قال عثمان مودن رئيس منتدى الباحثين بوزارة الاقتصاد والمالية إن الشئ الثابت في التحديات و الإكراهات التي اعترضت قوانين المالية السابقة و تعترض حاليا مشروع قانون المالية الحال، تتمثل في عامل المناخ والجفاف الذي مايزال يشكل قيدا رئيسيا على مشروع قانون المالية لسنة 2026.
وأضاف مودن في حوار سينشر لاحقا بموقع "أحداث أنفو"، وجريدة "الأحداث المغربية" أنه وفق المؤشرات المناخية الحالية، قد نشهد سنة جافة جديدة من شأنها أن تؤثر سلبًا على الموسم الفلاحي، وبالتالي على القيمة المضافة للقطاع الفلاحي ضمن الناتج الداخلي الخام.
هذه الوضعية، حسب المتحدث ذاته، مرشحة لأن تحدث ضغوطات إضافية على الميزانية العامة، ليس فقط من حيث الدعم المالي الموجه للقطاع الفلاحي، ولكن أيضا لتغطية فاتورة واردات الحبوب في ظل تراجع الإنتاج الوطني.
بهذا الخصوص لفت، المصدر ذاته، إلى أنه من شأن ذلك أن يجعل تحقيق فرضية إنتاج 70 مليون قنطار من الحبوب ، التي استندت إليها الحكومة في إعداد هذا المشروع وهي نفسها المعتمدة في قانون المالية السابق أمرا صعب المنال في السياق الحالي، خصوصا وأن الموسم الفلاحي المنصرم انتهى بإنتاج قدره 43 مليون قنطار فقط، على حد تعبيره.
هذه التحديات المناخية تفرض إعادة النظر في أولويات الإنفاق العام، عبر الرفع من حجم الاستثمار في البنيات التحتية المائية، خصوصا مشاريع تحلية مياه البحر، والسدود، ونقل المياه بين الأحواض.
لكن الإشكالية الجوهرية المطروحة، يلفت المتخصص في المالية العامة، تظل مرتبطة بمدى قدرة الحكومة على تحقيق نسبة النمو المفترضة في مشروع قانون المالية، بالنظر إلى أن كل نقطة إضافية في معدل النمو تترجم، نظريا، إلى إحداث فرص شغل جديدة ، خاصة وأنه فيما مضى كان المغرب يترجم كل نقطة مضافة للنمو بخلق أزيد من 30 ألف منصب شغل، لكن في السنوات الأخيرة تراجع هذا المعدل إلى النصف.
في هذا الإطار، يستنتج المتحدث ذاته، فإن العلاقة بين النمو والتشغيل تعرف تراجعا في الفعالية مقارنة بالسنوات السابقة، حيث لم يعد معدل خلق فرص الشغل يواكب نسق النمو الاقتصادي بنفس القوة، وهو ما يُصعّب تحقيق أحد المطالب الاجتماعية المركزية المرتبطة بـ تشغيل الشباب والوفاء بالالتزامات الحكومية في هذا المجال.
توالي سنوات الجفاف، يسترسل رئيس منتدى الباحثين بوزارة الاقتصاد والمالية، لا ينبغي نسيان أن الساحة الدولية في السنوات الأخيرة عرفت توترات جيوسياسية متزايدة، خاصة في مناطق إنتاج وتوريد الطاقة والمواد الأساسية،وذلك من قبيل الحرب الأوكرانية الروسية، الأزمة في الشرق الأوسط.
يأتي ذلك بالتزامن مع بروز توترات تجارية وتنامي التوجهات الحمائية، لاسيما تبعات قرارات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في ما يخص الرسوم الجمركية، حسب مودن، مشيرا إلى أن هذه التوترات أدت إلى اضطراب سلاسل الإمداد العالمية وارتفاع تكاليف النقل والإنتاج، مما ساهم في زيادة معدلات التضخم على المستوى العالمي، وبالتالي فإن هذه التطورات تشكل عاملا خارجيا مؤثرا قد يحد من تحقيق بعض الفرضيات المعتمدة في مشروع قانون المالية لسنة 2026، خصوصا تلك المتعلقة بالنمو الاقتصادي، واستقرار الأسعار، وكلفة الطاقة، مما يفرض على الحكومة اليقظة في تدبير التوازنات المالية واعتماد سياسات مرنة لمواجهة التقلبات الدولية.
لكن رغم كل ذلك لا ينبغي للحكومة، يضيف المصدر ذاته، أن تختبئ وراء هذه الإكراهات لتبرير عدم قدرتها على تنزيل برنامجها الحكومي، خصوصا وأن هناك مؤشرات دولية موازية إيجابية سجلت في النصف الأول من هذه السنة،مرتبطة بانخفاض أسعار النفط في الأسواق الدولية،رغم أن المواطن لا يلمس في كثير من الأحيان انعكاس انخفاض الأسعار الدولية على السوق المحلية على حد قوله.
هناك أيضا تراجع أسعار القمح اللين على المستوى الدولي، إلى جانب دينامية إيجابية مسجلة على مستوى الأنشطة المحفزة للنمو، من قبيل استمرار الأداء الاستثنائي لقطاع السياحة، وتحسن قطاع النقل بفضل التطور الملحوظ في عدد المسافرين عبر المطارات المغربية، وانتعاش قطاع التجارة نتيجة تحسن استهلاك الأسر .



الدكتوراه في قانون العقود والعقار ـ إشراف الدكتور إدريس الفاخوري
مقتطف من حوار السيد رئيس منتدى الباحثين بوزارة الاقتصاد والمالية مع جريدة الأحداث المغربية حول مشروع قانون المالية لسنة 2026، ستنشره الجريدة كاملا، وستعمل منصة ماروك دروا على وضع مقتطفات لأبرز مضامين هذا الحوار.


