مقاولة خاضعة لمساطر صعوبات المقاولة - منازعة جدية في دين ناتج عن تنفيذ صفقة عمومية – اختصاص القاضي المنتدب – لا.
*****************
أصدرت محكمة قرارا بتاريخ 12/06/2014 في الملف عدد 1299/4/1/2014 قضت فيه بعدم اختصاص القاضي المنتدب نوعيا للبت في المنازعات المرتبطة بالعقود الإدارية (القرار منشور في آخر التعليق).
و يتعلق الأمر بالطلب الذي تقدمت به شركة، خاضعة لمساطر صعوبات المقاولة، أمام القاضي المنتدب لدى المحكمة التجارية بوجدة، عرضت فيه أنها أبرمت مع صندوق تمويل الطرق، و هو مؤسسة عمومية، مجموعة من العقود لانجاز أشغال عمومية، تخلذ في ذمة هذا الصندوق مجموعة من المبالغ المالية، ملتمسة الأمر بتحويل مبلغ الدين إلى حساب التسوية القضائية، و قد أصدر القاضي المنتدب أمرا بتاريخ 24/07/2013 باختصاصه و تحويل المبلغ المطالب به إلى حساب التسوية القضائية للشركة.
و يثير الأمر الصادر عن القاضي المنتدب ملاحظتين اثنتين، الأولى تتعلق بضرورة إصدار حكم مستقل يتعلق بالاختصاص النوعي، و الملاحظة الثانية تتعلق باختصاصه النوعي.
فيما يتعلق بضرورة إصدار حكم مستقل طبقا لمقتضيات المادة 8
إذا أثير أمام القاضي التجاري دفع بعدم اختصاصه النوعي، فإنه يتعين عليه إصدار حكم مستقل في الاختصاص النوعي، بناء على المقتضيات و المواد القانونية المنظمة لاختصاص القاضي المنتدب، خاصة المادتين 695 و 696 من مدونة التجارة، إذ نصت المادة الأولى على ما يلي:
"يقرر القاضي المنتدب بناء على اقتراحات السنديك قبول الدين أو رفضه أو يعاين إما وجود دعوى جارية أو أن المنازعة لا تدخل في اختصاصه".
و جاء في المادة 696 ما يلي:
"حينما يبت القاضي المنتدب في الاختصاص أو في دين منازع فيه من طرف المقاولة أو الدائن، يستدعيهما كاتب الضبط برسالة مضمونة مع الاشعار بالتوصل.
يشعر كاتب الضبط الأطراف بمقررات عدم الاختصاص أو بالمقررات التي تبت في المنازعة في الدين داخل أجل ثمانية أيام برسالة مضمونة مع الإشعار بالتوصل..".
و تحدد المادة 695 المشار اليها أعلاه اختصاصات القاضي المنتدب المتمثلة في قبول الدين أو رفضه أو البت في الدفع المتعلق باختصاصه، و أن استعمال المشرع لعبارة "أو" تهدف إلى أن البت يكون في كل نقطة على حدة بواسطة مقرر مستقل.
و في حالة المنازعة في اختصاصه يتعين على القاضي التجاري أن "يقرر" أن المنازعة تدخل أو لا تدخل في اختصاصه.
و ما يؤكد هذا القول، ما جاء في المادة 696 من المدونة و التي تضمنت العبارتين التاليتين:
- "حينما يبت القاضي المنتدب في الاختصاص"
- " يشعر كاتب الضبط الأطراف بمقررات عدم الاختصاص...".
فيما يتعلق باختصاص القاضي المنتدب للبت في نزاع حول تنفيذ عقد إداري
حددت مدونة التجارة اختصاصات القاضي المنتدب في السهر على السير السريع للمسطرة وحماية المصالح المتواجدة (المادة 638)، و كذا البت في الطلبات و المنازعات الداخلة في اختصاصه، و جاء في هذا المادة 639 من القانون المشار إليه أعلاه ما يلي:
"يبت القاضي المنتدب بمقتضى أوامر في الطلبات و المنازعات والمطالب الداخلة في اختصاصه و كذا الشكاوي المقدمة ضد أعمال السنديك...".
هذا بالإضافة إلى أن المادة 695 من المدونة اعتبرت أن القاضي المنتدب يقرر بناء على اقتراحات سنديك المسطرة قبول الدين أو رفضه.
و بما أن الطلب الذي تقدمت به الشركة يهدف الى أمر الصندوق بتحويل مبلغ مالي تخلذ في ذمة الصندوق ناتج عن تنفيذ عقود الصفقات العمومية التي هي محل منازعة مع الشركة المدعية، و من ثمة فإن الدين المزعوم استحقاقه يظل غير مستحق و غير ثابت ما لم تحسم الجهة القضائية المختصة في استحقاقه وثبوته.
و كما هو معلوم فإن البت في المنازعات المتعلقة بالديون المستحقة لمقاولة في إطار التسوية القضائية يعود اختصاص البت فيها إلى القضاء المختص حسب طبيعة الدين، و بما أن موضوع الطلب المقدم من قبل الشركة المدعية يرتبط بنزاع حول عقود الصفقات العمومية التي تعتبر عقودا ادارية، إذ يعود اختصا النظر فيها إلى المحاكم الإدارية طبقا للمادة 8 من القانون رقم 41-90 المحدث لهذه المحاكم، التي نصت على ما يلي:
"تختص المحاكم الإدارية، مع مراعاة أحكام المادتين 9 و11 من هذا القانون، بالبت ابتدائيا في طلبات إلغاء قرارات السلطات الإدارية بسبب تجاوز السلطة وفي النزاعات المتعلقة بالعقود الإدارية ...".
و من ثمة فإن المحاكم الإدارية هي المختصة في هذه المنازعات، على الرغم من خضوع المتعاقد الآخر لمسطرة التسوية القضائية.
و هو ما أكده القضاء الفرنسي، خاصة محكمة النزاعات التي اعتبرت أن القاضي الإداري هو المختص للبت في المنازعات المتعلقة بوجود أو عدم وجود الدين الناتج عن تنفيذ عقد الصفقة العمومية، ونذكر من بين هذه القرارات:
- القرار الصادر بتاريخ 24 يونيو 1954، الذي جاء فيه ما يلي:
« En cas de contestation sur l'existence ou le montant de la créance, la question préjudicielle ainsi soulevée...(doit)... être renvoyée à l'examen de la juridiction administrative » .
- و القرار الصادر بتاريخ 23 ماي 2005 تحت عدد 3447.(القراران منشوران بمجلة: Contrats et Marchés publics n° 7, Juillet 2005, comm. 200)
و بالتالي فإن القاضي المنتدب يختص فقط في البت في طلبات قبول الدين أو رفضه، أما المنازعة في الدين الناتج عن تنفيذ عقد إداري، فانه يعود الاختصاص إلى القاضي الإداري،
******************************
القرار الصادر عن محكمة النقض بتاريخ 12/06/2014 في الملف عدد 1299/4/1/2014
المملكة المغربية
الحمد لله وحده
باسم جلالة الملف و طبقا للقانون
بتاريخ 12/06/2014
إن الغرفة الإدارية (القسم الأول)
بمحكمة النقض في جلستها العلنية أصدرت القرار الآتي نصه:
بين: صندوق تمويل الطرق التابع لوزارة التجهيز و النقل في شخص وكيله القانوني مديره العام، شارع الصنوبر حي الرياض الرباط.
ينوب عنه الأستاذان محمد تاج الدين الحسيني و زهور الأبيض المحاميان بهيئة الرباط المقبولان للترافع أمام محكمة النقض.
المستأنف
و بين: شركة .....، في شخص مسيرها و وكيلها القانوني، عنوانها ...............
الدولة المغربية في شخص السيد رئيس الحكومة بمكاتبه بالرباط
وزارة التجهيز و النقل ممثلة في شخص السيد الوزير الأول بمقر الوزارة بالحي الاداري بالرباط
السيد الوكيل القضائي للمملكة بمكاتبه بوزارة الاقتصاد و المالية بالرباط
المستأنف عليهم
بحضور: سنديك المسطرة السيد ............. عنوانه .....................
بناء على المقال المرفوع بتاريخ 06/08/2013 من طرف المستأنف المذكور أعلاه بواسطة نائبيه الأستاذين محمد تاج الدين الحسيني و زهور الأبيض، الرامي إلى استئناف الحكم المستقل المتعلق بالاختصاص النوعي رقم 114 الصادر عن المحكمة التجارية بوجدة بتاريخ 24/07/2013 في الملف عدد 05/2012.
و بناء على الأوراق الأخرى المدلى بها في الملف.
و بناء على المادة 13 من القانون رقم 41- 90 المتعلق بإحداث محاكم إدارية.
و بناء على قانون المسطرة المدنية المؤرخ في 28 شتنبر 1974.
و بناء على الأمر بالتخلي و الإبلاغ الصادر في 22/04/2014.
و بناء الإعلام بتعيين القضية في الجلسة العلنية المنعقدة بتاريخ 12/06/2014.
و بناء على المناداة على الطرفين و من ينوب عنهما و عدم حضورهم.
و بعد تلاوة المستشار المقرر السيد عبد العتاق فكير تقريره في هذه الجلسة و الاستماع إلى مستنتجات المحامي السيد سابق الشرقاوي.
و بعد المداولة طبقا للقانون:
حيث يؤخذ من أوراق الملف و من ضمنها الحكم المستأنف المشار إلى مراجعه أعلاه أن الشركة المدعية – المستأنف عليها – تقدمت بمقال افتتاحي أمام القاضي المنتدب بالمحكمة التجارية بوجدة بتاريخ 17/01/2013 عرضت فيه أنها تعاقدت مع صندوق تمويل الطرق التابع لوزارة التجهيز و النقل من أجل إنجاز أشغال عمومية لفائدته إلا أنها عانت صعوبات مالية فصدر حكم عن المحكمة التجارية بوجدة قضى بفتح مسطرة التسوية القضائية في حقها مع ما يترتب عن ذلك من آثار قانونية، و أن الصندوق المذكور رفض تمكينها من مستحقاتها المالية المترتبة لفائدتها قبل صدور حكم التسوية القضائية بتاريخ 30/05/2012 و البالغة 17.619.436,00 درهم، و التمست إصدار أمر بإلزام الصندوق المدعى عليه في شخص ممثله القانوني بتحويل المبلغ المذكور إلى حساب التسوية القضائية المفتوح لدى البنك الشعبي بوجدة مع ما يترتب عن ذلك من آثار قانونية تحت طائلة غرامة تهديدية قدرها 200.000,00 درهم عن كل يوم تأخير عن التنفيذ مع النفاذ المعجل، أجاب الصندوق المدعى عليه بالدفع بعدم الاختصاص القاضي المنتدب للبت في المنازعة لتعلقها بعقود إدارية يبقى الاختصاص النوعي للبت فيها منعقدا للمحاكم الإدارية ملتمسا رفض الطلب موضوعا، أكد الوكيل القضائي للمملكة نفس الدفع المثار، و بعد تمام الإجراءات أصدر القاضي المنتدب أمره القاضي بإلزام الصندوق المدعى عليه في شخص ممثله القانوني بتحويل مبلغ 7.403.706,62 درهم إلى حساب التسوية القضائية للشركة المدعية المفتوح لدى البنك الشعبي بوجدة وكالة أسلي تحت طائلة غرامة تهديدية قدرها 80.000,00 درهم عن كل يوم تأخير ابتداء من يوم الامتناع عن التنفيذ مع النفاذ المعجل، استأنفه الصندوق المدعى عليه.
في أسباب الاستئناف:
حيث يعيب الطاعن الأمر المستأنف بارتكازه – لتبرير رفض الدفع بانعدام الاختصاص النوعي- على مقتضيات المادة 638 من مدونة التجارة، و لاعتباره كون نظام صعوبة المقاولة يكتسي صبغة خاصة و هدفه هو تصحيح وضعية المقاولة و أنه ليس ضمن مقتضيات مدونة التجارة ما يمنع القاضي المنتدب من البت في جميع الإجراءات التي تساهم في استمرارية المقاولة و الحفاظ على مصالح الدائنين، ذلك أن القاضي المنتدب تجاوز اختصاصه ما دامت المادة 638 المحتج بها من طرفه لا تحدد اختصاصاته و لا توسعها بل تنص بشكل واضح على أنه :"يسهر القاضي المنتدب على السير السريع للمسطرة و على حماية المصالح المتواجدة" و هذا لا يعني البت في جفي المادة وهر النزاع بل يفيد تقليص الآجال و إصدار الأوامر دون تأخير و حماية المال العام، و أن اختصاصاته محددة في المادة 639 من مدونة التجارة كما أن المقررات التي يمكن اتخاذها محددة في المادة 695، و كان لزاما عليه في إطارها التصريح بعدم اختصاصه بالبت في المنازعة لتعلقها بنزاع جدي في الجوهر، و التقيد بمقتضيات المادة 8 من القانون رقم 95-53 المحدث للمحاكم التجارية التي يتوجب على المحكمة التجارية البت في الدفع بعدم الاختصاص النوعي بحكم مستقل داخل أجل ثمانية أيام، مما يجعل الأمر المستأنف عرضة للإلغاء و التصريح بعد التصدي بعدم اختصاص القاضي المنتدب بالبت في موضوع النزاع، و تكون المحكمة الإدارية هي المختصة نوعا للبت فيه.
حيث صح ما عابه الطاعن على الأمر المستأنف ذلك أن الثابت من وثائق الملف كون المبلغ المطلوب تحويله من طرف صندوق تمويل الطرق إلى حساب التسوية القضائية الخاص بالشركة المستأنف عليها يتعلق بعقود صفقات عمومية منازع في تنفيذها من طرف الإدارة، ومعلوم أن عقود الصفقات العمومية تعتبر عقودا إدارية بقوة القانون، و أن النزاعات الناجمة عنها تبقى ضمن الاختصاص النوعي للمحاكم الإدارية طبقا للمادة 8 من القانون رقم 41-90 المحدث لها حتى و إن كان الطرف المتعاقد مع الإدارة خاضعا لمساطر معالجة الصعوبة، و بالتالي فإن عدم تصريح القاضي المنتدب بعدم اختصاصه و تصديه لموضوع نزاع إداري يعد خرقا لقواعد الاختصاص النوعي و يجعل الأمر المستأنف واجب الإلغاء.
لهذه الأسباب
قضت محكمة النقض بإلغاء الأمر المستأنف و التصريح باختصاص القضاء الإداري نوعيا للبت في الطلب و إحالة الملف على المحكمة الإدارية بوجدة للبت فيه طبقا للقانون.
و به صدر القرار و تلي في الجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور أعلاه بقاعة الجلسات العادية بمحكمة النقض بالرباط، و كانت الهيئة الحاكمة متركبة من رئيس الغرفة الإدارية (القسم الأول) السيدة عائشة بن الراضي و المستشارين السادة عبد العتاق فكير مقررا، أحمد دينية، عبد المجيد بابا اعلي، عبد الغني يفوت و بمحضر المحامي العام السيد سابق الشرقاوي، و بمساعدة كاتبة الضبط السيدة نفيسة الحراق.
*****************
أصدرت محكمة قرارا بتاريخ 12/06/2014 في الملف عدد 1299/4/1/2014 قضت فيه بعدم اختصاص القاضي المنتدب نوعيا للبت في المنازعات المرتبطة بالعقود الإدارية (القرار منشور في آخر التعليق).
و يتعلق الأمر بالطلب الذي تقدمت به شركة، خاضعة لمساطر صعوبات المقاولة، أمام القاضي المنتدب لدى المحكمة التجارية بوجدة، عرضت فيه أنها أبرمت مع صندوق تمويل الطرق، و هو مؤسسة عمومية، مجموعة من العقود لانجاز أشغال عمومية، تخلذ في ذمة هذا الصندوق مجموعة من المبالغ المالية، ملتمسة الأمر بتحويل مبلغ الدين إلى حساب التسوية القضائية، و قد أصدر القاضي المنتدب أمرا بتاريخ 24/07/2013 باختصاصه و تحويل المبلغ المطالب به إلى حساب التسوية القضائية للشركة.
و يثير الأمر الصادر عن القاضي المنتدب ملاحظتين اثنتين، الأولى تتعلق بضرورة إصدار حكم مستقل يتعلق بالاختصاص النوعي، و الملاحظة الثانية تتعلق باختصاصه النوعي.
فيما يتعلق بضرورة إصدار حكم مستقل طبقا لمقتضيات المادة 8
إذا أثير أمام القاضي التجاري دفع بعدم اختصاصه النوعي، فإنه يتعين عليه إصدار حكم مستقل في الاختصاص النوعي، بناء على المقتضيات و المواد القانونية المنظمة لاختصاص القاضي المنتدب، خاصة المادتين 695 و 696 من مدونة التجارة، إذ نصت المادة الأولى على ما يلي:
"يقرر القاضي المنتدب بناء على اقتراحات السنديك قبول الدين أو رفضه أو يعاين إما وجود دعوى جارية أو أن المنازعة لا تدخل في اختصاصه".
و جاء في المادة 696 ما يلي:
"حينما يبت القاضي المنتدب في الاختصاص أو في دين منازع فيه من طرف المقاولة أو الدائن، يستدعيهما كاتب الضبط برسالة مضمونة مع الاشعار بالتوصل.
يشعر كاتب الضبط الأطراف بمقررات عدم الاختصاص أو بالمقررات التي تبت في المنازعة في الدين داخل أجل ثمانية أيام برسالة مضمونة مع الإشعار بالتوصل..".
و تحدد المادة 695 المشار اليها أعلاه اختصاصات القاضي المنتدب المتمثلة في قبول الدين أو رفضه أو البت في الدفع المتعلق باختصاصه، و أن استعمال المشرع لعبارة "أو" تهدف إلى أن البت يكون في كل نقطة على حدة بواسطة مقرر مستقل.
و في حالة المنازعة في اختصاصه يتعين على القاضي التجاري أن "يقرر" أن المنازعة تدخل أو لا تدخل في اختصاصه.
و ما يؤكد هذا القول، ما جاء في المادة 696 من المدونة و التي تضمنت العبارتين التاليتين:
- "حينما يبت القاضي المنتدب في الاختصاص"
- " يشعر كاتب الضبط الأطراف بمقررات عدم الاختصاص...".
فيما يتعلق باختصاص القاضي المنتدب للبت في نزاع حول تنفيذ عقد إداري
حددت مدونة التجارة اختصاصات القاضي المنتدب في السهر على السير السريع للمسطرة وحماية المصالح المتواجدة (المادة 638)، و كذا البت في الطلبات و المنازعات الداخلة في اختصاصه، و جاء في هذا المادة 639 من القانون المشار إليه أعلاه ما يلي:
"يبت القاضي المنتدب بمقتضى أوامر في الطلبات و المنازعات والمطالب الداخلة في اختصاصه و كذا الشكاوي المقدمة ضد أعمال السنديك...".
هذا بالإضافة إلى أن المادة 695 من المدونة اعتبرت أن القاضي المنتدب يقرر بناء على اقتراحات سنديك المسطرة قبول الدين أو رفضه.
و بما أن الطلب الذي تقدمت به الشركة يهدف الى أمر الصندوق بتحويل مبلغ مالي تخلذ في ذمة الصندوق ناتج عن تنفيذ عقود الصفقات العمومية التي هي محل منازعة مع الشركة المدعية، و من ثمة فإن الدين المزعوم استحقاقه يظل غير مستحق و غير ثابت ما لم تحسم الجهة القضائية المختصة في استحقاقه وثبوته.
و كما هو معلوم فإن البت في المنازعات المتعلقة بالديون المستحقة لمقاولة في إطار التسوية القضائية يعود اختصاص البت فيها إلى القضاء المختص حسب طبيعة الدين، و بما أن موضوع الطلب المقدم من قبل الشركة المدعية يرتبط بنزاع حول عقود الصفقات العمومية التي تعتبر عقودا ادارية، إذ يعود اختصا النظر فيها إلى المحاكم الإدارية طبقا للمادة 8 من القانون رقم 41-90 المحدث لهذه المحاكم، التي نصت على ما يلي:
"تختص المحاكم الإدارية، مع مراعاة أحكام المادتين 9 و11 من هذا القانون، بالبت ابتدائيا في طلبات إلغاء قرارات السلطات الإدارية بسبب تجاوز السلطة وفي النزاعات المتعلقة بالعقود الإدارية ...".
و من ثمة فإن المحاكم الإدارية هي المختصة في هذه المنازعات، على الرغم من خضوع المتعاقد الآخر لمسطرة التسوية القضائية.
و هو ما أكده القضاء الفرنسي، خاصة محكمة النزاعات التي اعتبرت أن القاضي الإداري هو المختص للبت في المنازعات المتعلقة بوجود أو عدم وجود الدين الناتج عن تنفيذ عقد الصفقة العمومية، ونذكر من بين هذه القرارات:
- القرار الصادر بتاريخ 24 يونيو 1954، الذي جاء فيه ما يلي:
« En cas de contestation sur l'existence ou le montant de la créance, la question préjudicielle ainsi soulevée...(doit)... être renvoyée à l'examen de la juridiction administrative » .
- و القرار الصادر بتاريخ 23 ماي 2005 تحت عدد 3447.(القراران منشوران بمجلة: Contrats et Marchés publics n° 7, Juillet 2005, comm. 200)
و بالتالي فإن القاضي المنتدب يختص فقط في البت في طلبات قبول الدين أو رفضه، أما المنازعة في الدين الناتج عن تنفيذ عقد إداري، فانه يعود الاختصاص إلى القاضي الإداري،
******************************
القرار الصادر عن محكمة النقض بتاريخ 12/06/2014 في الملف عدد 1299/4/1/2014
المملكة المغربية
الحمد لله وحده
باسم جلالة الملف و طبقا للقانون
بتاريخ 12/06/2014
إن الغرفة الإدارية (القسم الأول)
بمحكمة النقض في جلستها العلنية أصدرت القرار الآتي نصه:
بين: صندوق تمويل الطرق التابع لوزارة التجهيز و النقل في شخص وكيله القانوني مديره العام، شارع الصنوبر حي الرياض الرباط.
ينوب عنه الأستاذان محمد تاج الدين الحسيني و زهور الأبيض المحاميان بهيئة الرباط المقبولان للترافع أمام محكمة النقض.
المستأنف
و بين: شركة .....، في شخص مسيرها و وكيلها القانوني، عنوانها ...............
الدولة المغربية في شخص السيد رئيس الحكومة بمكاتبه بالرباط
وزارة التجهيز و النقل ممثلة في شخص السيد الوزير الأول بمقر الوزارة بالحي الاداري بالرباط
السيد الوكيل القضائي للمملكة بمكاتبه بوزارة الاقتصاد و المالية بالرباط
المستأنف عليهم
بحضور: سنديك المسطرة السيد ............. عنوانه .....................
بناء على المقال المرفوع بتاريخ 06/08/2013 من طرف المستأنف المذكور أعلاه بواسطة نائبيه الأستاذين محمد تاج الدين الحسيني و زهور الأبيض، الرامي إلى استئناف الحكم المستقل المتعلق بالاختصاص النوعي رقم 114 الصادر عن المحكمة التجارية بوجدة بتاريخ 24/07/2013 في الملف عدد 05/2012.
و بناء على الأوراق الأخرى المدلى بها في الملف.
و بناء على المادة 13 من القانون رقم 41- 90 المتعلق بإحداث محاكم إدارية.
و بناء على قانون المسطرة المدنية المؤرخ في 28 شتنبر 1974.
و بناء على الأمر بالتخلي و الإبلاغ الصادر في 22/04/2014.
و بناء الإعلام بتعيين القضية في الجلسة العلنية المنعقدة بتاريخ 12/06/2014.
و بناء على المناداة على الطرفين و من ينوب عنهما و عدم حضورهم.
و بعد تلاوة المستشار المقرر السيد عبد العتاق فكير تقريره في هذه الجلسة و الاستماع إلى مستنتجات المحامي السيد سابق الشرقاوي.
و بعد المداولة طبقا للقانون:
حيث يؤخذ من أوراق الملف و من ضمنها الحكم المستأنف المشار إلى مراجعه أعلاه أن الشركة المدعية – المستأنف عليها – تقدمت بمقال افتتاحي أمام القاضي المنتدب بالمحكمة التجارية بوجدة بتاريخ 17/01/2013 عرضت فيه أنها تعاقدت مع صندوق تمويل الطرق التابع لوزارة التجهيز و النقل من أجل إنجاز أشغال عمومية لفائدته إلا أنها عانت صعوبات مالية فصدر حكم عن المحكمة التجارية بوجدة قضى بفتح مسطرة التسوية القضائية في حقها مع ما يترتب عن ذلك من آثار قانونية، و أن الصندوق المذكور رفض تمكينها من مستحقاتها المالية المترتبة لفائدتها قبل صدور حكم التسوية القضائية بتاريخ 30/05/2012 و البالغة 17.619.436,00 درهم، و التمست إصدار أمر بإلزام الصندوق المدعى عليه في شخص ممثله القانوني بتحويل المبلغ المذكور إلى حساب التسوية القضائية المفتوح لدى البنك الشعبي بوجدة مع ما يترتب عن ذلك من آثار قانونية تحت طائلة غرامة تهديدية قدرها 200.000,00 درهم عن كل يوم تأخير عن التنفيذ مع النفاذ المعجل، أجاب الصندوق المدعى عليه بالدفع بعدم الاختصاص القاضي المنتدب للبت في المنازعة لتعلقها بعقود إدارية يبقى الاختصاص النوعي للبت فيها منعقدا للمحاكم الإدارية ملتمسا رفض الطلب موضوعا، أكد الوكيل القضائي للمملكة نفس الدفع المثار، و بعد تمام الإجراءات أصدر القاضي المنتدب أمره القاضي بإلزام الصندوق المدعى عليه في شخص ممثله القانوني بتحويل مبلغ 7.403.706,62 درهم إلى حساب التسوية القضائية للشركة المدعية المفتوح لدى البنك الشعبي بوجدة وكالة أسلي تحت طائلة غرامة تهديدية قدرها 80.000,00 درهم عن كل يوم تأخير ابتداء من يوم الامتناع عن التنفيذ مع النفاذ المعجل، استأنفه الصندوق المدعى عليه.
في أسباب الاستئناف:
حيث يعيب الطاعن الأمر المستأنف بارتكازه – لتبرير رفض الدفع بانعدام الاختصاص النوعي- على مقتضيات المادة 638 من مدونة التجارة، و لاعتباره كون نظام صعوبة المقاولة يكتسي صبغة خاصة و هدفه هو تصحيح وضعية المقاولة و أنه ليس ضمن مقتضيات مدونة التجارة ما يمنع القاضي المنتدب من البت في جميع الإجراءات التي تساهم في استمرارية المقاولة و الحفاظ على مصالح الدائنين، ذلك أن القاضي المنتدب تجاوز اختصاصه ما دامت المادة 638 المحتج بها من طرفه لا تحدد اختصاصاته و لا توسعها بل تنص بشكل واضح على أنه :"يسهر القاضي المنتدب على السير السريع للمسطرة و على حماية المصالح المتواجدة" و هذا لا يعني البت في جفي المادة وهر النزاع بل يفيد تقليص الآجال و إصدار الأوامر دون تأخير و حماية المال العام، و أن اختصاصاته محددة في المادة 639 من مدونة التجارة كما أن المقررات التي يمكن اتخاذها محددة في المادة 695، و كان لزاما عليه في إطارها التصريح بعدم اختصاصه بالبت في المنازعة لتعلقها بنزاع جدي في الجوهر، و التقيد بمقتضيات المادة 8 من القانون رقم 95-53 المحدث للمحاكم التجارية التي يتوجب على المحكمة التجارية البت في الدفع بعدم الاختصاص النوعي بحكم مستقل داخل أجل ثمانية أيام، مما يجعل الأمر المستأنف عرضة للإلغاء و التصريح بعد التصدي بعدم اختصاص القاضي المنتدب بالبت في موضوع النزاع، و تكون المحكمة الإدارية هي المختصة نوعا للبت فيه.
حيث صح ما عابه الطاعن على الأمر المستأنف ذلك أن الثابت من وثائق الملف كون المبلغ المطلوب تحويله من طرف صندوق تمويل الطرق إلى حساب التسوية القضائية الخاص بالشركة المستأنف عليها يتعلق بعقود صفقات عمومية منازع في تنفيذها من طرف الإدارة، ومعلوم أن عقود الصفقات العمومية تعتبر عقودا إدارية بقوة القانون، و أن النزاعات الناجمة عنها تبقى ضمن الاختصاص النوعي للمحاكم الإدارية طبقا للمادة 8 من القانون رقم 41-90 المحدث لها حتى و إن كان الطرف المتعاقد مع الإدارة خاضعا لمساطر معالجة الصعوبة، و بالتالي فإن عدم تصريح القاضي المنتدب بعدم اختصاصه و تصديه لموضوع نزاع إداري يعد خرقا لقواعد الاختصاص النوعي و يجعل الأمر المستأنف واجب الإلغاء.
لهذه الأسباب
قضت محكمة النقض بإلغاء الأمر المستأنف و التصريح باختصاص القضاء الإداري نوعيا للبت في الطلب و إحالة الملف على المحكمة الإدارية بوجدة للبت فيه طبقا للقانون.
و به صدر القرار و تلي في الجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور أعلاه بقاعة الجلسات العادية بمحكمة النقض بالرباط، و كانت الهيئة الحاكمة متركبة من رئيس الغرفة الإدارية (القسم الأول) السيدة عائشة بن الراضي و المستشارين السادة عبد العتاق فكير مقررا، أحمد دينية، عبد المجيد بابا اعلي، عبد الغني يفوت و بمحضر المحامي العام السيد سابق الشرقاوي، و بمساعدة كاتبة الضبط السيدة نفيسة الحراق.