MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers



قراءة في مقتضيات المادة 133 من المدونة العامة للضرائب - واجب التسجيل المستحق على اقتناء العقارات المبنية

     



 قراءة في  مقتضيات المادة  133  من المدونة العامة للضرائب - واجب التسجيل المستحق على اقتناء العقارات المبنية
تعتبر ضريبة التسجيل إلى جانب الضريبة على الشركات والضريبة على الدخل والضريبة على القيمة المضافة، بمثابة المنشأة القوية التي يرتكز عليها النظام الضريبي المغربي الحالي، نظرا لمساهمتها الكبيرة في الرفع من الموارد العامة وتأثر هذه الأخيرة بكل تغيير أو تعديل قد يمسها سواء بالزيادة أو النقصان .

وقد تم تنظيم أحكام ضريبة التسجيل في الفصول من 126 إلى 143 من المدونة العامة للضرائب، سواء من حيث نطاق تطبيقها أو حجيتها أو ربطها أو تصفيتها أو استخلاصها .

لكي نتمكن من الإحاطة بالموضوع من كل جوانبه، لابد أولا وقبل كل شيء من الحديث عن الإطار القانوني لضريبة التسجيل في فقرة أولى، لنخلص في فقرة ثانية إلى تناول واجب التسجيل المستحق في حالة اقتناء أو شراء عقارات مبنية .

أولا : الإطار القانوني لضريبة التسجيل :


التسجيل هو ضريبة غير مباشرة تفرض على العقود والاتفاقات مكتوبة كانت أم شفوية ( 1 ) رسمية أم عرفية، ويترتب عن القيام بإجراء التسجيل هذا ضمان حفظ المحررات والاتفاقات واكتساب المعرفة منها تاريخا ثابتا بمجرد تسجيلها في ( سجل الإيداع : - Registre des Entrées ) الذي تمسكه الإدارة الضريبية ممثلة في مكاتب التسجيل والتمبر ( 2 ) التي يعود لها الاختصاص في ربط استخلاص رسوم التسجيل .

أما بالنسبة لحجية التسجيل كإجراء جبائي، فإنه لا ينهض دليلا قاطعا أو حجة كاملة بالنسبة للأطراف، كما لا يعتبر لوحده حتى بداية حجة كتابية، وكل ما في الأمر أنه يثبت اتجاه الخزينة وجود المحرر أو العقد وتاريخه، بمعنى أن التسجيل يحفظ العقد فقط لا الحق موضوع العقد ( 3 ).

ويتأرجح التسجيل بين الإجبارية والاختيارية والإعفاء، حيث يكون إجباريا في الحالات المنصوص عليها بالمادة 127 من المدونة العامة للضرائب، ومن تم فإنه لا يجوز للمحافظ على الأملاك العقارية أن يتسلم أي عقد أو اتفاق خاضع إجباريا للتسجيل، من أجل القيام بإجراء التحفيظ أو التقييد في السجلات العقارية ما لم يتم تسجيله مسبقا، كما تنص على ذلك المادة 1 . 139 - I من المدونة العامة للضرائب والمادة 70 من ظهير التحفيظ العقاري .

لكن في غير الحالات المذكورة بالمادة 127، فإن التسجيل يكون اختياريا أو بناء على الطلب، أي أنه لا يتم إلا بعد تقديم طلب كتابي في هذا الشأن موقع عليه من أحد الأطراف أو هما معا أو من طرف الحائز الجديد على وجه التحديد، ونفس الشيء بالنسبة للعقود والاتفاقات التي شملها تقادم العشر ( 10 ) سنوات المشار إليه في المادة 234 من المدونة العامة للضرائب .

وتعفى من أداء واجبات التسجيل حسبما جاء في المادة 129 من نفس المدونة جميع المحررات ذات المنفعة العامة أو المنفعة الاجتماعية، وتلك المتعلقة بالجماعات العمومية أو بالاستثمار أو بعمليات القروض .
أما بالنسبة لوعاء الضريبة وكيفية احتسابها، فإن واجبات التسجيل تطبق على العقود والتصريحات، حسب أسباب الاتفاقات والالتزامات المترتبة عنها ( 4 ) وتبعا لطبيعة ومضمون ومحتوى العقد أو الاتفاق .

وتقسم هذه الواجبات إلى :

1 - ) واجبات نسبية محددة في أربع ( 4 ) معدلات وهي 6٪ و3٪ و1 , 5٪ مع حد أدنى للاستخلاص محدد في 100 أو 1000 درهم بحسب الحالات ( 5 ).

2 - ) واجب ثابت وحيد محدد في 200 . 00 درهم ( 6 ).

وما يهمنا من هذه الواجبات خصوصا النسبة منها هو واجب 3٪ الذي يطبق على خمسة ( 5 ) أصناف من الاقتناءات والتخليات فإنها وردت على سبيل الحصر، من بينها اقتناء المحلات المبنية التي كثر حولها القيل والقال، واللغو واللغط، خصوصا من طرف بعض الملزمين أو المتعاملين مع الإدارة الضريبية .

وحتى يكون هؤلاء على بينة من الأمر، واستجابة لطلبات بعض الزملاء والقراء وكل من يهمه أمر الضريبة، ورغبة منا في إماطة اللثام عن أي لبس أو غموض أو غشاوة، فقد ارتأينا توضيحه توضيحا شافيا كافيا نمزج فيه ما بين الجانب القانوني والتطبيقي وما يجري به العمل، وهذا ما سنتولى الحديث عنه بشيء من التفصيل في الفقرة الموالية .

ثانيا : واجب التسجيل المستحق عند اقتناء عقارات أو محلات مبنية :


جاء في المادة 133 - 1 باء 3 من المدونة العامة للضرائب مايلي :
( تخضع لنسبة 3٪ :

اقتناء محلات مبنية من طرف أشخاص طبيعيين أو معنويين، غير مؤسسات الائتمان والهيئات المعتبرة في حكمها وبنك المغرب وصندوق الإيداع والتدبير وشركات التأمين وإعادة التأمين، سواء كانت معدة للسكنى أو مرصدة لغرض تجاري أو مهني أو إداري .

تستفيد كذلك من نسبة 3٪ الأراضي التي شيدت فوقها المحلات المشار إليها أعلاه في حدود خمس ( 5 ) مرات من مساحتها المغطاة …).

يتبين إذن ومن خلال قراءة متأنية لهذه المقتضيات أنه تخضع وجوبا لإجراء وواجبات التسجيل بنسبة 3٪ ولو كانت معينة شكلا، جميع الأشرية والاقتناءات لمحلات مبنية كيفما كان نوعها أو تخصيصها سواء كانت معدة لغرض السكنى أو لغرض تجاري أو مهني أو إداري، وكيفما كانت طبيعة العقد أو الاتفاق المتعلقة بها سواء كان عرفيا أو رسميا مكتوبا أو شفويا، وكيفما كانت طبيعة العقار المقتنى محفظا كان أم غير محفظ، وكيفما كان الشخص المقتني طبيعيا كان أم اعتباريا، باستثناء مؤسسات الإئتمان والهيئات المماثلة أو المشابهة لها أو المعتبرة في حكمها، وكذا بنك المغرب وصندوق الإيداع والتدبير وشركات التأمين وإعادة التأمين .

وتستفيد من نسبة 3٪ بالتبعية الأراضي التي شيدت فوقها المحلات المقتناة المذكور في حدود خمس ( 5 ) مرات مساحتها المغطاة البنكية كحد أقصى، وتتم تصفية واجبات التسجيل بنسبة 3٪ انطلاقا من الثمن المصرح به أو القيمة المعبر عنها أو المشار إليها أو المذكورة بالعقد، والتكاليف التي يمكن أن تضاف إليها، سواء تم التخلي بعوض أو بغير عوض ما عدا إذا أبرمت الهبة أو الصدقة بين الأصول والفروع وبين الأزواج وبين الإخوة والأخوات، فإن النسبة واجبة التطبيق هي 1 . 50٪ ( 7 ) دون أن تقل النسبتين معا عن 100 درهم كحد أدنى للاستخلاص .

ويتعين على مفتش الضرائب المكلف بالتسجيل أن يحتفظ بكل عقد يتضمن اقتناء أو شراء أو تفويتا أو نقل ملكية عقار إلى حين الإدلاء بشهادة من المصالح المكلفة بتحصيل الضرائب تثبت أداء مبلغ الضرائب والرسوم التي تكون مستحقة على العقار المذكور سواء خلال السنة التي وقع فيها التفويت أو التخلي والسنوات التي سبقتها غير المشمولة بالتقادم، طبقا لمقتضيات الفقرة الأخيرة من المادة 138 من المدونة العامة للضرائب، والمادة 94 من مدونة تحصيل الديون العمومية، ومن تم فإنه يمنع على العدول والموثقين وكل من يمارس مهام توثيقية أن يحرروا أي عقد يتعلق بتفويتات من هذا القبيل، ما لم تقدم إليهم شهادة إبراء ضريبي مسلمة من المصالح المذكورة، تثبت براءة العقار المفوت من كل دين ضريبي حال أو سابق، وذلك تحت طائلة إلزامهم بالأداء على وجه التضامن مع المدين، تمشيا مع مقتضيات الواردة بالمادة 139 IV - من المدونة العامة للضرائب والمادة 95 من مدونة تحصيل الديون العمومية .

هذا بالنسبة للعقارات المبنية الخاضعة سواء لرسم السكن ( 8 ) أو لرسم الخدمات الجماعية ( 9 ) أو هما معا .

لكن ما العمل إذا كانت العقارات المبنية محل التفويت توجد بأماكن معفاة من الرسمين المذكورين إما بصفة مؤقتة أو دائمة؟ فهل تجوز مطالبة المشتري بشهادة من المصلحة المحلية للضرائب المكلفة بالوعاء تثبت إعفاء العقارات المذكورة، أم بشهادة الإبراء الضريبي مسلمة من المصالح المالية المكلفة بالتحصيل، أم تطبيق نسبة 6٪ دونما حاجة إلى هذه الشهادة أو تلك .

هناك بعض » المجتهدين « من مفتشي الضرائب المكلفين بالتسجيل من يجنح إلى الحل الثالث باعتباره الأيسر وقد يوافق عليه المشتري شفويا تحت ضغط الوقت أو الضرورة، لكن بعد استكماله لإجراءات التسجيل وأدائه للواجبات المصفاة وتسلمه للعقد، يقوم برفع شكايات وتظلمات إدارية وحتى قضائية من أجل عدم التطبيق السليم لنسبة 3٪ المفروضة بقوة القانون على مختلف الأبنية واسترداد ما زاد عن الواجب القانوني المستحق، وقد يطالب الإدارة عن الضرر المادي والمعنوي الذي لحقه وفق مقتضيات المواد 77 - 78 - 79 - 80 من قانون الالتزامات والعقود .

على اعتبار أن المادة 138 من المدونة العامة للضرائب توجب على مفتش الضرائب المكلف بالتسجيل أن يسجل العقود والتصريحات يوما بيوم وبالتتابع بمجرد تقديمها للتسجيل دونما أدنى تماطل أو مماطلة، ولا يجوز له أن يؤجل أو يؤخر القيام بإجراءات التسجيل إذا كانت العناصر اللازمة لتصفية الضريبة واضحة ومبينة بشكل لا لبس فيه في العقود الاتفاقات التي تم تقديمها إليه، مع ضرورة التقيد التام بمقتضيات المواد 133، 134، 135، 138، و139 وتطبيق النسب والمعدلات بحسب الحالات المناسبة الملائمة، ومطالبة المقتني أو المشترك بالوثائق والشواهد التي تفرضها النصوص الجنائية الجاري بها العمل، بعيدا عن أي اجتهاد قد يخطئ فيه المفتش وقد يصيب .

ومهما يكن فإن جميع المحلات المبنية أو المشيدة مهما كانت طبيعتها أو الغرض الذي أعدت من أجله، ومهما كان مقتنوها أو حائزوها الجدد، تخضع لنسبة 3٪ من القيمة المصرح بها أو المعبر عنها بالعقد، وكل زيغ عن تطبيق هذه النسبة يعد خرقا سافرا وواضحا لمقتضيات المادة 133 من المدونة العامة للضرائب .

-----------------------------------
هوامش :

- 1 ) رغم الحديث الكثير عن العقود والاتفاقات الشفوية، فإن هذه الأخيرة لم يبق لها وجود على أرض الواقع، نتيجة لسيطرة العقود الكتابية بمختلف أنواعها، نظرا لقيمتها وأهميتها ودورها الكبير في ضبط وإثبات المعاملات بين الناس .

- 2 ) لقد آن الأوان لإصلاح مكاتب التسجيل والتمبر، ذلك أن هذه التسمية القديمة جدا قد أصبحت متجاوزة ولم تعد تستوعب جميع الاختصاصات والمهام التي أسندت إليها، فبالإضافة إلى دورها التقليدي في تسجيل العقود والاتفاقات وبيع الطوابع الجبائية إلى الموزعين المساعدين ووضع تأشيرات التمبر على تفويت السيارات والعربات ورخص السياقة وبيع الضريبة السنوية الخصوصية على التفويتات وتصحيح الأساس الضريبي في مادتي التسجيل والأرباح العقارية وهي اختصاصات متشابكة ومتشعبة يصعب في حالة ضمها وجمعها الإحاطة بكل كبيرة وصغيرة تتعلق بها، مما يطرح مشاكل في تسييرها وضبطها .

- 3 ) انظر مقالنا المنشور بجريدة ( العلم ) عدد 21479 بتاريخ 2009 / 10 / 07 في ركن ( المجتمع والقانون ) ، تحت عنوان »( التسجيل الجبائي والتسجيل العقاري أية علاقة؟ ).

4 - انظر المادة 132 - I من المدونة العامة للضرائب .

5 - انظر المادة 133 من نفس المدونة .

6 - انظر المادة 135 من نفس المدونة .

7 - انظر المادة 133 1 - جيم - 4 من نفس المدونة .

8 - انظر المادة 19 من مدونة جبايات الجماعات المحلية .

9 - انظر المادة 33 من مدونة جبايات الجماعات المحلية .

ذ.المختار السريدي - مفتش إقليمي للضرائب
دراسة منشورة ضمن صفحة القانون والمجتمع
جريدة العلم



الاثنين 2 غشت 2010

تعليق جديد
Twitter