MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers



تعليق على حكم إدارية الرباط التاريخي بشأن تفعيل مرسوم الإدماج المباشر للمعطلين الصادر بتاريخ 23-5-2013 بقلم الدكتور عبد الله حارسي

     

الدكتور عبد الله حارسي
أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق بفاس

متخصص في القضاء الإداري



تعليق على حكم إدارية الرباط  التاريخي بشأن تفعيل مرسوم الإدماج المباشر للمعطلين  الصادر بتاريخ 23-5-2013   بقلم الدكتور عبد الله حارسي
الحقيقة أنني كنت مترددا جدا في التعليق على هذا الحكم بالرغم من قيمته العلمية وبجودته في ما تعلق ببناءه النظري والعملي،وبمرجعياته القانونية والفقهية والقضائية  ،ومساهمته في تكريس دولة الحق والقانون ،ومصداقية المؤسسات ،وضمان مساواة الجميع أمام القضاء  حاكمين ومحكومين باعتبار الحكم بين السلطات والضامن للحقوق والحريات والحارس الأمين لمبدأ المشروعية ،لعدة اعتبارات أهمها عدم صيرورته نهائيا قابلا للتنفيذ  ،لكنني وجدت نفسي مضطرا وبحكم معاصرتي لفترة إنشاء المحاكم الإدارية والمساهمة الدائمة بشراكة مع القضاة الإداريين وفقهاء القانون العام المغاربة والأجانب في تثبيت أسس هذا النوع من القضاء وتوطيد أركانه، ولما رصدته من تعليق على هذا الحكم الذي يتأسس على طرح علمي رصين، وتحليل منهجي عميق يستحضر وقائع الدعوى ويحلل حيثيات الحكم وأسبابه بمنطق قانوني سليم بعيد عن أي مزايدات سياسية، أو خلفيات غير موضوعية .
وفي هذا الإطار  ارتأيت تبيان وتوضيح الأسس والمنطلقات المرتبطة بالحكم موضوع التعليق


أولا:معيار المنازعة الإدارية

يقصد بالدعوى الإدارية بمفهوم القانون الإداري الفرنسي أن يختص القاضي الإداري بنظر الدعاوى الإدارية الناتجة عن النشاط الإداري ومعيار تحديد طبيعة هذه الدعوى هو المعيار الموضوعي القائم على تبعية الاختصاص للموضوع أي أن القاضي الإداري قاضي النشاط الإداري مما كانت معه دعاوى القضاء الشامل دعاوى إدارية بامتياز، بعبارة أخرى أن كل الدعاوى التي تخرج عن نطاق دعوى الإلغاء هي دعاوى القضاء الشامل التي تخضع للقانون العام خلافا للقضاء العادي الذي يطبق قواعد القانون العادي ،ويستخلص من ذلك أن موضوع النزاع هو العامل الحاسم في تحديد القانون الواجب التطبيق من قبيل :

1-التصرف الإداري الفردي :في هذه الحالة يكون القاضي الإداري مدعوا فيها إلى البحث عن جملة القواعد القانونية التي تنظم هذا التصرف المنعزل ،فإذا كان التصرف يخضع للقانون الخاص كان الاختصاص منعقدا للقضاء العادي،وفي المقابل إذا خضع العمل الإداري لنظام من أنظمة القانون العام بات الاختصاص قائما للقضاء الإداري.
2-العمل الإداري المستمر: وتمثلها المرافق العامة التي ترجع منازعاتها للولاية العامة للقضاء الإداري،والتذكير بهذا الأثر القانوني مملى من اعتبارات متصلة بطبيعة الدعوى التي نظرت فيها المحكمة الإدارية بالرباط والتي وجدت منطلقها في مقال إصلاحي استهدف الحكم بتسوية الوضعية الفردية والمالية عوض ما تضمنه المقال الأصلي من طلب تنفيذ المرسوم وترتيب آثاره القانونية.

وعطفا على ذلك فإن التساؤل المطروح هل مثل هذه الدعوى تكتسي الصبغة الإدارية أم لا، أو بعبارة أخرى هل تسعف مقتضيات المادة الثامنة من قانون إحداث المحاكم الإدارية في إلحاقها بركب الدعاوى التي يختص القضاء الإداري بالنظر فيها.

إن الملاحظة الأساسية أن المنازعة تتأسس على مرسوم يكتسي صبغة قرار إداري تنظيمي تحصن من الطعن بمرور أجل الشهرين من تاريخ نشره بالجريدة الرسمية الحاصل بتاريخ 8-4-2011  ،والذي أضحى بموجب ذلك نافدا بذاته دون أن يتوقف على إجراءات أ خرى التي تعتبر في الحقيقة مجرد إجراء كاشف لوضعية قانونية مقررة سلفا وليس منشئ،ويمنع ويحظر سحبه ،لأن ذلك يعتبر مساس بمبدأ الحقوق المكتسبة وما تفرضه من استقرار الأوضاع الإدارية  والثقة التي ينشدها الأطراف منه.

فحكم المحكمة الإدارية بالرباط استند بصفة أساسية على المرسوم ولم يستند على المحضر إلا بصفة تبعية باعتباره من مشتملات المرسوم ومن متعلقاته وآثاره القانونية،وهذا ما تؤكده حيثياته ومنطوقه .

فمرسوم الإدماج المباشر يندرج في سياق تحسين آليات الحكامة الوطنية والرفع من فعالية المرفق العمومي المستفيد من خدمات أطر متخصصة ذات تكوينات جامعية مختلفة تحقيقا للسلم الاجتماعي والتنمية الاقتصادية والاجتماعية،الأمر الذي تكون معه هذه الدعوى الهادفة إلى تطبيق مرسوم معصوم من أي إلغاء قضائي أو سحب قانوني أو نسخ عملي دعوى إدارية ،ولا علاقة لها بالمرة بقواعد القانون الخاص ،فهل تستوعبها المادة 8 من القانون المحدث للمحاكم الإدارية؟ .

يميز فقه القانون العام بين أسلوبين في تحديد الاختصاص القضائي الأول  باعتبار أن جميع القضايا التي تدرج في المجال الإداري هي من صميم اختصاص المحاكم الإدارية علاوة على أن المادة 8 تعتمد على المعيار العضوي في منح الاختصاص للقضاء الإداري ،كما أن هذه المادة ليست ذات طبيعة حصرية في تحديد اختصاص المحاكم الإدارية وفقا لما أكدته الغرفة الإدارية بمحكمة النقض بمناسبة قضايا طعون الانتخابات المتصلة بالجامعات الغير المنصوص عليها في المادة المذكورة أو طلبات رفع الاعتداء المادي .

ثانيا:الطبيعة القانونية للمنازعة

 لما كانت الدعاوى الإدارية تنقسم إلى مجالين قضاء الإلغاء والقضاء الشامل يحق التساؤل عن مركز التكييف الصحيح للدعوى التي نظرتها المحكمة الإدارية والتي أضفى عليها أصحابها وصف دعوى تسوية الوضعية الفردية والمالية؟

يميز الفقه المقارن بين مصدر الحق موضوع الحماية القضائية للتمييز بين دعوى الإلغاء والقضاء الشامل في مجال الوضعية الفردية، ومعرفة ما إذا كانت الحقوق المطلوبة تجد سندها في القانون مباشرة، ففي هاته الحالة، تعد المنازعة من دعاوى القضاء الشامل، وبالتبعية ما أصدرته جهة الإدارة من أوامر وقرارات مجرد أعمال تنفيذية توخت من خلالها تطبيق أحكام القانون على الوضعية الفردية المعنية، بدون أن يكتسي صبغة القرار الإداري أو تقبل لذلك الطعن فيه بالإلغاء للتجاوز في استعمال السلطة، وبمفهوم المخالفة لهذا المبدأ إذا لم تنشأ وضعية المعني بالأمر من القاعدة القانونية مباشرة بل استدعى الأمر من الإدارة إصدارها لقرار إداري بشأن هاته الوضعية، فإن الدعاوى تكون حينئذ من دعاوى الإلغاء للتجاوز في استعمال السلطة .

وباعتبار أن الدعوى لم يكن موضوعها قضاء الإلغاء ،فإن أي مناقشة لطبيعة قضاء الإلغاء ومواعيده لا أساس لها مادامت الدعوى لا تدخل ضمن هذا التكييف وإنما تستمد أساسها القانوني من مرسوم قانوني محصن ،وبالتالي مصدرها المباشر المرسوم نفسه،وهو ما يجعلها ترمي إلى تنفيذ موضوعه وترتيب آثاره ،وهي بهذا المفهوم تصنف ضمن دعاوى القضاء الشامل المتحرر من قيود الأجل ،لأن الحكم فيها يكون كاشفا لا منشئا ،لأنه يقتصر فقط على تطبيق القانون على حالة من يعنيهم الأمر ممثلا في المرسوم.

إن الشيء الذي يجب أن يستحضر كون الدعوى لا تستهدف تنفيذ محضر ما ،وإنما تفعيل مرسوم الإدماج المباشر المعتبر وسيلة وآلية قانونية للولوج للوظيفة تماما مثل وسيلة المبارة والانتقاء.
وهكذا فإن نجاح المترشح في المبارة أو قبوله في مسطرة الانتقاء،وتميز هاتين الوضعيتين الفرديتين بالإعلان عنهما في الجريدة الرسمية، وتعنت الإدارة في تفعيل هذا السند القانوني،من خلال قيامها بالإجراءات الموصلة لتنفيذ السند  ،الذي هو حق مكتسب لمخاطبيه أو صدور قرار تنظيمي بإدماج المعطلين في صورة مرسوم صادر بتاريخ 8 -4-2011 وامتناع الإدارة عن تفعيله ،يطرح السؤال حول كيفية تنزيل هذا الحق على أرض الواقع ،وذلك بواسطة المسطرة المقررة في قانون الوظيفة العمومية والتي سبق سلوكها في حالات مماثلة ،ونخص بالذكر المجموعة الأولى من المعطلين التي تم تفعيل المرسوم بحقها ،وغيب قسرا عن التنفيذ بمناسبة المجموعة الثانية المعروفة بموقعي محضر 20 يوليوز.

إن مفهوم دعوى التسوية كما حددته الغرفة الإدارية بمحكمة النقض لا يقتصر على حالة معينة بذاتها والأوضاع التي ساقتها القرارات المتواترة لها تترك الباب مفتوحا لاستيعاب أي دعوى إدارية هادفة إلى استكمال الإجرءات الإدارية والمالية المستمدة من نص المرسوم أي من القانون الذي تكفل بالتنصيص على المناصب المالية وتوفيرها في ميزانية 2012 ولم تدفع الدولة بعدم وجود هذه المناصب بل تمسكت بالمباريات المتطلب فيها أصلا وجود مناصب مالية شاغرة .

إن مجال الدعوى الطبيعي هو القضاء الشامل ،طالما أنه لا يمكن إجبار المتقاضي على سلوك دعوى أخرى بعينها متى كانت لا تسعف في تحقيق النفاذ المباشر لقول القانون وفقا لما استقر عليه قضاء محكمة النقض

ثالثا:حقيقة نسخ المرسوم  بالقانون التعديلي لقانون الوظيفة العمومية

لقد نص المرسوم الوزاري رقم 2ــ11ـ 100 الصادر في 8 أبريل 2011 على أنه " بصفة استثنائية وانتقالية  إلى غاية 31 دجنبر2011 يؤذن للإدارات العمومية والجماعات المحلية أن توظف مباشرة بناء على الشهادات،وخلافا للمقتضيات التنظيمية الجاري بها العمل، المترشحين الحاصلين على الشهادات العليا المطلوبة، في الأطر والدرجات ذات الترتيب الاستدلالي  المطابق  لسلم الأجور رقم 11".

ولا حاجة للتذكير إلى أنه لا تلغى أو تنسخ القوانين  إلا بقوانين لاحقة،وذلك إذا نصت هذه صراحة على الإلغاء ،أو كان القانون الجديد متعارضا مع قانون سابق أو منظما لكل الموضوع الذي ينظمه طبقا للفصل 474 من قانون الالتزامات والعقود .

ولا شك أن من  شروط  تحقق النسخ  احترام قاعدة الرجعية المكرسة دستوريا وصونها وذلك بأن لا تكون الأوضاع الناشئة في ظل القانون  القديم قد استوفت شروطها القانونية ،وعرفت طريقها إلى التنفيذ من خلال مرسوم الإدماج.

وللإشارة فإن المرسوم رقم 2.11.100 الصادر بتاريخ 8-4- 2011 الذي  يخول للحكومة اعتماد الإدماج المباشر في التوظيف بدل المبارة صادر  قبل  صدور القانون رقم 50.05 المتعلق بتغيير وتتميم الظهير الصادر في 24-2-1958 بمثابة النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية  ،والمنشور بالجريدة الرسمية عدد 5944 الصادرة بتاريخ 15 جمادى الآخرة 1432 (19 ماي 2011) وقبل دخول مرسومه التطبيقي رقم 2.11.621 المتعلق بتنظيم المباريات الصادر بتاريخ 27 دجنبر 2011، والداخل حيز التنفيذ ابتداء من فاتح يناير 2012،مما لا مجال معه  للحديث عن النسخ وما تعلق به من تعارض التوظيف مع مبادئ المساواة وتكافؤ الفرص والاستحقاق ،لأن قاعدة عدم الرجعية تحصن  الأوضاع القانونية والّإدارية الناشئة والمنفذة في ظل القانون القديم،لصيرورتها حقوقا مكتسبة لا يقبل المس بها أو التراجع عنها،وتسمو وتتقدم على غيرها من القواعد الدستورية  لتعلقه بالنظام العام المطلق،لاتصاله بحسن سير العدالة والإدارة في نفس الوقت.

رابعا:طبيعة قرار  رفض التوظيف المباشر : قرارا سياسيا أم  قرارا إداريا قابلا للطعن

الحقيقة أن استثناء القرارات السياسية من رقابة القضاء الإداري لم يقل به فقه ولا قضاء في جميع أصقاع العالم المتحضر ،لأن جميع القرارات الصادرة عن السلطات الإدارية لا يمكن نفي الصبغة السياسية عنها مما قد يؤدي إلى شل الرقابة القضائية وهدم مقومات دولة الحق والقانون ،فضلا عن تناقضه الصارخ مع الدستور الجديد الذي جعل الرقابة القضائية مبدأ عاما لا يقبل أي تقييد انسجاما مع قواعد الشرعية التي تعني خضوع الجميع لأحكام القانون .

كما أنه لا يمكن تصنيف قرار التوظيف المباشر ضمن القرارات السيادية، التي عرفها بعض فقهاء القانون الإداري بأنها: الأعمال التي تصدر عن السلطة التنفيذية باعتبارها السلطة العليا في البلاد، أي حكومة تمثّل الدولة في مجال القانون العام الخارجي أو الداخلي، وليس باعتبارها جهة إدارة، وعرفت بأنها تلك الأعمال الصادرة من الدول بما تصدره الجهات العليا فيها والتي تدخل ضمن علاقاتها مع الدول الأخرى أو الهيئات أو الجمعيات أو المنظمات دولية كانت أو إقليمية وما يماثلها من أعمال أو قرارات الهدف منها الحفاظ على السلم والأمن الإجتماعي والصحة العامة، فحقيقتها أنها قرارات إدارية تصدر عن السلطة العليا وتتميّز بعدم خضوعها لرقابة القضاء سواء أكان بالإلغاء أو بالتعويض.
 
        وأوضح بعض فقهاء القضاء الإداري أن أعمال السيادة "تشمل كل ما يتعلّق بالصلات السياسية مع الدول الأجنبية وحالتي إعلان الحرب وإبرام السلم وضمّ أراضٍ إلى أملاك الدولة أو التنازل عنها والتحالف، وكل ما يتعلّق بتنظيم القوات البرية والبحرية والجوية وما إلى ذلك مما تتّفق طبيعته مع طبيعة هذه الأعمال.
 
        قضت محكمة القضاء الإداري المصري بتاريخ 21/4/1948 بأن أعمال السيادة هي الأعمال التي تتصل بالسياسة العليا للدولة والإجراءات التي تتّخذها الحكومة بما لها من السلطة العليا للمحافظة على سيادة الدولة وكيانها في الداخل أو الخارج.
 
        وجاء ذكر أعمال السيادة في حكم محكمة القضاء الإداري المصري بتاريخ 26/2/1951م بأنها "الأعمال التي تصدر من الحكومة باعتبارها سلطة حكم لا سلطة إدارة، فتباشرها بمقتضى هذه السلطة العليا لتنظيم علاقاتها بالسلطات العامة الأخرى داخلية كانت أو خارجية، أو تتّخذها إضطراراً للمحافظة على كيان الدولة في الداخل أو للذود عن سياستها في الخارج، ومن ثم يغلب فيها أن تكون تدابير تتّخذ في النطاق الداخلي أو في النطاق الخارجي، إما لتنظيم علاقات الحكومة بالسلطات العامة الداخلية أو الخارجية في حالتي الهدوء والسلام. وإما لدفع الأذى والشرّ عن الدولة في الداخل أو في الخارج في حالتيّ الإضطراب والحرب".
 
        وفي حكم صادر بتاريخ 2/5/1978 قالت محكمة القضاء المصري ما يلي: "ثمة معايير كثيرة يضعها الفقه والقضاء لتعريف أعمال السيادة التي يمتنع على محاكم مجلس الدولة النظر في الطلبات المتعلّقة بها، واستقرّت هذه المحاكم على أن أعمال السيادة هي تلك التي تصدر عن الحكومة باعتبارها سلطة حكم لا سلطة إدارة فتباشرها بمقتضى هذه السلطة العليا لتنظيم علاقتها بالسلطات العامة الأخرى داخلية كانت أو خارجية أو تتّخذها إضطراراً للمحافظة على كيان الدولة في الداخل في الداخل أو الذود عنها في الخارج ومن ثم يغلب عليها أن تكون تدابير تتّخذ في النطاق الداخلي أو النطاق الخارجي إما لتنظيم علاقة الحكومة بالسلطات العامة الداخلية أو الخارجية في حالتي الهدوء والسلام وإما لدفع الأذى والشرّ عن الدولة عن الدولة في حالتي الإضطراب والحرب فهي تارة تكون أعمالاً منظّمة لعلاقة الحكومة بالمجلس النيابي أو منظمة للعلاقات السياسية بالدول الأجنبية، وهي طوراً تكون تدابير تتّخذ للدفاع عن الأمن العام من إضطراب داخلي أو لتأمين سلامة الدولة من عدو خارجي، وهذه وتلك أعمال وتدابير تصدر عن سلطان الحكم لا عن سلطة الإدارة، والضابط فيها معيار موضوعي يرجع إلى طبيعة الأعمال في ذاتها لا إلى ما يحيط بها من أمور عارضة".
 
 تمييز أعمال السيادة عن غيرها:
 
        وفي سبيل تمييز أعمال السيادة عن غيرها فهناك ثلاثة معايير نصّ عليها فقهاء القضاء الإداري وأطنب فيها أستاذ القانون الإداري د. سليمان الطماوي، وهي كالتالي:
 
-معيار الباعث السياسي:

- معيار طبيعة العمل:
 
- معيار القائمة القضائية:
 
        إتّجه الفقهاء إلى إعتماد الإتجاه القضائي لتحديد ما يُعدّ من أعمال السيادة لعجزهم عن وضع معيار لتمييز أعمال السيادة بشكل واضح.
 
        ولعل أول من نادى بهذه الفكرة العميد "هوريو" الذي ذهب إلى أن "العمل الحكومي هو كل عمل يقرّر له القضاء الإداري وعلى رأسه محكمة التنازع هذه الصفة".
 
         وبناءً على ذلك فإن تحديد أعمال السيادة يعتمد ما يقرّره القضاء فهو يبيّن هذه الأعمال ويحدّد نطاقها، وقد أسهم مجلس الدولة الفرنسي ومحكمة التنازع في وضع قائمة لأعمال السيادة تتضمن مجموعة من الأعمال أهمها:
 
1-   الأعمال المتعلّقة بعلاقة الحكومة بالبرلمان:
 
2-   الأعمال المتّصلة بالعلاقات الدولية والدبلوماسية:
 
3-   الأعمال المتعلّقة بالحرب:
 
وفي الختام نعتبر تأسيس تعليل المحكمة على الاتفاقيات الدولية مسلك محمود ومحبذ ومطلوب،منهج ينضاف إلى المنهج القضائي الحديث في صناعة الأحكام المكرسة لجودة الحكم القضائي الذي  يتطلب من القاضي مصدره أن يكون ملما بالأسس الدولية للحقوق والحريات الدستورية وبمناهج القانون المقارن في التفسير والتأويل،وهو ما يعكس حالة عامة في مرجعيات الأحكام الإدارية لهذه المحكمة سيما الصادرة منها بعد دستور 2011 والجديرة بكل إشادة وتنويه.  
 



الثلاثاء 9 يوليوز 2013

تعليق جديد
Twitter