تقديم
يعد العقار الأرضية الأساسية لإنجاز المشاريع المنتجة للثروة كما يعتبر قاطرة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية غير أن اضطلاع العقار بهذه المهام يقتضي أن يكون خاضعا لنظام قانوني تتسم فيه الملكية العقارية بالثبات والاستقرار[[1]]url:#_ftn1 .
ويعتبر ظهير التحفيظ العقاري واحدا من القوانين الرامية إلى حماية الملكية العقارية مند صدور ظهير 12 غشت 1913 الذي عرف عدة تعديلات أهمها قانون 14.07 الذي جاء بمجموعة من النصوص القانونية التي ترمي بالأساس إلى حماية العقارات بنوعيها المحفظة وغير المحفظة بل حتى العقارات في طور التحفيظ، لكن على الرغم من ذلك ظل العقار مطمعا للإنسان بحكم غريزة حب التملك وما يدل على ذلك قوله[[2]]url:#_ftn2 عز وجل" وتأكلون التراث اكلاً لما(19) وتحبون المال حبا جما (20)".
لقد حاول المشرع العقاري المغربي تنظيم الملكية العقارية بعدة نصوص قانونية لحمايتها وذلك من خلال مدونة الحقوق العينية وظهير التحفيظ العقاري وكذا بعض النصوص المتفرقة أهمها الفصل 570 من القانون الجنائي المتعلق بجنحة الترامي على ملك الغير أصبحت الملكية العقارية ببلادنا تعاني من مجموعة من المشاكل وذلك بسبب ضعف المنظومة التشريعية ببلادنا المتعلقة بالعقار بحيث أصبح هذا الأخير مطمعا لدوي النيات السيئة بغية الاستيلاء.
إذ يعتبر الاستيلاء على عقارات الغير تمظهرا جليا لكسب الملكية بطرق غير مشروعة إذ أصبح يشكل زعزعة للمنظومة التشريعية المتعلقة بالعقار ببلادنا كما يهدد الأمن العقاري وما يؤكد ذلك الرسالة الملكية السامية التي وجهها صاحب الجلالة بتاريخ 30 دجنبر 2016.
لقد جاء في الرسالة الملكية ما يلي [[3]]url:#_ftn3 " فقد أصبح الاستيلاء على عقارات الغير ممارسة متكررة يدل عليها عدد القضايا المعروضة على المحاكم وتعدد الشكاوى المقدمة حولها والأخبار المتواترة التي توردها الصحافة بشأنها و أضحى يجسد وجود ظاهرة خطيرة تتفشى بشكل كبير وتستدعي التصدي الفوري والحازم لها تفاديا لما قد ينجم عنها من انعكاسات سلبية على مكانة وفعالية القانون في صيانة الحقوق ومن زعزعة لثقة الفاعلين الاقتصاديين التي لا يخفى دورها كرافعة أساسية للاستثمار وكمحرك لعجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية..."
إن ظاهرة الاستيلاء على عقارات الغير ليست بوليدة اللحظة وإنما هي ظاهرة قديمة تعود بوادرها الأولى إلى تاريخ فرض الحماية الفرنسية على المغرب حيث تميزت هذه هاته الفترة بتهافت كبير للأجانب على الملكية العقارية فامتلكوا العديد من الأراضي سواء منها الواقعة داخل المجال الحضري أو خارجه، وفي ظل تفشي ظاهرة الاستيلاء على عقارات الغير الذي أصبح يمارس من لدن عصابات ولوبيات منظمة ومحترفة في رصد الثغرات القانونية والتجاوزات الإدارية ، والإيقاع بأصحاب النفوس الضعيفة من إداريين وموظفين ، كان لزاما على المشرع المغربي والمؤسسات القانونية التدخل للحد من هذه الظاهرة وحماية حق الملكية الذي يضمنه الدستور لكل فرد، ولهذا جاءت الرسالة الملكية بمجموعة من التدابير والأوامر الملكية السامية ولعل أبرزها إحداث لجنة تتكون من ممثلي القطاعات الحكومية والمهن القانونية والقضائية المعينة بهدف الحد من ظاهرة الاستيلاء.
والموضوع يحظى بأهمية بالغة على المستويين النظري والعملي، فعلى المستوى النظري تتجلى أهميته في الانكباب التشريعي الذي حظي به من قبل المشرع المغربي والاهتمام الفقهي الذي عالج الموضوع، أما على المستوى العملي تتجلى أهميته من الإشكالات العملية التي يرتبها تطبيق النصوص التشريعية والتدابير المتخذة في إطار هذا الموضوع، وبهذا فالموضوع يطرح إشكالية جوهرية مفادها:
إلى أي مدى استطاعت الإجراءات التشريعية والتنظيمية التي اتخذها المشرع المغربي الحد من ظاهرة الاستيلاء على عقارات الغير؟
ولمعالجة هذه الإشكالية ارتأينا إلى تقسيمه إلى ثلاثة مطالب:
المطلب الأول: السبل التشريعية للتصدي لظاهرة الاستيلاء على عقارات الغير
المطلب الثاني: السبل التنظيمية للتصدي لظاهرة الاستيلاء على عقارات الغير
المطلب الثالث: فعالية التدابير المتخذة من طرف المشرع وسبل تجاوز الاكراهات
المطلب الأول: السبل التشريعية للتصدي لظاهرة الاستيلاء على عقارات الغير
في مستهل هذا المطلب لابد أن نشير إلى أن عملية الاستيلاء والسطو على عقارات الغير تتم في الغالب عب استغلال الثغرات التشريعية، وكذلك التزوير في المحررات سواء الرسمية أو العرفية التي يتم التفويت عبرها، أو أن يتم تحرير هذه العقود في الخارج ويتم تذييلها بالصيغة التنفيذية، ومنه وجب التفكير لتجاوزها قصد التصدي لهذه الظاهرة من خلال تعديل مجموعة من النصوص القانونية (الفقرة الأولى)، إضافة إلى إعادة النظر في مسألة التذييل بالصيغة التنفيذية (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى تعديل بعض النصوص القانونية
كما قلنا سابقا للحد من ظاهرة الاستيلاء، وجب تجاوز الثغرات التشريعية عن طريق تعديل بعض النصوص القانونية، ويتعلق الأمر ببعض نصوص مدونة الحقوق العينية (أولا)، وتعديل بعض نصوص قانون المسطرة الجنائية (ثانيا).
أولا: تعديل بعض نصوص مدونة الحقوق العينية
في إطار التدابير التشريعية التي أجراها المشرع في إطار مدونة الحقوق العينية فقد قام بتعديل على مستوى المادة الرابعة من مدونة الحقوق العينية بموجب قانون 69-16[[4]]url:#_ftn4 والقانون رقم 41.24[[5]]url:#_ftn5 ، وكذلك يجب عليه إعادة النظر في المادة الثانية من نفس المدونة.
أ: تعديل الماد الرابعة من مدونة الحقوق العينية
فيما يتعلق بالمادة الرابعة من مدونة الحقوق العينة والتي تقتضي بإدخال الوكالات المرتبطة بالتصرفات المتعلقة بنقل الملكية، أو إنشاء حقوق عينية عليها أو نقلها أو تعديلها أو إسقاطها ضمن المحررات التي يجب تحريرها بموجب محرر رسمي، أو ثابت التاريخ يتم تحريره من قبل محامي مقبول للترافع أمام محكمة النقض[[6]]url:#_ftn6 ، وبالتالي أصبحت صيغة المادة الرابعة الحالية تنص " يجب أن تحرر تحت طائلة البطلان جميع التصرفات المتعلقة بنقل الملكية أو بإنشاء الحقوق العينية الأخرى أو نقلها أو تعديلها أو إسقاطها بما في ذلك الوعد بالبيع العقاري وكذا الوكالات الخاصة بها بموجب محرر رسمي، أو محرر ثابت التاريخ يتم تحريره من طرف محام مقبول للترافع أمام محكمة النقض مالم ينص قانون خاص على خلاف ذلك يجب أن يتم توقيع العقد المحرر من طرف المحامي والتأشير على جميع صفحاته من الأطراف ومن الجهة التي حررته .تصحح إمضاءات الأطراف من لدن السلطة المختصة ويتم التعريف بإمضاء المحامي المحرر للعقد من لدن رئيس كتابة الضبط بالمحكمة الابتدائية التي يمارس بدائرتها ".
من خلال ما سبق فقد أصبح إدخال الوكالة ضمن العقود التي يجب أن تحريرها بموجب عقد رسمي مبرم من لدن عدل أو موثق، او محرر ثابت التاريخ مبرم من لدن محام مقبول للترافع أمام محكمة النقض، وبالنسبة للوكالات العرفية التي أبرمت قبل هذا القانون ولم يعمل بها أو عمل بها ولم تنته إجراءات العقود المرتكزة عليها بعد، فإنه يتعين على الموكلين إقرار الوكالات الصادرة عنهم لوكلائهم أو إعادة تحريرها وفق ما تقتضيه المقتضيات التشريعية الجديدة للمادة الرابعة[[7]]url:#_ftn7 .
إذن فكل وكالة عرفية حررت قبل دخول قانون 6-69-16 حيز التنفيذ تبقى بدون مفعول إذا لم تنسجم مع التعديل الجديد وفي هذا الاتجاه أصدر السيد المحافظ العام مذكرة توجيهية عدد [[8]]url:#_ftn8 20 ، إلى المحافظين على الأملاك العقارية التي جاء فيها "... الوكالات العرفية المحررة قبل 14 شتنبر 2017 لا يمكن الاستناد إليها في إبرام التصرفات العقارية بعد هذا التاريخ ، وذلك على اعتبار الوكالات العرفية المذكورة وإن حررت قبل دخول قانون 69-16 حيز التنفيذ فإن العبرة بتاريخ إبرام التصرف وليس تاريخ تحرير الوكالة مادام أن هذه الأخيرة لا يمكن أن تنتج آثارها القانونية إلا بعد إبرام التصرف المعني بها ..."، إلا أن هذا التفسير الذي أعطاه السيد المحافظ العام أثار مجموعة من النقاشات حيث أنها فصلت بين التصرفات وأثرها وكذلك مست بمبدأ عدم رجعية القوانين ، فجعل المحافظ العام أساس الحد من إعمال الوكالات العرفية في كونها تستنتج أثرها في ظل القانون الجديد ، يبقى غير مؤسس من الناحية القانونية لأنه يقوم على فصل التصرفات عن أثرها[[9]]url:#_ftn9 ، وبالتالي لا يمكننا القول بعدم اعتبار آثار الوكالات العرفية التي أبرمت في ظل القانون القديم من غير التطرق لما إذا كانت الوكالات قد قامت على نحو صحيح بالنظر للقانون القديم أم لا.
كما أن فرض القاعدة بأثر رجعي مخالف لمقتضيات الدستور الذي نص في فصلة السادس على أنه "... ليس للقانون أثر رجعي "[[10]]url:#_ftn10 . وتجدر الإشارة إلى مدى أهمية هذا التعديل وفعاليته للحد من أحد منافذ السطو على العقارات ويتعلق الأمر بتزوير الوكالات.
وقد جاء المشرع بتعديل يتعلق بتنظيم عملية تسجيل عقد الوكالة، المتعلقة بنقل ملكية عقار أو إنشاء الحقوق الأخرى أو نقلها أو تعديلها أو إسقاطها بسجل الوكالات المتعلقة بالحقوق العينية، وهذا القانون رقم 18-[[11]]url:#_ftn11 31 المتعلق بتغيير بعض الفصول المتعلقة بالوكالة والمضمنة في قانون الالتزامات والعقود، وأبرز المستجدات التي أتى بها هي:
تلك المتعلقة بالمادة 1-889 التي نصت على مقتضيات جديدة وهي إحداث سجل للوكالات المتعلقة بالحقوق العينية، يمسك من طرف كتابة الضبط بالمحكمة الابتدائية التي لها مكان تحرير عقد الوكالة، يتم تسجيلها على دعامة ورقية أو إلكترونية تحت مراقبة رئيس المحكمة أو من ينوب عنه، ولا تنتج آثارها ولا يمكن أن يحتج بها إلا من تاريخ تقيدها، وسيحدد نص تنظيمي مسك وتنظيم هذا السجل سيصدر لاحقا.
ومن التعديلات كذلك تلك التي همت المادة 2-889 والتي نصت على إحداث سجل وطني إلكتروني يعهد بتدبيره إلى الإدارة، تتم من خلاله معالجة المعطيات المتعلقة بالوكالات عن طريق تجميعها وحفظها وتأمينها، ويتم من خلاله أيضا عملية إشهار جميع الوكالات المضمنة في كتابة الضبط بالمحاكم الابتدائية، وذلك مع مراعات القانون المتعلق بحماية المعطيات الشخصية، وتحدد كيفية مسك وتنظيم هذا السجل بنص تنظيمي سيصدر لاحقا ...
ولم يقف المشرع المغربي عند هذا الحد بل قام بتمديد مقتضيات المادة الرابعة من مدونة الحقوق العينية إلى تحرير العقود المتعلقة بالوعد بالبيع العقاري، والذي كان يشكل ثغره القانونية تمكن مافيات العقار من استغلاها للسطو على العقارات.
ب المادة الثانية من مدونة الحقوق العينية
تعتبر المادة الثانية من مدونة الحقوق العينية عيبا تشريعا والتي وجب على المشرع الإسراع وتعديلها، إذ أنها تنص " إن الرسوم العقارية وما تتضمنه من تقييدات تابعة لإنشائها تحفظ الحق الذي تنص عليه وتكون حجة في مواجهة الغير على أن الشخص المعين بها هو فعلا صاحب الحقوق المبينة فيها.
إن ما يقع على التقييدات من إبطال أو تغيير أو تشطيب من الرسم لا يمكن التمسك به في مواجهة الغير المقيد عن حسن نية، كما لا يمكن أن يلحق به أي ضرر، إلا إذا كان صاحب الحق قد تضرر بسبب تدليس أو زور أو استعماله شريطة أن يرفع الدعوى للمطالبة بحقه داخل أجل أربعة سنوات من تاريخ التقييد المطلوب إبطاله أو تغييره أو التشطيب عليه".
هذا ما جاءت به الفقرة الثانية من هذه المادة التي لم يعرف نظام التحفيظ العقاري المغربي مثيلا لها منذ دخول الحماية وبداية تطبيق نظام التحفيظ العقاري[[12]]url:#_ftn12 .
وكما جاء في مقال نشره الأستاذ ادريس الفاخوري[[13]]url:#_ftn13 معتبرا أن هذه المادة تشكل إحدى الثغرات التشريعية التي تمكن بعض الأشخاص من الاستيلاء على عقارات الغير دون موجب قانون، هذا بالإضافة لإلقاء العبء على المالكين المقيدين بضرورة الاطلاع على وضعية عقاراتهم على الأقل مرة كل أربع سنوات، والأمر يظل عسيرا لبعض أفراد الجالية المغربية المقيمة بالخارج الذين لا يحلون بأرض الوطن بصفة منتظمة، ومدة تواجدهم في أغلب الأحيان تكون قصيرة وقد تحول دون تمكنهم من الاطلاع على ممتلكاتهم العقارية.
ثانيا: تعديل بعض نصوص قانون المسطرة الجنائية
بعد تعديل بعض مواد الحقوق العينية بموجب قانون 16.69 الذي عدلت بمقتضاه المادة الرابعة من مدونة الحقوق العينية بإضافته للوكالة ضمن المحررات التي ينبغي تحريرها في محرر رسمي أو محرر ثابت التاريخ، وفي ظل زيادة الوسائل الحمائية للعقار ومحاربة ظاهرة الاستيلاء من طرف المشرع قام بالإعلان على قانون رقم [[14]]url:#_ftn14 32,18 الذي تم بموجبه تعديل قانون المسطرة الجنائية.
ويأتي القانون رقم 18-32 تنفيذا للتعليمات الملكية السامية المضمنة في رسالته الموجهة إلى وزير العدل والحريات بتاريخ 30 دجنبر 2016، والتي طالب فيها بالانكباب على وضع خطة عمل عاجلة للتصدي لظاهرة الاستيلاء على عقارات الغير[[15]]url:#_ftn15 ، وأتى هذا القانون 18-32 لسد الفراغ التشريعي فينا يخص صلاحيات واختصاصات السلطات القضائية المختصة في الأمر لمنع أي تصرفات على العقار الذي اعتداء، كالتزوير أو استعمال التدليس ، أو ما يسمى بعقل العقار ، وقد عدل هذا القانون ستة مواد من قانون المسطرة الجنائية ويتعلق الأمر بالمواد : 40 و 49 و 104 و 299 و 366 و 390 وهذه التعديلات هي كالآتي: _ خولت الفقرة التاسعة من المادة 40 لرئيس المحكمة الابتدائية إصدار أمر بعقل العقار في إطار أوامره المبنية على طلب ، وهذا يعتبر من الإجراءات التحفظية لحماية الملكية العقارية موضوع الاعتداء بما في ذلك تجميد العقار ومنع التصرف فيه طيلة مدة الأمر.
_ ومنحت الفقرة الثانية عشر من المادة 49 نفس الاختصاص للرئيس الأول لمحكمة الاستئناف وهو إصدار أمر بعقل العقار في إطار الإجراءات التحفظية لحماية الملكية العقارية موضوع الاعتداء ويتعلق الأمر بتجميد العقار ومنع التصرف فيه وتبقى كل التصرفات التي ستطرأ على العقار خلال مدة سريان الأمر الصادر بعقل العقار عديمة الأثر.
_وتأتي الفقرة الأخيرة من المادة 104 لتمنح قاضي التحقيق الصلاحية بإصدار أمر عقل العقار عن التصرفات إذا تعلق الأمر بجريمة من الجرائم التي تمس حق الملكية العقارية، حيث يمكن أن يصدر تلقائيا أو بناء على طلب من النيابة العامة أو من له مصلحة، ويمنع التصرف فيه طيلة مدة الأمر الصادر بعقل العقار.
_وكذلك مكنت الفقرة الأخيرة من المادة 299 المحكمة إما تلقائيا أو بناء على ملتمس من النيابة العامة أو بطلب من الأفراد في حالة وجود جريمة تمس بالملكية العقارية أن تأمر بتجميد العقار أي عقله ومنع التصرف فيه طيلة مدة سريان الأمر بتجميده.
_ ونصت الفقرة الخامسة من المادة 366 على منح المحكمة البت في كافة مراحل القضية.
_ في إجراءات عقل العقار إذا تعلق الأمر بجريمة من الجرائم التي تمس الملكية العقارية مع الإشارة إلى أن سريان مفعول الإجراءات يبقى ساريا إلى حين صدور مقرر مكتسب لقوة الشيء المقضي به.
ومما لا شك فيه أن هذا التعديل الذي خص بعض نصوص المسطرة الجنائية بموجب قانون 18 32 بعد قفزة نوعية من المشرع من زيادة التدابير التشريعية لحماية العقار من أي سطو أو استيلاء، والمشرع لم يقف عند هذا الحد بل عزز هذه التدابير بتدابير أخرى وهي ما سنتطرق إليه.
الفقرة الثانية: مسألة التذييل بالصيغة التنفيذية وتوحيد عقوبة التزوير بين المهنيين
هناك العديد من العقود لها صلة بالمعاملات العقارية التي يتم تحريرها بالخارج لكن هذه العقود لا تكون سارية المفعول في المغرب إلا بعد تذييلها بالصيغة التنفيذية مما قد تشكل هذه العقود سببا للسطو على ملك الغير (أولا)، وكذا توحيد العقوبات المتعلقة بالتزوير (ثانيا).
أولا: مسألة التذييل بالصيغة التنفيذية
يقصد بمسألة التذييل بالصيغة التنفيذية، إعطاء الأحكام الصادرة من المحاكم الأجنبية الحجية اللازمة للتطبيق على تراب المملكة المغربية، إذ بدونه لا يمكن أن يكون للحكم الأجنبي أي اعتبار على أرض المملكة المغربية[[16]]url:#_ftn16 .
وكما هو معلوم هناك مجموعة من العقود ذات الصلة بالمعاملات العقارية يتم تحريرها خارج أرض المغرب ، إذ لا تكون هذه الأخيرة سارية المفعول إلا بعد تذييلها بالصيغة التنفيذية من قبل القضاء طبقا لما نص عليه الفصل 432 من قانون المسطرة المدنية والذي ينص " تكون العقود المبرمة بالخارج أمام الضباط والموظفين أيضا قابلة للتنفيذ بالمغرب بعد إعطائها الصيغة التنفيذية ضمن الشروط المقررة في الفصول السابقة " ، فالمحكمة عند مراقبتها للعقود المبرمة بالخارج تراقبها من حيث عدم مساسها لأي محتوى من محتويات النظام العام، أما في حالة كون العقد المطلوب تذييله مزورا فالمحكمة ليست لها إمكانية للتأكد من صحته وسلامته[[17]]url:#_ftn17 .
وفي هذا الإطار جاء في حكم للمحكمة الابتدائية بسلا[[18]]url:#_ftn18 ما يلي " وحيث لا تنفذ بالمغرب العقود المبرمة بالخارج أمام الضباط والموظفين العموميين المختصين إلا بعد إعطائها الصيغة التنفيذية من طرف المحكمة الابتدائية لموطن أو محل إقامة المدعى عليه أو لمكان التنفيذ عند عدم وجودهما وبعد التأكد من صحة هذه العقود واختصاص الجهة الأجنبية التي أصدرتها ، ومن عدم مساسها بالنظام العام المغربي، والإدلاء بنسخة رسمية من هذا العقد ، وإن اقتضى الحال ترجمة تامة إلى اللغة العربية لهذه الوثائق مصادق على صحتها من طرف ترجمان محلف ".
بناء على ما سبق فإن مسألة التذييل قد تكون وسيلة للسطو من طرف عصابات ومافيات الاستيلاء عن طريق تزوير العقود الآتية من الخارج وليست هناك إمكانية للتأكد من صحتها، وخصوصا أن السيد المحافظ على الأملاك العقارية عندما يتوصل بمحررات مبرمة بالخارج ومذيلة بالصيغة التنفيذية فإنه يطمئن لذلك ويقيدها بالسجلات العقارية.
وهكذا فإن مسألة التذييل بالصيغة التنفيذية للعقود المبرمة بالخارج قد تكون مناطا للسطو على ممتلكات الغير العقارية منها بالخصوص، لذا وجب إعادة النظر في هذا الإجراء، إذ كيف لقاضي في محكمة ابتدائية معينة التأكد من سلامة وصحة وثيقة معدة من قبل موثق أجنبي مثلا والتحري من صدقيتها ، والأجدر هو تحويل هذا الاختصاص كإجراء قبلي على الأقل للقنصليات المغربية في الخارج خصوصا وأنها تكون ذات اختصاص في الدولة التي أنجز أو حرر العقد فوق ترابها الوطني[[19]]url:#_ftn19 ، وبعد القيام بهذا الإجراء عندها يمكن للمحكمة النظر في مدى مطابقة هذا العقد للنظام العام.
ثانيا: توحيد عقوبة التزوير بين المهنيين
قد عرف الباحثين التزوير بأنه قول الكذب او فعله، غير انه يجب التمييز بين الكذب في حد ذاته كرذيلة تحرمها الأديان وتذكرها المجتمعات، وبين صور الكذب المجرمة قانونا والتي تؤدي أو تهدد بإيذاء حقوق يحميها القانون وهي: التزوير بالقول؛ التزوير بالفعل؛ التزوير بالكتابة[[20]]url:#_ftn20 .
إذ أن أول عناصر جريمة التزوير هو أن يتم تغيير الحقيقة في محرر ويكون ذلك بطبيعة الحال باستبدال واقعة صحيحة بأخرى كاذبة[[21]]url:#_ftn21 ، وينص الفصل 352 من القانون الجنائي على انه "يعاقب بالسجن المؤبد كل قاض أو موظف عمومي وكل موثق أو عدل ارتكب، أثناء قيامه بوظيفته، تزويرا بإحدى الوسائل الآتية:
فالموظف العمومي حسب الفصل الثاني من ظهير 24 فبراير [[23]]url:#_ftn23 1958 المتعلق بالقانون الأساسي للوظيفة العمومية -هو كل شخص يعين في وظيفة قارة ويرسم في إحدى رتب السلم الخاص بأسلاك الإدارة التابعة للدولة"، وهنا يتضح أن المحامي ليس موظف عمومي فهو يمارس مهنة حرة، وبالرجوع إلى الفصل 1-1591 المعدل والمتمم لمقتضيات الفصلين 353-352 من القانون الجنائي الخاص ينص "يعاقب بالعقوبات المقررة في الفصلين 352 353 من هذا القانون كل محام مؤهل قانونا لتحرير العقود ارتكب أحد الأفعال المنصوص عليها في هذين الفصلين".
وبالتالي فإنه في المجال الجنائي يندرج كل من الموظفين والعدول والمحامون في زمرة الموظفين العموميين ويتابعون بهذه الصفة لأنهم مكلفون بمصلحة ذات نفع عام[[24]]url:#_ftn24 ، ومن خلال ما سبق وجب خلق نوع من التلاؤم والتجانس بين مقتضيات هذا الفصل ومقتضيات المادة الرابعة من مدونة الحقوق العينية عن طريق توحيد عقوبة التزوير التي تلحق المختصين عن تزويرهم بشأن المحررات التي تهم المعاملات العقارية.
المطلب الثاني: السبل التنظيمية والعملية للتصدي لظاهرة الاستيلاء على عقارات الغير
مواكبة للإجراءات والتدابير التشريعية المتخذة للتصدي لظاهرة الاستيلاء على عقارات الغير، قد تم القيام بالعديد من الإجراءات الاستباقية من طرف المسؤولين لمواجهة ظاهرة الاستيلاء على عقارات الغير، منها ما هو تنظيمي (الفقرة الأولى)، ومنها ما هو عملي (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: السبل التنظيمية للتصدي لظاهرة الاستيلاء على عقارات الغير
هذه السبل تتمثل في كل من مدى دور الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية ومساهمتها في الحد من ظاهرة الاستيلاء (أولا)، وكذا دور النيابة العامة في التصدي لظاهرة الاستيلاء (تانيا).
أولا: دور الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية في التصدي لظاهرة الاستيلاء
تعتبر الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية[[25]]url:#_ftn25 أهم جهة مخول لها قانونا مسك جميع المعلومات المتعلقة بالعقارات، فهي تمارس مجموع الاختصاصات المخولة للسلطة العمومية بموجب النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل في ميدان تحفيظ الأملاك العقارية والمسح العقاري والخرائطية، كما تعتبر أداة وصل بين مت يدعي الملكية ويطلب تحفيظها، وبين من ينازع في هذه الملكية ويتعرض عليها[[26]]url:#_ftn26 .
ومن التدابير التي اتخذتها الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية للحد من ظاهرة الاستيلاء تذكر:
_ إنشاء بوابة إلكترونية من طرف الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية يتم من خلالها إشهار رقمي يخول للملاك المقيدين حق تتبع وضعية عقاراتهم من خلال الاطلاع على البيانات المسجلة بالرسوم العقارية دون مشقة التنقل للمحافظة العقارية، وقد يبدو ذلك وكأنه تخفيف من صرامة مقتضيات المادة الثانية من مدونة الحقوق العينية.
ويتعلق الأمر بإنشاء فضاء رقمي لتقديم خدماتها عبر شبكة الأنترنيت وهم خدمتي "محافظتي" و "الإشهار العقاري" فخدمة محافظتي هو تطبيق مجاني يمكن الملاك داخل المغرب وخارجه من تتبع وضعية رسومهم العقارية، أما خدمة الإشهار العقاري هي خدمة تمكن المواطنين داخل المغرب وخارجه من الاطلاع على جميع الإعلانات المنشورة بالجريدة الرسمية المتعلقة بمطالب التحفيظ والرسوم العقارية.
من بين التدابير التي عملت المحافظة على الأملاك العقارية على تفعيلها ، تمكين المحافظين من صلاحياتهم المنصوص عليها في ظهير التحفيظ العقاري ، كلما تعلق الأمر بمراقبة السندات المدلى بها من قبل المعنيين بالأمر تدعيما لطلبات التقييد ، خاصة إذا علمنا أن هذه السندات مزورة[[27]]url:#_ftn27 ، وهذا ما يتضح من خلال المذكرة[[28]]url:#_ftn28 التي وجهها المدير العام للوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطية إلى السادة المحافظين على الأملاك العقارية حيث جاء فيها "... حث المحافظين على الأملاك العقارية على رفض كل تقييد يتعلق بموضوع الاستيلاء على عقارات الغير متى كان هناك شك في صحة المعاملة ، مع ضرورة التسجيل في السجل التجاري كإجراء أولي كلما تعلق الأمر بتصرف عقاري للشركات المدنية العقارية يوجب التقييد في السجلات العقارية ".
_ بدل الكثير من الحرص في مراقبة السندات المؤيدة لطلبات الإيداع والتقييد بالسجلات العقارية بصفة عامة، خاصة تلك المملوكة للأجانب أو المغاربة المقيمين بالخارج[[29]]url:#_ftn29 .
التحري والبحث عن العقارات المهملة باعتبارها تشكل هدف محتملا للاستيلاء من طرف مافيا العقار. وهذا ما جاء في الرسالة[[30]]url:#_ftn30 التي وجهها وزير الداخلية إلى ولاة الجهات وعمال أقاليم المملكة، يحثهم فيها على القيام بجرد ميداني على كافة أقاليم وعمالات المملكة للعقارات المهملة التي يمكن أن تكون عرضة للاستيلاء، عن طريق عقد اجتماعات تنسيقية مع السادة المحافظين مع القيام بجرد ميداني للعقارات المذكورة[[31]]url:#_ftn31 ، حيث تم إحصاء 8299 عقار مهملا، منها 4037 عقار لديه رسوم عقارية ويدخل في خانة العقارات المهملة، وسن تدابير الحماية هاته العقارات من خلال وضع تنبيه خاص يتضمن عبارة "عقار مهمل" بالملف العقاري.
ثانيا: دور النيابة العامة في التصدي لظاهرة الاستيلاء على عقارات الغير
تعتبر النيابة العامة ولية وممتثلة المجتمع في الحفاظ على أمنه وضمان سلامته واستقراره، وهي بهذا يكون دورها فعالا في حماية الملكية العقارية، إلا أنها مدعوة للانخراط الجدي في التصدي لظاهرة الاستيلاء على عقارات الغير، وذلك باتخاذ مجموعة من الإجراءات، خاصة بعد الإصلاحات القضائية التي تروم النهوض بقطاع العدالة والتي توجت باستقلال مؤسسة النيابة العامة عن وزارة العدل وذلك بمقتضى القانون[[32]]url:#_ftn32 .
لهذا أكدت وزارة العدل والحريات من خلال بلاغها لمواجهة ظاهرة الاستيلاء على عقارات الغير على أنه يجب:
- دعوة النيابات العامة إلى تتبع الأبحاث الجارية بشأن قضايا الاستيلاء بالجزم والصرامة اللازمين، والحرص على تسريع وتيرتها والتنسيق مع مختلف المتدخلين في المجال لإضفاء الجودة والفعالية عليها.
- كلما تعلق الأمر بدعوى الزور الفرعي ينبغي الحرص على تبليغ النيابة العامة بذلك وتزويدها بمجموع الوثائق موضوع الطعن، ولو تعلق الأمر بتنازل المطعون ضده بالزور عن استعمال الوثيقة وسحبه لها، الأمر الذي يمكن أن يثني بعض المتلاعبين بأملاك الغير عن سلوكياتهم الماسة بالأمن العقاري عموما[[33]]url:#_ftn33 .
- وكذا دعوة النيابة العامة إلى التحلي بالحرص على التدخل في الدعاوى المدنية المرتبطة بالموضوع وكذا في ملفات العقود الأجنبية المتعلقة بتفويت عقارات الغير بالحزم والاهتمام البالغين[[34]]url:#_ftn34 .
-وفي الأخير يجب تعزيز صلاحية النيابة العامة في جرائم الاعتداء على الحيازة، وذلك بتخويلها الحق في اتخاذ الإجراءات التي تراها مناسبة لحماية الحيازة، بالرغم من أن المادتين 40 و49 من قانون المسطرة الجنائية[[35]]url:#_ftn35 ، لم يشيرا لأي نوع من الإجراءات التحفظية الممكن اتخاذها ولو على سبيل المثال.
الفقرة الثانية: السبل العملية للتصدي لظاهرة الاستيلاء على عقارات الغير
إضافة إلى السبل التنظيمية هناك إجراءات عملية هدفها التصدي لظاهرة الاستيلاء وتتجلى هذه السبل سواء على مستوى نظائر الرسوم العقارية ودورها في التصدي للظاهرة (أولا)، وكذلك على مستوى دور الجهات المكلفة بالتوثيق (ثانيا).
أولا: دور نظير الرسم العقاري في التصدي لظاهرة الاستيلاء على عقارات الغير
يشكل نظير الرسم العقاري ضمانة هامة لحماية الملكية العقارية خاصة في التصدي الظاهرة الاستيلاء، ويعتبر من أهم الوثائق التي تصدرها المحافظة العقارية ، حيث أن المحافظ عندما يصدر قرار بتحفيظ عقار معين ، يقوم بتحرير نظيرا للرسم العقاري الذي تم إنشائه ويضمن فيه كافة البيانات المتعلقة به والتي نص عليها الفصل 52 من ظهير التحفيظ العقاري[[36]]url:#_ftn36 المعدل بمقتضى القانون رقم 14.07، وكما أن الفصل 60 من نفس القانون ينص "يقوم المحافظ على الأملاك العقارية بنسخ كل بيان تم تقييده بالرسم العقاري في نضيره المقدم له ، ويشهد بمطابقة النظير للرسم العقاري" ، يتضح من خلال هذا الفصل أن المحافظ يقوم بنقل كافة بيانات الرسم العقاري إلى نظير الرسم العقاري بكيفية منتظمة، ويدلي السيد المحافظ بإمضائه ويضع خاتم المحافظة العقارية عليه ، ويسلمه لمالك الرسم العقاري، سواء كان منفردا أو من يفوض له بوكالة صحيحة، وإذا كان العقار مملوكا على الشياع يسلم النظير إلى الشخص المفوض له من قبل المالكين على الشياع أما باقي المالكين فليس لهم الحق في المطالبة إلا بشهادة عقارية.
ودور نظير الرسم العقاري يظهر في المذكرة التي وجهها المدير العام للوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطية إلى السادة المحافظين على الأملاك العقارية المؤرخة في 14 يناير 2016 بشأن الاستيلاء على عقارات الغير والتي نجد من ضمن مضامينها... تشجيع الملاك على سحب نظائر رسومهم العقارية ، وذلك للأهمية البالغة التي يكتسبها نظير الرسم العقاري والزامية الإدلاء به إلى المحافظ على الأملاك العقارية المعني بالنسبة للحقوق التي يقتضي إنشاؤها موافقة المالك المقيد الحائز للنظير تخت طائلة رفض التقييد المطلوب، مع لفت انتباهكم إلى إنه فيما يخص طلبات تسليم نظائر جديدة للرسوم العقارية يجب أن تكون مستوفية لكافة الشروط القانونية، سواء من حيث هوية وصفة وأهلية صاحب الطلب أو من حيث الوثائق المطلوبة وذلك وفقا لمقتضيات الفصول 89 و 101 و 102 و 103 من ظهير التحفيظ العقاري ..."
ويتضح من خلال هذه الرسالة أن سحب نظير الرسم العقاري يجعل أي تقييد يتعلق بنقل الملكية أو ترتيب حق عيني على عقار بموافقة المالك متعذر التقييد ذلك أنه حتى إذا تم تزوير العقد الناقل للملكية، فإن تقييده بالرسم العقاري الذي يعتبر وحده ناقل للملكية وفق الفصلين 66 و67 من ظ ت ع غير ممكن ما لم يتم الإدلاء بنظير الرسم العقاري[[37]]url:#_ftn37 .
وفي هذا الإطار يتم الإشارة إلى مظاهر حماية الملكية العقارية من خلال طلب تسليم نظير جديد في عدة حالات الضياع أو التلف أو السرقة، في هذه الحالات لا يتم قبوله من طرف الغير حتى ولو كان المشتري المستند إلى عقد البيع لم يتم تقييده لأن فتح هذا الباب سيؤدي إلى أضرار على صاحب الحق العيني والتي من شأنها أن تفسح المجال أمان من يستند على عقد مزور لسلوك مسطرة تسليم نظير رسم عقاري جديد وبلوغ هدفه الأساسي ألا وهو تقييد العقد بالرسم العقاري بعد تأسيس رسم عقاري جديد[[38]]url:#_ftn38 .
ومن أجل حماية الملكية العقارية من هذه الظاهرة، يجب دعم دور نظير الرسم العقاري من خلال إقرار أمرين وهما:
الأول: الاعتماد فقط على الوكالة الخاصة عندما يتعلق موضوعها أساسا بسحب نظير الرسم العقاري واستبعاد الوكالة العامة.
الثاني: إقرار رسمية هذه الوكالة الخاصة واستبعاد الوكالة العرفية على اعتبار أن هذه الأخيرة تطرح العديد من المشاكل خاصة فيما يتعلق بالتزوير.
تانيا: دور الجهات المكلفة بالتوثيق في حماية الملكية العقارية من ظاهرة الاستيلاء
يشكل نظام التوثيق ضمانة أساسية لحفظ الحقوق وفض المنازعات واستقرار المعاملات، ولما ازدادت الحاجة اليوم إلى ضمانات التوثيق نتيجة تشعب مناحي الحياة وسيادة التخصص والتقنية في كثير من الأمور، وتضخم الإجراءات المسطرية، حيث أصبح المتعاقد عاجزا عن استيفاء جملة هذه الإجراءات، مما كان لزاما الاستعانة بذوي الاختصاص في إبرام كثير من العقود لرفع هذه الحواجز وللإلمام بمعطيات عملية للتصرف المقدم عليه[[39]]url:#_ftn39 .
وآلية التوثيق هي آلية ناجعة وفعالة لحماية الملكية العقارية وتحصينها ولاسيما في مجال العقارات الغير محفظة التي تشكل نسبة كبيرة من الأراضي الخاضعة لنظام الملكية الخاصة، إذ قدم لهذه الأخيرة مجموعة من الخدمات بحيث ساهم في تثبيتها واستقرارها بواسطة محررات رسمية لا يمكن النيل منها إلا بسلوك مسطرة الطعن بالزور[[40]]url:#_ftn40 .
وتجدر الإشارة إلى أن مهمة التوثيق أسندها القانون الجهات مكلفة بذلك، ونخص بالذكر هنا فئة الموثقون المنظمين في قانون 32.09[[41]]url:#_ftn41 ، وفئة العدول والذين بدورهم تحدد اختصاصاتهم وواجباتهم في قانون 16.03 المتعلق بخطة العدالة[[42]]url:#_ftn42 ، وفئة المحامون المقبولون للترافع أمام محكمة النقض المنظمين بقانون 25.08[[43]]url:#_ftn43 ، إذا فهذه القوانين وكذلك المادة الرابعة من م. ح. ع قد أسندت اختصاص تحرير الوكالات والعقود ذات الصلة بالتصرفات العقارية، لذلك تم الحرص على سن وإقرار مجموعة من التدابير لإلزام كل فئة بالحرص الشديد على كل تلاعب للحد من ظاهرة الاستيلاء على عقارات الغير، ومن بين هذه التدابير نجد:
- تجهيز مكاتب المكلفين بتحرير التصرفات العقارية بكاميرات بغية التسجيل السمعي البصري أثناء عملية تحرير العقود بغية الرجوع إليها عند الاقتضاء[[44]]url:#_ftn44 ، وذلك من أجل محاربة كل تدليس أو غش أو تزوير.
لكن هذا الإجراء تمت مؤاخذته لمجموعة من الاعتبارات أبرزها:
- رفض الموثقين والعدول التدابير أعلاه لأنه يمس بحرية الأطراف، وهذا الأمر يتناقض مع المبادئ الأساسية التي أقرها الدستور لسنة 2011[[45]]url:#_ftn45 .
- كما أنه لا ننسى أن أغلب العقود يتم تحريرها بالأسواق العمومية من قبل بعض العدول في كثير من مناطق المغرب، الأمر الذي يصعب فيه اللجوء إلى هذه التقنية.
- إحداث مركز إلكتروني للأرشيف يخص العقود المبرمة من طرف الموثقين[[46]]url:#_ftn46 مع الحرص على اتخاذ التدابير الضرورية بشأن احتفاظ كتابات الضبط بنظائر من العقود المحررة من طرف المحامين وتسجيلها وترقيمها في سجل خاص معد لهذه الغاية[[47]]url:#_ftn47 .
- العدلان ملزمان من التحقق من مجموعة من البيانات وتضمينها، فإذا كان عقارا غير محفظ وجب تحديده تحديدا دقيقا مساحة وحدودا وموقعا، أما إذا كان عقارا محفظ فيجب الإشارة إلى رقم رسمه العقاري وكل التقييدات التي طرأت عليه؛ حتى لا يدع مجال للشك بشأنه.
المطلب الثالث: فعالية التدابير المتخذة من طرف المشرع وسبل تجاوز الاكراهات
إن المشرع المغربي قد اتخذ مجموعة من التدابير والإجراءات بهدف الحد من ظاهرة الاستيلاء على عقارات الغير، ليبقى السؤال هل هذه التدابير كانت لها نجاعة في الحد من هذه الظاهرة؟ (الفقرة الأولى)، لنتطرق في الأخير لمقترحات وتوصيات من شأنها الحد من ظاهرة الاستيلاء على عقارات الغير (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: مدى فعالية التدابير المتخذة من قبل المشرع للحد من ظاهرة الاستيلاء
مما لا شك فيه أن المشرع المغربي في العقود الأخيرة اتخذ مجموعة من التدابير سواء على مستوى التعديلات التشريعية التي جاء بها لسد الفراغات التشريعية، وكذلك قيامه بتدابير تنظيمية وعملية، حيث أن هذه التدابير قد أعطت مفعولها وسدت الخناق على مافيات السطو على عقارات الغير.
وأهم هذه التدابير هي الرسالة الملكية التي قام صاحب الجلالة بتوجيهها إلى وزير العدل والذي أمره فيها بوضع خطة عاجلة، وإنشاء لجنة تتكون من ممثلي القطاعات الحكومية والمهن القانونية والقضائية المعنية بهدف الحد من ظاهرة السطو، ومنذ ذلك الحين تم العمل على وضع تعديلات وتدابير من بينها:
-تعديل المادة الرابعة من مدونة الحقوق العينية بموجب قانون 69.16، والذي هدف إلى إدخال الوكالة ضمن المحررات التي يجب تحريرها بمحرر رسمي أو محرر ثابت التاريخ يحرره محامي مقبول للترافع أمام محكمة النقض، وكذلك تم القيام بوضع سجل خاص متعلق بالوكالات بكتابة الضبط للمحكمة الابتدائية، فمن الواضح أن هذه الإجراءات قد ساهمت من التخلص من أحد منافذ السطو ويتعلق الأمر بتزوير الوكالات، والتي كانت وسيلة في متناول مافيات العقار.
إلا أنه من باب آخر فتطبيق مضامين المادة طرح مشكلة غياب التناسق بين الصيغ القانونية ووحدتها في تفعيل مقتضيات الوكالات الخاصة، بكونها لا تتماشى مع الواقع العملي والقانوني المنظم في قانون 14.07 المتعلق بظهير التحفيظ العقاري والذي لم نلمس بين طيات صفحاته إقرار العمل بالوكالات الخاصة ليستوجب فيها شرطي الرسمية أو التاريخ الثابت، وإن كان كل ما يشترطه هو شرط الكتابة[[48]]url:#_ftn48 .
- مباشرة بعد تعديل المادة الرابعة، تم سد فراغ تشريعي يخص صلاحية السلطات القضائية المختصة من نيابة عامة وقضاة تحقيق وهيئة حكم، وذلك بمنحهم الأمر بمنع التصرف بأي عقار محل اعتداء وذلك بموجب قانون 32.18 المتعلق بتعديل المسطرة الجنائية، حيث أن هذا الإجراء جاء في ظل العدد الكبير من الشكاوى التي وردت على الديوان الملكي من طرف مواطنين بشأن تنامي ظاهرة الاستيلاء على عقارات الغير.
- إضافة إلى هاته الإجراءات التي أثبتت فعاليتها هناك إجراءات أخرى قام بها المشرع والتي بدورها أبانت على فعاليتها، ويتعلق الأمر بإنشاء منصات إلكترونية ويتعلق الأمر بتطبيق "محافظتي" وكذلك الإشهار الرقمي وتتجلى فعاليتهم في تسهيل عملية مراقبة وتتبع الملاك لعقاراتهم بشكل سريع وسهل، إضافة إلى إشعارهم بمجرد إنشاء تقييد على سجلهم العقاري.
- ويبقى كذلك إجراء توحيد عقوبة التزوير على كل المهنيين بما في ذلك المحامي ، الذي أسندت إليه مهمة حساسة بتحرير الوكالة ، فإجراء إخضاعه لنفس عقوبات الموثقين والعدول يبقى إجراء صائب لكون هذا الأخير قد يتلاعب بتزوير الوكالات ، أو أن يعطي خاتمه لمحامين آخرين ، وفي الأخير فكل ما يمكن القول عن هاته الإجراءات والتدابير المتخذة من قبل المشرع والتدابير الأخرى قد حدث نوعا ما من هذه الظاهرة وأثبتت فعاليتها ، لكن تبقى هاته الإجراءات وحدها ليست كافية للحد من هذه الظاهرة ، لذا يجب على المشرع إعادة النظر في مجموعة النصوص والإجراءات لزيادة الحماية للملكية العقارية.
الفقرة الثانية: بعض المقترحات والتوصيات للحد من ظاهرة الاستيلاء على عقارات الغير
بعد تطرقنا لمدى فعالية التدابير المتخذة من قبل المشرع المغربي للحد من ظاهرة الاستيلاء على عقارات الغير، سنحاول أن نورد بعض المقترحات والتوصيات التي يجب على المشرع الاسراع والعمل عليها لزيادة الحماية للملكية العقارية ببلادنا ومن بين المقترحات نذكر:
تعديل المادة الثانية من مدونة الحقوق العينية: اعتقد المشرع المغربي أنه وجد الحل السحري من خلال الفقرة الثانية من م ح ع، بل فتح بابا وزاد الطين بلة، لكون هذه الأخيرة تشكل أحد منافذ السطو والاستيلاء على عقارات الغير، لكونها تثير عديدا من الإشكالات منها:
أولا: الأمر الخطير فيها هو أن المشرع حدد أجل أربعة سنوات كأجل لممارسة الدعوى منذ تاريخ التقييد وليس من تاريخ العلم، ليضرب عرض الحائط حق الملكية الذي يحميه ويضمنه الدستور لكل فرد من خلا الفصل 35 منه، لنخلص أن الفقرة الثانية من مدونة الحقوق العينية تبقى غير دستورية إذ تفرغ حق الملكية من محتواه، بحيث سيصح في حالة وحيدة بالاعتداء على هذا الحق وبالقانون، وهي نزع الملكية من أجل المنفعة العامة[[49]]url:#_ftn49 .
ثانيا: والأمر الغريب التي تطرحه هاته المادة هي وجودها ضمن مواد قانون مدونة الحقوق العينية فذة المدونة تتعلق بالعقار المحفظ وفي طور التحفيظ والغير محفظ، خلافا للظهير الملغى 1915.06.2 الذي كان يطبق على العقار المحفظ فقط والذي كانت تجد مبررا نسبيا في توجدها فيه، لكن الآن فمن الأجدر أن تكون في ظهير التحفيظ العقاري وبالضبط في الباب المتعلق بالتقييدات[[50]]url:#_ftn50 .
بعد الغوص في هذا الموضوع الشائك ومحاولة الإحاطة به سواء في شقه المتعلق بتشخيص ظاهرة الاستيلاء على عقارات الغير وكذلك بخصوص تدابير والإجراءات التصدي لها، وبما أننا في زمن الفيروسات فظاهرة الاستيلاء كذلك فيروس يصعب التغلب عليه لكونها سريعة التفشي وتنتشر بشكل سريع وبطرق يصعب التنبؤ لها، نظرا لخبرة المسئولين على عقارات الغير في اكتشافهم للثغرات القانونية واستحداثهم لوسائل جديدة يصعب على القانون معرفتها، وكذلك من الأسباب قصور النصوص القانونية الشيء الذي يجعل هذه الظاهرة مستمرة.
ومهم يكن لا يمكن إنكار مجهودات المشرع الذي لم يقف مكتوف الأيدي، بل سعى جاهدا من أجل الوقوف ندا لهذا الفيروس بجميع إمكانياته، لكنها تبقى مجهودات محتشمة وغير كافية ويشوبها النقص.
وكل ما يمكننا القول عن هذه الظاهرة أنا مستمرة ولا يمكن القضاء عليها نهائيا، طالما لم يرقى القانون إلى مستوى التنبؤ بالحالات والوسائل المتجددة والمستخدمة في الاستيلاء، ليطور آليته في التصدي لها.
وفي الأخير لابد من تقديم مقترحات إضافية لتعزيز السبل الحمائية وهي:
لائحة المراجع:
الكتب:
يعد العقار الأرضية الأساسية لإنجاز المشاريع المنتجة للثروة كما يعتبر قاطرة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية غير أن اضطلاع العقار بهذه المهام يقتضي أن يكون خاضعا لنظام قانوني تتسم فيه الملكية العقارية بالثبات والاستقرار[[1]]url:#_ftn1 .
ويعتبر ظهير التحفيظ العقاري واحدا من القوانين الرامية إلى حماية الملكية العقارية مند صدور ظهير 12 غشت 1913 الذي عرف عدة تعديلات أهمها قانون 14.07 الذي جاء بمجموعة من النصوص القانونية التي ترمي بالأساس إلى حماية العقارات بنوعيها المحفظة وغير المحفظة بل حتى العقارات في طور التحفيظ، لكن على الرغم من ذلك ظل العقار مطمعا للإنسان بحكم غريزة حب التملك وما يدل على ذلك قوله[[2]]url:#_ftn2 عز وجل" وتأكلون التراث اكلاً لما(19) وتحبون المال حبا جما (20)".
لقد حاول المشرع العقاري المغربي تنظيم الملكية العقارية بعدة نصوص قانونية لحمايتها وذلك من خلال مدونة الحقوق العينية وظهير التحفيظ العقاري وكذا بعض النصوص المتفرقة أهمها الفصل 570 من القانون الجنائي المتعلق بجنحة الترامي على ملك الغير أصبحت الملكية العقارية ببلادنا تعاني من مجموعة من المشاكل وذلك بسبب ضعف المنظومة التشريعية ببلادنا المتعلقة بالعقار بحيث أصبح هذا الأخير مطمعا لدوي النيات السيئة بغية الاستيلاء.
إذ يعتبر الاستيلاء على عقارات الغير تمظهرا جليا لكسب الملكية بطرق غير مشروعة إذ أصبح يشكل زعزعة للمنظومة التشريعية المتعلقة بالعقار ببلادنا كما يهدد الأمن العقاري وما يؤكد ذلك الرسالة الملكية السامية التي وجهها صاحب الجلالة بتاريخ 30 دجنبر 2016.
لقد جاء في الرسالة الملكية ما يلي [[3]]url:#_ftn3 " فقد أصبح الاستيلاء على عقارات الغير ممارسة متكررة يدل عليها عدد القضايا المعروضة على المحاكم وتعدد الشكاوى المقدمة حولها والأخبار المتواترة التي توردها الصحافة بشأنها و أضحى يجسد وجود ظاهرة خطيرة تتفشى بشكل كبير وتستدعي التصدي الفوري والحازم لها تفاديا لما قد ينجم عنها من انعكاسات سلبية على مكانة وفعالية القانون في صيانة الحقوق ومن زعزعة لثقة الفاعلين الاقتصاديين التي لا يخفى دورها كرافعة أساسية للاستثمار وكمحرك لعجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية..."
إن ظاهرة الاستيلاء على عقارات الغير ليست بوليدة اللحظة وإنما هي ظاهرة قديمة تعود بوادرها الأولى إلى تاريخ فرض الحماية الفرنسية على المغرب حيث تميزت هذه هاته الفترة بتهافت كبير للأجانب على الملكية العقارية فامتلكوا العديد من الأراضي سواء منها الواقعة داخل المجال الحضري أو خارجه، وفي ظل تفشي ظاهرة الاستيلاء على عقارات الغير الذي أصبح يمارس من لدن عصابات ولوبيات منظمة ومحترفة في رصد الثغرات القانونية والتجاوزات الإدارية ، والإيقاع بأصحاب النفوس الضعيفة من إداريين وموظفين ، كان لزاما على المشرع المغربي والمؤسسات القانونية التدخل للحد من هذه الظاهرة وحماية حق الملكية الذي يضمنه الدستور لكل فرد، ولهذا جاءت الرسالة الملكية بمجموعة من التدابير والأوامر الملكية السامية ولعل أبرزها إحداث لجنة تتكون من ممثلي القطاعات الحكومية والمهن القانونية والقضائية المعينة بهدف الحد من ظاهرة الاستيلاء.
والموضوع يحظى بأهمية بالغة على المستويين النظري والعملي، فعلى المستوى النظري تتجلى أهميته في الانكباب التشريعي الذي حظي به من قبل المشرع المغربي والاهتمام الفقهي الذي عالج الموضوع، أما على المستوى العملي تتجلى أهميته من الإشكالات العملية التي يرتبها تطبيق النصوص التشريعية والتدابير المتخذة في إطار هذا الموضوع، وبهذا فالموضوع يطرح إشكالية جوهرية مفادها:
إلى أي مدى استطاعت الإجراءات التشريعية والتنظيمية التي اتخذها المشرع المغربي الحد من ظاهرة الاستيلاء على عقارات الغير؟
ولمعالجة هذه الإشكالية ارتأينا إلى تقسيمه إلى ثلاثة مطالب:
المطلب الأول: السبل التشريعية للتصدي لظاهرة الاستيلاء على عقارات الغير
المطلب الثاني: السبل التنظيمية للتصدي لظاهرة الاستيلاء على عقارات الغير
المطلب الثالث: فعالية التدابير المتخذة من طرف المشرع وسبل تجاوز الاكراهات
المطلب الأول: السبل التشريعية للتصدي لظاهرة الاستيلاء على عقارات الغير
في مستهل هذا المطلب لابد أن نشير إلى أن عملية الاستيلاء والسطو على عقارات الغير تتم في الغالب عب استغلال الثغرات التشريعية، وكذلك التزوير في المحررات سواء الرسمية أو العرفية التي يتم التفويت عبرها، أو أن يتم تحرير هذه العقود في الخارج ويتم تذييلها بالصيغة التنفيذية، ومنه وجب التفكير لتجاوزها قصد التصدي لهذه الظاهرة من خلال تعديل مجموعة من النصوص القانونية (الفقرة الأولى)، إضافة إلى إعادة النظر في مسألة التذييل بالصيغة التنفيذية (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى تعديل بعض النصوص القانونية
كما قلنا سابقا للحد من ظاهرة الاستيلاء، وجب تجاوز الثغرات التشريعية عن طريق تعديل بعض النصوص القانونية، ويتعلق الأمر ببعض نصوص مدونة الحقوق العينية (أولا)، وتعديل بعض نصوص قانون المسطرة الجنائية (ثانيا).
أولا: تعديل بعض نصوص مدونة الحقوق العينية
في إطار التدابير التشريعية التي أجراها المشرع في إطار مدونة الحقوق العينية فقد قام بتعديل على مستوى المادة الرابعة من مدونة الحقوق العينية بموجب قانون 69-16[[4]]url:#_ftn4 والقانون رقم 41.24[[5]]url:#_ftn5 ، وكذلك يجب عليه إعادة النظر في المادة الثانية من نفس المدونة.
أ: تعديل الماد الرابعة من مدونة الحقوق العينية
فيما يتعلق بالمادة الرابعة من مدونة الحقوق العينة والتي تقتضي بإدخال الوكالات المرتبطة بالتصرفات المتعلقة بنقل الملكية، أو إنشاء حقوق عينية عليها أو نقلها أو تعديلها أو إسقاطها ضمن المحررات التي يجب تحريرها بموجب محرر رسمي، أو ثابت التاريخ يتم تحريره من قبل محامي مقبول للترافع أمام محكمة النقض[[6]]url:#_ftn6 ، وبالتالي أصبحت صيغة المادة الرابعة الحالية تنص " يجب أن تحرر تحت طائلة البطلان جميع التصرفات المتعلقة بنقل الملكية أو بإنشاء الحقوق العينية الأخرى أو نقلها أو تعديلها أو إسقاطها بما في ذلك الوعد بالبيع العقاري وكذا الوكالات الخاصة بها بموجب محرر رسمي، أو محرر ثابت التاريخ يتم تحريره من طرف محام مقبول للترافع أمام محكمة النقض مالم ينص قانون خاص على خلاف ذلك يجب أن يتم توقيع العقد المحرر من طرف المحامي والتأشير على جميع صفحاته من الأطراف ومن الجهة التي حررته .تصحح إمضاءات الأطراف من لدن السلطة المختصة ويتم التعريف بإمضاء المحامي المحرر للعقد من لدن رئيس كتابة الضبط بالمحكمة الابتدائية التي يمارس بدائرتها ".
من خلال ما سبق فقد أصبح إدخال الوكالة ضمن العقود التي يجب أن تحريرها بموجب عقد رسمي مبرم من لدن عدل أو موثق، او محرر ثابت التاريخ مبرم من لدن محام مقبول للترافع أمام محكمة النقض، وبالنسبة للوكالات العرفية التي أبرمت قبل هذا القانون ولم يعمل بها أو عمل بها ولم تنته إجراءات العقود المرتكزة عليها بعد، فإنه يتعين على الموكلين إقرار الوكالات الصادرة عنهم لوكلائهم أو إعادة تحريرها وفق ما تقتضيه المقتضيات التشريعية الجديدة للمادة الرابعة[[7]]url:#_ftn7 .
إذن فكل وكالة عرفية حررت قبل دخول قانون 6-69-16 حيز التنفيذ تبقى بدون مفعول إذا لم تنسجم مع التعديل الجديد وفي هذا الاتجاه أصدر السيد المحافظ العام مذكرة توجيهية عدد [[8]]url:#_ftn8 20 ، إلى المحافظين على الأملاك العقارية التي جاء فيها "... الوكالات العرفية المحررة قبل 14 شتنبر 2017 لا يمكن الاستناد إليها في إبرام التصرفات العقارية بعد هذا التاريخ ، وذلك على اعتبار الوكالات العرفية المذكورة وإن حررت قبل دخول قانون 69-16 حيز التنفيذ فإن العبرة بتاريخ إبرام التصرف وليس تاريخ تحرير الوكالة مادام أن هذه الأخيرة لا يمكن أن تنتج آثارها القانونية إلا بعد إبرام التصرف المعني بها ..."، إلا أن هذا التفسير الذي أعطاه السيد المحافظ العام أثار مجموعة من النقاشات حيث أنها فصلت بين التصرفات وأثرها وكذلك مست بمبدأ عدم رجعية القوانين ، فجعل المحافظ العام أساس الحد من إعمال الوكالات العرفية في كونها تستنتج أثرها في ظل القانون الجديد ، يبقى غير مؤسس من الناحية القانونية لأنه يقوم على فصل التصرفات عن أثرها[[9]]url:#_ftn9 ، وبالتالي لا يمكننا القول بعدم اعتبار آثار الوكالات العرفية التي أبرمت في ظل القانون القديم من غير التطرق لما إذا كانت الوكالات قد قامت على نحو صحيح بالنظر للقانون القديم أم لا.
كما أن فرض القاعدة بأثر رجعي مخالف لمقتضيات الدستور الذي نص في فصلة السادس على أنه "... ليس للقانون أثر رجعي "[[10]]url:#_ftn10 . وتجدر الإشارة إلى مدى أهمية هذا التعديل وفعاليته للحد من أحد منافذ السطو على العقارات ويتعلق الأمر بتزوير الوكالات.
وقد جاء المشرع بتعديل يتعلق بتنظيم عملية تسجيل عقد الوكالة، المتعلقة بنقل ملكية عقار أو إنشاء الحقوق الأخرى أو نقلها أو تعديلها أو إسقاطها بسجل الوكالات المتعلقة بالحقوق العينية، وهذا القانون رقم 18-[[11]]url:#_ftn11 31 المتعلق بتغيير بعض الفصول المتعلقة بالوكالة والمضمنة في قانون الالتزامات والعقود، وأبرز المستجدات التي أتى بها هي:
تلك المتعلقة بالمادة 1-889 التي نصت على مقتضيات جديدة وهي إحداث سجل للوكالات المتعلقة بالحقوق العينية، يمسك من طرف كتابة الضبط بالمحكمة الابتدائية التي لها مكان تحرير عقد الوكالة، يتم تسجيلها على دعامة ورقية أو إلكترونية تحت مراقبة رئيس المحكمة أو من ينوب عنه، ولا تنتج آثارها ولا يمكن أن يحتج بها إلا من تاريخ تقيدها، وسيحدد نص تنظيمي مسك وتنظيم هذا السجل سيصدر لاحقا.
ومن التعديلات كذلك تلك التي همت المادة 2-889 والتي نصت على إحداث سجل وطني إلكتروني يعهد بتدبيره إلى الإدارة، تتم من خلاله معالجة المعطيات المتعلقة بالوكالات عن طريق تجميعها وحفظها وتأمينها، ويتم من خلاله أيضا عملية إشهار جميع الوكالات المضمنة في كتابة الضبط بالمحاكم الابتدائية، وذلك مع مراعات القانون المتعلق بحماية المعطيات الشخصية، وتحدد كيفية مسك وتنظيم هذا السجل بنص تنظيمي سيصدر لاحقا ...
ولم يقف المشرع المغربي عند هذا الحد بل قام بتمديد مقتضيات المادة الرابعة من مدونة الحقوق العينية إلى تحرير العقود المتعلقة بالوعد بالبيع العقاري، والذي كان يشكل ثغره القانونية تمكن مافيات العقار من استغلاها للسطو على العقارات.
ب المادة الثانية من مدونة الحقوق العينية
تعتبر المادة الثانية من مدونة الحقوق العينية عيبا تشريعا والتي وجب على المشرع الإسراع وتعديلها، إذ أنها تنص " إن الرسوم العقارية وما تتضمنه من تقييدات تابعة لإنشائها تحفظ الحق الذي تنص عليه وتكون حجة في مواجهة الغير على أن الشخص المعين بها هو فعلا صاحب الحقوق المبينة فيها.
إن ما يقع على التقييدات من إبطال أو تغيير أو تشطيب من الرسم لا يمكن التمسك به في مواجهة الغير المقيد عن حسن نية، كما لا يمكن أن يلحق به أي ضرر، إلا إذا كان صاحب الحق قد تضرر بسبب تدليس أو زور أو استعماله شريطة أن يرفع الدعوى للمطالبة بحقه داخل أجل أربعة سنوات من تاريخ التقييد المطلوب إبطاله أو تغييره أو التشطيب عليه".
هذا ما جاءت به الفقرة الثانية من هذه المادة التي لم يعرف نظام التحفيظ العقاري المغربي مثيلا لها منذ دخول الحماية وبداية تطبيق نظام التحفيظ العقاري[[12]]url:#_ftn12 .
وكما جاء في مقال نشره الأستاذ ادريس الفاخوري[[13]]url:#_ftn13 معتبرا أن هذه المادة تشكل إحدى الثغرات التشريعية التي تمكن بعض الأشخاص من الاستيلاء على عقارات الغير دون موجب قانون، هذا بالإضافة لإلقاء العبء على المالكين المقيدين بضرورة الاطلاع على وضعية عقاراتهم على الأقل مرة كل أربع سنوات، والأمر يظل عسيرا لبعض أفراد الجالية المغربية المقيمة بالخارج الذين لا يحلون بأرض الوطن بصفة منتظمة، ومدة تواجدهم في أغلب الأحيان تكون قصيرة وقد تحول دون تمكنهم من الاطلاع على ممتلكاتهم العقارية.
ثانيا: تعديل بعض نصوص قانون المسطرة الجنائية
بعد تعديل بعض مواد الحقوق العينية بموجب قانون 16.69 الذي عدلت بمقتضاه المادة الرابعة من مدونة الحقوق العينية بإضافته للوكالة ضمن المحررات التي ينبغي تحريرها في محرر رسمي أو محرر ثابت التاريخ، وفي ظل زيادة الوسائل الحمائية للعقار ومحاربة ظاهرة الاستيلاء من طرف المشرع قام بالإعلان على قانون رقم [[14]]url:#_ftn14 32,18 الذي تم بموجبه تعديل قانون المسطرة الجنائية.
ويأتي القانون رقم 18-32 تنفيذا للتعليمات الملكية السامية المضمنة في رسالته الموجهة إلى وزير العدل والحريات بتاريخ 30 دجنبر 2016، والتي طالب فيها بالانكباب على وضع خطة عمل عاجلة للتصدي لظاهرة الاستيلاء على عقارات الغير[[15]]url:#_ftn15 ، وأتى هذا القانون 18-32 لسد الفراغ التشريعي فينا يخص صلاحيات واختصاصات السلطات القضائية المختصة في الأمر لمنع أي تصرفات على العقار الذي اعتداء، كالتزوير أو استعمال التدليس ، أو ما يسمى بعقل العقار ، وقد عدل هذا القانون ستة مواد من قانون المسطرة الجنائية ويتعلق الأمر بالمواد : 40 و 49 و 104 و 299 و 366 و 390 وهذه التعديلات هي كالآتي: _ خولت الفقرة التاسعة من المادة 40 لرئيس المحكمة الابتدائية إصدار أمر بعقل العقار في إطار أوامره المبنية على طلب ، وهذا يعتبر من الإجراءات التحفظية لحماية الملكية العقارية موضوع الاعتداء بما في ذلك تجميد العقار ومنع التصرف فيه طيلة مدة الأمر.
_ ومنحت الفقرة الثانية عشر من المادة 49 نفس الاختصاص للرئيس الأول لمحكمة الاستئناف وهو إصدار أمر بعقل العقار في إطار الإجراءات التحفظية لحماية الملكية العقارية موضوع الاعتداء ويتعلق الأمر بتجميد العقار ومنع التصرف فيه وتبقى كل التصرفات التي ستطرأ على العقار خلال مدة سريان الأمر الصادر بعقل العقار عديمة الأثر.
_وتأتي الفقرة الأخيرة من المادة 104 لتمنح قاضي التحقيق الصلاحية بإصدار أمر عقل العقار عن التصرفات إذا تعلق الأمر بجريمة من الجرائم التي تمس حق الملكية العقارية، حيث يمكن أن يصدر تلقائيا أو بناء على طلب من النيابة العامة أو من له مصلحة، ويمنع التصرف فيه طيلة مدة الأمر الصادر بعقل العقار.
_وكذلك مكنت الفقرة الأخيرة من المادة 299 المحكمة إما تلقائيا أو بناء على ملتمس من النيابة العامة أو بطلب من الأفراد في حالة وجود جريمة تمس بالملكية العقارية أن تأمر بتجميد العقار أي عقله ومنع التصرف فيه طيلة مدة سريان الأمر بتجميده.
_ ونصت الفقرة الخامسة من المادة 366 على منح المحكمة البت في كافة مراحل القضية.
_ في إجراءات عقل العقار إذا تعلق الأمر بجريمة من الجرائم التي تمس الملكية العقارية مع الإشارة إلى أن سريان مفعول الإجراءات يبقى ساريا إلى حين صدور مقرر مكتسب لقوة الشيء المقضي به.
ومما لا شك فيه أن هذا التعديل الذي خص بعض نصوص المسطرة الجنائية بموجب قانون 18 32 بعد قفزة نوعية من المشرع من زيادة التدابير التشريعية لحماية العقار من أي سطو أو استيلاء، والمشرع لم يقف عند هذا الحد بل عزز هذه التدابير بتدابير أخرى وهي ما سنتطرق إليه.
الفقرة الثانية: مسألة التذييل بالصيغة التنفيذية وتوحيد عقوبة التزوير بين المهنيين
هناك العديد من العقود لها صلة بالمعاملات العقارية التي يتم تحريرها بالخارج لكن هذه العقود لا تكون سارية المفعول في المغرب إلا بعد تذييلها بالصيغة التنفيذية مما قد تشكل هذه العقود سببا للسطو على ملك الغير (أولا)، وكذا توحيد العقوبات المتعلقة بالتزوير (ثانيا).
أولا: مسألة التذييل بالصيغة التنفيذية
يقصد بمسألة التذييل بالصيغة التنفيذية، إعطاء الأحكام الصادرة من المحاكم الأجنبية الحجية اللازمة للتطبيق على تراب المملكة المغربية، إذ بدونه لا يمكن أن يكون للحكم الأجنبي أي اعتبار على أرض المملكة المغربية[[16]]url:#_ftn16 .
وكما هو معلوم هناك مجموعة من العقود ذات الصلة بالمعاملات العقارية يتم تحريرها خارج أرض المغرب ، إذ لا تكون هذه الأخيرة سارية المفعول إلا بعد تذييلها بالصيغة التنفيذية من قبل القضاء طبقا لما نص عليه الفصل 432 من قانون المسطرة المدنية والذي ينص " تكون العقود المبرمة بالخارج أمام الضباط والموظفين أيضا قابلة للتنفيذ بالمغرب بعد إعطائها الصيغة التنفيذية ضمن الشروط المقررة في الفصول السابقة " ، فالمحكمة عند مراقبتها للعقود المبرمة بالخارج تراقبها من حيث عدم مساسها لأي محتوى من محتويات النظام العام، أما في حالة كون العقد المطلوب تذييله مزورا فالمحكمة ليست لها إمكانية للتأكد من صحته وسلامته[[17]]url:#_ftn17 .
وفي هذا الإطار جاء في حكم للمحكمة الابتدائية بسلا[[18]]url:#_ftn18 ما يلي " وحيث لا تنفذ بالمغرب العقود المبرمة بالخارج أمام الضباط والموظفين العموميين المختصين إلا بعد إعطائها الصيغة التنفيذية من طرف المحكمة الابتدائية لموطن أو محل إقامة المدعى عليه أو لمكان التنفيذ عند عدم وجودهما وبعد التأكد من صحة هذه العقود واختصاص الجهة الأجنبية التي أصدرتها ، ومن عدم مساسها بالنظام العام المغربي، والإدلاء بنسخة رسمية من هذا العقد ، وإن اقتضى الحال ترجمة تامة إلى اللغة العربية لهذه الوثائق مصادق على صحتها من طرف ترجمان محلف ".
بناء على ما سبق فإن مسألة التذييل قد تكون وسيلة للسطو من طرف عصابات ومافيات الاستيلاء عن طريق تزوير العقود الآتية من الخارج وليست هناك إمكانية للتأكد من صحتها، وخصوصا أن السيد المحافظ على الأملاك العقارية عندما يتوصل بمحررات مبرمة بالخارج ومذيلة بالصيغة التنفيذية فإنه يطمئن لذلك ويقيدها بالسجلات العقارية.
وهكذا فإن مسألة التذييل بالصيغة التنفيذية للعقود المبرمة بالخارج قد تكون مناطا للسطو على ممتلكات الغير العقارية منها بالخصوص، لذا وجب إعادة النظر في هذا الإجراء، إذ كيف لقاضي في محكمة ابتدائية معينة التأكد من سلامة وصحة وثيقة معدة من قبل موثق أجنبي مثلا والتحري من صدقيتها ، والأجدر هو تحويل هذا الاختصاص كإجراء قبلي على الأقل للقنصليات المغربية في الخارج خصوصا وأنها تكون ذات اختصاص في الدولة التي أنجز أو حرر العقد فوق ترابها الوطني[[19]]url:#_ftn19 ، وبعد القيام بهذا الإجراء عندها يمكن للمحكمة النظر في مدى مطابقة هذا العقد للنظام العام.
ثانيا: توحيد عقوبة التزوير بين المهنيين
قد عرف الباحثين التزوير بأنه قول الكذب او فعله، غير انه يجب التمييز بين الكذب في حد ذاته كرذيلة تحرمها الأديان وتذكرها المجتمعات، وبين صور الكذب المجرمة قانونا والتي تؤدي أو تهدد بإيذاء حقوق يحميها القانون وهي: التزوير بالقول؛ التزوير بالفعل؛ التزوير بالكتابة[[20]]url:#_ftn20 .
إذ أن أول عناصر جريمة التزوير هو أن يتم تغيير الحقيقة في محرر ويكون ذلك بطبيعة الحال باستبدال واقعة صحيحة بأخرى كاذبة[[21]]url:#_ftn21 ، وينص الفصل 352 من القانون الجنائي على انه "يعاقب بالسجن المؤبد كل قاض أو موظف عمومي وكل موثق أو عدل ارتكب، أثناء قيامه بوظيفته، تزويرا بإحدى الوسائل الآتية:
- وضع توقيعات مزورة؛
- تغيير المحرر أو الكتابة أو التوقيع:
- وضع أشخاص موهومين أو استبدال أشخاص بآخرين؛
- كتابة إضافية أو مقحمة في السجلات أو المحررات العمومية، بعد تمام تحريرها أو اختتامها."
فالموظف العمومي حسب الفصل الثاني من ظهير 24 فبراير [[23]]url:#_ftn23 1958 المتعلق بالقانون الأساسي للوظيفة العمومية -هو كل شخص يعين في وظيفة قارة ويرسم في إحدى رتب السلم الخاص بأسلاك الإدارة التابعة للدولة"، وهنا يتضح أن المحامي ليس موظف عمومي فهو يمارس مهنة حرة، وبالرجوع إلى الفصل 1-1591 المعدل والمتمم لمقتضيات الفصلين 353-352 من القانون الجنائي الخاص ينص "يعاقب بالعقوبات المقررة في الفصلين 352 353 من هذا القانون كل محام مؤهل قانونا لتحرير العقود ارتكب أحد الأفعال المنصوص عليها في هذين الفصلين".
وبالتالي فإنه في المجال الجنائي يندرج كل من الموظفين والعدول والمحامون في زمرة الموظفين العموميين ويتابعون بهذه الصفة لأنهم مكلفون بمصلحة ذات نفع عام[[24]]url:#_ftn24 ، ومن خلال ما سبق وجب خلق نوع من التلاؤم والتجانس بين مقتضيات هذا الفصل ومقتضيات المادة الرابعة من مدونة الحقوق العينية عن طريق توحيد عقوبة التزوير التي تلحق المختصين عن تزويرهم بشأن المحررات التي تهم المعاملات العقارية.
المطلب الثاني: السبل التنظيمية والعملية للتصدي لظاهرة الاستيلاء على عقارات الغير
مواكبة للإجراءات والتدابير التشريعية المتخذة للتصدي لظاهرة الاستيلاء على عقارات الغير، قد تم القيام بالعديد من الإجراءات الاستباقية من طرف المسؤولين لمواجهة ظاهرة الاستيلاء على عقارات الغير، منها ما هو تنظيمي (الفقرة الأولى)، ومنها ما هو عملي (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: السبل التنظيمية للتصدي لظاهرة الاستيلاء على عقارات الغير
هذه السبل تتمثل في كل من مدى دور الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية ومساهمتها في الحد من ظاهرة الاستيلاء (أولا)، وكذا دور النيابة العامة في التصدي لظاهرة الاستيلاء (تانيا).
أولا: دور الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية في التصدي لظاهرة الاستيلاء
تعتبر الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية[[25]]url:#_ftn25 أهم جهة مخول لها قانونا مسك جميع المعلومات المتعلقة بالعقارات، فهي تمارس مجموع الاختصاصات المخولة للسلطة العمومية بموجب النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل في ميدان تحفيظ الأملاك العقارية والمسح العقاري والخرائطية، كما تعتبر أداة وصل بين مت يدعي الملكية ويطلب تحفيظها، وبين من ينازع في هذه الملكية ويتعرض عليها[[26]]url:#_ftn26 .
ومن التدابير التي اتخذتها الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية للحد من ظاهرة الاستيلاء تذكر:
_ إنشاء بوابة إلكترونية من طرف الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية يتم من خلالها إشهار رقمي يخول للملاك المقيدين حق تتبع وضعية عقاراتهم من خلال الاطلاع على البيانات المسجلة بالرسوم العقارية دون مشقة التنقل للمحافظة العقارية، وقد يبدو ذلك وكأنه تخفيف من صرامة مقتضيات المادة الثانية من مدونة الحقوق العينية.
ويتعلق الأمر بإنشاء فضاء رقمي لتقديم خدماتها عبر شبكة الأنترنيت وهم خدمتي "محافظتي" و "الإشهار العقاري" فخدمة محافظتي هو تطبيق مجاني يمكن الملاك داخل المغرب وخارجه من تتبع وضعية رسومهم العقارية، أما خدمة الإشهار العقاري هي خدمة تمكن المواطنين داخل المغرب وخارجه من الاطلاع على جميع الإعلانات المنشورة بالجريدة الرسمية المتعلقة بمطالب التحفيظ والرسوم العقارية.
من بين التدابير التي عملت المحافظة على الأملاك العقارية على تفعيلها ، تمكين المحافظين من صلاحياتهم المنصوص عليها في ظهير التحفيظ العقاري ، كلما تعلق الأمر بمراقبة السندات المدلى بها من قبل المعنيين بالأمر تدعيما لطلبات التقييد ، خاصة إذا علمنا أن هذه السندات مزورة[[27]]url:#_ftn27 ، وهذا ما يتضح من خلال المذكرة[[28]]url:#_ftn28 التي وجهها المدير العام للوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطية إلى السادة المحافظين على الأملاك العقارية حيث جاء فيها "... حث المحافظين على الأملاك العقارية على رفض كل تقييد يتعلق بموضوع الاستيلاء على عقارات الغير متى كان هناك شك في صحة المعاملة ، مع ضرورة التسجيل في السجل التجاري كإجراء أولي كلما تعلق الأمر بتصرف عقاري للشركات المدنية العقارية يوجب التقييد في السجلات العقارية ".
_ بدل الكثير من الحرص في مراقبة السندات المؤيدة لطلبات الإيداع والتقييد بالسجلات العقارية بصفة عامة، خاصة تلك المملوكة للأجانب أو المغاربة المقيمين بالخارج[[29]]url:#_ftn29 .
التحري والبحث عن العقارات المهملة باعتبارها تشكل هدف محتملا للاستيلاء من طرف مافيا العقار. وهذا ما جاء في الرسالة[[30]]url:#_ftn30 التي وجهها وزير الداخلية إلى ولاة الجهات وعمال أقاليم المملكة، يحثهم فيها على القيام بجرد ميداني على كافة أقاليم وعمالات المملكة للعقارات المهملة التي يمكن أن تكون عرضة للاستيلاء، عن طريق عقد اجتماعات تنسيقية مع السادة المحافظين مع القيام بجرد ميداني للعقارات المذكورة[[31]]url:#_ftn31 ، حيث تم إحصاء 8299 عقار مهملا، منها 4037 عقار لديه رسوم عقارية ويدخل في خانة العقارات المهملة، وسن تدابير الحماية هاته العقارات من خلال وضع تنبيه خاص يتضمن عبارة "عقار مهمل" بالملف العقاري.
ثانيا: دور النيابة العامة في التصدي لظاهرة الاستيلاء على عقارات الغير
تعتبر النيابة العامة ولية وممتثلة المجتمع في الحفاظ على أمنه وضمان سلامته واستقراره، وهي بهذا يكون دورها فعالا في حماية الملكية العقارية، إلا أنها مدعوة للانخراط الجدي في التصدي لظاهرة الاستيلاء على عقارات الغير، وذلك باتخاذ مجموعة من الإجراءات، خاصة بعد الإصلاحات القضائية التي تروم النهوض بقطاع العدالة والتي توجت باستقلال مؤسسة النيابة العامة عن وزارة العدل وذلك بمقتضى القانون[[32]]url:#_ftn32 .
لهذا أكدت وزارة العدل والحريات من خلال بلاغها لمواجهة ظاهرة الاستيلاء على عقارات الغير على أنه يجب:
- دعوة النيابات العامة إلى تتبع الأبحاث الجارية بشأن قضايا الاستيلاء بالجزم والصرامة اللازمين، والحرص على تسريع وتيرتها والتنسيق مع مختلف المتدخلين في المجال لإضفاء الجودة والفعالية عليها.
- كلما تعلق الأمر بدعوى الزور الفرعي ينبغي الحرص على تبليغ النيابة العامة بذلك وتزويدها بمجموع الوثائق موضوع الطعن، ولو تعلق الأمر بتنازل المطعون ضده بالزور عن استعمال الوثيقة وسحبه لها، الأمر الذي يمكن أن يثني بعض المتلاعبين بأملاك الغير عن سلوكياتهم الماسة بالأمن العقاري عموما[[33]]url:#_ftn33 .
- وكذا دعوة النيابة العامة إلى التحلي بالحرص على التدخل في الدعاوى المدنية المرتبطة بالموضوع وكذا في ملفات العقود الأجنبية المتعلقة بتفويت عقارات الغير بالحزم والاهتمام البالغين[[34]]url:#_ftn34 .
-وفي الأخير يجب تعزيز صلاحية النيابة العامة في جرائم الاعتداء على الحيازة، وذلك بتخويلها الحق في اتخاذ الإجراءات التي تراها مناسبة لحماية الحيازة، بالرغم من أن المادتين 40 و49 من قانون المسطرة الجنائية[[35]]url:#_ftn35 ، لم يشيرا لأي نوع من الإجراءات التحفظية الممكن اتخاذها ولو على سبيل المثال.
الفقرة الثانية: السبل العملية للتصدي لظاهرة الاستيلاء على عقارات الغير
إضافة إلى السبل التنظيمية هناك إجراءات عملية هدفها التصدي لظاهرة الاستيلاء وتتجلى هذه السبل سواء على مستوى نظائر الرسوم العقارية ودورها في التصدي للظاهرة (أولا)، وكذلك على مستوى دور الجهات المكلفة بالتوثيق (ثانيا).
أولا: دور نظير الرسم العقاري في التصدي لظاهرة الاستيلاء على عقارات الغير
يشكل نظير الرسم العقاري ضمانة هامة لحماية الملكية العقارية خاصة في التصدي الظاهرة الاستيلاء، ويعتبر من أهم الوثائق التي تصدرها المحافظة العقارية ، حيث أن المحافظ عندما يصدر قرار بتحفيظ عقار معين ، يقوم بتحرير نظيرا للرسم العقاري الذي تم إنشائه ويضمن فيه كافة البيانات المتعلقة به والتي نص عليها الفصل 52 من ظهير التحفيظ العقاري[[36]]url:#_ftn36 المعدل بمقتضى القانون رقم 14.07، وكما أن الفصل 60 من نفس القانون ينص "يقوم المحافظ على الأملاك العقارية بنسخ كل بيان تم تقييده بالرسم العقاري في نضيره المقدم له ، ويشهد بمطابقة النظير للرسم العقاري" ، يتضح من خلال هذا الفصل أن المحافظ يقوم بنقل كافة بيانات الرسم العقاري إلى نظير الرسم العقاري بكيفية منتظمة، ويدلي السيد المحافظ بإمضائه ويضع خاتم المحافظة العقارية عليه ، ويسلمه لمالك الرسم العقاري، سواء كان منفردا أو من يفوض له بوكالة صحيحة، وإذا كان العقار مملوكا على الشياع يسلم النظير إلى الشخص المفوض له من قبل المالكين على الشياع أما باقي المالكين فليس لهم الحق في المطالبة إلا بشهادة عقارية.
ودور نظير الرسم العقاري يظهر في المذكرة التي وجهها المدير العام للوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطية إلى السادة المحافظين على الأملاك العقارية المؤرخة في 14 يناير 2016 بشأن الاستيلاء على عقارات الغير والتي نجد من ضمن مضامينها... تشجيع الملاك على سحب نظائر رسومهم العقارية ، وذلك للأهمية البالغة التي يكتسبها نظير الرسم العقاري والزامية الإدلاء به إلى المحافظ على الأملاك العقارية المعني بالنسبة للحقوق التي يقتضي إنشاؤها موافقة المالك المقيد الحائز للنظير تخت طائلة رفض التقييد المطلوب، مع لفت انتباهكم إلى إنه فيما يخص طلبات تسليم نظائر جديدة للرسوم العقارية يجب أن تكون مستوفية لكافة الشروط القانونية، سواء من حيث هوية وصفة وأهلية صاحب الطلب أو من حيث الوثائق المطلوبة وذلك وفقا لمقتضيات الفصول 89 و 101 و 102 و 103 من ظهير التحفيظ العقاري ..."
ويتضح من خلال هذه الرسالة أن سحب نظير الرسم العقاري يجعل أي تقييد يتعلق بنقل الملكية أو ترتيب حق عيني على عقار بموافقة المالك متعذر التقييد ذلك أنه حتى إذا تم تزوير العقد الناقل للملكية، فإن تقييده بالرسم العقاري الذي يعتبر وحده ناقل للملكية وفق الفصلين 66 و67 من ظ ت ع غير ممكن ما لم يتم الإدلاء بنظير الرسم العقاري[[37]]url:#_ftn37 .
وفي هذا الإطار يتم الإشارة إلى مظاهر حماية الملكية العقارية من خلال طلب تسليم نظير جديد في عدة حالات الضياع أو التلف أو السرقة، في هذه الحالات لا يتم قبوله من طرف الغير حتى ولو كان المشتري المستند إلى عقد البيع لم يتم تقييده لأن فتح هذا الباب سيؤدي إلى أضرار على صاحب الحق العيني والتي من شأنها أن تفسح المجال أمان من يستند على عقد مزور لسلوك مسطرة تسليم نظير رسم عقاري جديد وبلوغ هدفه الأساسي ألا وهو تقييد العقد بالرسم العقاري بعد تأسيس رسم عقاري جديد[[38]]url:#_ftn38 .
ومن أجل حماية الملكية العقارية من هذه الظاهرة، يجب دعم دور نظير الرسم العقاري من خلال إقرار أمرين وهما:
الأول: الاعتماد فقط على الوكالة الخاصة عندما يتعلق موضوعها أساسا بسحب نظير الرسم العقاري واستبعاد الوكالة العامة.
الثاني: إقرار رسمية هذه الوكالة الخاصة واستبعاد الوكالة العرفية على اعتبار أن هذه الأخيرة تطرح العديد من المشاكل خاصة فيما يتعلق بالتزوير.
تانيا: دور الجهات المكلفة بالتوثيق في حماية الملكية العقارية من ظاهرة الاستيلاء
يشكل نظام التوثيق ضمانة أساسية لحفظ الحقوق وفض المنازعات واستقرار المعاملات، ولما ازدادت الحاجة اليوم إلى ضمانات التوثيق نتيجة تشعب مناحي الحياة وسيادة التخصص والتقنية في كثير من الأمور، وتضخم الإجراءات المسطرية، حيث أصبح المتعاقد عاجزا عن استيفاء جملة هذه الإجراءات، مما كان لزاما الاستعانة بذوي الاختصاص في إبرام كثير من العقود لرفع هذه الحواجز وللإلمام بمعطيات عملية للتصرف المقدم عليه[[39]]url:#_ftn39 .
وآلية التوثيق هي آلية ناجعة وفعالة لحماية الملكية العقارية وتحصينها ولاسيما في مجال العقارات الغير محفظة التي تشكل نسبة كبيرة من الأراضي الخاضعة لنظام الملكية الخاصة، إذ قدم لهذه الأخيرة مجموعة من الخدمات بحيث ساهم في تثبيتها واستقرارها بواسطة محررات رسمية لا يمكن النيل منها إلا بسلوك مسطرة الطعن بالزور[[40]]url:#_ftn40 .
وتجدر الإشارة إلى أن مهمة التوثيق أسندها القانون الجهات مكلفة بذلك، ونخص بالذكر هنا فئة الموثقون المنظمين في قانون 32.09[[41]]url:#_ftn41 ، وفئة العدول والذين بدورهم تحدد اختصاصاتهم وواجباتهم في قانون 16.03 المتعلق بخطة العدالة[[42]]url:#_ftn42 ، وفئة المحامون المقبولون للترافع أمام محكمة النقض المنظمين بقانون 25.08[[43]]url:#_ftn43 ، إذا فهذه القوانين وكذلك المادة الرابعة من م. ح. ع قد أسندت اختصاص تحرير الوكالات والعقود ذات الصلة بالتصرفات العقارية، لذلك تم الحرص على سن وإقرار مجموعة من التدابير لإلزام كل فئة بالحرص الشديد على كل تلاعب للحد من ظاهرة الاستيلاء على عقارات الغير، ومن بين هذه التدابير نجد:
- تجهيز مكاتب المكلفين بتحرير التصرفات العقارية بكاميرات بغية التسجيل السمعي البصري أثناء عملية تحرير العقود بغية الرجوع إليها عند الاقتضاء[[44]]url:#_ftn44 ، وذلك من أجل محاربة كل تدليس أو غش أو تزوير.
لكن هذا الإجراء تمت مؤاخذته لمجموعة من الاعتبارات أبرزها:
- رفض الموثقين والعدول التدابير أعلاه لأنه يمس بحرية الأطراف، وهذا الأمر يتناقض مع المبادئ الأساسية التي أقرها الدستور لسنة 2011[[45]]url:#_ftn45 .
- كما أنه لا ننسى أن أغلب العقود يتم تحريرها بالأسواق العمومية من قبل بعض العدول في كثير من مناطق المغرب، الأمر الذي يصعب فيه اللجوء إلى هذه التقنية.
- إحداث مركز إلكتروني للأرشيف يخص العقود المبرمة من طرف الموثقين[[46]]url:#_ftn46 مع الحرص على اتخاذ التدابير الضرورية بشأن احتفاظ كتابات الضبط بنظائر من العقود المحررة من طرف المحامين وتسجيلها وترقيمها في سجل خاص معد لهذه الغاية[[47]]url:#_ftn47 .
- العدلان ملزمان من التحقق من مجموعة من البيانات وتضمينها، فإذا كان عقارا غير محفظ وجب تحديده تحديدا دقيقا مساحة وحدودا وموقعا، أما إذا كان عقارا محفظ فيجب الإشارة إلى رقم رسمه العقاري وكل التقييدات التي طرأت عليه؛ حتى لا يدع مجال للشك بشأنه.
المطلب الثالث: فعالية التدابير المتخذة من طرف المشرع وسبل تجاوز الاكراهات
إن المشرع المغربي قد اتخذ مجموعة من التدابير والإجراءات بهدف الحد من ظاهرة الاستيلاء على عقارات الغير، ليبقى السؤال هل هذه التدابير كانت لها نجاعة في الحد من هذه الظاهرة؟ (الفقرة الأولى)، لنتطرق في الأخير لمقترحات وتوصيات من شأنها الحد من ظاهرة الاستيلاء على عقارات الغير (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: مدى فعالية التدابير المتخذة من قبل المشرع للحد من ظاهرة الاستيلاء
مما لا شك فيه أن المشرع المغربي في العقود الأخيرة اتخذ مجموعة من التدابير سواء على مستوى التعديلات التشريعية التي جاء بها لسد الفراغات التشريعية، وكذلك قيامه بتدابير تنظيمية وعملية، حيث أن هذه التدابير قد أعطت مفعولها وسدت الخناق على مافيات السطو على عقارات الغير.
وأهم هذه التدابير هي الرسالة الملكية التي قام صاحب الجلالة بتوجيهها إلى وزير العدل والذي أمره فيها بوضع خطة عاجلة، وإنشاء لجنة تتكون من ممثلي القطاعات الحكومية والمهن القانونية والقضائية المعنية بهدف الحد من ظاهرة السطو، ومنذ ذلك الحين تم العمل على وضع تعديلات وتدابير من بينها:
-تعديل المادة الرابعة من مدونة الحقوق العينية بموجب قانون 69.16، والذي هدف إلى إدخال الوكالة ضمن المحررات التي يجب تحريرها بمحرر رسمي أو محرر ثابت التاريخ يحرره محامي مقبول للترافع أمام محكمة النقض، وكذلك تم القيام بوضع سجل خاص متعلق بالوكالات بكتابة الضبط للمحكمة الابتدائية، فمن الواضح أن هذه الإجراءات قد ساهمت من التخلص من أحد منافذ السطو ويتعلق الأمر بتزوير الوكالات، والتي كانت وسيلة في متناول مافيات العقار.
إلا أنه من باب آخر فتطبيق مضامين المادة طرح مشكلة غياب التناسق بين الصيغ القانونية ووحدتها في تفعيل مقتضيات الوكالات الخاصة، بكونها لا تتماشى مع الواقع العملي والقانوني المنظم في قانون 14.07 المتعلق بظهير التحفيظ العقاري والذي لم نلمس بين طيات صفحاته إقرار العمل بالوكالات الخاصة ليستوجب فيها شرطي الرسمية أو التاريخ الثابت، وإن كان كل ما يشترطه هو شرط الكتابة[[48]]url:#_ftn48 .
- مباشرة بعد تعديل المادة الرابعة، تم سد فراغ تشريعي يخص صلاحية السلطات القضائية المختصة من نيابة عامة وقضاة تحقيق وهيئة حكم، وذلك بمنحهم الأمر بمنع التصرف بأي عقار محل اعتداء وذلك بموجب قانون 32.18 المتعلق بتعديل المسطرة الجنائية، حيث أن هذا الإجراء جاء في ظل العدد الكبير من الشكاوى التي وردت على الديوان الملكي من طرف مواطنين بشأن تنامي ظاهرة الاستيلاء على عقارات الغير.
- إضافة إلى هاته الإجراءات التي أثبتت فعاليتها هناك إجراءات أخرى قام بها المشرع والتي بدورها أبانت على فعاليتها، ويتعلق الأمر بإنشاء منصات إلكترونية ويتعلق الأمر بتطبيق "محافظتي" وكذلك الإشهار الرقمي وتتجلى فعاليتهم في تسهيل عملية مراقبة وتتبع الملاك لعقاراتهم بشكل سريع وسهل، إضافة إلى إشعارهم بمجرد إنشاء تقييد على سجلهم العقاري.
- ويبقى كذلك إجراء توحيد عقوبة التزوير على كل المهنيين بما في ذلك المحامي ، الذي أسندت إليه مهمة حساسة بتحرير الوكالة ، فإجراء إخضاعه لنفس عقوبات الموثقين والعدول يبقى إجراء صائب لكون هذا الأخير قد يتلاعب بتزوير الوكالات ، أو أن يعطي خاتمه لمحامين آخرين ، وفي الأخير فكل ما يمكن القول عن هاته الإجراءات والتدابير المتخذة من قبل المشرع والتدابير الأخرى قد حدث نوعا ما من هذه الظاهرة وأثبتت فعاليتها ، لكن تبقى هاته الإجراءات وحدها ليست كافية للحد من هذه الظاهرة ، لذا يجب على المشرع إعادة النظر في مجموعة النصوص والإجراءات لزيادة الحماية للملكية العقارية.
الفقرة الثانية: بعض المقترحات والتوصيات للحد من ظاهرة الاستيلاء على عقارات الغير
بعد تطرقنا لمدى فعالية التدابير المتخذة من قبل المشرع المغربي للحد من ظاهرة الاستيلاء على عقارات الغير، سنحاول أن نورد بعض المقترحات والتوصيات التي يجب على المشرع الاسراع والعمل عليها لزيادة الحماية للملكية العقارية ببلادنا ومن بين المقترحات نذكر:
تعديل المادة الثانية من مدونة الحقوق العينية: اعتقد المشرع المغربي أنه وجد الحل السحري من خلال الفقرة الثانية من م ح ع، بل فتح بابا وزاد الطين بلة، لكون هذه الأخيرة تشكل أحد منافذ السطو والاستيلاء على عقارات الغير، لكونها تثير عديدا من الإشكالات منها:
أولا: الأمر الخطير فيها هو أن المشرع حدد أجل أربعة سنوات كأجل لممارسة الدعوى منذ تاريخ التقييد وليس من تاريخ العلم، ليضرب عرض الحائط حق الملكية الذي يحميه ويضمنه الدستور لكل فرد من خلا الفصل 35 منه، لنخلص أن الفقرة الثانية من مدونة الحقوق العينية تبقى غير دستورية إذ تفرغ حق الملكية من محتواه، بحيث سيصح في حالة وحيدة بالاعتداء على هذا الحق وبالقانون، وهي نزع الملكية من أجل المنفعة العامة[[49]]url:#_ftn49 .
ثانيا: والأمر الغريب التي تطرحه هاته المادة هي وجودها ضمن مواد قانون مدونة الحقوق العينية فذة المدونة تتعلق بالعقار المحفظ وفي طور التحفيظ والغير محفظ، خلافا للظهير الملغى 1915.06.2 الذي كان يطبق على العقار المحفظ فقط والذي كانت تجد مبررا نسبيا في توجدها فيه، لكن الآن فمن الأجدر أن تكون في ظهير التحفيظ العقاري وبالضبط في الباب المتعلق بالتقييدات[[50]]url:#_ftn50 .
- تعديل وتتميم ظهير 2 مارس 1973 والنص تشريعا على امتلاك الدولة للأراضي والدور المهملة.
- ضرورة تنسيق الموثقين والعدول والمحافظين مع مديرية أملاك الدولة الخاصة في كل تفويت يهم ملكا لها أو في ملكية أجنبي في غياب التنسيق المطلوب قد يتم تقييد بيوع في اسم الغير لأملاك الدولة، وعلى العكس من ذلك قد يتم تفادي وقوع بيوع لأملاك أخرى، ولهذا نظرا لوجود مندوبيات لأملاك الدولة منتشرة عبر تراب المملكة فلا بأس من وجود اتصال بين الأطراف التي قد تجد نفسها معنية بتفويت مثل هذه العقارات[[51]]url:#_ftn51 .
- ضرورة النص قانونا على إشهار كل تفويت عقاري؛
- إدخال طريق الطعن بإعادة النظر في مسطرة التحفيظ القضائية، وهنا يجب على المشرع أن ينهج نفس الاتجاه الذي سلكه بخصوص العقارات المحبسة.
- إعادة النظر في رسم استمرار الملك وتصحيح الحدود أو مطابقة الحدود؛
- ضرورة التفكير في إجراءات العمل بالبصمة إضافة إلى التوقيع.
بعد الغوص في هذا الموضوع الشائك ومحاولة الإحاطة به سواء في شقه المتعلق بتشخيص ظاهرة الاستيلاء على عقارات الغير وكذلك بخصوص تدابير والإجراءات التصدي لها، وبما أننا في زمن الفيروسات فظاهرة الاستيلاء كذلك فيروس يصعب التغلب عليه لكونها سريعة التفشي وتنتشر بشكل سريع وبطرق يصعب التنبؤ لها، نظرا لخبرة المسئولين على عقارات الغير في اكتشافهم للثغرات القانونية واستحداثهم لوسائل جديدة يصعب على القانون معرفتها، وكذلك من الأسباب قصور النصوص القانونية الشيء الذي يجعل هذه الظاهرة مستمرة.
ومهم يكن لا يمكن إنكار مجهودات المشرع الذي لم يقف مكتوف الأيدي، بل سعى جاهدا من أجل الوقوف ندا لهذا الفيروس بجميع إمكانياته، لكنها تبقى مجهودات محتشمة وغير كافية ويشوبها النقص.
وكل ما يمكننا القول عن هذه الظاهرة أنا مستمرة ولا يمكن القضاء عليها نهائيا، طالما لم يرقى القانون إلى مستوى التنبؤ بالحالات والوسائل المتجددة والمستخدمة في الاستيلاء، ليطور آليته في التصدي لها.
وفي الأخير لابد من تقديم مقترحات إضافية لتعزيز السبل الحمائية وهي:
- يجب على المشرع المغربي التنصيص على المتابعة الجنائية للذين استفادوا من التحفيظ عن طريق التزوير إعادة النظر في مسألة التذييل بالصيغة التنفيذية؛
- وخصوصا خلق حملات تحسيسية بالموضوع التعامل بمرونة مع الفصل 29 من ظ ت ع عندما يتعلق الأمر بأحد أفراد الجالية المغربية المقيمة بالخارج، خصوصا وأن هناك من المحاكم من يعتبر التواجد خارج المغرب لا يعد سببا وجيها لقبول التعرض خارج الأجل.
لائحة المراجع:
الكتب:
- الدكتور عبد الواحد العلمي، "شرح القانون الجنائي الخاص"، مطبعة النجاح الطبعة الخامسة، الجزء الأول.
- الشمانتي الهواري عبد السلام، "الحماية القضائية لعقارات الأجانب من الاستيلاء "، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط.
- صالح الهمام " أحكام نظير الرسم العقاري في القانون المغربي ودوره في حماية الملكية العقارية "، مطبعة ووراقة الوطنية، مراكش، الطبعة الأولى 2017.
- عبد العاطي بومهدي، "الاستيلاء على الأملاك العقارية غير المحفظة"، رسالة لنيل دبلوم الماستر في قانون العقود والعقار، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة محمد الأول وجدة، سنة 2018-2017.
- عائشة أمغار "الإستيلاء على عقارات الغير وأثره على الأمن العقاري"، رسالة لنيل دبلوم الماستر في الدراسات القانونية والعقارية، جامعة القاضي عياض كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية مراكش، سنة 2017-2018.
- إدريس الفاخوري، "ظاهرة الاستيلاء على عقارات الغير الأسباب وسبل التصدي"، قراءة على ضوء الرسالة الملكية المؤرخة في دجنبر 2016، مقال منشور في موقع cieersjo maتاريخ الاطلاع 23-09-2024.
- إدريس الفاخوري "ظاهرة الاستيلاء على عقارات الغير: الأسباب وسبل التصدي"، مقال منشور ضمن سلسلة المعارف القانونية والقضائية، مؤلف جماعي بعنوان " الاستيلاء على عقارات الغير والإسترجاع منشورات مجلة الحقوق، الإصدار 62-2018 دار النشر والمعرفة، مطبعة المعارف الجديدة الرباط طبعة 2018.
- عبد الكريم الحكماوي، "قراءة المذكرة رقم 20 الصادرة عن المحافظ العام بشأن "الوكالات العرفية والوكالات الخاصة الرسمية "، مقال منشور على موقع http||aljami3a.com | 868 تاريخ الاطلاع 23-09-2024.
- أسماء كجي، أمل ملاحي، "حماية حق الملكية العقارية في التشريع المغربي، التدابير التشريعية والآفاق المستقبلية"، مقال منشور بمجلة الأطلس للدراسات الفقهية والقانونية والاقتصادية والقضائية، العدد الأول.
- عمر أزوكار، أثناء مداخلته في برنامج "مواطن اليوم" بقناة ميدي أن تيقي يناقش موضوع ظاهرة الاستيلاء على عقارات الغير وسبل التصدي، منشور بالموقع الالكترني www.youtub.com تاریخ الاطلاع 2024/04/15 على الساعة 15:30.
- جواد لكريوز، عزيز الشمين"، "رضى" لصبهاني"، "الضمانات القانونية لحماية عقارات الغير من ظاهرة الاستيلاء"، بحث لنيل دبلوم الإجازة في القانون الخاص، جامعة القاضي عياض مراكش، 2016-2015.
- عبد العالي حفيظ، "الرقابة القضائية على صحة المحررات العدلية"، مقال منشور بمجلة القضاء المدني، العدد الثاني، السنة الأولى.
- عادل قبايل، " الاستيلاء على عقارات الغير بين النصين الفقهي والقانوني "، مقال منشور بمجلة المنازعات والنظم الإجرامية.
- محمد الزكراوي، " تقاطع المادة الرابعة من قانون 16.69 المتمم لأحكام مدونة الحقوق العينية وأحكام التحفيظ العقاري"، مقال منشور بموقع www.maroclaw.com) تاريخ الإطلاع 16-06-2020.
- يوسف مرصود "عندما يخرف المشرع ... قراءة في المادة الثانية من م ح ع"، مقال منشور بموقع، www.marocdroit.com تاريخ الاطلاع 23-05-2024.
- السباغي مبارك “قراءة للمادة الثانية من مدونة الحقوق العينية"، مقال منشور في موقع https//assabah.ma تاريخ الاطلاع 30-04-2024.
[[1]]url:#_ftnref1 عبد العاطي بومهدي، "الاستيلاء على الأملاك العقارية غير المحفظة"، رسالة لنيل دبلوم الماستر في قانون العقود والعقار، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة محمد الأول وجدة، سنة 2018-2017، ص: 1.
[[2]]url:#_ftnref2 سورة الفجر الآية 19و 20.
[[3]]url:#_ftnref3 إدريس الفاخوري، "ظاهرة الاستيلاء على عقارات الغير الأسباب وسبل التصدي"، قراءة على ضوء الرسالة الملكية المؤرخة في دجنبر 2016، مقال منشور في موقع cieersjo maتاريخ الاطلاع 23-09-2024.
[[4]]url:#_ftnref4 الظهير الشريف رقم 50-1-1 صادر في 8 ذي الحجة 1438 الموافق ل 30 غشت 2017 بتنفيذ القانون 16-69 القاضي بتتميم المادة 4 من القانون 08-39 المتعلق بمدونة الحقوق العينية الصادر بالجريدة الرسمية عدد 6604 بتاريخ 14 شتنبر 2011 ص: 5068.
[[5]]url:#_ftnref5 تم تغير أحكام الفقرة الأولى من المادة 4 بمقتضى الظهير الشريف رقم 1.24.39 صادر في 2 صف ر 1446 (7) أغسطس (2024) بتنفيذ القانون رقم 41.24 القاضي بتغيير المادة 4 من القانون رقم 39.08 المتعلق بمدونة الحقوق العينية، الجريدة الرسمية عدد 7328 بتاريخ 17 صفر 1446 (22) أغسطس 2024، ص 5362.
[[6]]url:#_ftnref6 عائشة أمغار "الإستيلاء على عقارات الغير وأثره على الأمن العقاري"، رسالة لنيل دبلوم الماستر في الدراسات القانونية والعقارية، جامعة القاضي عياض كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية مراكش، سنة 2017-2018، ص: 101.
[[7]]url:#_ftnref7 بلاغ وزارة العدل والحريات في بوابتها الإلكترونية بشأن المادة 4 من مدونة الحقوق العينية بتاريخ 14 أكتوبر 2017.
[[8]]url:#_ftnref8 مذكرة المحافظ العام عدد 20 صادر بتاريخ 21 شتنبر 2017 في شأن تتميم المادة 4 من مدونة الحقوق العينية وفق القانون رقم 69-16.
[[9]]url:#_ftnref9 إدريس الفاخوري "ظاهرة الاستيلاء على عقارات الغير: الأسباب وسبل التصدي"، مقال منشور ضمن سلسلة المعارف القانونية والقضائية، مؤلف جماعي بعنوان " الاستيلاء على عقارات الغير والإسترجاع منشورات مجلة الحقوق، الإصدار 62-2018 دار النشر والمعرفة، مطبعة المعارف الجديدة الرباط طبعة 2018، ص: 26.
[[10]]url:#_ftnref10 عبد الكريم الحكماوي، "قراءة المذكرة رقم 20 الصادرة عن المحافظ العام بشأن "الوكالات العرفية والوكالات الخاصة الرسمية "، مقال منشور على موقع http||aljami3a.com | 868 تاريخ الاطلاع 23-09-2024.
[[11]]url:#_ftnref11 قانون رقم 18-31 القاضي بتغيير وتتميم الظهير الشريف الصادر في 9 رمضان 1321 (12) أغسطس (1918)، بمثابة قانون الإلتزامات والعقود، الصادر في عدد 6807 من الجريدة الرسمية في 26 غشت 2019، ص: 585
[[12]]url:#_ftnref12 أسماء كجي، أمل ملاحي، "حماية حق الملكية العقارية في التشريع المغربي، التدابير التشريعية والآفاق المستقبلية"، مقال منشور بمجلة الأطلس للدراسات الفقهية والقانونية والاقتصادية والقضائية، العدد الأول، ص: 111.
[[13]]url:#_ftnref13 ادريس الفاخوري، "ظاهرة الاستيلاء على عقارات الغير، الواقع وسبل التصدي "، مرجع سابق.
[[14]]url:#_ftnref14 قانون رقم 32.18 يقضي بتغيير وتتميم القانون رقم 22.01 المتعلق بالمسطرة الجنائية الصادر بتنفيذ الظهير الشريف رقم 1.10.255 بتاريخ 25 من رجب 1423, 3 أكتوبر 2002
[[15]]url:#_ftnref15 عائشة أمغار، "الاستيلاء على عقارات الغير وأثره على الأمن العقاري"، مرجع سابق، ص: 117.
[[16]]url:#_ftnref16 عبد العاطي بومهدي، "الاستيلاء على الأملاك العقارية غير المحفظة"، مرجع سابق، ص: 95.
[[17]]url:#_ftnref17 عمر أزوكار، أثناء مداخلته في برنامج "مواطن اليوم" بقناة ميدي أن تيفي يناقش موضوع ظاهرة الاستيلاء على عقارات الغير وسبل التصدي، منشور بالموقع الإلكترني www.youtub.com تاریخ الإطلاع 2024/04/15 على الساعة 15:30.
[[18]]url:#_ftnref18 حكم عدد 09/1156 في الملف عدد 1/19/1156، أورده عبد العاطي بومهدي، "الاستيلاء على الأملاك العقارية غير المحفظة"، مرجع سابق، ص: 95.
[[19]]url:#_ftnref19 إدريس الفاخوري، ظاهرة "الاستيلاء على عقارات الغير الأسباب وسبل التصدي"، مرجع سابق، ص: 07
[[20]]url:#_ftnref20 عائشة أمغار، "الاستيلاء على عقارات الغير وأثره على الأمن العقاري"، مرجع سابق، ص: 107
[[21]]url:#_ftnref21 الدكتور عبد الواحد العلمي، "شرح القانون الجنائي الخاص"، مطبعة النجاح الطبعة الخامسة، الجزء الأول، ص: 167.
[[22]]url:#_ftnref22 إدريس الفاخوري، مرجع سابق، ص: 07.
[[23]]url:#_ftnref23 ظهير شريف 008-58-1 بتاريخ 4 شعبان 1377 (24) فبراير (1958) بشأن النظام الأساسي للوظيفة العمومية.
[[24]]url:#_ftnref24 عبد العاطي بومهدي، مرجع سابق، ص: 95
[[25]]url:#_ftnref25 تم إحداث الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطية بموجب قانون 00.58 الصادر بتنفيذ الظهير الشريف 1.02.125 الصادر في فاتح ربيع الأخير 13 يونيو (2002) الجريدة الرسمية عدد 5032 بتاريخ 22 غشت 2002.
[[26]]url:#_ftnref26 مصطفى مهوي محمد محمدي، "ظاهرة الاستيلاء على عقارات الغير، الواقع وسبل التصدي"، بحث نيل دبلوم الإجازة الأساسية في القانون الخاص، جامعة مولاي إسماعيل مكناس، كلية متعددة التخصصات، السنة الجامعية 2017/2018، ص: 36.
[[27]]url:#_ftnref27 عائشة أمغار، "الاستيلاء على عقارات الغير وأثره على الأمن العقاري"، مرجع سابق، ص: 122.
[[28]]url:#_ftnref28 المذكرة عدد 00506 المؤرخة في 14 يونيو 2016 في شأن الاستيلاء على عقارات الغير.
[[29]]url:#_ftnref29 مذكرة المحافظ العام الموجهة للسادة المحافظين بتاريخ 17 يناير 2017 في شأن الاستيلاء على عقارات الغير.
[[30]]url:#_ftnref30 رسالة السيد وزير الداخلية عدد 2011 المؤرخة في 8 فبراير 2017 حول التصدي لأفعال الاستيلاء.
[[31]]url:#_ftnref31 جواد لكريوز، عزيز الشمين"، "رضى" لصبهاني"، "الضمانات القانونية لحماية عقارات الغير من ظاهرة الاستيلاء"، بحث لنيل دبلوم الإجازة في القانون الخاص، جامعة القاضي عياض مراكش، 2016-2015، ص: 49.
[[32]]url:#_ftnref32 مصطفى مهوي، محمد محمدي، "ظاهرة الاستيلاء على عقارات الغير الواقع وسبل التصدي"، مرجع سابق، ص 41.
[[33]]url:#_ftnref33 ادريس الفاخوري، مرجع سابق، ص: 9.
[[34]]url:#_ftnref34 جواد لكريوز، عزيز" الشمين"، " رضي لصباحي"، "الضمانات القانونية لحماية عقارات الغير من ظاهرة الاستيلاء"، مرجع سابق، ص: 50.
[[35]]url:#_ftnref35 الظهير الشريف رقم 1.02.255 الصادر في 25 من رجب 1423 (3) أكتوبر (2002) بتنفيذ القانون رقم 22.01 المتعلق بالمسطرة الجنائية، الجريدة الرسمية عدد 5078 بتاريخ 27 ذي القعدة 1423 (30 يناير 2003)، ص: .10
[[36]]url:#_ftnref36 ينص الفصل 52 من ظ ت ع "كل تحفيظ يقتضي من المحافظ على الأملاك العقارية تأسيس رسم عقاري يجب أن يتضمن لزوما:
1 وصفا مفصل للعقار مع حدوده وبيان الأملاك المجاورة والملاصقة له ونوعه ومساحته؛
2 الاسم الشخصي والعائلي للمالك ومحل سكناه وحالته المدنية وجنسيته وإن اقتضى الحال اسم الزوج والنظام المالي للزواج أو كل اتفاق تم طبقا لمقتضيات المادة 39 من مدونة الأسرة، ويتضمن في حالة الشياع نفس البيانات المذكورة أعلاه بالنسبة لكل شريك مع التنصيص على نصيب كل واحد منهم. وإذا كان المالك شخصا اعتباريا فيجب بيان تسميته وشكله القانوني ومقره الاجتماعي وكذا ممثله القانوني
3 الحقوق العينية العقارية المترتبة على العقار.
يحمل هذا الرسم العقاري رقما ترتيبيا واسما خاصا به ويبقى تصميم العقار ملحقا به".
1 وصفا مفصل للعقار مع حدوده وبيان الأملاك المجاورة والملاصقة له ونوعه ومساحته؛
2 الاسم الشخصي والعائلي للمالك ومحل سكناه وحالته المدنية وجنسيته وإن اقتضى الحال اسم الزوج والنظام المالي للزواج أو كل اتفاق تم طبقا لمقتضيات المادة 39 من مدونة الأسرة، ويتضمن في حالة الشياع نفس البيانات المذكورة أعلاه بالنسبة لكل شريك مع التنصيص على نصيب كل واحد منهم. وإذا كان المالك شخصا اعتباريا فيجب بيان تسميته وشكله القانوني ومقره الاجتماعي وكذا ممثله القانوني
3 الحقوق العينية العقارية المترتبة على العقار.
يحمل هذا الرسم العقاري رقما ترتيبيا واسما خاصا به ويبقى تصميم العقار ملحقا به".
[[37]]url:#_ftnref37 محمد مهوي، مرجع سابق، ص: .46
[[38]]url:#_ftnref38 صالح الهمام " أحكام نظير الرسم العقاري في القانون المغربي ودوره في حماية الملكية العقارية "، مطبعة ووراقة الوطنية، مراكش، الطبعة الأولى 2017، ص: 107.
[[39]]url:#_ftnref39 عبد العالي حفيظ، "الرقابة القضائية على صحة المحررات العدلية"، مقال منشور بمجلة القضاء المدني، العدد الثاني، السنة الأولى، ص: 26.
[[40]]url:#_ftnref40 مصطفى مهوي، محمد محمدي، مرجع سابق، ص 48
[[41]]url:#_ftnref41 ظهير شريف رقم 1.11.179 صادر في 25 ذي الحجة 1432 (22) نوفمبر (2011)، بتنفيذ القانون رقم 32.09 المتعلق بتنظيم مهنة التوثيق، منشور بالجريدة الرسمية عدد 5998 بتاريخ 24 نوفمبر 2011.
[[42]]url:#_ftnref42 ظهير شريف رقم 1.06.56 صادر في 15 محرم 1427 (14) فبراير (2006)، بتنفيذ القانون رقم 16.03 المتعلق بخطة العدالة بالجريدة الرسمية عدد 5400 بتاريخ فاتح صفر 1427 (2) مارس (2006)، ص: 556
[[43]]url:#_ftnref43 ظهير شريف رقم 1.08.101 صادر في 20 أكتوبر 2008 بتنفيذ القانون رقم 25.08 بتعديل القانون المنظم المهنة المحاماة والمنشور بالجريدة الرسمية عدد 5680 بتاريخ 06 نوفمبر 2008، ص 40 الى 44.
[[44]]url:#_ftnref44 إدريس الفاخوري، مرجع سابق، ص 11.
[[45]]url:#_ftnref45 عبد العاطي بومهدي، مرجع سابق، ص 100
[[46]]url:#_ftnref46 عادل قبايل، " الاستيلاء على عقارات الغير بين النصين الفقهي والقانوني "، مقال منشور بمجلة المنازعات والنظم الإجرامية، ص: 36.
[[47]]url:#_ftnref47 البلاغ الصادر عن وزارة العدل والحريات بتاريخ 17 فبراير 2017، منشور بالموقع الرسمي للوزارة تاريخ الاطلاع 15 يونيو 2024 www.justice.gov.ma.
[[48]]url:#_ftnref48 محمد الزكراوي، " تقاطع المادة الرابعة من قانون 16.69 المتمم لأحكام مدونة الحقوق العينية وأحكام التحفيظ العقاري"، مقال منشور بموقع www.maroclaw.com) تاريخ الإطلاع 16-06-2020.
[[49]]url:#_ftnref49 يوسف مرصود "عندما يخرف المشرع ... قراءة في المادة الثانية من م ح ع"، مقال منشور بموقع، www.marocdroit.com تاريخ الاطلاع 23-05-2024.
[[50]]url:#_ftnref50 السباغي مبارك “قراءة للمادة الثانية من مدونة الحقوق العينية"، مقال منشور في موقع https//assabah.ma تاريخ الاطلاع 30-04-2024.
[[51]]url:#_ftnref51 الشمانتي الهواري عبد السلام، "الحماية القضائية لعقارات الأجانب من الاستيلاء "، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط، ص: 30



الدكتوراه في قانون العقود والعقار ـ إشراف الدكتور إدريس الفاخوري
الحد من ظاهرة الاستيلاء على عقارات الغير وسؤال الفعالية؟


