MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers



ذة/ سليمة فرجي تكتب: مدى احترام مشروع قانون المسطرة المدنية لتراتبية القوانين، ومطابقته للدستور

     



ذة/ سليمة فرجي تكتب: مدى احترام مشروع  قانون المسطرة المدنية لتراتبية القوانين، ومطابقته للدستور

بغض النظر عن مناقشة وقراءة  جميع النصوص قراءة متأنية وكون المشروع لم ينتصر  لمجانية  التقاضي بل فرض قيودا  مالية  ترهق عاتق من قرر اللجوء اليه إضافة إلى الغرامات  في حالة الحكم بنتيجة سلبية والتي تحول دون ممارسة الحق الأساسي في التقاضي المضمون دستوريا ودوليا ، وانه  ينتابه بعض الغموض الذي سيخلق وضعا مربكا  اثناء التفسير والتأويل  ، فانه قد اخل بمبدأ دستوري يتمثل في حق جميع المواطنين في التقاضي ، ناهيك عن خرق مبدأ التقاضي على درجتين, 

بالرجوع  الى الفصل 118 من دستور المملكة نجده يضمن للمواطنين حق  التقاضي للدفاع عن حقوقهم ومصالحهم التي يحميها القانون ، بل يضمن حق الطعن امام الهيئات القضائية المختصة ، كما ان ازدواجية درجات التقاضي طبقا لمبدأ  التقاضي على درجتين  يكفل استتباب الامن القانوني ، لان الاستئناف الذي ينشر الدعوى من جديد يجعل الحقوق محصنة مما  قد يشوب حكم المحكمة الادنى درجة من عيوب اما بسبب فهم خاطئ و فساد التعليل وسوء التقدير او بسبب  عدم الادلاء بأدلة ووسائل اثبات لا يتم الادلاء بها الا على درجة الاستئناف

لذلك يعتبر مبدأ التقاضي عل درجتين أحد أهم مبادئ القضاء، بحكم انه يكفل  للجميع  حق عرض  النزاع   أمام أكثر من محكمة للبت  فيها،  ويتيح لاطراف النزاع  الذين  لم يتمكنوا من الحصول على حقوقهم  ،عرض نفس النزاع أمام محكمة أعلى درجة وهيئة قضائية مختلفة لتتأكد  ان كان حكم المحكمة الادنى درجة قد طبق القانون تطبيقا سليما فتفصل فيه من جديد, إما بإقرار الحكم الأول وتأييده، او التصدي بالغائه ، لذلك يعتبر الاستئناف اجراء وآلية تحول دون الوقوع في الخطأ، طبعا مع ملاحظة مراقبة محكمة النقض التي تقدم طلبات النقض امامها و المعتبرة محكمة قانون وليس درجة من درجات التقاضي 

 ما ورد في مشروع قانون المسطرة المدنية من عدم امكانية الطعن بالاستئناف في القضايا التي لا يتجاوز المبلغ بشأنها 40000درهم إذ تختص المحاكم الابتدائية بالنظر ابتدائيا وانتهائيا في حدود المبلغ المذكور مع حفظ حق الاستئناف فقط في الطلبات التي تتجاوز هذا المبلغ ليعتبر في قمة الاجحاف بروح  العدالة ويتناقض مع المقتضيات الدستورية التي ضمنت لجميع المتقاضين حق التقاضي بعيدا عن حرمان من لم يتجاوز طلبه هذا المبلغ من حقه في الانصاف وعرض قضيته على محكمة الدرجة الثانية  ، الاكثر من ذلك فان الحرمان من حق الطعن بالاستئناف قد يكرس اجتهاذا تقضي به المحكمة الادنى درجة, بل احيانا ينشد المتقاضي الانصاف وعرض القضية على محكمتين مختلفتين  بغض النظر عن قيمة الطلب ليسود الاطمئنان وقدسية العدالة والامن القانوني 

كما ان ما ورد في المشروع من عدم امكانية الطعن بالنقض اذا لم لم يتجاوز المبلغ موضوع الطلب مائة الف درهم  اقل ما يمكن ان يقال عنه هو خرق مبدأ دستوري متمثل في ضمان حق المواطنين في التقاضي دون تمييز بين من يتعامل بمبالغ تفوق عشرات الملايين او اي مبلغ قد ينتج عن معاملات انصرفت نية  الاطراف الى التقاضي بشأنها  ،تماشيا مع روح الانصاف ورفع الحيف  ، ولن يتأتى  ذلك الا بسلوك جميع طرق الطعن المنصوص عليها قانونا ، بما في ذلك الطعن بالنقض ، 

لذلك اذا كان استقلال القضاء كخيار دستوري واقعي يجعل منه اكثر قربا وإنصاتا واكثر نجاعة  وفعالية ، واكثر عدلا وانصافا فلماذا الانتقاص من الضمانات بشأنه وتقييد المتقاضين بمبالغ مالية موضوع طلباتهم من اجل سلوك مساطر الطعن ؟ علما ان حرمان مواطن بسيط في مدينة نائية من حقه في النقض اذا لم يتجاوز مبلغ طلبه مائة الف درهم لا يمكن مقارنته بكبريات الشركات المتواجدة في المركز والتي قد يبدو لها مبلغ مائة الف درهم مبلغا زهيدا 

الشيء الذي يكرس التمييز بالنسبة للمتقاضين وضرب حقهم في طلب الانصاف بعرض قضاياهم على محكمتين مختلفتين في خرق بين لمقتضيات الدستور الذي يضمن للجميع حق التقاضي 

اليس  الهدف اذن هو ارساء الممارسات الفضلى وتقليص هوامش الخطأ والتقصير ؟ 
ومن يضمن ذلك اذا تم التقليص او الحرمان من حق سلوك طرق الطعن؟

الاكثر من ذلك الا يعتبر فرض الغرامة على من ثبت في حقه انه يتقاضى بسوء نية حرمانا للمتقاضين من ممارسة حقهم في التقاضي المنصوص عليه دستوريا ، بل هل من المستساغ ان يلجأ اي كان الى القضاء اذا لم يكن موقنا انه صاحب حق ؟ وانه سيؤدي الرسوم والمصاريف وحرب الاعصاب تبعا لعقد عزمه على التقاضي ؟

للإشارة فان بعض مشاريع القوانين المهمة جديرة بان تخضع لدراسة  الاثر التشريعي والتي تعتبر دراسة مسبقة للتشريع الجديد  ، تسمح بوضع تقويم مرتقب لنتائجه  ، ودراسة لايجابيات وسلبيات التشريع الجديد كما انها تتيح وضع تبريرات منطقية لاستصدار القانون الجديد وأثره على الاشخاص او الهيئات المعنية به ، علما ان المادة 19 من القانون التنظيمي رقم 13-065 المتعلق بتنظيم وتسيير اشغال الحكومة والوضع القانوني لاعضائها تضع على عاتق رئيس الحكومة بموجب قرار إرفاق مشاريع القوانين الرامية الى سن او  تشريع جديد او مراجعة تشريع قائم بدراسة حول اثارها ، لتقييم جدوى الاصلاحات  المرتقبة واحترام تراتبية القواعد القانونية وسهولة فهم النص القانوني وجودته ومتطلبات الأمن القانوني .



الثلاثاء 16 أبريل 2024

تعليق جديد
Twitter