MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers



دبلوماسية الملك تنتصر: بريطانيا تدعم المبادرة المغربية

     

د. يونس مليح
أستاذ باحث بجامعة مولاي إسماعيل بمكناس



دبلوماسية الملك تنتصر: بريطانيا تدعم المبادرة المغربية
تتوالى المحطات التي تكرس سيادة المملكة المغربية على أقاليمها الجنوبية، وتؤكد صواب المقاربة الملكية الحكيمة في تدبير ملف الصحراء المغربية، بقيادة جلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده. فقد أعلنت المملكة المتحدة البريطانية، أحد الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن، بشكل رسمي، انضمامها إلى قائمة الدول الداعمة لمبادرة الحكم الذاتي التي قدمها المغرب سنة 2007، واعتبرتها أساسا "جادا وذا مصداقية" لتسوية هذا النزاع الإقليمي المفتعل.

فالتحولات التي عرفها الخطاب الدولي في السنوات الأخيرة، تظهر أن العالم بدأ يميل نحو الواقعية السياسية، حيث باتت مبادرة الحكم الذاتي التي تقترحها المملكة المغربية تحظى بدعم متزايد من القوى الكبرى. ويأتي الموقف الأخير للمملكة المتحدة الداعم صراحة لهذه المبادرة ليطرح سؤالا جوهريا: هل نحن أمام ترسيخ نهائي لاعتراف دولي واسع بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية في ظل القيادة المتبصرة للملك محمد السادس؟
 
  1. ثبات في الرؤية الملكية وتحولات في المواقف الدولية
منذ توليه العرش، وضع جلالة الملك محمد السادس نصره الله قضية الصحراء في صلب أولويات السياسة الخارجية للمملكة، مبلورا رؤية متكاملة تقوم على ثلاث ركائز: شرعية تاريخية وقانونية راسخة، شرعية ميدانية قائمة على التنمية والديمقراطية في الأقاليم الجنوبية، ودبلوماسية استباقية تتفاعل بذكاء مع المستجدات الدولية.
وقد شكل خطاب المسيرة الخضراء لعام 2020 منعطفاً في وضوح الموقف الملكي، حيث شدد جلالته على أن "مغربية الصحراء حقيقة ثابتة لا نقاش فيها"، راسماً بذلك الإطار المرجعي لأي نقاش دولي حول الملف: السيادة المغربية خط أحمر، والحكم الذاتي هو الخيار الواقعي الوحيد المطروح.
  1. المبادرة المغربية: خيار واقعي يكتسب زخماً
لقد أثبتت التجربة أن مبادرة الحكم الذاتي ليست فقط تصوراً نظرياً لحل النزاع، بل مشروعاً سياسياً قابلاً للتطبيق، يجمع بين احترام سيادة المغرب وتوفير آليات التدبير الذاتي لساكنة الأقاليم الجنوبية. ومع تبني المملكة المتحدة لهذا الطرح، بات من الواضح أن المبادرة المغربية لم تعد مجرد اقتراح، بل تحولت إلى مرجعية دولية واقعية في ظل تعثر المقاربات الانفصالية وتراجع صدقيتها.
  1. من الدفاع إلى التمكين: التنمية كآلية لترسيخ السيادة
ما يميز المقاربة المغربية في تدبير ملف الصحراء أنها لا تكتفي بالحضور الدبلوماسي، بل تدعمه بتنمية ميدانية شاملة حولت الأقاليم الجنوبية إلى أقطاب اقتصادية واستثمارية صاعدة. من ميناء الداخلة الأطلسي إلى مشاريع الطاقات المتجددة والبنيات التحتية الحديثة، أضحى المغرب يجسد على الأرض ما يدافع عنه في المحافل الدولية.
هذه المشاريع ليست فقط تعبيرا عن الإرادة التنموية للدولة، بل هي أيضا آليات لترسيخ الارتباط الوطني والرفع من مؤشرات الاستقرار والاندماج المجالي.
  1. تحالفات استراتيجية ودينامية دبلوماسية متصاعدة
دعم بريطانيا للمبادرة المغربية لا يمكن عزله عن سياق أوسع من التحولات الجيوسياسية التي تعيد رسم خريطة العلاقات الدولية في شمال إفريقيا. فالمملكة اليوم لا تُنظر إليها فقط كطرف في نزاع إقليمي، بل كشريك موثوق به في قضايا الأمن، الطاقة، محاربة الإرهاب، والهجرة.

بعد خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي، وجدت لندن في الرباط بوابة استراتيجية نحو إفريقيا ومنطقة المتوسط، وهو ما يفسر توسيع التعاون الثنائي في مجالات التجارة، التعليم العالي، والأمن السيبراني، ضمن مقاربة رابح-رابح.

مع تراكم الاعترافات الدولية المتزايدة، وافتتاح عشرات القنصليات العامة في مدن الصحراء، واشتداد عزلة الطرح الانفصالي، تبدو قضية الصحراء المغربية أقرب من أي وقت مضى إلى طي صفحة النزاع بشكل نهائي. والموقف البريطاني، باعتباره صادرا عن دولة ذات تأثير قوي داخل مجلس الأمن، يكرس هذا الاتجاه ويمنحه بعدا استراتيجيا إضافيا.
إن ما تحقق هو ثمرة لرؤية ملكية بعيدة النظر، اختارت الواقعية السياسية والحضور التنموي على منطق الصدام، ونجحت في تحويل نزاع مفتعل إلى فرصة لبناء تحالفات إقليمية ودولية متينة.
ويبقى المؤكد أن الصحراء كانت وستظل جزءا لا يتجزأ من التراب الوطني، في ظل إجماع شعبي راسخ من طنجة إلى الكويرة، وقيادة ملكية واثقة تسير بالمغرب نحو حسم نهائي، عادل، وشرعي لقضية وحدته الترابية.
 
 



الخميس 12 يونيو 2025
MarocDroit منصة مغرب القانون "الأصلية"

تعليق جديد
Twitter