MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية



رقابة قضاء المشروعية على هيئات الحكامة الجيدة والتقنين: الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري نموذجا ـ تعليق على حكم المحكمة الإدارية بالرباط ـ بقلم د سعيد اولعربي

     



رقابة قضاء المشروعية على هيئات الحكامة الجيدة والتقنين: الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري نموذجا ـ تعليق على حكم المحكمة الإدارية بالرباط ـ بقلم د سعيد اولعربي
 
 
أصدرت المحكمة الإدارية بالرباط الحكم عدد 2767[1] بتاريخ 16/05/2014 قضى بإلغاء القرار رقم 14-04 الصادر عن المجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري بتاريخ 31 مارس 2014[2]، والذي تضمن أمرا للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة المغربية، بالالتزام، عند نقل جلسات الأسئلة الأسبوعية لمجلس المستشارين، بالإجراءات بما في ذلك التوقيت والمدة المتفق عليها استنادا إلى المواد 25 و46 و127 من دفتر تحملات الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة المغربية.
 
وقد بني الحكم على تعليلات أبرزت مجهودا علميا ومهنيا بذلته الهيأة القضائية في سبيل تأسيس وتسويغ قضائها، كما أبانت وقائع الحكم عن غنى النقاشات المثارة أمام المحكمة، قبل خلوص هذه الأخيرة إلى اعتماد قواعد فاصلة في الخصومة في الشقين الشكلي والجوهري ولتحسم في إشكالات قانونية بالغة الأهمية تجعل الحكم يدخل خانة الأحكام والقرارات الكبرى للقضاء الإداري المغربي.
 
ويستمد التعليق على الحكم أهميته من دلالة صدور الطعن في قرار المجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري عن رئاسة الحكومة و وزارة الاتصال، وقضاء الحكم بتوفرهما على الصفة والمصلحة في الادعاء وقابلية هذا القرار للطعن بالإلغاء واستبعاد دفع متعلق بعدم اختصاص القضاء الإداري في نزاعات بين مؤسسات الدولة وسلطاتها. وفي الشق المتعلق بجوهر النازلة، ذهب الحكم إلى القول بانعقاد الاختصاص للمجلس المذكور في اتخاذ القرار محل الإلغاء، وعدم لزوم إتباع المسطرة الحضورية في القرارات المتخذة من طرفه، وانتهى الحكم، في معرض فحص ركن محل القرار الإداري، إلى مخالفته للقانون مستدلا بالفصل 134 من الدستور، مع استحضار قرار المجلس الدستوري عدد 13/924 م. د بتاريخ 22 غشت 2013، وكذا القرار رقم 213/98 بتاريخ 28 ماي 1998.
 
وباعتبار أن الحكم جاء حافلا بإجابات على إشكالات قانونية نوعية ممتدة في المجالين الإداري والدستوري، ارتأت هذه الدراسة فائدة في مناقشتها بعد عرض موجز لمعطيات الملف ليتأتى الإحاطة بظروف وملابسات القضية بغية تحصيل نتائجها القانونية.
 
يعود النزاع في أصله إلى تنصيص المادة 128 من القانون الداخلي لمجلس المستشارين على حق رؤساء الفرق، عند بداية كل جلسة أسبوعية، المخصصة لأسئلة أعضاء مجلسي البرلمان وأجوبة الحكومة، في إحاطة المجلس علما بقضية طارئة في مدة لا تتجاوز 3 دقائق مع وجوب إخبار الرئيس بذلك ساعة على الأقل قبل افتتاح الجلسة.
 
ولما كانت هذه المادة متطابقة في مضمونها مع المادة 104 من القانون الداخلي لمجلس النواب، وأن المجلس الدستوري بقراره عدد 13/924 م. د بتاريخ 22 غشت 2013[3] صرح بعدم دستورية المادة 104 سالفة الذكر، فإن الحكومة- حسبما هو مستفاد من حيثيات الحكم- كاتبت الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة من أجل إيقاف بث الفقرة المتعلقة بالإحاطة علما، واستجابت هذه الشركة للطلب اعتبارا من يوم 07 يناير 2014.
 
وتضيف وقائع الحكم أن المجلس الأعلى السمعي البصري وضع يده بصورة تلقائية على موضوع تغيير الوقت والمدة في نقل جلسة الأسئلة الأسبوعية، قبل أن يتلقى كتاب إحالة الأمر من طرف الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، وانتهى المجلس المذكور إلى إصدار أمر للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة بالالتزام بمضامين دفتر التحملات بما في ذلك المدة والتوقيت.
 
وعلى إثره تقدمت الحكومة، في شخص رئيسها و وزير الاتصال، بصحيفة طعن بالإلغاء في قرار المجلس الأعلى السمعي البصري أمام المحكمة الإدارية بالرباط، واستند طالبا الإلغاء على تجاوز الجهة المصدرة لاختصاصها[4] والإخلال بحق الدفاع بعدم مراعاة الطابع الحضوري للمسطرة المتبعة أمامها، وزادا على ذلك أن القرار الطعين تجاوز قرارين للمجلس الدستوري سبق ذكرهما.
 
وتحليل هذه المساهمة العلمية للحكم القضائي سينصب على تعليلاته في الرد على الدفوع المثارة أمام المحكمة وفق محورين، يخصص الأول لمناقشة كيفية معالجة الحكم لشروط مقبولية دعوى الإلغاء بشأن قرار المجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري، ويتناول المحور الثاني كيفية محاكمة المشروعيتين الداخلية والخارجية للقرار.
 
المبحث الأول: مناقشة الشق الشكلي في الدعوى
 
أثار المدعى عليهما، أثناء سير الدعوى، عدم المقبولية لما اعتبراه عدم قابلية القرار الإداري للطعن بالإلغاء (الفقرة الثانية) وبانتفاء الصفة والمصلحة للإدعاء(الفقرة الثالثة)، مع ملاحظة عدم دفعهما بعدم اختصاص المحكمة الإدارية بالرباط( الفقرة الأولى).
 
الفقرة الأول: حول مدى اختصاص محكمة النقض ابتدائيا وانتهائيا
 
ويسجل، وفق المستفاد من الحكم، محل التعليق، أن الجهتين المطلوبتين في الدعوى لم تثيرا في مواجهة الحكومة المادة 9 من القانون 90-41 المحدث للمحاكم الإدارية[5]، التي تنص على أنه، استثناء من أحكام المادة 8 منه تظل الغرفة الإدارية بمحكمة النقض مختصة ابتدائيا وانتهائيا في طلبات الإلغاء بسبب تجاوز السلطة المتعلقة بكل قرار إداري يتعدى  نطاق تنفيذه دائرة الاختصاص المحلي لمحكمة إدارية[6]، علما بأن البث التلفزي لفقرة "الإحاطة علما" من عدمه يشمل، على الأقل، ربوع الوطن ككل.
 وكان من شأن إثارة عدم الاختصاص المحكمة الإداري بالرباط، من طرف ذوي المصلحة، أن يكون مناسبة لمعرفة موقف القضاء، سيما على ضوء العناصر التالية:
  • أن القرار محل الطعن بالإلغاء صدر عن جهاز إداري تداولي organisme collégial باختصاص وطني.
  • أن الاختصاص في البت في مشروعية قرارات جل السلطات الإدارية المستقلة في فرنسا، بما فيها اللجنة الوطنية للاتصال والحريات من اختصاص مجلس الدولة الفرنسي[7].
  • الصياغة القانونية المعتمدة في المادة 70 من القانون 03.77 المتعلق بالاتصال السمعي البصري[8]، من حيث تنصيصها على اختصاص المحكمة الإدارية بالرباط ابتدائيا في الدعاوى المتعلقة بالنزاعات التي تدخل ضمن اختصاص المحاكم الإدارية والناشئة عن تطبيق القانون 03.77 والنصوص المتخذة لتطبيقه.
 
وبمفهوم المخالفة لهذا المقتضى، فإن الاختصاصات المسندة للغرفة الإدارية بموجب المادة 9 من القانون 90-41 غير مشمولة بمقتضى المادة 70 سالفة الذكر، لأنها ليست أصلا من مشمولات المواد التي تختص بها المحاكم الإدارية، وإن وردت في القانون المنظم لهذه الأخيرة، مع ما يستتبع ذلك من وجاهة القول بعدم حجب المادة 70، كنص خاص، لإمكانية إعمال المادة 9 من القانون 90-41 كلما توافرت شروطه الواقعية[9] ، ولو في ظل انتفاء إمكانية تقديم الطعن أمام أية محكمة إدارية أخرى غير المحكمة الإدارية بالرباط باعتبار ما سنته المادة 70 سالفة الذكر. 
 
الفقرة الثانية: في قابلية قرار المجلس الأعلى السمعي البصري للطعن بالإلغاء
 
إذا كانت البداهة تفترض أن القرار الإداري النهائي المؤثر في المركز القانوني يقبل الطعن بالإلغاء وفق ما استقر عليه الفقه والقضاء [10]، فإن أهمية حكم المحكمة الإدارية بالرباط تكمن في صدور التصرف الإداري عن الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري، التي وصفها الحكم بأنها سلطة إدارية مستقلة. ويذكر أن الظهير[11] المؤسس لها اكتفى بتوصيفها بكونها هيئة دون إيراد صفة " الإدارية" و دون إصباغ نعث "الاستقلالية" عليها، غير أن المشرع الدستوري صنفها ضمن طائفة هيئات الحكامة الجيدة والتقنين بموجب الفصل 165 من الدستور، مع التأكيد على استقلاليتها بمقتضي الفصل 159 منه[12]، وانتهى قضاء المجلس الدستوري إلى التصريح بعدم خضوعها لا للسلطة الرئاسية ولا لوصاية أي قطاع حكومي[13].
 
ويعتبر توجه الحكم، محل النقاش، انتصارا للتيار الفقهي القائل بالطبيعة الإدارية لمثل هذه السلطة المستقلة، وإن كانت تصدر قراراتها في إطار هيئة تداولية، وبصيغة تقترب من صيغة ومنهجية صناعة الحكم القضائي[14]، وذلك خلافا لما انتهى إليه بعض الفقه الفرنسي في البدايات الأولى لظهور السلطات الإدارية المستقلة[15]. وقد أملت هذه الطبيعة الإدارية إخضاع تصرفات السلطة الإدارية المستقلة لرقابة قضاء المشروعية، على غرار ما هو معمول به بشأن تصرفات الإدارات الكلاسيكية[16]، لأنه بغير هذه الرقابة ستتحول الإدارة المستقلة ليس إلى فرع أو نمط جديد من الإدارة، بل إلى سلطة رابعة بعيدة عن حق الإشراف[17] le droit de regardالحكومي، مع المساس بمبدأ وحدة الإدارة[18]، الموضوعة رهن إشارة الحكومة بمدلول الفصل 89 من الدستور. وقد فطن المشرع المغربي إلى ذلك عند تشريعه المادة 70 من القانون 03-77، التي يستفاد منها صراحة وبوضوح خضوع نشاط الهيأة العليا للاتصال السمعي البصري للرقابة القضائية.
 
وبدوره وصف المجلس الدستوري الفرنسي المؤسسة المناظرة- اللجنة الوطنية للاتصال والحريات[19]- في فرنسا بأنها سلطة إدارية مستقلة[20].
 
وفي تقرير له لسنة 1999، انطلق مجلس الدولة الفرنسي من مبدأ وحدة السلطات الإدارية الموضوعة رهن إشارة الحكومة المسؤولة أمام البرلمان، ليؤكد تعارض هذا المبدأ مع القول" بوجود سلطات إدارية مستقلة منفلتة من التبعية الإدارية التسلسلية ورقابة الوصاية في الوقت الذي تشكل فيه مراكز قرار مستقلة وغير مسئولة"[21].
ولما كانت السلطات الإدارية المستقلة مندرجة ضمن بنيان الجهاز الإداري للدولة، فإن ذلك يفترض بداهة خضوع تصرفات هذه السلطات الإدارية لرقابة القضاء، وهي رقابة قد تباشر بمسعى من الحكومة أو من غيرها بمنطلقات وبواعث مختلفة يجمعها قاسم توخي فرض الامتثال لقواعد المشروعية. ولذلك يفهم الباعث من وراء رفض المجلس الدستوري الفرنسي لكل بناء إداري هادف إلى انبثاق سلطة مستقلة خارج كل رقابة للحكومة[22]، ويبرز بذلك سر إصرار فقه القانون على الحديث عن استقلالية وظيفية l’indépendance fonctionnelle للسلطة الإدارية المستقلة، ونفي تمتع هذه الأخيرة بسيادة وظيفية La souveraineté fonctionnelle[23] .
 
ويحيل موقف القاضي الإداري المغربي في نازلة الحال إلى الاتجاهات المتطورة في القضاء المقارن، حيث استقر القضاء الفرنسي على أن الرقابة لا تنحصر فقط في مراقبة مشروعية التصرفات الانفرادية، بل تمتد لتشمل التصرفات التعاقدية للسلطة الإدارية المستقلة، وتغطي الرقابة القضائية التوصيات الصادرة عنها التي اعتبرها مجلس الدولة الفرنسي مؤثرة في المركز القانوني[24]،وهذا التوجه نجد له صدى في المغرب من خلال ما ذهب إليه وسيط المملكة في توصية صادرة عنه في الملف 20927/07 عند تأكيده على الطابع الإلزامي للوساطة المؤسساتية في مجابهة دفع عن الإدارة بوجوب فصل القضاء في المنازعة[25]. ولا يخرج عن دائرة الرقابة القضائية إلا الآراء الاستشارية لعلة عدم إنتاجها للأثر القانوني، ولكونها لهذا السبب لا تقبل أصلا الطعن مهما كانت طبيعة الجهة الإدارية المصدرة. كما استقر القضاء على قابلية قرارات السلطات الإدارية المستقلة لدعوى إيقاف التنفيذ[26] وعلى خضوع تصرفاتها وأعمالها لرقابة القضاء الشامل بشقيه المتعلقين بقضاء التعديل أو الإصلاح  le contentieux de la reformation وبقضاء المسؤولية[27].
كما أن الحكم القضائي، محل التعليق، بقضائه بخضوع تصرفات الهيئة الأعلى للاتصال السمعي البصري لرقابة القضاء، يتناغم مع تكييف طبيعة هذه الأخيرة على أنها سلطة إدارية، ويتسق مع الفصل 118 من الدستور، الذي تضمن القاعدتين التاليتين:
  • أولا: قاعدة قابلية كل القرارات الإدارية سواء كانت تنظيمية أو فردية للطعن أمام الجهة القضائية، وهي قاعدة جاءت عامة ولا تقبل الاستثناء خلافا لما ذهب إليه أحد المطلوبين في الطعن- وفق المستفاد من بيانات الحكم- عندما دفع بعدم قابلية القرار الإداري للطعن. وقد عكس مقتضى الفصل 118 السابق ذكره رغبة المشرع الدستوري في تضييق المجالات غير الخاضعة للرقابة القضائية، خاصة عندما تبنى قاعدة أخرى لا تقل أهمية في الفصل 114 من الدستور في مجال الوضعية الفردية للقضاة التي بقيت خارج نطاق الرقابة القضائية إلى حين إقرار الدستور الحالي.
وطبيعي أن ينحو القاضي الإداري هذا المنحى إذا أخدنا بعين الاعتبار ضيق المجالات المنفلتة من رقابته (قرارات المؤسسة الملكية[28]، وأعمال السيادة والعمل التشريعي...).
  • ثانيا: إقرار حق كل متقاض في ولوج ساحة القضاء للذود عن حقوقه في الفقرة الأولى من الفصل 118 سالف ذكره، وكذا الفصل 117 من ذات الوثيقة الدستورية، وحق الحكومة كامن في هذه الحالة في كونها طرف معني مباشرة بالقرار المتخذ لما ينطوي عليه من الإخلال بالتوازن بين المؤسستين التشريعية والتنفيذية في نظام دستوري سمته البارزة العقلنة البرلمانية، ومعنية بوجه آخر، من حيث مسؤوليتها أمام البرلمان عن الأنشطة الإدارية[29]، ومنها ما يقع في دائرة انشغال السلطات الإدارية المستقلة. وتبرز مصلحة الحكومة بجلاء عند استحضار أهمية الإعلام السمعي البصري في تشكيل الرأي العام الداعم أو المناهض للسياسة المنتهجة من طرف الحكومة، وذلك باعتبار أن هذا الصنف، من وسائل الإعلام الجمعي أو ذات الانتشار الواسع medias de mass[30]، قادرة على إحداث تأثير نوعي وكمي من نقطتي قوته، المتمثلتين أولا في سهولة إيصال الخطاب إلى جمهور عريض موزعين على فضاء جغرافي لا متناهي، وثانيا في حصول التبليغ بصورة فورية ومتزامنة على فضاء الجمهور المستهدف.
 
    وبقدر ما يؤكد ذلك لزوم خضوع تصرفات المجلس الأعلى السمعي البصري للرقابة القضائية  بناء على إحالة ممن له الصفة والمصلحة، فإنه يقيم البينة على توفر الصفة في الإدعاء إزاء السلطة الإدارية المستقلة في سبيل السعي لحملها على التقيد بضابط المشروعية في الحالة الموجبة.
 
الفقرة الثالثة: في قيام الصفة في الإدعاء لدى رئيس الحكومة
 
انطلق الحكم من تأثير القرار الإداري الطعين في المركز القانوني للحكومة ليستخلص نتيجة قابليته للمخاصمة أمام القضاء، وأعطى تفسيرا موسعا لمفهوم المصلحة في الإلغاء كدعوى عينية موضوعية مسايرا الاتجاهات المتطورة للقضاء المغربي، معتبرا أنها شاملة لكل من تضرر من القرار[31].
 
ولعل ما استوقف هذه الدراسة حديث الحكم عن رئيس الحكومة، بصفته ممثلا للجهاز التنفيذي، وهو ما يحيل إلى إشكاليتين:
- الأولى: وهي حصول ضرر مباشر مستمد من الإخلال بالتوازن بين السلطتين التشريعية والتنفيذية من خلال عدم احترام الفصل 100 من الدستور الذي سيأتي الحديث عنه في نقطة مستقلة، وهو ما يفيد أن طالبة الحماية القانونية(الحكومة) هي " صاحبة الحق المعتدى عليه" بالعبارة التي يعتمدها العمل القضائي عند حديثه عن الصفة في الادعاء[32].
- الثانية: وهي الأهم في تقدير هذه الدراسة، وهي مصلحة غير مباشرة، تكمن في أن الحكومة مسؤولة أمام البرلمان عن إدارات الدولة بما فيها السلطات الإدارية المستقلة، وبالتالي يطرح سؤال الوسيلة المتاحة لفرض امتثال هذه الهيئات، ومنها المجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري، إذا لم يكن من حق رئيس الحكومة أن يلج ساحة القضاء دفاعا عن المشروعية[33] بشأن تصرفات هذا المجلس وغيره من الإدارات المستقلة.
 
وتتضاعف أهمية الإشكالية عند استحضار قرار المجلس الدستوري عدد 829/12 بتاريخ 04 فبراير 2012، الذي تبنى قاعدة مفادها عدم خضوع السلطات الإدارية المستقلة لا لوصاية الجهاز التنفيذي ولا لسطلته الرئاسية[34]. وبالتالي أليس من التناقض أن يكون رئيس الحكومة مسئولا عن الأنشطة الإدارية دون استثناء وفق قضاء المجلس الدستوري[35]، وهو لا يملك في الآن ذاته حق الرقابة أو سلطة الوصاية على الإدارات المستقلة ولاحق الادعاء في مواجهة هذه الأخيرة لتستقيم المحاسبة، ويكون لها معنى ولصيانة أيضا مبدأ وحدة الجهاز الإداري ومنع تحول السلطات الإدارية المستقلة إلى سلطة رابعة؟ و هل يعقل أن تحدث هيئات تشكل مراكز قرار إدارية تحدث أوضاعا قانونية، تلغيها وتعدلها، و في الآن ذاته تنفلت من رقابة القضاء بدعوى أن مركز القرار Centre de décision مس بوضع جهة سياسية لفائدة أخرى أو بت في خلاف قائم بين مؤسسات سياسية؟
 
لقد أجاب الحكم القضائي على السؤال الأخير بحيثيات وجيهة، عندما صرح بأن حياد القاضي[36] لا يحجب حقه (بل واجبه) في البت في مشروعية قرار إداري له أبعاد سياسية، ونبراسه في ذلك أنه يقتضي حقا أو يفصل في منازعة انتصارا للحق والقانون. وزاد الحكم في تعليلاته، وهو يستبعد دفعا بعدم أحقية القاضي في الخوض في أمور سياسية، باستدلال مؤداه أن عدم انشغاله بالسياسة لا يمنعه من البت في المنازعات الانتخابية، التي هي في عمق السياسة، كما أن الحسم في المنازعة- يضيف الحكم- لا يعني تحيزا لطرف سياسي ضدا على طرف آخر، بل هو إحقاق للحق ونطق بالقانون، وإن صادف منطوق الحكم مصلحة وهوى طرف، فذلك لأن المستفيد جدير بالحماية القانونية التي ينهض بها القضاء.
 
ويستدعي السؤال الأول العودة إلى مدى حصانة أعمال السلطة الإدارية المستقلة ودور الحكومة في إعمال الرقابة عليها، وفي هذا المعنى يجدر التذكير أن النقاش لم يكن محسوما بخصوص الحصانة، حيث رأى بعض الفقه القانوني أن السلطة الإدارية المستقلة لا تكون مستقلة إلا إذا كانت محصنة من الرقابة القضائية، في حين رأى اتجاه آخر أن الحصانة تتنافى مع مفاهيم دولة الحق والقانون[37].  وينعقد حاليا شبه إجماع على ضرورة الخضوع للرقابة القضائية بعد صدور أحكام قضائية في الموضوع، منها قرار المجلس الدستوري الفرنسي عدد 86-217 بتاريخ 19/09/1986[38] المصنف في خانة قرارات التأويل التوجيهي interprétation directive[39]، والذي جاء فيه التالي:
 
" أن اللجنة (اللجنة الوطنية للاتصال والحريات) ملزمة بممارسة المهمة المنوط بها بمقتضى القانون، وتوصياتها المتخذة في هذا الشأن تكتسي طبيعة ملزمة، ويمكن أن تكون، كما هو الشأن بالنسبة لرفض اللجنة ممارسة الصلاحيات المخولة بموجب القانون[40]، محل طعن أمام قضاء تجاوز السلطة". وقد جاء في نفس القرار التالي :  "في إطار ممارسة اختصاصها، تخضع اللجنة، على غرار سائر السلطات الإدارية المستقلة، لرقابة المشروعية التي تباشر بمبادرة من الحكومة أو بمسعى من كل ذي صفة".
 
وفي قضية Retail بتاريخ 10 يوليوز 1981 اعتبر مجلس الدولة الفرنسي أن وسيط الجمهورية الفرنسية[41] – كسلطة مستقلة- يعتبر سلطة إدارية خاضعة للرقابة القضائية، معللا اعتبار الوسيط كذلك بأسلوب تعيينه في المجلس الوزاري وكون الميزانية المخصصة له مدرجة في إطار ميزانية الوزارة الأولى[42].
 
وإذا كان فقه القانون قد اعتبر أن حق الحكومة في مقاضاة السلطة الإدارية المستقلة لا يشكل شرخا في وحدة الجهاز الإداري بوجه عام[43]، فقد أكد أن الرقابة المستهدفة في هذا المضمار تحقق الغايات التالية:
  • ضمان سيادة النص الدستوري على الاستقلالية الوظيفية للسلطات الإدارية المستقلة، وبالتالي تبقى استقلالية المجلس الأعلى السمعي البصري في حدود استقلالية وظيفية l’indépendance fonctionnelle   وليست سيادة وظيفية La souveraineté fonctionnelle؛
  • تعزيز وحدة النظام القانوني؛
  • حماية الاختصاصات الدستورية للحكومة التي حرص المجلس الدستوري المغربي في التأكيد عليها في قراره عدد829/12 بتاريخ 04 فبراير 2012 عبر قضائه بأن التقرير السنوي للهيأة العليا للاتصال- على غرار باقي الهيئات المنصوص عليها في الفصول من 161 إلى 170 من الدستور- تناقشه الحكومة مع البرلمان دون حضور ممثل عن هذه الهيئة.
 
وحاصل ذلك أن الرقابة القضائية المباشرة على تصرفات المجلس الأعلى السمعي البصري تحقق ما سماه البعض" سمو المقتضيات الدستورية على الاستقلالية الوظيفية للسلطة الإدارية المستقلة وإعلاء وحدة النظام القانوني"[44]، وبالتالي يكون من حق الحكومة )و واجبها أيضا) تفعيل الرقابة القضائية لضمان سيادة مبدأ المشروعية في تصرفات المجلس الآنف ذكره وغيره من السلطات الإدارية المستقلة.
 
وبذلك يكون الحكم القضائي قد ساير الثابت من توجهات أحكام القضاء المقارن في توسيع مفهوم الصفة في التقاضي في تلازمها مع المصلحة[45] في قرارات السلطات الإدارية المستقلة، مع التنويه إلى أنه لا يستثنى من ذلك إلا قاعدة حصر الصفة في المخاطب بالقرار متى تعلق الأمر بالجزاءات العقابية[46] التي تصدر عن هكذا سلطة إدارية مستقلة.
 
وفي ظل توافر شرطي الصفة والمصلحة وقابلية التصرف الإداري للطعن، توافرت شروط المقبولية الشكلية[47] التي جعلت المحكمة تتصدى لمناقشة سلامة القرار في مشروعيتيه الخارجية والداخلية على الأوجه المبينة أدناه.
 
المبحث الثاني: الشق الجوهري في الدعوى
 
انتهت المحكمة إلى القضاء بمشروعية القرار لمراعاته قواعد المشروعية الخارجية للقرار(الفقرة الأولى)، غير أن هذا الأخير تعرض للإلغاء بعد وقوف المحكمة على خرق قواعد المشروعية الداخلية ( الفقرة الثانية).
 
الفقرة الأولى: حول عناصر المشروعية الخارجية للقرار
 
انتهى الحكم القضائي إلى توافر حزب الأصالة والمعاصرة على الصفة القانونية في تقديم شكاية في الموضوع إلى المجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري، التي على أساسها صدر القرار المطعون فيه، وتستمد هذه الحيثية وجاهتها بالعودة إلى مرجعية المادة 4 من الظهير الشريف رقم 212-02-1 بتاريخ 31 غشت 2002 [48] المحدث للهيئة العليا للاتصال السمعي البصري، و قد سنت هذه المادة إمكانية تلقي المجلس الأعلى للسمعي البصري لشكايات من جهات متعددة، منه الهيئات السياسية.
 
كما أن وضع المجلس الأعلى للاتصال ليده تلقائيا على القضية، التي صدر فيها القرار الإداري المطعون فيه قبل تلقي شكاية من الهيئة السياسية السابق بيانها، وإن لم يعتمده الحكم مثار النقاش في تعليله[49]، يبقى سليما كحق مخول للمجلس الأعلى للاتصال السمعي، وكواجب عليه عند استحضار البنود 8، 11 و13 من المادة 3 من الظهير الشريف رقم 212-02-1 بتاريخ 31 غشت 2002 كما وقع تعديله وتتميمه التي نصت على مسؤوليته في:
  •  مراقبة تقيد هيئات الاتصال السمعي البصري بدفاتر التحملات والمقتضيات القانونية السارية على القطاع ؛
  • السهر على تقيد جميع السلطات والأجهزة المعنية بالقوانين المطبقة على قطاع الاتصال السمعي البصري؛
  • السهر على التقيد بتعددية التعبير عن تيارات الفكر والرأي ولاسيما ما يتعلق بالإعلام السياسي من طرف القطاع العام والخاص على حد سواء.
 
وغني عن البيان أن هذه المسؤوليات تباشر بناء على رقابة تلقائية، تستشف بوضوح من الصياغة المعتمدة في تحديد صلاحيات الهيئة المكلفة بالتقنين، وقد تمارسها بناء على إحالة من الجهات المحددة بنص المادة 4 من الظهير المحدث لهذه المؤسسة.
 
ولما كان المجلس الأعلى السمعي البصري مؤهلا لوضع يده على القضية تلقائيا، فإن ذلك يفضي إلى نتيجة بديهية مؤداها انعقاد اختصاصه في إصدار القرار الإداري المطعون فيه.
 
وثمة نقطة قانونية هامة توقفت عندها هذه الدراسة، ومفادها أن الحكومة أثارت عدم احترام الجهة المصدرة للقرار لحقوق الدفاع، وهو ما يطرح سؤال مدى إلزامية تقيد المجلس المذكور بالمسطرة الحضورية التواجهية القمينة بكفالة حق الدفاع لطرفي الخصومة وللأطراف المعنية عند التدخل التلقائي.
 
هذا، ولئن كان هذا المجلس يصدر قراراته من هذا النوع في صيغة تقترب من صيغة أحكام وقرارات قضاء الموضوع، فإن النصوص المنظمة لمادة الإعلام السمعي البصري لا تتضمن أي مقتضى يلزمه بمراعاة المسطرة التواجهية، سيما باستحضار أنه يتوفر على وسائل تؤهله لاستجماع المعطيات الواقعية والقانونية لاتخاذ قراره بعد الإحاطة الشاملة بحيثيات وملابسات القضية المثارة أمامه، ومنها توفر الهيأة العليا للاتصال السمعي البصري على مراقبين لهم صلاحيات واسعة في جمع المعلومات وإجراء المراقبة والتحقيق والتثبت من الوقائع وفق ما تقرره المادة 15 من الظهير المحدث لهذه الهيئة. وتفيد حيثيات قرار المجلس الآنف ذكره تأسيسه على تقرير أعدته لجنة مكلفة من طرفه وارتكازه أيضا على وثائق ومستندات جهزت في إطار تحقيق باشرته المديرية العامة للاتصال السمعي البصري.
 
وجدير ذكره في سياقه أن فقه القانون تواضع على لزوم احترام السلطات الإدارية المستقلة بوجه عام لحقوق دفاع الأطراف في إطار مسطرة تواجهية، متى تعلق الأمر بمساطر متعلقة بإصدار العقوبات التي تختص بها هذه الإدارات[50]، وهي في ذلك ملزمة باحترام ضمانات تقترب من تلك المتاحة في المسطرة القضائية الجنائية[51] تبدأ من حق الإشعار بالمنسوب، حق الاطلاع على الملف، تجهيز الدفاع وإتاحة فرصة بسط أوجه الدفاع وحياد الجهة المكلفة بالمساءلة التأديبية[52].
 
الفقرة الثانية: في عناصر المشروعية الداخلية للقرار
 
قضى حكم المحكمة الإدارية بالرباط بعدم مشروعية قرار المجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري لمخالفته لأحكام دستورية وتطبيقه لدفتر تحملات الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة تطبيقا خاطئا، وذلك باستدلال الحكم بالمواد 25، 46 و127 من دفتر التحملات والفصلين 100 و134 من الدستور وبالتعليل بقراري المجلس الدستوري تحت عدد 924/13[53] و عدد 213/ 98 [54].
وهذا التعليل  يستوقف هذه الدراسة  لتوضيح أهمية ما انتهى إليه وتعضيده بحيثيات لم يردها الحكم، ربما لأن مقامه ليس مقام بسطها خلافا للنقاش العلمي الذي يتسع مجاله لاستيعاب تأصيل نظري أعمق عن الموضوع.
 
وهكذا تكون المحكمة قد انطلقت من معطى أن المادة 128 من القانون الداخلي لمجلس المستشارين متماثلة مع المادة 104 من القانون الداخلي لمجلس النواب، مع ارتباطهما مع الفصل 100 من الدستور، وقرنت ذلك بكون قرار المجلس الدستوري عدد 924/13 قضى بعدم مطابقة هذه المادة مع المقتضى الدستوري المذكور. وانتهى حكم المحكمة الإدارية إلى انسحاب حجية قرار المجلس الدستوري المتعلق بالنظام الداخلي لمجلس النواب على القانون الداخلي لمجلس المستشارين، مادام أن قضاء المجلس الدستوري ملزم لكافة الجهات بنص الفصل 134 من الدستور، وأن ثمة قرار للمجلس الدستوري عدد 213/ 98 يفيد امتداد اثر قرار صادر بشأن نص قانوني إلى نص آخر تجمعهما وحدة الموضوع.
 
يثير هذا التعليل سؤالين، وهما: ألا يمكن اعتبار ما انتهى إليه قضاء المحكمة الإدارية فحصا لمدى دستورية المادة 128 من القانون الداخلي لمجلس المستشارين في ظل منع الفصل 25- المحال عليه بموجب المادتين 7 و50 من القانون 90-41- من قانون المسطرة المدنية الجهات القضائية من البت في دستورية القوانين؟ وهل يجوز القول بحجية قرار المجلس الدستوري باستحضار الفصل 451 من قانون الالتزامات والعقود أم أن لقراراته خصوصية تميزها عن أحكام القضاء غير أحكام دعاوى الإلغاء،  علما بأن هذه الأخيرة تعد طعونا موضوعية  تروم إحقاق  مبدأ المشروعية الذي يهيمن على النظرية العامة للتصرفات الإدارية[55] مع عدم قابلية المشروعية للتجزيء[56] .
 
بالعودة إلى قرار المجلس الدستوري المغربي عدد 213/98 بتاريخ 28 ماي 1998، نجد أنه صرح بالتالي:" وحيث إنه، والحالة هذه، لا محل لإعادة فحص دستوريتها (يقصد بعض مقتضيات القانون الداخلي لمجلس المستشارين) مراعاة للحجية المطلقة التي تكتسيها قرارات المجلس الدستوري بمقتضى الفصل 81 من الدستور؛ إذ أن حجية هذه القرارات لا تقتصر على النص الذي صدر في شأنه، بل تمتد إلى أي نص آخر تجمعه وإياه وحدة الموضوع والسبب، كما هو الحال في النظام الداخلي لمجلس المستشارين بالنسبة إلى النظام الداخلي لمجلس النواب"[57].
 
والمستفاد من قرار المجلس الدستوري أن قوة الشيء المقضي في قراراته تنبني أولا على نهائية القرار، وثانيا وفقط على معياري وحدة الموضوع والسبب مع استبعاد معيار وحدة الأطراف، وذلك حيادا على المبدأ العام المنصوص عليه في الفصل 451 من قانون الالتزامات والعقود الذي يؤسس قوة الشيء المقضي به[58] على مقاييس ثلاثة متعلقة باتحاد الأطراف والموضوع والسبب[59].
 
وقد تناغمت المحكمة الإدارية بالرباط مع المؤدى القانوني لقوة الشيء المقضي في قضاء المجلس الدستوري في قراره عدد 213/98، في توجه يخالف نسبيا منحى محكمة النقض الفرنسية ومجلس الدولة الفرنسي، اللذين يأخذان بحجية قرار المجلس الدستوري عندما يكونان بصدد تطبيق القانون نفسه محل قرار القضاء الدستوري[60]، وفي ذلك قضت محكمة النقض الفرنسية بكافة غرفها مجتمعة بالتالي:" إذا كانت قوة قرارات المجلس الدستوري لا ترتبط فحسب بالنص القانوني، وإنما أيضا بالأسباب المؤسسة له، فإن هذه القرارات لا تلزم السلطات العامة والجهات الإدارية والقضائية إلا فيما يخص النص الذي خضع لرقابة هذا المجلس"[61].
 
وبتبني التعليلات السالف بيانها، يكون حكم إدارية الرباط مسايرا لما تواضع عليه الفقه والقضاء من ضرورة استحضار القاعدة الدستورية كمصدر من مصادر المشروعية في القانون الإداري، مع وجوب التدقيق وإقامة التمييز بين ما يلي:
  • استناد القانون الإداري على أسس دستورية بصورة تحتم على القاضي الإداري الركون إلى مرجعية القاعدة الدستورية متى قامت العلاقة المباشرة بين التصرف الإداري  والنص الدستوري[62]، وذلك للحسم في مدى مشروعية هذا التصرف[63] ارتكازا على القاعدة الدستورية.
  • قيام التصرف الإداري على أساس تنفيذ قانون غير مطابق للدستور أو أثيرت عدم دستوريته، وفي هذه الحالة يندرج هذا القانون في   طائفة ما يسميه الفقه بالقانون/ الحاجز أو الحاجب la loi écran  [64]،  ويسوغ في هذه الحالة  للقاضي الإداري رد كل دفع مبني على علة عدم دستورية القانون الواقع إنفاذه كما  ذهب إليه قضاء مجلس الدولة الفرنسي[65]، وبالتالي يصرح القاضي الإداري بمشروعية القرار الإداري، وإن ارتكز على قانون شابته علة عدم المطابقة الدستورية، لأن هذه الأخيرة غير منتجة في قضاء الإلغاء، وقد تم إقرار  المبدأ لئلا يتطاول  القضاء الإداري على اختصاص القضاء الدستوري، الذي يبت في دستورية القوانين بضوابط محددة منها صرامة قواعد الإحالة.
 
وتدعم توجه المحكمة الإدارية بالرباط بصدور قرار عن المجلس الدستوري تحت عدد 14.942 بتاريخ 21 يوليو 2014 قضى فيه بعدم دستورية المادة 121 من النظام الداخلي لمجلس المستشارين لمخالفتها للفصل 100 من الدستور وإخلالها بالتوازن بين الجهاز التشريعي والجهاز التنفيذي، مذكرا بما انتهى إليه في قراره عدد 13-924 بشأن المادة 104 من النظام الداخلي لمجلس النواب[66].
 
وما يدعم ما انتهى إليه قضاء المحكمة الإدارية هو مستلزمات احترام التوازن بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، الذي أكد المجلس الدستوري على أنه يشكل مبدءا جوهريا من المبادئ التي يقوم عليها النظام الدستوري للمملكة[67]، غير أن الأهم من كل ذلك[68] هي القواعد الضابطة لمادة الإعلام السمعي البصري العمومي، ونعني بذلك أساسا مبدأ التعددية، وما يقتضيه من قواعد فرعية سيأتي تفصيل الحديث بشأنها، علاوة على ضرورة تقيد الإذاعة والتلفزة المغربية بمبدأ حياد المرفق العمومي.
 
ومؤدى التعددية أنها تفيد معنيين متداخلين ومتكاملين[69]: تعددية خارجية le pluralisme externe ينصرف فحواها إلى حرية المبادرة في مجال الإعلام السمعي البصري ومنع تركيزها أو استئثار جهة معينة بهذه المبادرة [70]، بالإضافة إلى توخي الشفافية المالية في هذا الشأن[71].
 
وتفيد التعددية الداخلية le pluralisme interne، ذات الأهمية في تعضيد ما انتهى إليه حكم إدارية الرباط، أن الحرية السابقة تمارس مع التقيد بتعددية التعبير عن تيارات الفكر والرأي بمدلول البند 13 من الظهير المحدث للهيئة العليا للاتصال السمعي البصري والمادة 4 من القانون 77-03، وقد أكدت هذه الأخيرة على حرية الاتصال السمعي البصري وربطته باحترام الطابع التعددي للتعبير في جميع أشكاله من تيارات الفكر والرأي.
 
ويقتضي واجب صيانة التعددية الداخلية في مجال الإعلام السياسي أن تعكس التغطية عنصر التوازن بين الجهاز التنفيذي والجهاز التشريعي، ليس فحسب لكفالة حق الحكومة في تغطية إعلامية متوازنة في نقل المعلومات ونقل وجهة نظرها إلى المتلقي نظرا لأهمية ذلك في تشكيل الرأي العام، بل أيضا لينكفل حق أهم من حق الحكومة، وهو حق الجمهور le public في الحصول على المعلومة في مجال الاتصال السمعي البصري وفق ما سنه الفصل 165 من الدستور، وهذه المعلومة لابد أن تكون متنوعة وذات صدقية بما يتيح للجمهور حق الاختيار الحر  le libre choix.كما أن مقتضيات الدمقرطة[72] تفرض أن تكون المعلومة المذاعة نزيهة، موضوعية وتعددية، وعندما تكون المعلومات ذات صبغة سياسية، يكون نقل وجهات النظر المختلفة أمرا في غاية الأهمية لما لهذه المعلومات من أثر بالغ على آراء المواطنين[73].
 
وحق الاختيار الحر، المستمد من التعددية الداخلية، تتوفر شروط تحققه فعليا إذا كان الجمهور في وضعية تمكنه من تكوين قناعته الحرة والمختارة بعد تلقي المعلومات والأفكار والآراء المختلفة[74]، وفي هذا المعنى صرح المجلس الدستوري الفرنسي أن حرية الاتصال السمعي البصري للأفكار والآراء لا تكون فعلية في مادة الاتصال السمعي البصري إذا لم يكن بوسع الجمهور " أن يحصل، سواء عبر القطاع العام أو القطاع الخاص، على برامج ضامنة للتعبير عن التيارات المختلفة في نطاق احترام لقاعدة لزوم توخي صدقية ونزاهة المعلومة"[75].ورأى المجلس الدستوري الفرنسي أن التعددية الخارجية في هذا المضمار يرد عليها قيد جوهري متصل بحقوق الجمهور، ومنه حقه في معلومة تعددية، وقضى هذا المجلس بالتالي: "أن الهدف المتوخى تحقيقه هو أن يتمكن المستمعون والمشاهدون من ممارسة اختيارهم الحر دون أن تحل محلهم السلطات العامة في قرارهم، ودون أن يتم جعلهم ذوات مفعول بها " [76].
 
ولما كانت الإذاعة والتلفزة المغربية مرفقا عموميا[77]ينهض بالاتصال السمعي البصري، وأنها تمول من أموال دافعي الضرائب وفق المستفاد أساسا من المادة 52 من القانون 03-77، فإن قاعدة حياد المرفق العمومي أو حياده السياسي بوجه خاص[78]، المتفرعة من ضابط المساواة أمام المرافق العمومية[79]، تفرض أن تكون تصرفاتها ودفتر تحملاتها مستجيبة للتعبير التعددي لتيارات الفكر والٍرأي، سيما في مضمار الإعلام السياسي، بما يتسق مع مقتضيات قاعدتي المساواة والحياد التي بدونهما لا يستقيم شأن المرفق العام. كما يجدر التنويه إلى ارتقاء قاعدة حياد المرفق العمومي إلى مستوى سمو القاعدة الدستورية بموجب الفصل 155 من دستور سنة 2011، دون إغفال ضرورة احترام المرفق العمومي للبعد الديمقراطي وفق ما تقرره الفقرة الثانية من الفصل 154 من الوثيقة الدستورية.
 
وجدير ذكره أن المؤسسة الملكية أكدت، في الظهير المحدث للهيأة العليا للاتصال السمعي البصري، على أهمية ضمان الحق في إعلام حر وربطته بمرفق عام للإذاعة والتلفزة قادر على ضمان تعددية مختلف تيارات الرأي. كما أن الفقرة 8 من ديباجة القانون 03-77 حددت جملة من مرامي هذا القانون، ومنها دعم وتطوير القطاع العمومي ومده بمقومات الجودة والمنافسة بغاية القيام بمهام المرفق العام. ويضاف إلى ذلك أن النص الناظم لمادة الاتصال السمعي البصري استحضر بكثافة مفهوم المرفق العام، واستعمله على الأقل 10مرة في مختلف مواده التي لا تتجاوز 85 مادة، بما يدل على محورية المرفق العام في نهوضه بجزء هام من الإعلام السمعي البصري وفق ضوابط يتصدرها مبدأ الحياد السياسي.
 
وفي هذا السياق سبق للمجلس الدستوري الفرنسي أن صرح بالتالي:" حيث إن الالتزامات، الملقاة على عاتق الشركات والمؤسسات العامة المشكلة للقطاع العام للاتصال، مسطرة في دفاتر تحملاتها، وأن هذه الدفاتر ينبغي بالضرورة أن تكون متسقة مع المبادئ الأساسية للمرفق العام، وبخاصة مبدأ المساواة وقاعدة حياد المرفق العام المتفرعة عن هذا المبدأ"[80] .
 
 
خلاصة القول أنه، بصرف النظر عن منطوق الحكم لجهة سياسية معينة، فإن الحكم، بما حفل به من مبادئ قانونية، يعد بحق لبنة تقوي الصرح الحقوقي الوطني وتفتح آفاق واعدة في المنازعات المتعلقة بمادة الاتصال السمعي البصري بوجه خاص وتلك المتعلقة بعمل السلطات الإدارية المستقلة الحديثة العهد في النسيج المؤسساتي الوطني. كما أن الطعن المباشر من طرف الحكومة-  والنقاشات الحقوقية المتبادلة في نطاق الطعن- يعد تمرينا حقوقيا يقوي الأساليب الحضارية في تدبير الاختلاف والتنازع[81]والدفاع عن المواقع بين مختلف الفاعلين السياسيين من خلال الاحتكام إلى القضاء والقبول بكلمته الفاصلة في الموضوع لفائدة من يجب.
 
كما أن الدينامية التي عرفها قطاع الاتصال السمعي البصري منذ تعيين الحكومة الحالية، وما رافقها من نقاشات قانونية وسياسية، أثبتت ضرورة مراجعة وتتميم النصوص التشريعية الناظمة لمادة الاتصال السمعي البصري[82] بقصد مسايرة المستجدات النوعية التي أتى بها الدستور، ومنها  بوجه خاص دسترة الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري ودسترة الحق في المعلومة وتعددية تيارات الفكر والرأي، علما بأنه لم تتخذ أية مبادرة بهذا الشأن ماعدا مشروع القانون 13.83[83] الرامي إلى تغيير وتتميم المواد 2 و8 و9 من القانون 03-77 انطلاقا من مقاربة النوع الاجتماعي والنهوض بالمساواة بين الجنسين.
 
 
الهوامش
[1]  في الملف  رقم 189/7110/2014، حكم غير منشور.
[2]  القرار يحمل رقم 14-04 بتاريخ 29 جمادى الأولى 1435( 31 مارس 2014)، منشور في المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية  عدد 116 عدد ماي – يونيو 2014 صفحات: 283، 284،285 و286. وتفيد مراجعة القرار أنه صدر بحضور الرئيس وستة من أعضائه مع تسجيل غياب عضوين، وتكون بذلك مداولة المجلس سليمة طالما أن المادة 12 من الظهير الشريف المحدث للهيأة العليا للاتصال السمعي البصري تشترط لصحة الانعقاد حضور الرئيس وأربعة من أعضاء المجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري.
 قرار  عدد 13/1378 بتاريخ 22 غشت 2013، منشور في  الجريدة الرسمية عدد 6185 بتاريخ  9 شتنبر 2013.[3]
[4]  حسب المستفاد من الحكم تضمن دفاع الحكومة تناقضا جليا، مؤداه الدفع بعدم اختصاص المجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري في القيام بدور تحكيمي بين الأطراف وإصدار القرار الإداري محل الطعن في الوقت الذي انبرت فيه عريضة طعن الحكومة للقول بأحقية رئيس مجلس المستشارين و رؤساء الفرق النيابية في تقديم شكاية في الموضوع للمجلس الأعلى السمعي البصري. وترى هذه الدراسة انعقاد الاختصاص لهذا المجلس، وأنه كان من الصواب أن تلجأ إليه الحكومة من البداية، باعتباره هيئة ساهرة على ضمان التعددية بين مختلف تيارات الرأي، وذلك عوضا عن توجيه أمر للإذاعة والتلفزة بإيقاف بث فقرة الإحاطة علما.
[5]  صدر بشأنه الظهير الشريف رقم 225-91- بتاريخ 10 شتنبر 1993، منشور في الجريدة الرسمية عدد4227  بتاريخ 3 نونبر 1993.
[6]  صدرت عن القضاء الإداري المغربي العديد من الأحكام في نطاق تطبيق هذه المادة، وذهب إلى القضاء بشمول المقتضى للقرارات الإدارية السلبية والايجابية، ومن ذلك محكمة الاستئناف الإدارية بالرباط عدد 931 بتاريخ 09/07/2008 في الملف رقم 65/08/5، منشور في: المنتقى من عمل القضاء في المنازعات الإدارية،  من إعداد وزارة العدل، منشورات جمعية نشر المعرفة القانونية والقضائية، سنة 2010، ص: 27 و28.
[7]  للتوسع  في قواعد الاختصاص، يراجع :
M. DEUTSCH Eric : les autorités administratives indépendantes en droit constitutionnel français, mémoire dans le cadre du DEA de droit public, soutenu à l’Université de Droit, d’Economie et des Sciences d’AIX-MARSEILLE, année universitaire 1997/1998: p 71 et s.
[8]  صدر بشأنه الظهير الشريف رقم 257.04.1 بتاريخ 07 يناير 2005، جريدة رسمية  عدد 5288 بتاريخ 03 فبراير 2005
[9]  حدد بعض العمل القضائي مناط تطبيق المادة المذكورة بوجود أكثر من جهة مخاطبة بالقرار الذي يتعدى تنفيذه دائرة محكمة واحدة، بشكل يحتمل معه بسط الطعن بالإلغاء أمام أكثر من محكمة إدارية، مما يحتمل معه صدور أحكام متباينة بشأن ذات القرار.
[10]  ذ محمد المنتصر الداودي: القضاء الإداري: مسيرة متطورة، دور الغرفة الإدارية في الحفاظ على مكاسبها، دار أبي رقراق للطباعة والنشر، سنة 2014، طبعة 1، ص: 38 وما بعدها.
- ذ مكسيم أزولاي: تعليق على قرار المجلس الأعلى75 مكرر بتاريخ 19 يونيو 1967، التعليق والقرار منشورين في : قرارات المجلس الأعلى ، الغرفة الإدارية السنوات من 1966 على 1970، منشورات كتابة الدولة في الشؤون الإدارية ، الطبعة 1، سنة 1983، ص:99، 100، 101 و102.
 M. Mohamed AMINE Benabdellah et Michel Rousset : Contentieux administratif marocain, REMALD, collection Manuels et Travaux Universitaires n 103, 2014, p : 190 et s.
[11]  ظهير شريف رقم 212-02-1 بتاريخ 31 غششت 2002 يقضي بإحداث.الهيئة العليا للاتصال السمعي- البصري، جريدة رسمية عدد5035 بتاريخ 02 شتنبر 2002.
[12]   قرار المجلس الدستوري عدد 12/829 بتاريخ 04 فبراير 2012 ( منشور في الجريدة الرسمية عدد6021 بتاريخ 13 فبراير 2012، تحت عدد 6021)  قضى بكون هذه الهيئة مستقلة  من خلال الحيثية التالية: " وحيث إن هذه المؤسسات والهيئات المذكورة في الفصل161 إلى 170 من الدستور، ومع مراعاة الطابع الاستشاري لتلك المذكورة في الفصول 163 و164 و168 و169 و170 من الدستور، تعد مؤسسات وهيئات مستقلة....".
[13]  وجاء في قرار المجلس الدستوري عدد 12/829 المذكور في الهامش السابق التالي:" .... مما يجعلها ( هيئات الحكامة الجيدة والتقنين) لا تخضع لا للسلطة الرئاسية لوزير معين ولا لوصايته.....".
[14]  للتوسع في صناعة الحكم القضائي، يراجع : ذ عبد العزيز فتحاوي: صناعة الحكم المدني، سلسلة الندوات والقاءات والأيام الدراسية والدراسات، العدد 10، المعهد العالي للقضاء بالرباط،، سنة 2010، ص: 13 وما بعدها.
- ذ أحمد حنين: تحرير القرارات القضائية، مقال منشور في: دفاتر المجلس الأعلى (محكمة النقض) عدد 10/2005، اللقاء المشترك بين المجلس الأعلى  والمجلس الأعلى للحسابات أيام 14-20 أبريل 2004، ص:37 وما بعدها.
- René Chapus : droit du contentieux administratif, 10 édition, Montchrestien 2000, p : 655 et S.
[15]  M. Paul SABOURIN : les autorités administratives indépendantes, une nouvelle catégorie A.J.D.A ,1983 , p : 279 et 280.
[16]  يراجع بخصوص  سلطة القرار المخولة للمجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري:  - سعيد اولعربي: قوة الشيء المقرر في القرار التنظيمي للهيئة  العليا للاتصال السمعي البصري، مقال منشور بجريدة هسبريس الالكترونية بتاريخ 30/05/2012، ص: 2، يمكن الاطلاع عليه باستعمال محرك البحث الآلي.
[17]  لايعني هذا الإشراف خضوع الإدارة المستقلة للسلطة الرئاسية ولا لوصاية الحكومة وفق ما انتهى إليه قرار المجلس الدستوري المغربي بتاريخ 04 فيراير 2012.
[18] -M. Jean-Claude ODERZO : les autorités  administratives et la constitution, thèse de doctorat soutenue à l’Université de Droit, d’Economie et des Sciences d’AIX-MARSEILLE en date du  09/12/2000 : p 30 et s
[19]   بموجب  القانون رقم 82-652 بتاريخ  29 يوليوز 1982 أحدثت باسم الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري، قبل أن يغير إسمها.
[20]  قرار 26/07//1984، وردت حيثية منه في مقال :
M. Charles DEBBASCH : le principe constitutionnel de la liberté de la communication audiovisuelle, art publié d’un ouvrage collective intitulé : la commission nationale de la communication et des libertés, sous la direction de M. Charles DEBBASCH, collection science et droit administratif, Economica, presses Universitaires d’Aix –Marseille, 1988 p15.
[21] M. Jean-Claude ODERZO : o p cit p 36.
[22] M. Jean-Claude ODERZO : o p cit p 33.
[23] M. Jean-Claude ODERZO : o p cit p 28 et 29.
[24] M. Jean-Claude ODERZO : o p.cit, P : 65 
[25]  مجلة مؤسسة وسيط المملكة المغربية، العدد 1 أبريل 2014، ص: 107، 108 و109.
[26]  يسجل في هذا المعنى أن القضاء الفرنسي يتشدد في منح إيقاف التنفيذ في مادة الإعلام السمعي البصري في الشقين الشكلي والجوهري على حد سواء، يراجع:
  • M. Jean-Claude ODERZO : o p.cit : p 67 et 68
[27]  M. Jean-Claude ODERZO : o p.cit : p 70.
[28]  يطرح هذا الجانب إشكالا متعلقا بإطلاقية الفصل 118 من دستور 2011، وبالتالي هل سيأخذ القضاء المغربي بالمعيار الوظيفي أو الموضوعي ويخضع كافة القرارات الإدارية للطعن بالإلغاء أم سينحو منحى اتجاهاته السابقة؟ يراجع في هذا المعنى: ذ حسن الرفاعي: وضعية الظهير الشريف أمام القضاء الإداري على ضوء دستور 2011، رسالة لنيل شهادة الماستر في القضاء الإداري، كلية الحقوق بسلا، السنة الجامعية 2011/2012.
[29]  أقام المجلس الدستوري  الفرنسي تلازما بين حق الحكومة في الطعن في تصرفات هيئة التقنين  من جهة أولى  وبين مسؤولية  الحكومة عن نشاط هذه الهيئة أمام المؤسسة البرلمانية من جهة أخرى (قرار م د ف عدد 217-86  بتاريخ 18/09/1986سابق ذكره)، واقترب المجلس الدستوري المغربي من هذا المعنى بقضائه أن التقارير عن أنشطة هيئات التقنين والحكامة الجيدة يناقشها البرلمان في مواجهة الحكومة ودون حضور ممثلين عن هذه الهيئات ( قرار 12-829 بتاريخ 04 فبراير 2012). وفي منحى مغاير، نجد أن ظهير 17 مارس 2011 المؤسس لوسيط المملكة ينص على أن هذا الأخير يقدم تقريرا سنويا للبرلمان.
[30]  للتوسع يراجع :
  • M. Roger CLAUSSE : Les techniques de diffusion  et le public : lignes de force de l’acquis probable, ouvrage accessible par la recherche automatique.
[31]  للوقوف على أبعاد شرطي الصفة والمصلحة في دعوى الإلغاء ومدلوليهما الواسع، يراجع مقال الأستاذة أمينة جبران: شرط المصلحة في دعوى الإلغاء، مجلة الشؤون الإدارية العدد 6، سنة 1986، ص: 60 وما بعدها.
[32]  من ذلك قرار محكمة النقض عدد 907 بتاريخ 21/07/2004، منشور في: شكليات القاضي والترافع من خلال قضاء المجلس الأعلى لسنوات 200-2005، إعداد وتنسيق محمد لفروجي، دلائل عملية عدد 5، مطبعة النجاح الجديدة بالدار البيضاء، سنة 2006، ص: 95 وما بعدها .
[33]  يهيمن مبدأ المشروعية في النظرية العامة للتصرفات الإدارية. وبما أن المبدأ يرادف خضوع الإدارة لحكم القانون المجسد للإرادة العامة، فإن تقيد الإدارات يعد " ضمانة لتجانس وفعالية النشاط الإداري وبعده عن التعسف والتحكم". يراجع:
  • [33] M. Jacqueline MRAND-DEVILLER : Droit administratif : cours, thèmes de réflexions, commentaires d’arrêts avec corrigés, Montchrestien, lexenso, éditions, 12 édition 2011, P :225
[34]  قرار المجلس الدستوري منشور في الجريدة الرسمية عدد 6012 بتاريخ 13 فبراير 2012.
[35]  أكد قرار المجلس الدستوري عدد829/12 بتاريخ  04 فبراير 2102 أن تفعيل المادة 160 من الدستور أن تقارير عن أعمال                                                                                                                                                                  الهيئات المنصوص عليها في الفصول من 161 إلى 170( ومنها الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري) تقدم أمام البرلمان ليناقشها مع الحكومة دون حضور مسئولين عن هذه الهيئات، تراجع الحيثية الثانية من الحيثيات المتعلقة بالمادة 182 من النظام الداخلي لمجس النواب الذي خضع لمراقبة المجلس  الدستوري في الملف الذي صدر فيه القرار 12/829.
[36]  يراجع في  موضوع الحياد السياسي للقاضي مقال للأستاذ طارق البشري بعنوان : عن القضاء والسياسة، منشور في مجلة  بوابة الشروق بتاريخ 20 شتنبر 2013.
[37]  للتوسع في النقاش الفقهي الدائر حول الموضوع، يراجع:
-M. Jean-Claude ODERZO : o p.cit :  p 29 et s.
- M.Jean-Louis Quermonne : l’appareil administratif de l’Etat, édition du Seuil, Février 1991 P : 264.
- M. DEUTSCH ERIC: o p.  Cit  : p 69 et s.
[38]  قرار مؤرخ في 19/09/1986، منشور بموقع المجلس الدستوري الفرنسي.
[39] M. Charles DEBBASCH : art p .cit p 17
[40]  أن هذه الجملة التوضيحية الواردة في قرار المجلس الدستوري الفرنسي تستدعي التوقف عندها لاستخلاص نتيجة مؤداه أن رئيس الحكومة المغربية ما كان عليه أن يوجه أمر للإذاعة والتلفزة، بل كان عليه، مراعاة لتحولات الإعلام السمعي البصري، أن يتوجه إلى المجلس الأعلى السمعي البصري ليتخذ قراراه في الموضوع كجهة مختصة، ويبقى من حق رئيس الحكومة أن يلج ساحة القضاء للدفاع عن المركز القانوني للحكومة إذا رفض  هذا المجلس  التدخل أو إذا اصدر  قرارا  على نحو لا يلبي رغبة الحكومة.
[41]  تم  ترقية هذه المؤسسة إلى درجة مؤسسة دستورية بموجب التعديل الدستوري المؤرخ في 23 يوليوز  2008، كما غير إسمها بتبني تسمية جديدة، وهي " المدافع عن الحقوق"Le défenseur des droits  وحل هذا الأخير محل: الوسيط الجمهوري، المدافع عن الطفولة، الهيئة العليا من أجل المساواة ونبد التمييز واللجنة الوطنية للأخلاقيات والأمن.
[42] M. Bénédicte DELAUNAY : Le Médiateur de la République, presse Universitaire de France, 1 er édition JANVIER 1999,  QUE SAIS JE, p : 37.
يراجع أيضا سعيد اولعربي: مؤسسة الوساطة الإدارية الفرنسية، تجربة الوسيط الجمهوري الفرنسي، دراسة نقدية مقارنة، منشورات المجلة المغربية للغدارة المحلية والتنمية، عدد 34، مواضيع الساعة، أعمال اليوم الدراسي المنظم يوم 25 يناير 2002 بالمدرسة الوطنية للإدارة بعنوان: إحداث مؤسسة ديوان المظالم، نحو منظور جديد لعلاقة الإدارة بالمواطنين، ص :107 وما بعدها
[43] -M. Jean-Claude ODERZO : o p.cit : p 33.
 
[44] M. Jean-Claude ODERZO : o p.cit : p 39 et s.
[45]  يراجع: مقال الأستاذة أمينة جبران حول شرط المصلحة في دعوى الإلغاء، سبق ذكره.
[46] M. Jean-Claude ODERZO : o p.cit : p 465 et s.
 
[47]  خلافا لما ذهب إليه طالبا الإلغاء في نازلة الحال، وانتهى إليه بعض الباحثين، يراجع مقال الأستاذ عبد العالي حامي الدين بعنوان: الهاكا والمجلس الدستوري، جريدة هسبريس الالكترونية بتاريخ 16 أبريل 2014. ص 2.
[48]   يلاحظ أن الحكم تسرب  إليه خطأ مادي في استدلاله بالقانون عند  ذكره الفصلين 3 و4 من القانون 77-03 ، والحال أن المبدأ وقع سنه بالظهير الشريف المتخذ في إطار الفصل 19 من دستور سنة 1996، والظهير منشور في الجريدة الرسمية  عدد 5035 بتاريخ 02/09/2002، وقع تغييره وتتميمه بمقتضى الظهير الشريف رقم 302-03-1 بتاريخ 11 نونبر 2003 ( جريدة رسمية عدد 5160 بتاريخ 13 نونبر 2003)، والظهير الشريف عدد 189-07-1 بتاريخ 30 نونبر 2007 (جريدة رسمية عدد 5584 بتاريخ 6 دجنبر 2007) وكذا الظهير الشريف 73-08-1 بتاريخ 20 أكتوبر 2008 ( ج ر عدد 5679 بتاريخ 03/11/2008).
[49]  يبدو أن عدم الرد كان من منطلق كفاية التعليل خاصة في ظل قيام شكاية من هيئة سياسية تستقيم معها المسطرة الإدارية  ولو على فرض عدم أحقية التدخل التلقائي للمجلس الأعلى لاتصال السمعي البصري.
[50] M. Jean-Claude ODERZO : o p.cit : p 438
[51]  تتعدد هذه الضمانات وتصنف على ضمانات سابقة ومعاصرة للمساءلة التأديبية ولاحقة عليها. للتوسع يراجع مؤلف متخصص في العقوبات التي توقعها السلطات الإدارية المستقلة:
M. Jean-Claude ODERZO : o p.cit : p 438.
ويراجع مؤلف عام  يتحدث عن التأديب بوجه عام، وهو للأستاذ هيثم حليم غانم:  مجلس التأديب ورقابة المحكمة الإدارية العليا عليها، دراسة تطبيقية، دار الفكر الجامعين الإسكندرية سنة 2010، ص:216 وما بعدها
[52]   يقاس حياد هذه الجهة بكونها أولا إدارة مستقلة بمدلول الفصل 159 من الدستوري وبعناصرها النظامية les éléments statutaires  التي هي عناصر دالة وكاشفة على استقلالية مثل هذه السلطة الإدارية المستقلة. للمزيد من التعمق بخصوص هذه العناصر، يراجع:
  • سعيد اولعربي: السلطات الإدارية المستقلة: من أجل مفهوم جديد للسلطة بالمغرب، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في علم السياسة والقانون الدستوري، كلية الحقوق أكدال السنة  الجامعية200-2011 ص: 43 وما بعدها.
[53]  قرار مؤرخ في 22 غشت 2013، منشور في الجريدة الرسمية عدد 6185 بتاريخ 09 شتنبر 2013.
[54]  شاب خطأ مادي في  إيراد مرجع القرار في بيانات حكم المحكمة الإدارية من حيث إيراد رقم 13/98، والحال أنه القرار رقم 213/98 بتاريخ 28 ماي 1998، منشور في الجريدة الرسمية عدد 4598 بتاريخ 25 يونيو 1998.
[55] M. Jacqueline MRAND-DEVILLER : op. cit,   P :225.
[56]  يراجع بخصوص عدم قابلية المشروعية للتجزيء:
  • René Chapus : droit du contentieux administratif, 10 édition, Montchrestien 2000, p : 495 et 496
[57]  نفس القاعدة تبناها المجلس الدستوري الفرنسي في قرار ه عدد 62—18 بتاريخ 16 يناير 1962.
يراجع بخصوص توجه المجلس الدستوري الفرنسي: ذ مدحت أحمد محمد يوسف غنايم: الاتجاهات الحديثة في رقابة دستورية القوانين في الأنظمة اللاتينية ، المركز القومي للإصدارات القانونية، القاهرة، سنة 2014، طبعة 1 ص : 68 وما بعدها.
[58]  للتوسع في شروط هذه القوة، يراجع:
  • ذ عبد الرزاق السنهوري: النظرية العامة للالتزامات في القانون المدني المصرين دار إحياء التراث العربي ببيروت ( تاريخ غير واردة في المؤلف) ص: 736 وما يليها.
  • ذ جمال الطاهري: حجية الأمر المقضي به في المادة المدنية، دراسة تأصيلية مقارنة مركزة في القانونين المغربي للدفع بسبقية الفصل ونطاق تطبيقه، دار الآفاق المغربية للنشر والتوزيع، سنة 2011 ص: 71 وما يليها.
[59]  صدر عن محكمة النقض المغربية وعن محاكم الموضوع تفسر مدلول " قوة الشيء المقضي به"، يراجع في هذا الإطار مؤلف الأستاذ محمد بفقير: قانون الالتزامات والعقود والعمل القضائي المغربي، منشورات دراسات قضائية، مطبعة النجاح الجديدة ، الدار البيضاء، سنة 2010، طبعة 1، ص: 278  وما بعدها.
[60]  للوقوف على جملة من الاجتهادات الصادرة في هذا الشأن، يراجع:
  • M. Marc Guilaume : l’autorité des décisions du conseil constitutionnel : vers de nouveaux équilibres ?, Nouveau Cahiers du conseil constitutionnel N 30 (dossier : autorité des décisions), - janvier 2011 p : 5.
[61]  قرار  مؤرخ في 10 أكتوبر 2001، ورد الإشارة إليه في:
  • M. Marc Guilaume : art p.cit p :5.
يراجع أيضا بخصوص حجية قرارات المجلس الدستوري:
- طارق المجذوب: أي اثر لقرارات المجلس الدستوري أمام القضاء الإداري،( قرار مجلس القضايا رقم 672 تاريخ 12/07/2010، نموذجا)، مقال يمكن الحصول عليه عن طريق محرك البحث الآلي.
M. Michel TABET : Jurisprudence constitutionnelle et jurisprudence administrative,) art accessible via la recherche automatique (, p : 8 et s.
[62] M. Jacqueline MORAND-DEVILLER : op cit, p : 225 et 226. 
[63]  يجد هذا المبدأ مسوغه في الفصل 6 من الدستور المغربي.
[64]  René Chapus : droit administratif général, tome 1 o p.cit, p33.
- M. Jacqueline MRAND-DEVILLER : op cit, p : 227. 
- M. Michel TABET : art .p. cit p : 13 et 14.
 
[65] CE , 10 juillet 1954) Jacqueline MRAND-DEVILLER : op cit, p : 227)
[66]  قرار تحت عدد 14.942 بتاريخ 21 يوليوز 2014 ، منشور بالجريدة الرسمية عدد6278 بتاريخ 31 يوليوز 2014.

وقد جاء فيه التالي:" في شأن المادة 121

حيث إن هذه المادة تنص على أن لرؤساء الفرق الحق عند بداية كل جلسة إحاطة المجلس علما بقضية طارئة في مدة لا تتجاوز ثلاث دقائق، مع وجوب إخبار رئيس المجلس بهذا الطلب برسالة، ساعة على الأقل قبل افتتاح الجلسة؛
وحيث إنه، سبق للمجلس الدستوري – في نطاق أحكام الدستور الراهن - أن قضى، بموجب قراره رقم 13-924 الصادر بتاريخ 22 أغسطس 2013، بعدم دستورية المادة 104 من النظام الداخلي لمجلس النواب المماثلة في مضمونها للمادة 121 من النظام الداخلي لمجلس المستشارين المذكورة؛
وحيث إن قرارات المجلس الدستوري، الذي يستمر في ممارسة صلاحياته إلى حين تنصيب المحكمة الدستورية، لا تقبل أي طريق من طرق الطعن وتلزم كل السلطات العامة وجميع الجهات الإدارية والقضائية، طبقا للفقرة الأخيرة من الفصل 134 من الدستور؛
وحيث إنه، مع اعتبار ما سبق، وعلى سبيل التذكير بمضمون قرار المجلس الدستوري آنف الذكر، فإن الجلسة الأسبوعية المخصصة بالأسبقية، بموجب الفصل 100 من الدستور، لأسئلة أعضاء مجلسي البرلمان وأجوبة الحكومة، باعتبارها أداة لمراقبة عمل هذه الأخيرة والتي يتولى مكتب المجلس المعني تحديد جدول أعمالها مسبقا طبقا للفصل 82 من الدستور، يجب أن ترصد أساسا وقبل أي شيء آخر لأسئلة أعضاء مجلسي البرلمان وأجوبة الحكومة؛
وحيث إن أعضاء البرلمان، الذين يستمدون نيابتهم من الأمة بموجب الفصل 60 من الدستور، متساوون في ممارسة الحقوق التي يخولها لهم الدستور؛
وحيث إن التوازن بين السلطتين التشريعية والتنفيذية يعد، بمقتضى الفقرة الثانية من الفصل الأول من الدستور، من المبادئ الجوهرية التي يقوم عليها النظام الدستوري للمملكة؛
وحيث إنه، بناء على ذلك، فإن ما تتضمنه هذه المادة من منح الأسبقية الزمنية للتحدث في موضوع عام طارئ في كل جلسة، وحصر تناول الكلام فيها على رؤساء الفرق دون سائر المستشارين، وعدم إخبار الحكومة والاتفاق معها مسبقا على هذا الأمر، يخل بالمبادئ الدستورية سالفة الذكر، مما يجعل هذه المادة بدورها غير مطابقة للدستور.
[67]  صرح المجلس الدستوري بقراره 924/13 بتاريخ 22 غشت ،2013 بصدد فحص المادة 104 من القانون الداخلي لمجلس النواب بالتالي: " وحيث إن التوازن بين السلطتين التشريعية والتنفيذية يعد، بمقتضى الفصل الأول من الدستور ، من المباديء الجوهرية التي يقوم عليها النظام الدستوري للمملكة؛
وحيث إنه بناء على ذلك، فإن ما تضمنته هذه المادة من منح الأسبقية للتحدث في موضوع طارئ، في جلسة مخصصة دستوريا لأسئلة النواب وأجوبة الحكومة وفق الضوابط المحددة لذلك في الفصل 100 من الدستور، وحصر تناول الكلام فيها على رؤساء الفرق النيابية أو من يينتدبونهم دون سائر النواب، وعدم إخبار الحكومة والاتفاق معها مسبقا على هذا الأمر، يخل بالمبادئ  الدستورية سالفة الذكر، مما يجعل هذه المادة غير مطابقة للدستور"
[68]   وفي مضمار ذلك ينبغي التمييز بين أمرين : الأول مفاده التوازن بين الجهاز التشريعي والتنفيذي في أعمال الرقابة والتعاون، وهو شأن يهم الجهازين ولادخل فيه للمتدخلين في الاتصال السمعي البصري سواء تحقق التوازن أو اختل، والأمر الثاني يهم البث التلفزي حيث مقتضى الواجب القانوني يفرض الالتزام بمبدأ التعددية.
[69] M. Charles DEBBASCH : art p .cit p : 16 et 17. M.Micheal Balandier : La notion de pluralisme dans la jurisprudence du conseil constitutionnel, Mémoire soutenu en 1997 pour l’obtention du D.E.A de droit public. Le document est disponible sur le site internet de l’auteur. (Conseil et Formation), rubrique Travaux divers
[70]  تراجع الفقرة 1 من ديباجة  القانون 03-77 التي أكدت على المبادرة الحرة في  مادة الإعلام السمعي البصري، وكذا الفقرة 9 من ذات الديباجة التي أكدت على توفير الإمكانيات للتعدد والتنوع عبر إحداث واستغلال شبكات الاتصال السمعي البصري لفائدة فاعلين جدد خواص في إطار منظم  وشفاف يساير الانفتاح الذي يعرفه المجتمع المغربي.
[71] M. Charles DEBBASCH : art p .cit p .16
[72]   يراجع: ذ عبد العزيز النويضي: شرح القوانين الجديدة للحريات العامة بالمغرب، دار الأمان سنة 2004، ص: 5 وما يليها.
    مؤلفه كذلك: الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري، دراسة في النشأة والمهام، دار الأمان الرباط سنة 2004.
[73] M.M Anthony Madella et Alain Boyer : la réglementation des programmes, art publié d’un ouvrage collective intitulé : la commission nationale de la communication et des libertés, sous la direction de M. Charles DEBBASCH, collection science et droit administratif, Economica, presses Universitaires d’Aix –Marseille, 1988 p15.
 
[74] M.Micheal Balandier : o p cit.
[75] Décision n 86-217  datée du 18/09/1986.
[76] Décision n 86-217 datée du 18/09/1986.
[77]   ربط الظهير المحدث للهيأة العليا للاتصال السمعي البصري، الحق في إعلام بالمرفق العام للإذاعة والتلفزة .
[78]  سبق أن أثير النقاش حول الحياد السياسي للمرفق العمومي السمعي البصري في سؤال كتابي وجهه برلماني فرنسي لوزير الثقافة والاتصال بخصوص انحياز هذا المرفق لتوجه سياسي  داع إلى التصويت بنعم في استفتاء نظم سنة 2005، يراجع السؤال  والجواب عنه على التوالي في:
  • Journal officiel Sénat du 10/02/2005, p : 347
  •  Journal officiel Sénat du 10/02/2005, p : 1550
[79] M.M. Didier Linotte et Raphael Romi : Droit du service public, lexis,  Nexis,  Litec, année 2007, PM 57 et s.
- René Chapus : droit administratif général, tome  15 édition, Montchrestien 2001, p : 609 et s.
- Bernard Stirn : les sources constitutionnelles du droit administratif, introduction au droit public, 7 édition 2011, LGDJ , LEXTENSO 2DITIONS 20011 ? P / 196 ET S.
[80] Décision n 86-217 du 19 septembre 1986(attendu 15).
[81]  لقد سبق لكاتب هذه السطور أن نبه، بمناسبة الضجة السياسية والإعلامية التي رافقت إقرار دفتر تحملات الإعلام السمعي البصري العمومي، أن أكد على أهمية الاحتكام إلى القضاء ليتأتى لهذا الأخير ، لما له من استقلالية، الحسم في النقاش بعيدا عن السجال السياسي، تراجع مقالتنا بعنوان: مساهمة في مناقشة دفاتر تحملات في مجال الإعلام السمعي البصري، منشور في الجريدة الالكترونية هسبريس بتاريخ 27 أبريل 2012.
[82]   في إطار النقاش الذي تلى صدور قرار المجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري عدد 04-14 بتاريخ 31 مارس 2014، نادى البعض بفتح نقاش حول ضرورة تعديل نصوص مادة الاتصال السمعي البصري من أجل ملائمتها مع السياق الدستوري والسياسي الجديد، انظر مقال ذ عبد العالي حامي الدين: الهاكا والمجلس الدستوري، مقال سبق ذكره ص:2.
[83]  يوجد المشروع حاليا  في طور المسطرة التشريعية. wx



الاثنين 22 سبتمبر 2014

تعليق جديد
Twitter