MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers





مفهوم مصطلح المرأة في القوانين المنظمة للأراضي السلالية وعند الوصاية د / العربي محمد مياد

     



      من حق المرء أن يفتخر بما وصلت إلى المرأة المغربية من حقوق ومراتب عليا في جهاز الدولة ، ولاسيما بعد أن أثبتت كفاء ة عالية على جميع المستويات السياسية والثقافية والتربوية والإدارية والرياضية والاجتماعية والاقتصادية والأمومة ، لكن السؤال المحير ، هل انعكس كل هذا التطور حقيقة على المرأة السلالية  خاصة، ولاسيما بعد صدور القانون العام الذي يحكم هذا النوع من الأراضي والمسمى القانون رقم 62.17 بشأن الوصاية الإدارية على الجماعات السلالية وتدبير أملاكها الصادر بتنفيذه الظهير الشريف بتاريخ 9 غشت 2019؟
  إن الدراسة المتأنية لهذا القانون يجده لم يستعمل مصطلح "النساء" ولو مرة واحدة  في حين استعمل مصطلح "إناثا" 5 مرات  مقرونا ب"الذكور" .مما يجعلنا نتساءل هل المقصود بالأنثى نفس المعنى في الشريعة الإسلامية على اعتبار أن المملكة المغربية دولة إسلامية بحكم الدستور أم أن لهذا المصطلح مفاهيم خاصة عند القائمين على الوصاية الإدارية على الجماعات السلالية  ؟ 
   بداية لابد من الإشارة أنه يقصد بالأنثى في الشريعة الإسلامية كل النوع  الأنثوي  بكل مراحله العمرية لا فرق بين الراشدة  والقاصرة  ،  المتزوجة وغير المتزوجة، المطلقة أو الأرملة ، مصداقا لقوله  تعالى "يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث ‏منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم ‏رقيبا". وتأكد هذا الأمر بقوله تعالى " "وان أردتم استبدال زوج مكان زوج وأتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا ‏أتأخذونه بهتانا وإثما مبينا"
  ويستغرق مصطلح الزوج هنا كل أنثى لا فرق بين أن تكون عذراء أو ثيبا ، المهم أن تكون بالغة سن الزواج .بينما يقصد بالنسوة في القرءان الكريم  جمع قلة أي تدل على عدد قليل من النساء .قال تعالى في سورة يوسف" قال ارجع إلى ربك فأسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن إن ربي بكيدهن عليم."
 لكن عند دراستنا للفقه الإداري لوزارة الداخلية ولاسيما الجهاز المكلف بالوصاية يتبين أن الأمر ليس محسوما بما لا لبس فيه .ذلك أنه انطلاقا من المنشور رقم 60 بتاريخ 25 أكتوبر 2010 في موضوع  استفادة النساء من التعويضات المادية والعينية التي تحصل عليها الجماعات السلالية، يتضح أن الوصاية تستعمل مصطلح المرأة وكذا النساء مقابل الرجال ولم تستعمل كلمة الأنثى من قبيل ""يستأثر موضوع وضع المرأة داخل الجماعات السلالية باهتمام كبير ، وخاصة من  طرف نساء العديد من هذه الجماعات اللواتي يستنكرن إقصاءهن من الاستفادة من الأراضي الجماعية أسوة بإخوانهن الرجال ، ولاسيما من التعويضات المادية والعينية التي تحصل عليها الجماعات السلالية إثر العمليات العقارية التي تجري على بعض الأراضي الجماعية ."بينما استعمل  المنشور الصادر عن وزير الداخلية رقم 17 بتاريخ 30 مارس 2012 في موضوع تمتيع العنصر النسوي من حقوق الانتفاع العائدة لأفراد الجماعات السلالية جملة من المصطلحات، تارة  العنصر النسوي " عندما جاء فيه أنه "انطلاقا  من الطلبات المشروعة التي ما فتئ العنصر النسوي يعبر عنها للاستفادة من جميع حقوق الانتفاع العائدة لأفراد الجماعات السلالية من ممتلكاتهم الجماعية" ثم المرأة عندما تضمن "تستفيد المرأة من الحصة الأرضية مثلها مثل الرجل وتطبق عليها نفس معايير الاستفادة المعتمدة بين ذوي الحقوق . " ثم الأنثى "في الحالة التي تكون فيها الحصص الأرضية مجمدة، يتم توزيع منتوج العملية (تفويت كراء أو شراكة ...) حسب الحصة المستغلة مباشرة من طرف كل ذي حق ذكرا كان أم أنثى ، أما في الحالة التي تكون فيها الأرض مستغلة بطريقة مشتركة ومشاعة جماعيا بين ذوي الحقوق، فيتم التوزيع بين ذوي الحقوق ذكورا وإناثا باعتماد وتطبيق نفس المعايير على الجنسين....".
           أما على مستوى المناقشات العامة الرسمية  فغالبا ما يستعمل ممثل الوصاية الإدارية على الجماعات السلالية  مصطلح"المرأة" كمقابل للرجل (محضر مناقشة مشروع القانون المتعلق  بشأن الوصاية الإدارية على الجماعات السلالية ).
  وهذا هو المعول عليه كذلك عند الجمعيات النسائية التي تدافع عن النساء السلاليات ولا يلتفتن للفتيات ولا الأطفال. علما أنه على مستوى المعاجم العربية فإن مصطلح المرأة لا يطلق على الأنثى بالمفهوم المصطلحي السليم  ، وقد جاء في الموسوعة الحرة ويكيبيديا أن المرأة هي أنثى الإنسان البالغة ، كما الرجل هو ذكر الإنسان البالغ . حيث ينظر إلى الأنثى على أنها ضد الرجل .
  وهذا هو المعول عليه في التشريع المغربي حيث عرفت المادة 4 من مدونة الأسرة الزواج بأنه " ميثاق تراض وترابط شرعي بين رجل وامرأة على وجه الدوام." بينما في المادة الموالية عرفت الخطبة بأنها " تواعد رجل وامرأة على الزواج" وغني عن البيان أن الزواج لا يتم بين الأطفال وإنما البالغين . واستعملت المدونة مصطلح الأطفال ، والولد ، والأنثى،  كما في المادة 166 " تستمر الحضانة إلى بلوغ سن الرشد للذكر والأنثى كناية عن المحضون الذي لم يبلغ سن الرشد.وكذا القاصر كما ورد في المادة 266 مثلا.
وقد ورد في المادة 1 من اتفاقية حقوق الطفل أنه " يعني الطفل كل إنسان لم يتجاوز الثامنة عشرة، ما لم يبلغ سن الرشد قبل ذلك بموجب القانون المنطبق عليه." وهو  نفس الاتجاه الذي أخذت به اتفاقية القضاء على جميع  أشكال التمييز ضد المرأة  حيث ربطت مصطلح وصفة المرأة بالرشد المدني.
  ويبقى السؤال المعلق  من المستفيد من ثمار الأراضي السلالية وحق المنفعة المنصبة عليها هل الأنثى ويدخل في حكمها الطفلة  والفتاة غير الراشدة ؟ أم فقط المرأة الراشدة والمتزوجة ، أم كل ما ليس رجلا ؟  خاصة وأن القانون رقم 64.17 يقضي بتغيير وتتميم الظهير الشريف المتعلق بالأراضي الجماعية الواقعة في دوائر الري يسعى إلى تمليك هذه الأراضي لذوي الحقوق  ، فهل كل أنثى ذي حق أم أن بعض الإناث فقط اللواتي يتوفر فيهن مقومات المرأة  وأن تكون ربة الأسرة وأن يعترف بها نائب الجماعة السلالية  ؟
    أسئلة تبقى معلقة وعالقة  إلى حين استجماع كل من القوانين رقم 62.17 و 63.17 و 61.17 المتعلقة بالأراضي السلالية  الصادر بتاريخ 9 غشت 2019  ، لشروط التنزيل  وخاصة القانون الأول ،  الذي صدر قبل اكتمال خلقته ، على اعتبار أن لا مجال لتنفيذ أهم  مقتضياته إلا بعد صدور مراسيم تطبيقية، التي قد تصدر أو لا تصدر ولنا في جملة من القوانين المغربية أمثلة . والنتيجة أن الوصاية الإدارية وما يرتبط بها في مجال الأراضي السلالية خاضعة إلى حين كتابة هذه السطور لظهير 1919 و ظهير 2019 رغم أن بينهما قرنا كاملا . وهذا من الاستثناءات في مجال التشريع المغربي وربما لم يسبقنا لهذا الانجاز أي من التشريعات المقارنة .
  لذلك نرى أنه آن الأوان لإقرار المسؤولية المدنية للمشرع عن أعماله التشريعية ، وخاصة تلك التي تمس مباشرة الحياة اليومية للمواطنين وتكون سببا في انعدام الأمن القانوني والقضائي . 
 
 



الخميس 31 أكتوبر 2019

تعليق جديد
Twitter