MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers



حكم و تعليق، مدى إنصاف القضاء الإداري للمعطلين الموقعين على ( محــضــــر 20 يـــوليـــوز ) بقلم الدكتور إدريس فجر

     



بقلم : إدريس فــجــر
قاضـــــــي بمحكــمة النــــقــــض
دكتور في الحقــوق




حكم و تعليق، مدى إنصاف القضاء الإداري للمعطلين الموقعين على ( محــضــــر 20 يـــوليـــوز ) بقلم الدكتور إدريس فجر
أولا : الـــحــكـــم
 
((المحكمة الإدارية بالرباط ، قسم قضاء الإلغاء، حكم بتاريخ 23ماي 2013 بالملف رقم : 568/5/2012 ، قضية سناء ي ضد الدولة المغربية في شخص رئيس الحكومة ومن معها ... ، منشور بعدة مواقع الكترونية منها :موقع العلوم القانونية
MarocDroit
))

الـــــوقـــائــــــع
بناء على المقالين الافتتاحي والإصلاحي للدعوى المسجلين لدى كتابة ضبط هذه المحكمة بتاريخ 31-12-2012 و 11-3-2013 المقدمين من طرف المدعية بواسطة نائبها والمؤدى عنهما الرسوم القضائية والذي تعرض فيهما أنها حاصلة على دبلوم الماستر ،وبتاريخ 8-4-2011 صدر مرسوم بالجريدة الرسمية تحت عدد 5933 يأذن للإدارات العمومية والجماعات المحلية لأن توظف مباشرة بناء على الشهادات ...المترشحين الحاصلين على الشهادات العليا المطلوبة في الأطر والدرجات ذات الترتيب الاستدلالي المطابق لسلم الأجور رقم 11،وأنها مسجلة بلوائح التوظيف التي تضم حاملي الشهادات العليا"مجموعة الإنسانية" ،لكنها فوجئت بإقصاء مجموعتها عن التوظيف المذكور في خرق للقانون ومبادئ المساواة والحق في الشغل،ولاستمرارية المرفق العمومي وللاتفاق المعتبر عقد التوظيف موضوع محضر 20 يوليوز 2011 الممهور بتوقيعين يجسدان مظاهر السلطة العامة وبختم الوزير الأول ووزارة تحديث القطاعات العامة ،وعدم تطبيق ما جاء بمحضر التوقيعات والمرسوم رقم 2.11.100 الصادر بتاريخ 8-4-2011 ،والتمست الحكم بتسوية وضعيتها الفردية المالية بإدماجها في سلك الوظيفة العمومية وفقا لالتزام الحكومة بالتوظيف المباشر لمحضر 20 يوليوز 2011 ،وأرفقت الطلب بصورة من المرسوم ومحضر التوقيعات،ونسخة مؤشر عليها من اللائحة المنضوية في لوائها.
وبناء على المذكرات الجوابية الأصلية والإضافية والتعقيبية المقدمة من طرف السيد الوكيل القضائي للمملكة والمودعة بكتابة ضبط هذه المحكمة على التوالي بتاريخ 5-3-2013 و 3-4-2013 و 9-5-2013 والتي يلتمس فيها عدم قبول الدعوى لرفعها خارج الأجل القانوني ،ولكونها جاءت وفق غير المسلك المقرر قانونا ،لعدم جواز توجيه أوامر للإدارة ورفضه موضوعا لكون المحضر المحتج به في الحقيقة هو عدة محاضر تشوبه عدة عيوب قانونية،وغير موقع من طرف رئيس الحكومة،وغير مجسد في قرار إداري ،فضلا عن أن التوظيف يتعارض مع مقتضيات قانونية أولى بالتطبيق لسموها في درجة التراتبية التشريعية نسخت المقتضيات التنظيمية المرتكز عليها بمقتضى القانون رقم 50.05 المتعلق بتغيير وتتميم الظهير الصادر في 24-2-1958 بمثابة النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية صريحة تتعلق بمسطرة المبارة والمساواة وتكافؤ الفرص والاستحقاق المنصوص عليها في الفصل 22 منه
وبناء على عرض القضية بجلسة 9-5-2013 حضر خلالها نائبا الطرفان وأكدا ما سبق ،فاعتبرت المحكمة القضية جاهزة،وأعطيت الكلمة للسيد المفوض الملكي الذي أكد مستنتجاته الكتابية الرامية للاستجابة للطلب فتقرر وضع القضية في المداولة قصد النطق بالحكم الآتي بعده.
التــــــعــــــــليــــــــــل
وبعد المداولة طبقا للقانون
من حيث الشكل :
أولا :حول الدفع برفع الدعوى خارج الأجل القانوني .
وحيث استقر اجتهاد الغرفة الإدارية بمحكمة النقض أن مناط التمييز بين دعوى قضاء الإلغاء ودعوى القضاء الشامل في مجال الوضعية الفردية للموظفين والعاملين في المرافق العامة هو مصدر الحق المطالب به،وعليه فإذا كان هذا الحق يجد سنده في القانون مباشرة بحيث يقتصر دور الإدارة على تطبيق القانون على حالة من يعنيه الأمر كإجراء تنفيذي فقط فإن المنازعة في هذه الحالة تصنف ضمن القضاء الشامل كما في نازلة الحال ،ودون أن يكون صاحب الشأن مقيدا بأي أجل قصد اللجوء إلى القضاء ،أما إذا كان الحق المدعى به مستمدا من قرار إداري فإنه لا يمكن تجاوز أجل الطعن بالإلغاء كما هو محدد قانونا.
وحيث إن طلب تسوية الوضعية الفردية موضوع النازلة ليس من شأنه التعرض لقرارات متحصنة،ومن جهة ثانية، ،فإن المرجعية التي يعتمدها المدعي في طلبه هي مرجعية قانونية تجد سندها في المادة الأولى من المرسوم رقم 2.11.100 الصادر بتاريخ 8-4- 2011 المنفذ بمقتضى محضر 20 يوليوز 2011 الأمر الذي يبقى معه الدفع المثار غير قائم على أساس.
ثانيا:حول الدفع بعدم قبول دعوى التسوية لعدم انطباقها على وضعية الطاعن لعدم صدور قرار إداري بالتوظيف
وحيث جاء في قرار لمحكمة النقض صادر بتاريخ 17 أكتوبر 1996" إن مصطلح "الوضعية الفردية" كما ورد في الفصل الثامن من القانون رقم 90/41 بإحداث محاكم إدارية يشمل جميع الحالات التي تعتري الموظف وهو يعمل مع الإدارة سواء فيما يرجع لترقيته أو تأديبه أو حصوله على أجوره و مستحقاته.
القاضي الإداري و هو يناقش هذه الوضعية يقتصر على مراقبة مدى احترام الإدارة للمشروعية ومدى تقيدها بالقوانين و الأنظمة المعمول بها وهو بذلك لا يوجه أوامر للإدارة و لا يحل محلها و لا يعتبر نفسه رئيسا تسلسليا لها"
وحيث إن مدلول الوضعية الفردية كما استقر على ذلك قضاء الغرفة الإدارية بمحكمة النقض جاء على إطلاقه دون تقييد أو حصر ،وأنه يشمل جميع الحالات والأوضاع التي تعتري الموظف وهو يعمل في خدمة الإدارة سواء فيها يتعلق بتسميته في وظيفة معينة أو ترقيته أو تأديبه أو حصوله على أجوره ومستحقاته إلى غير ذلك من الدعاوى التي يمكن أن يقيمها ضد الإدارة من أجل تسوية هاته الوضعية مما ينعكس إيجابا أو سلبا على وضعيته الإدارية أو المادية حسب الأحوال.
وحيث إن طلب تسوية الوضعية يدخل ضمنه مختلف الأوضاع القانونية المؤثرة على تسمية الموظف في الوظيفة من قبيل خطأ الإدارة في عدم التعيين أو الولوج رغم استيفاء الشروط النظامية أو تجاوز المسطرة القانونية في ذلك قبولا أو رفضا بدون وجه حق،والقول بخلاف ذلك،بكون المشرع يخاطب الموظف المعين فيه إهدار للحماية القضائية ،وتحصينا لقرار غير مشروع ،وفيه أيضا تجاوز للقانون الأساسي للوظيفة العمومية الذي نظم وضعيات الموظفين إلى جانب وضعيات الولوج للوظيفة،رغم أن الموظف لم يكتسب في هذه الأحوال بعد صفة الموظف ،لذلك فإن مدلول الموظف ينصرف إلى الموظف بحسب الطبيعة أو المآل"الموظف المحتمل الخاضع لمسطرة الولوج".
وحيث من حق الطاعن أن يقاضي الإدارة في نطاق الوضعية الفردية في إطار دعوى القضاء الشامل و لا يكون ملزما بسلوك دعوى الإلغاء
وحيث بذلك يكون الطعن قد استوفى شروط قبوله من الناحية الشكلية مما يتعين معه التصريح بقبوله شكلا
 
من حيث الموضوع:
حيث يهدف الطلب إلى الحكم بتسوية وضعية الطاعنة الفردية المالية بإدماجها في سلك الوظيفة العمومية وفقا لالتزام الحكومة بالتوظيف المباشر لمحضر 20 يوليوز 2011.
حيث دفعت الجهة المدعى عليها بكون التوظيف يتعارض مع مقتضيات قانونية ناسخة للمرسوم المستند إليه صريحة تتعلق بالمساواة في الولوج للوظيفة،والاستحقاق وتكافؤ الفرص فضلا عن أن المحضر المحتج به تشوبه عدة عيوب قانونية.
أولا:حقيقة النسخ المتمسك به
حيث نص المرسوم الوزاري 2ــ11ـ 100 الصادر في 8 أبريل 2011 بأنه " بصفة استثنائية وانتقالية إلى غاية 31 دجنبر2011 يؤذن للإدارات العمومية والجماعات المحلية أن توظف مباشرة بناء على الشهادات،وخلافا للمقتضيات التنظيمية الجاري بها العمل، المترشحين الحاصلين على الشهادات العليا المطلوبة، في الأطر والدرجات ذات الترتيب الاستدلالي المطابق لسلم الأجور رقم 11".
وحيث لا تلغى أو تنسخ القوانين إلا بقوانين لاحقة،وذلك إذا نصت هذه صراحة على الإلغاء ،أو كان القانون الجديد متعارضا مع قانون سابق أو منظما لكل الموضوع الذي ينظمه طبقا للفصل 474 من قانون الالتزامات والعقود .
وحيث إن من شروط تحقق النسخ احترام قاعدة الرجعية المكرسة دستوريا وصونها وذلك بأن لا تكون الأوضاع الناشئة في ظل القانون القديم قد استوفت شروطها القانونية ،وعرفت طريقها إلى التنفيذ من خلال مرسوم الإدماج.
وحيث إن المرسوم رقم 2.11.100 الصادر بتاريخ 8-4- 2011 الذي يخول للحكومة اعتماد الإدماج المباشر في التوظيف بدل المبارة صادر قبل صدور القانون رقم 50.05 المتعلق بتغيير وتتميم الظهير الصادر في 24-2-1958 بمثابة النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية ،والمنشور بالجريدة الرسمية عدد 5944 الصادرة بتاريخ 15 جمادى الآخرة 1432 (19 ماي 2011) وقبل دخول مرسومه التطبيقي رقم 2.11.621 المتعلق بتنظيم المباريات الصادر بتاريخ 27 دجنبر 2011، والداخل حيز التنفيذ ابتداء من فاتح يناير 2012،مما لا مجال معه للحديث عن النسخ وما تعلق به من تعارض التوظيف مع مبادئ المساواة وتكافؤ الفرص والاستحقاق ،لأن قاعدة عدم الرجعية تحصن الأوضاع القانونية والّإدارية الناشئة والمنفذة في ظل القانون القديم،لصيرورتها حقوقا مكتسبة لا يقبل المس بها أو التراجع عنها،وتسمو وتتقدم على غيرها من القواعد الدستورية لتعلقه بالنظام العام المطلق،لاتصاله بحسن سير العدالة والإدارة في نفس الوقت،كما أن نظام التوظيف المباشر نفسه لم يقم تمييزا بين المواطنين ولم يخل بقاعدة المساواة أو الاستحقاق طالما أنه مفتوح لجميع حملة الشهادات العلمية المطلوبة المتماثلة مراكزهم القانونية الذين اختاروا الاستفادة منه،ولم يقص فئة على حساب أخرى،وتملك الإدارة في جميع الأحوال الرقابة على تطبيق المحضر وآليات تفعيله على مجموع المواطنين ،وتوخى المشرع منه تحقيق عدالة اجتماعية تعزز انخراط الطاقات الشابة والحية في النسيج الاقتصادي والتنموي ،وتضمن تقليص الفوارق الاجتماعية بين مختلف فئات المجتمع،لتحقيق السلم الاجتماعي ،لأن أكبر تحد يواحهه القانون في العالم المعاصر اليوم هو التحدي الاجتماعي .
وحيث إنه فضلا عن ذلك فحتى الفصل 22 من القانون الأساسي للوظيفة العمومية الذي يؤكد على أن التوظيف يكون عن المباراة ،فإنه ترك إمكانيات أخرى. خارجها ، كانت الحكومة، حين التوقيع على المحضر، على علم بمقتضياتها، لذلك حافظت على الاستثناء الذي جاء به المرسوم السالف الذكر،ولم تلغيه كليا.
ثانيا:حول الطبيعة القانونية للمحضر وحجيته القانونية
وحيث إن نص المحضر التنفيذي للمرسوم السالف الذكر على أنه"تتمة للمبادرة التي اتخذتها حكومة صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده،فيما يتعلق بتدبير ملف حاملي الشواهد العليا الباحثين عن العمل والحاصلين على شواهد :الدكتوراه –دبلوم الدراسات العليا المعمقة-دبلوم الدراسات العليا المتخصصة –الماستر –الماستر المتخصص-مهندسي الدولة –برسم سنة 2010 وما قبلها ،والتي همت إدماج 4304 إطارا بمختلف أسلاك الوظيفة العمومية والمؤسسات العمومية وشبه العمومية كدفعة أولى ،وذلك تنفيذا للمرسوم الوزاري رقم 2.11.100 الصادر في هذا الصدد،والذي يخول للحكومة اعتماد الإدماج المباشر بدل المبارة .
سيتم في نفس الإطار إدماج أطر المجموعات المتبقية التي قدمت لوائحها ،وتم حصرها والتأشير عليها من طرف المصالح الوزارية المكلفة بتدبير هذا الملف.
يشرع في عملية الأجرأة بعد تحيين اللوائح بتنسيق بين اللجنة المشرفة على عملية تدبير الملف وممثلي المجموعات ،وذلك ابتداء من فاتح نونبر 2011 لتقديمها للمصالح الحكومية قصد برمجة المناصب المالية المخصصة بهذه العملية للقانون المالي لسنة 2012".
وحيث إن المحضر التنفيذي للمرسوم الناص على إدماج المعطلين مشار في طليعته لمؤسسة الوزير الأول ومؤشر عليه بطابعه وموقع عليه من طرف عامل ملحق بولاية جهة الرباط سلا زمور زعير وممثل الوزارة المنتدبة لدى الوزير الأول المكلفة بتحديث القطاعات العامة الممثلين للقطاعات الحكومة ،يعد عمل إداري قانوني - يندرج ضمن العرف الإداري الذي درجت الإدارة على إتيانه (الفصل 474 من قانون الالتزامات والعقود )،ويكتسي شكل عقد إداري بالإدماج الوظيفي المباشر -كما جاء في تصديره بفتح المجال لمشاركة الخواص في إبرام اتفاقيات في إطار مهامها التنظيمية والدستورية،لأن تسيير الشأن العام لم يعد مجالا محتكرا للإدارة ،بل إن الحكامة الجيدة للمرفق العمومي تقتضي ضمان المشاركة والتعددية والانفتاح الايجابي على القطاعات الحية .
وحيث إن المحضر المذكور يكتسي قيمة قانونية لكونه تم التوقيع عليه إبان سريان المرسوم الوزاري الاستثنائي لأبريل 2011 القاضي بالإدماج المباشر لحاملي الشهادات العليا المعطلة وداخل أجله، وقبل دخول المرسوم التطبيقي رقم 2.11.621 المتعلق بتنظيم المباريات الصادر بتاريخ 27 دجنبر 2011 المنفذ للقانون رقم 50.05 المتعلق بتغيير وتتميم الظهير الصادر في 24-2-1958 بمثابة النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية ،لذلك فالمحضر هو نتاج المرسوم السالف الذكر ومن متعلقاته وآثاره القانونية.
وحيث يعتبر حق الإدماج حقا مكتسبا للمعنيين به لا يجوز المساس به ،وهو شيء مسلم به ولا تنازع الإدارة في وجوده ،لتعبير الحكومة في أكثر من مناسبة وعلى لسان وزرائها بمن فيهم رئيس الحكومة في أكثر من وسيلة إعلامية عادية أو إلكترونية عن صحة ومشروعية ونفاذ الالتزام بالتوظيف المعلن بمبادرة ملكية سامية ، والمعتبر من وجهة نظرها -قبل التراجع عنه بشكل غير قانوني -"تحصيل حاصل وأمر غني عن النقاش، حري بالتفعيل".
وحيث إن من مسلمات النظرية العامة للتصرفات القانونية والتي أقرتها محكمة النقض عدم جواز الدفع ببطلان عمل قانوني من طرف من كان طرفا فيه ،حتى لا يستفيد من خطئه إن كان هناك خطأ ،لصيرورته دفعا يهم الغير الذي له وحده المصلحة في إثارته.
وحيث إن نعي الإدارة على المحضر بإضافة توقيع بعض المجموعات التي لم توقع عليه ،دون أن تستطيع إثبات ذلك بمقبول من خلال الإدلاء بالمحضر الأصلي المحتفظ به لديها ،لاسيما وأن طبيعة التفاوض الإداري تقتضي انضمام مجموعات أخرى تمثل حملة الشهادات العليا كلما نجحت المساعي الودية بينها وبين الإدارة،مما يكون معه هذا الدفع غير مؤسس ,
وحيث إنه لا يعقل إقامة تمييز في الحق في الشغل بين الدفعة الأولى للأطر العليا المعطلة التي استفادت من الإدماج المباشر والدفعة الثانية التي عطل فيها المحضر بدون وجه حق عن إنتاج آثاره القانونية بالمخالفة للقانون ومبادئ المساواة ،والأسس الأخلاقية والسياسية الوطنية والدينية لتسيير الشأن العام،والتي تفترض تقوية دعائم دولة المؤسسات ورد الاعتبار لالتزامات الدولة واستمراريتها ،وبت روح الثقة في الميثاق الوطني الذي يعتبر القانون جوهره وكيانه الأساسي.
 
ثالثا:حول طلب تسوية الوضعية الإدارية والمالية
وحيث إن الدولة القانونية هي التي تتقيد في ممارستها لسلطاتها- أياً كانت وظائفها أو غاياتها- بقواعد قانونية تعلو عليها، وتكون بذاتها ضابطاً لأعمالها وتصرفاتها في أشكالها المختلفة، وتردها على أعقابها إن هي جاوزتها، فلا تتحلل منها، ذلك أن سلطاتها هذه- وأياً كان القائمون عليها- لا تعتبر امتيازاً شخصياً لمن يتولونها، ولا هي من صنعهم، بل أسستها الإرادة الشعبية المشكلة لمجموع المواطنين على امتداد الوطن، وضبطتها بقواعد آمرة لا يجوز النزول عنها. ومن ثم تكون هذه القواعد قيداً على كل أعمالها وتصرفاتها، فلا تأتيها إلا في الحدود التي رسمها الدستور، وبما يرعى مصالح مجتمعها،لذلك لا يمكنها أن تتصرف إلا في حدود أحكام القانون، ما دامت هذه الأحكام قائمة ولم تلغ أو تعدل وفقاً للشكليات وللإجراءات المحددة بالنصوص القانونية،لكون الدولة عندما تضع قواعد ملزمة للأفراد لا بد أن تلتزم هي بها في نفس الوقت، وإلا كنا إزاء فرض في غاية الغرابة: وجود قواعد قانونية في النظام القانوني ملزمة وغير ملزمة في نفس الوقت، لكون القانون ليس في ذاته غاية، وإنما هو وسيلة لتحقيق غاية، وهي ضمان المشروعية القانونية لسير المؤسسات وتحقيق أهداف المجتمع، وبغير ذلك تحل الفوضى وتتعرض ماهية دولة المؤسسات للانهيار.
وحيث إن رفض الإدارة في شخص رئيس الحكومة تنفيذ المرسوم الوزاري ، باعتباره التزام دولة بالتوظيف،لا نقاش حول دستوريته،بالشكل المتعرض له آنفا ،موضوع المحضر المتعلق بإدماج الطاعن -المنتمي إلى المجموعة الموقعة عليه- المباشر في التوظيف منذ فاتح نونبر 2011،وعدم برمجة المناصب المالية المخصصة بهذه العملية للقانون المالي لسنة 2012 يشكل إخلالا منها بالتزام قانوني ،قطعته على نفسها "تشريعا وتنفيذا"بملء إرادتها الذاتية،ومخالفة لقواعد الحكامة الجيدة لسير واستمرارية المرفق العمومي التي تقتضي إعلاء منطق احترام القانون،والالتزام بالتعهدات من طرف الحاكمين أيا كانت مراكزهم وشخوصهم قبل المحكومين لتشكل النموذج الأعلى المحتذى به في التمسك بالشرعية.
وحيث إن الهدف الرئيسي من إخضاع الدولة للقانون وللرقابة القضائية هو تأمين الحماية لحقوق وحريات الأفراد ضد تعسف السلطات العامة، وخصوصاً السلطة التنفيذية، ولذلك فإنه يُفترض في دولة القانون ضمان حقوق وحريات الأفراد.
وحيث إن أغلب الدساتير الحديثة للدول تنص على كفالة هذه الحقوق والحريات وبالتدخل الايجابي لكفالتها وتنميتها ،ومنها الحق الدستوري في الشغل وتقلد الوظائف العمومية-المعتبر جزءا أصيلا من الكرامة الإنسانية،وتفعيلا لمبادئ المواطنة الحقة -الذي نصت عليه المواثيق الدولية (البند الأول من المادة 21 ، المادة 23 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان،المادة 25 (ج )من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية والمادة 6 من العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية،وإعلانات المنظمة الدولية للشغل،ومقررات المنظمة العربية للشغل ).
وحيث يعتبر الحق في العمل ضمن حقوق الإنسان وفي مقدمتها، سواء في الشريعة الإسلامية أو الشرعة الدولية لحقوق الإنسان،باعتباره من الجيل الأول لحقوق الإنسان والأرضية الصلبة لممارسة باقي الحقوق ،حيث لا يمكن إغفال أهمية العمل في حياة كل إنسان، فالعمل هو العنصر المجدد لوجود الإنسان، وتحقيق ذاته وشخصيته وممارسة حياته وإشباع احتياجاته، وهو مصدر الكرامة الشخصية والاستقرار الاجتماعي، كما أن العمل له نفس الأهمية في قيام الحضارة الإنسانية والمحافظة عليها بل وتقدمها، وأحد الشروط اللازمة للتنمية ومواجهة الفقر، والاستقرار والأمن والسلام في العالم، وقد ارتبط العمل بالعدالة الاجتماعية باعتباره وسيلة للإنتاج وللتوزيع في ذات الوقت، فالعمل هو مصدر الثروة وإنتاجها،وبه يمكن توزيع عوائد الثروة وقياس عدالة توزيعها،"إذا أردت السلام.. فازرع عدلا"هكذا حفرت تلك الكلمات على حجر أساس بناء منظمة العمل الدولية، باعتبار أن العدل الاجتماعي ليس منحة، ولا هبة، ولكنه شرط لازم لاستقرار السلم الاجتماعي،وقد حرص دستور المنظمة الدولية على تأكيد هذا المعنى، فجاء فيه:"لا سبيل إلى إقامة سلام عالمي ودائم إلا على أساس من العدالة الاجتماعية".
وحيث إن من المقرر أن كل قاعدة قانونية لا تحترم، إنما تفقد مقوماتها باعتبارها كذلك، فلا يستقيم بنيانها، وكان عدم تطبيقها في شأن المشمولين بحكمها،. لا يلتئم ومفهوم الدولة القانونية التي لا يتصور وجودها ولا مشروعية مباشرتها لسلطاتها، بعيدا عن خضوعها للقانون وسموه عليها باعتباره قيدا على كل تصرفاتها ،والتي تتطلب من القاضي الإداري أن يحافظ على احترام الشرعية وسيادة القانون باعتباره ضمير المجتمع وآماله ،وأن يصون الحريات و الحقوق وعلى رأسها الحق في الشغل أو الحق قي تقلد الوظائف العمومية في أحكامه واجتهاداته،لأنه لا يعقل أن تسجل في سجلات الإدارة فبالأحرى سجلات المحكمة وتذكر أنه في يوما عطلت المحكمة أو تنكرت لطلب تنفيذ التزام قانوني مشروع للدولة بالإدماج المباشر في التوظيف وتسوية الوضعية صدر في مجلس وزاري برآسة الملك الحكم بين السلطات،ونفذ بمحضر رسمي موقع عليه كما جاء في طليعته بتوجيهات ومبادرة من جلالته والحكومة،ويشمل إدماج فئات وأطر عريضة فاعلة وكفأة في النسيج الاجتماعي والوطني للدولة. .
وحيث إن عدم انضباط الإدارة لمقتضيات القانون الناص على التوظيف المباشر ،وللقواعد الدستورية الوطنية والدولية المتصلة بالحق في الشغل يحتم الحكم عليها باتخاذ إجراءات التسوية العاجلة والفورية للوضعية الإدارية والمالية للمدعي وفقا للمرسوم الوزاري رقم 2.11.100 الصادر بتاريخ 8-4- 2011 موضوع محضر 20 يوليوز 2011.
وحيث إن خاسر الدعوى يتحمل صائرها.
                                                   ...
و تطبيقا للفصول 110و 117 و 118 من الدستور ، ومقتضيات القانون رقم 90-41 المحدثة بموجبه محاكم إدارية،ومقتضيات قانون المسطرة المدنية،والمرسوم الوزاري رقم 2.11.100 الصادر بتاريخ 8-4- 2011 ،والقانون رقم 50.05 المتعلق بتغيير وتتميم الظهير الصادر في 24-2-1958 بمثابة النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية،والمرسوم التطبيقي رقم 2.11.621 المتعلق بتنظيم المباريات الصادر بتاريخ 27 دجنبر 2011،والاتفاقيات الدولية ذات الصلة بالموضوع.
 
لــهــذه الأســـبــاب
حكمت المحكمة الإدارية علنيا ابتدائيا وحضوريا :
في الشكل :بقبول الطلب
وفي الموضوع:بالحكم على الدولة في شخص رئيس الحكومة باتخاذ إجراءات تسوية الوضعية الإدارية والمالية للمدعية،وذلك بإدماجها في سلك الوظيفة العمومية،مع ما يترتب عن ذلك من آثار قانونية وفقا للمرسوم الوزاري رقم 2.11.100 الصادر بتاريخ 8-4- 2011 وتنفيذا لمحضر 20 يوليوز 2011،مع الصائر.
 

ثانيا : الـتعــــليـــق    
 
1 – فـــي مــعــنـــى الحــكـــم  :                    
 
تتلخص وقائع النازلة  في كون المدعية(( سناء ....)) كانت مرشحة للتوظيف المباشر بحسب ما تتوفر  عليه من  شهادات عليا المطلوبة في الأطر وذالك  بناء على ما جاء في محضر 20 يوليوز 2011 الممهور بتوقيع ممثل عن الإدارة يجسد مظاهر السلطة العامة و أنجز المحضر المذكور في عهد الوزير الأول السابق السيد عباس الفاسي، وبعد دستور 1/7/2011 ولما تم تشكيل حكومة ائتلافية برئاسة السيد عبد الإله بنكيران رفضت هذه الحكومة تنفيذ المحضر المذكور، ورفعت على اثر ذلك المدعية سناء دعوى تطلب فيها تسوية وضعيتها الفردية المالية بإدماجها في سلك الوظيفة العمومية ، و أجابت على ذلك الدولة بواسطة الوكيل القضائي للمملكة بأن الدعوى رفعت خارج الأجل ، ولا يجوز للقضاء توجيه أوامر إلى الإدارة  و المحضر المحتج به( 20 يوليوز) تشوبه عدة عيوب ولم يوقعه رئيس الحكومة فضلا عن تعارض طلب التوظيف المباشر مع مسطرة المباراة و المساواة وتكافؤ الفرص و الاستحقاق المنصوص عليها في الفصل 22 ، و بعد الانتهاء من إجراءات المسطرة القضائية ارتأت المحكمة الإدارية بالرباط أن تستجيب لطلب المدعية بموجب حكمها الصادر في 13 ماي 2013 و هو الحكم موضوع التعليق و الذي حرر في حوالي 10 صفحات مما يدل على الجهد الكبير الذي بذلته المحكمة في دراسة هذا الملف و بغية الإحاطة بجميع عناصر الموضوع الواقعية و القانونية وهو ما تطلب منها أجلا معقولا لم يتعدى 5 أشهر لإصدار حكم من هذا الحجم والأهمية ، وهو الحكم الذي  لم يحرك مياه راكدة فحسب بل أحدث نوعا من " تسونامي" التعليقات الصحفية و السياسية و كان موضوع برامج تلفزيونية كما جاء الحكم على لسان أكثر من وزير وداخل وخارج البرلمان واهتم بالحكم كذلك حتى المواطنون العاديون  ففي استطلاع للرأي أجرته إحدى الجرائد تبين أن 1562 من المواطنين المستجوبين عبروا عن رأيهم لصالح الحكم وطالبوا الحكومة بتنفيذه فورا بينما عبر حوالي 200 من المواطنين المستجوبين عن حق الدولة في استئناف الحكم و انتظار قرار محكمة  الاستئناف ، في حين أن 16 مواطنا لم يكن لهم رأي في المسألة .

وبالتالي فالقضية ليست عادية لأن المدعية - ومن هو في وضعها - باحتجاجها على الحكومة" بمحضر 20 يوليوز" الشهير كأنها تتمسك بالمبدأ المعروف في قانون الالتزامات و العقود "العقد شريعة المتعاقدين" (الفصل 230 من قانون الالتزامات والعقود) ، وهو ما ردت عليه الحكومة الائتلافية برئاسة السيد عبد الإله بنكيران بما معناه أنه " إذا كان المبدأ الشرعي في مدونة علال الفاسي للأحوال الشخصية ينص على أن:(( الخطبة وعد بالزواج وليست بزواج، فان" محضر 20 يوليوز " يظل وعدا بالتوظيف  وليس بتوظيف)) لأنه هناك مستجدات جديدة دستورية و أخرى سياسية طرأت منذ 1 يوليوز 2011تخول لها حق إعادة النظر فيما سبق أن التزمت به حكومة عباس شفويا أو كتابيا،إن كان هناك التزام حقا و فعلا ، ولكن حكومة السيد بنكيران خلال مناقشات علنية بجلسة برلمانية  أقرت بأنه إذا صدر ضدها حكم حول هذه القضية ستنفذه بعد أن يصبح نهائيا بطبيعة الحال ، فصدر حكم سناء يوسير في 23/5/2013.
 
 2 – فـــي قــيمــة الحــكـــم  :
 
هو حكم تضمن نمطين مختلفين من التعليل :1- تعليل عادي أو مألوف قضاء وفقها مستمد من القواعد المسطرية الشكلية و القواعد القانونية الموضوعية ، وخاصة الفصل 50 من قانون المسطرة المدنية ، 2- وتعليل غير عادي أو غير مألوف يرتكز على قواعد مستمدة من : الاتفاقيات الدولية ،ومبادئ حقوق الانسان  ،  والدستور، ومبادئ الحكامة الجيدة...الخ.

والملاحظ أنه في تاريخ القضاء المغربي- وحتى في القضاء المقارن -  كلما شعر القاضي بأنه بين يديه ملف ملتهب كالجمر  أو غير عادي بحكم طبيعة الوقائع المعروضة عليه و أن القاعدة التشريعية لا تسعفه ، كلما لجأ هذا القاضي  إلى تعليل غير عادي أو غير مألوف يستمد جذوره من: الشريعة الإسلامية ، أو المعايير الدولية، أو الدستور، أو خطاب ملكي سامي لتبرير موقفه وحكمه في هذا الاتجاه أو ذاك  تحسبا منه وترقبا لسؤال ما قد يطرحه عليه في أية لحظة الفقه أو غير الفقه عقب إصداره لهذه النوعية من الأحكام التي تشغل بال الرأي العام والطبقة السياسية وبالتالي فهو يفعل ذالك من أجل إقناع الأطراف المعنية أو المهتمة بعدالة أو سلامة حكمه من الناحيتين القانونية والقضائية  ،  و الأمثلة على ذلك كثيرة منها: في قضية  بنسودة والتي أثيرت فيها مسألة عدم قابلية الظهائر الملكية للطعن فيها إداريا(المجلس الأعلى  قرار رقم 93 باتاريخ 18/6/1960) ،وكذالك  قضية منع الحزب الشيوعي المغربي بقرار لمحكمة الاستئناف بالرباط بتاريخ 10 فبراير 1960 بناء على خطاب ملكي لتعارض تأسيس هذا الحزب مع النظام العام المغربي، وكذا تصريح القضاء الاجتماعي ببطلان شرط العزوبة في قضية المضيفة الجوية بطيسطا هيليلنا  لمخالفته للنظام العام و  مبادئ الشرع الإسلامي وإن كان لا الأجيرة ولا المشغل شركة الخطوط الجوية الملكية المغربية لا علاقة لهما بالدين الإسلامي والمستدل بفقهه في النازلة (المحكمة الابتدائية بالدر البيضاء ، حكم إجتماعي  عدد 155في 19/2/1979)  ، وهناك أيضا قضية الاعتداء المادي التي أسس لها لأول مرة القاضي ألاستعجالي بالمحكمة الإدارية الدار البيضاء( محكمة السيال سابقا ) سنة 1994 والتي اعتمد فيها هذا القاضي على خطاب ملكي مشهور ومرتبط بملف حقوق الإنسان بالمغرب آنذاك - (خطاب 8ماي 1990) نهى فيه الملك الراحل الحسن الثاني رحمه الله عن تجاوزات الإدارة لحقوق المواطن -  لكي يعلن هذا القاضي الإداري عن اختصاصه بالبت في الاعتداء المادي ، وكذالك في قضية العربي السعدي ((حكم المحكمة الإدارية بالرباط بتاريخ 13ماي 2005)) الذي طالب بتوظيفه في سلك الشرطة بناء على توصية من سمو الأمير و أمام تلكؤ الإدارة المعنية لجأ إلى القضاء الإداري (المجلة المغربية للإدارة المحلية و التنمية عدد48و49،ص.139) ...، والأمثلة على ذالك كثيرة وطنيا ودوليا ، وفي نفس السياق نلاحظ اهتمام بعض الفقه برصد المرجعية الإسلامية في أحكام القضاء الإداري (الأستاذ محمد الأعرج ،المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية عدد 47 ص.29) ، ولهذا كان من الطبيعي أن تلجأ المحكمة الإدارية بالرباط بدورها  إلى هذا التعليل غير العادي أو غير المألوف للحكم في الاتجاه الذي فصلت فيه

وفي الواقع لا يختلف القضاء المغربي عن غيره من القضاء الأجنبي الذي كلما شعر بجسامة المسؤولية أو الحرج وهو يستعد للبت في قضية غير عادية، كلما انبرى  هذا القضاء إلى الدفاع عن موقفه و تعليل حكمه تحت مسمى : حقوق الإنسان والحرية الفردية أو الشخصية  ومبادئ اللائكية أو العلمانية والحداثة ومبادئ الجمهورية الخامسة  والدستور (مثلا : قرار نقض فرنسي إجتماعي رقم 536بتاريخ19مارس2013،ملف رقم 11/28/845 ، قضية الأجيرة فاطمة ... ضد دار حضانة أطفال، جمعية بايبي لوب)  

ولكن ما يهمنا في هذه الدراسة هو الجانب المتعلق بالتعليل العادي المستمد أساسا من مقتضيات الفصل 50 من قانون المسطرة المدنية في الحكم موضوع التعليق الذي ناقش مباشرة مسألة قبول الدعوى من الناحية الشكلية ثم تطرق بعد ذلك إلى مناقشة الموضوع مما يعني أن المحكمة قضت ضمنيا باختصاصها النوعي وبأن " القرار أو العمل الإداري " المطعون فيه موجود و إن كانت المدعى عليها الدولة المغربية ومن معها تعيب على القرار الإداري الذي تدعيه المدعية و المتجسد في المحضر الموقع بتاريخ 20/7/2011 بأنه غير قانوني وشابته عدة عيوب قانونية ، و المهم من كل ذلك أن المحكمة الإدارية حاولت أن تجتهد- فكان لها أجر الاجتهاد - على الأقٌل وذالك من أجل  أن توفق بين صرامة القانون من جهة، وتفهم القاضي للوضعية الإنسانية  للمدعية المتضررة من تراجع الحكومة عن وعدها من جهة أخرى، حتى يكون الحكم الصادر عنها  متحليا بصفة العدل والإنصاف،فأعطت من خلال هذا الحكم  بارقة أمل لمجموعة من حملة الشواهد الجامعية العليا ... فضمنت بذالك أجــــر الاجـــتــهـــاد ، أما أجــــر الصواب في الحكم فلربما سيحدده قضاة المحكمة الأعلى درجة لما يمسكون بيدهم ميزان القانون والقضاء الذي لا يجب أن يخطئ ولا أن يظل الطريق .

3 – فـــي مدى  الحــكــم  :

 سوف لن تبقى هذه القضية"قضية سناء يوسير " رهينة الحكم الصادر عن محكمة الدرجة الأولى الإدارية بالرباط  بما له وما عليه ،  بل سيطلب من  قضاة المحكمة  الأعلى درجة البت بقرار  نهائي في عدة نقط قانونية كانت محور هذا الحكم أدلى بها على بساط النقاش الطرفان المتنازعان ،ويمكن تلخيصها بإيجاز فيما يلي و  من خلال طرح الأسئلة التالية :1- هل المدعية سناء يوسير موظفة أم لا وهل يمكن تطبيق قانون الوظيفة العمومية عليها و تمتيعها بصفة موظفة تجاوزا مادام أنها مرشحة فقط للانتماء لهذا السلك من الوظيفة؟، 2- وهل من حقها أن تستفيد من مقتضيات المادة 8 من ظهير 10 شتنبر 1993 المحدث للمحاكم الإدارية و المتعلقة بتسوية الوضعية الإدارية الفردية للموظفين(قارن مع : المجلس الأعلى ، قرار إداري رقم 199بتاريخ15/6/1979)؟ 3- هل دعوى القضاء الشامل تخضع لأجل محدد لكي يتم  قبولها كما هو عليه الحال في دعوى الإلغاء  أم لا، وهو أجل قبول دعوى الإلغاء المنصوص عليه في المادة 23من ظهير 10شتنير 1993 المذكور ، ونظرا للغموض الشديد الذي يلف  هذه المادة فسرها الحكم موضوع التعليق بان دعوى المدعية هي دعوى قضاء شامل لا تخضع لأجل محدد لكي يتم  قبولها واستدل على ذالك بالقرار الصادر عن المجلس الأعلى –محكمة النقض حاليا – بتاريخ 17/10/1996(قضية وزارة التربية الوطنية ضد عبد الحق كارم قرار رقم 734) والمذكور في تعليل الحكم ، لكن  نفس المؤسسة أي المجلس الأعلى- أو محكمة النقض حاليا-  أصدر عدة قرارات متواترة ذهبت إلى عكس ذالك و أكدت على ضرورة احترام الطاعن لأجل قبول دعوى الإلغاء  ((  قرار رقم117في 30/1/1997، وقرار رقم 185في 15/3/2006، وقرار رقم32 في 25/1/2006،وقرار رقم 33في 25/1/2006، وقرار رقم264في 8/4/2010، قرار رقم955في 22/12/2011، وعكس هذه القرارات يراجع القرار الأخير : القرار رقم 42 في 19/1/2012، والفقه الفرنسي : أندري دولوبادير، وجان كلود فينيزيا ، و إيف كودمي "القانون الإداري ،1992 ،ص.425" يسير في نفس اتجاه القضاء المغربي، ويرى أن المجال الطبيعي لهذا النوع من الطعون" القضاء الشامل " هو العقود الإدارية و المسؤولية الإدارية )) ؟ 4- هل يجوز للقاضي الإداري  توجيه أمر إلى الإدارة من أجل تسوية وضعية إدارية فردية ما للطاعن أم لا، وهل ما قضت به المحكمة من وجوب إدماج المعنية بالأمر في سلك الوظيفة العمومية يندرج ضمن الأوامر الموجهة من القضاء إلى الإدارة أم لا، ولقد أشار الحكم  إلى ذالك في تعليله ؟ 5- هل ما جاء في جواب الدولة مرتكز على أساس من كون  طلب المدعية بالتوظيف المباشر يتعارض مع مقتضيات تشريعية صريحة و ما هي، وهو ما دفعت به الدولة في جوابها ؟ 6 – درجت أغلب المحاكم الإدارية منذ تأسيسها سنة 1994 على" اجتهاد أو ممارسة قضائية " وهي  تطبيق القانون الخاص كقانون الالتزامات والعقود أي القانون المدني على منازاعات إدارية من المفروض أن تحكمها قواعد القانون العام أي القانون الإداري  ما لم يأذن المشرع صراحة للقاضي الإداري بتطبيق القانون الخاص على منازعة إدارية هي من اختصاص القضاء الإداري ، ولهذا رأينا كيف سارت المحكمة الإدارية بالرباط على نهج باقي المحاكم الإدارية بتطبيق الفصل 474من قانون الالتزامات والعقود بخصوص مسألة نسخ القوانين ، فهل لها ولغيرها من المحاكم الإدارية الحق في ذالك وعلى أي أساس قانوني، وقد نأت محكمة النقض بنفسها عن هذه الممارسة القضائية  في احد قراراتها(قرار إداري رقم 1285في 22/12/2004،منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى عدد 69 ، ص.153)؟

هذه الأسئلة وغيرها هي ما سوف يجيب عنه قضاة محكمة الاستئناف الإدارية إن تم استئناف حكم " سناء يوسير "  التي كسبت الجولة الأولى، ولكن لا زالت أمامها جولتان ، و للحديث بقية ... بعد الاستئناف حتما  ، وبعد النقض بغرفتين أو بجميع غرفه  ربما ...، أما في الوقت الحاضر فإنه من الصعب التكهن بمدى تأثير هذا الحكم الصادر في قضية سناء يوسير على  منظومة الاجتهاد القضائي في المادة الإدارية ، لأن كلمة مراكز صنع القرار في مجال الاجتهاد القضائي الإداري ومعها آراء الفقه -  إن استشير - ستكون حاسمة في رسم معالم  هذه الدعوى ومآلها النهائي ، ما لم تقع تسوية النزاع بين الطرفين خارج إطاره القانوني والقضائي وهذه مسألة أخرى ،وفي جميع الأحوال لننتظر ما سوف يقضي به قضاة المحكمة الأعلى درجة لنعلق عليه التعليق النهائي .
 



الجمعة 19 يوليوز 2013

تعليق جديد
Twitter