسه بالحق في أن يصرح خلال أجل محدد، بما إذا كان يريد الإبقاء على العقد أو يريد فسخه.
ولا يسوغ اشتراط الاحتفاظ بهذا الحق في الاعتراف بالدين ولا في الهبة ولا في الإبراء من الدين ولا في بيع الأشياء المستقبلية المسمى بالسلم".
لذا، فعند مناقشة العناصر الأساسية للعقد، لا يمكن تعليق وجود الالتزام على محض إرادة الملتزم، ما دام الشرط هو تعبير عن الإرادة ينتج عنه أثر قانوني، فإن هذه الإرادة ينبغي ألا تتصرف إلى تعطيل آثار العقد، وذلك بمنح الملتزم حرية كبيرة في تضمين العقد شرط يفرغ محتوى العقد من الإلزامية(8). وتبعا لما ورد في الفصل 19 من ق.ل.ع، فالاتفاق لا يتم إلا بتراضي الطرفين على العناصر الأساسية للالتزام، وعلى بقية الشروط المشروعة الأخرى التي يعتبرها الطرفان أساسية (9).
إذن لقيام العقد لابد من توفر التراضي على شروطه الأساسية وعلى تلك التي يعتبرها الطرفان كذلك، الأمر الذي لن يتحقق إلا بصدور قبول الموجب له مطابق للعرض الصادر من الموجب، ولكي يتم ذلك يفترض في القابل قراءته وفهمه لكل شروط التعاقد ورضاؤه بها (10).
وتجدر الإشارة إلى أن ظهير الالتزامات والعقود المغربي لم يعرف الشرط الإرادي بطريقة مباشرة وصريحة، واعتبر أن الشرط الإرادي ذلك الشرط الذي يعلق على محض إرادة المدين حسب مقتضيات الفصل 112 من ق.ل.ع.
وهو ما أكدته محكمة الاستئناف بالقنيطرة كذلك في قرارها الذي قضت فيه بما يلي :" عدم إثبات البائع قيامه بما التزم به من أجل إتمام البيع يجعله مخلا بشرط لا يتأتى تعليقه على إرادته الخالصة، لأنه لا يسوغ التمسك بالشرط من لدن المدين به. ولا أن يتذرع الشخص بنكوله عن التزامه.
خيار الفسخ متروك للدائن لا المدين وفق الفصل 259 من قانون الالتزامات والعقود" (11).
يتبين من القرار المشار إليه أعلاه، أن محكمة الاستئناف ترجمت بالحرف مقتضيات الفصل 112 من ظهير الالتزامات والعقود، ومن خلالها حدت من ظاهرة التعسف التي يخلفها الشرط الإرادي، إذ غالبا ما يورد البائع شرطا إراديا محضا مفاده أن إتمام البيع يبقى معلقا على محض إرادته، ويضيف شرطا آخرا أنه لم يتمكن من ذلك فله وحده الحق في ممارسة خيار الفسخ (12).
ومن مظاهر تعسف الشرط الذي يعلق على تكوين العقد على إرادة المهني وحده، نجد الانتقاء التحكمي للزبناء وعدم إعطاء المستهلك مهلة التفكير طبقا لمقتضيات المواد 36(13) و 120 (14)من القانون 31.08 والمادة 97 (15) من مدونة التأمينات.
فبالنسبة للانتقاء التحكمي للزبناء فإن المهني في بعض الأحيان يرفض التعاقد مع أي زبون يتقدم إليه لشراء منتوج أو للحصول على خدمة، وذلك عندما تكون شخصية المستهلك محل اعتبار بالنسبة له (16)، ويتكرر هذا الشرط عموما في جل عقود البيع بالقرض، حيث تبقى لمؤسسات الائتمان كافة الحرية لقبول أو رفض طلب المستهلك خاصة في غياب نص قانوني يلزمها بمنح القرض لأي مستهلك تقدم بطلب قرض وهي في حالة الرفض غير ملزمة حتى بتبرير ذلك(17)، وبالتالي يبقى المجال مفتوحا للموردين لانتقاء الزبناء بشكل تحكمي بدون تعليل في حالة الرفض، ما دام القانون يمنحه حق تضمين هذه الإمكانية في العرض المسبق.
أما بالنسبة لعدم إعطاء المستهلك مهلة التفكير، فإنه لا يتم إعطاء المستهلك أية مهلة للاطلاع على العقد قبل توقيعه، ولا تمنح له نسخة من عقد القرض إلا بعد توقيعه فيكون قد أقدم على التعاقد وهو يجهل مضمون وشروط العقد ويضمن التزاماته التعاقدية، وعليه ألزم المشرع المغربي بمقتضى المادة 77 من القانون 31.08 المقرض بتقديم عرض والإبقاء على الشروط الواردة فيه خلال مدة لا تقل عن سبعة أيام من تاريخ تسليمه للمقترض (18)، كما أن المادة 85 من نفس القانون تنص في فقرتها الثانية أن للمستهلك المقترض أن يتراجع عن التزامه، داخل أجل سبعة أيام ابتداء من تاريخ قبول العقد (19).
بالإضافة إلى ذلك، يعتبر من الشروط التعسفية الشروط التي تمنح حقوقا إضافية للمهني، الشرط الذي يحتفظ بمقتضاه المهني لنفسه بالحق في تعديل محل العقد أو تعديل بعض خصائصه بإرادته المنفردة، فتضمين العقد شرطا يخول المهني إمكانية تعديل خصائص السلعة أو الخدمة محل التعاقد يعد تعسفا في مواجهة المتعاقد الآخر الذي يحق له الحصول على سلعة أو خدمة مطابقة للمواصفات المتفق عليها (20).
وتطبيقا لذلك قضت محكمة النقض الفرنسية صراحة بأنه يعتبر تعسفيا الشرط الذي يخول المهني حق التعديل الانفرادي لخصائص السلعة التي يسلمها أو الخدمة التي يقدمها (21).
وقد ورد النص في مرسوم 2009/302 بشأن تطبيق المادة L132-1 من تقنين الاستهلاك (22)، على أنه " لا يوجد ما يمنع وجود شروط معينة بمقتضاها يتضمن العقد النص على حق المهني المحترف في إجراء تعديلات على العقد من جانب واحد، مرتبطة بالتطور التقني، وبحيث لا يترتب عليها زيادة في الثمن أو تغيير في الجودة أو الخصائص التي وفقا لها التزام غير المهني أو المستهلك بالعقد (23).
الفقرة الثانية: انفراد المهني بتحديد الثمن
ينص الفصل 478 من ق.ل.ع على أن :" البيع عقد بمقتضاه ينقل أحد المتعاقدين للآخر ملكية شيء أو حق مقابل ثمن يلتزم هذا الآخر بدفعه له"، لهذا لا يكفي التراضي في البيع حول المبيع فقط بل يلزم أن ينصب على عناصر تمكن من معرفة الثمن النقدي كمحل لالتزام المشتري، ولما كان الثمن هو أحد محلي عقد البيع فيجب كما هو الأمر بالنسبة لكل محل للالتزام أم يكون معينا أو قابلا للتعيين (24).
ومن حيث المبدأ يجب أن يكون الثمن محددا في العقد، لكن يجوز للأطراف أن يتفقوا على تحديده فيما بعد شريطة أن يضمنوا العقد العناصر الأساسية لتحديده،ويجوز أن يتفقوا على ترك التحديد للثمن في اتفاق لاحق شرط أن يتم ذلك فعلا.وفى حالة عدم تحديد هذه العناصر يجعل عنصر الثمن هو والعدم سواء، ويتعين بالتالي التصريح ببطلان عقد البيع من قبل القاضي لتخلف ركن من أرکانه (25).
وفي هذا الإطار ذهبت محكمة النقض إلى ما يلي: "طبقا للفصول 19 و 487 و 489 من قانون الالتزامات والعقود، فإن عقد البيع يشترط في انعقاده إذا ما أبدى الموعود له رغبته في إتمام البيع مطابقة إرادته لإرادة الواعد التي عبر عنها في وعده مطابقة تامة في كل المسائل الجوهرية التي تناولها العقد، والذي يجب أن يتم فيه هذا التوافق كتابة في بيع العقارات وما يمكن رهنه رهنا رسميا ومحكمة الموضوع حين استخلصت أن إرادة طرفي العقد لم تتطابق بشأن ركن الثمن الذي لم يعين في العقد، فإن انقضاءها الذي انتهى إلى أن البيع لم يتعقد لفقده ركنا جوهريا من أركان العقد الذي هو الثمن، وصرحت من تلقاء نفسها ببطلان الوعد بالبيع بطلانا مطلقا بقوة القانون لا الحكم بفسخه يكون قرارها مرتكزا على أساس قانوني، ولم تكن في حاجة إلى إجراء تحقيق في الخلاف الحاصل في الثمن، ما دام أن عدم حصول التراضي على الثمن يؤدي إلى البطلان المطلق الذي يستتبع اعتبار العقد معدوما" (26) .
يستنتج من خلال القرار أعلاه أن عدم تحديد الثمن أثناء إبرام العقد أو عدم بيان العناصر الأساسية التي يحدد بمقتضاها فيما بعد، يجعل من العقد باطلا بطلانا مطلقا لعدم حصول تطابق ما بين إرادة طرفي العقد وركن الثمن. وفي هذه الحالة تكون محكمة الموضوع في غنى عن إجراء بحث للتحقق من النزاع المتعلق بهذا الركن لأنه يبقى غير ذي فائدة .
وتطبيقا لذلك، اعتبرت محكمة النقض الفرنسية شرطا تعسفيا ذلك الشرط الذي يمنح المهني حق التعديل الانفرادي لنصوص العقد بدون سبب معقول ومحدد في العقد (27). وذلك بمناسبة نظر دعوى مرفوعة من إحدى جمعيات حماية المستهلكين "UFC 38 –Que choisir" بالاستناد إلى المادة L421-6 (28)من تقنين الاستهلاك ضد شركة la société asly38، بصفتها الوكيل الحصري لشركة Mercedes Benz للسيارات، مطالبة بإلغاء بعض الشروط المتضمنة في عقودهم المعروضة على المستهلكين، وذلك باعتبارها تعسفية، ومن ثم تمثل إضرارا بالمصلحة الجماعية للمستهلكين.
ومن بين هذه الشروط شرط يخول الشركة البائعة حق التعديل الانفرادي لأسعار السيارات الجديدة، حيث تضمن النص على أن " أسعار بيع السيارات الجديدة هي الأسعار المعمول بها في تاريخ طلب الشراء، وذلك إذا تم التسليم خلال ثلاثة أشهر من هذا التاريخ، وإلا فإن السعر سوف يخضع تقديره لظروف معينة بحيث يكون عرضة للارتفاع أو الانخفاض تبعا لتغير أسعار سيارات مرسيدس بنز في الفترة من تاريخ طلب الشراء حتى تاريخ التسليم".
رفضت محكمة الاستئناف Grenoble في حكمها الصادر في 30 مارس 2004 اعتبار الشرط المذكور تعسفيا، استنادا إلى أن المستهلك كان حرا في عدم قبول التعديل المحتمل في الثمن، كما كان بإمكانه إلغاء طلب الشراء.
وخلافا لذلك، أكدت محكمة النقض الفرنسية الصفة التعسفية للشرط المتنازع بشأنه، وأسست حكمها على أن هذا الشرط ـ من جهة ـ لم يمنح المستهلك إمكانية رفض التعديل وإلغاء الطلب، في حين خول الشركة المصنعة ـ من جهة أخرى ـ زيادة الثمن إذا تجاوز ميعاد التسليم مدة الثلاثة أشهر المنصوص عليها، وهو ما يخلق عدم توازن ملحوظ بين حقوق والتزامات أطراف العقد، ومن ثم اعتبرت أن محكمة الاستئناف قد انتهكت بذلك نص المادة L132-1 (29) من تقنين الاستهلاك(30).
كما رفض القضاء الشروط العقدية التي يحتفظ بمقتضاها البائع لنفسه بالحق في الانفراد بتحديد الثمن أو تعديله، وذلك ولو نص في العقد على أن يتم ذلك)31) في " حدود النصوص القانونية" (32).
المطلب الثاني : تجليات الشروط التعسفية في مرحلة ما بعد إبرام العقد
سنناقش في هذا المطلب تجليات الشروط التعسفية في مرحلة ما بعد إبرام العقد، خاصة الشروط المجحفة المرتبط بالتسليم (الفقرة الأولى)، ثم سنتحدث في الفقرة الثانية عن إمكانية المهني الواسعة في فسخ العقود.
الفقرة الأولى: الشروط المجحفة المرتبطة بالتسليم
جاء في الفصل 499 من ق.ل.ع ما يلي :" يتم التسليم حين يتخلى البائع أو نائبه عن الشيء المبيع ويضعه تحت تصرف المشتري بحيث يستطيع هذا حيازته بدون عائق".
ويمكن تعريف التسليم من خلال مقتضيات الفصل أعلاه، بأنه وضع المبيع تحت تصرف المشتري بحيث يمكنه وضع يده عليه والانتفاع منه بدون مانع (33). وبالتالي فإن الالتزام الأول الملقى على عاتق البائع هو التسليم، بل إن هذا الالتزام يعتبر الأهم، على اعتبار أنه مدار عقد البيع، فهو الغاية التي يبتغها المشتري من إبرامه لهذا العقد (34).
ومن قبيل الشروط التعسفية التي تلحق موعد التسليم تلك المضمنة ضمن الشروط العامة لعقد قرض استهلاكي والذي نص على أنه :" لا تعتبر التزاماتكم إزاء المقرض سارية المفعول إلا ابتداء من تاريخ تسليم المنتوج، أو السلعة أو تقديم الخدمة عندما يتعلق الأمر بعقد بيع أو تقديم خدمة ينفذ بالتتابع، ويشرع في تنفيذ عقد القرض حسب دورية التسليم وتقديم الخدمة، لا تلتزم إلا في حدود ما تسلمته المؤسسة من منتوج أو سلعة واستفادت منه من خدمة". كما تضمنت الشروط العامة لأحد عقود بيع أدوات التجهيز المنزلي شرطا مفاده :" أن مواعيد التسليم أعطيت على سبيل الإرشاد، ولا يمكن في حالة التأخير في التسليم أن تشكل سببا لإلغاء الطلب، أو تعطي الحق في أي تعويض ورغم التزامنا باحترام المواعيد المشار إليها أعلاه، فإننا لا نكون في أية حالة مسؤولين عن التأخير غير الإرادي أو الناتج عن عدم وفاء أحد موردينا بالتزاماتهم" (35).
والمتمعن في الشرطين المذكورين أعلاه، يتبين له أنهما قد استجمعا كل أوجه التعسف وصوره المتعلقة بتسليم المبيع، أولاهما : أن ميعاد التسليم أعطى على سبيل البيان أو الإرشاد، وهذا الشرط لا يخلو بحد ذاته من تأثير سلبي على نفسية المستهلك، وثانيهما: أن التأخير في التسليم لا يعطي للطرف الأقل قوة إمكانية المطالبة بفسخ العقد بسب تأخر الطرف الأكثر قوة عن التنفيذ، وثالثهما: حرمانه كذلك من التعويض الذي منحه المشرع المغربي للطرف الذي تضرر من عدم التنفيذ أو التأخير فيه بمقتضى الفصل(36) 263 من ظهير الالتزامات والعقود في حالة حصول ضرر له جراء ذلك".
الفقرة الثانية :إمكانية المهني الواسعة في فسخ العقد
يتنافى مع العدالة العقدية أن يمنح الحق في إنهاء العقد لأحد طرفي العقد دون الطرف الآخر، ومن ثم يعتبر تعسفيا الشرط الذي يخول البائع إنهاء العقد بإرادته المنفردة ودون مبرر مقبول (37).
وإذا كان الأصل في الالتزامات التعاقدية، هو وفاء كل طرف بالالتزامات المترتبة على عاتقه، وفي هذه الحالة يختفي عنصر المديونية، وبالنتيجة ينقضي عنصر المسؤولية هو الآخر، والاستثناء هو إخلال أحد الأطراف بما التزام به، وبالتالي وقوعه في حالة مطل. وهذه الحالة تثبت إما بتأخره عن تنفيذ الالتزام كلا أو بعضا، أو بالامتناع عن التنفيذ، فإن وقوع أحد المتعاقدين في هذا الامتناع يخول للمتعاقد الآخر بأن يطالب بالتنفيذ أو الفسخ والذي لا يمكن اللجوء إليه إلا بعد عدم تحقق إمكانية التنفيذ الذي يعتبر هو الأصل (38).
نص الفصل 260 من ظهير الالتزامات والعقود على أنه :" إذا اتفق المتعاقدان على أن العقد يفسخ عند عدم وفاء أحدهما بالتزامه وقع الفسخ بقوة القانون لمجرد عدم الوفاء".
وتطبيقا لذلك، قضى بأنه في العقود المبرمة بين المهنيين وغير المهنيين أو المستهلكين، تعتبر تعسفية تلك الشروط التي يكون موضوعها أو أثرها خلق عدم توازن ظاهر، ضد مصلحة المستهلك، بين حقوق والتزامات طرفي العقد، وهو ما يطبق على الشرط الذي يسمح للمهني بفسخ العقد دون إخطار مسبق، وبدون قيد أو شرط(39).
وفي نفس المعنى، وفي دعوى تتعلق بقيام شركة GLE للبطاقات البنكية، بتضمين عقدها مع أحد العملاء شرطا بمقتضاه يكون للشركة الحق في فسخ العقد المبرم دون منح الطرف الآخر هذا الحق، قضى باعتبار هذا الشرط تعسفيا، بالنظر إلى أنه يمنح ميزة إضافية لأحد الطرفين، مستغلا نفوذه الاقتصادي، على حساب الآخر.
بيد أن القضاء قد اعتبر أن تقييد هذا الشرط بوجود مبرر معقول أو ظروف معينة تبرر انفراد المهني بإنهاء العقد من شأنه أن ينفي عنه وصف التعسف، وترتيبا على ذلك، ذهبت محكمة النقض الفرنسية إلى أنه :" لا يعتبر تعسفيا الشرط الذي يخول المهني إمكانية الانفراد بفسخ العقد لسبب مقبول ومحدد في العقد (40).
إذن فالشرط الذي يحول المهني إمكانية فسخ العقد بإرادته المنفردة يعتبر شرطا تعسفيا، لأنه يؤدي إلى وضعية انعدام التوازن بين التزامات الأطراف المتعاقدة بسبب عدم إعطاء نفس الإمكانية للمستهلك، وهو ما تنبه إليه القانون 31.08 إذا اعتبره كذلك بمقتضى البند 7 من المادة 18 الذي جاء فيه :" تخويل المورد الحق في أن يقرر فسخ إذا لم تمنح نفس الإمكانية للمستهلك".
وفي الختام يمكن القول بأن الشروط التعسفية بالرغم من صدور القانون 31.08 الذي يتضمن نصوص تحمي المستهلك من هذه الشروط، إلا أنها ما زالت تتربع وتتزين بها الشروط العامة في العقود، فمن منا مثلا من أبرم عقد قرض استهلاكي ولم يجد فيه شرطا تعسفيا يقبل به، أو اقتنى آلة فلم يعثر على شرط تعسفي في العقد الذي وقع عليه، أو وقع على عقد اشتراك بخدمة الماء أو الكهرباء أو الهاتف فوجده خاليا من أي شرط تعسفي؟ هذا من جهة.
ومن جهة أخرى، فمن خلال قراءة المادة 15 من القانون 31.08 يتبين أن المعيار الوحيد للحكم على شرط ما بأنه تعسفي أم لا، يتمثل في الاختلال الكبير بين حقوق والتزامات أطراف العقد، وعليه فإن المستهلك لا يكون مطالبا بإثبات وجود عنصر القوة الاقتصادية. إلا أن هذا المعيار المعتمد يكتنفه بعض الغموض وعدم الدقة فعدم التوازن لا يتعلق بثمن الخدمة أو السلعة ولا يمس المحل الأساسي للعقد، وهذا تقليل من الحماية الممنوحة للمستهلك، فماذا يعني انعدام التوازن في الأداءات بين المهني والمستهلك إذا لم يكن يمس ثمن الخدمة أو السلعة ؟
لائحة المراجع
- منى أبو بكر حسان، الشروط العقدية التعسفية، ماهيتها، وحماية المستهلك في مواجهتها في ضوء التوجهات الحديثة لحماية المستهلك دراسة تحليلية مقارنة، دار الجامعة الجديدة طبعة 2022، ص، 9
- محمد جردوق، تأثير قانون حماية المستهلك على أوصاف الالتزام ـ الشرط والأجل نموذجا ـ رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص، ماستر المهن القانونية والقضائية، جامعة عبد المالك السعدي، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية طنجة، السنة الجامعية 2022ـ2023 ص،8
- على المستوى الدولي ظهرت الحاجة إلى حماية المستهلك بشكل واضح بعد الحرب العالمية الثانية، وتعد الولايات المتحدة الأمريكية مهد حركة حماية المستهلك، وتبلورت هذه الحركة في الستينيات بالرسالة التي وجهها الرئيس الأمريكي جون كينيدي إلى الكونغرس في 15 مارس 1962، ثم انتقلت هذه الفكرة إلى دول الاتحاد الأوربي، حيث نشأت السوق الأوربية بموجب معاهدة روما بتاريخ 1957 ولم تتضمن هذه المعاهدة ما يهم شؤون المستهلكين، نظرا لعدم وضوح ظاهرة التكافؤ بين المحترفين والمستهلكين، ولانعدام ضغط منظمات المستهلكين في تلك الفترة لعدم وجودها أصلا، ولخلو الساحة إلا من المنتجين ورجال الأعمال والصناعة. غير أن الاهتمام الأوروبي الجماعي بالمستهلكين بدأ في مطلع عام 1972 في شبه توصية صدرت في قمة باريس لزعماء دول وحكومات السوق، فبناء على هذه التوصية حدد مجلس وزراء السوق في عام 1975 برنامجا أوليا من أجل سياسة لحماية وإعلام المستهلكين، وثم الإعلان فيه عن الحقوق الخمسة الأساسية للمستهلك، ثم دخلت السوق الأوروبية المشتركة مرحلة جديدة بالتوقيع على معاهدة Maustricht بتاريخ 7 فبراير 1992 والتي تضمنت جزءا خاصا تحت عنوان " حماية المستهلكين" أضيف إلى معاهدة روما.
- القانون 99.06 المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.00.225 المؤرخ في 2 ربيع الأول 1421 الموافق ل5 يونيو 2000، منشور بالجريدة الرسمية عدد 4938 في 27/09/2001 والمعدل بالظهير الشريف رقم 1.14.116 بتاريخ 2 رمضان 1435 الموافق ل 30 يونيو 2014، القاضي بتنفيذ القانون 104.12 المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة المنشور بالجريدة الرسمية عدد 6314 الصادر بتاريخ 11 صفر 1436 (4 دجنبر 2014).
- ظهير 1.83.108 صادر في 9 محرم 1405 الموافق ل 4 أكتوبر 1984 بتنفيذ القانون 13.83 المتعلق بزجر الغش في البضائع، المنشور بالجريدة الرسمية عدد7377 بتاريخ 1985/03/20، ص، 395.
- يوسف كبيطي، " تأثير قانون الاستهلاك على نظرية العقد"، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص، جامعة عبد المالك السعدي، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بطنجة، السنة الجامعية، 2020 ـ 2021، ص، 7.
- ظهير شريف رقم 1.11.03 الصادر في 14 ربيع الأول 1432 الموافق ل18 فبراير 2011 بتنفيذ القانون 31.08 القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك، الجريدة الرسمية عدد 5932، بتاريخ 3 جمادى الأولى 1432 الموافق ل7 أبريل 2011، ص، 1072.
- بوشعيب فهمي، " تأثير القوانين الحديثة على النظرية العامة للعقد ـ دراسة تحليلية نقدية في القانون المغربي : قانون حماية المستهلك نموذجا ـ ، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص، جامعة ابن زهر، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية أكادير، السنة الجامعية، 2017 ـ 2018، ص، 136.
- ينص الفصل 19 من ق.ل.ع على أنه :" لا يتم الاتفاق إلا بتراضي الطرفين على العناصر الأساسية للالتزام وعلى باقي الشروط المشروعة الأخرى التي يعتبرها الطرفان أساسية.
- نزهة الخلدي، " الحماية المدنية للمستهلك ضد الشروط التعسفية ـ عقد البيع نموذجا ـ ، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص، جامعة محمد الخامس، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية أكدال ـ الرباط، السنة الدراسية : 2004 ـ 2005، ص، 187.
- قرار صادر عن محكمة الاستئناف بالقنيطرة تحت عدد 345 الصادر في الملف 08/51 بتاريخ 2009/11/17.
- غيثة دكراوي، المرجع السابق، ص، 28
- تنص المادة 36 من ق ح م على أنه :" للمستهلك أجل :
ــ ثلاثين يوما لممارسة حقه في التراجع في حالة ما لم يف المورد بالتزامه بالتأكيد الكتابي للمعلومات المنصوص عليها في المادتين 29 و 32.
وذلك دون الحاجة إلى تبرير ذلك أو دفع غرامة باستثناء مصاريف الإرجاع إن اقتضى الحال ذلك.
تسري الآجال المشار إليها في الفقرة السابقة ابتداء من تاريخ تسلم السلعة أو قبول العرض فيما يتعلق بتقديم الخدمات.
تطبق أحكام هذه المادة مع مراعاة أحكام المادتين 38 و 42".
- تنص المادة 120 من ق ح م على أنه :" يلزم المقرض بالإبقاء على الشروط التي حددها في العرض الذي وجهه للمقترض طيلة مدة لا تقل عن خمسة عشر يوما من تاريخ تسلم المقترض للعرض.
ولا يجوز للمقترض والكفيل قبول العرض إلا بعد تسلمه بعشرة أيام. ويجب أن يبلغ قبول العرض بأية وسيلة تثبت التوصل".
- تنص المادة 97 من القانون 17.99 المتعلق بمدونة التأمينات على أنه :" إذا عرض على شخص بمنزله أو بمكان عمله أو بمكان خاص أو عام اكتتاب عقد تأمين على الحياة وتم الاكتتاب أثناء تلك الزيارة، وجب منحه أجلا لا يقل عن خمسة عشر (15) يوما ابتداء من تاريخ اكتتاب العقد لكي يلغي هذا الالتزام.
لا يحق للمؤمن أن يطالب بتعويضات عن إلغاء العقد".
- نزهة الخلدي، " الحماية المدنية للمستهلك ضد الشروط التعسفية ـ عقد البيع نموذجا ـ ، مرجع سابق، ص، 180.
- عبد الرفيع علوي، " حماية المستهلك المقترض من الشروط التعسفية ـ القرض الاستهلاكي والقرض العقاري ـ نموذجا، المطبعة والوراقة الوطنية مراكش، الطبعة الأولى 2021 ، ص، 40.
- تنص المادة 77 من القانون 31.08 على أنه :" يجب أن يسبق كل عملية قرض منصوص عليها في المادة 74 عرض مسبق للقرض يحرر بكيفية تمكن المقترض من تقييم طبيعة ومدى الالتزام المالي الذي يمكن أن يتعهد به، وشروط تنفيذ العقد المذكور.
يلزم المقرض عند تسليم العرض المسبق الإبقاء على الشروط الواردة فيه خلال مدة لا تقل عن سبعة أيام من تاريخ تسليمه للمقترض".
- تنص الفقرة الثانية من المادة 85 على أنه :" ... غير أن للمقترض أن يتراجع عن التزامه، داخل أجل سبعة أيام ابتداء من تاريخ قبوله للعرض. ولممارسة الحق في التراجع، يرفق العرض المسبق باستمارة قابلة للاقتطاع".
- منى أبو بكر حسان،الشروط العقدية التعسفية ـ ماهيتها، وحماية المستهلك في مواجهتها في ضوء التوجهات الحديثة لحماية المستهلك دراسة تحليلية مقارنة ـ ، مرجع سابق، ص، 81.
- "… constituent des clauses abusives celle qui a pour objet ou effet de lui permettre de modifier unilatéralement des caractéristiques du produit à livrer ou du service à fournir ", Cass. Civ. 1 ère ch. 14 nov. 2006, préc
- Décret n 2009 – 302 du 18 Mars 2009 portant application de l’article L132-1 du code de la consommation, JORF n 67 du 20 Mars 2009, p. 5030, texte n 14.
- "… ne font pas obstacle à l’existence de clauses par lesquelles le contrat stipule que le professionnel peut apporter unilatéralement des modifications au contrat liées à l’évolution technique, dés lors qu’il n’en résulte ni augmentation de prix, ni altération de la qualité et que les caractéristiques auxquelles le non-professionnel ou le consommateur a subordonné son engagement ont pu figurer au contrat".
- تنص المادة 58 من ق.ل.ع على أنه :" الشيء الذي هو محل الالتزام يجب أن يكون معينا على الأقل بالنسبة إلى نوعه.
- غيثة دكراوي، " الشرط التعسفي بين القواعد العامة والقانون القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك"، أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق، شعبة القانون الخاص، جامعة الحسن الأول، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، سطات، السنة الجامعية 2018/2019، ص، 30.
- قرار صادر بجميع غرف محكمة النقض بتاريخ 31/01/2011 تحت عدد 404 في الملف عدد 07/1895 (غير منشور)
27) …constituent des clauses abusives celle qui permet au professionnel de modifier unilatéralement les termes du contrat sans raison valable et spécifiée au contrat".
28) Article L421-6 (abrogé) : Les associations mentionnées à l'article L. 421-1 et les organismes justifiant de leur inscription sur la liste publiée au Journal officiel des Communautés européennes en application de l'article 4 de la directive 2009/22/ CE du Parlement européen et du Conseil du 23 avril 2009 relative aux actions en cessation en matière de protection des intérêts des consommateurs peuvent agir devant la juridiction civile pour faire cesser ou interdire tout agissement illicite au regard des dispositions transposant les directives mentionnées à l'article 1er de la directive précitée.
Le juge peut à ce titre ordonner, le cas échéant sous astreinte, la suppression d'une clause illicite ou abusive dans tout contrat ou type de contrat en cours ou non, proposé ou destiné au consommateur.
Les associations et les organismes mentionnés au premier alinéa peuvent également demander au juge de déclarer que cette clause est réputée non écrite dans tous les contrats identiques conclus par le même professionnel avec des consommateurs et de lui ordonner d'en informer à ses frais les consommateurs concernés par tous moyens appropriés.
29) Article L132-1 (abrogé) :" Dans les contrats conclus entre professionnels et non-professionnels ou consommateurs, sont abusives les clauses qui ont pour objet ou pour effet de créer, au détriment du non-professionnel ou du consommateur, un déséquilibre significatif entre les droits et obligations des parties au contrat.
Un décret en Conseil d'Etat, pris après avis de la commission instituée à l'article L. 534-1, détermine une liste de clauses présumées abusives ; en cas de litige concernant un contrat comportant une telle clause, le professionnel doit apporter la preuve du caractère non abusif de la clause litigieuse.
Un décret pris dans les mêmes conditions détermine des types de clauses qui, eu égard à la gravité des atteintes qu'elles portent à l'équilibre du contrat, doivent être regardées, de manière irréfragable, comme abusives au sens du premier alinéa.
Ces dispositions sont applicables quels que soient la forme ou le support du contrat. Il en est ainsi notamment des bons de commande, factures, bons de garantie, bordereaux ou bons de livraison, billets ou tickets, contenant des stipulations négociées librement ou non ou des références à des conditions générales préétablies.
Sans préjudice des règles d'interprétation prévues aux articles 1156 à 1161,1163 et 1164 du code civil, le caractère abusif d'une clause s'apprécie en se référant, au moment de la conclusion du contrat, à toutes les circonstances qui entourent sa conclusion, de même qu'à toutes les autres clauses du contrat. Il s'apprécie également au regard de celles contenues dans un autre contrat lorsque la conclusion ou l'exécution de ces deux contrats dépendent juridiquement l'une de l'autre.
Les clauses abusives sont réputées non écrites.
L'appréciation du caractère abusif des clauses au sens du premier alinéa ne porte ni sur la définition de l'objet principal du contrat ni sur l'adéquation du prix ou de la rémunération au bien vendu ou au service offert pour autant que les clauses soient rédigées de façon claire et compréhensible.
Le contrat restera applicable dans toutes ses dispositions autres que celles jugées abusives s'il peut subsister sans lesdites clauses.
Les dispositions du présent article sont d'ordre public".
30) Cass. Civ. 1ére ch. 14 nov.2006, bul. Civ. 2006, I , n 488 p.42.
31) " Dans la limite des dispositions légales".
32) Cass. Com, 23 oct. 1962, bull. civ. N 420.
33) إبراهيم أحطاب، " الوسيط في العقود المدنية الخاصة"، المطبعة والوراقة الوطنية، مراكش، الطبعة الثالثة، 2022، ص، 243.
34) عبد الرحمان الشرقاوي، "قانون العقود الخاصة، الكتاب الأول، العقود الناقلة للملكية، عقد البيع، بدون ذكر المطبعة، الطبعة الثانية 2015، ص، 164.
35) غيتة دكراوي، الشرط التعسفي بين القواعد العامة والقانون القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك، مرجع سابق، ص،40.
36) ينص الفصل 263 من ق.ل.ع على أنه :" يستحق التعويض، إما بسبب عدم الوفاء بالالتزام، وإما بسبب التأخر في الوفاء به وذلك ولو لم يكن هناك أي سوء نية من جانب المدين".
37) منى أبو بكر حسان، " الشروط العقدية التعسفية، ماهيتها، وحماية المستهلك في مواجهتها، في ضوء التوجهات الحديثة لحماية المستهلك، دراسة تحليلية مقارنة، مرجع سابق، ص، 83.
38) غيتة دكراوي، الشرط التعسفي بين القواعد العامة والقانون القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك، مرجع سابق، ص، 43.
39) Cass. Civ. 1ére ch. 28 mai 2009, Bull, civ . 2009, 1 , n 110.
40) "… n’est pas abusive la clause conférant au professionnel le droit de résilier unilatéralement le contrat, pour une raison valable et spécifiée au contrat", Cass. Civ. 1ére ch. 14 nov. 2006, préc.