مقدمة:
تعتبر الصفقات العمومية آلية من آليات تنزيل السياسات العمومية وتحقيق التنمية الاقتصادية وطنيا ومحليا، حيث أضحت من أهم الوسائل التي تلجأ إليها الإدارات العمومية لتلبية حاجياتها في شتى المجالات، كما أنها تمثل الآلية المثلى لتنفيذ مختلف السياسات الاقتصادية للدولة، فعن طريقها يمكن تحقيق المشاريع التنموية على أرض الواقع، من خلال تحفيز الاستثمار وتشجيع المقاولات، إلى جانب المساهمة في الرواج الاقتصادي، وكذا توفير البنيات التحتية الضرورية وتهيئة الظروف الملائمة لإنعاش وجلب الاستثمار الوطني والأجنبي.
وفي هذا الإطار، تعرف الصفقات العمومية على أنها: عقود بعوض أو بمقابل مادي يتم إبرامها بين صاحب المشروع (أي الإدارة التي تبرم الصفقة باسم الدولة) من جهة، وشخص طبيعي أو معنوي من جهة أخرى يدعى مقاولا أو موردا أو خدماتيا، الهدف منها تنفيذ أشغال عمومية (من بناء أو إعادة بناء أو هدم أو ترميم أو تجديد بناية أو منشأة ما...) أو تسليم توريدات (من خلال اقتناء منتوجات أو معدات...) أو القيام بخدمات.[1]
في نفس الاتجاه، فإنه غير خاف على أحد الأهمية الاستراتيجية التي تكتسيها الصفقات العمومية في تلبية حاجيات الإدارة وتنفيذ السياسات العمومية وتنزيل الاستراتيجيات القطاعية التي تعول عليها بلادنا من أجل إرساء دعائم اقتصاد حر وقوي قوامه المبادرة والمنافسة الحرتين، وغايته تحقيق التنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية والاقلاع الاقتصادي في مختلف الميادين والأصعدة.
ومما لا يدع مجالا للشك، فإن الصفقات العمومية هي رافعة أساسية في ورش التنمية نظرا لمساهمتها الفعالة في تحريك عجلة الاقتصاد ومجال خصب لتداول المال العام وبالتالي تحقيق القيمة المضافة في ظل النمو المضطرد لحجم الاستثمارات العمومية للدولة والجماعات الترابية والمؤسسات العمومية.
هذا ونجد أن المشرع المغربي أخذ بعين الاعتبار الدور التنموي للصفقات العمومية من خلال مرسوم 8مارس 2023، بحيث أسس لمجموعة من المبادئ يبقى أهمها ما ورد في أحكام المادة الأولى من المرسوم المذكور والمتعلقة بالأخذ بعين الاعتبار الأبعاد الاقتصادية عند إبرام الصفقة.
الأمر الذي يساهم في الرفع من نجاعة أداء الصفقات العمومية وبالتالي مساهمتها في تحقيق التنمية الاقتصادية المنشودة، ولاسيما من خلال تحفيز الاستثمار وجلب الاستثمار الأجنبي وتشجيع المقاولات خاصة الصغيرة جدا والصغرى.
وبناء عليه فإن موضوع الصفقات العمومية ورهان تحقيق التنمية الاقتصادية، يطرح إشكالية جوهرية مفادها:
إلى أي مدى يمكن أن تساهم الصفقات العمومية في تحقيق التنمية الاقتصادية المنشودة؟
تتفرع عن الإشكالية الرئيسية مجموعة من الأسئلة التالية:
المبحث الأول: مظاهر مساهمة الصفقة العمومية في تحقيق التنمية الاقتصادية
المبحث الثاني: محدودية ومتطلبات تحقيق التنمية الاقتصادية من خلال آلية الصفقة العمومية
المبحث الأول: مظاهر مساهمة الصفقة العمومية في تحقيق التنمية الاقتصادية
تمثل الصفقات العمومية آلية مهمة في مجال النهوض بالتنمية الاقتصادية، ولاسيما من خلال أدوارها الجوهرية المتمثلة أساسا في تحفيز الاستثمار والنهوض به إلى أرقى المستويات (المطلب الأول)، بالإضافة إلى تشجيع المقاولة خاصة الصغيرة جدا والصغرى والمساهمة في الرواج الاقتصادي (المطلب الثاني).
المطلب الأول: تحفيز الاستثمار
تتعدد أدوار ووظائف الصفقات العمومية وتتسع مجالات تدخلاتها، إذ أن أغلب الاستثمارات يتم إنجازها عن طريق إبرام الصفقات العمومية، باعتبارها أداة لإنعاش الاستثمار وآلية لتجسيد المشاريع التنموية.[2]
إذ يشكل الاستثمار ركيزة أساسية للتنمية لأنه يمثل إضافة إلى الطاقة الإنتاجية والزيادة في الثروات بما لذلك من أثر بليغ في إشباع الحاجات وتوفير الخدمات، فإن دوره لا يقتصر فقط على المساهمة في إيجاد قاعدة إنتاجية في البلد المستثمر فيه، بل له دور ملحوظ في مكافحة البطالة وإيجاد الفرص لتشغيل اليد العاملة وتوفير السلع والخدمات الأمر الذي من شأنه دفع حركة التجارة وتشجيع الصادرات، وهو ما يكسب البلد نقدا أجنبيا يعاد استثماره في التوسع في المشاريع القائمة أو إنشاء مشاريع جديدة.[3]
وبالتالي فالاستثمار أضحى من أهم الآليات الأساسية لتحقيق التنمية الاقتصادية، ومن الأدوات الناجعة والفعالة لتشجيع وتنشيط المجال الاقتصادي والتي تضمن الاستمرارية والمنافسة في ظل المتغيرات التي يعرفها الاقتصاد العالمي، ونظرا لأهميته سارعت كل الدول بما فيها المغرب إلى إدخال إصلاحات جذرية على أنظمته واتخاذ الإجراءات والتدابير اللازمة لإنعاش الاستثمار وتهيئ المناخ الملائم لجلبه.
وبما أن كل تنمية وطنية لا يمكنها أن تنطلق إلا بانطلاقها من تنمية محلية، شكلت الصفقات المحلية الأداة الناجعة لدى الجماعات الترابية لتعزيز تدخلاتها الاقتصادية وتشجيع الاستثمار على المستوى المحلي من خلال دراسة مفصلة لكل صفقة جماعية تستحضر الحاجيات الضرورية.
فإذا استغلت كل جماعة بما تتميز به وتستثمره عن طريق الصفقات ستصبح محركا قويا لعملية التنمية المحلية، كالاستثمار في مجال الصناعات مثلا، بحيث تتدخل الصفقات من أجل تهيئة المناطق الصناعية وذلك لخلق الإطار المناسب لجلب الاستثمارات المحلية والمشاريع الصناعية، بغية تجميعها في منطقة واحدة الأمر الذي يمكن من تحقيق نوع من التوازن داخل المجال الترابي للجماعة.[4]
بالإضافة إلى ذلك، تشمل التدخلات الاقتصادية للصفقات العمومية المحلية ميدان التجهيز الجماعي، باعتباره من الاختصاصات الخالصة للجماعات الترابية كتوزيع الماء والكهرباء وإنشاء الحدائق العمومية والحفاظ على النظافة وتوفير النقل العمومي الحضري وبشكل عام توفير الخدمات الآنية واليومية للسكان المحليين.[5]
إذ تعتبر هذه الوسيلة التي تمارس الجماعات الترابية من خلالها اختصاصاتها في ميدان التجهيز الجماعي خطوة أساسية في جلب الاستثمارات، موفرة للمستثمر الظروف الملائمة من بنية تحتية وبالأخص إقامة مناطق صناعية مجهزة قادرة على استقطاب رؤوس أموال كفيلة بتحريك عملية التنمية الصناعية بالجماعات الترابية.
وفي اتجاه آخر، فإن للصفقات العمومية دور مهم في جذب الاستثمارات، لما لهذه الأخيرة من تأثير على إيجابي على خلق فرص الشغل، ولاسيما بعد انخراط المغرب في مختلف الإصلاحات الهيكلية والأوراش التنموية الكبرى خاصة بعد ترشيح المملكة لتنظيم تظاهرات كروية في مقدمتها كأس العالم لكرة القدم 2030 وكأس افريقيا لكرة القدم 2025، بالإضافة إلى باقي المشاريع المبرمجة على مستوى مختلف القطاعات والمجالات والمنصوص عليها بموجب قانون المالية لسنة 2025.
المطلب الثاني: تشجيع المقاولات
بعد الأزمة الصحية العالمية التي عرفها المغرب بسبب جائحة كورونا، ولمواجهة التحديات الاقتصادية واستعادة مسار النمو الاقتصادي، اتخذت المملكة تحت القيادة السامية لجلالة الملك مجموعة من التدابير الاستباقية من أجل التخفيف من التداعيات الاقتصادية والاجتماعية للجائحة من خلال دعم المقاولات وتيسير ولوجها للتمويل المضمون من طرف الدولة.[6] إلى جانب مواكبة ودعم الاستئناف التدريجي للنشاط الاقتصادي وتمكين النسيج المقاولاتي من استعادة ديناميته ومنحه الأفضلية عن المقاولات الأجنبية المتنافسة.
تماشيا مع نفس النهج، فإن المرسوم الجديد المتعلق بالصفقات العمومية 8مارس 2023 ومن خلال المادة 174 منه، أولى المشرع من خلاله اهتماما للمقاولات الوطنية حيث أعطى مميزات خاصة لهذه الأخيرة من خلال منح الأفضلية في الحصول على الصفقات العمومية، وبهذا فإنه يتعين عند تقييم العروض المالية بخصوص نيل صفقات الأشغال أو التوريدات أو الخدمات، أن تمنح الأفضلية للعروض المقدمة من طرف المتنافسين المقيمين بالمغرب[7]، وبالتالي فإنه يتعين على صاحب المشروع أن يخصص %30 من المبلغ المتوقع للصفقات التي يعتزم طرحا برسم كل سنة مالية للمقاولات الوطنية بما فيها المقاولة المبتكرة المبتدئة[8] وللتعاونيات ولاتحاد التعاونيات وللمقاول الذاتي.
ولهذه الغاية، فإن مبلغ العرض المالي المقدم من لدن المتنافس غير المقيم بالمغرب يخضع:[9]
-لتخفيض بنسبة مئوية محددة في %15، إذا كان مبلغ هذا العرض هم الأقرب بالتفريط من الثمن المرجعي مع وجود عروض مقدمة من لدن المتنافسين المقيمين بالمغرب أقل من هذا الثمن؛
-لزيادة بنسبة مئوية محددة في %15، إذا كان مبلغ هذا العرض هو الأقرب بالإفراط من الثمن المرجعي عند عدم وجود عروض أقل من هذا الثمن؛
-لزيادة بنسبة مئوية محددة في %15 إذا كان مبلغ هذا العرض هو الأقرب بالتفريط من الثمن المرجعي، عندما تفوق العروض المقدمة من لدن المتنافسين المقيمين بالمغرب هذا الثمن المرجعي.
بالإضافة إلى ذلك وفي نفس السياق، نص مرسوم 8مارس 2023 على تشجيع المنتوجات المغربية في إطار الصفقات العمومية، وكما هو غني عن البيان أن تشجيع المواد والمنتوجات المغربية المنشأ له أهمية قصوى في الدفع بعجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية بالبلاد، خصوصا في سياق خطة الإنعاش التي أطلقها المغرب جوابا على تحديات ما بعد جائحة كورونا.[10]
وبالتالي من أجل تأمين تطبيق المقتضيات السالفة الذكر، ألزم منشور رئيس الحكومة المتعلق بتفعيل الأفضلية الوطنية، بتقديم الوثائق المثبتة لأصل المنتوجات والمواد التي تعتزم استعمالها بما في ذلك الفاتورات وسندات التسليم وسندات المصادر، كما ألزم أصحاب المشاريع بإعداد شهادة إدارية تبرر من خلالها اللجوء إلى معايير دولية مخالفة للمواصفات القياسية المعتمدة في التشريع المغربي أو في حالة استيراد منتوجات أو مواد من الخارج.
وفي هذا الإطار ومن أجل تدبير عملية منح الأفضلية للمقاولة الوطنية، أوصى المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي في تقريره السنوي لسنة 2018، بضرورة التطبيق الصارم للعقوبات المنصوص عليها في المرسوم المتعلق بالصفقات العمومية في حق المقاولات التي لا تحترم الالتزامات المتعاقد بشأنها ومقتضيات دفاتر التحملات، وإمكانية نشر أسماء المقاولات المخالفة لفترة زمنية محددة في لائحة يكون باستطاعة جميع الآمرين بالصرف في الهيئات العمومية الاطلاع عليها، حتى يتم استبعاد هذه المقاولات مؤقتا من الولوج إلى الصفقات العمومية.[11]
المبحث الثاني: محدودية ومتطلبات تحقيق التنمية الاقتصادية من خلال آلية الصفقة العمومية
قد يواجه تنفيذ الصفقات العمومية بعض المعيقات التي تحد من التأثير الفعال للصفقة وبالتالي تحقيق التنمية الاقتصادية المنشودة من أبرزها الفساد الإداري والمالي وضعف التمويل (المطلب الأول)، من أجل ذلك، وجب العمل على وضع الآليات الكفيلة للنهوض بميدان الصفقات في اتجاه يكرس للتنمية الاقتصادية، لاسيما من خلال رقمنة منظومة الصفقات العمومية (المطلب الثاني).
المطلب الأول: الإشكالات المرتبطة بالصفقة العمومية التي تعيق تحقيق التنمية الاقتصادية
قد تواجه الصفقة العمومية مجموعة من المعيقات التي تحول دون تحقيق الأهداف المرسومة والتي أبرمت من أجلها ولاسيما فيما يتعلق بتحقيق التنمية الاقتصادية، ولعل أبرز هذه الإشكالات الفساد الإداري والمالي إلى جانب ضعف التمويل.
أولا: الفساد الإداري والمالي
من أبرز الانحرافات التي قد تواجه تنفيذ الصفقات العمومية وتأثيراتها على التنمية الاقتصادية، الفساد الإداري الذي يؤدي بدوره إلى الفشل في جذب الاستثمارات وهروب رؤوس الأموال، لأن الفساد يتعارض مع وجود بيئة تنافسية حرة، وبالتالي فإن ارتفاع وتيرة الاستثمارات العمومية قد يقابله ارتفاع ملحوظ في نسبة الفساد خصوصا في ظل ضعف تدخلات الأجهزة الرقابية على مستوى حماية المشاريع الاستثمارية وتحجيم الهفوات والمخاطر الحاصلة المتعلقة بإبرام الصفقات العمومية.[12]
وفي هذا الصدد، من مظاهر الفساد المالي في مجال الصفقات العمومية نجد الرشوة، حيث يؤدي التعامل بها في هذا الميدان إلى تفويت مشاريع وصفقات لمقاولين لا يحترمون الاجراءات والمقتضيات القانونية المعمول بها مما يزيد من الضغط على ميزانية الدولة، وبالتالي كلما زاد عدد المسؤولين الذين يمارسون مظاهر الفساد، كلما أصبح من السهل أن يتولى مسؤول آخر عقد صفقات يشوبها الفساد، وهذا يدل على أنه إذا كان المستوى الأولي للفساد مرتفعا فإن الاقتصاد يتحرك بدوره في اتجاه عالي والعكس صحيح.
وحسب بعض الدراسات التي أنجزتها مختلف مؤسسات الحكامة، فإن %54 من المقاولات المغربية أقرت بوجود المحسوبية في مجال الصفقات العمومية، و%36 من الشركات صرحت بأنها كانت موضوع إقصاء وضحية مساطر غير عادلة، كما كشفت دراسات أخرى على أن %60 من المقاولات صرحت بأنها تتعرض للابتزاز واضطرت إلى إعطاء الرشوة من أجل الحفاظ على علاقتها في التعاقد مع الدولة.[13]
إذ تعد هذه الاختلالات من بين الأسباب التي قد تلحق ضررا بالمشاريع التنموية المنجزة بواسطة آلية الصفقات العمومية، وبالرجوع إلى التقارير السنوية للمحاكم المالية نجد أن نسبة الاختلالات المرصودة في مجال الطلبيات العمومية تعرف وتيرة الارتفاع سنويا.
وبالتالي تؤدي هذه الاختلالات إلى تعطيل مشاريع التنمية، حيث أن الصعوبات التي تشوب مرحلة تنفيذ الصفقات العمومية تعتبر من أهم المسائل الجوهرية التي تحول دون تخليق تنفيذ الصفقات، وبالتالي دون الوصول إلى تحقيق تنمية شاملة.[14]
وهو ما يحتم على الدولة التي تسعى إلى تنمية اقتصادها الوطني، العمل على تهييئ المناخ الملائم لطبيعة الاستثمارات المراد استقطابها، ولن يتأتى ذلك إلا بوجود نظام قانوني حديث، والذي من شأنه إرساء الأسس والقواعد التي تضمن تدفق الاستثمارات بشكل يحافظ على المصلحة الوطنية عن طريق ضمان الشفافية الإدارية في نيل الصفقات العمومية، لضمان التنفيذ السليم للبرامج الاستثمارية.
ثانيا: ضعف التمويل
تمثل هشاشة البنية المالية من بين أبرز العوامل التي تقف في وجه مساهمة الصفقات العمومية في تحقيق التنمية الاقتصادية لاسيما في مجال تأهيل المقاولات الصغرى والمتوسطة، وبذلك فهي تعتبر من أكثر الصعوبات المسجلة على مستوى ولوج هذه الفئة من المقاولات إلى الصفقات العمومية وتشكل محدودية إمكانية تغطية احتياجاتها التمويلية.
فإن معظم المقاولات الصغرى والمتوسطة تعاني من الصعوبات المتعلقة بالجانب المالي سواء على مستوى التوسع أو على مستوى إعادة الهيكلة، فالتمويل يبقى أبرز الإشكالات التي تواجه المقاولات الصغرى والمتوسطة[15] في مقابل ارتفاع كلفة الصفقات العمومية، باعتباره إشكال يؤثر بشكل مباشر على نجاعة الصفقة، خاصة حينما لا تتلاءم كلفة الصفقة مع كمية وجود الأعمال المنجزة.
وفي هذا الصدد أقر المجلس الأعلى للحسابات بكون تكلفة الصفقات غالبا ما تكون باهظة مقارنة بالمبالغ الأصلية وانتظارات المرافق العمومية، وأرجع ذلك إلى التمديد غير المبرر لآجال التنفيذ ومراجعة الأثمنة المترتبة عنها، مما يؤدي إلى ارتفاع تحملات ميزانيات الأجهزة المعنية[16].
من خلال ما سبق، يستشف على أن المقاولات الوطنية خاصة الصغرى والصغيرة جدا منها غالبا ما تعجز عن إمكانية الولوج للصفقات العمومية نظرا لضعفها المادي وإمكانياتها المالية الضئيلة التي تحتاجها من أجل الصمود والفوز بالصفقة محل التعاقد، مع العلم أن تكلفة الصفقات غالبا ما تكون مرتفعة جدا مما يحول دون الحصول عليها.
وبالتالي يجب العمل على التنزيل الجدي للمقتضيات القانونية والتنظيمية المتعلقة بإعطاء الأولوية للمقاولات الوطنية الصغرى والصغيرة جدا على نظيراتها الكبرى طبقا لما هو منصوص عليه بالمرسوم الجديد 8 مارس 2023 المتعلق بالصفقات العمومية، والتي ظلت لعقود حكرا على المقاولات الكبرى والشركات المتوسطة.
المطلب الثاني: ميكانيزمات تكريس التنمية الاقتصادية من خلال منظومة الصفقات العمومية
أمام مختلف المعيقات التي تواجه الصفقة العمومية والتي تحد من فعاليتها في مجال تحقيق النجاعة الاقتصادية، هناك مجموعة من الآليات والميكانيزمات الكفيلة بالتصدي لجل الإشكالات المطروحة في هذا المجال، لعل من أبرزها توظيف الرقمنة على مستوى تدبير الصفقة في اتجاه يكرس تعزيز التنمية الاقتصادية، وذلك من خلال تفعيل آلية نزع الصفة المادية عن جميع الإجراءات والمساطر المرتبطة بالصفقات العمومية.
وفي هذا الإطار، عمل المشرع بشكل تدريجي على إدراج هذا المبدأ من خلال مرسوم 5فبراير [17]2007 المتعلق بالصفقات العمومية بتحديد شروط وأشكال إبرام صفقات الدولة في الفصل الخامس منه، كأول مؤشر بتأسيس بوابة صفقات الدولة وفتح إمكانية نشر الإعلانات الخاصة بالصفقات، ثم جاء بعد ذلك مرسوم 20مارس 2013[18] ليؤكد على تبني نفس التوجه، ثم التعديل الأخير لمرسوم الصفقات العمومية 8مارس 2023 الذي سار على نفس النهج.
تم من خلال المرسوم الأخير تخصيص بابا بأكمله للمقتضيات الرقمية، وهو الباب السادس المتعلق بتجريد المساطر والوثائق والمستندات من الصفة المادية، حيث نص في هذا الصدد على تحديد الوثائق الواجب نشرها في بوابة الصفقات العمومية[19] وأوكل مهمة تدبير هذه البوابة للخزينة العامة للمملكة. بالإضافة إلى إلزامية إيداع الأظرفة وعروض المتنافسين بطريقة الكترونية[20] وفتح أظرفة المتنافسين وتقييم عروضهم كذلك بنفس الكيفية[21].
بالإضافة إلى وضع قاعدة المعطيات الإلكترونية للمقاولين والموردين والخدماتيين[22] حيث يتم توطين هذه القاعدة بالخزينة العامة للمملكة التي تتولى تدبيرها، إذ تحتوي على المعلومات والوثائق الإلكترونية المتعلقة بهؤلاء وبمؤهلاتهم القانونية والمالية والتقنية.
ومن الملاحظ، على أن هذا المقتضى سيساعد على التخفيف من حدة الوثائق عبر الاعتماد على نظام معلوماتي بمثابة قاعدة معطيات تخص كل مقاول ومورد وخدماتي، إذ يكفي إدخال هويته للتثبت من مؤهلاته التقنية، مما سيمكن من عصرنة وتجويد الطلبيات العمومية وتدعيم مبدأي الشفافية وحرية المنافسة وتبسيط المساطر والإجراءات ذات الصلة.
نتيجة لما سبق، فإن ترسيخ مقتضى نزع الصفة المادية سيحقق نتائج ممتازة في الحد من مظاهر الفساد في ميدان الصفقات العمومية، كما أن إدماج تكنولوجيا المعلومات في هذا المجال يقلل من التدخل البشري في جميع المراحل التي تمر منها الصفقة إلى أدنى حد.
خاتمة:
إن الصفقات العمومية ليست مجرد أداة لتدبير نفقات الدولة بل تتجاوز ذلك لتشكل أداة للتنمية الاقتصادية، وتعد آلية لإنعاش الاقتصاد المحلي والوطني، عبر تحفيز المقاولة وتشجيع الاستثمار، كما تساهم في تعزيز الاقتصاد الاجتماعي والتضامني عبر استهداف التعاونيات ونظام المقاول الذاتي، دون إغفال دورها الأساسي في إحداث فرص الشغل ومحاربة البطالة.
وحيث أنه بالنظر إلى المرتبة التي يحتلها المغرب في السنوات الأخيرة على مستوى تقرير هيئة الأمم المتحدة بخصوص مؤشر التنمية البشرية، وبناء على خلاصات تقرير الاستعراض الطوعي لتنفيذ أهداف التنمية لسنة 2020، وكذا تقرير المجلس الأعلى للحسابات حول مدى جاهزية المغرب لتنفيذ أهداف التنمية المستدامة 2015-2023، يقترح التركيز على عنصري نزع الصفة المادية عن الصفقات العمومية ومواصلة تعزيز رقمنتها، إلى جانب تعميم نظام الأفضلية الوطنية لولوج المقاولات الوطنية للطلبيات العمومية كرافعتين أساسيتين لبناء مساهمة الصفقة العمومية في تحقيق التنمية المستدامة ولاسيما التنمية الاقتصادية.
بالإضافة إلى التركيز على تأهيل الموارد البشرية المطلوبة لتحقيق التنمية الاقتصادية على مستوى الصفقات العمومية، على اعتبار أن العنصر البشري من أهم العناصر الاستراتيجية في التنمية الاقتصادية لأي مجتمع، لذا تسعى كل الدول على اختلاف أنظمتها السياسية والاقتصادية إلى تطويره وتعتبره رأسمال مهم وضرورة تأهيله بكل الإمكانيات والآليات، معتمدة أساسا على التكوين لتحقيق مخزون خاص تعتمد عليه بالشكل الذي يدفعها إلى تحقيق التنمية المنشودة.
لائحة المراجع:
-من مرسوم رقم 2.22.431 صادر في 15 من شعبان 1444 (8 مارس 2023) يتعلق بالصفقات العمومية، منشور بالجريدة الرسمية عدد 7176 بتاريخ 16 من شعبان 1444 (8 مارس 2023) ص، 1438.
- مرسوم رقم 2.06.388 صادر في 16 من محرم 1428 (5 فبراير 2007) بتحديد شروط وأشكال إبرام صفقات الدولة وكذا بعض القواعد المتعلقة بتدبيرها ومراقبتها. منشور بالجريدة الرسمية عدد 5518 بتاريخ 19 أبريل 2007.
-فؤاد فتوحي، منظومة الرقابة في مجال الصفقات العمومية دراسة قانونية وقضائية، الطبعة الأولى، مطبعة البيضاوي، الرباط، 2020.
-إسماعيل حلاوة، الصفقات العمومية ورهان ترشيد النفقات العمومية، مجلة مسارات في الأبحاث والدراسات القانونية، العدد 14، عدد خاص بالطلبيات العمومية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية أشغال الندوة الوطنية المنظمة من طرف كلية الحقوق، عين الشق الدار البيضاء بتاريخ 24 أكتوبر 2020.
-توفيق السعيد، صفقات الجماعات المحلية وانعكاساتها على التنمية المحلية بالمغرب، أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون العام، جامعة محمد الخامس أكدال، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية الرباط، السنة الجامعية 2001-2002.
-عبد القادر باينة، المختصر في القانون الإداري المغربي، دار النشر المغربية، الطبعة الأولى، الدار البيضاء 1985.
-منشور رئيس الحكومة رقم 15/2020 المتعلق بتفعيل الأفضلية الوطنية وتشجيع المنتوجات المغربية في إطار الصفقات العمومية، الصادر بتاريخ 21 محرم 1442 (10 شتنبر 2020)، ص 1.
-حتيم سراج، نظام الأفضلية الوطنية في الصفقات العمومية بين المرسوم والمنشور، مجلة مسارات في الأبحاث والدراسات القانونية، عدد خاص بالطلبيات العمومية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية، أشغال الندوة الوطنية المنظمة من طرف كلية الحقوق، عين الشق الدار البيضاء بتاريخ 24 أكتوبر 2020.
-التقرير السنوي للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي برسم سنة 2018.
-عبد الله العزاوي، الإدارة العمومية والاستثمار: المعيقات وسؤال الإصلاح، المجلة المغربية للأنظمة القانونية والسياسية، العدد 14، ماي 2018، الرباط، ص 214.
-حياة خلاخي، دور القانون في محاربة الفساد الإداري بالمغرب: الصفقات العمومية نموذجا، أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون العام، جامعة سيدي محمد بن عبد الله، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بفاس، السنة الجامعية 2014-2015.
-مذكرة استعجالية للرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات حول بعض الاختلالات المسجلة في ميدان الصفقات العمومية. منشورة بالموقع الرسمي للمجلس www.courdescomptes.com
-Ahmed Sadik, petites et moyennes entreprise industrielle et émergence économique du Maroc, D.E.S.A, université Hassan2, faculté des sciences juridiques, économiques et sociales Casablanca, année universitaire 2006-2007.
تعتبر الصفقات العمومية آلية من آليات تنزيل السياسات العمومية وتحقيق التنمية الاقتصادية وطنيا ومحليا، حيث أضحت من أهم الوسائل التي تلجأ إليها الإدارات العمومية لتلبية حاجياتها في شتى المجالات، كما أنها تمثل الآلية المثلى لتنفيذ مختلف السياسات الاقتصادية للدولة، فعن طريقها يمكن تحقيق المشاريع التنموية على أرض الواقع، من خلال تحفيز الاستثمار وتشجيع المقاولات، إلى جانب المساهمة في الرواج الاقتصادي، وكذا توفير البنيات التحتية الضرورية وتهيئة الظروف الملائمة لإنعاش وجلب الاستثمار الوطني والأجنبي.
وفي هذا الإطار، تعرف الصفقات العمومية على أنها: عقود بعوض أو بمقابل مادي يتم إبرامها بين صاحب المشروع (أي الإدارة التي تبرم الصفقة باسم الدولة) من جهة، وشخص طبيعي أو معنوي من جهة أخرى يدعى مقاولا أو موردا أو خدماتيا، الهدف منها تنفيذ أشغال عمومية (من بناء أو إعادة بناء أو هدم أو ترميم أو تجديد بناية أو منشأة ما...) أو تسليم توريدات (من خلال اقتناء منتوجات أو معدات...) أو القيام بخدمات.[1]
في نفس الاتجاه، فإنه غير خاف على أحد الأهمية الاستراتيجية التي تكتسيها الصفقات العمومية في تلبية حاجيات الإدارة وتنفيذ السياسات العمومية وتنزيل الاستراتيجيات القطاعية التي تعول عليها بلادنا من أجل إرساء دعائم اقتصاد حر وقوي قوامه المبادرة والمنافسة الحرتين، وغايته تحقيق التنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية والاقلاع الاقتصادي في مختلف الميادين والأصعدة.
ومما لا يدع مجالا للشك، فإن الصفقات العمومية هي رافعة أساسية في ورش التنمية نظرا لمساهمتها الفعالة في تحريك عجلة الاقتصاد ومجال خصب لتداول المال العام وبالتالي تحقيق القيمة المضافة في ظل النمو المضطرد لحجم الاستثمارات العمومية للدولة والجماعات الترابية والمؤسسات العمومية.
هذا ونجد أن المشرع المغربي أخذ بعين الاعتبار الدور التنموي للصفقات العمومية من خلال مرسوم 8مارس 2023، بحيث أسس لمجموعة من المبادئ يبقى أهمها ما ورد في أحكام المادة الأولى من المرسوم المذكور والمتعلقة بالأخذ بعين الاعتبار الأبعاد الاقتصادية عند إبرام الصفقة.
الأمر الذي يساهم في الرفع من نجاعة أداء الصفقات العمومية وبالتالي مساهمتها في تحقيق التنمية الاقتصادية المنشودة، ولاسيما من خلال تحفيز الاستثمار وجلب الاستثمار الأجنبي وتشجيع المقاولات خاصة الصغيرة جدا والصغرى.
وبناء عليه فإن موضوع الصفقات العمومية ورهان تحقيق التنمية الاقتصادية، يطرح إشكالية جوهرية مفادها:
إلى أي مدى يمكن أن تساهم الصفقات العمومية في تحقيق التنمية الاقتصادية المنشودة؟
تتفرع عن الإشكالية الرئيسية مجموعة من الأسئلة التالية:
- كيف يمكن للصفقة العمومية كآلية أن تساهم في تحفيز الاستثمار وتشجيع المقاولة؟
- ما هي الوسائل الناجعة اللازم توفرها في الصفقة العمومية بالشكل الذي يحقق النجاعة الاقتصادية؟
- وما هي أبرز الإشكالات التي تحول دون تحقيق الصفقة العمومية للأهداف المرسومة والمتمثلة في تكريس التنمية الاقتصادية؟
المبحث الأول: مظاهر مساهمة الصفقة العمومية في تحقيق التنمية الاقتصادية
المبحث الثاني: محدودية ومتطلبات تحقيق التنمية الاقتصادية من خلال آلية الصفقة العمومية
المبحث الأول: مظاهر مساهمة الصفقة العمومية في تحقيق التنمية الاقتصادية
تمثل الصفقات العمومية آلية مهمة في مجال النهوض بالتنمية الاقتصادية، ولاسيما من خلال أدوارها الجوهرية المتمثلة أساسا في تحفيز الاستثمار والنهوض به إلى أرقى المستويات (المطلب الأول)، بالإضافة إلى تشجيع المقاولة خاصة الصغيرة جدا والصغرى والمساهمة في الرواج الاقتصادي (المطلب الثاني).
المطلب الأول: تحفيز الاستثمار
تتعدد أدوار ووظائف الصفقات العمومية وتتسع مجالات تدخلاتها، إذ أن أغلب الاستثمارات يتم إنجازها عن طريق إبرام الصفقات العمومية، باعتبارها أداة لإنعاش الاستثمار وآلية لتجسيد المشاريع التنموية.[2]
إذ يشكل الاستثمار ركيزة أساسية للتنمية لأنه يمثل إضافة إلى الطاقة الإنتاجية والزيادة في الثروات بما لذلك من أثر بليغ في إشباع الحاجات وتوفير الخدمات، فإن دوره لا يقتصر فقط على المساهمة في إيجاد قاعدة إنتاجية في البلد المستثمر فيه، بل له دور ملحوظ في مكافحة البطالة وإيجاد الفرص لتشغيل اليد العاملة وتوفير السلع والخدمات الأمر الذي من شأنه دفع حركة التجارة وتشجيع الصادرات، وهو ما يكسب البلد نقدا أجنبيا يعاد استثماره في التوسع في المشاريع القائمة أو إنشاء مشاريع جديدة.[3]
وبالتالي فالاستثمار أضحى من أهم الآليات الأساسية لتحقيق التنمية الاقتصادية، ومن الأدوات الناجعة والفعالة لتشجيع وتنشيط المجال الاقتصادي والتي تضمن الاستمرارية والمنافسة في ظل المتغيرات التي يعرفها الاقتصاد العالمي، ونظرا لأهميته سارعت كل الدول بما فيها المغرب إلى إدخال إصلاحات جذرية على أنظمته واتخاذ الإجراءات والتدابير اللازمة لإنعاش الاستثمار وتهيئ المناخ الملائم لجلبه.
وبما أن كل تنمية وطنية لا يمكنها أن تنطلق إلا بانطلاقها من تنمية محلية، شكلت الصفقات المحلية الأداة الناجعة لدى الجماعات الترابية لتعزيز تدخلاتها الاقتصادية وتشجيع الاستثمار على المستوى المحلي من خلال دراسة مفصلة لكل صفقة جماعية تستحضر الحاجيات الضرورية.
فإذا استغلت كل جماعة بما تتميز به وتستثمره عن طريق الصفقات ستصبح محركا قويا لعملية التنمية المحلية، كالاستثمار في مجال الصناعات مثلا، بحيث تتدخل الصفقات من أجل تهيئة المناطق الصناعية وذلك لخلق الإطار المناسب لجلب الاستثمارات المحلية والمشاريع الصناعية، بغية تجميعها في منطقة واحدة الأمر الذي يمكن من تحقيق نوع من التوازن داخل المجال الترابي للجماعة.[4]
بالإضافة إلى ذلك، تشمل التدخلات الاقتصادية للصفقات العمومية المحلية ميدان التجهيز الجماعي، باعتباره من الاختصاصات الخالصة للجماعات الترابية كتوزيع الماء والكهرباء وإنشاء الحدائق العمومية والحفاظ على النظافة وتوفير النقل العمومي الحضري وبشكل عام توفير الخدمات الآنية واليومية للسكان المحليين.[5]
إذ تعتبر هذه الوسيلة التي تمارس الجماعات الترابية من خلالها اختصاصاتها في ميدان التجهيز الجماعي خطوة أساسية في جلب الاستثمارات، موفرة للمستثمر الظروف الملائمة من بنية تحتية وبالأخص إقامة مناطق صناعية مجهزة قادرة على استقطاب رؤوس أموال كفيلة بتحريك عملية التنمية الصناعية بالجماعات الترابية.
وفي اتجاه آخر، فإن للصفقات العمومية دور مهم في جذب الاستثمارات، لما لهذه الأخيرة من تأثير على إيجابي على خلق فرص الشغل، ولاسيما بعد انخراط المغرب في مختلف الإصلاحات الهيكلية والأوراش التنموية الكبرى خاصة بعد ترشيح المملكة لتنظيم تظاهرات كروية في مقدمتها كأس العالم لكرة القدم 2030 وكأس افريقيا لكرة القدم 2025، بالإضافة إلى باقي المشاريع المبرمجة على مستوى مختلف القطاعات والمجالات والمنصوص عليها بموجب قانون المالية لسنة 2025.
المطلب الثاني: تشجيع المقاولات
بعد الأزمة الصحية العالمية التي عرفها المغرب بسبب جائحة كورونا، ولمواجهة التحديات الاقتصادية واستعادة مسار النمو الاقتصادي، اتخذت المملكة تحت القيادة السامية لجلالة الملك مجموعة من التدابير الاستباقية من أجل التخفيف من التداعيات الاقتصادية والاجتماعية للجائحة من خلال دعم المقاولات وتيسير ولوجها للتمويل المضمون من طرف الدولة.[6] إلى جانب مواكبة ودعم الاستئناف التدريجي للنشاط الاقتصادي وتمكين النسيج المقاولاتي من استعادة ديناميته ومنحه الأفضلية عن المقاولات الأجنبية المتنافسة.
تماشيا مع نفس النهج، فإن المرسوم الجديد المتعلق بالصفقات العمومية 8مارس 2023 ومن خلال المادة 174 منه، أولى المشرع من خلاله اهتماما للمقاولات الوطنية حيث أعطى مميزات خاصة لهذه الأخيرة من خلال منح الأفضلية في الحصول على الصفقات العمومية، وبهذا فإنه يتعين عند تقييم العروض المالية بخصوص نيل صفقات الأشغال أو التوريدات أو الخدمات، أن تمنح الأفضلية للعروض المقدمة من طرف المتنافسين المقيمين بالمغرب[7]، وبالتالي فإنه يتعين على صاحب المشروع أن يخصص %30 من المبلغ المتوقع للصفقات التي يعتزم طرحا برسم كل سنة مالية للمقاولات الوطنية بما فيها المقاولة المبتكرة المبتدئة[8] وللتعاونيات ولاتحاد التعاونيات وللمقاول الذاتي.
ولهذه الغاية، فإن مبلغ العرض المالي المقدم من لدن المتنافس غير المقيم بالمغرب يخضع:[9]
-لتخفيض بنسبة مئوية محددة في %15، إذا كان مبلغ هذا العرض هم الأقرب بالتفريط من الثمن المرجعي مع وجود عروض مقدمة من لدن المتنافسين المقيمين بالمغرب أقل من هذا الثمن؛
-لزيادة بنسبة مئوية محددة في %15، إذا كان مبلغ هذا العرض هو الأقرب بالإفراط من الثمن المرجعي عند عدم وجود عروض أقل من هذا الثمن؛
-لزيادة بنسبة مئوية محددة في %15 إذا كان مبلغ هذا العرض هو الأقرب بالتفريط من الثمن المرجعي، عندما تفوق العروض المقدمة من لدن المتنافسين المقيمين بالمغرب هذا الثمن المرجعي.
بالإضافة إلى ذلك وفي نفس السياق، نص مرسوم 8مارس 2023 على تشجيع المنتوجات المغربية في إطار الصفقات العمومية، وكما هو غني عن البيان أن تشجيع المواد والمنتوجات المغربية المنشأ له أهمية قصوى في الدفع بعجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية بالبلاد، خصوصا في سياق خطة الإنعاش التي أطلقها المغرب جوابا على تحديات ما بعد جائحة كورونا.[10]
وبالتالي من أجل تأمين تطبيق المقتضيات السالفة الذكر، ألزم منشور رئيس الحكومة المتعلق بتفعيل الأفضلية الوطنية، بتقديم الوثائق المثبتة لأصل المنتوجات والمواد التي تعتزم استعمالها بما في ذلك الفاتورات وسندات التسليم وسندات المصادر، كما ألزم أصحاب المشاريع بإعداد شهادة إدارية تبرر من خلالها اللجوء إلى معايير دولية مخالفة للمواصفات القياسية المعتمدة في التشريع المغربي أو في حالة استيراد منتوجات أو مواد من الخارج.
وفي هذا الإطار ومن أجل تدبير عملية منح الأفضلية للمقاولة الوطنية، أوصى المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي في تقريره السنوي لسنة 2018، بضرورة التطبيق الصارم للعقوبات المنصوص عليها في المرسوم المتعلق بالصفقات العمومية في حق المقاولات التي لا تحترم الالتزامات المتعاقد بشأنها ومقتضيات دفاتر التحملات، وإمكانية نشر أسماء المقاولات المخالفة لفترة زمنية محددة في لائحة يكون باستطاعة جميع الآمرين بالصرف في الهيئات العمومية الاطلاع عليها، حتى يتم استبعاد هذه المقاولات مؤقتا من الولوج إلى الصفقات العمومية.[11]
المبحث الثاني: محدودية ومتطلبات تحقيق التنمية الاقتصادية من خلال آلية الصفقة العمومية
قد يواجه تنفيذ الصفقات العمومية بعض المعيقات التي تحد من التأثير الفعال للصفقة وبالتالي تحقيق التنمية الاقتصادية المنشودة من أبرزها الفساد الإداري والمالي وضعف التمويل (المطلب الأول)، من أجل ذلك، وجب العمل على وضع الآليات الكفيلة للنهوض بميدان الصفقات في اتجاه يكرس للتنمية الاقتصادية، لاسيما من خلال رقمنة منظومة الصفقات العمومية (المطلب الثاني).
المطلب الأول: الإشكالات المرتبطة بالصفقة العمومية التي تعيق تحقيق التنمية الاقتصادية
قد تواجه الصفقة العمومية مجموعة من المعيقات التي تحول دون تحقيق الأهداف المرسومة والتي أبرمت من أجلها ولاسيما فيما يتعلق بتحقيق التنمية الاقتصادية، ولعل أبرز هذه الإشكالات الفساد الإداري والمالي إلى جانب ضعف التمويل.
أولا: الفساد الإداري والمالي
من أبرز الانحرافات التي قد تواجه تنفيذ الصفقات العمومية وتأثيراتها على التنمية الاقتصادية، الفساد الإداري الذي يؤدي بدوره إلى الفشل في جذب الاستثمارات وهروب رؤوس الأموال، لأن الفساد يتعارض مع وجود بيئة تنافسية حرة، وبالتالي فإن ارتفاع وتيرة الاستثمارات العمومية قد يقابله ارتفاع ملحوظ في نسبة الفساد خصوصا في ظل ضعف تدخلات الأجهزة الرقابية على مستوى حماية المشاريع الاستثمارية وتحجيم الهفوات والمخاطر الحاصلة المتعلقة بإبرام الصفقات العمومية.[12]
وفي هذا الصدد، من مظاهر الفساد المالي في مجال الصفقات العمومية نجد الرشوة، حيث يؤدي التعامل بها في هذا الميدان إلى تفويت مشاريع وصفقات لمقاولين لا يحترمون الاجراءات والمقتضيات القانونية المعمول بها مما يزيد من الضغط على ميزانية الدولة، وبالتالي كلما زاد عدد المسؤولين الذين يمارسون مظاهر الفساد، كلما أصبح من السهل أن يتولى مسؤول آخر عقد صفقات يشوبها الفساد، وهذا يدل على أنه إذا كان المستوى الأولي للفساد مرتفعا فإن الاقتصاد يتحرك بدوره في اتجاه عالي والعكس صحيح.
وحسب بعض الدراسات التي أنجزتها مختلف مؤسسات الحكامة، فإن %54 من المقاولات المغربية أقرت بوجود المحسوبية في مجال الصفقات العمومية، و%36 من الشركات صرحت بأنها كانت موضوع إقصاء وضحية مساطر غير عادلة، كما كشفت دراسات أخرى على أن %60 من المقاولات صرحت بأنها تتعرض للابتزاز واضطرت إلى إعطاء الرشوة من أجل الحفاظ على علاقتها في التعاقد مع الدولة.[13]
إذ تعد هذه الاختلالات من بين الأسباب التي قد تلحق ضررا بالمشاريع التنموية المنجزة بواسطة آلية الصفقات العمومية، وبالرجوع إلى التقارير السنوية للمحاكم المالية نجد أن نسبة الاختلالات المرصودة في مجال الطلبيات العمومية تعرف وتيرة الارتفاع سنويا.
وبالتالي تؤدي هذه الاختلالات إلى تعطيل مشاريع التنمية، حيث أن الصعوبات التي تشوب مرحلة تنفيذ الصفقات العمومية تعتبر من أهم المسائل الجوهرية التي تحول دون تخليق تنفيذ الصفقات، وبالتالي دون الوصول إلى تحقيق تنمية شاملة.[14]
وهو ما يحتم على الدولة التي تسعى إلى تنمية اقتصادها الوطني، العمل على تهييئ المناخ الملائم لطبيعة الاستثمارات المراد استقطابها، ولن يتأتى ذلك إلا بوجود نظام قانوني حديث، والذي من شأنه إرساء الأسس والقواعد التي تضمن تدفق الاستثمارات بشكل يحافظ على المصلحة الوطنية عن طريق ضمان الشفافية الإدارية في نيل الصفقات العمومية، لضمان التنفيذ السليم للبرامج الاستثمارية.
ثانيا: ضعف التمويل
تمثل هشاشة البنية المالية من بين أبرز العوامل التي تقف في وجه مساهمة الصفقات العمومية في تحقيق التنمية الاقتصادية لاسيما في مجال تأهيل المقاولات الصغرى والمتوسطة، وبذلك فهي تعتبر من أكثر الصعوبات المسجلة على مستوى ولوج هذه الفئة من المقاولات إلى الصفقات العمومية وتشكل محدودية إمكانية تغطية احتياجاتها التمويلية.
فإن معظم المقاولات الصغرى والمتوسطة تعاني من الصعوبات المتعلقة بالجانب المالي سواء على مستوى التوسع أو على مستوى إعادة الهيكلة، فالتمويل يبقى أبرز الإشكالات التي تواجه المقاولات الصغرى والمتوسطة[15] في مقابل ارتفاع كلفة الصفقات العمومية، باعتباره إشكال يؤثر بشكل مباشر على نجاعة الصفقة، خاصة حينما لا تتلاءم كلفة الصفقة مع كمية وجود الأعمال المنجزة.
وفي هذا الصدد أقر المجلس الأعلى للحسابات بكون تكلفة الصفقات غالبا ما تكون باهظة مقارنة بالمبالغ الأصلية وانتظارات المرافق العمومية، وأرجع ذلك إلى التمديد غير المبرر لآجال التنفيذ ومراجعة الأثمنة المترتبة عنها، مما يؤدي إلى ارتفاع تحملات ميزانيات الأجهزة المعنية[16].
من خلال ما سبق، يستشف على أن المقاولات الوطنية خاصة الصغرى والصغيرة جدا منها غالبا ما تعجز عن إمكانية الولوج للصفقات العمومية نظرا لضعفها المادي وإمكانياتها المالية الضئيلة التي تحتاجها من أجل الصمود والفوز بالصفقة محل التعاقد، مع العلم أن تكلفة الصفقات غالبا ما تكون مرتفعة جدا مما يحول دون الحصول عليها.
وبالتالي يجب العمل على التنزيل الجدي للمقتضيات القانونية والتنظيمية المتعلقة بإعطاء الأولوية للمقاولات الوطنية الصغرى والصغيرة جدا على نظيراتها الكبرى طبقا لما هو منصوص عليه بالمرسوم الجديد 8 مارس 2023 المتعلق بالصفقات العمومية، والتي ظلت لعقود حكرا على المقاولات الكبرى والشركات المتوسطة.
المطلب الثاني: ميكانيزمات تكريس التنمية الاقتصادية من خلال منظومة الصفقات العمومية
أمام مختلف المعيقات التي تواجه الصفقة العمومية والتي تحد من فعاليتها في مجال تحقيق النجاعة الاقتصادية، هناك مجموعة من الآليات والميكانيزمات الكفيلة بالتصدي لجل الإشكالات المطروحة في هذا المجال، لعل من أبرزها توظيف الرقمنة على مستوى تدبير الصفقة في اتجاه يكرس تعزيز التنمية الاقتصادية، وذلك من خلال تفعيل آلية نزع الصفة المادية عن جميع الإجراءات والمساطر المرتبطة بالصفقات العمومية.
وفي هذا الإطار، عمل المشرع بشكل تدريجي على إدراج هذا المبدأ من خلال مرسوم 5فبراير [17]2007 المتعلق بالصفقات العمومية بتحديد شروط وأشكال إبرام صفقات الدولة في الفصل الخامس منه، كأول مؤشر بتأسيس بوابة صفقات الدولة وفتح إمكانية نشر الإعلانات الخاصة بالصفقات، ثم جاء بعد ذلك مرسوم 20مارس 2013[18] ليؤكد على تبني نفس التوجه، ثم التعديل الأخير لمرسوم الصفقات العمومية 8مارس 2023 الذي سار على نفس النهج.
تم من خلال المرسوم الأخير تخصيص بابا بأكمله للمقتضيات الرقمية، وهو الباب السادس المتعلق بتجريد المساطر والوثائق والمستندات من الصفة المادية، حيث نص في هذا الصدد على تحديد الوثائق الواجب نشرها في بوابة الصفقات العمومية[19] وأوكل مهمة تدبير هذه البوابة للخزينة العامة للمملكة. بالإضافة إلى إلزامية إيداع الأظرفة وعروض المتنافسين بطريقة الكترونية[20] وفتح أظرفة المتنافسين وتقييم عروضهم كذلك بنفس الكيفية[21].
بالإضافة إلى وضع قاعدة المعطيات الإلكترونية للمقاولين والموردين والخدماتيين[22] حيث يتم توطين هذه القاعدة بالخزينة العامة للمملكة التي تتولى تدبيرها، إذ تحتوي على المعلومات والوثائق الإلكترونية المتعلقة بهؤلاء وبمؤهلاتهم القانونية والمالية والتقنية.
ومن الملاحظ، على أن هذا المقتضى سيساعد على التخفيف من حدة الوثائق عبر الاعتماد على نظام معلوماتي بمثابة قاعدة معطيات تخص كل مقاول ومورد وخدماتي، إذ يكفي إدخال هويته للتثبت من مؤهلاته التقنية، مما سيمكن من عصرنة وتجويد الطلبيات العمومية وتدعيم مبدأي الشفافية وحرية المنافسة وتبسيط المساطر والإجراءات ذات الصلة.
نتيجة لما سبق، فإن ترسيخ مقتضى نزع الصفة المادية سيحقق نتائج ممتازة في الحد من مظاهر الفساد في ميدان الصفقات العمومية، كما أن إدماج تكنولوجيا المعلومات في هذا المجال يقلل من التدخل البشري في جميع المراحل التي تمر منها الصفقة إلى أدنى حد.
خاتمة:
إن الصفقات العمومية ليست مجرد أداة لتدبير نفقات الدولة بل تتجاوز ذلك لتشكل أداة للتنمية الاقتصادية، وتعد آلية لإنعاش الاقتصاد المحلي والوطني، عبر تحفيز المقاولة وتشجيع الاستثمار، كما تساهم في تعزيز الاقتصاد الاجتماعي والتضامني عبر استهداف التعاونيات ونظام المقاول الذاتي، دون إغفال دورها الأساسي في إحداث فرص الشغل ومحاربة البطالة.
وحيث أنه بالنظر إلى المرتبة التي يحتلها المغرب في السنوات الأخيرة على مستوى تقرير هيئة الأمم المتحدة بخصوص مؤشر التنمية البشرية، وبناء على خلاصات تقرير الاستعراض الطوعي لتنفيذ أهداف التنمية لسنة 2020، وكذا تقرير المجلس الأعلى للحسابات حول مدى جاهزية المغرب لتنفيذ أهداف التنمية المستدامة 2015-2023، يقترح التركيز على عنصري نزع الصفة المادية عن الصفقات العمومية ومواصلة تعزيز رقمنتها، إلى جانب تعميم نظام الأفضلية الوطنية لولوج المقاولات الوطنية للطلبيات العمومية كرافعتين أساسيتين لبناء مساهمة الصفقة العمومية في تحقيق التنمية المستدامة ولاسيما التنمية الاقتصادية.
بالإضافة إلى التركيز على تأهيل الموارد البشرية المطلوبة لتحقيق التنمية الاقتصادية على مستوى الصفقات العمومية، على اعتبار أن العنصر البشري من أهم العناصر الاستراتيجية في التنمية الاقتصادية لأي مجتمع، لذا تسعى كل الدول على اختلاف أنظمتها السياسية والاقتصادية إلى تطويره وتعتبره رأسمال مهم وضرورة تأهيله بكل الإمكانيات والآليات، معتمدة أساسا على التكوين لتحقيق مخزون خاص تعتمد عليه بالشكل الذي يدفعها إلى تحقيق التنمية المنشودة.
لائحة المراجع:
-من مرسوم رقم 2.22.431 صادر في 15 من شعبان 1444 (8 مارس 2023) يتعلق بالصفقات العمومية، منشور بالجريدة الرسمية عدد 7176 بتاريخ 16 من شعبان 1444 (8 مارس 2023) ص، 1438.
- مرسوم رقم 2.06.388 صادر في 16 من محرم 1428 (5 فبراير 2007) بتحديد شروط وأشكال إبرام صفقات الدولة وكذا بعض القواعد المتعلقة بتدبيرها ومراقبتها. منشور بالجريدة الرسمية عدد 5518 بتاريخ 19 أبريل 2007.
-فؤاد فتوحي، منظومة الرقابة في مجال الصفقات العمومية دراسة قانونية وقضائية، الطبعة الأولى، مطبعة البيضاوي، الرباط، 2020.
-إسماعيل حلاوة، الصفقات العمومية ورهان ترشيد النفقات العمومية، مجلة مسارات في الأبحاث والدراسات القانونية، العدد 14، عدد خاص بالطلبيات العمومية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية أشغال الندوة الوطنية المنظمة من طرف كلية الحقوق، عين الشق الدار البيضاء بتاريخ 24 أكتوبر 2020.
-توفيق السعيد، صفقات الجماعات المحلية وانعكاساتها على التنمية المحلية بالمغرب، أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون العام، جامعة محمد الخامس أكدال، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية الرباط، السنة الجامعية 2001-2002.
-عبد القادر باينة، المختصر في القانون الإداري المغربي، دار النشر المغربية، الطبعة الأولى، الدار البيضاء 1985.
-منشور رئيس الحكومة رقم 15/2020 المتعلق بتفعيل الأفضلية الوطنية وتشجيع المنتوجات المغربية في إطار الصفقات العمومية، الصادر بتاريخ 21 محرم 1442 (10 شتنبر 2020)، ص 1.
-حتيم سراج، نظام الأفضلية الوطنية في الصفقات العمومية بين المرسوم والمنشور، مجلة مسارات في الأبحاث والدراسات القانونية، عدد خاص بالطلبيات العمومية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية، أشغال الندوة الوطنية المنظمة من طرف كلية الحقوق، عين الشق الدار البيضاء بتاريخ 24 أكتوبر 2020.
-التقرير السنوي للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي برسم سنة 2018.
-عبد الله العزاوي، الإدارة العمومية والاستثمار: المعيقات وسؤال الإصلاح، المجلة المغربية للأنظمة القانونية والسياسية، العدد 14، ماي 2018، الرباط، ص 214.
-حياة خلاخي، دور القانون في محاربة الفساد الإداري بالمغرب: الصفقات العمومية نموذجا، أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون العام، جامعة سيدي محمد بن عبد الله، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بفاس، السنة الجامعية 2014-2015.
-مذكرة استعجالية للرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات حول بعض الاختلالات المسجلة في ميدان الصفقات العمومية. منشورة بالموقع الرسمي للمجلس www.courdescomptes.com
-Ahmed Sadik, petites et moyennes entreprise industrielle et émergence économique du Maroc, D.E.S.A, université Hassan2, faculté des sciences juridiques, économiques et sociales Casablanca, année universitaire 2006-2007.
[1] الفقرة 14 من المادة الرابعة من مرسوم رقم 2.22.431 صادر في 15 من شعبان 1444 (8 مارس 2023) يتعلق بالصفقات العمومية، منشور بالجريدة الرسمية عدد 7176 بتاريخ 16 من شعبان 1444 (8 مارس 2023) ص، 1438.
[2] فؤاد فتوحي، منظومة الرقابة في مجال الصفقات العمومية دراسة قانونية وقضائية، الطبعة الأولى، مطبعة البيضاوي، الرباط، 2020، ص 619.
[3] إسماعيل حلاوة، الصفقات العمومية ورهان ترشيد النفقات العمومية، مجلة مسارات في الأبحاث والدراسات القانونية، العدد 14، عدد خاص بالطلبيات العمومية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية أشغال الندوة الوطنية المنظمة من طرف كلية الحقوق، عين الشق الدار البيضاء بتاريخ 24 أكتوبر 2020، ص 154.
[4] توفيق السعيد، صفقات الجماعات المحلية وانعكاساتها على التنمية المحلية بالمغرب، أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون العام، جامعة محمد الخامس أكدال، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية الرباط، السنة الجامعية 2001-2002، ص 210.
[5] عبد القادر باينة، المختصر في القانون الإداري المغربي، دار النشر المغربية، الطبعة الأولى، الدار البيضاء 1985، ص ص 230-231.
[6] منشور رئيس الحكومة رقم 15/2020 المتعلق بتفعيل الأفضلية الوطنية وتشجيع المنتوجات المغربية في إطار الصفقات العمومية، الصادر بتاريخ 21 محرم 1442 (10 شتنبر 2020)، ص 1.
[7] مع مراعاة الالتزامات المتعهد بها في إطار الاتفاقيات الدولية المصادق عليها من لدن المملكة المغربية.
[8] المقاولة المبتكرة المبتدئة: كل مقاولة حديثة النشأة وتتوفر على مؤهلات عالية للابتكار والنمو، ولاسيما في مجال التكنولوجيات الحديثة والرقمية.
[9] المادة 147 من مرسوم 8مارس 2023 المتعلق بالصفقات العمومية.
[10] حتيم سراج، نظام الأفضلية الوطنية في الصفقات العمومية بين المرسوم والمنشور، مجلة مسارات في الأبحاث والدراسات القانونية، عدد خاص بالطلبيات العمومية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية، أشغال الندوة الوطنية المنظمة من طرف كلية الحقوق، عين الشق الدار البيضاء بتاريخ 24 أكتوبر 2020، ص 266.
[11] التقرير السنوي للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي برسم سنة 2018، ص 44. منشور بالموقع الرسمي للمجلس www.cese.ma
[12] عبد الله العزاوي، الإدارة العمومية والاستثمار: المعيقات وسؤال الإصلاح، المجلة المغربية للأنظمة القانونية والسياسية، العدد 14، ماي 2018، الرباط، ص 214.
[13] الجريدة الرسمية للبرلمان المغربي، نشرة مداولات مجلس المستشارين، مرجع سابق، ص 4713. منشور على الموقع الرسمي للمجلس www.chambredesconseillers.ma
[14] حياة خلاخي، دور القانون في محاربة الفساد الإداري بالمغرب: الصفقات العمومية نموذجا، أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون العام، جامعة سيدي محمد بن عبد الله، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بفاس، السنة الجامعية 2014-2015، ص 263.
[15] Ahmed Sadik, petites et moyennes entreprise industrielle et émergence économique du Maroc, D.E.S.A, université Hassan2, faculté des sciences juridiques, économiques et sociales Casablanca, année universitaire 2006-2007, p 36.
[16] مذكرة استعجالية للرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات حول بعض الاختلالات المسجلة في ميدان الصفقات العمومية، ص 2. منشورة بالموقع الرسمي للمجلس www.courdescomptes.com
[17] مرسوم رقم 2.06.388 صادر في 16 من محرم 1428 (5 فبراير 2007) بتحديد شروط وأشكال إبرام صفقات الدولة وكذا بعض القواعد المتعلقة بتدبيرها ومراقبتها. منشور بالجريدة الرسمية عدد 5518 بتاريخ 19 أبريل 2007.
[18] مرسوم رقم 2.12.349 صادر في 8 جمادى الأولى 1434 (20 مارس 2013) يتعلق بالصفقات العمومية، منشور بالجريدة الرسمية عدد 6140 الصادرة بتاريخ 23 جمادى الأولى 1434 (04 أبريل 2013)، ص 3023.
[19] المادة 134 من مرسوم 8مارس 2023 المتعلق بالصفقات العمومية.
[20] المادة 135 من نفس المرسوم.
[21] المادة 136 من نفس المرسوم.
[[22]]url:#_ftnref22 المادة 137 من نفس المرسوم.