نص الخطاب الذي ألقاه الملك محمد السادس خلال ترؤسه حفل تنصيب أعضاء الهيئة العليا للحوار الوطني حول الإصلاح العميق والشامل لمنظومة العدالة

" الحمد لله والصلاة والسلام على مولانا رسول لله وآله وصحبه٬
حضرات السيدات والسادة٬
يطيب لنا أن نتولى تنصيب أعضاء الهيئة العليا للحوار الوطني حول الإصلاح العميق والشامل لمنظومة العدالة.
وقد أبينا إلا أن نضفي رعايتنا السامية على هذا الحوار اعتبارا للعناية الفائقة التي ما فتئنا نوليها لهذا الإصلاح الجوهري الذي جعلناه في صدارة الأوراش الإصلاحية الكبرى التي نقودها٬ إيمانا منا بأن العدل هو قوام دولة الحق والمؤسسات وسيادة القانون التي نحن لها ضامنون وتحفيز الاستثمار والتنمية التي نحن على تحقيقها عاملون.
وقد سبق لنا في خطاب العرش لسنة 2008 أن دعونا لحوار واسع لبلورة مخطط مضبوط للإصلاح العميق للقضاء.
كما حددنا المحاور الأساسية لهذا الإصلاح في خطابنا الموجه للأمة في 20 غشت 2009.
وقد حرصنا على تتويج هذا المسار الإصلاحي بمقتضيات الدستور الجديد للمملكة التي تنص على ضمان الملك لاستقلال القضاء وتكرس القضاء كسلطة مستقلة قائمة الذات عن السلطتين التشريعية والتنفيذية٬ وإحداث المجلس الأعلى للسلطة القضائية كمؤسسة دستورية برئاستنا وبالنص على حقوق المتقاضين وقواعد سير العدالة ودور القضاء في حماية حقوق الأشخاص والجماعات وحرياتهم.
تلكم هي المرجعيات الأساسية لهذا الحوار الوطني الذي نريده مناسبة لتأكيد تشبث المغاربة بالنموذج الديمقراطي التنموي المغربي المتميز.
حضرات السيدات والسادة٬
من منطلق نجاعة المقاربة التشاركية والإدماجية التي اعتمدناها في مختلف القضايا والإصلاحات الكبرى٬ فقد تم الحرص على أن تشمل التركيبة التعددية لهذه الهيئة العليا جميع المؤسسات الدستورية والقطاعات الحكومية والقضائية وتمثيلية وازنة للمجتمع المدني ومختلف الفعاليات المؤهلة المعنية بإصلاح منظومة العدالة.
ونود في هذا الصدد٬ أن نتوجه بعبارات التقدير لأعضاء هذه الهيئة الموقرة٬ منوهين بغيرتهم الوطنية وبكفاءتهم وخبرتهم ونزاهتهم وتنوع مشاربهم٬ داعين إياهم إلى الانصهار في بوتقة عمل وطني بناء.
وستتولى هذه الهيئة الاستشارية كإطار تعددي وتمثيلي يتيح انفتاح القضاء على محيطه الداخلي والخارجي٬ مهمة الإشراف على هذا الحوار الوطني ورفع مشاريع توصيات بشأن إصلاح منظومة العدالة لنظرنا السامي.
وإننا ننتظر منكم٬ لما هو معهود فيكم من روح المسؤولية الوطنية العالية انتهاج الاجتهاد الخلاق والإصغاء والانفتاح للتفعيل الأكمل لمشروع إصلاح العدالة.
كما ندعو جميع الفاعلين للتعبئة والانخراط في هذا الحوار الوطني الذي سنتعهده بالرعاية والمتابعة غايتنا الجماعية بلورة ميثاق وطني واضح في أهدافه ومحدد في أسبقياته وبرامجه ووسائل تمويله ومضبوط في آليات تفعيله وتقويمه.
وستجدون في جلالتنا٬ كضامن لاستقلال القضاء وساهر على احترام الدستور وحقوق وحريات الأفراد والجماعات خير سند لكم في النهوض بهذه المسؤولية الوطنية الجسيمة والنبيلة.
أعانكم الله وسدد خطاكم وكلل أعمالكم بالتوفيق.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته ".
كلمة وزير العدل والحريات أمام الاجتماع الأول للهيئة العليا للحوار الوطني حول الإصلاح العميق والشامل لمنظومة العدالة
بسم الله الرحمن الرحيم
حضرات السيدات والسادة أعضاء الهيئة العليا للحوار الوطني حول الإصلاح العميق والشامل لمنظومة العدالة
إنه ليوم مشهود نعيشه جميعا في مسار إصلاح منظومة العدالة ببلادنا، لاسيما وأنه تميز بالاستقبال المولوي الكريم الذي خص به صاحب الجلالة الملك محمد السادس، أعضاء هذه الهيئة الموقرة، وهو ما يعكس الحرص الكبير الذي يوليه جلالته لإصلاح قطاع العدل، الذي يحتل صدارة أوراش الإصلاح الكبرى التي تعرفها المملكة.
وإن التوجيهات السامية التي حفل بها الخطاب الملكي الموجه بمناسبة الاستقبال الذي حظيت به هذه الهيئة اليوم، ليعد دفعة قوية لمبادرة الحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدالة الذي أسبغ عليه حفظه الله رعايته السامية.
وإني لجد سعيد بانعقاد أول اجتماع لهذه الهيئة، التي تضم نخبة مشهود لها، بالوطنية الصادقة، والكفاءة العالية، والحنكة الرفيعة، فكانت بذلك هيئة متميزة، بحكم تعدد مشارب أعضائها، وتنوع مجالات تخصصاتهم، فضلا عن مساهماتهم الرصينة في ميدان إصلاح العدالة، لاسيما وأن من بين الأعضاء وزراء عدل سابقين تركوا بصماتهم الجلية في مجال الإصلاح.
كما أن هذه الهيئة تُمثَّل فيها كل من السلطة القضائية، والسلطة التشريعية والقضاء الدستوري، والقضاء المالي، ومؤسسات وهيئات حماية الحقوق والحريات والحكامة الجيدة والتقنين، هذا بالإضافة إلى المؤسسات الجامعية ومؤسسات التكوين، وكذا المجتمع المدني، وفعاليات على مستويات حقوقية مختلفة.
وإن كل هذه المواصفات والمقومات التي تتميز بها هذه الهيئة، سيكون لها الأثر الإيجابي على نجاح فعاليات الحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدالة.
حضرات السيدات والسادة
إذا كان اللجوء إلى الحوار الوطني – عموما - يستمد أهميته من كون هذا الحوار يعد منهجا سليما، ومدخلاً ناجعا في ميادين الإصلاح الاستراتيجية، بفضل المنهجية التشاركية والإدماجية التي ينبني عليها، فإن إجراء حوار وطني حول إصلاح منظومة العدالة يكتسي أهمية بالغة ومتميزة، لأنه:
1 – يأتي في سياق تحولات كبرى يعرفها الميدان القضائي، عقب صدور الدستور الجديد، وارتقائه بالقضاء إلى سلطة قضائية مستقلة، والنص في صلب الدستور على حقوق المتقاضين وقواعد سير العدالة؛
2 - ولأنه، يشكل منهجية جديدة في مجال إصلاح قطاع العدالة، تهدف إلى تقديم رؤية مجتمعية شاملة، وبإشراك كل الفعاليات، لإيجاد الحلول الكفيلة بتلبية تطلعات المواطنين وحاجياتهم في ميدان العدل، بما يحقق إصلاح منظومة عدالتنا، التي ما فتئت تتعرض لانتقادات متزايدة من حيث أداء الجهاز القضائي بمختلف مكوناته.
وبالفعل، فلقد تبين من تشخيص وضعية العدالة في بلادنا:
أولا - وجود تحديات آنية يتعين التغلب عليها؛
ثانيا – قيام مشاكل بنيوية يتعين معالجتها؛
ثالثا - وجود رهانات استراتيجية ينبغي كسبها.
أولا - فمن حيث التحديات الآنية، فإنه يتعين:
- الإسراع بتنزيل مقتضيات الدستور بشأن السلطة القضائية المستقلة، من خلال إعداد القانون التنظيمي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، والقانون التنظيمي للنظام الأساسي للقضاة.
- الإسراع بتحديث منظومتنا القانونية، لاسيما ما يتعلق بالملاءمة مع الالتزامات الحقوقية الدولية للمغرب، وتعزيز ضمانات المحاكمة العادلة، وكذا ما يرتبط بالتشجيع على الاستثمار.
- توفير الإطار القانوني والهياكل الإدارية اللازمة للمهام الحقوقية الجديدة لوزارة العدل والحريات في ميدان تعزيز الحقوق والحريات.
- تعميم قانون قضاء القرب، سواء من حيث إعداد البنايات والتجهيزات، أو من حيث إعداد القضاة والموظفين الذين سيعملون بأقسام قضاء القرب. ونفس الأمر بالنسبة لتفعيل أقسام الجرائم المالية المحدثة للنظر في قضايا الجرائم المالية وقضايا الفساد المالي والإداري، حيث يتطلب الأمر توفير مقار مناسبة لهذه الأقسام، ودعمها بالأطر، وتمكينها من برامج لتكوين أطرها القضائية تكوينا عميقا في ميدان اختصاصها نظرا لدقته وتشعبه.
- إعادة انتشار الموارد البشرية على مختلف المحاكم بما يؤدي إلى التوازن في توزيعها من جهة، والتجاوب مع متطلبات وحاجيات العدالة والإدارة القضائية من جهة أخرى.
ثانيا - أما من حيث المشاكل البنيوية التي يتعين معالجتها، فهي متعددة وتوجد على عدة مستويات:
- فعلى مستوى التنظيم القضائي والخريطة القضائية: يتعين عقلنة هذا المجال، إذ يلاحظ تضخم في عدد الوحدات القضائية بما لذلك من أثر على ترشيد الموارد المادية والبشرية: 110 محكمة موضوع، و178 مركزا للقضاة المقيمين نصفها غير مشغل يتعين إعدادها لتفعيل قضاء القرب، بالإضافة إلى 241 محكمة للجماعات تم حذفها ويتعين توفير خدمات قضاء القرب بها. هذا بالإضافة إلى التمركز الإداري الملاحظ على مختلف مستويات الإدارة القضائية، مع ضعف في هيكلة كتابة الضبط، وقوانين تنظيمية وإجرائية غير ملائمة.
- ومن حيث النجاعة القضائية: فإن المتقاضين يعانون من بطء البت في القضايا، إذ يلاحظ أن هناك تطور غير متكافئ بين القضايا المسجلة والقضايا المحكومة وكذا الأحكام المنفذة. فقد تزايد عدد القضايا الرائجة أمام المحاكم حتى وصل إلى:3.372.054 قضية سنة 2011. في حين لم يبلغ عدد القضايا المحكومة سوى 2.456.469 قضية أي بنسبة بَتٍّ بلغت 72,85%، في حين تخلف أمام محاكم الموضوع ما مجموعه 915.305 قضية أي 27,15% من القضايا الرائجة. كما أن نسبة هامة من الأحكام تبقى من غير تنفيذ (20%)، مع وجود صعوبات في التنفيذ ضد الإدارات العمومية وشركات التأمين، وصعوبات وإشكاليات في التبليغ تساهم في البطء في البت، بالإضافة إلى عجز كبير بالنسبة لقضايا التنفيذ الزجري.
- ومن حيث فعالية العدالة الجنائية: فإن من أهم المعوقات، عدم ترشيد الاعتقال الاحتياطي (43% من السجناء هم معتقلون احتياطيون حيث بلغ عددهم 28500 من أصل 65200 نزيل)، مع نقص في تفعيل الآليات البديلة للاعتقال، وعدم التفعيل الأمثل لمبدأ الملاءمة بما يخدم مصالح الأطراف والصالح العام، وغلبة التطبيق الآلي للنصوص القانونية من قبل النيابة العامة. مما يستوجب جعل النيابة العامة آلية أساسية لتوفير الحماية وضمان احترام ممارسة الحقوق والحريات والسهر على التطبيق السليم للقانون، والاهتمام بتظلمات وشكاوى المواطنين ومعالجتها بالفورية اللازمة، وتقوية ضمانات المحاكمة العادلة وحقوق الدفاع وإشاعة ثقافة حقوق الإنسان بين الأشخاص المكلفين بإنفاذ القانون.
- وفيما يتعلق بتدبير الموارد البشرية: فإنه وفضلا عن الخصاص في عدد القضاة: 3749 قاض (بمعدل 12 قاض لكل 100000نسمة) فإن توزيعهم عدد غير مناسب، منهم 2879 قاض للحكم فقط و870 قاض للنيابة العامة. كما أنه ونتيجة الخصاص في الموارد البشرية (14588 موظف) فإن معدل نسبة القضايا المحكومة من القضايا الرائجة أصبح لا يتجاوز في المعدل 80 %، بحيث إن نسبة القضايا المخلفة تجاوز نسبة 20 % مما يساهم في زيادة البطء وتراكم القضايا. هذا بالإضافة للخصاص في التكوين، والخصاص في الأطر في ميادين الإعلاميات (130 مهندس)، والإحصائيات، والتواصل...
- أما الميزانية المخصصة لقطاع العدل: فإن ضعفها يؤثر سلبيا على جهود ومبادرات الإصلاح، إذ بلغت الميزانية القطاعية للوزارة سنة 2011 ما مجموعه 3.146.060.000 درهم بما في ذلك نفقات الموظفين أي ما يشكل 1,88% من الميزانية العامة للدولة برسم سنة 2011، علما بأن نفقات موظفي الوزارة تبلغ 2.261.060.000 درهم، بينما تبلغ نفقات المعدات والنفقات المختلفة 311.000.000 درهم، وميزانية الاستثمار 574.000.000 درهم.
- وفيما يخص البنية التحتية للعديد من المحاكم، فإن القصور في هذا المجال يزيد من معاناة العاملين في القطاع وكذا المتقاضين، إذ هناك ضعف في الطاقة الاستيعابية لبنايات المحاكم (وضعية 30 محكمة على الأقل في حاجة عاجلة للمعالجة)، وخصاص في البنية التحتية المعلوماتية (50 محكمة تنتظر أن تشملها عملية التحديث)، ونقص في تهيئة الشبكة الكهربائية للعديد من المحاكم، بالإضافة إلى قلة السيارات المخصصة للجلسات التنقلية، والتفتيش، والزيارات التفقدية لمخافر الضابطة القضائية والمؤسسات السجنية.
- أما على مستوى الولوج إلى القانون والعدالة، فهناك صعوبات تتجلى في الخصاص البين في تواصل المحاكم مع المتقاضين، مع نقص في بنية الاستقبال (50 محكمة فقط تتوفر على بنية استقبال حديثة)، وانعدام المساعدة القانونية، وضعف في نظام المساعدة القضائية، وقلة في الإقبال على الوسائل البديلة لحل المنازعات. هذا بالإضافة إلى حاجة خلايا محاربة العنف ضد المرأة إلى الدعم، من حيث المقار والموارد البشرية.
- وفيما يخص المهن القضائية ومساعدي القضاء: فقد أدى التزايد في أعداد منتسبي المهن القضائية (المحامون الممارسون 10.498، الخبراء 3.023، العدول 2905، النساخ 759، الموثقون 986، المفوضون القضائيون 1.232، التراجمة 323) إلى ظهور الحاجة إلى تطوير عدة جوانب تتعلق بأنظمتها والنهوض بها تكوينا وتخليقا.
- كما أن العلاقة بين المؤسسة القضائية والشرطة القضائية وكذا مؤسسة الطب الشرعي أصبحت في حاجة إلى إطار قانوني حديث.
ثالثا – أما الرهانات الاستراتيجية التي يتعين كسبها، فتتجلى فيما يلي:
- إشكالية التخليق: سواء على مستوى قطاع العدالة أو على مستوى تفعيل دور القضاء في تخليق الحياة العامة، حيث تزايدت المطالب بشأن اتخاذ مبادرات فعالة لتعزيز جهود تخليق قطاع العدالة بكل مكوناته، وكذا تفعيل دور القضاء في تخليق الحياة العامة، وعدم الافلات من العقاب ومكافحة الفساد.
- وارتباطا بموضوع التخليق، فإن الملاحظ هو غياب نظام فعال للتحفيز المحصِّن، ويكفي التذكير بأن الملحق القضائي يتقاضى راتبا شهريا يبلغ4270,02 درهما، وأن القاضي من الدرجة الثالثة يتقاضى راتبا شهريا يبلغ 9423,44 درهما، وأن القاضي من الدرجة الثانية يتقاضى راتبا شهريا يبلغ 12774,15 درهما، كما أن الراتب الشهري للقاضي من الدرجة الأولى يبلغ18589,13 درهما، في حين يبلغ الراتب الشهري للقاضي من الدرجة الاستثنائية 34080,04 درهما.
- الرفع من قدرات التكوين والتأهيل: وذلك من أجل ضمان جودة الخدمات القضائية والتخصص. وهذا رهان استراتيجي كبير، لاسيما وأن المعهد العالي للقضاء أصبح في حاجة ماسة إلى دعم بنيته اللوجيستيكية وقدراته البيداغوجية، لمواجهة متطلبات التكوين الإعدادي (بمعدل 300 ملحق قضائي و700 موظف من موظفي هيئة كتابة الضبط كل سنة)، هذا فضلا عن التكوين المتخصص والتكوين المستمر للقضاة والموظفين وباقي منتسبي المهن القضائية (بمعدل 4000 مستفيد سنويا حاليا).
- المكننة الشاملة للإدارة القضائية: رغم الجهود المبذولة في ميدان التحديث، فلا زال هناك نقص في اعتماد الإدارة القضائية على المعلوميات، بحيث لا زالت العديد من المحاكم لا تفعل النظام المعلوماتي الخاص بها، ولا توظف مواقعها الالكترونية في تقديم الخدمات القضائية للمتقاضين، بالإضافة إلى الازدواجية في عمل كتابة الضبط بين العمل اليدوي والعمل بالحاسوب مما يحول دون الاستغلال الأمثل للمعلوميات في تسريع الإجراءات.
حضرات السيدات والسادة
إن هذا القصور الملاحظ في منظومة عدالتنا، أصبح يتطلب معالجة فعالة وناجعة، وفق مقاربة شاملة متكاملة، وتبعا لمنهجية تشاركية وإدماجية في مجال الإصلاح. ومن هنا كانت مبادرة الحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدالة الذي ستجري فعاليته تحت الرعاية الملكية السامية لصاحب الجلالة.
ولذلك نقترح عليكم أن يكون من أهداف هذا الحوار الوطني ما يلي:
- إشراك مختلف الفعاليات في تحمل مسؤولية إصلاح منظومة العدالة؛
- وضع ميثاق لإصلاح منظومة العدالة.
كما نقترح عليكم، أن تتولى الإشراف على مجريات هذا الحوار الأجهزة التالية:
1 – الهيئة العليا للحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدالة؛
2 - هيئة الحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدالة، واللجن الموضوعاتية المتفرعة عنها؛
3 - مناظرة الحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدالة، التي سيتمخض عنها وضع ميثاق الإصلاح.
- فالهيئة العليا للحوار الوطني، تضم أربعين عضوا، وهي بمثابة مجلس للتوجيه والتنسيق، تتولى الإشراف على إدارة الحوار الوطني وتأطير أشغاله، ووضع المصفوفة العامة للمقترحات ومشاريع التوصيات، التي سيتم عرضها على مناظرة الحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدالة، والتي سيتمخض عنها ميثاق وطني لإصلاح منظومة العدالة، والذي سيكون من اختصاص هذه الهيئة المصادقة النهائية عليه.
- وإلى جانب هذه الهيئة توجد هيئة الحوار الوطني، وهي هيئة موسعة، يناهز عدد أعضائها 200 عضوا، نقترح عليكم أن يكونوا من ممثلي القطاعات الوزارية، وممثلي مختلف الجمعيات المهنية، ومكونات المجتمع المدني والفعاليات المهتمة. وستشارك هذه الهيئة في مختلف أطوار وأشغال الحوار الوطني الميداني. ويمكن ان تتفرع هذه الهيئة إلى لجان موضوعاتية تعد تقاريرها وتوصياتها على ضوء جلسات الحوار، وتعرضها على الهيئة العليا التي تعمل على تقديمها إلى مناظرة الحوار الوطني. مع الإشارة إلى أن التمثيليات المركزية يمكن أن تساهم في الحوار من خلال ممثليها على الصعيد الجهوي والمحلي (القضاة، المحامون، كتاب الضبط، الموثقون، وفروع الجمعيات، وغيرها من الهيآت)، وذلك وفق معايير ينبغي تحديدها.
ونقترح أن يواكب عمل الهيئتين المذكورتين أعلاه سكرتارية عامة ولجنة تنظيمية ولوجيستيكية.
- أما مناظرة الحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدالة، فنقترح أن تكون بمثابة جمعية عامة للحوار الوطني، تضم أكبر عدد من ممثلي مختلف الفعاليات المجتمعية والمهنية (200 – 300 شخص)، وتهدف إلى إبراز ملامح التوافق الوطني حول عملية الإصلاح. ويتم خلال هذه المناظرة مناقشة تقارير وتوصيات أجهزة الحوار الوطني والمصادقة عليها، وعنها تتمخض التوصيات النهائية في شكل ميثاق وطني حول إصلاح منظومة العدالة, يرفع إلى أنظار صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله .
حضرات السيدات والسادة
عقب اجتماعنا الأول هذا، نقترح أن يتم عقد اجتماع مع الهيئة الموسعة للحوار الوطني، وذلك يوم الجمعة 11 مايو على الساعة الرابعة بعد الزوال بحول الله .
وستجري أطوار هذا الحوار وفق أرضية مقترحة كما يلي:
أولا – فيما يتعلق بالمواضيع المطروحة للنقاش:
يقترح أن تعالج في جلسات الحوار الإشكاليات الكبرى التي تواجهها العدالة المغربية، وذلك في المجالات الستة التالية:
1 – استقلال السلطة القضائية؛
2 – تأهيل وتخليق الموارد البشرية؛
3 – تأهيل وتخليق المهن القضائية؛
4 – تطوير العدالة الجنائية وتعزيز ضمانات المحاكمة العادلة؛
5 – التنظيم القضائي والنجاعة القضائية وتسهيل الولوج إلى القانون والعدالة؛
6 – تحديث الإدارة القضائية والبنية التحتية للمحاكم.
ثانيا - الإجراءات المواكبة:
مواكبة لأطوار سير الحوار الوطني نقترح إحداث بوابة إلكترونية، تستعمل كمنتدى حول إصلاح منظومة العدلة واستقبال مقترحات العموم. وبالموازاة مع ذلك نرجو أن تكون هناك مواكبة إعلامية مكثفة بهدف خلق مناخ إيجابي للحوار، بما في ذلك تنظيم برامج إذاعية وتلفزيونية حول الشأن القضائي.
كما سيتم إعداد جملة من الوثائق وأوراق موضوعاتية حول واقع العدالة بالمغرب، وأدبيات الحوار إلى غير ذلك، ويقترح أن يكون من جملة الوثائق مشروع الأرضية التي أعدتها وزارة العدل والحريات لمخطط الإصلاح الشامل والعميق لمنظومة العدالة 2012 – 2016، على أن يكون الحوار مفتوحا أمام مقترحات لأرضيات أخرى إن وجدت.
حضرات السيدات والسادة
تلكم هي مجمل المعطيات الأولية المتعلقة بالحوار الوطني لإصلاح منظومة العدالة، سواء من حيث الأجهزة المشرفة عليه، أو من حيث المواضيع والمراكز المقترحة لأشغاله.
وأكيد أن نقاشاتنا في إطار اجتماع هذه الهيئة العليا سيبلور خططا محكمة لتوجيه هذا الحوار بما يحقق نجاحه، هذا النجاح الذي لا يتصور إلا إذا تم اعتماد:
1 – أخلاقيات الحوار الضرورية والتي تأبى فرض المواقف المسبقة أو تجييش الفئات؛
2 – الإعداد الجيد والمناقشة الهادئة، المنتجة للأفكار والتصورات النوعية؛
3 – التنظيم المحكم الذي يتطلب أن تكون المناقشة واسعة، وفي نفس الوقت مضبوطة ومنظمة، وهو ما يتطلب حصر لائحة المشاركين في الحوار على أسس موضوعية مبنية على التمثيلية؛
4 – التواصل الضروري والمواكبة الإعلامية اللازمة لكافة أطوار الحوار؛
5 - الانخراط الشامل والدائم لأعضاء الهيئة العليا للحوار الوطني في كافة أطوار ومحطات الحوار، بما يمثلونه من كفاءة وحصافة وتأثير، بإمكانه أن يساعد على الرشد ويلهم الصواب.
والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
حضرات السيدات والسادة أعضاء الهيئة العليا للحوار الوطني حول الإصلاح العميق والشامل لمنظومة العدالة
إنه ليوم مشهود نعيشه جميعا في مسار إصلاح منظومة العدالة ببلادنا، لاسيما وأنه تميز بالاستقبال المولوي الكريم الذي خص به صاحب الجلالة الملك محمد السادس، أعضاء هذه الهيئة الموقرة، وهو ما يعكس الحرص الكبير الذي يوليه جلالته لإصلاح قطاع العدل، الذي يحتل صدارة أوراش الإصلاح الكبرى التي تعرفها المملكة.
وإن التوجيهات السامية التي حفل بها الخطاب الملكي الموجه بمناسبة الاستقبال الذي حظيت به هذه الهيئة اليوم، ليعد دفعة قوية لمبادرة الحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدالة الذي أسبغ عليه حفظه الله رعايته السامية.
وإني لجد سعيد بانعقاد أول اجتماع لهذه الهيئة، التي تضم نخبة مشهود لها، بالوطنية الصادقة، والكفاءة العالية، والحنكة الرفيعة، فكانت بذلك هيئة متميزة، بحكم تعدد مشارب أعضائها، وتنوع مجالات تخصصاتهم، فضلا عن مساهماتهم الرصينة في ميدان إصلاح العدالة، لاسيما وأن من بين الأعضاء وزراء عدل سابقين تركوا بصماتهم الجلية في مجال الإصلاح.
كما أن هذه الهيئة تُمثَّل فيها كل من السلطة القضائية، والسلطة التشريعية والقضاء الدستوري، والقضاء المالي، ومؤسسات وهيئات حماية الحقوق والحريات والحكامة الجيدة والتقنين، هذا بالإضافة إلى المؤسسات الجامعية ومؤسسات التكوين، وكذا المجتمع المدني، وفعاليات على مستويات حقوقية مختلفة.
وإن كل هذه المواصفات والمقومات التي تتميز بها هذه الهيئة، سيكون لها الأثر الإيجابي على نجاح فعاليات الحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدالة.
حضرات السيدات والسادة
إذا كان اللجوء إلى الحوار الوطني – عموما - يستمد أهميته من كون هذا الحوار يعد منهجا سليما، ومدخلاً ناجعا في ميادين الإصلاح الاستراتيجية، بفضل المنهجية التشاركية والإدماجية التي ينبني عليها، فإن إجراء حوار وطني حول إصلاح منظومة العدالة يكتسي أهمية بالغة ومتميزة، لأنه:
1 – يأتي في سياق تحولات كبرى يعرفها الميدان القضائي، عقب صدور الدستور الجديد، وارتقائه بالقضاء إلى سلطة قضائية مستقلة، والنص في صلب الدستور على حقوق المتقاضين وقواعد سير العدالة؛
2 - ولأنه، يشكل منهجية جديدة في مجال إصلاح قطاع العدالة، تهدف إلى تقديم رؤية مجتمعية شاملة، وبإشراك كل الفعاليات، لإيجاد الحلول الكفيلة بتلبية تطلعات المواطنين وحاجياتهم في ميدان العدل، بما يحقق إصلاح منظومة عدالتنا، التي ما فتئت تتعرض لانتقادات متزايدة من حيث أداء الجهاز القضائي بمختلف مكوناته.
وبالفعل، فلقد تبين من تشخيص وضعية العدالة في بلادنا:
أولا - وجود تحديات آنية يتعين التغلب عليها؛
ثانيا – قيام مشاكل بنيوية يتعين معالجتها؛
ثالثا - وجود رهانات استراتيجية ينبغي كسبها.
أولا - فمن حيث التحديات الآنية، فإنه يتعين:
- الإسراع بتنزيل مقتضيات الدستور بشأن السلطة القضائية المستقلة، من خلال إعداد القانون التنظيمي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، والقانون التنظيمي للنظام الأساسي للقضاة.
- الإسراع بتحديث منظومتنا القانونية، لاسيما ما يتعلق بالملاءمة مع الالتزامات الحقوقية الدولية للمغرب، وتعزيز ضمانات المحاكمة العادلة، وكذا ما يرتبط بالتشجيع على الاستثمار.
- توفير الإطار القانوني والهياكل الإدارية اللازمة للمهام الحقوقية الجديدة لوزارة العدل والحريات في ميدان تعزيز الحقوق والحريات.
- تعميم قانون قضاء القرب، سواء من حيث إعداد البنايات والتجهيزات، أو من حيث إعداد القضاة والموظفين الذين سيعملون بأقسام قضاء القرب. ونفس الأمر بالنسبة لتفعيل أقسام الجرائم المالية المحدثة للنظر في قضايا الجرائم المالية وقضايا الفساد المالي والإداري، حيث يتطلب الأمر توفير مقار مناسبة لهذه الأقسام، ودعمها بالأطر، وتمكينها من برامج لتكوين أطرها القضائية تكوينا عميقا في ميدان اختصاصها نظرا لدقته وتشعبه.
- إعادة انتشار الموارد البشرية على مختلف المحاكم بما يؤدي إلى التوازن في توزيعها من جهة، والتجاوب مع متطلبات وحاجيات العدالة والإدارة القضائية من جهة أخرى.
ثانيا - أما من حيث المشاكل البنيوية التي يتعين معالجتها، فهي متعددة وتوجد على عدة مستويات:
- فعلى مستوى التنظيم القضائي والخريطة القضائية: يتعين عقلنة هذا المجال، إذ يلاحظ تضخم في عدد الوحدات القضائية بما لذلك من أثر على ترشيد الموارد المادية والبشرية: 110 محكمة موضوع، و178 مركزا للقضاة المقيمين نصفها غير مشغل يتعين إعدادها لتفعيل قضاء القرب، بالإضافة إلى 241 محكمة للجماعات تم حذفها ويتعين توفير خدمات قضاء القرب بها. هذا بالإضافة إلى التمركز الإداري الملاحظ على مختلف مستويات الإدارة القضائية، مع ضعف في هيكلة كتابة الضبط، وقوانين تنظيمية وإجرائية غير ملائمة.
- ومن حيث النجاعة القضائية: فإن المتقاضين يعانون من بطء البت في القضايا، إذ يلاحظ أن هناك تطور غير متكافئ بين القضايا المسجلة والقضايا المحكومة وكذا الأحكام المنفذة. فقد تزايد عدد القضايا الرائجة أمام المحاكم حتى وصل إلى:3.372.054 قضية سنة 2011. في حين لم يبلغ عدد القضايا المحكومة سوى 2.456.469 قضية أي بنسبة بَتٍّ بلغت 72,85%، في حين تخلف أمام محاكم الموضوع ما مجموعه 915.305 قضية أي 27,15% من القضايا الرائجة. كما أن نسبة هامة من الأحكام تبقى من غير تنفيذ (20%)، مع وجود صعوبات في التنفيذ ضد الإدارات العمومية وشركات التأمين، وصعوبات وإشكاليات في التبليغ تساهم في البطء في البت، بالإضافة إلى عجز كبير بالنسبة لقضايا التنفيذ الزجري.
- ومن حيث فعالية العدالة الجنائية: فإن من أهم المعوقات، عدم ترشيد الاعتقال الاحتياطي (43% من السجناء هم معتقلون احتياطيون حيث بلغ عددهم 28500 من أصل 65200 نزيل)، مع نقص في تفعيل الآليات البديلة للاعتقال، وعدم التفعيل الأمثل لمبدأ الملاءمة بما يخدم مصالح الأطراف والصالح العام، وغلبة التطبيق الآلي للنصوص القانونية من قبل النيابة العامة. مما يستوجب جعل النيابة العامة آلية أساسية لتوفير الحماية وضمان احترام ممارسة الحقوق والحريات والسهر على التطبيق السليم للقانون، والاهتمام بتظلمات وشكاوى المواطنين ومعالجتها بالفورية اللازمة، وتقوية ضمانات المحاكمة العادلة وحقوق الدفاع وإشاعة ثقافة حقوق الإنسان بين الأشخاص المكلفين بإنفاذ القانون.
- وفيما يتعلق بتدبير الموارد البشرية: فإنه وفضلا عن الخصاص في عدد القضاة: 3749 قاض (بمعدل 12 قاض لكل 100000نسمة) فإن توزيعهم عدد غير مناسب، منهم 2879 قاض للحكم فقط و870 قاض للنيابة العامة. كما أنه ونتيجة الخصاص في الموارد البشرية (14588 موظف) فإن معدل نسبة القضايا المحكومة من القضايا الرائجة أصبح لا يتجاوز في المعدل 80 %، بحيث إن نسبة القضايا المخلفة تجاوز نسبة 20 % مما يساهم في زيادة البطء وتراكم القضايا. هذا بالإضافة للخصاص في التكوين، والخصاص في الأطر في ميادين الإعلاميات (130 مهندس)، والإحصائيات، والتواصل...
- أما الميزانية المخصصة لقطاع العدل: فإن ضعفها يؤثر سلبيا على جهود ومبادرات الإصلاح، إذ بلغت الميزانية القطاعية للوزارة سنة 2011 ما مجموعه 3.146.060.000 درهم بما في ذلك نفقات الموظفين أي ما يشكل 1,88% من الميزانية العامة للدولة برسم سنة 2011، علما بأن نفقات موظفي الوزارة تبلغ 2.261.060.000 درهم، بينما تبلغ نفقات المعدات والنفقات المختلفة 311.000.000 درهم، وميزانية الاستثمار 574.000.000 درهم.
- وفيما يخص البنية التحتية للعديد من المحاكم، فإن القصور في هذا المجال يزيد من معاناة العاملين في القطاع وكذا المتقاضين، إذ هناك ضعف في الطاقة الاستيعابية لبنايات المحاكم (وضعية 30 محكمة على الأقل في حاجة عاجلة للمعالجة)، وخصاص في البنية التحتية المعلوماتية (50 محكمة تنتظر أن تشملها عملية التحديث)، ونقص في تهيئة الشبكة الكهربائية للعديد من المحاكم، بالإضافة إلى قلة السيارات المخصصة للجلسات التنقلية، والتفتيش، والزيارات التفقدية لمخافر الضابطة القضائية والمؤسسات السجنية.
- أما على مستوى الولوج إلى القانون والعدالة، فهناك صعوبات تتجلى في الخصاص البين في تواصل المحاكم مع المتقاضين، مع نقص في بنية الاستقبال (50 محكمة فقط تتوفر على بنية استقبال حديثة)، وانعدام المساعدة القانونية، وضعف في نظام المساعدة القضائية، وقلة في الإقبال على الوسائل البديلة لحل المنازعات. هذا بالإضافة إلى حاجة خلايا محاربة العنف ضد المرأة إلى الدعم، من حيث المقار والموارد البشرية.
- وفيما يخص المهن القضائية ومساعدي القضاء: فقد أدى التزايد في أعداد منتسبي المهن القضائية (المحامون الممارسون 10.498، الخبراء 3.023، العدول 2905، النساخ 759، الموثقون 986، المفوضون القضائيون 1.232، التراجمة 323) إلى ظهور الحاجة إلى تطوير عدة جوانب تتعلق بأنظمتها والنهوض بها تكوينا وتخليقا.
- كما أن العلاقة بين المؤسسة القضائية والشرطة القضائية وكذا مؤسسة الطب الشرعي أصبحت في حاجة إلى إطار قانوني حديث.
ثالثا – أما الرهانات الاستراتيجية التي يتعين كسبها، فتتجلى فيما يلي:
- إشكالية التخليق: سواء على مستوى قطاع العدالة أو على مستوى تفعيل دور القضاء في تخليق الحياة العامة، حيث تزايدت المطالب بشأن اتخاذ مبادرات فعالة لتعزيز جهود تخليق قطاع العدالة بكل مكوناته، وكذا تفعيل دور القضاء في تخليق الحياة العامة، وعدم الافلات من العقاب ومكافحة الفساد.
- وارتباطا بموضوع التخليق، فإن الملاحظ هو غياب نظام فعال للتحفيز المحصِّن، ويكفي التذكير بأن الملحق القضائي يتقاضى راتبا شهريا يبلغ4270,02 درهما، وأن القاضي من الدرجة الثالثة يتقاضى راتبا شهريا يبلغ 9423,44 درهما، وأن القاضي من الدرجة الثانية يتقاضى راتبا شهريا يبلغ 12774,15 درهما، كما أن الراتب الشهري للقاضي من الدرجة الأولى يبلغ18589,13 درهما، في حين يبلغ الراتب الشهري للقاضي من الدرجة الاستثنائية 34080,04 درهما.
- الرفع من قدرات التكوين والتأهيل: وذلك من أجل ضمان جودة الخدمات القضائية والتخصص. وهذا رهان استراتيجي كبير، لاسيما وأن المعهد العالي للقضاء أصبح في حاجة ماسة إلى دعم بنيته اللوجيستيكية وقدراته البيداغوجية، لمواجهة متطلبات التكوين الإعدادي (بمعدل 300 ملحق قضائي و700 موظف من موظفي هيئة كتابة الضبط كل سنة)، هذا فضلا عن التكوين المتخصص والتكوين المستمر للقضاة والموظفين وباقي منتسبي المهن القضائية (بمعدل 4000 مستفيد سنويا حاليا).
- المكننة الشاملة للإدارة القضائية: رغم الجهود المبذولة في ميدان التحديث، فلا زال هناك نقص في اعتماد الإدارة القضائية على المعلوميات، بحيث لا زالت العديد من المحاكم لا تفعل النظام المعلوماتي الخاص بها، ولا توظف مواقعها الالكترونية في تقديم الخدمات القضائية للمتقاضين، بالإضافة إلى الازدواجية في عمل كتابة الضبط بين العمل اليدوي والعمل بالحاسوب مما يحول دون الاستغلال الأمثل للمعلوميات في تسريع الإجراءات.
حضرات السيدات والسادة
إن هذا القصور الملاحظ في منظومة عدالتنا، أصبح يتطلب معالجة فعالة وناجعة، وفق مقاربة شاملة متكاملة، وتبعا لمنهجية تشاركية وإدماجية في مجال الإصلاح. ومن هنا كانت مبادرة الحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدالة الذي ستجري فعاليته تحت الرعاية الملكية السامية لصاحب الجلالة.
ولذلك نقترح عليكم أن يكون من أهداف هذا الحوار الوطني ما يلي:
- إشراك مختلف الفعاليات في تحمل مسؤولية إصلاح منظومة العدالة؛
- وضع ميثاق لإصلاح منظومة العدالة.
كما نقترح عليكم، أن تتولى الإشراف على مجريات هذا الحوار الأجهزة التالية:
1 – الهيئة العليا للحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدالة؛
2 - هيئة الحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدالة، واللجن الموضوعاتية المتفرعة عنها؛
3 - مناظرة الحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدالة، التي سيتمخض عنها وضع ميثاق الإصلاح.
- فالهيئة العليا للحوار الوطني، تضم أربعين عضوا، وهي بمثابة مجلس للتوجيه والتنسيق، تتولى الإشراف على إدارة الحوار الوطني وتأطير أشغاله، ووضع المصفوفة العامة للمقترحات ومشاريع التوصيات، التي سيتم عرضها على مناظرة الحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدالة، والتي سيتمخض عنها ميثاق وطني لإصلاح منظومة العدالة، والذي سيكون من اختصاص هذه الهيئة المصادقة النهائية عليه.
- وإلى جانب هذه الهيئة توجد هيئة الحوار الوطني، وهي هيئة موسعة، يناهز عدد أعضائها 200 عضوا، نقترح عليكم أن يكونوا من ممثلي القطاعات الوزارية، وممثلي مختلف الجمعيات المهنية، ومكونات المجتمع المدني والفعاليات المهتمة. وستشارك هذه الهيئة في مختلف أطوار وأشغال الحوار الوطني الميداني. ويمكن ان تتفرع هذه الهيئة إلى لجان موضوعاتية تعد تقاريرها وتوصياتها على ضوء جلسات الحوار، وتعرضها على الهيئة العليا التي تعمل على تقديمها إلى مناظرة الحوار الوطني. مع الإشارة إلى أن التمثيليات المركزية يمكن أن تساهم في الحوار من خلال ممثليها على الصعيد الجهوي والمحلي (القضاة، المحامون، كتاب الضبط، الموثقون، وفروع الجمعيات، وغيرها من الهيآت)، وذلك وفق معايير ينبغي تحديدها.
ونقترح أن يواكب عمل الهيئتين المذكورتين أعلاه سكرتارية عامة ولجنة تنظيمية ولوجيستيكية.
- أما مناظرة الحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدالة، فنقترح أن تكون بمثابة جمعية عامة للحوار الوطني، تضم أكبر عدد من ممثلي مختلف الفعاليات المجتمعية والمهنية (200 – 300 شخص)، وتهدف إلى إبراز ملامح التوافق الوطني حول عملية الإصلاح. ويتم خلال هذه المناظرة مناقشة تقارير وتوصيات أجهزة الحوار الوطني والمصادقة عليها، وعنها تتمخض التوصيات النهائية في شكل ميثاق وطني حول إصلاح منظومة العدالة, يرفع إلى أنظار صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله .
حضرات السيدات والسادة
عقب اجتماعنا الأول هذا، نقترح أن يتم عقد اجتماع مع الهيئة الموسعة للحوار الوطني، وذلك يوم الجمعة 11 مايو على الساعة الرابعة بعد الزوال بحول الله .
وستجري أطوار هذا الحوار وفق أرضية مقترحة كما يلي:
أولا – فيما يتعلق بالمواضيع المطروحة للنقاش:
يقترح أن تعالج في جلسات الحوار الإشكاليات الكبرى التي تواجهها العدالة المغربية، وذلك في المجالات الستة التالية:
1 – استقلال السلطة القضائية؛
2 – تأهيل وتخليق الموارد البشرية؛
3 – تأهيل وتخليق المهن القضائية؛
4 – تطوير العدالة الجنائية وتعزيز ضمانات المحاكمة العادلة؛
5 – التنظيم القضائي والنجاعة القضائية وتسهيل الولوج إلى القانون والعدالة؛
6 – تحديث الإدارة القضائية والبنية التحتية للمحاكم.
ثانيا - الإجراءات المواكبة:
مواكبة لأطوار سير الحوار الوطني نقترح إحداث بوابة إلكترونية، تستعمل كمنتدى حول إصلاح منظومة العدلة واستقبال مقترحات العموم. وبالموازاة مع ذلك نرجو أن تكون هناك مواكبة إعلامية مكثفة بهدف خلق مناخ إيجابي للحوار، بما في ذلك تنظيم برامج إذاعية وتلفزيونية حول الشأن القضائي.
كما سيتم إعداد جملة من الوثائق وأوراق موضوعاتية حول واقع العدالة بالمغرب، وأدبيات الحوار إلى غير ذلك، ويقترح أن يكون من جملة الوثائق مشروع الأرضية التي أعدتها وزارة العدل والحريات لمخطط الإصلاح الشامل والعميق لمنظومة العدالة 2012 – 2016، على أن يكون الحوار مفتوحا أمام مقترحات لأرضيات أخرى إن وجدت.
حضرات السيدات والسادة
تلكم هي مجمل المعطيات الأولية المتعلقة بالحوار الوطني لإصلاح منظومة العدالة، سواء من حيث الأجهزة المشرفة عليه، أو من حيث المواضيع والمراكز المقترحة لأشغاله.
وأكيد أن نقاشاتنا في إطار اجتماع هذه الهيئة العليا سيبلور خططا محكمة لتوجيه هذا الحوار بما يحقق نجاحه، هذا النجاح الذي لا يتصور إلا إذا تم اعتماد:
1 – أخلاقيات الحوار الضرورية والتي تأبى فرض المواقف المسبقة أو تجييش الفئات؛
2 – الإعداد الجيد والمناقشة الهادئة، المنتجة للأفكار والتصورات النوعية؛
3 – التنظيم المحكم الذي يتطلب أن تكون المناقشة واسعة، وفي نفس الوقت مضبوطة ومنظمة، وهو ما يتطلب حصر لائحة المشاركين في الحوار على أسس موضوعية مبنية على التمثيلية؛
4 – التواصل الضروري والمواكبة الإعلامية اللازمة لكافة أطوار الحوار؛
5 - الانخراط الشامل والدائم لأعضاء الهيئة العليا للحوار الوطني في كافة أطوار ومحطات الحوار، بما يمثلونه من كفاءة وحصافة وتأثير، بإمكانه أن يساعد على الرشد ويلهم الصواب.
والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
الهيئة العليا للحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدالة
السيد الرميد المصطفى
وزير العدل و الحريات
السيد مصطفى فارس
الرئيس الأول لمحكمة النقض
السيد مصطفى مداح
الوكيل العام لدى محكمة النقض
السيد محمد الطيب الناصري
محام بهيئة الدار البيضاء وزير العدل سابقا
السيد محمد الإدريسي مشيشي العلمي .
وزير العدل سابقا
السيد أحمد الميداوي .
الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات
السيد شكيب بن موسى .
رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي
السيد عبد العزيز بنزاكور .
رئيس مؤسسة الوسيط
السيد محمد يسف .
الكاتب العام للمجلس العلمي الأعلى
السيد أحمد الغزالي .
رئيس الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري
السيد عبد العالي بنعمور .
رئيس مجلس المنافسة
السيد عبد السلام أبو درار .
رئيس الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة
السيد محمد حنين .
رئيس لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب
السيد عمر أدخيل .
رئيس لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس المستشارين
السيد عبد اللطيف الجواهري .
والي بنك المغرب
السيدة رحمة أبورقية .
رئيسة جامعة الحسن الثاني بالمحمدية
السيد أحمد بوكوس .
عميد المعهد الملكي للثقافة الامازيغية
السيد عبد المجيد غميجة .
الكاتب العام لوزارة العدل
السيد محمد بنعليلو .
قاض رئيس ديوان وزير العدل والحريات مستشار في السياسة الجنائية
السيد محمد سعيد بناني .
المدير العام للمعهد العالي للقضاء
السيد عبد الله حمود .
المفتش العام لوزارة العدل والحريات
السيد إبراهيم الأيسر .
مدير الشؤون المدنية بوزارة العدل والحريات
السيد مَحمد عبد النباوي .
مدير الشؤون الجنائية والعفو بوزارة العدل والحريات
السيدة نجية الرحالي .
مديرة الدراسات والتعاون والتحديث بوزارة العدل والحريات
السيدة مريم بنصالح شقرون .
رئيسة المركز الأورومتوسطي للوساطة والتحكيم
السيدة رجاء ناجي مكاوي .
أستاذة التعليم العالي ، جامعة محمد الخامس – أكدال
السيدة زينب الطالبي .
رئيسة غرفة بمحكمة النقض، ملحقة بالأمانة العامة للحكومة
السيدة ليلى المريني .
رئيسة غرفة بمحكمة النقض ، عضوة المجلس الدستوري
السيدة زينب العدوي .
رئيسة المجلس الجهوي للحسابات بالرباط
السيدة رابحة زدكي .
عضوة المجلس ا لأعلى للاتصال السمعي البصري
السيد عبد الحق العياسي .
رئيس الودادية الحسنية للقضاة
السيد حسن وهبي .
رئيس جمعية هيآت المحامين بالمغرب
السيد عبد الرحيم الجامعي .
نقيب سابق ممثل المرصد المغربي للسجون
السيد عبد اللطيف الحاتمي .
رئيس الجمعية المغربية للدفاع عن استقلال القضاء
السيد عبد العزيز النويضي .
عن جمعية عدالة
السيد محمد الشهبي .
نقيب سابق لهيئة المحامين بالدار البيضاء
السيد جمال الدين ناجي .
منسق الحوار الوطني حول الاعلام و المجتمع
وزير العدل و الحريات
السيد مصطفى فارس
الرئيس الأول لمحكمة النقض
السيد مصطفى مداح
الوكيل العام لدى محكمة النقض
السيد محمد الطيب الناصري
محام بهيئة الدار البيضاء وزير العدل سابقا
السيد محمد الإدريسي مشيشي العلمي .
وزير العدل سابقا
السيد أحمد الميداوي .
الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات
السيد شكيب بن موسى .
رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي
السيد عبد العزيز بنزاكور .
رئيس مؤسسة الوسيط
السيد محمد يسف .
الكاتب العام للمجلس العلمي الأعلى
السيد أحمد الغزالي .
رئيس الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري
السيد عبد العالي بنعمور .
رئيس مجلس المنافسة
السيد عبد السلام أبو درار .
رئيس الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة
السيد محمد حنين .
رئيس لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب
السيد عمر أدخيل .
رئيس لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس المستشارين
السيد عبد اللطيف الجواهري .
والي بنك المغرب
السيدة رحمة أبورقية .
رئيسة جامعة الحسن الثاني بالمحمدية
السيد أحمد بوكوس .
عميد المعهد الملكي للثقافة الامازيغية
السيد عبد المجيد غميجة .
الكاتب العام لوزارة العدل
السيد محمد بنعليلو .
قاض رئيس ديوان وزير العدل والحريات مستشار في السياسة الجنائية
السيد محمد سعيد بناني .
المدير العام للمعهد العالي للقضاء
السيد عبد الله حمود .
المفتش العام لوزارة العدل والحريات
السيد إبراهيم الأيسر .
مدير الشؤون المدنية بوزارة العدل والحريات
السيد مَحمد عبد النباوي .
مدير الشؤون الجنائية والعفو بوزارة العدل والحريات
السيدة نجية الرحالي .
مديرة الدراسات والتعاون والتحديث بوزارة العدل والحريات
السيدة مريم بنصالح شقرون .
رئيسة المركز الأورومتوسطي للوساطة والتحكيم
السيدة رجاء ناجي مكاوي .
أستاذة التعليم العالي ، جامعة محمد الخامس – أكدال
السيدة زينب الطالبي .
رئيسة غرفة بمحكمة النقض، ملحقة بالأمانة العامة للحكومة
السيدة ليلى المريني .
رئيسة غرفة بمحكمة النقض ، عضوة المجلس الدستوري
السيدة زينب العدوي .
رئيسة المجلس الجهوي للحسابات بالرباط
السيدة رابحة زدكي .
عضوة المجلس ا لأعلى للاتصال السمعي البصري
السيد عبد الحق العياسي .
رئيس الودادية الحسنية للقضاة
السيد حسن وهبي .
رئيس جمعية هيآت المحامين بالمغرب
السيد عبد الرحيم الجامعي .
نقيب سابق ممثل المرصد المغربي للسجون
السيد عبد اللطيف الحاتمي .
رئيس الجمعية المغربية للدفاع عن استقلال القضاء
السيد عبد العزيز النويضي .
عن جمعية عدالة
السيد محمد الشهبي .
نقيب سابق لهيئة المحامين بالدار البيضاء
السيد جمال الدين ناجي .
منسق الحوار الوطني حول الاعلام و المجتمع