صدر وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان والعلاقات مع البرلمان، السيد المصطفى الرميد مذكرة توضيحية بشأن مشروع قانون رقم 10.16 يقضي بتغيير وتتميم مجموعة القانون الجنائي جاءت كما يلي: لقد سبق للحكومة أن أحالت منذ تاريخ 24 يونيو 2016 مشروع قانون رقم 10.16 يقضي بتغيير وتتميم مجموعة القانون الجنائي على مجلس النواب، بيد أن مسار دراسته والتصويت عليه عرف تعثرا كبيرا، لذلك ترمي هذه المذكرة التوضيحية بشأن هذا المشروع إلى التذكير بالسياق العام لإعداده (أولا) وإبراز مرتكزاته (ثانيا) وأهم مستجداته (ثالثا)، قبل التطرق لأهم المراحل التي ميزت مسار دراسته بالبرلمان (رابعا).
أولا: السياق العام لإعداد مشروع القانون
خلال الولاية التشريعية التاسعة ، وبناء على استشارات موسعة مع مختلف الفاعلين في المجال الحقوقي والقانوني ، قامت وزارة العدل والحريات بإعداد مسودة متكاملة لتعديل مجموعة القانون الجنائي، تساير التطور الحقوقي الكبير الذي عرفته بلادنا خاصة بعد اعتماد دستور 2011، وما رافقه من إصلاحات تشريعية ومؤسساتية ترتبط بإعمال مقتضيات الدستور والوفاء بالالتزامات الدولية في مجال حقوق الانسان ومجال مكافحة الجريمة، فضلا عن متابعة تنفيذ توصيات هيئة الانصاف والمصالحة والتوصيات المنبثقة عن الهيئة العليا للحوار الوطني لإصلاح منظومة العدالة التي أكدت على أن مراجعة وتطوير القانون الجنائي يعد من المرتكزات الأساسية للإصلاح الشامل للعدالة الوطنية.
وبالنظر لضيق الزمن التشريعي الذي تزامن مع قرب نهاية الولاية التشريعية السابقة، ولما أثارته عدة مواد من مسودة مشروع القانون المذكور من خلافات مجتمعية عميقة، فقد تعذر اعتماد المشروع ككل وعرضه على البرلمان، لاسيما وأن ذلك تزامن مع تنزيل القانونين التنظيميين المتعلقين بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية وبالنظام الأساسي للقضاة، وهو ما اقتضى آنذاك الاقتصار على تقديم مشروع القانون رقم 10.16 الذي يهدف إلى تنزيل أحكام الدستور وتنفيذ مضامين ميثاق اصلاح منظومة العدالة فضلا عن الاستجابة للالتزامات الدولية للمملكة في مجال مكافحة الجريمة وتعزيز حقوق الانسان.
ثانيا: مرتكزات مشروع القانون
لقد جاء هذا المشروع لتنفيذ أحكام الدستور الذي جدد التزام المملكة بحماية منظومة حقوق الإنسان كما هي متعارف عليها عالميا ومنظومة القانون الدولي الإنساني، ومن أهم الالتزامات التي جدد الدستور التأكيد عليها:
-حظر ومكافحة كل أشكال التمييز، بسبب الجنس أو اللون أو المعتقد أو الثقافة أو الانتماء الاجتماعي أو الجهوي أو اللغة أو الإعاقة أو أي وضع شخصي، مهما كان (التصدير)؛
-حماية السلامة الجسدية للمواطنين وتجريم التعذيب (الفصل 22)؛
-تجريم الاعتقال التعسفي والاختفاء القسري وحظر التحريض على العنصرية أو الكراهية أو العنف وتجريم الإبادة وغيرها من الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب وكافة الانتهاكات الجسيمة والممنهجة لحقوق الانسان (الفصل 23)؛
-تقوية الحماية القانونية والقضائية لحقوق الأفراد (الفصل 23 و 119) ؛
-دعم النزاهة والشفافية وتجريم تنازع المصالح واستغلال التسريبات المخلة بالتنافس النزيه والانحرافات الماسة بالمال العام (الفصل 36)؛
كما أن هذا المشروع عمل على تجسيد الاتفاقيات الدولية التي انخرطت فيها المملكة والتي تقتضي المزيد من ملاءمة مجموعة القانون الجنائي لمقتضياته، والتي كانت بعضها محل توصيات أو ملاحظات من بعض آليات الأمم المتحدة التي جاءت في سياق التفاعل الإيجابي للمملكة مع أجهزة الأمم المتحدة سواء المعنية بحقوق الإنسان أو بمنع الجريمة. ومن بين أهم تلك الاتفاقيات يمكن الإشارة إلى :
✓ الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري لسنة 1965؛-
✓ العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لسنة 1966؛
✓ اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة لسنة 1979؛
✓ اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملات أو العقوبات القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة لسنة 1984؛
✓ اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل لسنة 1989 والبروتوكول الملحق بها المتعلق ببيع الأطفال وبغاء الأطفال واستغلال الأطفال في المواد الإباحية لسنة 2006؛
✓ الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري لسنة 2006؛
✓ اتفاقيات جنيف الأربعة حول القانون الدولي الإنساني لسنة 1949؛
✓ النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية لسنة 1998؛
✓ اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية والبروتوكولين الملحقين بها المتعلقين بمنع وقمع الاتجار بالأشخاص خاصة النساء والأطفال وبتهريب المهاجرين عن طريق البحر والبر لسنة 2000؛
✓ اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد لسنة 2003؛
كما ارتكز هذا المشروع على التوجيهات الملكية السامية، ومن بينها تلك المضمنة في خطاب جلالة الملك محمد السادس بتاريخ 20 غشت 2009 بمناسبة الذكرى 56 لثورة الملك والشعب، حيث أكد حفظه الله على: "...تحديث المنظومة القانونية، ولاسيما ما يتعلق منها بمجال الأعمال والاستثمار وضمان شروط المحاكمة العادلة.." و " تطوير الطرق القضائية البديلة، كالوساطة والتحكيم والصلح، والأخذ بالعقوبات البديلة وإعادة النظر في قضاء القرب.".
ومن جهة أخرى، فإن هذا المشروع جاء لتفعيل توصيات الميثاق الوطني حول إصلاح منظومة العدالة، لاسيما تلك المتعلقة بتنفيذ الهدف الرئيسي الثالث المتعلق بتعزيز حماية القضاء للحقوق والحريات والذي لا يتأتى إلا بمراجعة السياسة الجنائية وبإصلاح سياسة التجريم والعقاب، حيث ورد في الميثاق المذكور ما يلي: " يرتبط تعزيز حماية القضاء للحقوق والحريات بمراجعة السياسة الجنائية وبإصلاح سياسة التجريم والعقاب، بدءا من ملائمة القانون الوطني مع الدستور والاتفاقيات الدولية الخاصة بمنع الجريمة وبحقوق الإنسان، وانتهاء باتخاذ تدابير تشريعية لضمان المحاكمة العادلة، والارتقاء بأداء العدالة الجنائية".
ومن بين التوصيات التي تم التأكيد عليها لبلوغ ذلك نذكر على سبيل المثال ما يلي:
-التوصية رقم 59: ملائمة القوانين الزجرية الوطنية مع أحكام الدستور ومبادئ الاتفاقيات الدولية المتعلقة بمكافحة الجريمة وبحقوق الإنسان، المصادق عليها والمنشورة؛
- التوصية رقم 64: تعزيز حماية الأحداث الموجودين في نزاع مع القانون أو ضحية جريمة، وتوسيع الحماية القانونية للأحداث الموجودين في وضعية صعبة، بما يحقق مصلحتهم الفضلى، استكمالا لملائمة التشريعات الوطنية مع المعايير الدولية لحقوق الطفل.
-التوصية رقم 65: نزع التجريم عن بعض الأفعال والبحث عن حلول لها خارج المنظومة الزجرية؛
-التوصية رقم 69: إقرار بدائل للعقوبات السالبة للحرية.
-التوصية 89: وضع آلية لمراقبة الخبرات والشواهد الطبية لتعزيز مصداقيتها.
كما تجدر الإشارة كذلك الى التوصية رقم 42 الواردة ضمن الهدف المتعلق بتعزيز اليات الجزاء لضمان نزاهة وشفافية منظومة العدالة، والتي نصت على "تتبع ومراقبة الثروات والتصريح بالممتلكات، مع الأخذ بعين الاعتبار، إذا اقتضى الأمر مظاهر الثراء الذي لا يتناسب مع الدخل المشروع للمعني بالأمر، مراعاة ضمانات يحددها القانون".
كما تحتل نتائج المشاورات الوطنية التي أمر بها جلالة الملك بشأن الإجهاض مكانة بارزة كأحد أهم المرتكزات التي تم الاستناد إليها في مراجعة مجموعة القانون الجنائي، حيث استقبل حفظه الله وزيري العدل والحريات وكذا ووزير الأوقاف والشؤون الإسلامية ورئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان وأصدر توجيهاته السامية قصد الانكباب على تدارس هذا الموضوع، وكذا إجراء لقاءات واستشارات موسعة مع جميع الفاعلين المعنيين وتلقي آرائهم على اختلافها، كما ورد في بلاغ للديوان الملكي بتاريخ 16 مارس 2015.
وبناء على دلك، تم رفع نتائج الاستشارات الموسعة المجراة الى العلم السامي لجلالة الملك الذي أصدر تعليماته إلى كل من وزير العدل والحريات ووزير الصحة، قصد التنسيق بينهما، وإشراك الأطباء المختصين، من أجل بلورة خلاصات هذه المشاورات في مشروع مقتضيات قانونية، قصد إدراجها في مدونة القانون الجنائي، وعرضها على مسطرة المصادقة، وذلك في إطار احترام تعاليم الدين الإسلامي الحنيف، والتحلي بفضائل الاجتهاد، وبما يتماشى مع التطورات التي يعرفها المجتمع المغربي وقيمه القائمة على الاعتدال والانفتاح، وبما يراعي وحدته. كما جاء في بلاغ للديوان الملكي بتاريخ 15 ماي 2015.
كما أن مشروع القانون جاء لتنفيذ مضامين البرنامج الحكومي، الذي أكد على مراجعة مجموعة القانون الجنائي لملاءمته مع التزامات المغرب الدولية في مجال حقوق الانسان، إضافة إلى أن المشروع يستجيب للتوصيات والملاحظات الصادرة عن آليات الأمم المتحدة لحقوق الانسان ذات الصلة بالموضوع، فضلا عن مراعاته للتوصيات الصادرة عن هيئة الانصاف والمصالحة والمجلس الوطني لحقوق الانسان.
ثالثا: مستجدات مشروع القانون
من بين أهم المستجدات التي وردت في مشروع القانون يمكن أن نذكر على سبيل المثال:
1- النص على جرائم جديدة ومن بينها :
- تجريم الاختفاء القسري (الفصل 9-231 وما بعده)؛
- تجريم تهريب المهاجرين (الفصل 6-231 وما بعده)؛
- تجريم استفادة الغير بسوء نية من الجرائم المالية المتعلقة بالاختلاس والغدر والرشوة واستغلال النفوذ (الفصل 1-247)؛
- تجريم الإثراء غير المشروع لتعزيز منظومة مكافحة الفساد، وصورة ذلك هي الزيادة الكبيرة والغير مبررة للذمة المالية للشخص الملزم بالتصريح الإجباري للممتلكات أو ذمة أولاده القاصرين الخاضعين للتصريح مقارنة مع مصادر دخله المشروعة دون استطاعته إثبات المصدر المشروع لتلك الزيادة (الفصل 8-256 وما بعده)؛
- تجريم الإبادة والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب للملاءمة مع اتفاقيات جنيف الأربعة المتعلقة بالقانون الدولي الإنساني ونظام روما المحدث للمحكمة الجنائية الدولية (الفصل 1-448 وما بعده)؛
2 - مراجعة أركان بعض الجرائم أو تعاريفها، وكأمثلة على ذلك:
- مراجعة تعريف جريمة التعذيب بما يستجيب للتعريف المنصوص عليه في اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب (الفصل 1-231)؛
- إعادة تنظيم جرائم الاختلاس والغدر والرشوة واستغلال النفوذ (الفصل 245 وما بعده)؛
- مراجعة مفهوم العصابات الإجرامية وتمييزها عن المنظمة الإجرامية (الفصلين 293 و294)؛
- مراجعة تعريف الأسلحة بما يواكب خطورة هذه الظاهرة التي باتت تستدعي مزيدا من الحزم والصرامة في معالجتها (الفصل 303)؛
- مضاعفة العقوبة إذا كان حامل السلاح في حالة سكر أو تخدير (الفصل 1-303)؛
- إعادة تنظيم جريمة التمييز بتوسيع مجال التجريم وأهدافه بما يتلاءم والاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري (الفصل 431 وما بعده)؛
- إعادة توصيف جرائم الاعتداء والاستغلال الجنسي عندما يكون الطفل ضحية لها واعتبارها جنايات (الفصلان 484 و497)؛
- عدم إمكانية تمتيع الفاعل بظروف التخفيف في جرائم العنف والاعتداء أو الاستغلال الجنسي التي تستهدف الأطفال (الفصول 1-422 و1-493 و1-504)؛
- إعادة تنظيم المخالفات وإدماج مقتضيات قانون قضاء القرب (الفصل 608 وما بعد).
3- في مجال العقوبة
توخى المشروع ما يحقق ردع مرتكب الجريمة وإصلاحه في نفس الوقت، ومن الاختيارات التي أخذ بها المشروع في هذا الإطار:
-منح المحكمة صلاحية التوقيف الجزئي للعقوبات السجنية التي لا تتجاوز عشر سنوات دون أن تنزل عن نصف العقوبة المحكوم بها (الفصل 55)؛
-إعادة النظر في العقوبة المقررة للمحاولة بإقرار عقوبات أخف من العقوبة المقررة للجريمة التامة وتصل إلى حد النصف في الجنح (الفصلان 1-114 و115)؛
-إقرار المسؤولية الجنائية للشخص الاعتباري ، باستثناء الدولة ، مع التنصيص على هذه المسؤولية لا تنفي مسؤولية الشخص الذاتي مرتكب الجريمة بصفته فاعلا أصليا أو مساهما أو مشاركا (الفصل 1-132)؛
-التنصيص على الغرامات التي تفرض على الشخص الاعتباري في الحالات التي لا ينص فيها القانون المجرم للفعل على العقوبة الواجبة التطبيق عليه (الفصل 1-18).
أما في مجال العقوبات فيمكن الإشارة الى المستجدات التالية:
-تقسيم العقوبات إلى أصلية أو بديلة أو إضافية (الفصل 14)؛
-رفع الحد الأدنى للغرامة في الجنح إلى 2.000 درهم (الفصل 17)؛
-رفع الحد الأقصى للغرامة في المخالفات إلى أقل من 2.000 درهم وحذف الاعتقال (الفصل 18)؛
-إقرار عقوبات بديلة للعقوبات السالبة للحرية في الجنح مع استثناء بعض الجنح الخطيرة، ويتعلق الامر بالجنح التي يحكم القضاء بشانها بعقوبة تقل عن سنتين حبسا،باعتبار أن سلب الحرية ليس هو الحل الوحيد للعقاب، ولا يجب اللجوء إليه إلا في حالة الضرورة القصوى وبالنسبة للأفعال الخطيرة (الفصل 1-35 وما بعده).
3 - عقوبة الإعدام
تماشيا مع النقاش العمومي حول عقوبة الإعدام والذي عرف تباينا في وجهات النظر بين من يرى ضرورة إلغائها تماشيا مع البرتوكول الاختياري للعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، الذي لم تصادق عليه المملكة، وبين من يرى ضرورة الإبقاء عليها، مع التقليص منها في عدد مهم من الجرائم، وأن لا تبقى إلا في الجرائم الخطيرة، وفق ما جاءت به توصيات المناظرة الوطنية للسياسة الجنائية وهيئة الإنصاف والمصالحة، فإن هذا المشروع استبدل عقوبة الإعدام بالنسبة لجرائم المحاولة( الفصل 1-114) والمشاركة ( الفصل 130) حينما تكون عقوبة الجريمة الاصلية هي الإعدام بالعقوبة السجنية، وأضاف ثلاث جرائم خطيرة عاقب عليها بالإعدام هي : جريمة الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والجرائم المرتكبة ضد الإنسانية، وذلك في إطار مقاربة تستهدف تثبيت عقوبة الإعدام بشأن الجرائم الأكثر خطورة دون سواها.
رابعا: المراحل المتعلقة بدراسة المشروع بالبرلمان
يمكن التمييز في مراحل دراسة مشروع القانون بين مرحلتين أساسيتين:
1- مرحلة دراسة مشروع القانون في نهاية الولاية التشريعية السابقة
خلال الدورة التشريعية الثانية من السنة التشريعية الأخيرة من الولاية التشريعية السابقة أحالت الحكومة على مجلس النواب مشروع القانون رقم 10.16 يقضي بتغيير وتتميم مجموعة القانون الجنائي بتاريخ 24 يونيو 2016، وبعد ذلك تم تقديمه من طرف وزير العدل والحريات بلجنة العدل والتشريع بتاريخ 28 يونيو 2016. كما أنهت اللجنة مناقشته التفصيلية بتاريخ 14 يوليوز 2016، غير ان بعض الفرق النيابية ماطلت في إتمام مسطرته التشريعية، مما أدى إلى انتهاء الولاية التشريعية دون المصادقة عليه.
2- مرحلة دراسة مشروع القانون في الولاية التشريعية الحالية
في مستهل الولاية التشريعية الحالية حرصت الحكومة على تثبيت جميع مشاريع القوانين المتبقية قيد الدرس بالبرلمان بعد اختتام الولاية التشريعية التاسعة. وفي هذا الصدد تم تقديم مشروع القانون الجنائي من جديد من لدن وزير العدل بلجنة العدل والتشريع بتاريخ 06 يوليوز 2017 ، وبعد ذلك عقدت اللجنة 12 اجتماعا لمتابعة دراسته، حيث أنهت مناقشته التفصيلية بتاريخ 02 يوليوز 2019، ومنذ ذلك الحين برزت خلافات بين الفرق النيابية تتعلق بتقديم التعديلات، مما حال دون برمجة البت فيه ،بيد أنه عشية اختتام دورة أكتوبر من السنة التشريعية الحالية بادر السيد رئيس مجلس النواب بموجب رسالته المؤرخة بتاريخ 09 فبراير 2021 إلى إحاطة الحكومة علما برغبة السادة أعضاء مكتب اللجنة في التفاعل الإيجابي مع اقتراحهم بشأن تحديد تاريخ للتصويت على مشروع القانون.
وبالنظر لكون الولاية التشريعية الحالية على وشك الانتهاء، فإنه يتعين بذل المجهود اللازم في إطار ما يقتضيه ذلك من تعاون وثيق بين الحكومة والبرلمان وتفاعل إيجابي مع تطلعات مختلف الفاعلين، لإتمام الدراسة والتصويت على هذا النص الهام قبل اختتام الدورة التشريعية الحالية، حرصا على تنفيذ أحكام الدستور وتحقيقا للمصلحة الوطنية وتعزيزا للحقوق والحريات في ظل القيادة الرشيدة لجلالة الملك محمد السادس نصره الله.
أولا: السياق العام لإعداد مشروع القانون
خلال الولاية التشريعية التاسعة ، وبناء على استشارات موسعة مع مختلف الفاعلين في المجال الحقوقي والقانوني ، قامت وزارة العدل والحريات بإعداد مسودة متكاملة لتعديل مجموعة القانون الجنائي، تساير التطور الحقوقي الكبير الذي عرفته بلادنا خاصة بعد اعتماد دستور 2011، وما رافقه من إصلاحات تشريعية ومؤسساتية ترتبط بإعمال مقتضيات الدستور والوفاء بالالتزامات الدولية في مجال حقوق الانسان ومجال مكافحة الجريمة، فضلا عن متابعة تنفيذ توصيات هيئة الانصاف والمصالحة والتوصيات المنبثقة عن الهيئة العليا للحوار الوطني لإصلاح منظومة العدالة التي أكدت على أن مراجعة وتطوير القانون الجنائي يعد من المرتكزات الأساسية للإصلاح الشامل للعدالة الوطنية.
وبالنظر لضيق الزمن التشريعي الذي تزامن مع قرب نهاية الولاية التشريعية السابقة، ولما أثارته عدة مواد من مسودة مشروع القانون المذكور من خلافات مجتمعية عميقة، فقد تعذر اعتماد المشروع ككل وعرضه على البرلمان، لاسيما وأن ذلك تزامن مع تنزيل القانونين التنظيميين المتعلقين بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية وبالنظام الأساسي للقضاة، وهو ما اقتضى آنذاك الاقتصار على تقديم مشروع القانون رقم 10.16 الذي يهدف إلى تنزيل أحكام الدستور وتنفيذ مضامين ميثاق اصلاح منظومة العدالة فضلا عن الاستجابة للالتزامات الدولية للمملكة في مجال مكافحة الجريمة وتعزيز حقوق الانسان.
ثانيا: مرتكزات مشروع القانون
لقد جاء هذا المشروع لتنفيذ أحكام الدستور الذي جدد التزام المملكة بحماية منظومة حقوق الإنسان كما هي متعارف عليها عالميا ومنظومة القانون الدولي الإنساني، ومن أهم الالتزامات التي جدد الدستور التأكيد عليها:
-حظر ومكافحة كل أشكال التمييز، بسبب الجنس أو اللون أو المعتقد أو الثقافة أو الانتماء الاجتماعي أو الجهوي أو اللغة أو الإعاقة أو أي وضع شخصي، مهما كان (التصدير)؛
-حماية السلامة الجسدية للمواطنين وتجريم التعذيب (الفصل 22)؛
-تجريم الاعتقال التعسفي والاختفاء القسري وحظر التحريض على العنصرية أو الكراهية أو العنف وتجريم الإبادة وغيرها من الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب وكافة الانتهاكات الجسيمة والممنهجة لحقوق الانسان (الفصل 23)؛
-تقوية الحماية القانونية والقضائية لحقوق الأفراد (الفصل 23 و 119) ؛
-دعم النزاهة والشفافية وتجريم تنازع المصالح واستغلال التسريبات المخلة بالتنافس النزيه والانحرافات الماسة بالمال العام (الفصل 36)؛
كما أن هذا المشروع عمل على تجسيد الاتفاقيات الدولية التي انخرطت فيها المملكة والتي تقتضي المزيد من ملاءمة مجموعة القانون الجنائي لمقتضياته، والتي كانت بعضها محل توصيات أو ملاحظات من بعض آليات الأمم المتحدة التي جاءت في سياق التفاعل الإيجابي للمملكة مع أجهزة الأمم المتحدة سواء المعنية بحقوق الإنسان أو بمنع الجريمة. ومن بين أهم تلك الاتفاقيات يمكن الإشارة إلى :
✓ الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري لسنة 1965؛-
✓ العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لسنة 1966؛
✓ اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة لسنة 1979؛
✓ اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملات أو العقوبات القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة لسنة 1984؛
✓ اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل لسنة 1989 والبروتوكول الملحق بها المتعلق ببيع الأطفال وبغاء الأطفال واستغلال الأطفال في المواد الإباحية لسنة 2006؛
✓ الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري لسنة 2006؛
✓ اتفاقيات جنيف الأربعة حول القانون الدولي الإنساني لسنة 1949؛
✓ النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية لسنة 1998؛
✓ اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية والبروتوكولين الملحقين بها المتعلقين بمنع وقمع الاتجار بالأشخاص خاصة النساء والأطفال وبتهريب المهاجرين عن طريق البحر والبر لسنة 2000؛
✓ اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد لسنة 2003؛
كما ارتكز هذا المشروع على التوجيهات الملكية السامية، ومن بينها تلك المضمنة في خطاب جلالة الملك محمد السادس بتاريخ 20 غشت 2009 بمناسبة الذكرى 56 لثورة الملك والشعب، حيث أكد حفظه الله على: "...تحديث المنظومة القانونية، ولاسيما ما يتعلق منها بمجال الأعمال والاستثمار وضمان شروط المحاكمة العادلة.." و " تطوير الطرق القضائية البديلة، كالوساطة والتحكيم والصلح، والأخذ بالعقوبات البديلة وإعادة النظر في قضاء القرب.".
ومن جهة أخرى، فإن هذا المشروع جاء لتفعيل توصيات الميثاق الوطني حول إصلاح منظومة العدالة، لاسيما تلك المتعلقة بتنفيذ الهدف الرئيسي الثالث المتعلق بتعزيز حماية القضاء للحقوق والحريات والذي لا يتأتى إلا بمراجعة السياسة الجنائية وبإصلاح سياسة التجريم والعقاب، حيث ورد في الميثاق المذكور ما يلي: " يرتبط تعزيز حماية القضاء للحقوق والحريات بمراجعة السياسة الجنائية وبإصلاح سياسة التجريم والعقاب، بدءا من ملائمة القانون الوطني مع الدستور والاتفاقيات الدولية الخاصة بمنع الجريمة وبحقوق الإنسان، وانتهاء باتخاذ تدابير تشريعية لضمان المحاكمة العادلة، والارتقاء بأداء العدالة الجنائية".
ومن بين التوصيات التي تم التأكيد عليها لبلوغ ذلك نذكر على سبيل المثال ما يلي:
-التوصية رقم 59: ملائمة القوانين الزجرية الوطنية مع أحكام الدستور ومبادئ الاتفاقيات الدولية المتعلقة بمكافحة الجريمة وبحقوق الإنسان، المصادق عليها والمنشورة؛
- التوصية رقم 64: تعزيز حماية الأحداث الموجودين في نزاع مع القانون أو ضحية جريمة، وتوسيع الحماية القانونية للأحداث الموجودين في وضعية صعبة، بما يحقق مصلحتهم الفضلى، استكمالا لملائمة التشريعات الوطنية مع المعايير الدولية لحقوق الطفل.
-التوصية رقم 65: نزع التجريم عن بعض الأفعال والبحث عن حلول لها خارج المنظومة الزجرية؛
-التوصية رقم 69: إقرار بدائل للعقوبات السالبة للحرية.
-التوصية 89: وضع آلية لمراقبة الخبرات والشواهد الطبية لتعزيز مصداقيتها.
كما تجدر الإشارة كذلك الى التوصية رقم 42 الواردة ضمن الهدف المتعلق بتعزيز اليات الجزاء لضمان نزاهة وشفافية منظومة العدالة، والتي نصت على "تتبع ومراقبة الثروات والتصريح بالممتلكات، مع الأخذ بعين الاعتبار، إذا اقتضى الأمر مظاهر الثراء الذي لا يتناسب مع الدخل المشروع للمعني بالأمر، مراعاة ضمانات يحددها القانون".
كما تحتل نتائج المشاورات الوطنية التي أمر بها جلالة الملك بشأن الإجهاض مكانة بارزة كأحد أهم المرتكزات التي تم الاستناد إليها في مراجعة مجموعة القانون الجنائي، حيث استقبل حفظه الله وزيري العدل والحريات وكذا ووزير الأوقاف والشؤون الإسلامية ورئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان وأصدر توجيهاته السامية قصد الانكباب على تدارس هذا الموضوع، وكذا إجراء لقاءات واستشارات موسعة مع جميع الفاعلين المعنيين وتلقي آرائهم على اختلافها، كما ورد في بلاغ للديوان الملكي بتاريخ 16 مارس 2015.
وبناء على دلك، تم رفع نتائج الاستشارات الموسعة المجراة الى العلم السامي لجلالة الملك الذي أصدر تعليماته إلى كل من وزير العدل والحريات ووزير الصحة، قصد التنسيق بينهما، وإشراك الأطباء المختصين، من أجل بلورة خلاصات هذه المشاورات في مشروع مقتضيات قانونية، قصد إدراجها في مدونة القانون الجنائي، وعرضها على مسطرة المصادقة، وذلك في إطار احترام تعاليم الدين الإسلامي الحنيف، والتحلي بفضائل الاجتهاد، وبما يتماشى مع التطورات التي يعرفها المجتمع المغربي وقيمه القائمة على الاعتدال والانفتاح، وبما يراعي وحدته. كما جاء في بلاغ للديوان الملكي بتاريخ 15 ماي 2015.
كما أن مشروع القانون جاء لتنفيذ مضامين البرنامج الحكومي، الذي أكد على مراجعة مجموعة القانون الجنائي لملاءمته مع التزامات المغرب الدولية في مجال حقوق الانسان، إضافة إلى أن المشروع يستجيب للتوصيات والملاحظات الصادرة عن آليات الأمم المتحدة لحقوق الانسان ذات الصلة بالموضوع، فضلا عن مراعاته للتوصيات الصادرة عن هيئة الانصاف والمصالحة والمجلس الوطني لحقوق الانسان.
ثالثا: مستجدات مشروع القانون
من بين أهم المستجدات التي وردت في مشروع القانون يمكن أن نذكر على سبيل المثال:
1- النص على جرائم جديدة ومن بينها :
- تجريم الاختفاء القسري (الفصل 9-231 وما بعده)؛
- تجريم تهريب المهاجرين (الفصل 6-231 وما بعده)؛
- تجريم استفادة الغير بسوء نية من الجرائم المالية المتعلقة بالاختلاس والغدر والرشوة واستغلال النفوذ (الفصل 1-247)؛
- تجريم الإثراء غير المشروع لتعزيز منظومة مكافحة الفساد، وصورة ذلك هي الزيادة الكبيرة والغير مبررة للذمة المالية للشخص الملزم بالتصريح الإجباري للممتلكات أو ذمة أولاده القاصرين الخاضعين للتصريح مقارنة مع مصادر دخله المشروعة دون استطاعته إثبات المصدر المشروع لتلك الزيادة (الفصل 8-256 وما بعده)؛
- تجريم الإبادة والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب للملاءمة مع اتفاقيات جنيف الأربعة المتعلقة بالقانون الدولي الإنساني ونظام روما المحدث للمحكمة الجنائية الدولية (الفصل 1-448 وما بعده)؛
2 - مراجعة أركان بعض الجرائم أو تعاريفها، وكأمثلة على ذلك:
- مراجعة تعريف جريمة التعذيب بما يستجيب للتعريف المنصوص عليه في اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب (الفصل 1-231)؛
- إعادة تنظيم جرائم الاختلاس والغدر والرشوة واستغلال النفوذ (الفصل 245 وما بعده)؛
- مراجعة مفهوم العصابات الإجرامية وتمييزها عن المنظمة الإجرامية (الفصلين 293 و294)؛
- مراجعة تعريف الأسلحة بما يواكب خطورة هذه الظاهرة التي باتت تستدعي مزيدا من الحزم والصرامة في معالجتها (الفصل 303)؛
- مضاعفة العقوبة إذا كان حامل السلاح في حالة سكر أو تخدير (الفصل 1-303)؛
- إعادة تنظيم جريمة التمييز بتوسيع مجال التجريم وأهدافه بما يتلاءم والاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري (الفصل 431 وما بعده)؛
- إعادة توصيف جرائم الاعتداء والاستغلال الجنسي عندما يكون الطفل ضحية لها واعتبارها جنايات (الفصلان 484 و497)؛
- عدم إمكانية تمتيع الفاعل بظروف التخفيف في جرائم العنف والاعتداء أو الاستغلال الجنسي التي تستهدف الأطفال (الفصول 1-422 و1-493 و1-504)؛
- إعادة تنظيم المخالفات وإدماج مقتضيات قانون قضاء القرب (الفصل 608 وما بعد).
3- في مجال العقوبة
توخى المشروع ما يحقق ردع مرتكب الجريمة وإصلاحه في نفس الوقت، ومن الاختيارات التي أخذ بها المشروع في هذا الإطار:
-منح المحكمة صلاحية التوقيف الجزئي للعقوبات السجنية التي لا تتجاوز عشر سنوات دون أن تنزل عن نصف العقوبة المحكوم بها (الفصل 55)؛
-إعادة النظر في العقوبة المقررة للمحاولة بإقرار عقوبات أخف من العقوبة المقررة للجريمة التامة وتصل إلى حد النصف في الجنح (الفصلان 1-114 و115)؛
-إقرار المسؤولية الجنائية للشخص الاعتباري ، باستثناء الدولة ، مع التنصيص على هذه المسؤولية لا تنفي مسؤولية الشخص الذاتي مرتكب الجريمة بصفته فاعلا أصليا أو مساهما أو مشاركا (الفصل 1-132)؛
-التنصيص على الغرامات التي تفرض على الشخص الاعتباري في الحالات التي لا ينص فيها القانون المجرم للفعل على العقوبة الواجبة التطبيق عليه (الفصل 1-18).
أما في مجال العقوبات فيمكن الإشارة الى المستجدات التالية:
-تقسيم العقوبات إلى أصلية أو بديلة أو إضافية (الفصل 14)؛
-رفع الحد الأدنى للغرامة في الجنح إلى 2.000 درهم (الفصل 17)؛
-رفع الحد الأقصى للغرامة في المخالفات إلى أقل من 2.000 درهم وحذف الاعتقال (الفصل 18)؛
-إقرار عقوبات بديلة للعقوبات السالبة للحرية في الجنح مع استثناء بعض الجنح الخطيرة، ويتعلق الامر بالجنح التي يحكم القضاء بشانها بعقوبة تقل عن سنتين حبسا،باعتبار أن سلب الحرية ليس هو الحل الوحيد للعقاب، ولا يجب اللجوء إليه إلا في حالة الضرورة القصوى وبالنسبة للأفعال الخطيرة (الفصل 1-35 وما بعده).
3 - عقوبة الإعدام
تماشيا مع النقاش العمومي حول عقوبة الإعدام والذي عرف تباينا في وجهات النظر بين من يرى ضرورة إلغائها تماشيا مع البرتوكول الاختياري للعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، الذي لم تصادق عليه المملكة، وبين من يرى ضرورة الإبقاء عليها، مع التقليص منها في عدد مهم من الجرائم، وأن لا تبقى إلا في الجرائم الخطيرة، وفق ما جاءت به توصيات المناظرة الوطنية للسياسة الجنائية وهيئة الإنصاف والمصالحة، فإن هذا المشروع استبدل عقوبة الإعدام بالنسبة لجرائم المحاولة( الفصل 1-114) والمشاركة ( الفصل 130) حينما تكون عقوبة الجريمة الاصلية هي الإعدام بالعقوبة السجنية، وأضاف ثلاث جرائم خطيرة عاقب عليها بالإعدام هي : جريمة الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والجرائم المرتكبة ضد الإنسانية، وذلك في إطار مقاربة تستهدف تثبيت عقوبة الإعدام بشأن الجرائم الأكثر خطورة دون سواها.
رابعا: المراحل المتعلقة بدراسة المشروع بالبرلمان
يمكن التمييز في مراحل دراسة مشروع القانون بين مرحلتين أساسيتين:
1- مرحلة دراسة مشروع القانون في نهاية الولاية التشريعية السابقة
خلال الدورة التشريعية الثانية من السنة التشريعية الأخيرة من الولاية التشريعية السابقة أحالت الحكومة على مجلس النواب مشروع القانون رقم 10.16 يقضي بتغيير وتتميم مجموعة القانون الجنائي بتاريخ 24 يونيو 2016، وبعد ذلك تم تقديمه من طرف وزير العدل والحريات بلجنة العدل والتشريع بتاريخ 28 يونيو 2016. كما أنهت اللجنة مناقشته التفصيلية بتاريخ 14 يوليوز 2016، غير ان بعض الفرق النيابية ماطلت في إتمام مسطرته التشريعية، مما أدى إلى انتهاء الولاية التشريعية دون المصادقة عليه.
2- مرحلة دراسة مشروع القانون في الولاية التشريعية الحالية
في مستهل الولاية التشريعية الحالية حرصت الحكومة على تثبيت جميع مشاريع القوانين المتبقية قيد الدرس بالبرلمان بعد اختتام الولاية التشريعية التاسعة. وفي هذا الصدد تم تقديم مشروع القانون الجنائي من جديد من لدن وزير العدل بلجنة العدل والتشريع بتاريخ 06 يوليوز 2017 ، وبعد ذلك عقدت اللجنة 12 اجتماعا لمتابعة دراسته، حيث أنهت مناقشته التفصيلية بتاريخ 02 يوليوز 2019، ومنذ ذلك الحين برزت خلافات بين الفرق النيابية تتعلق بتقديم التعديلات، مما حال دون برمجة البت فيه ،بيد أنه عشية اختتام دورة أكتوبر من السنة التشريعية الحالية بادر السيد رئيس مجلس النواب بموجب رسالته المؤرخة بتاريخ 09 فبراير 2021 إلى إحاطة الحكومة علما برغبة السادة أعضاء مكتب اللجنة في التفاعل الإيجابي مع اقتراحهم بشأن تحديد تاريخ للتصويت على مشروع القانون.
وبالنظر لكون الولاية التشريعية الحالية على وشك الانتهاء، فإنه يتعين بذل المجهود اللازم في إطار ما يقتضيه ذلك من تعاون وثيق بين الحكومة والبرلمان وتفاعل إيجابي مع تطلعات مختلف الفاعلين، لإتمام الدراسة والتصويت على هذا النص الهام قبل اختتام الدورة التشريعية الحالية، حرصا على تنفيذ أحكام الدستور وتحقيقا للمصلحة الوطنية وتعزيزا للحقوق والحريات في ظل القيادة الرشيدة لجلالة الملك محمد السادس نصره الله.