
1 – ماذا تقول الوقائع :
حسب خبر منشور على موقع هسبريس يومه 31/7/2025 ، كان ثمة خلاف بين أجير / مندوب الأجراء و الشركة التي تشغله و قررت على إثره هذه الأخيرة توقيفه عن العمل وأكدت المشغلة أنها لم تقم بفصل الأجير “بتاريخ 2022/12/19، “وإنما قامت بتوقيفه عن العمل مؤقتا في انتظار مآل مسطرة الطعن القضائي الرامي إلى إلغاء القرار الصادر عن مفتش الشغل” الذي رفض الموافقة على طلبها بفصل مندوب الأجراء لأنه حسب مشرع مدونة الشغل المغربية ((لا طرد لمندوب الأجراء الا بعد موافقة صريحة من مفتش الشغل ))
ولجأ المعني بالأمر مندوب الأجراء الى القضاء الاجتماعي الذي حكم له ابتدائيا بمجموعة من التعويضات بسبب فصله تعسفيا ، وأيدت محكمة الاستئناف بالرباط هذا الحكم، ولم تتردد المشغلة في الطعن فيه بالنقض فيه ، واعتبرت محكمة النقض – حسب ما هو منشور بموقع هسبريس – (( أن “سلوك الطالبة لهذا الإجراء الأخير بطعنها في قرار مفتش الشغل أمام المحكمة الإدارية يجعل مطالبة الأجير بالتعويضات المترتبة عن عقد الشغل، سواء التعويضات المتعلقة بالأجرة عن فترة التوقف أو تلك المترتبة عن المسؤولية التقصيرية للمشغلة، سابقة لأوانها، على اعتبار أنها تبقى رهينة ومتوقفة على النتيجة التي سيؤول إليها القرار الإداري”.
وتابع المصدر نفسه أن “عقد الشغل يبقى معلقا خلال هذه الفترة إلى حين انتهاء التقاضي أمام المحكمة الإدارية”.
واستحضرت محكمة النقض أن توقيف الأجير عن العمل كان لهذا السبب، وأنه “تم في إطار مقتضيات الباب الثالث من مدونة الشغل ، ولا علاقة له بمدة التوقيف المحددة في المادة 37 من مدونة الشغل التي تخص العقوبة التأديبية المنصوص عليها في الفرع الثاني من الباب الخامس من القسم الأول من المدونة”.
ولذلك، ترى محكمة النقض أن محكمة الاستئناف “لما نحت خلاف ذلك، واعتبرت أن المطلوب تعرض لفصل تعسفي، والحال أنه كان موقوفا عن العمل مؤقتا، وأن هذا التوقيف مقرون بانتهاء أمام المحكمة الإدارية … يكون قرارها مشوبا بخرق المقتضيات القانونية المستدل بها، ومعللا تعليلا ناقصا موازيا لانعدامه ... ))
2 – ماذا يقول القانون :
تنص مدونة الشغل في :
المادة 457
يجب أن يكون كل إجراء تأديبي، يعتزم المشغل اتخاذه في حق مندوب الأجراء، أصليا كان أو نائبا، موضوع مقرر، يوافق عليه العون المكلف بتفتيش الشغل، إذا كان هذا الإجراء يرمي إلى نقل المندوب أو نائبه من مصلحة إلى أخرى، أو من شغل إلى آخر، أو إلى توقيفه عن شغله، أو فصله عنه.
المادة 459
يمكن للمشغل، في حالة الخطأ الجسيم، أن يقرر حالا التوقيف المؤقت في حق مندوب الأجراء، وعليه أن يشعر فورا، العون المكلف بتفتيش الشغل بالإجراء التأديبي المزمع اتخاذه.
يجب على العون المكلف بتفتيش الشغل، في الحالات الواردة في المادتين 457 و 458 أعلاه، أن يتخذ قراره، بالموافقة أو الرفض خلال الثمانية أيام الموالية لإشعاره. ويجب أن يكون قراره معللا.
3 – بماذا يمكن التعليق على قرار محكمة النقض :
إذا كان ما تم نشره بموقع " هسبريس " صحيحا نبدي الملاحظات التالية :
أولا - لقد استقر الاجتهاد القضائي للمجلس الأعلى ولمحكمة النقض على ان كل فصل لمندوب الأجراء هو فصل تعسفي من طرف مشغله إن لم يوافق مفتش الشغل على مقرر الفصل التأديبي ، ومن هذه الاجتهادات : (( بمقتضى المادة 457 من المدونة الشغل فإن المشغل ملزم باتباع رأي مفتش الشغل بخصوص العقوبة التي يستحقها مندوب الأجراء أو نائبه ، كما أن مخالفة رأيه يجعل الإجراء المتخذ متسما بالتعسف موجبا للتعويض )) . (قرار المجلس الأعلى 238 بتاريخ 5/3/2008 في الملف عدد 564/2007 منشور بموقع :JURISPRUDENCE - MA BASSAMAT ET LARAQUI ).
ثانيا - يمكن للمشغل، في حالة ارتكاب مندوب الأجراء لخطأ جسيم، أن يقرر حالا التوقيف المؤقت في حق مندوب الأجراء، وعليه أن يشعر فورا، العون المكلف بتفتيش الشغل بالإجراء التأديبي المزمع اتخاذه.و يتعين على العون المكلف بتفتيش الشغل، أن يتخذ قراره، بالموافقة أو الرفض خلال الثمانية أيام الموالية لإشعاره ، و يكون يكون قراره معللا.
ثالثا – صحيح انه في حالة عدم رضى المشغلة على قرار مفتش الشغل الرافض لفصل مندوب الأجراء يمكنها ان تطعن فيه وتطلب الغاءه للشطط في استعمال السلطة امام المحكمة الادارية
رابعا – لكن السؤال او الإشكالية هي : ما مصير مندوب الأجراء خلال الفترة ما بين تاريخ قرار مفتش الشغل برفض فصل المندوب و بين تاريخ صدور حكم القضاء الإداري النهائي في الطعن المقدم ضد قرار مفتش الشغل ؟ علما بان هذه المدة قد تطول وتستغرق ما بين 24 و 36 شهرا وهل سيظل محروما من اجوره خلال كل هذه الفترة ؟
خامسا – حسب الاجتهاد القضائي المقارن كل فصل لمندوب الأجراء بدون موافقة لمفتش الشغل هو قرار باطل لأن المندوب حسب الفقه هو اجير محمي بقوة القانون وليس اجيرا عاديا و يجب ان يظل ممارسا لعمله الى حين بت القضاء المختص في فصله عن العمل وقول هذا القضاء بان مقرر فصله نهائيا او مؤقتا كان قانونيا و غير تعسفي
سادسا – محكمة النقض ترى أن مندوب الأجراء لم يتعرض لفصل تعسفي، و أنه كان موقوفا عن العمل مؤقتا، وأن هذا التوقيف مقرون بانتهاء أمام المحكمة الإدارية ، وهذا التوجه مخالف صراحة للمادتين 457 و 459 من م.ش المشار اليهما اعلاه
سابعا – مدة التوقيف المؤقت حسب المادة 37 من مدونة الشغل - والى حد ما في المادة 459 م.ش – لا تتعدى 8 أيام فقط ، وليس طيلة مدة أو عمر قضية إدارية قد تطول ما بين 24 و 36 شهرا
4– مدى اعتبار قرار النقض الصادر إجتهادا قضائيا و أثره الاقتصادي و الإجتماعي :
نامل ان تتاح لمحكمة النقض فرصة اخرى لبحث الموضوع فقها و اجتهادا لما في ذلك من انعكاسات قانونية واجتماعية على وضعية مندوب الأجراء باعتباره اجيرا محميا بموجب مدونة الشغل و بموجب الاتفاقية الدولية للعمل رقم 135 التي تنص في المادة 1 منها على انها : (( توفر لممثلي العمال في المؤسسة حماية فعالة من أية تدابير يمكن أن تنزل بهم الضرر، بما في ذلك الفصل، ويكون سببها صفتهم أو أنشطتهم كممثلين للعمال، أو عضويتهم النقابية، أو مشاركتهم في أنشطة نقابية، طالما ظلوا في تصرفاتهم يلتزمون القوانين أو الاتفاقات الجماعية القائمة أو غيرها من الترتيبات المشتركة المتفق عليها ))