MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers



مالكم كيف تحكمون ؟ وأين مصلحة الطعن وما تقولون ؟ ـ تعليق على قرار محكمة النقض (المجلس الأعلى سابقا) ع 826 بتاريخ 16 يونيو 2011

     

النقيب الطـيب بن لمـقدم
محام بهيئة الرباط ـ الخميسات



مالكم كيف تحكمون ؟ وأين مصلحة الطعن وما تقولون ؟ ـ  تعليق على قرار محكمة النقض (المجلس الأعلى سابقا) ع 826 بتاريخ 16 يونيو 2011
راجعت قرار المجلس الأعلى (محكمة النقض ) ع 826 عدة مراة ،كما انني قارنته بالمذكرة التي رفعتها في هذا الصدد لدى المجلس الأعلى قصد نقض قرار محكمة الإستئناف بالرباط .. ولما تبين لي من جملة ما تبين اخفاء وقائع وحقائق وردت بوثائقها في مذكرة النقض المرفوعة الى المجلس الأعلى ..لما تبين ذلك وظهر ، اعتقدت ان الأمر مجرد اغفال جاء بدون قصد في قرار المجلس الأعلى ، ولكني أعدت الكرة مرات ومرات ونظرت في سطور القرار المذكور الى ان تبين لي بوضوح تام أن اغفال الوقائع حصل بدون أي شك ،كما أنه حصل أيضا تغييب مبادئ قانونية بديهية في الموضوع ، الله أعلم ان كان ذلك بقصد أو بدونه .

وعلى كل حال ، فان قرار المجلس الأعلى لا يتضمن لا وقائع ولا مراجع القرار الإستئنافي المطعون فيه بالنقض ،وبالتالي لا يتضمن محتويات مذكرة النقض وخاصة في شقها المتعلق بتبليغ القرار الإستئنافي أو عدم تبليغه ، مما زاد الأمر صعوبة في تصديق رأيه وتحقيق محتوياته ، دون مراجعة الملف برمته ..

وهكذا فقد صدر القرار المذكور عن المجلس الأعلى (محكمة النقض) بتاريخ 16/6/2011 قضى بعدم قبول طلب النقض على أساس "انه طبقا لمقتضيات الفصل 353 من ق.م.م فان الطعن بالنقض لا يكون الا ضد الأحكام أو القرارات الإنتهائية ، غير أنه من الثابت من القرار المطعون فيه بالنقض ان المستأنف عليه (المطلوب في النقض ) تخلف ولم يدلي بأي جواب على المقال الإستئنافي ، مما يكون القرار المطعون فيه بالنقض قد صدر غيابيا في حقه ،ما دامت العبرة في كون الحكم حضوريا بالنسبة للمستأنف عليه بما اذا كان قد أدلى بجوابه الكتابي ،وتبعا لذلك فان القرار المذكور يبقى غير نهائي وقابلا للطعن بالتعرض ،خاصة وانه لم يبلغ للمستأنف عليه لإستنفاذ أجل الطعن بالتعرض ،وبالنتيجة فانه يكون غير قابل للطعن بالنقض ،مما يتعين تبعا لذلك التصريح بعدم قبول الطلب " .

وبطبيعة الحال فان وقائعه تتلخص في كون أن المطلوب في النقض تقدم أمام المحكمة الإبتدائية بالخميسات بواسطة مقال سجل في 5/12/2003 بقسم حوادث الشغل تحت عدد 58/03/4 عرض فيه كون الهالك مصطفى العفافرة تعرض لحادثة شغل اودت بحياته وذلك عندما كان يقوم بعمله تحت سلطة ومراقبة المدعى عليه ، والتمس الحكم له بالتعويضات المستحقة له تطبيقا لظهير 6/2/1963 . وبتاريخ 25/2/2004 صدر حكم ابتدائي تحت عدد 2 قضى على المدعى عليه عبد الرحمان العبدلاوي بأدائه لفائدة والد الهالك مصطفى العفافرة ايرادا عمريا قدره 2213 درهما يؤديها له على أربع دفعات في السنة ابتداء من اليوم الموالي للوفاة وهو 20/09/2002 مع شمول الحكم بالنفاذ المعجل وتحميل المدعى عليه الصائر ورفض باقي الطلب.وهذا الحكم طعن فيه طالب النقض بطريق الاستئناف بواسطة مقال استئنافي سجل في 10/03/2008 أمام محكمة الاستئناف بالرباط تحت عدد 246/08/16 بالغرفة الاجتماعية . وبتاريخ 25/12/2008 صدر قرار استئنافي تحت عدد 735 قضى بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع تأييد الحكم المستأنف وتحميل المستأنف الصائر ،الشيء الذي كان من حق المحكوم ضده الطعن فيه بطريق النقض وذلك بواسطة مذكرة سجلت لدي كتابة الضبط بمحكمة الإستئناف بالرباط في 18 يناير 2010 بعد ان تم تبليغ القرار الإستئنافي للمحكوم ضده بتاريخ 17/12/2009 بواسطة غلاف التبليغ الحامل لرقم 1007/09 .

فهذه الوقائع لم يذكرها القرار موضوع هذا التعليق ، وباعتبارها تحوم حول صلب الموضوع لكون ان التبليغ الذي تحدث عنه قرار المجلس الأعلى المذكور قد حصل، وهو مثبت بغلافه المرفق مع مذكرة النقض ويحتوي بطبيعة الحال على تاريخ التبليغ ورقم ملف التبليغ ..الخ . وأمام هذا الوضع ليس لي الا القول كما قال رب العالمين :" مالكم كيف تحكمون ؟" ، بل وأقول:" مالكم كيف تصادرون الوقائع والحقائق وتدعون أن الحكم هو عنوان الحقيقة ..؟؟ " .

فاذا كان تبليغ القرار أو حتي عدم تبليغه ليس له أي دخل في مصلحة الطرف المتضرر لقيامها ،ولا يمكن التخلي عنها باعتبار أن لا مصلحة على الإطلاق للطرف الآخر المحكوم لصالحه غيابيا ؛ اذ لم تبق لهذا الأخير أية مصلحة في سلوك طريق الطعن بالتعرض أو طريق الطعن بالنقض ، كان الحكم أو القرار انتهائيا أو لم يكن كذلك ؛اذ أن " القرار الصادر غيابيا في حق الطاعنة والتي أكدت في عريضتها أنه لم يبلغ لها بعد، فلم يصر انتهائيا لإمكانية الطعن فيه بالتعرض ،لا يقبل الطعن بالنقض" ، كما جاء على لسان المجلس الأعلى في قراره الصادر بتاريخ 26/11/1996 تحت عدد 7004 بغرفتين مجتمعتين (انظر ادريس بلمحجوب،قرارات المجلس الأعلى بغرفتين أو بجميع الغرف،ج 1 ص 250) وكذلك باعتبار" أن الحكم الغيابي الصادر ضد الشخص يحول دون تقديم طلب النقض من طرفه" ( قرار المجلس الأعلى بتاريخ 15/12/1998 تحت عدد 1427 في الملف الإجتماعي رقم 311/97 ، مجلة الإشعاع عدد 16 ص 187 ) .

أي انه كلما كان القرار الصادر غيابيا ضد الشخص الذي من حقه الطعن فيه بطريق التعرض أو النقض، دون الطرف الآخر ، لا ينبغي له سلوك طريق الطعن بالنقض الا بعد استنفاذه لطريق الطعن بالتعرض أو بعد مرور أجله ، واذا ما مارس هذا الحق خلاف هذه القاعدة فان طعنه بالنقض يكون مصيره عدم القبول . وهنا لابد من الإشارة الى أن الطعن لا يقبل الا في الأحوال التي يكون للطاعن فيها مصلحة ، اذ انه فكما أن المصلحة هي مناط الدعوى كذلك تعتبر المصلحة مناط الطعن في الأحكام بحيث لا طعن بلا مصلحة ، ولتقدير وجود المصلحة أو عدمها يعتد بمنطوق الحكم لا بأسبابه الموجبة، لأن منطوق الحكم هو وحده الذي يقبل التنفيذ وهو وحده الذي يمكن أن يمس مصالح الخصوم أو الغير. ( انظر كتاب الكزبري والعبدلاوي ،شرح المسطرة المدنية ،ج الأول ط 1971 ص 284 وما بعدها ) .

وتجدر الإشارة هنا ، الى أن القرار موضوع هذا التعليق لم ترد بشأنه أية اشارة الى منطوق القرار المطعون فيه بالنقض ، وذلك حتى يتبين منه ،من صاحب المصلحة في الطعن في القرار سواء بطريق التعرض ان كان القرار غيابيا ، او عن طريق النقض ان كان القرار انتهائيا ..ولعل عدم الإشارة الى ذلك في القرار كان مقصودا ؟ .

الخميسات في 17/4/2012
ذ الطيب بن لمقدم



تاريخ التوصل: 6 ماي 2012
تاريخ النشر: 10 ماي 2012




الخميس 10 ماي 2012

تعليق جديد
Twitter