MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers



ورقة حول مؤلف تحت عنوان الحكومات البرلمانية

     



ورقة حول مؤلف تحت عنوان الحكومات البرلمانية
المؤلف جون ستيوارت مِل أحد أبرز المفكرين البريطانيين في القرن التاسع عشر. ولد في عام 1806، ودرس القانون والاقتصاد والتاريخ القديم واللغات. ويُعد كتابه بحث في الحرية واحدًا من أهم الكتب التي صدرت في أوروبا في حقل الفكر السياسي. وكانت لكتابه الحكومات البرلمانية غاية أولى هي تطوير العقل والفضيلة لدى الشعب. وهذا الكتاب الذي ظهر قبل نحو مئة وخمسين عامًا ما زال يتضمن أفكارًا شديدة الأهمية في عصرنا الراهن. ترجمة: إميل الغوري ​سياسي ومثقف فلسطيني كان مساعدًا للحاج أمين الحسيني. ولد في القدس في عام 1907، ونال الماجستير في العلوم السياسية والصحافة والتاريخ من جامعة سنسيناتي الأميركية. وله عدد من المؤلفات القومية والترجمات. توفي في بيروت في عام 1984. أيهم أفضل؟ في الفصل الأول، أنظمة الحكم وإلى أي مدى هي مسألة اختيار، يقول مِل إن المؤسسات السياسية، على الرغم مما قد يتعرض له هذا الرأي من تجاهل في بعض الأحيان، هي من صنع الإنسان، ومدينة بنشوئها ووجودها كله إلى إرادته، ولذلك فإن المؤسسات، كما هو الحال بشأن سائر الأشياء التي صنعها الإنسان، إما أن تكون قد صنعت بشكل جيد وإما بشكل رديء، وإما أن يكون حسن الرأي والكفاءة قد توفرا في عملية إنتاجها وإما أن لا يكونا قد توفرا. والأداة السياسية لا تعمل هي ايضًا من تلقاء نفسها. وهناك ثلاثة شروط تنطوي عليها هذه المسألة: يجب أن يكون الشعب مستعدًا للقبول بنظام الحكم، ويجب أن يكون الشعب قابلًا بالنظام وقادرًا على عمل كل ما هو ضروري للإبقاء عليه قائمًا، وقابلًا وقادرًا على تحمل الواجبات التي يفرضها عليه النظام. ويقول مِل في الفصل الثاني، مقياس نظام الحكم الصالح، إن معنى النظام هو الطاعة، فيقال إن الحكومة التي تطاع تصون النظام، و"النظام يعني، بصورة أوسع، صيانة السلام عن طريق وقف العنف الخاص". أما الأصح فلسفيًا، بالنسبة إلى مِل، القول إن الحكم الصالح هو الحكم الأكثر ملاءمة للتقدم، فالتقدم في معنى الملاءمة أعلى درجة من النظام، والنظام يجد لنفسه مكانًا أكثر لياقة بين شروط التقدم. لكن تستدل من اصطلاح التقدم فكرة التحرك إلى الأمام، بيد أن معناه يُفهم منه بصورة مماثلة منع التقهقر إلى الخلف. ويرى في الفصل الثالث، أحسن نظام مثالي للحكم هو نظام الحكم النيابي، أن أبشع سوء فهم عنيف لمعنى الحكومة الصالحة هو القول إن نظام الحكم الملكي المطلق أحسن أنظمة الحكم. وبرأيه، نظام الحكم الوحيد الذي يستطيع أن يحقق مقتضيات الحالة الاجتماعية هو النظام الذي يساهم فيه الشعب كله، "لكن نظرًا لأن جميع الناس في مجتمع يتجاوز بلدة صغيرة واحدة لا يستطيعون المساهمة شخصيًا إلا في أقسام ضئيلة جدًا من الشؤون العامة، فيستخلص من ذلك أن النظام المثالي للحكم الصحيح يجب أن يكون نيابيًا". بين الوظائف والعيوب في الفصل الرابع، ما هي الظروف الاجتماعية التي لا يتلاءم معها نظام الحكم النيابي؟، يكتب مِل أن نظام الحكم النيابي لا يكون ملائمًا في أية حالة لا تتوافر فيها شروطه الأساسية الثلاثة التي أشير إليها في الفصل الأول، أي أن يكون الشعب مستعدًا للقبول به، وقابلًا وقادرًا على عمل كل ما هو ضروري لصيانته، وقابلًا وقادرًا على تحمل الواجبات والقيام بتنفيذ الوظائف التي يفرضها عليه هذا النظام"، إلى جانب حالة يكون فيها الشعب في حاجة إلى درس يتلقنه لغرض التقدم في المدنية، وهذا غرض ربما يعيق تحقيق قيام نظام الحكم النيابي. يجزم مِل في الفصل الخامس، الهيئات النيابية وما هي وظائفها الصحيحة، أن الهيئة النيابية غير أهل للحكم، "ولذلك فإن وظيفتها الصحيحة لا تكون الحكم بل المراقبة والسيطرة على الحكومة، وإظهار أعمال الحكومة وإعلانها للملأ ومناقشتها وسؤالها عنها، وحجب ثقتها عن الأعمال التي ترى أنها تستحق التنديد. وكذلك تنطوي الوظيفة الصحيحة للهيئة التشريعية على طرد الأشخاص الذين يؤلفون الحكومة إذا ما أساؤوا الاستعمال أو أخلُّوا بالأمانة أو أقدموا على أعمال تناقض شعور الأمة". ويقول في الفصل السادس، نظام الحكم النيابي: عيوبه وأخطاره، إن النظام المفضَّل هو الذي يسمح بممارسة الوظائف العامة على نطاق واسع؛ "فمن ناحية يحرم أضأل عدد فحسب من حق الانتخاب. ومن ناحية أخرى يفسح المجال أمام جميع طبقات الشعب، على أساس الأخذ بعين الاعتبار أمور أخرى عامة للمساهمة في تفصيلات الأعمال الإدارية والقضائية"، كما يجعل الجمهور كله مساهمًا في الحكومة وشريكًا في ما يشتق منها من أعمال ووظائف يمارس فيها العقل والمعرفة. ويرصد مل عيبين للنظام النيابي: الجهل العام وعدم المقدرة ووجود مؤهلات عقلية غير كافية في الهيئة المراقبة. والثاني؛ ووقوع الهيئة المراقبة تحت نفوذ مصالح غير منسجمة مع مصالح المجتمع. الحق ومنتهاه في الفصل السابع، الديمقراطية الصحيحة والديمقراطية الزائفة: تمثيل الجميع وتمثيل الأكثرية فحسب، يصنف مِل الأخطار التي تتعرض لها الديمقراطية النيابية في نوعين: الأول، خطر وجود مستوى منخفض من الذكاء في الهيئة النيابية وفي الرأي الشعبي الذي يسيطر عليها؛ والثاني، خطر التشريع الطبقي من جانب الأكثرية العددية، وهي أكثرية تتألف من نفس الطبقة. يقول: "علينا أن نبحث ما هو مدى الإمكانية في تنظيم الديمقراطية - دون ما تدخل مادي في مزايا منافع الحكم الديمقراطي - على شكل يقضي على ذينك الشرين الكبيرين، أو على الأقل يؤمِّن تجنبهما على أوسع نطاق يستطيعه الإنسان". وفي الفصل الثامن، مدى حق الانتخاب، يكتب أن الديمقراطية التمثيلية هي التي تكون ممثلة للجميع وليس للأكثرية فحسب، وتكون فيها المصالح والآراء ودرجات الثقافة مسموعة ولها نصيب بأن تحصل على نفوذ لا ينجم عن قوتها العددية بل عن قوة حججها. يضيف: "من الظلم الشخصي أن يحرم أي شخص من حقه الطبيعي في أن يقام وزن لصوته في تصريف الأمور التي له فيها نفس المصلحة للآخرين؛ فإذا ما كان الشخص مجبورًا على الدفع، ومجبورًا على القتال ومطلوبًا منه أن يطيع، فإن له الحق في أن تطلب موافقته وأن يؤخذ رأيه في ضوء قيمته ولكن ليس أكثر من ذلك". في الفصل التاسع، هل يكون الانتخاب على درجتين؟، يُبدي مِل رأيه في المزاولة الصالحة للانتخاب على درجتين، فيقول إنها تحصل عندما لا يجري اختيار الناخبين الثانويين على أساس أن يكونوا ناخبين فحسب، "بل إن تسند إليهم أيضًا وظائف أخرى هامة للقيام بها. يتنافى بوجودها الاعتقاد بأنهم إنما اختيروا لمجرد الإدلاء بصوت معيَّن". ويضيف: "أحسن ما يمكن أن يقال دفاعًا عن هذا الاختراع السياسي إنه قد يكون عمليًا في بعض الحالات، ومفيدًا أكثر من الانتخاب للأكثرية، لأنه يعطي كل فرد في المجتمع صوتًا من أي نوع كان، دون أن يجعل مجرد الأكثرية العددية هي السائدة في البرلمان". تقنيات انتخابية يؤكد مِل في الفصل العاشر، طريقة الانتخاب، أن أخطر موضوع هو الانتخاب السري. يسأل: إذا كان حق الانتخاب أمانة وأن للشعب حقًا في ذلك الصوت، أفليس من حق الناس أن يعرفوا صوت الناخب؟ وإذا كان الانتخاب حقًا، وإذا كان يخص الناخب لأجل رأيه نفسه، فعلى أي أساس نستطيع أن نلومه لبيعه ذلك الحق أو استعماله لترويج نفسه لدى أي شخص من مصلحته أن يرضيه؟ ويقول إنها مسألة واجب ضروري، وعلى الناخب أن يقوم بذلك الواجب "في ضوء أحسن وأوعى رأي بصدد الصالح العام. وكل شخص يحمل أية فكرة أخرى عن الانتخاب ليس جديرًا بأن يكون له حق الانتخاب". في الفصل الحادي عشر، مدة البرلمانات، يرى مِل وجوب ألا يشغل العضو مقعدًا برلمانيًا مدة طويلة فينسى مسؤوليته ويدير واجباته لتحقيق مصلحة ويهمل المؤتمرات الحرة العامة مع ناخبيه. ومن ناحية أخرى، من الضروري أن يشغل العضو مقعده مدة من الزمن تمكنه من توفير الأسباب للناس كي يصدروا حكمًا عليه، لا على أساس عمل واحد يقدم عليه، بل على أساس أعماله كلها وسلوكه. ويقول إن مدة ثلاثة أعوام لدورة البرلمان طويلة، "أما أن تكون الدورة أطول من ذلك فأمر يجب أن لا يسمح به". وفي الفصل الثاني عشر، أعضاء البرلمان وهل يجب مطالبتهم بتعهدات؟، أكد مِل الأهمية المتساوية لضرورتين كبيرتين من ضرورات ومستلزمات الحكومة، "وأبقيناهما موضع النظر باستمرار، وهما: (1) المسؤولية تجاه هؤلاء الذين يجب أن تستخدم السلطة السياسية دائمًا لمنفعتهم، و (2) الحصول إلى جانب تلك المسؤولية، وعلى أوسع نطاق مستطاع، على مزايا ومنافع العلم العالي المدرب والمنظم لتحقيق أغراض وظيفة الحكومة وعملها. وإذا كان الهدف هذا جديرًا بأن يُسعى للحصول عليه، فإنه جدير بالثمن الضروري". ناخب وسلطة يقول مِل في الفصل الثالث عشر، حول مجلس ثان: "إذا كان للبرلمان مجلسان، فإما أن يكونا متشابهين من حيث التشكيل وإما أن يكونا غير متشابهين؛ فإذا كان المجلسان متشابهين، فإن كلًا منهما سيخضع لنفس المؤثرات، والذي يكون له أكثرية في أحد المجلسين من المحتمل أن تكون له أكثرية في المجلس الآخر". ويضيف: "قد يكون المقصود من وجودهما جعل الواحد رقيبًا على الآخر. فإذا افترض أن يكون الواحد مشكَّلًا ديمقراطيًا، فإنه من الطبيعي أن يشكل الآخر على أساس كونه نوعًا من القيد على الديمقراطية أو كابحًا لها". في الفصل الرابع عشر، السلطة التنفيذية في حكومة نيابية، يلفت مِل إلى أنه من مبادىء الحكم الصالح في أي دستور شعبي "هو أن الموظفين التنفيذيين يجب أن لا يُعيَّنوا بالانتخاب العام، أي لا بأصوات الشعب نفسه ولا بأصوات ممثليه. إن أعمال الحكومة كلها أعمال مهارة، وإن المؤهلات التي يجب أن تتوفر لتصريفها هي من نوع المؤهلات الخاصة والفنية لا يمكن أن يقدرها تقديرًا صحيحًا إلا الأشخاص الذين يتمتعون أنفسهم بقسط من تلك المؤهلات أو ببعض الخبرة الممارسة بها". الفصل الخامس عشر، الهيئات النيابية المحلية، يرى مِل أن تشكيل الهيئات النيابية المحلية لا يثير صعوبة كبيرة، فالمبادئ التي يقتضي توافرها في ذلك التشكيل لا تختلف عن المبادئ المتعلقة بالتمثيل الوطني العام، ويقوم نفس الواجب لجعل قاعدة الهيئات ديمقراطية. ونظرًا إلى أن الواجب الأول للهيئات المحلية فرض الضرائب المحلية وإنفاقها، "فإن حق الانتخاب المحلي يجب أن يعطى للذين يدفعون ضرائب على أي شكل كانت". قومية؟ فيدرالية؟ يُجيز مِل في الفصل السادس عشر، القومية في ارتباطها بالحكومة النيابية، أن يقال إن فريقًا من البشر يكوِّنون قومية إذا ما وحَّدت بينهم المشاركة في الإحساس والعواطف التي لا يقوم مثلها بينهم وبين آخرين من البشر، فتجعلهم أكثر استعدادًا للتعاون فيما بينهم على التعاون مع أناس آخرين، وراغبين في أن يكونوا تحت نفس الحكومة. ويقول إن أي عامل يؤدي إلى الخلط بين القوميات ومزج خصائصها وسجاياها في اتحاد مشترك عام يوفر منفعة للجنس الإنساني، لا تكون نتيجة لإبادة الأنواع، بل تتوافر هذه المنفعة من طريق تليين أشكال الأنواع ومظاهرها المتطرفة وملء الفراغات بينها. يضع مِل في الفصل السابع عشر، الحكومات النيابية الفديرالية، شروطًا ليكون اي اتحاد مرغوبًا فيه ومفيدًا: أولًا، يجب أن يكون هناك كمية كافية من العواطف المتبادلة بين السكان جميعًا؛ وثانيًا، أن لا تكون الولايات المنفصلة على درجة من القوة تجعلها قادرة على الاعتماد على قوتها الخاصة للدفاع ضد تجاوز أجنبي؛ وثالثًا، لا يكون هناك عدم تساوٍ ملحوظ في القوة بين الولايات الأعضاء في الاتحاد. كما يحدد وسيلتين لتنظيم الاتحاد الفديرالي: فقد تمثل السلطات الاتحادية الحكومات وحدها فتسري أحكامها وقراراتها وجوبًا على تلك الحكومات فحسب؛ وقد يكون للسلطات الاتحادية السلطة في سن القوانين وإصدار الأوامر التي تكون سارية المفعول على المواطنين مباشرة. في الفصل الثامن عشر، حكم المستعمرات، يرى مِل أن لا ضرورة لبحث قضية المستعمرات الصغيرة التي هي مراكز بحرية أو عسكرية؛ فالهدف العسكري أهم من كل شيء. ولذلك، لا يمكن السماح لسكانها أن يحكموا أنفسهم، "ولو أنه يجب منحهم جميع الحريات والامتيازات التي لا تتعارض مع هذا الاعتبار، بما فيها حرية إدارة شؤونهم المحلية. وبمقابل هذه التضحية المحلية لمصلحة الدولة الحاكمة، يجب إعطاؤهم حقوقًا متساوية مع رعاياها الأصليين في جميع أنحاء الإمبراطورية". يقسم مل المستعمرات البعيدة الكبيرة والآهلة بالسكان إلى فئتين: أولى تسكن أراضيها شعوب لها حضارة شبيهة بحضارة البلاد الحاكمة، يمكن أن يكون لها حكم نيابي (أميركا وأستراليا)؛ "أما الفئة الثانية كالهند، فهي بعيدة كل البعد عن حضارة الدولة الحاكمة".

عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات



الاثنين 25 مارس 2019

تعليق جديد
Twitter