MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers





لجنة المقاولة وغياب أجهزة المراقبة

     


بـقــلم ذ. محمد المعاشي

مختص في القانون الاجتماعي

إذا كان كانت لجنة المقاولة المعبر عن صوت الأجراء داخل المقاولة، فما هو مجال تطبيق نظام لجنة المقاولة، وما هو الطابع الاستشاري للجنة المقاولة، وكيق تتم اجتماعات لجنة المقاولة، ثم ماهي الاختصاصات العامة للجنة المقاولة، وما هي المسؤولية المدنية والجنائية للجنة المقاولة، وفي الأخير نتساءل عن الصعوبات التي تعترض لجنة المقاولة؟ تلك أهم النقط التي نتطرق إليها في هذه الدراسة القانونية التي نضع رهن إشارة القراء .



لجنة المقاولة وغياب أجهزة المراقبة
لم يكن القانون المغربي قبل صدور مدونة الشغل الجديدة (قانون رقم 65.99 صادر بتنفيذه الظهير الشريف 1.03.194 في 11 سبتمبر 2003 والنشور بالجريدة الرسمية عدد 5167 بتاريخ 8 دجنبر 2003.) يأخذ بنظام لجان المقاولة إلا في نطاق ضيق في القطاع الخاص و في إطار الاتفاقيات الشغل الجماعية. رغم أن التشريع الفرنسي الذي يعتبر مصدرا للتشريع المغربي، قد أخذ بهذا النظام في وقت سابق، كما أخذت به جل التشريعات المقارنة في وقت مبكر. 

ومع صدور مدونة الشغل، تعتبر مشاركة الأجراء عن طريق مندوبهم في تسيير وتدبير المقاولة التي يشتغلون فيها، إحدى مظاهر الديمقراطية المهنية، وهذا ما حاول أن يبلوره المشرع المغربي، من خلال توسيع اختصاصات مهام مندوبي الأجراء المنصوص عليها في مدونة الشغل في القسم الثاني من الكتاب الثالث، المواد من 430 إلى 463، وخاصة بعد إحداثه لأول مرة في التشريع الاجتماعي المغربي للجنة المقاولة، باعتبارها من المستجدات الواردة في مدونة الشغل والتي ينظمها القسم الثالث من المواد من 464 إلى 469، والتي ترمي أساساً إلى تحقيق جملة من المقاصد، من أهمها السعي إلى تقوية القدرة التنافسية للمقاولات والمؤسسات وتوفير المناخ السليم للإنتاج، كما تعتبر المعبر عن صوت الأجراء داخل المقاولة، في كل ما تقدم عليه هذه الأخيرة من قرارات مهمة، سواء على المستويين المالي والاقتصادي، أو على مستوى الاجتماعي، أو من خلال ما عهد إلى لجنة المقاولة من مهام وصلاحيات استشارية بموجب نص المادة 466 من مدونة الشغل التي تنص على أنه ( في إطار المهام الاستشارية للجنة المقاولة يعهد إليها بالمسائل التالية:

  • التغييرات الهيكلية والتكنولوجية للمقاولة؛
  • الحصيلة الاجتماعية للمقاولة عند إقرارها؛
  • الاستراتيجة الإنتاجية للمقاولة ووسائل رفع المردودية؛
  • وضع مشاريع اجتماعية لفائدة الأجراء والسهر على تنفيذها؛
  • برنامج التدرج والتدريب من أجل الإدماج المهني ومحو الأمية والتكوين المستمر للأجراء؛       
يتم تزويد أعضاء لجنة المقاولة بكل البيانات والوثائق الضرورية لتمكينهم من القيام بالمهام الموكولة إليهم).  
 
 
مجال تطبيق نظام لجنة المقاولة

إذا كان المشرع المغربي لم يعرف صراحة لجنة المقاولة، لكن طبيعتها تستنتج من موضوعها، ومن تكوينها ومن اختصاصاتها، ومن ملاحظ كذلك أن المهام الاستشارية للجنة المقاولة التي أتى بها المشرع المغربي هي في شكل صلاحيات ومهام عامة وغير مفصل، تتعلق بمحاور كبيرة دون التفصيل فيها، وذلك من قبيل التغييرات الهيكلية والتكنولوجية أو الإستراتيجية الإنتاجية للمقاولة ووسائل رفع المردودية.
إذا كانت المادة 464 من مدونة الشغل تنص على أنه (تحدث في كل مقاولة تشغل اعتياديا خمسين أجيراً على الأقل لجنة استشارية تسمى "لجنة المقاولة"). لكن المشرع المغربي لم ينص صراحة من خلال مقتضيات نص هذه المادة  على إنشاء لجان المؤسسات، في الحالة التي تحتوي المقاولة على عدة مؤسسات وتتوفر على الحد الأدنى من عدد الأجراء الواجب توفره قانونيا لتكوين لجنة المقاولة، كما هو الشأن بالنسبة للمشرع الفرنسي الذي نص صراحة حسب المرسوم الصادر في 22 فبراير 1945 المعدل بقانون 18 يونيه 1966، على إنشاء لجان المؤسسة التي يتم إحداثها بنفس الطريقة التي تتم بها لجان المقاولة، إضافة إلى إنشاء لجنة مركزية للمقاولة تعمل بالتنسيق معها والتي يرئسها رئيس المقاولة.
وعليه، يمكن القول أن مقتضيات نص المادة 464 من مدونة الشغل تفيد أن إنشاء لجنة المقاولة يستوجب توفر شرطين:
أولا: المقاولة تقنية كانت أو اقتصادية أن تكون مستقلة إداريا.
ثانياً: أن تشغل المقاولة ما لا يقل عن 50 أجيراً. 
وفي الحالة التي لا تستوفي المقاولة، التي تتوفر على عدة فروع أو مؤسسات، على الشرط الأول ماعدا الشرط الثاني، فإن إحداث لجنة استشارية مستقلة يتوقف على مدى تحقيق الشرط الأول، أي أن تتمتع  المؤسسة بقدر كاف من الاستقلال الإداري والاقتصادي والاجتماعي في مواجهة المقاولة الأصلية التابعة لها، لتعمل إلى جانب رئيس المؤسسة بالتنسيق مع اللجنة المركزية، على غرار ما ذهب إليه المشرع الفرنسي، أما إذا كانت هذه المؤسسة لا تملك الاستقلالية الكاملة فإنها تخضع فقط لنظام مندوبي الأجراء وتنتظم داخل المقاولة الأصلية.
ومن الملاحظ، أنه في حالة الأخذ بحرفية نص مقتضيات المادة 464 من مدونة الشغل المغربية فإن ذلك سيؤدي إلى تضييق مجال تطبيق نظام لجان المقاولة وإلى انحصار مشاركة الأجراء في تدبير المقاولة على المستوى الاجتماعي والاقتصادي والتقليل من تحقيق أفضل مردودية للمقاولة.
 
الطابع الاستشاري للجنة المقاولة

تتكون لجنة المقاولة من أطراف ثلاث: المشغل، ومندوبين اثنين للأجراء، وممثل أو ممثلين نقابيين إن وجدوا، وتحدث هذه اللجنة في كل مقاولة تشغل اعتياديا خمسين أجيراً على الأقل طبقا للمادتين 464 و465 من مدونة الشغل. كما تعتبر لجنة المقاولة أداة فعالة لإقامة روابط وعلاقات اجتماعية متينة، ترتكز على تقابل المصالح بين الإدارة والأجراء، عبر ممثليهم لتحقيق رهانات المقاولة المواطنة، والتقدير الجيد للتوجهات والمشاريع المرتبطة بتطور الموارد البشرية. لهذا فإن دخول الأجراء في إدارة المقاولة وعن طريق الاستشارة فرض نفسه كضرورة اجتماعي. وإن مشاركة مندوبي الأجراء في لجنة المقاولة تسمح، ليس فقط بإقامة علاقة مؤسساتية بين الأجراء والمقاولة، ولكن تجعل أيضا هذه الأخيرة تهتم بانشغالات الأجراء في مزاولة عملهم، بالجودة والمسار المهني في المقاولة. وقد أكدت مدونة الشغل على الطابع الاستشاري للجنة المقاولة، بحيث إن ممارسة الاستشارة هي ركيزة من ركائز العلاقات المهنية، لأنها تسمح بإشراك كافة المتعاونين في المقاولة، في تحسين علاقاتهم وتبادل وجهات نظرهم وكذا تفهمهم المتبادل لرهانات المقاولة. وتفترض الاستشارة، إجراء مسطرة مبنية على تبليغ المعلومات وعقد الاجتماعات حسب المادة 467 من مدونة الشغل التي تنص على أنه " تجتمع لجنة المقاولة مرة كل ستة أشهر وكلما دعت الضرورة لذلك. يمكن للجنة أن تدعو للمشاركة في أشغالها كل شخص ينتمي إلى المقاولة يتوفر على الكفاءة والخبرة في مجال اختصاصها"، وتتبع النقاشات بين الشركاء وكذا قرارات المقاولة المتعلقة بمهمة اللجنة. و حتى يكون ذلك فعالا، فإن السياق يجب أن يرتكز على التزام وانفتاح كل من الإدارة وممثلي الأجراء، في مجال تقاسم المعلومات والاستماع المتبادل لملاحظات واقتراحات الشركاء.
إذا كان المشرع المغربي لم ينص صراحة على جعل المشغل رئيسا للجنة المقاولة بقوة القانون، كما هو الشأن بالنسبة للجان السلامة وحفظ الصحة من خلال مقتضيات المادة 337، لكن مع ذلك جعلها إلى جانبه كهيئة استشارية، وشريكا من نوع خاص في تدبير المقاولة من خلال الاستشارة والإخبار، مادام بالإمكان تزويدها بالبيانات والوثائق الضرورية لتمكينها من القيام بالمهام الموكولة إليها.
 
اجتماعات لجنة المقاولة

تنعقد اجتماعات لجنة المقاولة في مقرات الشغل، وذلك في الوقت المتفق عليه مع أعضاء اللجنة وخلال ساعات العمل، ويمكن تغيير المكان عند الضرورة، مادام المشغل هو الذي يتحمل مصاريف تنقل أعضاء اللجنة. كما يحافظ المشغل على أجور الأجراء أعضاء لجنة المقاولة أثناء مشاركتهم في الاجتماعات، ويمكن أن يتضمن هذا الدعم الحفاظ على أجرتهم من أجل إعداد وتتبع الاجتماعات. وبموافقة بين أعضائها، يمكن للجنة أن تدعو أشخاصا آخرين للمشاركة في الاجتماعات، من أجل إعطاء نصائح وإرشادات أو تبليغ معلومات، حول موضوع مسجل في جدول الأعمال. ويمكن أيضا للجنة أن تشكل لجنة فرعية أو لجنة خاصة، إذا ارتأت أن الموضوع أو مسألة تتطلب دراسة معمقة، ويجب أن تتم الاستشارة بمشاركة المسيرين المتوفرين على الخبرة المهنية في المسائل موضوع الفحص والدراسة من طرف اللجنة، وكل اجتماع بين الأطراف المكونة للجنة في غياب المشغل يعتبر اجتماعا لا علاقة له باجتماع لجنة المقاولة، كما أن لجنة المقاولة لا يمكن أن تناقش وتتداول فيما بينها إلا إذا كانت مكونة تكوينا صحيحا، وإذا كانت المادة 465 من مدونة الشغل قد أبانت بأن المشغل يمكن أن ينيب عنه غيره، فإنها لم تنص على نفس المبدأ بالنسبة لمندوب الأجراء والممثل النقابي. والجدير بالذكر أن لجنة المقاولة كلجنة استشارية، تعد في الواقع تجديدا مهما للعلاقات المهنية، من حيث تكريس ثقافة الحوار الاجتماعي داخل المقاولة، وذلك بمساهمة مندوبي الأجراء المنتخبين والممثلين النقابيين المعينين إن وجدوا.
 
الاختصاصات العامة للجنة المقاولة

إذا كان القسم الثالث من مدونة الشغل المتعلق بلجنة المقاولة قد أورد المهام الاستشارية التي عهدت لهذه اللجنة وخاصة في المادة 466 من مدونة الشغل، كما أسندت للجنة المقاولة مهمات استشارية أخرى من خلال :
  • مرسوم رقم 2.04.570 بتاريخ 16 من ذي القعدة 1425 (29 ديسمبر 2004) المحدد لشروط تشغيل الأجراء خارج مدة الشغل العادية، بحيث تنص المادة 196 من مدونة الشغل على  أنه (يمكن، إذا تحتم على المقاولات أن تواجه أشغالا تقتضيها مصلحة وطنية، أو زيادة استثنائية في حجم الشغل، تشغيل أجرائها خارج مدة الشغل العادية، وفق الشروط التي ستحدد بنص تنظيمي، شرط أن تدفع لهم بالاضافة على أجورهم، تعويضا عن الساعات الإضافية)، أي أن المشرع أمكن للمشغل تشغيل الأجراء خارج أوقات الشغل العادية،عند وجود زيادة استثنائية في حجم الشغل ولكنه قيده باستشارة المشغل مع ممثلي الاجراء أو لجنـة المقاولـة عند وجودها، ويتجلى ذلك من خلال المادة الثانية من المرسوم الذي ينص على أنه (يمكن للمشغل الذي يتحتم عليه أن يواجه زيادة استثنائية في حجم الشغل، أن يشغل أجراءه خارج أوقات الشغل العادية على ألا يتجاوز الاعتماد السنوي للساعات الإضافية 80 ساعة شغل لكل أجير. يمكن للمشغل، بعد استشارة ممثلي الأجـراء أو لجنـة المقاولـة عند وجودها، إذا كانت طبيعة نشاط المقاولة تتطلب ذلك، تشغيل أجرائه 20 ساعة إضافية أخرى، على ألا يتجاوز مجموع الساعات الإضافية الإجمالية 100 ساعة في السنة لكل أجير )، لكن هذه الزبادة الاستثنائية في العمل يتطلب حسب المادة الأولى من المرسوم  بإبلاغ العون المكلف بتفتيش الشغل كتابة بالسبب والمبرر الموجب للعمل .
ويبقى التساؤل الوارد في هذا الشأن، هل المقاولات المغربية تعمل بمقتضيات هذا المرسوم؟ أم يبقى مجرد حبر على ورق، كي يسمح للمقاولات من جني أرباح خيالية على حساب الأجراء. وهل تقوم وزارة التشغيل عن طريق أعوانها المكلفين بتفتيش الشغل بالدور المنوط إليها؟.
  •  نفس الشيء بالنسبة للمرسوم رقم 2.04.513 صادر في 16 من ذي القعدة 1425 الموافق 29 ديسمبر 2004 (المنشور بالجريدة الرسمية عدد 5279 المؤرخة في 3 يناير 2005)، المتعلق بتنظيم الراحة الأسبوعية، بحيث  نصت المادة 211 من مدونة الشغل على أنه "تحدد بنص تنظيمي، طبقا للمبادئ الواردة في المادتين  205 و206 أعلاه، وبعد استشارة المنظمات المهنية للمشغلين والمنظمات النقابية للأجراء الأكثر تمثيلا، التدابير الواجب اتخاذها بالنسبة للراحة الأسبوعية المستحقة لبعض فئات الأجراء، مع مراعاة الظروف الخاصة بشغلهم"، على أن المشغل يمكن أن ينظم الراحة الأسبوعية لفائدة بعض فئات الأجراء وفق متطلبات طبيعة شغلهم داخل المؤسسة أو المقاولة، مع ضرورة استشارة ممثلي الأجراء أو لجنة المقاولة عند وجودها، وإخبار العون المكلف بتفتيش الشغل بالكبفية التي تنظم بها الراحة الأسبوعية، وكذا تعليق جدول يبين فيه يوم الراحة الاسبوعية، وذلك في المكان الذي اعتاد الأجراء دخوله أو في المكان الذي تؤدى فيه عادة أجورهم ، مع أخذ بعين الإعتبار حالة الأحداث دون الثامنة عشر والنساء دون العشرين سنة والأجراء المعاقين، حسب المادة الأولى من المرسوم السالف الذكر.
  • تنصيص المادة 244 من مدونة الشغل على أنه (يمكن الاستفادة من العطلة السنوية المؤدي عنها، خلال أية فترة من فترات السنة. تحدد في كل ولاية، أو عمالة، أو إقليم، بقرار من السلطة الحكومبة المكلفة بالشغل، بعد استشارة المنظمات المهنية للمشغلين والمنظمات النقابية للأجراء الأكثر تمثيلا، الفتراتالتي  لايمكن للجراء الذين يشتغلون في الاستغلالات الفلاحية والغابوية وتوابعها، الاستفادة خلالها من العطلة السنوية المؤدى عنها) وكذا الفقرة الثانية من المادة الأولى من قرار وزير التشغيل والتكوين المهني رقم 343.05 المؤرخ في 9 فبراير 2005 والمتعلق بتحديد الفترات التي يمكن للأجراء الذين يشتغلون في الاستغلالات الفلاحية والغابوية وتوابعها  الاستفادة خلالها من العطلة السنوية المؤدى عنها، على أنه (يمكن للمشغل، علاوة على الفترات المشار إليها في الفقرة الأولى أعلاه، بعد استشارة ممثلي الأجراء أو لجنة المقاولة عند وجودها، أن يحدد فترات أخرى لا يمكن للأجراء الاستفادة خلالها من العطلة السنوية المؤدى عنها، بشكل يراعي طبيعة نشاط الاستغلالية وحق الأجير في العطلة)، لكن المشرع أوجب على المشغل، في جميع الحالات، إخبار العون المكلف بتفتيش الشغل بالفترات التي لا يمكن للأجراء الاستفادة خلالها من العطلة السنوية المؤدى عنها، مع وجوب تعليقها في المكان الذي اعتاد الأجراء دخوله أو في المكان الذي تؤدى فيه عادة أجورهمن حسب المادة الثانية من القرار الوزاري السالف الذكر.
  • استشارة لجنة المقاولة عند الفصل الجماعي تطبيقا للمادة 6­6 من مدونة الشغل التي تنص على أنه (يجب على المشغل في المقاولات التجارية، أو الصناعية، أو في الاستغلالات الفلاحية أو الغابوية وتوابعها، أو في مقاولات الصناعية التقليدية الذي يشغل اعتياديا عشرة أجراء أو أكثر، والذي يعتزم فصل الأجراء، كلا أو بعضا، لأسباب تكنولوجية أو هيكلية أو ما يماثلها، أو لأسباب اقتصادية، أن يبلغ ذلك لمندوبي الأجراء والممثلين النقابيين بالمقاولة عند وجودهم قبل شهر واحد على الأقل من تاريخ الشروع في مسطرة الفصل، وأن يزودهم في نفس الوقت بالمعلومات الضرورية التي لها علاقة بالموضوع، بما فيها أسباب الفصل، وعدد وفئات الأجراء المعنيين، والفترة التي يعتزم فيها الشروع في الفصل. ويجب عليه أيضا استشارتهم، والتفاوض معهم من أجل تدارس الإجراءات التي من شأنها أن تحول دون الفصل، أو تخفف من آثاره السلبية، بما فيها إمكانية إعادة الإدماج في مناصب شغل أخرى. تحل لجنة المقاولة محل مندوب الأجراء في المقاولات التي يزيد عدد الأجراء بها خمسين أجيراَ. نحرر إدارة المقاولة محضرا تدون فيه نتائج المشاورات والمفاوضات المذكورة يوقعه الطرفان، وتسلم نسخة منه لمندوبي الأجراء، وتوجه نسخة اخرى على مندوب الإقليمي المكلف بالشغل).
فإن المشرع المغربي رغم ما أقره للجنة المقاولة من صلاحيات استشارية هامة في مجال التدبير الاجتماعي والاقتصادي، لكن في حدود ضيق، لأن تنظيم المشرع لهذه اللجنة جاء مشوبا بالقصور مقارنة مع التشريعات المقارنة (سواء قانون العمل الفرنسي أو مجلة الشغل التونسية...)، مما أفضى إلى عدم وضوح والدقة في مجال تطبيق هذه الأحكام، و أدى كذلك إلى عدم التحديد الدقيق لشروط إنشائها، مع إغفال تام للقواعد القانونية التي تحكم سير أداءها.  
المسؤولية المدنية والجنائية للجنة المقاولة

المسؤولية المدنية

تتوفر لجنة المقاولة على الشخصية المدنية، ويمكنها أن تتكفل في إطار مهامها الاستشارية بوضع مشاريع اجتماعية لفائدة الأجراء والسهر على تطبيقها، وهي بذلك قد تتوفر على ذمة مالية مستقلة عما يملكه المشغل في إطار مقاولته، والتي يضعها رهن إشارة اللجنة، هذه الأخيرة ما دامت تسهر على تنفيذ المشاريع الاجتماعية. بحيث أن المشرع المغربي جعل ما له علاقة بالمشاريع  الاجتماعية على عاتق لجنة المقاولة قبل أن يتخذ المشغل قراره النهائي بشأنها، كما أن لائحة  الأنشطة  الاجتماعية لا يمكن أن تكون حصرية أمام تزايد مجالات الأعمال الاجتماعية وتطور الحاجيات ووسائل العيش، وهذا ما أكدته محكمة النقض الفرنسية بغرفها مجتمعة سنة 1965، ذاكرة بأن لجنة المقاولة يمكنها أن تنشئ أعمالا اجتماعية جديدة.
كما أن المشرع المغربي لم يبرز بشكل واضح كيفية السهر على تنفيذ المشاريع الاجتماعية، وهو بذلك يترك المجال واسعاً للجنة المقاولة في أن تتكيف مع مختلف حالات التدبير والتسيير. وكل عمل اجتماعي للمشغل على هامش لجنة المقاولة يعتبر عرقلة منه لعمل اللجنة.
إن الوسائل المرصودة، بالطبع الذمة المالية، تبقى محصورة في اختصاص اللجنة التي تستعملها في مهامها المشروعة، ودون المخاطرة بها في أعمال حتى ولو عادت بالنفع على المقاولة، فالاحتمالات والمخاطر لا تدخل في إطار التدبير المخول للجنة المقاولة.
إذا كان للجنة المقاولة حق السهر على التنفيذ، فإن ذلك يفيد أن اللجنة هي المسؤولة في مواجهة الأغيار المسيرين للمشاريع الاجتماعية، وبالتالي عليها أن تقوم بالعناية اللازمة حتى لا تتحمل مسؤولية أخطائها.
إن الشخصية المدنية للجنة المقاولة تجعل مسؤوليتها قائمة  في اطار القواعد العامة للمسؤولية التقصيرية عند إحداث الضرر للغير عند إدارة المشاريع الاجتماعية. وبذلك فإن المسؤولية  المدنية للجنة المقاولة قد تتخذ عدة أوجه، وهي ترد في إطار القواعد العامة الواردة في الفصل 88 من قانون الالتزامات والعقود، إذ يسأل كل شخص عن الضرر الذي ألحقه، أو قد تسأل اللجنة عن خطأ الأجراء التابعين لها من منطق المادة 85 من قانون الالتزامات والعقود.

المسؤولية الجنائية

نظام لجان المقاولة، نظام إجباري على كل مقاولة تشتغل بصفة اعتيادية على الأقل 50 أجيرا حسب المادة 464 من مدونة الشغل، يعاقب عليه القانون حسب ما تضمنه المقتضيات الواردة فريدة بشأن الغرامات  الزجرية، وهي المادة 469 من مدونة الشغل التي تنص على أنه( يعاقب بالغرامة من 10.000 إلى 20.000 درهم عن مخالفة مقتضيات هذا القسم).
إلا أن تطبيق هذه الغرامة المالية على المقاولات الاقتصادية الكبرى و ذات الرأسمال كبير، لا يتأثر على حساباتها، كما لا تعير هذه المقاولات أية اهتمام لهذه المخالفة. مما كان على المشرع المغربي أن يفرق بين المقاولات الصغرى والمقاولات الكبرى أثناء العقاب والتغريم، مع أخذ بعين الاعتبار رأسمال المقاولة.
 
الصعوبات التي تعترض لجنة المقاولة

إذا كان المشرع المغربي قد أوجب وألزم المشغل باستشارة أعضاء لجنة المقاولة وتزويدها بالبيانات والوثائق حسب المادة 466 من مدونة الشغل، فإنه يمكن أن تواجه أعضاء اللجنة صعوبات مع المشغل لعدم  استشارتها، سواء تعلق الأمر بمندوب الأجراء أو الممثلين النقابيين عند وجودهما، وما يلاحظ أن بعض المقاولات الاقتصادية والمالية، تحاول قدر الإمكان عدم إشراك أعضاء لجنة المقاولة في استشارتهم في الإستراتيجية الإنتاجية للمقاولة ولا في التغييرات الهيكلية والتكنولوجية للمقاولة، في الوقت الذي نجد أن المشرع الفرنسي فرض على المشغل بأن يقدم سنويا عرضا شاملا للجنة حول الوضعية الاقتصادية للمقاولة ومنجزاتها المستقبلية، يحتوي هذا العرض على تقارير نشاط المقاولة ورقم المعاملات والفائض الإجمالي من الإنتاج والاستثمار وكل تطور في حجم الأجور ورقمها، وكذا حجم الاستثمارات والمقترحات المتعلقة بالنشاط المزمع تنفيذه في الخطة المقبلة.
إذا كان المشغل قد لا يقوم باستشارة اللجنة بشأن الوسائل الواردة فيها، فإنه يسمح بمقاضاة المشغل من أجل توقيف القرار المتخذ من جانبه دون استشارة اللجنة، أو بطلانه بعدم شرعيته، فلجوئها إلى القضاء ينحصر في الدفاع عن المقتضيات التي خولها لها القانون، وبالتالي فقبول الدعوة رهبن بالمصلحة النابعة عن الحقوق المنصوص عليها في مهامها، وهي بذلك تختلف عن النقابة التي بإمكانها أن تقيم الدعوى باسم الأجير من منطق القواعد القانونية المنصوص عليها.
كما أن قلة الاتصال و التواصل بين الأجير والمشغل كعنصري الإنتاج وضعف مشاركة الأجراء في التدبيرين الاقتصادي والاجتماعي للمقاولة، يفضيان إلى ضعف التعاون بينهما مما ينعكس سلبا على مردودية العمل بالمقاولة، وقد يتحول ذلك إلى نشوب نزاعات جماعية داخل المقاولة أو المؤسسة. إذا كان رئيس المقاولة الذي هو ملزم بعرض الحصيلة الاجتماعية على أعضاء لجنة المقاولة، فإن المشرع المغربي لم يحدد صنف المقاولات الخاضعة لهذا الالتزام ومجال تطبيقه وكذا محتوى الحصيلة الاجتماعية المطلوب عرضها على أعضاء لجنة المقاولة ولا كيفية تقديم هذه الحصيلة للجنة، عكس المشرع الفرنسي الذي نظمها بقانون 12 يوليوز 1977، بحيث أوجب توفر المقاولة على ما لا يقل 300 أجير، من أجل تقديم الحصيلة الاجتماعية سنويا إلى لجنة المقاولة.
 
وفي الأخير نتساءل عن دور أجهزة المراقبة التي تحدث عنها المشرع المغربي في الكتاب الخامس من مدونة الشغل من المواد  530 إلى 548، التي تقف في بعض الأحيان كمتفرج دون القيام بالدور المنوط بها في تطبيق النصوص القانونية بالنسبة للمقاولات الكبرى، وذلك بالسهر على تطبيق الأحكام التشريعية والتنظيمية المتعلقة بالشغل، خاصة حينما نجد بعض المقاولات التي أنتخب فيها أعضاء لجنة المقاولة وأعلن عن نتائجها، لكن جمدت أشغالها منذ انتخابها. بحيث ما يلاحظ أن أجهزة المراقبة لا تتدخل للسهر على تطبيق القانون من أجل تفعيل هذه اللجن عن طريق مطالبتها لمحاضر الاجتماع والتأكد منها، ونفس الشيء بالنسبة للمقاولات التي تنعدم  فيها لجان المقاولة رغم توفر الشروط القانونية لانتخابها.
 
الرباط في 12 أبريل 2013



الجمعة 12 أبريل 2013

تعليق جديد
Twitter