MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers





رد رابطة قضاة المغرب على مقال برلمانيون يخشون أن تضع استقلالية النيابة العامة "الملكية وجها لوجه مع الشارع"

     



رد رابطة قضاة المغرب على مقال برلمانيون يخشون أن تضع استقلالية النيابة العامة "الملكية وجها لوجه مع الشارع"
المملكة المغربية 
رابطة قضاة المغرب
لجنة الإعلام و التواصل
 
ردا عن المقال الصادر بجريدة أخبار اليوم عدد 1569 بتاريخ الجمعة 17 ربيع الأول 1436 م 9/1/20015 تحت عنوان:

برلمانيون يخشون أن تضع استقلالية النيابة العامة
"الملكية وجها لوجه مع الشارع"


تناقش حاليا أمام البرلمان القوانين التنظيمية المتعلقة بالسلطة القضائية, بعدما خلص الميثاق الوطني لإصلاح منظومة العدالة على أن الإصلاح الشامل للعدالة بكل مكوناتها, لا يمكن أن يتم إلا بتنزيل هذه القوانين وصياغتها في شكل يخدم الاستقلال التام للسلطة القضائية عن أية جهة, ونأيها عن المزايدات السياسية والتوجهات الحزبية, وتحررها من كل وصاية أو رقابة تخلق إحساسا لدى القضاء بقصر يده في تحقيق العدالة, أو تشعر المتقاضي بضياع حقه بمجرد مثوله أمام قاض تقيده تعليمات إدارية أو تحرجه مواقف تكنوقراطية أو بين يديه قانونا متجاوزا أضحى لا يخدم العدالة الاجتماعية في شيء.

ورغم أن هذا الميثاق كان بمثابة عصارة فكرية لكل الأطياف, وإرادة حثيثة للنسيج المجتمعي ونتيجة حتمية للتجربة القضائية الضاربة في عمق التاريخ المغربي, إلا أن بعض الفاعلين الآن حنّوا لماض لازلنا نتجرع مرارة ضريعة أطعمناه مجبرين, وقد سمعنا مؤخرا ازدواجية في الخطاب والتأسف وعظا لأنأمل من الغيض عن مطالب حقوقية قدمت سابقا فتحققت, لكن إرادة بعضهم انتكست الآن وحنّت لديمقراطية نرجسية, أنا أتحكّم إذا أنا موجود,ولا استقلال للقضاء مادمت على قيد الوجود, فاختبأوا وراء تبريرات واهية, يفهم قصدها البسيط في بساطته, ويتأسف على بخسها العاقل بعقله, حينما قالوا أن "استقلال النيابة العامة سيضع الملكية وجها لوجه مع الشارع", اسمحوا لي أن أقول لكم ما يخالجني وما يخاذلكم :

- لو كانت الملكية ستوضع وجها لوجه مع الشارع لوضعت منذ ستين سنة سابقة, وذلك كلما صدر حكم باسم جلالة الملك ولم يرق الشارع, لأن الأحكام هي التي تصدر باسم الملك وليست متابعات النيابة العامة, التي تبقى مجرد مطالبة من الحق العام -الذي هو الشارع نفسه- لتطبيق القانون في حق كل خارج عن مقتضياته, أضف أن القضاء هو مهمة من مهام الإمارة, والقضاة يمارسون هذه الوظيفة بتوكيل من أمير المؤمنين, والنيابة العامة هي شطر من القضاء؛

-إن جلالة الملك هو الذي نزل تواضعا عند شعبه إلى الشارع واختار ملاقاتهم في كل مكان عمومي ومصافحتهم وتفقد أحوالهم, جاعلا بذلك عرشه على سيارته سيرا على نهج أجداده المنعمين, فما زاد هذا القرار الحكيم لجلالته إلا حبا من شعبه وتشبتا بأهداب عرشه وبيعة أبدية متجددة؛

- إن بقاء النيابة العامة تحث ظل وزير العدل فيه إفراغ للدستور من مضامينه, التي اعتبرت أن السلطة القضائية مستقلة عن السلطة التشريعية وعن السلطة التنفيذية.والملك هو الضامن لاستقلال السلطة القضائية, م 107 ,بل على العكس من هذا فإن بقاء النيابة العامة تابعة للسلطة التنفيذية, يجعل القضاة يلتجؤون لجلالة الملك بصفته الضامن استقلال القضاء؛

- إن المزايدة بإقحام المؤسسة الملكية في الدفاع عن مصالح ضيقة شخصية كانت أو حزبية, لا يمكن اعتباره بحال دفاعا عن مصلحة الأمة التي وضعت ثقتها في ممثليها, في إطار حكم بالمغرب نظامه الملكية الدستورية الديمقراطية البرلمانية والاجتماعية, أي أن كل هذه المكونات مترابطة مع بعضها البعض ولا نتصور إحداها دون الأخرى كسلسلة دائرية حلقاتها مترابطة؛

- إن ما يروّج له الآن من تبعية النيابة العامة للسلطة التنفيذية, سيجعل النيابة العامة تلبس كل أربع سنوات لونا حزبيا وتضع على رأسها شعارا سياسويا, فمرة مصباحا وأخرى وردة ثم سنبلة, وهكذا دواليك حتى تصبح كسلة مهملات أو علبة عجائب سحرية, يمكن أن تجد بها كل ضروب الأذواق و النكهات, ولكن لن تجد بها أدوات المساواة والتجرد والحياد؛

-إن القول بأن "السياسة الجنائية من عمل الحكومة, فلابد من بقاء النيابة العامة تابعة لها", قول مردود لأنه ما كانت العدالة يوما مرتبطة بالسياسة ولا تابعة لممارساتها, بل العدالة مرجعها التطبيق السليم للنصوص القانونية لا التوجهات الحكومية, أضف أن السياسة الجنائية هي استراتيجية وقائية ترصد مسبقا لمكافحة الإجرام قبل وقوعه, أما بعد وقوع الجريمة فالكلمة الفصل للقضاء لا للسياسة الجنائية

- إن الميثاق الوطني الذي خلص إلى فصل النيابة عن وزير العدل, كان ثمرة لإرادة شعب بكل مكوناته, بما فيها الأحزاب السياسية التي نادت باستقلال النيابة العامة عن وزير العدل, وقدمت مذكرات لأعضاء المنظومة في هذا الباب, أذكر منها على سبيل المثال لا الحصر مداخلة السيد إدريس لشكر الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي, في ندوة وطنية نظمها قطاع المحامين الاتحاديين حول "استقلال السلطة القضائية دعامة لإصلاح منظومة العدالة" ،بالمقر المركزي للحزب بالرباط،قال فيها:

بالرغم من المبادئ الدستورية الضامنة لاستقلال السلطة القضائية،فإن الممارسة والتطبيق يشهدان عل تدخل صارخ في الأعمال ذات الصبغة القضائية، تمارسه وزارة العدل والحريات، المتمسكة برئاسة النيابة العامة هذا التمسك القائم بالواقع وليس القانون

- أخيرا وليس آخرا إن النيابة العامة ليست تابعة لوزير العدل بمقتضى القانون, بل له طبقا للمادة 51 من قانون المسطرة الجنائية, أن يبلغ للوكلاء العامين للملك مضامين السياسة الجنائية ومخالفات القانون الجنائي التي تصل لعلمه, وإذا أراد أن يصدر أمرا بالمتابعة فيجب أن يكون مكتوبا وغير مخالف للقانون, كما ينص على ذلك الفصل 110 من الدستور؛

كانت هذه مجرد شذرات قانونية المراد منها إلقاء الضوء على هذا الموضوع, الذي قيل فيه الكثير ولم يذكر فيه ما له كل التأثير على السير العادي والصحيح لهذه المؤسسة العتيدة في جسم السلطة القضائية.
 

المقال موضوع الرد

رد رابطة قضاة المغرب على مقال برلمانيون يخشون أن تضع استقلالية النيابة العامة "الملكية وجها لوجه مع الشارع"



الاربعاء 14 يناير 2015

تعليق جديد
Twitter