MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers





حول القانون الجديد للتوثيق

     



اختلفت آراء المهتمين والمتتبعين بخصوص القانون الجديد لمهنة التوثيق، فبينما يتحدث البعض عن إيجابياته، وأهميته في صون سمعة المهنة أولا، وحقوق المواطن ثانيا، يرى آخرون أنه تضمن نصوصا «مجحفة» تسيء إلى مهنة التوثيق أكثر مما تخدمها.

ومرد غضب المهنيين أن الدولة تحتكر تغيير جميع القوانين المتعلقة بمهنتهم، مع إقصائهم من إبداء ملاحظاتهم وانتقاداتهم لبعض مضامينها، شأنهم شأن منتمين إلى مهن أخرى مثل المحامين والعدول وكتاب الضبط. ويرى ممثلون لمهنيي التوثيق أن الاحتجاج حق مشروع، ما دام الأمر يتعلق بقانون قد يرهن مستقبلهم المهني لسنوات وربما لعقود.

وفيما يندد عدد من الموثقين بالقانون الجديد، ويعتبرونه تضمن «نصوصا مجحفة»، يرى آخرون أنه يتضمن وجوها أخرى إيجابية، ومنها اعتباره بمثابة «الضابط» يعمل في إطار حر، يمارس القضاء الاختياري الوقائي التعاقدي، مفوض من طرف الدولة لتلقي العقود التي يستلزم القانون أو تريد الأطراف أن تضفي عليها الصبغة الرسمية التي تتمتع بها أحكام السلطة العمومية، وإعطائها تاريخا ثابتا والاحتفاظ بأصولها، وتسليم النظائر التنفيذية والنسخ الرسمية والعادية منها.

أحمد، موظف عمومي، يؤكد أن القانون الجديد لمهنة التوثيق العصري جاء في وقته، وذلك لصون هذه المهنة التي تطورت في الآونة الأخيرة بشكل كبير، وعرفت ازدهارا كبيرا، وثانيا لحماية المواطن، وضمان حقوقه الأساسية، بعيدا عن أي شبهة أو ريبة.

من جهته، يؤكد خالد، وهو أستاذ باحث، أن حفظ حقوق المواطنين في مجالات عدة يعتبر أرقى تعبير عن الديمقراطية، ولأجل ذلك اعتمدت الدولة الموثقين المحلفين اعتبارا للتكوين الأكاديمي والتعليم العالي الذي يمنحهم القدرة على ممارسة هذه المهنة من أجل ضمان حقوق الأشخاص والمؤسسات، خاصة في مجال التعاقد. ويرى أن بعض الموثقين المحلفين (وليسوا كلهم طبعا) انزلقوا في مستنقع السمسرة والنصب، وضرب مصالح البسطاء بعرض الحائط، سعيا وراء تحقيق الربح المادي، إذ يتضح ذلك جليا من خلال العلاقات المشبوهة مع بعض المنعشين العقاريين وبعض المسؤولين بالبنوك والضرائب وغيرهم من منعدمي الضمير المهني.

ويعتقد عبد الله، وهو إطار في القطاع الخاص، أن مهنة التوثيق في المغرب أصبحت تشكل جمرة حارقة، والداخل إليها كما لو كان في حقل ألغام، موضحا أن المهنة أصبحت اليوم، أكثر من أي وقت مضى، في أمس الحاجة إلى قانون ينظمها ويكفل للمواطن حقوقه، وبالتالي أمواله، التي أصبحت مستباحة من طرف بعض منعدمي الضمير. ووجه عبد الله «تحية حارة» إلى السلطات القضائية التي «لا تتردد في الضرب بحزم على أيدي الموثقين الذين يثبت أنهم تلاعبوا بودائع الزبائن، أو استغلوها في أغراض ذاتية لمراكمة ثروات طائلة».

عزيزة، باحثة في القانون الخاصة، أبت إلا أن تستهل حديثها بتقديم تعريف المهنة، التي وصفتها بالنبيلة، وقالت إنها تسعى إلى حفظ حقوق الأشخاص المتعاقدين، قبل أن تستطرد وتؤكد أن مهنة التوثيق يجب أن تعنى باهتمام ومراقبة شديدة من طرف الوزارة الوصية حتى تقطع الطريق على كل من سولت له نفسه التلاعب بمصالح الناس والاحتيال عليهم من أجل استنزاف أرزاقهم.

وتؤكد الباحثة أن هناك من يتعمد أسلوب المماطلة في تصفية الملفات وتحرير العقود متعذرا بأعذار واهية الهدف من وراءها الاستفادة من المبالغ المالية التي تضعها البنوك رهن إشارتهم إلى حين إنهاء الإجراءات المتعلقة بملف ما، وهو ما يستدعي طرح السؤال حول من يحمي حقوق المواطن من جشع بعض الموثقين، إذا لم يكن هناك قانون جديد، يضمن كافة الحقوق ويوازن بينها.

يشار إلى أن الانزلاقات والاختلالات التي تقع في مهنة التوثيق ناتجة، حسب بعض المهنيين، ناتجة عن فراغ تشريعي، لأن الموثق غالبا ما لا يعرف حدود تدخله وعمله، فيتخذ إجراء أو يباشر مسطرة ما، ويعتبر ذلك عين الصواب، وعندما تحال القضية على النيابة العامة، يتولد لديها تأويل آخر مختلف لما فكر فيه الموثق.

لكن بعض الموثقين يرون أن إصدار قانون جديد للتوثيق في المغرب لا علاقة له بما يحدث من انزلاقات حاليا، لأن القانون المعمول به يرجع إلى بداية العشرينات، وأن الاختلالات المسجلة في الآونة الأخيرة ناتجة عن فراغ تشريعي.

ويوضحون أن الدولة منذ التسعينات بدأت تفكر في تغيير القانون الحالي لمهنة التوثيق، وإيجاد بديل له يكون أكثر استجابة للظرفية الراهنة وتطلعات المهنيين، خصوصا أن المغرب ما زال يعتمد قانونا صدر في العشرينات، أي في عهد الحماية الفرنسية، والغريب أن هذا القانون يتحدث، في بعض بنوده، عن الموثقين من جنسية فرنسية، وهو الأمر الذي جعل وزارة العدل مهتمة بتغيير هذا القانون



 حول القانون الجديد للتوثيق

عن جريدة الصباح




الاثنين 26 ديسمبر 2011

تعليق جديد
Twitter