MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers



الإطار القانوني لحماية وكفالة الأطفال المهملين بالمغرب

     



ذ نزهة مزيان
إطار بوزارة العدل



الإطار القانوني لحماية وكفالة الأطفال المهملين بالمغرب

يتميز التشريع المغربي، بتعدد المقتضيات القانونية، الهادفة إلى حماية الطفل المغربي. وسنلاحظ في هذا الصدد، أن الحماية القانونية للطفل موجودة في جل القوانين المغربية. وإذا كان المجال لا يسمح هنا بسرد كل هذه المقتضيات، فإننا سنكتفي بمعالجة مدى اهتمام القوانين الأساسية بحماية الأطفال بصفة عامة، والأطفال المهملون بصفة خاصة (المبحث الأول)، ثم نعالج مسألة كفالة الأطفال المهملين من خلال القانون 15.01 (المبحث الثاني).
 
المبحث الأول: حماية الأطفال ومحاربة إهمالهم في التشريع المغربي

إن استعراض بعض فروع القانون، سيبين لنا إلى أي حد استطاع المشرع المغربي، وضع منظومة قانونية متكاملة قادرة على حماية الأطفال، وخاصة منهم الأطفال المهملون، وذلك تباعا في القانون الجنائي (المطلب الأول)، ثم الحالة المدنية و قانون الجنسية (المطلب الثاني).
 
المطلب الأول: القانون الجنائي

يتضمن القانون الجنائي المغربي، حماية واسعة للأطفال، من خلال فرض تعامل خاص من الأطفال القصر، ضمانا لوضعية أفضل، ولو بفرض عقوبات زجرية قاسية. وقد ركزنا على القانون الجنائي، باعتبار أنه يشير إلى  كل الحالات التي يُمكن أن تؤدي إلى تضخيم ظاهرة الأطفال المهملين بما يترتب عنها من نتائج سلبية على مستقبل المجتمع.
إن تعدد هذه الأسباب، هي التي جعلت المشرع المغربي، يميل إلى محاولة حصر كل هذه الحالات وتخصيص العقوبات الزجرية الملائمة لها. وسنشير هنا تباعا إلى كل من: حماية الطفل من التعذيب والتسول والضرب والجرح والقتل (الفقرة الأولى)، وترك الأطفال والعاجزين وتعريضهم للخطر (الفقرة الثانية)، والحيلولة دون التعرف على هوية الطفل (الفقرة الثالثة)، وخطف القاصرين وعدم تقديمهم (الفقة الرابعة)، وإهمال الأسرة (الفقرة الخامسة)، وأخيرا انتهاك الآداب (الفقرة السادسة).
 
الفقرة الأولى: حماية الطفل من التعذيب والتسول والضرب والجرح والقتل

يُعاقب الفصل 231/4، بالسجن المؤبد على ارتكاب التعذيب ضد قاصر دون سن 18 سنة؛
كما أن الفصل 282، يشدد العقوبات على حالة استدراج الأطفال الذين تقل سنهم عن ثمان عشرة سنة إلى المحلات والأماكن التي تحتوي على أجهزة لتوزيع النقود والقطع المستعملة للأداء عن الاستهلاك وبصفة عامة أجهزة يرتكز استعمالها على المهارة في اللعب أو على الصدفة وتعد للحصول على ربح أو استهلاك مقابل رهان؛
والفصل 327، يعاقب كل متسول، حتى ولو كان ذا عاهة أو معدما، استجدى بإحدى وسائل من ضمنها التعود على استصحاب طفل صغير أو أكثر من غير فروعه؛
ونفس الشيئ بالنسبة للفصل 328، الذي يعاقب من يستخدم في التسول، صراحة أو تحت ستار مهنة أو حرفة ما، أطفالا يقل سنهم عن ثلاثة عشر عاما؛
كما أن الفصل 397، يعاقب على قتل الوليد ولو تم ذلك من قبل الأم؛
وحتى في مجال ضرب الطفل، نلاحظ أن الفصل 408، يعاقب كل من جرح أو ضرب عمدا طفلا دون الخامسة عشرة من عمره أو تعمد حرمانه من التغذية أو العناية، حرمانا يضر بصحته، أو ارتكب عمدا ضد هذا الطفل أي نوع آخر من العنف أو الإيذاء، فيما عدا الإيذاء الخفيف. ويتم تشديد العقوبة وفق الفصل 409، إذا نتج عن الضرب أو الجرح أو العنف أو الإيذاء أو الحرمان مرض أو ملازمة للفراش أو عجز عن العمل تتجاوز مدته عشرين يوما أو إذا توفر سبق الإصرار أو الترصد أو استعمال السلاح، والفصل 410، الذي شدد العقوبات مرة أخرى إذا نتج عن الضرب أو الجرح أو العنف أو الإيذاء أو الحرمان فقد عضو أو بتره أو الحرمان من منفعته أو عمى أو عور أو أية عاهة دائمة أخرى. وقد ذهب المشرع أبعد من ذلك، حينما نص على أنه إذا نتج عنه الموت، دون أن يقصد الجاني إحداثه، فإن عقوبته السجن من عشرين إلى ثلاثين سنة، وأن العقوبة تضبح هي لبسجن المؤبد في حالة حدوث الموت، دون أن يقصده الجاني، ولكنه كان نتيجة لأعمال معتادة، كما أن العقوبة تتحول إلى الإعدام إذا كان الجرح أو الضرب أو العنف أو الإيذاء أو الحرمان قد ارتكب بقصد إحداث الموت.
ومن أجل حماية الأطفال بشكل أشمل، نلاحظ أن الفصل 421، يخفف العقوبة في جرائم الضرب والجرح إذا ارتكبت ضد شخص بالغ عند مفاجأته متلبسا بهتك أو بمحاولة هتك عرض بعنف أو بدون عنف، على طفل دون الثامنة عشرة.
 
إن الملاحظ الأساسية هنا، هي أن حماية الطفل من الإهمال وسوء المعاملة، تقتضي تشديد العقوبة ضد أي جهة تقوم بالاعتداء عليه أو محاولة ذلك. وقد تضمن القانون الجنائي إشارات عديدة إلى الجهات التي يتم معاقبتها، نذكر من بينها:
- الفصل 330، الذي يعاقب الأب أو الأم أو الوصي أو المقدم أو الكافل أو المشغل، وعلى العموم كل من له سلطة على طفل أو من كان يقوم برعايته، إذا سلم، ولو بدون مقابل، الطفل أو اليتيم المكفول أو الطفل المهمل الخاضع للكفالة أو المتعلم الذي تقل سنه عن ثمان عشرة سنة إلى متشرد أو متشردين أو متسول أو متسولين، وكذلك على كل من سلم الطفل أو اليتيم المكفول أو الطفل الخاضع للكفالة أو المتعلم الذي تقل سنه عن ثمان عشرة سنة أو حمل غيره على تسليمه إلى متسول أو متسولين أو متشرد أو متشردين أو حرضه على مغادرة مسكن أهله أو الوصي عليه أو المقدم عليه أو كافله أو مشغله أو الشخص الذي يقوم برعايته، ليتبع متسولا أو متسولين أو متشردا أو متشردين.
- الفصل 404، الذي يعاقب كل من ارتكب عمدا ضربا أو جرحا أو أي نوع آخر من العنف أو الإيذاء ضد أحد أصوله أو ضد كافله أو ضد زوجه؛
- الفصل 411، الذي فصل العقوبات في حق مرتكب الجريمة، إذا كان أحد أصول الطفل المجنى عليه أو شخصا له سلطة عليه أو مكلفا برعايته، ليجعلها تتراوح ما بين سنتين لتصل إلى الإعدام.
- الفصل 414، الذي فصل العقوبات في حق مرتكب الجرائم المتعلقة بإعطاء مواد تضر بالصحة، وبصفة عمدية، إذا كان أحد أصول المجني عليه أو فروعه أو زوجه أو المستحق في ميراثه أو من له سلطة عليه أو المكلف برعايته، وجعلها تتدرج أيضا من سنتين لتصل حد السجن المؤبد.
إن هذه المقتضيات، لم تستثن من العقوبات الزجرية أي جهة، مهما كانت علاقتها بالطفل، حتى ينشأ الطفل في جو سليم، ولا يتعرض لأي شكل من أشكال سوء المعاملة.
 
الفقرة الثانية: ترك الأطفال والعاجزين وتعريضهم للخطر

ينبغي هنا أن نشير، إلى أن مسألة إهمال الأطفال، تُعتبر العامل الأساسي الذي يؤدي إلى ضرورة إيجاد جهة كافلة، وهو ما حدا بالمشرع إلى تخصيص فرع كامل من أجل القضاء على ظاهرة ترك الأطفال أو العاجزين وتعريضهم للخطر. ويتعلق الأمر بالفصول 459 إلى الفصل 467/4.
ورغم أن المشرع هنا قد جمع تحت نفس المقتضيات، ما يهم الطفل وما يهم الإنسان العاجز، فإننا نعتبر أن ذلك في محله، لأن الطفل ولو كان سليم البنية، فإن وضعيته في مجابهة أعباء الحياة تجعل منه فعلا إنسانا عاجزا. ونستعرض هنا تافصول ذات الصلة بالموضوع:
- الفصل 459، يعاقب كل من عرض أو ترك طفلا دون سن الخامسة عشرة أو عاجزا لا يستطيع أن يحمي نفسه بسبب حالته الجسمية أو العقلية، في مكان خال من الناس أو حمل غيره على ذلك؛ - الفصل 460، شدد العقوبة على نفس الفعل لتتدرج من سنتين إلى ثلاثين سنة، عندما يتعلق الأمر بأحد أصول الطفل أو العاجز أو أحد الأشخاص الذين لهم سلطة عليه أو المكلفين برعايته؛
- الفصل 461، يعاقب كل من عرض أو ترك طفلا دون سن الخامسة عشرة أو عاجزا لا يستطيع أن يحمي نفسه بسبب حالته الجسمية أو العقلية، في مكان غير خال من الناس أو حمل غيره على ذلك يعاقب لمجرد هذا الفعل، وشدد الفصل 462 العقوبات إذا تعلقالأمر بأصول المجني عليه أو ممن لهم سلطة عليه أو ممن يتولون رعايته؛
- إن الفصل 465، يعاقب كل من حمل إلى مؤسسة خيرية طفلا يقل عمره عن سبع سنوات كاملة، كان قد عهد به إليه للعناية أو لأي سبب آخر، إلا إذا كان مرتكب هذا الترك غير ملزم ولا متعهد بأن يقدم المؤونة والعناية للطفل مجانا، ولم يقم أي شخص آخر بتقديم ذلك.
-  الفصل 466، يعاقب من ارتكب، بقصد الحصول على فائدة، أحد الأفعال الآتية:
- تحريض الأبوين أو أحدهما على التخلي عن طفلهما الوليد أو الذي سيولد.
- تقديم أو محاولة تقديم وساطته للتكفل بطفل وليد أو سيولد أو لتبنيه.
- الفصل 467، يعاقب كل من:
1 - من حمل الوالدين أو أحدهما على التعهد في عقد بالتخلي عن طفل سيولد لهما، أو حاول ذلك.
2 - من أحرز مثل هذا العقد أو استعمله أو حاول استعماله.
- الفصل467/1: يعاقب كل شخص يقوم ببيع أو شراء طفل تقل سنه عن ثمان عشرة سنة، وبالتالي يعاقب: كل من حرض الأبوين أو أحدهما أو الكافل أو الوصي أو المقدم أو من له سلطة على طفل أو يتولى رعايته على بيع طفل دون سن الثامنة عشرة أو سهل ذلك أو أعان عليه؛ وكل من قام بالوساطة في بيع أو شراء طفل دون سن الثامنة عشرة أو سهل ذلك أو أعان عليه بأية وسيلة من الوسائل.
- الفصل 467/2: يعاقب كل من استغل طفلا دون الخامسة عشرة سنة لممارسة عمل قسري أو توسط أو حرض على ذلك.
 
الفقرة الثالثة: الحيلولة دون التعرف على هوية الطفل

من بين الأسباب التي تؤدي إلى تضخيم ظاهرة إهمال الأطفال، عالج القانون الجنائي مسألة عدم التصريح بالولادة، وعدم الإخطار بالعثور على وليد، زكل مات يرتبط بنقل الطفل أو إخفاؤه أو استبداله:
- الفصل 468، يعاقب على عدم التصريح بالازدياد في الأجل القانوني، في الحالات التي يكون فيها التصريح واجبا، كل من الأب، وعند عدم وجوده، الطبيب أو الجراح أو ملاحظ الصحة أو الحكيمة أو المولدة أو القابلة أو أي شخص حضر الولادة أو وقعت بمحله؛
- الفصل 469، يعاقب كل من عثر على وليد، ولم يخطر به ضابط الحالة المدنية ولا السلطات المحلية؛
- الفصل 470، يعاقب من تعمد نقل طفل أو إخفاءه أو تغييبه أو استبداله بطفل آخر أو تقديمه ماديا على أنه ولد لامرأة لم تلده، مع مضاعفة العقوبة إذا كان الفاعل من أصول الطفل أو شخصا مكلفا برعايته أو له سلطة عليه.
 
الفقرة الرابعة: خطف القاصرين وعدم تقديمهم

في هذا الفرع، عالج المشرع الجنائي ظاهرة خطف الأطفال، وخصص عقوبات مشددة على ذلك، بغض النظر عن الأساليب المستعملة لما في ذلك من أضرار تعود سلبا على المجتمع:
- فالفصل 471، يعاقب على استعمال العنف أو التهديد أو التدليس لاختطاف قاصر دون الثامنة عشر عاما أو لاستدراجه أو إغرائه أو نقله من الأماكن التي وضع فيها من طرف من له سلطة أو إشراف عليه، سواء فعل ذلك بنفسه أو بواسطة غيره.
- والفصل 472، يشدد العقوبة إذا كان القاصر الذي وقعت عليه الجريمة تقل سنه عن اثني عشر عاما.
- الفصل 473، تشدد العقوبة لتصل السجن المؤبد، إذا أخذ الجاني من الشخص الذي كان القاصر تحت سلطته أو تحت إشرافه فدية مالية، أو كان غرضه أن يحصل على هذه الفدية.
- الفصل 474، يعاقب بالإعدام إذا نتج عن الاختطاف موت القاصر.
- الفصل 475، يعاقب كل من اختطف أو غرر بقاصر تقل سنه عن ثمان عشرة سنة بدون استعمال عنف ولا تهديد ولا تدليس أو حاول ذلك.
وقد أثارت الفقرة الثانية من هذا الفصل نقاشا واسعا بخصوص القاصرة القاصرة التي اختطفت أو غرر بها، إذا كانت بالغة وتزوجت من اختطفها أو غرر بها فإنه لا يمكن متابعته إلا بناء على شكوى من شخص له الحق في طلب إبطال الزواج، ولا يجوز الحكم بمؤاخذته إلا بعد صدور حكم بهذا البطلان فعلا.
ونتيجة المطالب المتزايدة من المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية، فإنه سيتم إلغاء هذه الفقرة.
- الفصل 476، يعاقب كل من كان مكلفا برعاية طفل، وامتنع من تقديمه إلى شخص له الحق في المطالبة به؛
- الفصل 477، يعاقب على كل من عرقل تنفيذ حكم قضائي بالحضانة وكان نهائيا أو نافذا بصفة مؤقتة؛
- الفصل 478، يعاقب على التعمد في إخفاء قاصر مخطوف أو مهرب أو مغرر به أو هارب من سلطة من لهم الولاية القانونية عليه، وكذلك من تعمد تهريبه من البحث عنه.
 
الفقرة الخامسة: إهمال الأسرة

تترتب عن ظاهرة إهمال الأسرة، نتائج وخيمة تعود بالضرر أساسا على الأطفال، باعتبار أن هذا الإهمال يساهم بشكل كبير في ازدياد عدد الأطفال المهملين، لأنهم الطرف الضعيف داخل الأسرة:
- الفصل 479، يعاقب الأب أو الأم إذا ما ترك أحدهما بيت الأسرة دون موجب قاهر لمدة تزيد على شهرين وتملص من كل أو بعض واجباته المعنوية والمادية الناشئة عن الولاية الأبوية أو الوصاية أو الحضانة، والزوج الذي يترك عمدا، لأكثر من شهرين ودون موجب قاهر، زوجته وهو يعلم أنها حامل.
- الفصل 480، يعاقب من صدر عليه حكم نهائي أو قابل للتنفيذ الموقت بدفع نفقة إلى زوجه أو أحد أصوله أو فروعه وأمسك عمدا عن دفعها في موعدها المحدد،
- الفصل 482، تعاقب من أحد الأبوين الذي تسبب في إلحاق ضرر بالغ بأطفاله أو بواحد أو أكثر منهم، وذلك نتيجة سوء المعاملة أو إعطاء القدوة السيئة في السكر أو سوء السلوك أو عدم العناية أو التقصير في الإشراف الضروري من ناحية الصحة أو الأمن أو الأخلاق؛
 
الفقرة السادسة: انتهاك الآداب

أولى المشرع الجنائي أهمية خاصة بالأطفال في مجال انتهاك الآداب. فالطفل نتيجة عدم الإدراك أو التمييز، يُمكن إيقاعه في مواقف تؤدي إلى انتهاك حرمة جسده، وتحوله تدريجيا إلى طفل مهمل. وإذا كان هذا المجال واسعا، فإننا سنكتفي ببعض الإشارات التي نعتبر أن لها تأثيرا مباشرا على الموضوع الذي نعالجه:
- الفصل 483، يعاقب على الإخلال العلني بالحياء، وذلك بالعرى المتعمد أو بالبذاءة في الإشارات أو الأفعال، مع اعتبار أن العلنية تتحقق في حالة وجود قاصر دون الثامنة عشرة من عمره؛
- الفصل 484، يعاقب من هتك دون عنف أو حاول هتك عرض قاصر تقل سنه عن ثمان عشرة سنة أو عاجز أو معاق أو شخص معروف بضعف قواه العقلية، سواء كان ذكرا أو أنثى؛
- الفصل 486، يعاقب على الاغتصاب، ويضاعف العقوبة في حالة ارتكابها في حالة ما إذا كانت سن المجني عليها تقل عن ثمان عشرة سنة؛
- الفصل 497، يعاقب كل من حرض القاصرين دون الثامنة عشرة على الدعارة أو البغاء أو شجعهم عليها أو سهلها لهم؛
- الفصل 499؛ يرفع العقوبات في حالة ما إذا ارتكبت الجريمة تجاه قاصر دون الثامنة عشرة؛
- الفصل 503/2، يعاقب كل من حرض أو شجع أو سهل استغلال أطفال تقل سنهم عن ثمان عشرة سنة في مواد إباحية، وذلك بإظهار أنشطة جنسية بأية وسيلة كانت سواء أثناء الممارسة الفعلية أو بالمحاكاة أو المشاهدة أو أي تصوير للأعضاء الجنسية للأطفال يتم لأغراض ذات طبيعة جنسية، مع مضاعفة العقوبة إذا كان الفاعل من أصول الطفل أو مكلفا برعايته أو له سلطة عليه.
المطلب الثاني: قانون الجنسية[[1]]url:#_ftn1

يعد قانون الجنسية، من بين القوانين التي تحدد طريقة اكتساب الجنسية. وإذا كان النص الأصلي قد جعلها مقتصرة على المولود من أب مغربي، فإنه قد تم توسيع ذلك الحق ليشمل أيضا المولودين من أم مغربية (الفصل 6). ومن أجل التقليص من حالات الأطفال المهملين، فإن الفصل السادس، أعتبر أنه "يعتبر مغربيا الولد المولود في المغرب من أبوين مجهولين.
غير أن الولد المولود في المغرب من أبوين مجهولين يعد كأنه لم يكن مغربيا قط – إذا ثبت خلال قصوره – أن نسبه ينحدر من أجنبي وكان يتمتع بالجنسية التي ينتمي إليها هذا الأجنبي طبق قانونه الوطني.
يعد مجهول الأبوين في المغرب مولودا فيه ما لم يثبت خلاف ذلك".[[2]]url:#_ftn2
ومن المهم هنا، الإشارة إلى مسألة اكتساب الجنسية المغربية عن طريق الكفالة، حيث أنه يمكن للشخص المغربي الجنسية الذي يتولى كفالة مولود ولد خارج المغرب من أبوين مجهولين مدة تزيد عن خمس سنوات، أن يقدم تصريحا لمنح المكفول الجنسية المغربية، ما لم يعارض في ذلك وزير العدل. كما أنه يمكن للمكفول الذي توافرت فيه الشروط، والذي لم يتقدم كافله بتصريح بعد مرور خمس سنوات على الكفالة، أن يقدم بصفة شخصية تصريحا للحصول على الجنسية المغربية خلال السنتين السابقتين لبلوغه سن الرشد، وذلك مع مراعاة حق وزير العدل في المعارضة.
المطلب الثالث: الحالة المدنية[[3]]url:#_ftn3

عمل قانون الحالة المدنية، على التقليص ما أمكن من الحالات التي يُمكن أن تؤدي إلى ظهور وضعية الأطفال المهملين، وذلك من خلال التنصيص على الحالات التي تهمهم، سواء تعلق الأمر بحالة الازدياد أو حالة الوفاة.
وهكذا، فإن المادة 16 من قانون الحالة المدنية نصت على أنه "إذا تعلق الأمر بمولود من أبوين مجـهولين، أو بمولود وقع التخلي عنه بعد الوضع، يصرح بولادته وكيل الملك بصفة تلقائية، أو بناء على طلب من السلطة المحلية، أو من كل من يعنيه الأمر، معززا تصريحه بمحضر منجز في هذا الشأن، وبشهادة طبية تحدد عمر المولود على وجه التقريب، ويختار له اسم شخصي واسم عائلي، وأسماء أبوين أو اسم أب إذا كان معروف الأم، ويشير ضابط الحـالة المدنية بطرة رسم ولادته إلى أن أسماء الأبوين أو الأب، حسب الحالة، قد اختيرت له طبقا لأحكـام هذا القانون"، كما أنه "تصرح بالإبن المجهول الأب أمه أو من يقوم مقامها، كما تختار له إسما شخصيا واسم أب مشتقا من أسماء العبودية لله تعالى وإسما عائليا خاصا به".
ويعاقب بغرامة مالية من 300 إلى 1200 درهم كل من وجب عليه التصريح بولادة أو وفاة طبقا لأحكام المادة 16 والمادة 24 ولم يقم بهذا الإجراء، داخل الأجل القانوني (المادة 31).
 
المبحث الثاني: قانون كفالة الأطفال المهملين
 
التطور التاريخي للنصوص التشريعية والتنظيمية ذات الصلة بالأطفال المهملين:
 
عرف مجال كفالة الأطفال المهملين بالمغرب، تطورات عديدة، كما تجل على ذلك مختلف النصوص التشريعية والتنظمية التي عرفتها البلاد قبل الوصول إلى النص الحالي الساري المفعول. ويتعلق الأمر بـ:
- القرار المقيمي المؤرخ في 13 دجنبر 1949 المحدثة بموجبه لجنة تدعى لجنة عليا للطفولة المهملة كما وقع تغييره بالقرار المقيمي الصادر يوم 26 يبراير 1953؛
- المرسوم رقم 2.58.575 بتاريخ 22 يناير 1959[[4]]url:#_ftn4 ، والذي تم بموجبه إحدث لجنة عليا للطفولة المهملة والتربية المحروسة. وقد كانت هذه اللجنة تتألف من: رئيس الوزارة أو ممثله بصفة رئيس، رئيس المكتب المركزي للتعاون الوطني أو ممثله، الكاتب العام للحكومة أو ممثله، وزير العدل أو ممثله، وزير الداخلية أو ممثله، وزير التربية الوطنية، وزير الصحة أو ممثله، وزير الشغل والشؤون الاجتماعية أو ممثله، الرئيس الأول للمجلس الأعلى أو ممثله، الوكيل العام لدى المجلس الأعلى أو ممثله، مدير قسم الشبيبة والرياضة أو ممثله، ممثلو الجماعات التي تهتم بحماية الطفولة لا يتجاوز عددهم ثمانية يعينهم عن سنة واحدة رئيس الوزارة باقتراح وزير التربية الوطنية (الفصل الثاني). وقد كانت اللجنة، وفق افصل الرابع، "تعطي رأيها في جميع المسائل التي تهم الطفولة والفتوة المهملة المعرضة للخطر الأخلاقي والقريبة للإجرام والمجرمة".
ويلاحظ هنا أنه قد تم وفق نفس المرسوم إحداث مجلس دائم للطفولة المهملة والتربية المحروسة يرأسه وزير التربية الوطنية أو ممثله بصفة رئيسا، يكلف بدرس واقتراح وتنسيق جميع التدابير المتعلقة بوقاية الأطفال والشبان المهملين والمعرضين للخطر الأخلاقي والقريبين من الإجرام والمجرمين وكذا جميع التدابير المتعلقة بالنظر في هؤلاء وبإعادة تربيتهم وإدخالهم من جديد في المجتمع.
- الظهير الشريف بمثابة قانون رقم 1.93.165 الصادر في 22 من ربيع الأول 1414 (10 سبتمبر 1993) المتعلق بالأطفال المهملين.
- وأخيرا، الظهير الشريف رقم 1.02.172 صادر في فاتح ربيع الثاني 1423 (13 يونيو 2002) بتنفيذ القانون رقم 15.01 المتعلق بكفالة الأطفال المهملين[[5]]url:#_ftn5 .
 
 
المطلب الأول: مسطرة التكفل وانتهاؤها

الفقرة الأولى: مسطرة التكفل

تشتمل مسطرة التكفل بالأطفال المهملين بالمغرب، من نوعين من الشروط التي ينبغي توفرها لتكون عملية الكفالة قانونية.
فمن جهة أولى، هناك شروط ينبغي توفرها لكفالة طفل مهمل (أولا)، ثم هناك مسطرة ينبغي اتباعها (ثانيا).

أولا: الشروط المطلوبة لكفالة طفل مهمل

لقد حدد المشرع المغربي في المادة التاسعة من قانون كفالة الأطفال المهملين، الشروط التي ينبغي توفرها في الجهة التي تطلب الكفالة. وهي شروط تختلف بحسب ما إذا تعلق الأمر بأشخاص طبيعية أو أشخاص معنوية:
 
1- حالة الزوجـان المسلمان اللذان ينبغي أن يستوفيا الشروط التالية:
أ) أن يكونا بالغين لسن الرشد القانوني، وصالحين للكفالة أخلاقيا واجتماعيا ولهما وسائل مادية كافية لتوفير احتياجات الطفل؛
ب) ألا يكون قد سبق الحكم عليهما معا أو على أحدهما من أجل جريمة ماسة بالأخلاق أو جريمة مرتكبة ضد الأطفال؛
ج) أن يكونا سليمين من كل مرض معد أو مانع من تحمل مسؤوليتهما؛
د) أن لا يكون بينهما وبين الطفل الذي يرغبان في كفالته أو بينهما وبين والديه نزاع قضائي، أو خلاف عائلي يخشى منه على مصلحة المكفول.
 
2- حالة المرأة المسلمة التي توفرت فيها الشروط الأربعة المشار إليها في سابقا.
ونستنتج من هذه الشروط، أن المشرع المغربي أحسن صنعا عند التنصيص، في كلتا الحالتين على اشتراط الديانة الإسلامية ضمانا لعدم إمكانية التأثير على مستقبل الطفل المهمل من خلال تحويله إلى ديانة أخرى، خاصة أمام التأثير المتزايد الذي تُمارسه الحركات التنصيرية التي تستهدف المسلمين أساسا. كما نستنتج أن المشرع، حرصا منه مصلجة الطفل المهمل، منع كل ما يُمكن أن يؤثر على أخلاقه أو صحته أو مصالحه المادية في حالة وجودها.
وقد أحسن المشرع، عندما اشترط عدم وجود سوابق بالنسبة للزوجين المعنيين، خاصة في ميدان الجرائم المرتكبة ضد الأطفال، ضمانا لعدم إمكانية استغلال نظام الكفالة للإضرار بالطفل المهمل واستغلاله في أغراض غير قانونية أو غير أخلاقية.
 
3- حالة المؤسسات العمومية المكلفة برعاية الأطفال، والهيئات والمنظمات والجمعيات ذات الطابع الاجتماعي المعترف لها بصفة المنفعة العامة المتوفرة على الوسائل المادية والموارد والقدرات البشرية المؤهلة لرعاية الأطفال وحسن تربيتهم وتنشئتهم تنشئة إسلامية.
 
ومن المهم هنا، الإشارة إلى أن المشرع المغربي، وعيا منه لإمكانية وجود جمعيات ذات طابع اجتماعي قد يسيرها أشخاص غير مسلمين، قد أعاد التأكيد على ضرورة توفر الشروط ذات الصلة بالتنشئة الإسلامية.
وإلى جانب هذه الشروط، افترض المشرع المغربي إمكانية وجود أربع حالات تصطدم فيها المصالح والرغبات، وتتنوع الظروف، مما يستدعي البحث في إطارها عن مصلة الطفل المهعمل أساسا. ويتعلق الأمر بالحالات التالية:
- إذا تعددت الطلبات بشأن كفالة طفل مهمل تمنح الأسبقية للزوجين اللذين ليس لهما أطفال، أو اللذين تتوفر لهما أفضل الظروف لضمان المصلحة الفضلى للطفل (المادة 10).
- لا يمنع وجود أطفال لدى الزوجين من كفالة أطفال مهملين، شريطة استفادة جميع هؤلاء الأطفال من الإمكانيات المتوفرة لدى الأسرة على قدم المساواة (المادة 11). 
- لا تتم كفالة طفل مهمل يتجاوز سنه اثني عشرة سنة شمسية كاملة إلا بموافقته الشخصية. 
لا تشترط موافقة الطفل المهمل إذا كان طالب الكفالة مؤسسة عمومية مكلفة برعاية الأطفال، أو هيئة أو منظمة أو جمعية ذات طابع اجتماعي معترف لها بصفة المنفعة العامة (المادة 12).
- لا يمكن كفالة طفل واحد من طرف عدة كافلين في آن واحد (المادة 13).
 
 
ثانيا: المسطرة الواجب اتباعها لتكفل بطفل مهمل

إن الشروط المشار إليها في الفقرة السابقة، لا تكفي في حد ذاتها لتكفل بطفل مهمل، بل ينبغي إلى جانب ذلك، اتباع مسطرة معينة محددة بنص القانون. وهكذا، فإنه يتعين على الشخص أو الجهة الراغبة في كفالة طفل مهمل تقديم طلب بشأن إسناد الكفالة، إلى القاضي المكلف بشؤون القاصرين الواقع بدائرة نفوذه مقر إقامة الطفل المهمل، مرفق بالوثائق المثبتة لاستيفاء الشروط المبينة في القانون، وبنسخة من رسم ولادة الطفل المراد كفالته إلى القاضي المكلف بشؤون القاصرين المختص (المادة 15). وقد سمحت المادة للشخص أو الجهة الراغبة في الكفالة بالحصول على نسخة من رسم ولادة الطفل المراد كفالته.
 
وبناء على هذا الطلب، يقوم القاضي المكلف بشؤون القاصرين بجمع المعلومات والمعطيات المتعلقة بالظروف التي ستتم فيها كفالة الطفل المهمل، عن طريق بحث خاص يجريه بواسطة لجنة مكونة من ممثل للنيابة العامة، وممثل للسلطة الحكومية المكلفة بالأوقاف والشؤون الإسلامية، وممثل للسلطة المحلية، وممثل للسلطة الحكومية المكلفة بالطفولة.
وقد أحالت المادة 16 بخصوص تعيين أعضاء هذه اللجنة إلى نص تنظيمي[[6]]url:#_ftn6 ، حددت المادة الأولى منه، تشكلتها كما يلي:
- ‏وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية التابع لدائرة نفوذها القاضي المكلف بشؤون القاصرين المختص أو من يعينه من نوابه لهذه الغاية بصفته رئيسا؛
- ناظر الأوقاف والشؤون الإسلامية الموجود بدائرة نفوذ نظارته مقر إقامة الطفل المهمل أو من ينوب عنه؛
- ممثل السلطة المحلية الموجود بدائرة نفوذها مقر إقامة الطفل المهمل أو من ينوب عنه؛
- مساعدة اجتماعية معينة من السلطة الحكومية المكلفة بالطفولة، تقترحها السلطة الحكومية المكلفة بالصحة، أو من ينوب عنها".
وللمزيد من مراعاة مصلحة الطفل المهمل، أجاز القانون للقاضي، إذا اقتضت ذلك طبيعة البحث، أن يستعين بأي شخص أو جـهة يراها مفيدة لهذه الغاية، بغرض التعمق في معرفة ما إذا كان الشخص الراغب فـي الكفالة مستوفيا للشروط المنصوص عليها في المادة التاسعة أم لا. وفي حالة ما إذا أسفر البحث عن توفر الشروط التي يستلزمها القانون، يصدر القاضي المكلف بشؤون القاصرين أمراً بإسناد كفالة الطفل المهمل إلى الشخص أو الجهة التي تقدمت بالطلب، وينص في نفس الأمر على تعيين الكافل مقدما عن المكفول. وفي هذه الجالة، يكون أمر القاضي مشمولا بالنفاذ المعجل بقوة القانون رغم كل طعن، رغم أنه قابل للاستئناف (المادة 17).
وعند تنفيذ الأمر الصادر بالكفالة، حددت المادة 18 من القانون الإجراءات اللازم اتباعها، والمتمثلة في:
- تنفيذ الأمر الصادر بالكفالة من طرف المحكمة الابتدائية التابع لها القاضي المصدر لأمر الكفالة داخل خمسة عشر يوما من تاريخ صدوره؛
- تحرير محضر بتسليم الطفل المكفول إلى الشخص أو الجهة الكافلة؛
- حضور ممثل النيابة العامة والسلطة المحلية والمساعدة الاجتماعية المعنية عند الاقتضاء؛ 
- وجوب تضمين المحضر، على الخصوص، هوية الكافل والطفل المكفول والأشخاص الذين حضروا التسليم ومكان وساعة تسليم الطفل ويجب أن يوقعه عون التنفيذ والكافل. وإذا كان الكافل لا يستطيع التوقيع، فيضع بصمته؛
- تحرير المحضر في ثلاثة نظائر يوجه أحدها إلى القاضي المكلف بشؤون القاصرين ويسلم الثاني إلى الكافل ويحتفظ بالثالث في ملف التنفيذ.
 
الفقرة الثانية: انتهاء التكفل

حددت المادة 25 من قانون كفالة الأكفال المهملين، الحالات التي يُمكن معها أن تنتهي الكفالة، وذلك في الحالات التالية:
- بلوغ المكفول سن الرشد القانوني. ولا تسري هذه المقتضيات على البنت غير المتزوجة ولا على الولد المعاق أو العاجز عن الكسب؛
- موت المكفول؛
- موت الزوجين الكافلين معا أو المرأة الكافلة؛
- فقدان الزوجين الكافلين لأهليتهما معا؛
- فقدان المرأة الكافلة لأهليتها؛
- حل المؤسسة أو الهيئة أو المنظمة أو الجمعية الكافلة؛
- إلغاء الكفالة بأمـر قضائي في حالات إخلال الكافل بالتزاماته أو تنازله عن الكفالة، أو إذا اقتضت ذلك المصلحة الفضلى للطفل المكفول.
 
ويلاحظ هنا أن هذه الحالات منطقية كلها، وتتماشى مع المنطق القانوني المُعتد، كما انها لا تثير إشكاليات كثيرة. إلا أنه على العكس من ذلك، تثير حالة انفصال الزوجين الكافلين بعض المشاكل التي حاولت المادة 26 التصدي لها.
فإذا إذا انفصمت عرى الزوجية بين الزوجين الكافلين، أصدر القاضي المكلف بشؤون القاصرين بناء على طلب من الزوج أو الزوجة أو من النيابة العامة أو تلقائيا، أمرا إما باستمرار الكفالة لأحدهما، أو باتخاذ ما يراه مناسبا من إجراءات، وتسري على الطفل المكفول في هذه الحالة مقتضيات الفصل 102 من مدونة الأحوال الشخصية، وهو ما يقابله حاليا المادة 166 من القانون رقم 70.03 بمثابة مدونة الأسرة، الذي جاء فيه: "تستمر الحضانة إلى بلوغ سن الرشد القانوني للذكر والأنثى على حد سواء.
بعد انتهاء العلاقة الزوجية، يحق للمحضون الذي أتم الخامسة عشرة سنة، أن يختار من يحضنه من أبيه أو أمه.
في حالة عدم وجودهما، يمكنه اختيار أحد أقاربه المنصوص عليهم في المادة 171 بعده، شريطة أن لا يتعارض ذلك مع مصلحته، وأن يوافق نائبه الشرعي.
وفي حالة عدم الموافقة، يرفع الأمر إلى القاضي ليبت وفق مصلحة القاصر".
وعند ارتفاع أسباب الإهمال، يمكن لأحد الوالدين أو لكليهما، استرجاع الولاية على طفلهما بمقتضى حكم، على أن تستمع المحكمة إلى الطفل إذا كان قد أدرك سن التمييز. فإذا رفض الطفل الرجوع إلى والديه أو إلى أحدهما، فإن المحكمة تقضي بما تراه مناسبا لمصلحة الطفل (المادة 29).
 
المطلب الثاني: ممارسة التكفل ومتابعته

الفقرة الأولى: ممارسة التكفل
 
لقد حددت المادة الثانية، الغرض من ممارسة التكفل والغاية منه من خلال التحديد التالي: "الالتزام برعاية طفل مهمل وتربيته وحمايته والنفقة عليه كما يفعل الأب مع ولده ولا يترتب عن الكفالة حق في النسب ولا فـي الإرث.". لذلك، فإنه من الضروري معالجة الآثار المترتبة عن إسناد كفالة طفل مهمل إلى جهة معينة. وقد راعى المشرع المغربي، مرة أخرى، ضوابط الدين الإسلامية من خلال التأكيد على عدم توسيع آثار التكفل إلى درجة اكتساب الحق في النسب أو الإرث، وهي المسائل التي نها الإسلام عنها.
 
وهكذا، فإنه يترتب عن الأمر بإسناد الكفالة، وفق المواد 22 و23 و24 ما يلي:
- تحمل الكافل أو المؤسسة أو الهيئة أو الجمعية أو المنظمة المعنية تنفيذ الالتزامات المتعلقة بالنفقة على الطفل المكفول وحضانته ورعايته وضمان تنشئته في جو سليم، مع الحرص على تلبية حاجياته الأساسية إلى حين بلوغه سن الرشد القانوني، طبقا للمقتضيات القانونية الواردة بمدونة الأحوال الشخصية المتعلقة بحضانة ونفقة الأولاد؛
- إذا كان الطفل المكفول أنثى، فإن النفقة يجب أن تستمر إلى أن تتزوج طبقا لمقتضيات مدونة الأحوال الشخصية المتعلقة بالنفقة على الأنثى؛
- تطبق أيضا مقتضيات مدونة الأحوال الشخصية المتعلقة بالنفقة على الأولاد العاجزين عن الكسب إذا كان الطفل المكفول معاقا أو عاجزا عن الكسب؛
- استفادة الكافل من التعويضات والمساعدات الاجتماعية المخولة للوالدين عن أولادهم من طرف الدولة أو المؤسسات العمومية أو الخصوصية أو الجماعات المحلية وهيئاتها؛
- كون الكافل مسؤولا مدنيا عن أفعال المكفول. وتطبق على هذه المسؤولية القواعد الواردة في الفصل 85 من قانون الالتزامات والعقود.
- إذا ارتأى الكافل جعل المكفول يستفيد من هبة أو وصية أو تنزيل أو صدقة، يسهر القاضي المكلف بشؤون القاصرين الواقع ضمن دائرة نفوذه محل إقامة الطفل المكفول على إعداد العقد اللازم لذلك وعلى حماية حقوق المكفول. 
- يمكن للكافل السفر بالطفل المكفول للإقامة الدائمة خارج المملكة المغربية، بعد حصوله على إذن بذلك من طرف القاضي المكلف بشؤون القاصرين وذلك لمصلحة الطرفين.
- ترسل نسخة من إذن القاضي عند صدوره، إلى المصالح القنصلية المغربية بمحل إقامة الكافل للقيام بدور تتبع وضعية الطفل المكفول ومراقبة مدى وفاء كافله بالالتزامات المنصوص عليها في المادة 22أعلاه، وذلك بجميع الوسائل التي تراها مناسبة، مع إخبار القاضي المكلف بشؤون القاصرين المختص بكل إخلال يطرأ على هذه ا لالتزامات. 
- يوجه القنصل إلى القاضي المكلف بشؤون القاصرين تقارير تتعلق بحالة الطفل ويمكنه أن يقترح على القاضي كل التدابير التي يراها ملائمة ومنهـا إلغاء الكفالة.
- يمكن للقاضي عند الضرورة وبناء على التقارير المذكورة أن يتخذ كل الإجراءات التي يراها ملائمة لمصلحة الطفل إما تلقائيا أو بناء على طلب من وكيل الملك أو ممن له مصلحة في ذلك، ويمكنه أن يستعين لهذه الغاية بالإنابة القضائية.
 
ومن أجل ضمان حسن سير نظام الكفالة، فرض المشرع المغربي عقوبات زجرية على الكافل عند ارتكابه لجريمة ما في حق المكفول وذلك وفق نفس الأحكام التي تعاقب الوالدين على الجرائم التي يرتكبونها في حق الأولاد، وبالمثل فرض عقوبات زجرية على المكفول عند ارتكابه جريمة في حق الكافل، وكل ذلك وفق مقتضيات القانون الجنائي التي تعاقب على الجرائم التي يرتكبها الأولاد في حق الوالدين (المادة 30).
 
وقد أحسن المشرع المغربي بالتوصيل على هذه العقوبات، لأن المفروض هو أن علاقة الكافل بالمكفول يجب ألا تشكل استثناء عن قاعدة علاقة الآباء بالأبناء.
 
الفقرة الثانية: تتبع تنفيذ الكفالة

بناء على المادة 19 من القانون، فإنه "يعهد إلى القاضي المكلف بشؤون القاصرين الواقع بدائرة نفوذه مقر إقامة الكافل، بمهمة تتبع ومراقبة شؤون الطفل المكفول، ومدى وفاء الكافل بالتزاماته، وله أن يعهد من أجل ذلك بإجراء الأبحاث التي يراها مناسبة إلى :
أ) النيابة العامة أو السلطة المحلية أو المساعدة الاجتماعية المؤهلة لذلك قانونا أو الجهات المختصة الأخرى؛
ب) أو اللجنة المنصوص عليها في المادة 16 والمشار إليها أعلاه.
وتوجـه الجهات المذكورة أو اللجنة تقارير إلى القاضي المكلف بشؤون القاصرين حول البحث الذي تم إجراؤه.
يمكن للقاضي المكلف بشؤون القاصرين، بناء على التقارير المقدمة إليه، والتي يُنمن أن تتضمن اقتراحات بخصوص التدابير التي تراها ملائمة ومنها الأمر بإلغاء الكفالة، أن يأمر بإلغاء الكفالة، وأن يتخذ ما يراه ملائما لمصلحة الطفل.
وفي حالة امتناع كافل الطفل المهمل عن تنفيذ مقتضيات الأمر المشار إليه في المادة 19 أعلاه، فإن القاضي المكلف بشؤون القاصرين، يُمكنه، وفق المادة 20، إحالة الملف على النيابة العامة لتسهر على تنفيذه بواسطة القوة العمومية، أو بما تراه ملائما من الوسائل، مع اتخاذ الإجراءات المناسبة لمصلحة الطفل المكفول.


الهوامش

[[1]]url:#_ftnref1 - الظهير الشريف رقم 1.58.250 بسن قانون الجنسية المغربية، الجريدة الرسمية عدد 2395 بتاريخ 4 ربيع الأول 1378 )19 شتنبر 1958(، ص 2190.
[[2]]url:#_ftnref2 - تم تغيير وتتميم الفصل 6 و7 بموجب القانون رقم 62.06 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.07.80 بتاريخ 3 ربيع الأول 1428 ) 23 مارس 2007(، الجريدة الرسمية عدد 5513 بتاريخ 13 ربيع الأول 1428 (2 أبريل 2007(، ص 1116.
 
[[3]]url:#_ftnref3 - ظهير شريف رقم 1.02.239 صادر في 25 من رجب 1423 (3 أكتوبر 2002) بتنفيذ القانون رقم 37.99 المتعلق بالحالة المدنية، الجريدة الرسمية عدد 5054 بتاريخ 2 رمضان 1423 (7 نوفمبر 2002)، ص 3150.
[[4]]url:#_ftnref4 - الجريدة الرسمية عدد 2414 الصادرة بتاريخ  20 رجب 1378 ( 30 يناير 1959).
[[5]]url:#_ftnref5 - منشور بالجريدة الرسمية عدد 5031 بتاريخ 10 جمادى الآخرة 1423 (19 أغسطس 2002)، ص 2362.
[[6]]url:#_ftnref6 - يتعلق الأمر بالمرسوم رقم 2.03.600 ‏الصادر في 18 من ربيع الآخر 1425 (7 يونيو 2004)، المنشور في  الجريدة الرسمية عدد 5223 بتاريخ 3 جمادى الأولى 1425 (21 يونيو2004)، ص 2671.



السبت 11 ماي 2013

تعليق جديد
Twitter