بالنظر إلى الصعوبات والمدة التي كان يستغرقها تحقيق الضمانات نص المشرع ولأول مرة بموجب قانون 21.18 المتعلق بالضمانات المنقولة على آليات جديدة وعصرية تسمح بإنجاز عملية التحقيق في وقت وجيز وبأقل التكاليف، ومن أجل ضمان استقرار المعاملات وتعزيز تمثيلية الدائنين، هذا القانون وفي إطار تكريسه لآليات التحقيق التي سبق وأن تحدثنا عنها، أحدث أهم المؤسسات التي ستساهم في تفعيل ونجاعة هذه الفعاليات ويتعلق الأمر بالسجل الوطني الإلكتروني للضمانات المنقولة (الفقرة الأولى) ووكيل الضمانات المنقولة
(الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: السجل الوطني الإلكتروني للضمانات المنقولة.
تكريسا لمبدأ الشفافية وشهر التصرفات التجارية عمل المشرع إلى إحداث سجل وطني إلكتروني للضمانات المنقولة، وعليه سنقف في هذه الفقرة عند الإطار العام القانوني لهذا السجل (أولا) ثم بعد ذلك التطرق لدوره (ثانيا)
السجل الوطني الإلكتروني للضمانات المنقولة
نصت المادة 12 مـن القـانون 21.18 علـى أنـه يحـدث سـجل وطنـي إلكترونـي للضمانات المنقولة يعهد بتدبيره إلى الإدارة دون تحديد لهـذه الأخيرة، إلا أن مرسـوم رقـم [1]2.19.327حددها في المادة الثانية منه في السلطة المكلفة بالعدل، والتي عملت على إعـداد منصة الكترونية تخص السجل الالكتروني، وتسهر على اتخاذ جميع الإجـراءات التقنيـة اللازمة لوضعه رهن إشارة العموم، بحيث تكون المنصة التي تـأوي السـجل مسـتمرة فـي أداء خدماتها طيلة أيام الأسبوع طبقا للمادة 13 من المرسوم التطبيقي. وبما أن العمليات المتبعة في السـجل تتم بشـكل الكترونـي، فقـد ألـزم المشـرع السـلطة الحكوميـة المكلفـة بالعـدل علـى احتـرام ومراعـاة أحكـام القـانون 09.08 المتعلـق بحمايـة الأشخاص الــذاتيين اتجــاه معالجــة المعطيــات ذات الطــابع الشخصــي حمايــة للمعلومــات الشخصية الصحاب الضمانات المقيدة.
وتتمثل الوظيفة الأساسية للسجل الإلكتروني للضمانات المنقولة في إشهار جميع الرهون بدون حيازة عن طريق تقييدها، وإجراء التقييدات اللاحقة، وكذا التشطيبات المنصبة عليها، باستثناء الرهون بدون حيازة التي تهم الآليات المنصوص عليها في المادة 376[2] من مدونة التجارة وكما تتم في السجل الوطني كل عملية إشهار تدخل في حكم الضمانات المنقولة والعمليات المتعلقة بحوالة الحق أو الدين وبيع المنقول مع شرط الاحتفاظ بالملكية والائتمان الايجاري وحوالة الديون المهنية وغيرها من العمليات.
تتجلى أهم أهداف السجل الالكتروني بالدرجة الأولى في:
- إشهار جميع أنواع الرهون بدون حيازة وباقي الضمانات المنقولة والعمليات التي في حكمها؛
- إشهار التقييدات المعدلة والتشطيبات؛
- تسهيل عملية إشهار الضمانات المنقولة واخبار الأغيار بوجودها خاصة الدائنين المحتملين؛
- إثبات حجية الضمانات في مواجهة الغير لتفادي النزاعات؛
- تحديد ترتيب أولوية الدائنين استنادا إلى تاريخ وساعة إجراء التقييد تطبيقا للفصل 197 من ق ل ع [3]؛
نشير إلى أنه يتطلب التقييد بالسـجل الـوطني الإلكتروني للضـمانات المنقولـة وكـذا التقييـدات المعدلة أو اللاحقة والتشطيبات توفر على حساب في هـذا السـجل يسـمى حسـاب الزبـون، يتم فتحه من قبل الشخص الذاتي أو الاعتباري أو وكيله أو ممثلـه القـانوني، وتضـع الإدارة المكلفة بالسجل اسما للمستخدم وقنا سريا رهـن إشـارته، والـذي يمكنـه تغييرهمـا فـي أي وقت[6].
وبعد التوفر على الحساب بالسجل، يمكن للزبـون شـهر الضـمانات المنقولـة، وهكـذا تنص المادة 12 من قانون 21.18 علـى أنـه يـتم شـهر جميـع أنـواع الرهـون وكـذا جميـع العمليات التي تدخل في حكم الضمانات المنقولة وذلك بتقييد إشعار بالسجل المذكور. وحسب المادة 15 من قانون 21.18 يستلزم التقييد في السجل التوفر علـى مجموعـة من البيانات المتمثلة في هوية وكيل الضمانات ومبلغ الدين وبيان المـال المرهـون بالإضافة إلى تاريخ انقضاء الدين، وغيرها من البيانات.
الفقرةالثانية: التنظيم القانوني لمؤسسة وكيل الضمانات المنقولة
تعد مؤسسة وكيل الضمانات وسيلة لاستقرار المعاملات وتعزيز تمثيلية الدائنين، نظم المشرع مؤسسة وكيل الضمانات في الباب الخامس من القانون 21.18 المتعلق بالضمانات المنقولة وبالضبط من المادة 19 إلى المادة 24 من ذات القانون، وقد عرفه المشرع في الفقرة الأولى من المادة 19 كما يلي" يراد بوكيل الضمانات كل شخص ذاتي أو اعتباري يعمل باسم الدائنين ولحسابهم، بصفته وكيال عنهم، ودلك باتحاد التدابير المتعلقة بإنشاء الضمانات لصالحهم وتقييدها وإدارتها والاحتجاج بها في مواجهة الغير، وتحقيقها والقيام بجميع العمليات المرتبطة بها.
تسري على وكيل الضمانات جميع المقتضيات المتعلقة بالوكالة[7] المنصوص عليها في الظهير الشريف المعتبر بمثابة قانون الالتزامات والعقود، مع مراعاة الأحكام المنصوص عليها في هذا الباب."
بالإضافة إلى الشروط العامة المتمثلة في أركان عقد الوكالة والمتطلبة في أي عقد وهي تمنح الوكيل برضا والأهلية والمحل والسبب، هناك بعض الشروط الخاصة:
أولا: ضرورة حلول إرادة النائب محل إرادة الأصيل (المادة 19 من قانون 21.18)؛
ثانيا: ضرورة تقييد الوكيل بتعليمات الموكل حسب القواعد العامة، لكنتم أيضا التنصيص في المادة 21 من قانون 21.18 على أنه:
يجوز لوكيل الضمانات دون إذن صريح من الموكل: - التقاضي باسم الدائنين؛ - إنشاء محل الرهن بدون حيازة؛ - التشطيب على الرهن بدون حيازة بعد انقضائه (لا يجوز للدائنين الموكلين ممارسة صلاحيات وكيل الضمانات التي وكل للقيام بها باسمهم)؛
ثالثا: ضرورة بيان النائب الهوية القانونية أو للوكيل: د ألزمت المادة 20 من القانون 21.18 المتعلق بضمانات المنقولة ضرورة بالموكل تضمين عقد الوكالة الضمانات مجموعة من البيانات تحت طائلة البطلان مثل تسميته الوكيل بصفته ذو وكيل للضمانات وهويتا الوكيل والدائن ومدة الوكالة وتحديد الدين.؛
كما منع قانون الضمانات المنقولة الموكل (أي الدائن) من مباشرة حقوقه بعد تكليفه لتفادي التداخل والإضراب في مهمته وجعل الأداءات التي يتلقاها لفائدة الدائنين والمودعة في حساب بنكي تخصص لفائدتهم ولا تخضع لمساطر التنفيذ.[8]
بالرجوع أيضا إلى المبدأ العام المكرس في قانون الالتزامات والعقود: "أن هناك أيضا بعض الحالة الاستثنائية التي يلتزم فيها الموكل بتصرفات الوكيل بالرغم من تجاوز هذا الأخير لحدود وكالته من ذلك الحالات الأربعة المنصوص عليها في الفصل أعلاه وهي:
-1 إذا أضر الموكل تصرفات الوكيل ولو ضمنا،
-2 إذا استفاد الموكل فإن هذا التصرف،
-3 إذا أبرم الوكيل التصرف بشروط أفضل مما تضمنه تعليمات الموكل،
-4 إذا تجاوز الوكيل حدود وكالته ولكن كان الفرق يسيرا بين هذه القيمة تجاوز مما يتسامح فيه عرفا أو في ميدان التجارة.
كما لا تؤثر الحوالة التي يقوم بها الدائن لكل أو جزء من حقوقه برسم الديون المضمونة على صالحيات وكيل الضمانات[9].
يترتب عن التعاقد بطريقة الوكالة مجموعة من الآثار القانونية تتمثل في:
علاقة الوكيل بالأصيل:
بخصوص هذه العلاقة يتعين الرجوع إلى عقد الوكالة نفسه فهذا العقد هو الذي بين مدى التزامات الوكيل وحقوقه اتجاه الأصيل حيث يتقيد بالمقتضيات والمهام المسندة إليه وبالتالي المرتبطة بالضمانات المنقولة فهو ملزم بتمثيل الدائنين والقيام بمختلف العمليات المرتبطة بها المنقولة بما فيها صالحيته للتصريح بديونهم لدى السندي في حالة فتح مسطرة معالجة صعوبات المقاولة علما أن الإشارة إلى كونه يتصرف بصفته وكيلا للضمانات تعد كافية. من جهة أخرى، فإنه في حالة وفاة الموكل يبقى للورثة وحدهم الحق في إثارة استمرارا الوكيل في أداء المهام الموكول إليه من قبل المورث، ما دام أن وفاة الموكل يترتب عنها انقضاء الوكالة للوكيل كما يتضح ذلك من خال الفصل 338 من ق ل ع.
علاقة بين الوكيل والغير الذي تعاقد معه:
تعد أهم خاصية في الوكالة، أن الوكيل إنما يتعاقد باسم ولحساب الموكل أي أن آثار العقد تنصرف مباشرة إلى هذا الأخير في حين الوكيل لا يكتسب أي حق من العقد الذي أبرمه مع الغير، كما أنه لا يترتب بذمته أي التزام ما دام أنه تعاقد باسم الأصيل ولم يتجاوز التعليمات التي أعطاها له هذا الأخير كما يتضح من الفصل 925 من ق ل ع: التصرفات التي يجريها الوكيل على وجه صحيح باسم الموكل وفي حدود وكالة تنتج آثارها في حق الموكل فيها له عليه كما لو كان هو الذي أجراها بنفسه".
علاقة بين الأصيل والغير الذي تعاقد معه الوكيل:
ينص الفصل 921 من ق ل ع أن: الوكيل الذي يتعاقد بصفته وكيلا وفي حدود وكالته لا يتحمل شخصيا أي التزام تجاه من يتعاقد معهم ولا يسوغ لهؤلاء الرجوع على الموكل.
الهوامش
[1] المرسوم رقم 2.19.327 الصادر في 9 صفر 1441 الموافق ل 8 أكتوبر 2019 بتطبيق القانون رقم 21.18 المتعلق بالضمانات المنقولة
[2] تنص المادة 376 من مدونة التجارة أنه: لا تطبق أحكام هذا الباب على المركبات ذات محرك التي يتم تمويل اقتنائها بواسطة قرض أو عن طريق عقد من عقود التمويل التشاركي، وعلى السفن والطائرات.
[3] ينص الفصل 197 من ق ل ع ما يلي " إذا حول نفس الدين لشخصين فضل منهما من بلغ حوالته للمدين المحال عليه قبل الأخر، ولو كانت حوالته متأخرة في التاريخ"
[4] بالرجوع إلى المادة 14 من قانون 21.18 نجـدها تحـدد الأشخاص الـذين يمكـنهم تقييد الضمانات بالسجل المذكور فـي الـدائن المـرتهن أو الـراهن أو وكيـل الضـمانات، كـما يمكن أن يتم هذا التقييد لفائدتهم بواسطة الموثقين والعدول والمحامين والخبراء والمحاسبين المعتمدين، وكذلك الأشخاص الذين لديهم وكالة خاصة كل هيئة أو شخص خاضع للقانون الأجنبي أبرم مع صاحب الضمانة عقدا خاضع للقانون الأجنبي وذلك طبقا لمقتضيات الفقرة الأولى من المادة 14 التي أحالت على المادة 24 من نفس القانون.
وتجدر الإشارة إلى أن تكلفة التسجيل بالسجل الوطني للضمانات المنقولة حددها المشرع في مبلغ 100 درهم كقاعدة، (قرار مشترك لوزير العدل ووزير الاقتصاد والمالية) إلا أن هناك تقييدات تتم بشكل مجاني كمـا هـو الحـال بالنسبة لتعديل تقييد ضمانة أو التشطيب عليها بمقرر قضائي، ونفس الأمر بالنسـبة لتجديـد ضمانة سابقة وتحويل إشعار الوعد بالرهن إلى تقييد الرهن
وتجدر الإشارة إلى أن تكلفة التسجيل بالسجل الوطني للضمانات المنقولة حددها المشرع في مبلغ 100 درهم كقاعدة، (قرار مشترك لوزير العدل ووزير الاقتصاد والمالية) إلا أن هناك تقييدات تتم بشكل مجاني كمـا هـو الحـال بالنسبة لتعديل تقييد ضمانة أو التشطيب عليها بمقرر قضائي، ونفس الأمر بالنسـبة لتجديـد ضمانة سابقة وتحويل إشعار الوعد بالرهن إلى تقييد الرهن
[5] أسماء الدومي،تحقيق الضمانات المنقولة وفق القانون 21.18 ، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص ، كلية العلوم القانونية و الاجتماعية والاقتصادية السويسي ،الرباط ،السنة الجامعية 2018/2019 .
[6] المادة 14 من المرسوم التطبيقي لقانون الضمانات المنقولة
[7] - تنقسم الوكالة من حيث نطاقها إلى وكالة خاصة ووكالة عامة: - وكالة خاصة: نص الفصل 891 على الوكالة الخاصة وهي التي تقتصر على تصرف واحد وال يتوسع في تفسيرها وتمنح للوكيل صالحيات محدد من اجل القيام بعمل أو عدة أعمال معينة مع توابعها الضرورية مما يستلزمه التنفيذ من تصرفات وأعمال تابعة ومن امثلتها نذكر وكالة التقاضي التي اعتبرها الفصل 892 من قانون الالتزامات والعقود وكالة خاصة. - الوكالة العامة: هي التي تمنح للوكيل صالحيات عامة غير مقيدة أ مصالح موكله، وترد في ألفاظ عامة فال يعني فيها الموكل محل التصرف القانوني وال نوعه أما من حيث الطبيعة فتنقسم إلى: وكالة مدنية وإلى وكالة تجارية: بحيث عند تحديد طبيعة الوكالة يجب النظر إلى صفة الموكل فإن كان تاجر وأبرمت الوكالة لتنفيذ عمل تجاري بالنسبة له كانت تجارية أما إذا كان الغرض منها استعمال الشخص كانت مدنية وتكون مدنية إذا لم يكن تاجر ولو دخلت الوكالة في أعمال تجارية.
[8] أسماء الدومي،تحقيق الضمانات المنقولة وفق القانون 21.18،م س، ص 63 و 64
[9] المادة 22 الا تؤثر الحوالة التي يقوم بها الدائن لكل أو جزء من حقوقه برسم الديون المضمونة على صلاحيات وكيل الضمانات. وفي هذه الحالة، يحل المحال له محل المحيل بصفته طرفا في الوكالة.



الدكتوراه في قانون العقود والعقار ـ إشراف الدكتور إدريس الفاخوري
بعض المؤسسات القانونية الفاعلة في تحقيق الضمانات المنقولة

