MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers





المشكلات العملية في قانون التحكيم المغربي

     

مداخلة قدمت ضمن فعاليات المؤتمر المهني الأول للتحكيم ، المنظم من طرف الأكاديمية الدولية للوساطة والتحكيم وعدد من الجهات المهنية في مختلف الدول العربية ، تحت شعار "التحكيم العربي الحاضر والمستقبل"، وذلك في الفترة من 12 - 14 من أكتوبر 2017 بالقاهرة .

الدكتور مصطفى بونجة
محام بهيئة المحامين بطنجة ( المملكة المغربية)ومقبول لدى محكمة النقض
أستاذ زائر بكليات الحقوق
رئيس المركز المغربي للتحكيم ومنازعات الأعمال
مدير المجلة المغربية للتحكيم العربي و الدولي



المشكلات العملية في قانون التحكيم المغربي
 
 
في إطار وضعها لقوانين تنظم التحكيم ، سارت العديد من الدول على نهج القانون النموذجي الذي وضعته لجنة قانون التجارة في الأمم المتحدة "الأونيسترال"، هذه القوانين التي يعتبر أبرزها القانون المصري للتحكيم رقم 27 لسنة 1994[1]، في حين استلهمت العديد من الدول قوانينها الخاصة بالتحكيم ، من القانون الفرنسي .
ويعتبر القانون المغربي للتحكيم النموذج الأبرزتجسيدا للاستلهاممن القانون الفرنسي للتحكيم ، فبالرغم من أن قانون التحكيم المغربي و الذي هو القانون رقم 05ـ08[2] قد صدر سنة 2007 ، وأن القانون الجديد للتحكيم يعود تاريخه لسنة 2011[3] ، فان هناك تطابق بين القانونين [4].
و لعل سببذلك يرجع إلى اعتماد واضعي مشروع القانون رقم 05ـ08 على مرسومي 1980 و 1981 من القانون الفرنسي، وكذلك على النقاشات الفقهية و القانونية التي سبقت صدور مرسوم 2011 بفرنسا .
وقد جاء قانون 08.05 القاضي بنسخ وتعويض الباب الثامن بالقسم الخامس من قانون المسطرة المدنية بناء على التوجيهات الملكية[5]، والتي أكدت على ضرورة الإعداد السريع لمشروع قانون التحكيم التجاري الوطني والدولي ليستجيب لمتطلبات عولمة الاقتصاد ويساهم في جلب الاستثمار الأجنبي.
فالقانون رقم 08.05 جاء استجابة للتطورات التي يعرفها ميدان المال والأعمال، ليتلاءم مع المبادئ الدولية للتحكيم الذي أصبح السبيل الأكثر شيوعا لفض النزاعات التي تنشأ فيما بين الأشخاص الذين ينتمون لجنسيات مختلفة، بصدد علاقاتهم التعاقدية الناجمة عن عقود مشاريع واعتبارا لاتساع دائرة المعاملات التجارية في ظل العولمة وحرية التجارة واتفاقية التبادل الحر[6].
و للحديث عن المشكلات العملية في قانون التحكيم المغربي ، فانه من الواجب أبراز المرتكزات الأساسية لقانون التحكيم المغربي ، حتى نصل إلى وضع اليد على أهم الإشكالات العملية و التطبيقية لهذا القانون .
وحتى يتأتى لنا ذلك ، فإننا سنتناول ذلك عبر محورين :
المحور الأول : المرتكزات الأساسية لقانون التحكيم المغربي
المحور الثاني : المشكلات التطبيقية لقانون التحكيم المغربي
 
 
 
 
 
 
المحور الأول : المرتكزات الأساسية لقانون التحكيم المغربي
و نتحدث هنا عن :
  • نطاق اتفاق التحكيم في القانون المغربي
  •  استقلال شرط التحكيم
  • العلاقة بين القضاء الرسمي و التحكيم
 
1 نطاق اتفاق التحكيم في القانون المغربي :
 
و المقصود هنا ، موضوع المنازعات التي يشملها اتفاق التحكيم و التي نص القانون المغربي  على إمكانية  حلها عن طريق التحكيم،و داخل نطاق محدد يسمى بالنظام العام.
فالفصل 308 من ق م م ،  أعطى  لجميع الأشخاص من ذوي الأهلية الكاملة سواء كانوا طبيعيين أو معنويين أن يبرموا اتفاق تحكيم في الحقوق التي يملكون حرية التصرف فيها.
و المقصود بهذه الحقوق تلك الحقوق القابلة لأن تكون موضوع اتفاق التحكيم "الحقوق المالية[7]، بما فيها  النزاعات ذو طابع مالي ناتجة عن التصرفات الأحادية للدولة أو الجماعات المحلية أو غيرها من الهيئات المتمتعة باختصاصات السلطة العمومية أو النزاعات المتعلقة بالعقود التي تبرمها الدولة أو الجماعات المحلية، لكن في دائرة التقيد بالمقتضيات الخاصة بالمراقبة أو الوصايا المنصوص عليهما في النصوص التشريعية أو التنظيمية الجاري بها العمل فيما يخص العقود المعنية. [8]
كما أن الفقرة الثانية من الفصل 308 من ق م م ، نصت على  الإحالة إلى النزاعات التي تدخل في اختصاصات المحاكم التجارية التي تعد محل اتفاق التحكيم عملا بمقتضيات المادة 5 من القانون رقم 95.53 القاضي بإحداث المحاكم التجارية ، فالفقرة الأخيرة من الفصل 308 نصت على أنه: يمكن بوجه خاص أن تكون محل اتفاق تحكيم النزاعات الداخلة في اختصاص المحاكم التجارية عملا بالمادة 5 من القانون رقم 53.95 القاضي بإحداث محاكم تجارية".
و بالوقوف على نص المادة 5 من قانون إحداث المحاكم التجارية رقم 95.53 ، فإنها قد حددت الاختصاص النوعي للمحاكم التجارية فيما يلي:
1ـ الدعاوى المتعلقة بالعقود التجارية.
2ـ الدعاوى التي تنشأ بين التجار و المتعلقة بأعمالهم التجارية.
3ـ الدعاوى المتعلقة بالأوراق التجارية.
4ـ النزاعات الناشئة بين شركاء في شركة تجارية.
5ـ النزاعات المتعلقة بالأصول التجارية...
بحيث جاء في أحكام الفقرة الرابعة من المادة 5 من القانون رقم 53.95 ، كما تم تغييرها بمقتضى المادة الثالثة من القانون رقم 08.05 سالف الذكر، على أنه:
" يجوز للأطراف الاتفاق على عرض النزاعات المبينة أعلاه على مسطرة التحكيم والوساطة وفق أحكام الفصول من 306 إلى 70-327 من قانون المسطرة المدنية".
 
أ- المواضيع الغيرقابلة للتحكيم :
 أما المواضيع غير القابلة للتحكيم  فقد جاء في الفصل 309  من ق م م على أنه :"مع مراعاة مقتضيات الفصل 308 أعلاه، لا يجوز أن يبرم اتفاق التحكيم بشأن تسوية النزاعات التي تهم حالة الأشخاص وأهليتهم أو الحقوق الشخصية التي لا تكون موضوع تجارة".
فالمشرع المغربي  أقصى من المواضيع التي لا تصلح لأن تكون قابلة لاتفاق التحكيم[9] طبقا للفصل 309 من هذا القانون تلك النزاعات التي تتعلق بحالة الأشخاص[10] و أهليتهم،[11]، لارتباطها الوثيق بالنظام العام و كل ما له علاقة بأهلية الأفراد باعتبارها خارج كل اتفاق أو تراض بينهما، و كذلك بالنسبة للحقوق الشخصية[12]، إلا أنه بالنسبة لهذه الأخيرة أجاز أن تكون محل تفاق التحكيم مادامت أنها موضوع تجارة.
ولقد ظلت هناك بعض المجالات التي أثير حولها نقاش على مستوى الفقه حول مدى جواز حلها عن طريق التحكيم، بالرغم من أن المشرع المغربي لم ينص عليها صراحة سواء في المقتضيات السابقة أو اللاحقة بموجب قانون 05ـ08، و يرجح الفقه البت فيها لاختصاص المحاكم و ليس للمحكم لما تتعلق بالنظام العام، و أهم هذه المجالات:
 ـ القانون الجنائي: نظرا لاعتبار القانون الجنائي هو يمثل المصلحة العامة و مصلحة المجتمع فهو بذلك يرتبط بالنظام العام بحيث لا يتصور فيه قابلية حل المنازعات ذو الطابع الجنائي عن طريق التحكيم، و أن الأمر يرجع لاختصاص المحاكم الزجرية وحدها، بل فقط يمكن جوازه فيما يخص المطالب المدنية التي قد يمكن أن تكون محل اتفاق التحكيم بين المتسبب في الجريمة و الضحية.
ـ المساطر الجماعية:  و هنا يبرز المنع الواضح فيما يخص جواز التحكيم في المنازعات المتعلقة بصعوبات المقاولة، ذلك أنه يبدو من غير المعقول الجمع بين اتفاق التحكيم الذي مصدره و قوامه مبدأ سلطان إرادة الأطراف و الطابع الذي يصبغ هذه النوع من المنازعات في صعوبة المقاولة، ذلك أن هذه الأخيرة تقوم على التوازن بين مصالح المقاولة و مصلحة الاقتصاد الوطني و مصلحة الدائنين و الإجراء، و هي بذلك تتعلق بالنظام العام  لذلك لم يدرجها المشرع ضمن الاختصاص النوعي للمحاكم التجارية في الفصل 5 مع تلك المنازعات القابلة للتحكيم.
و يذهب بعض الفقه المغربي في ذلك إلى ضرورة التمييز بين اتفاق التحكيم الذي أبرم قبل صدور الحكم بفتح مساطر صعوبات المقاولة، و بين ما إذا أبرم بعد افتتاح هذه المساطر، ذلك أم الحكم القاضي بفتح مساطر صعوبات المقاولة لا يؤثر من الناحية القانونية على مسطرة التحكيم التي تبقى قائمة حتى يصدر المحكمون قرارهم بشأنها، و أن القاضي لا يمكنه أن يوقفها. أما بخصوص شرط التحكيم الذي أبرم بعد فتح هذه المساطر، فإنه يكون باطلا لتعلقه بالنظام العام و بإجراءات جوهرية حرصت التشريعات الحديثة أن تسند الاختصاص حصريا بشأنها للمحاكم الوطنية، و منها التشريع المغربي الذي جعل من مادة صعوبات المقاولة من اختصاص المحاكم التجارية.
ـ الملكية الصناعية: نظم المشرع المغربي الملكية الصناعية بموجب قانون لحماية الملكية الصناعية المغربي الصادر بتنفيذ قانون رقم 17ـ97 و المعدل بموجب قانون 31ـ05 الصادر بتاريخ 14 فبراير 2006 [13]، فمازالت  المنازعات المتعلقة بهذه المادة (الملكية الصناعية) خاضعة للمحاكم التجارية وحدها[14]، و لم ينص بشأنها مدى خضوعها لاتفاق التحكيم.
ب- اتفاق التحكيم في المنازعات الإدارية :
 
نص  الفصل 310 من القانون رقم 05ـ08  ، على أنه يمكن أن تكون النزاعات المتعلقة بالعقود التي تبرمها الدولة أو الجماعات المحلية ، وكذلك  النزاعات المالية الناتجة  عن التصرفات الأحادية للدولة أو الجماعات المحلية أو غيرها من الهيئات المتمتعة باختصاصات السلطة العمومية محل اتفاق تحكيم في دائرة التقيد بالمقتضيات الخاصة بالمراقبة أو الوصاية المنصوص عليهما في النصوص التشريعية أو التنظيمية الجاري بها العمل فيما يخص العقود المعنية .
و هذا المقتضى الأخير من المستجدات الهامة التي تضمنها المشرع المغربي في قانون التحكيم رقم 05ـ08 لأول مرة، فقد كان يحظر على الأشخاص العمومية من اللجوء لاتفاق التحكيم في المنازعات الإدارية بصفة مطلقة تحت مسمى النظام العام[15]، و ذلك لما تتنافى مع إمكانية اللجوء للتحكيم للفصل فيها و تتعلق بمشروعية القرار الإداري، خاصة ما يتعلق بدعوى الإلغاء التي تتعارض مع طبيعة التحكيم لتعلقها بالنظام العام ، غير أن هذا الفصل وضع حدودا لإمكانية الاتفاق على التحكيم في المنازعات الإدارية   .
فبالنسبة  للنزاعات المتعلقة بالتصرفات الأحادية للدولة أو الجماعات المحلية أو غيرها من الهيئات المتمتعة باختصاصات السلطة العمومية  و المقصود هو القرارات الإدارية التي لا تقبل التحكيم،  إضافة إلى حظر التحكيم في  ما يتعلق بتطبيق قانون جبائي[16].
 فالمشرع المغربي عندما أتاح للأطراف إمكانية التحكيم في المنازعات الإدارية ، فانه  فلم يسمح بذلك إلا فيما يتعلق بالنزاعات المالية الناتجة عن هذه المنازعات كما هو واضح من خلال الفصل المذكور، لغرض حماية المراكز الفردية و الحقوق الشخصية لأطرافها و تعويض المتضرر عن ما لحق به من ضرر من جراء قرار غير مشروع أو فعل مادي ضار من جانب الإدارة، و بذلك فهي بعيدة كل البعد عن مبدأ المشروعية، مع التقيد بالمقتضيات الخاصة بالمراقبة[17] أو الوصاية المنصوص عليهما في النصوص التشريعية أو التنظيمية الجاري بها العمل فيما يخص العقود المعنية، ذلك أنه بالرغم من تحديد المشرع المغربي لمجال أو محل اتفاق التحكيم إلا أن هذا التحديد يبقى نسبيا.
 
2- استقلال شرط التحكيم:
 نص الفصل 318 من ق م م على أن شرط التحكيم يعتبر اتفاقا مستقلا عن شروط العقد الأخرى، و لا يترتب على بطلان العقد أو فسخه أو إنهائه أي أثر على شرط التحكيم الذي يتضمنه إذا كان هذا الشرط صحيحا في ذاته".
إذا كان اتفاق التحكيم بنوعيه ـ سواء في صورة شرط تحكيم أو عقد تحكيم ـ يقتضي تضمين الشروط الأساسية كأي عقد باعتباره يعد "اتفاق داخل اتفاق"، إلا أنه ليس بالضرورة أن ما يسري على العقد الأصلي من شروط إضافية أو متطلبة فيه تنطبق بالضرورة على اتفاق التحكيم، فالغاية هي تحقيق استقلالية اتفاق التحكيم عن العقد الأصلي بما فيها شروطه، و الاقتصار فقط على ما يلاءم اتفاق التحكيم الداخلي و خاصة الدولي ذو الصبغة الخاصة.
  1. العلاقة بين القضاء الرسمي و التحكيم:
 
  1. : مدى أولوية المحكم للبت في النزاع بدلا من القاضي الرسمي
و المقصود هنا هو القاعدة الذهبية  المتمثلة في  مبدأ الاختصاص بالاختصاص للمحكم أي ولاية المحكم للنظر في النزاع المتفق حله عن طريق التحكيم من جهة، و من جهة أخرى أولويته للنظر في النزاع (عدم اختصاص القضاء، أو اختصاص السلبي للقضاء):
  • فيما يخص مبدأ الاختصاص بالاختصاص:
فالفصل 9-327 من ق م م نص على أنه "على الهيئة التحكيمية، قبل النظر في الموضوع أن تبت، إما تلقائيا أو بطلب من أحد الأطراف، في صحة أو حدود اختصاصاتها أو في صحة اتفاق التحكيم وذلك بأمر غير قابل للطعن وفق نفس شروط النظر في الموضوع وفي نفس الوقت..."
وترتيبا على ذلك ، نص القانون المغربي على مبدأ أولوية المحكم للنظر في النزاع (الاختصاص السلبي للقضاء)، فالفصل 327من ق م م نص على أنه عندما يعرض نزاع مطروح أمام هيئة تحكيمية عملا باتفاق تحكيم، على نظر إحدى المحاكم، وجب على هذه الأخيرة إذا دفع المدعى عليه بذلك قبل الدخول في جوهر النزاع أن تصرح بعدم القبول إلى حين استنفاد مسطرة التحكيم أو إبطال اتفاق التحكيم، كما أنه إذا كان النزاع لم يعرض بعد على الهيئة التحكيمية، وجب كذلك على المحكمة بطلب من المدعى عليه أن تصرح بعدم القبول ما لم يكن بطلان اتفاق التحكيم واضحا.
و يتعين على المدعى عليه أن يدفع بذلك قبل الدخول في جوهر النزاع، ولا يجوز للمحكمة في كلتا الحالتين أن تصرح تلقائيا بعدم القبول، كما أنه و عندما ترفع أمام المحكمة الدعوى موضوع المنازعة التحكيمية ، يمكن، بالرغم من ذلك، مباشرة مسطرة التحكيم أو متابعتها، ويمكن إصدار حكم تحكيمي في انتظار أن تبت المحكمة في ذلك.
و من خلال هذا النص، فالمشرع المغربي ألزم القضاء بامتناعه عن نظر نزاع يتضمن اتفاقا تحكيميا و ذلك من خلال بتصريحه بعدم القبول، متى عرض أحد الأطراف و هو "المدعى عليه" تحديدا على القضاء للبت في هذا النزاع، سواء أكان النزاع معروضا مسبقا على الهيئة التحكيمية أم لم يعرض بعد عليها، و مادام لم يتم الدخول في جوهر النزاع.  و في جميع الأحوال و مهما يكن، لم يسمح للقضاء بتصريحه بعدم القبول تلقائيا. و من ثم، فإذا قام أحد الأطراف برفع دعواه أمام القضاء على الرغم من وجود شرط التحكيم، فإنه يعتبر بذلك متنازلا عن الحق في اللجوء إلى التحكيم بشكل صريح، و في مقابل ذلك يعتبر الطرف الآخر متنازلا ضمنيا إذا شارك في إجراءات الدعوى دون أن يدفع بوجود شرط التحكيم. و لا يجوز  بالرغم من ذلك و في جميع الأحوال  للقضاء إعمال الأثر السلبي من تلقاء نفسه، ما لم يبادر إلى ذلك المدعى عليه.
فالواضح من خلال هذا الفصل، أن المشرع المغربي قد أقام تفرقة بين الحالة التي تسبق فيها هيئة التحكيم النظر في النزاع قبل اللجوء إلى القضاء، و الحالة الثانية المتمثلة في كون النزاع لم يعرض بعد على الهيئة التحكيمية و يسبق المدعى عليه باللجوء إلى القضاء:
ـ ففي الحالة الأولى، يجب على قضاء الدولة الذي يرفع أمامه نزاع سبق عرضه أمام هيئة التحكيم أن تصرح بعدم قبولها. فصيغة الوجوب التي تضمنها المشرع المغربي في الفقرة الأولى من هذا الفصل تعتبر تخلي القضاء عن نظر النزاع في هذه الحالة هو أمر وجوبي.
ـ أما في الحالة الثانية، و التي لم يسبق فيها أن تم عرض النزاع المتضمن لاتفاق التحكيم على الهيئة التحكيمية و إنما أمام القضاء، ففي هذه الحالة أيضا تصرح المحكمة بعدم قبول هذا النزاع الذي تقدم به المدعى عليه.
و قد استثنى المشرع المغربي من مبدأ وجوب عدم قبول القضاء لهذا النزاع  أو "عدم قبوله"، و بمعنى آخر بتدخله للنظر في النزاع استثناءا، في حالتين: الأولى،  إن لم يكن التحكيم قد استنفذ أو تم إبطاله طبقا للفقرة الأولى . و الحالة الثانية، والتي يكون فيها اتفاق التحكيم باطلا بطلانا واضحا كما جاء في الفقرة الثانية من هذا الفصل.
و بالوقوف تحديدا عند هذه الحالة الأخيرة، فإن هذه القاعدة لها تطبيقات عملية على مستوى سوء صياغة اتفاق التحكيم، لأنه في الواقع العملي نواجه في العديد من الحالات بأن هناك شرط تحكيم يعطي الاختصاص لقضاء التحكيم و للقضاء الرسمي في نفس الوقت، و هذا النوع من الشروط يصطلح عليها بالشروط المعتلة La clause pathologique. و بالتالي يطرح التساؤل، هل أننا نسند الاختصاص في هذه الحالة إل التحكيم أم إلى القضاء؟ أم أنه على القضاء التصريح بأن هذا الشرط باطل و بالتالي فإن الجهة المختصة هي جهة القضاء الرسمي.
غير أن العمل القضائي سواء الوطني أو الدولي يُقرُّ بشكل واضح بإسناد الاختصاص للهيئة التحكيمية بدلا عن جهة القضاء الرسمي، و لا يعتبر هذا الشرط باطلا مادام أنه و للتقرير ببطلان شرط التحكيم فإن البطلان يجب أن يكون بطلانا واضحا أو كما عمل على ذكر ذلك المشرع الفرنسي بموجب مرسوم 2011 أن تكون عدم إمكانية تطبيق شرط التحكيم بشكل واضح.
و الخلاصة، أن وجود الشرط المعتل لا يمكن أن يفسَّر إلا لفائدة جهة اختصاص التحكيم دون سواها.
وأمام هذا الوضع، فإن المشرع المغربي لم يسمح بوقف الإجراءات لحين النظر في الدفع المقدم أمام القضاء و الحكم بعدم قبوله، و ذلك عندما نص المشرع المغربي في الفقرة الأخيرة من المادة 327 على أنه "عندما ترفع أمام المحكمة الدعوى المشار إليها في الفقرتين الأولى و الثانية أعلاه، يمكن بالرغم من ذلك مباشرة مسطرة التحكيم أو متابعتها، و يمكن إصدار حكم تحكيمي في انتظار أن تبت المحكمة في ذلك".       
  1. : التدخل الايجابي للقضاء الرسمي في مساعدة الهيئة التحكيمية
عادة ما يعترض تشكيل الهيئة التحكيمية عدة إشكالات ، و تسهيلا لحل هذه الإشكالات جاء الفصل 5-327 لوضع إطار قانوني يحدد أكال تدخل القضاء بالمساعدة في تشكيل الهيئة التحكيمية ، ذلك  أن الفصل 5-327 نص على أنه "  إذا لم يتم تعيين الهيئة التحكيمية مسبقا وكيفية وتاريخ اختيار المحكمين أو لم يتفق الأطراف على ذلك ، تتبع الإجراءات التالية :
  • إذا كانت هيئة التحكيم تتكون من محكم واحد يتولى رئيس المحكمة المختصة تعيين المحكم بناء على طلب أحد الطرفين .
  • 2- إذا كانت هيئة التحكيم مشكلة من ثلاثة محكمين يعين  كل طرف محكما ويتفق المحكمان المعينان على تعيين المحكم الثالث ، فإذا لم يعين أحد الطرفين محكمه خلال 15 يوما التالية لتسلمه طلبا بذلك من الطرف الآخر أو إذا لم يتفق المحكمان المعينان على اختيار المحكم الثالث خلال 15 يوما التالية لتاريخ تعيين آخرهما ، تولى رئيس المحكمة المختصة تعيينه بناء على طلب أي من الطرفين ، وتكون رئاسة  هيئة التحكيم للمحكم الذي  اختاره المحكمان المعينان أو الذي عينه رئيس المحكمة .
  • 3-تتبع الإجراءات المذكورة في الفقرة 2 أعلاه من هذه المادة إذا كانت هيئة التحكيم مشكلة من أكثر من ثلاثة محكمين .
  • 4-  يجب أن يراعي رئيس المحكمة المختصة في المحكم الذي يختاره الشروط التي يتطلبها هذا القانون وتلك التي اتفق عليها الطرفان ويصدر قراره بعد استدعاء الأطراف ولا يكون هذا القرار قابلا للطعن بأي طريق من طرق الطعن .
  • تطبق نفس المقتضيات كلما اعترض تشكيل الهيئة التحكيمية صعوبة بسبب أحد الأطراف أو صعوبة في تطبيق إجراءات التعيين .
 
2-3 : الحكم التحكيمي و القضاء الرسمي
  • و هنا سنبدأ بقاعدة ذهبية لقضاء التحكيم، و هي قاعدة مَفصَلية تحدد العلاقة بين القضاء الرسمي أي قضاء الدولة و التحكيم كقضاء خاص، و هذه القاعدة الذهبية مختصرة في هذه المقولة هو أن "قاضي الدولة هو قاضي الحكم و ليس قاضي النزاع"، كيف ذلك؟
إذ من المعروف أن التقاضي يكون على درجتين، الدرجة الأولى الابتدائية و الدرجة الثانية الاستئنافية، و أن الطعن بالاستئناف يكون له أثر ناشر و هذا يعني أن النزاع و أطرافَه و الحكم الصادر فيه ابتدائيا يُنقَل بموجب الاستئناف ليُعرَض على أنظار المحكمة الأعلى درجة. إلا أن الأمر مختلف تمام الاختلاف عندما نكون أمام حكم التحكيم، فحكم التحكيم صدر بناء على بت الهيئة التحكيمية في نزاع عُرض عليها وحدها و بتّت فيه لوحدها و لا رقابة لغيرها على هذا النزاع. أما إمكانية الطعن في حكم التحكيم فإن النزاع لا يُنقَل و لا يُنشَر من جديد ليُعرَض أمام قاضي الطعن سواء تعلق الأمر بمسطرة التذييل بالصيغة التنفيذية أو بمسطرة الطعن بالبطلان، و إنما ينحصر دور قاضي الدولة أي القاضي الرسمي للتأكد من مدى احترام حكم التحكيم للشروط الشكلية لصحته دون أن يُعرَض النزاع أو أصل المنازعة على قاضي الطعن و لإمكانية نفاذه للرقابة على ما قضت به الهيئة التحكيمية من موضوع النزاع. المحور الثاني : المشكلات التطبيقية لقانون التحكيم المغربي
اذا كنا قد استعرضنا بشكل موجز أهم مراكز القوة في قانون التحكيم المغربي ، فان التطبيق العملي لهذا القانون يطرح العديد من الإشكالات العملية .
و لعل أهم الإشكالات العملية لقانون التحكيم المغربي تتلخص في النقط التالية :
  1. ازدواجية القانون المنظم للتحكيم
  2. ضبابية الوضعية القانونية للمحكم  و لمؤسسات التحكيم
  3. إشكالية تنفيذ الأحكام التحكيمية
  4. الأثر الموقف  للطعون
 
  1. ازدواجية القانون المنظم للتحكيم :
 
بموجب القانون رقم  08.05 حلت أحكام الفصول من 306 إلى 70-327  محل أحكام  الباب الثامن بالقسم الخامس (الفصول من 306 إلى 327) من قانون المسطرة المدنية المصادق عليه بالظهير الشريف المعتبر بمثابة قانون رقم 1.74.447 بتاريخ 11 من رمضان 1394 (28 سبتمبر 1974)، والتي تم نسخها  بمقتضى المادة الأولى من القانون رقم 08.05[18]
وبمقتضى المادة الثانية من نفس القانون 08.05، ظلت مقتضيات الباب الثامن من القسم الخامس من قانون المسطرة المدنية المشار إليه أعلاه مطبقة، بصورة انتقالية، على:
- اتفاقات التحكيم المبرمة قبل تاريخ دخول هذا القانون حيز التنفيذ؛
- الدعاوى التحكيمية الجارية أمام الهيئات التحكيمية أو المعلقة أمام المحاكم في التاريخ المذكور إلى حين تسويتها النهائية واستنفاذ جميع طرق الطعن.
و انطلاقا من هذا المقتضى ، فإن  عرض النزاع على المحكمين وصدور حكمهم التحكيمي بعد سريان القانون رقم  05-08 حيز التنفيذ لا يجعل هذا الأخير هو الواجب التطبيق وانما تبقى المقتضيات المنظمة للتحكيم في ظل قانون المسطرة المدنية لسنة 1974 هي الواجبة التطبيق ، اذا كان  النزاع المعروض على المحكمين يجد مصدره في اتفاق تحكيم ابرم قبل  التعديل ، مما يجعلنا أمام نصين قانونيين مختلفين تماما و هما قانون المسطرة المدنية لسنة 1974 و القانون رقم  05-08 ، الشيء الذي طرح عدة إشكالات على المستوى العملي .
فقضاء محكمة النقض المغربية اعتبر بأنه "إن تعلق النزاع بالمقتضيات التحكيمية المنبثقة عن المقرر التحكيمي فالقانون الواجب التطبيق هو قانون التحكيم الذي قد يكون هو الباب الثامن من القسم الخامس من قانون المسطرة المدنية الملغى إن كان مصدر المقرر التحكيمي موضوع النزاع هو اتفاق تحكيم أبرم قبل دخول القانون 05-08 حيز التنفيذ بتاريخ 06/12/2007 و إلا طبق قانون التحكيم الجاري به العمل إن كان منطلق التحكيم يرجع لاتفاق تحكيم أبرم ابتداء من تاريخ دخوله حيز التنفيذ عملا بما تقضي به المادتان 1 و 2 من القانون المذكور و المحكمة التي بالرغم مما ثبت لها من أن اتفاق التحكيم أبرم بتاريخ 12/07/2007 و طبقت على النزاع مقتضيات قانون التحكيم رقم 05-08 الذي لا تطبق مقتضياته إلا على نزاعات التحكيم المنبثقة عن اتفاقات تحكيم أبرمت في ظله تكون قد عللت قرارها تعليلا فاسدا معتبرا بمثابة انعدامه مما يعرضه للنقض."
قرار محكمة النقض عدد 1467الصادر بتاريخ 22/12/2011  في الملف عدد :208/3/1/2011(منشور ب المجلة المغربية للتحكيم العربي و الدولي- العدد الأول 2015 ص 88 ومابعدها) ، كما أن محاكم الاستئناف التجارية بالمغرب سلكت نفس النهج ، ونذكر هنا بالقرار الصادر عن محكمة الاستئناف التجارية بمراكش (قرار محكمة الاستئناف التجارية بمراكش رقم  202 الصادر  بتاريخ 5/2/2015 في الملف رقم : 1592/8232/2014  بالمجلة المغربية للتحكيم العربي و الدولي- العدد الثاني  2016 ص 162ومابعدها) .
 
  1. ضبابية الوضعية القانونية للمحكم  و لمؤسسات التحكيم :
نظم المشرع المغربي  التحكيم الخاص و التحكيم المؤسساتي ، فالفصل 319 من ق م م نص على أنه  :
"يكون التحكيم إما خاصا أو مؤسساتيا.
في حالة تحكيم خاص، تتكفل الهيئة التحكيمية بتنظيمه مع تحديد المسطرة الواجب اتباعها ما عدا إذا اتفق الأطراف على خلاف ذلك أو اختاروا نظام تحكيم معين.
عندما يعرض التحكيم على مؤسسة تحكيمية، فإن هذه الأخيرة تتولى تنظيمه و ضمان حسن سيره طبقا لنظامها.
تحترم في جميع الأحوال القواعد المتعلقة بحقوق الدفاع".
  1. التحكيم المؤسساتي  :
طبقا للقانون المغربي ، فانه  يعهد بالتحكيم إلى مؤسسة أو مركز تحكيم دولية أو محلية تتولى الاطلاع بتسيير و إدارة العملية التحكيمية وفقا لنظامها الأساسي كشخص معنوي طبقا للفصل 320 من هذا القانون. و من ثم ففي حالة اختيار الأطراف اللجوء إلى مؤسسة تحكيمية معينة يجب أن يتقيدوا بالقواعد و النظام المتبع لدى المؤسسة المختارة، كما أشار إلى ذلك في العديد من الفصول كالفصل 327-2 و الفصل 327-4 من ق.م.م.
و في التحكيم المؤسساتي يجب التنبيه على أن المؤسسة التحكيمية ليست هي من تقوم بالتحكيم ، بحيث لا يمكن أن يقوم بمهمة التحكيم إلا الشخص الطبيعي أما مهمة المؤسسة التحكيمية هي الإشراف على العملية التحكيمية و على المحكمين التابعين للمركز اللذين يقومون بالتحكيم.
و الملاحظ أن المشرع المغربي بالرغم من نصه على التحكيم المؤسساتي ، فانه لم يخلق إطارا قانونيا لهذا النوع من التحكيم مما انعكس سلبا على تفعيل التحكيم المؤسساتي بالمغرب.
فبالرغم من كثرة المؤسسات التحكيمية ، فانه و على أرض الواقع يلاحظ تخبط و ضبابية في الممارسة وخلط بين ماتقوم به هذه المؤسسات و ما يفترض بها القيام به .
 
  1. التحكيم الحر :
لعل أول سؤال الذي يطرح، ماهي الشروط المتطلبة لاكتساب مهنة المحكَّم؟ و هنا يجب التوضيح بأن التحكيم هو مهمة و ليس مهنة، و القول بمهنة التحكيم هو ضرب للأسس المحددة لفلسفة التحكيم.
 فالتحكيم منطلقه و فلسفته هي الهروب من الرسميات و الهروب من الشكليات، كما أن القول بمهنة التحكيم بدلا من مهمة التحكيم نكون قد رجعنا للمهن المنظّمة و تعقيداتها، و تكون بشكل أو بآخر قد رجعنا إلى القضاء الرسمي و التحكيم لم يُخلق إلا للهروب من القضاء الرسمي و شكلياته و تعقيداته.
غير أن المشرع المغربي لا يعني أنه أغفل الشروط الواجب توفرها في المحكّم، و هذا ما عمل على تحديده في الفصول 320، 321، و 326 من قانون رقم 05-08(يلزم المحكمون بكتمان السر المهني طبقا لما هو منصوص عليه في القانوني الجنائي) ، غير أنه بالوقوف تحديدا عند مقتضيات المادة 321 من هذا القانون التي طرحت إشكالا كبيرا في فهم كيفية القيام بمهمة المحكم، و بالاستناد كذلك على ما جاء في الدورية الصادرة عن السيد وزير العدل رقم 2، التي جاءت توضح هذه النقطة:
فطبقا للفصل 321 من هذا القانون جاء ينص على ما يلي: " يجب على الأشخاص الطبيعيين  الذين يقومون اعتياديا أو في إطار المهنة بمهام المحكم إما بصورة منفردة أو في حظيرة شخص معنوي يعتبر التحكيم أحد أغراضه الاجتماعية،
أن يصرحوا بذلك إلى الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف الواقع في دائرة نفوذها محل إقامة الأشخاص الطبيعيين المذكورين أو المقر الاجتماعي للشخص المعنوي .
يسلم الوكيل العام وصلا بالتصريح ويقيد المعنيين بالأمر في قائمة المحكمين لدى محكمة الاستئناف المعنية وذلك بعد دراسة وضعيتهم . " و ذلك بعد أن نص  الفصل 320 من ق م م على أنه" لا يمكن إسناد مهمة المحكم إلا إلى شخص ذاتي كامل الأهلية لم يسبق أن صدر عليه حكم نهائي بالإدانة من أجل ارتكاب أفعال تخل بالشرف أو صفات الاستقامة أو الآداب العامة أو بالحرمان من أهلية ممارسة التجارة أو حق من حقوقه المدنية .
إذا عين في الاتفاق شخص معنوي ، فان هذا الشخص لا يتمتع سوى بصلاحية تنظيم التحكيم وضمان حسن سيره .
أما الرسالة الدورية الصادرة عن السيد وزير العدل تحت عدد12 س2 ، والموجهة إلى السادة الرؤساء الأولين لمحاكم الاستئناف والوكلاء العامين لديها والرؤساء الأولين لمحاكم الاستئناف التجارية والسيدين الرئيسين الأولين لمحكمتي الاستئناف الإدارية لشرح  تطبيق مقتضيات الفصل 321 من القانون رقم 08.05 المتعلق بالتحكيم والوساطة الاتفاقية وتوحيد تطبيق مقتضياته بين كافة محاكم المملكة .
فوفقا لهذه الرسالة الدورية، فإن القائمة المتحدث عنها في الفصل 321 من القانون رقم 08.05 ، لا تتعلق سوى بفئة المحكمين ، ولا تعني فئة الوسطاء ، كما لا صلة لها ببعض المقتضيات المشابهة مثل ما نص عليه المشرع في المادة 568 من مدونة الشغل التي ورد فيها أنه " يعهد بإجراء التحكيم إلى حكم يختاره الأطراف باتفاق بينهم ، ضمن قائمة حكام تصدر بقرار للوزير المكلف بالشغل ".
كما أنه ووفقا لهذه الرسالة الدورية  فالمشرع لم يقصد بوجوب تصريح الأشخاص الطبيعين الذين يقومون اعتياديا أو في اطار المهنة بمهام المحكم ، سوى إلزام فئة المحكمين ممن يثبت قيامهم على وجه الاعتياد بمهمة  التحكيم  أو المخولين صراحة القيام بهذه المهمة بمقتضى القوانين الجاري بها العمل ، بأن يصرحوا بذلك للسيد الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف ، كي يتم تقييدهم في قائمة توضع بمعرفة هذا الأخير ،تشمل أسماء المحكمين وعناوينهم ومؤهلاتهم العلمية والمهنية ، وكل البيانات الضرورية ذات الأهمية .
كما أن المشرع  المغربي لم يهدف من وراء التصريح المذكور ، جعل القيام بمهمة التحكيم حكرا على فئة المحكمين المقيدين بالقائمة المشار اليها، كما لم يقصد تقييد حرية الأطراف بإلزامهم باختيار المحكمين من هذه القائمة، أو حصر اختيارهم في دائرة الأشخاص الذين يقومون بمهمة التحكيم  على وجه الاعتياد أو في إطار المهنة ، بل توخى فقط خلق آلية لتسهيل مهمة رئيس المحكمة حين يلجأ إليه في إطار مقتضيات الفصلين 327.4 و 327.5 قصد تعيين أو إتمام تشكيل هيئة التحكيم ، بحيث يسهل عليه الرجوع لقائمة المحكمين المشار إليها ، بدل الاحتكام لمعلوماته الشخصية .
وعلى غرار ما يجري به العمل في مختلف التشريعات المقارنة المنظمة للتحكيم، حرص المشرع المغربي  على الإبقاء على التحكيم باعتباره مهمة – وليس مهنة – يسندها الأطراف ، بملء إرادتهم وفي حدود الضوابط التي وضعها القانون ، لمن ارتضوه من المحكمين، سواء كانوا مقيدين أم غير مقيدين بالقائمة .
وأما بالنسبة لكيفية ترجمة مقتضيات الفصل 321 من القانون رقم 08.05 على أرض الواقع ، فقد سطر المشرع للسيد الوكيل العام للملك جملة من الضوابط التي يلزمه التقيد بها في دراسة وضعية المصرحين ، وردت في الفصلين 320 و 321 كما يلي :
‌1-  أن يكون المصرح من الأشخاص الطبيعيين الذين يثبت قيامهم على وجه الاعتياد بمهمة التحكيم  أو المخولين صراحة القيام بهذه المهمة بمقتضى القوانين الجاري بها العمل ، سواء بصورة منفردة أو في حظيرة شخص معنوي يعتبر  التحكيم  أحد أغراض الاجتماعية ، مع الإشارة إلى أن واقعة الاعتياد يمكن التحقق منها بكافة القرائن المتوفرة ، لا سيما القرارات التحكيمية التي يمكن أن يدلي بها المصرح والتي تثبت قيامه بهذه المهمة على وجه الاعتياد .
‌2-  أن يقدم الطلب للسيد الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف الواقع في دائرة نفوذها محل إقامة الأشخاص الطبيعيين المذكورين أو المقر الاجتماعي للشخص المعنوي المشار أليه.
‌3-  أن يكون المصرح كامل الأهلية ، لم يسبق أن صدر في حقه حكم نهائي بالإدانة – سواء أمام هيئة قضائية أو تأديبية – من أجل ارتكاب أفعال تخل بالشرف أو صفات الاستقامة أو الآداب العامة أو بحرمانه من أهلية ممارسة التجارة أو من حق من حقوقه المدنية ، ما لم يكن قد رد اعتباره .
  1.  إشكالية تنفيذ الأحكام التحكيمية :
 
تكتسي مسطرة  الاعتراف بالأحكام التحكيمية وتنفيذها أهمية قصوى، ومن هذا المنطلق عملت مختلف التشريعات على سنّ قواعد مسطرية محكمة  لتنظيمها.
فعلى غرار المشرعين الفرنسي والمصري، نظم المشرع المغربي مسطرة الاعتراف بأحكام التحكيم وتنفيذها بموجب القانون رقم 05-08  المنظم للتحكيم والوساطة الاتفاقية بالمغرب.
وإذا كان  المشرع المغربي قد عمل على تحديد الجهة القضائية المختصة بالنظر في مسطرة الاعتراف بالأحكام التحكيمية  الداخلية، فإن الفصول المحددة للجهة القضائية المختصة تطرح العديد من الإشكالات العملية .
كما أن الركون إلى مقتضيات النصوص القانونية وحدها لا يسعف في الإجابة عن تحديد الجهة القضائية المختصة في الاعتراف بالأحكام التحكيمية  الدولية وتنفيذها، ذلك أنه و بالرغم من وضوح النص القانوني وتحديده للجهة القضائية المختصة، إلا أن الاجتهاد القضائي عمل على خلق ازدواجية  في الجهة القضائية المختصة في ذلك .
 
1-2 :  المحكمة المختصة بخصوص الاعتراف و تنفيذ أحكام التحكيم الداخلي
 
في إطار تحديدها  للمسطرة الواجب سلوكها للاعتراف بالأحكام التحكيمية الدولية وتنفيذها عمل المشرع المغربي على تحديد جهة الاختصاص القضائي  إلا أنه - وعلى مستوى التطبيق- فإن تحديد الجهة القضائية المختصة بالأمر بالاعتراف والتنفيذ للأحكام التحكيمية الداخلية تثير العديد من الإشكالات العملية .
 
- تحديد الجهة المختصة بالاعتراف و التنفيذ بموجب القانون  رقم 05ـ08:
قبل الخوض في تحديد الجهة القضائية المختصة بالرقابة على حكم التحكيم،  فإنه يجب التنويه بأن نطاق هذه الرقابة لا تتعدى كونها رقابة شكلية ومحدودة تنحصر في إطار مراقبة مدى التقيد بالشروط الشكلية لطلب تذييل الحكم التحكيمي بالصيغة التنفيذية وفي سلامته من الأسباب التي تبيح الطعن في هذا الحكم أو في الأمر الصادر عن رئيس المحكمة المختصة و المتعلق بطلب التنفيذ، دون أن تتعدى ذلك لموضوع النزاع.[19]
والأمر بالتنفيذ هو الإجراء الذي يصدر من القاضي المختص قانونا ويأمر بمقتضاه بتمتع حكم المحكمين بالقوة التنفيذية، فهو يمثل نقطة الالتقاء بين القضاء الخاص والقضاء العام[20]، ولا يقصد بإجراء الأمر بالتنفيذ أن يتحقق القاضي من عدالة المحكم، فلا ينظر في سلامة أو صحة قضائه في موضوع الدعوى لأنـه لا يعد هيئة استئنافية في هذا الصدد، ولا يعد صدور الأمر بالتنفيذ في ذاته دليلا على سلامة هذا القضاء[21].
وبالرجوع إلى  الفصل 327-31 من قانون 05-08، والذي نص في فقرته الأولى على أنه" لا ينفذ الحكم التحكيمي جبريا إلا بمقتضى أمر بتخويل الصيغة التنفيذية يصدره رئيس المحكمة الصادر الحكم في دائرتها" يكون المشرع المغربي قد حدد الاختصاص النوعي والمكاني لرقابة القضاء بمناسبة تذييل الحكم التحكيمي بالصيغة التنفيذية.
فتذييل الحكم التحكيمي بالصيغة التنفيذية ، يمكن أن يصدر سواء من قبل رئيس المحكمة الابتدائية[22] أو عن رئيس المحكمة التجارية  أو المحكمة الإدارية الصادر في دائرتها الحكم التحكيمي، أو الرئـــيس الأول لمحكمة الاستئناف أو الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف التجارية  أو الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف الإدارية متى تعلق الأمر باستئناف هذا الحكم، بحيث يرجع الاختصاص بحسب طبيعة العلاقة مدنية أو تجارية أو عقد إداري[23] وإن كان مبدئيا قد أسند المشرع المغربي الاختصاص لرئيس المحكمة التجارية طبقا للنص الصريح للفصل 312 من هذا القانون، عندما نص على ما يلي:
"يراد في هذا الباب بما يلي:
3ـ "رئيس المحكمة" رئيس المحكمة التجارية ما لم يرد خلاف ذلك".
والمقصود  "بما لم يرد خلاف ذلك" أي بحسب طبيعة المنازعة كما ذكرنا.[24]
ويعتبر الاختصاص النوعي لرئيس المحكمة المذكور من النظام العام، بحيث لا يجوز إسناد الاختصاص بحسب المنازعة لغير المحكمة المختصة في ذلك.
 وقد نظم الفصل 31-327 في فقرته الأولى التنفيذ الجبري للأحكام التحكيمية، وذلك انطلاقا من أن القاعدة تتمثل في التنفيذ الطوعي للأحكام التحكيمية وبمبادرة من الطرف الخاسر للدعوى التحكيمية مادام أن الأحكام التحكيمية تحوز قوة الشيء المقضي به بمجرد صدورها.
وبالرغم من أن أحكام التحكيم تحوز حجية الشيء المقضي به بمجرد صدورها، إلا أنها  تكون مجردة و لا تحوز في ذاتها القوة التنفيذية وبالتالي لا بد من صدور أمر خاص من القضاء العام في الدولة  للأمر بتنفيذها ، وذلك بعد تثبت القضاء العام من خلو حكم التحكيم من العيوب الجوهرية التي قد تشوبه و انتفاء ما يمنع تنفيذه[25].
وإذا كان المشرع المغربي قد نظم مسطرة التنفيذ الجبري للأحكام التحكيمية التي يكون أطرافها أشخاص من أشخاص القانون الخاص، فإن  هذه المسطرة تشكل الطريق الوحيد لتنفيذ الأحكام التحكيمية التي يكون أحد أطرافها شخص من أشخاص القانون العام ، مادام أن المشرع المغربي  قد اعتبر في الفصل 26-327 بأن الحكم التحكيمي عندما يصدر في  نزاع يكون أحد أطرافه شخص من  الأشخاص المعنويين الخاضعين للقانون العام لا يكتسب حجية الشيء المقضي به إلا بناء على أمر بتخويل صيغة التنفيذ يقدم  من قبل الطرف الأكثر استعجالا  طبقا للمسطرة المنصوص عليها في الفصل 31- 327 وأمام القاضي المختص تطبيقا للفصل 310 ق م م .
ويصدر الأمر بالتنفيذ بعد التحقق من أن الحكم  التحكيمي قد استوفي من الناحية الشكلية التي تظهر من مجرد الإطلاع على الشروط التي يتطلبها القانون، بأنه غير مشوب بعيب من عيوب البطلان، دون بحث الحكم من الناحية الموضوعية و مدى مطابقته للقانون، وعندئذ يجري تنفيذه وفقا للإجراءات المتبعة لتنفيذ أحكام القضاء.[26]
 
  •  الإشكالات المتعلقة بالاختصاص النوعي في الأمر بالتنفيذ والاعتراف 
 
يثير تحديد الاختصاص النوعي في الأمر بالتنفيذ والاعتراف بالأحكام التحكيمية الداخلية العديد من الاشكالات،  فقد أثير نقاش حول الجهة المختصة بإسدال الصيغة التنفيذية على الأحكام التحكيمية الصادرة في القضايا غير تجارية وغير إدارية كمنازعات الشغل و قضايا الأكرية المدنية والنزاعات المالية بين الزوجين وغيرها، فعرض هذا الموضوع على رئيس المحكمة التجارية بالدار البيضاء، وكان يتعلق بإكساء مقرر تحكيمي بالصيغة التنفيذية يخص نزاعا شغليا، فأصدر مقرره بعدم الاختصاص النوعي لفائدة رئيس المحكمة الابتدائية، بعلة أنه ما دام القانون 05ـ08 يرجع النظر في طرق الطعن في الحكم التحكيمي للمحكمة المختصة نوعيا لبت النزاع الذي كان موضوع تحكيم، فإن تذييل الحكم التحكيمي بالصيغة التنفيذية لن يخرج عن ذلك، و من ثم يرجع الاختصاص بمنح الصيغة التنفيذية لرئيس المحكمة الابتدائية إن تعلق الأمر بنزاع مدني، و لرئيس المحكمة التجارية بالنسبة إلى النزاعات التجارية، أما إن كان النزاع إداريا فإن المشرع أوكل ذلك إلى المحكمة الإدارية طبقا للفصل 310.[27]
وهذا الاتجاه كان معتمدا من طرف قضاء النقض المغربية، فقد جاء في قرار له يتعلق بمنح الصيغة التنفيذية لحكم تحكيمي يخص نزاع طرفين حول تجهيز أرض فلاحية بمعدات سقوية، بأن ما ذهبت إليه محكمة الاستئناف التجارية من أن "اختصاص الرئيس هي نفسها سواء عرض النزاع على المحكمة التجارية أو المحكمة الابتدائية" يعد تعليلا فاسدا، على اعتبار أن قواعد الاختصاص لا تخضع لرغبة الأطراف و إنما للنصوص القانونية المنظمة لها، واستنادا إلى الفصل 320 من ق.م.م. و المادة 20 من قانون إحداث المحاكم التجارية، فإنه يتعين على المحكمة البت في الدفع بعدم الاختصاص النوعي في إطار المعطيات المتوافرة لديها بخصوص موضوع النزاع، فإن كان مدنيا بطبيعته يرجع اختصاص بت منح الصيغة التنفيذية للحكم التحكيمي الصادر في نطاقه لرئيس المحكمة الابتدائية، و إن كان تجاريا عاد الاختصاص في شأن ما ذكر لرئيس المحكمة التجارية.[28] 
أما على مستوى الاعتراف بالأحكام التحكيمية وتنفيذها والتي يكون أحد أطرافها شخص من أشخاص القانون العام، فالفصل 310 من القانون رقم 05ـ08 يثير إشكاليتان عمليتان. فمن جهة أولى، فبالرغم من مقتضيات الفصلين 312 و327ـ31 من القانون رقم 05ـ08، فإنه وبالنظر إلى الصيغة المبهمة التي جاء بها الفصل 310 من نفس القانون، فقد اعتبر بعض الفقه[29] بأن الاختصاص  يعود إلى المحكمة الإدارية وليس لرئيسها متى تعلق الأمر بالتحكيم في العقود الإدارية التي يكون أحد طرفيها الدولة أو الجماعات المحلية وهو نفس المنحى الذي ذهب إليه السيد رئيس المحكمة التجارية بالدار البيضاء حيث اعتبر بأنه: "وحيث وأمام الثبوت القاطع بأن الحكم التحكيمي يرجع النظر في طرق الطعن فيه وكذا بإبطاله إلى المحكمة المختصة نوعيا للبت في النزاع الذي كان موضوع عملية التحكيم فإن تذييل الحكم التحكيمي بالصيغة التنفيذية لا يخرج عن ذلك و من ثم يتعين الرجوع إلى رئيس كل محكمة بشأن تلك الصيغة بحسب الأحوال، إما رئيس المحكمة الابتدائية إذا تعلق الأمر بنزاع مدني وإما إلى رئيس المحكمة التجارية إذا تعلق الأمر بنزاع تجاري، أما إذا تعلق بالنزاع الإداري فالمشرع أوكل ذلك إلى المحكمة الإدارية وليس لرئيسها عملا بالفقرة الأخيرة من الفصل 310 من القانون رقم 05ـ08"[30]، غير أننا لا نتفق مع هذا التفسير ونؤكد بأن روح النص تفيد بأن الجهة المختصة تتمثل في السيد رئيس المحكمة بصفته هاته وليس قضاء الموضوع سواء تعلق الأمر بالمحكمة الإدارية أو بالمحكمة التجارية.
ومن جهة ثانية، فإنه من المعلوم بأنه وطبقا للمادة 12 من القانون المحدث للمحاكم الإدارية، فإن القواعد المتعلقة بالاختصاص النوعي تعتبر من قبيل النظام العام، كما أنه وطبقا لنفس المادة فإن لأطراف  النزاع أن يدفعوا بعدم الاختصاص النوعي في جميع مراحل إجراءات الدعوى، وعلى الجهة القضائية المعروضة عليها القضية أن تثيره تلقائيا.[31]
وبالرجوع الى مقتضيات الفصل310 من القانون رقم 05-08، فالملاحظ  بأن المشرع  قد أخد بالمعيار العضوي واستبعد المعيار المادي في إسناد الاختصاص للقضاء الإداري لتذييل الحكم التحكيمي بالصيغة التنفيذية، ذلك أن الفصل 310 يتحدث عن عقود الدولة والجماعات المحلية،  أي أن اختصاص القضاء الإداري يشمل العقود الإدارية وعقود الإدارة التي لها طابع القانون الخاص والمبرمة من قبل الدولة والجماعات المحلية .
 
  1. : الجهة القضائية المختصة بالأمر بالتنفيذ والاعتراف بحكم التحكيم الدولي 
 
بالرغم من التنصيص قانونا على جهة قضائية وحيدة للبت في مسطرة الاعتراف بالأحكام التحكيمية الدولية و تنفيذها فإن القضاء في الأنظمة القانونية المقارنة أقرّ بازدواجية الاختصاص القضائي، و هو نفس المنحى الذي نحاه القضاء المغربي .
 
 - الجهة القضائية المختصة بموجب القانون رقم 08-05
 
حيث أنه لما كان الاختصاص بموجب المادة 327- 46 في إطار التحكيم الدولي، مخول لرئيس المحكمة التجارية بحسب ما إذا كان الحكم التحكيمي الأجنبي صادرا بالمغرب أو بالخارج، حيث نصت الفقرة الثانية من الفصل 327ـ46 منه على أنه: "يخول الاعتراف والصيغة التنفيذية لهذه الأحكام في المغرب، وفق نفس الشروط لرئيس المحكمة التجارية التي صدرت في دائرتها أو رئيس المحكمة التجارية التابع لها مكان التنفيذ إذا كان مقر التحكيم بالخارج."
كما أن مشروع هذا القانون رقم 05ـ08 كان ينص على اختصاص منح الصيغة التنفيذية لأحكام التحكيم الدولية من طرف نفس المحكمة، حيث ذهب في الفصل 327ـ43 من المشروع في الفقرة الثانية منه إلى القول:
"...يخول الصيغة التنفيذية لهذه الأحكام في المغرب وفق نفس الشروط رئيس المحكمة التجارية التي صدرت في دائرتها أو رئيس المحكمة التجارية التابع لها مكان التنفيذ إذا كان مقر التحكيم بالخارج"[32].
 
  •  إقرار الازدواجية من طرف الاجتهاد القضائي المغربي
 
يعتبر مفهوم العقد الإداري الدولي من المفاهيم الحديثة في القانون الإداري، فإلى عهد غير بعيد كان مفهوم العقد الإداري يتحدد في العقد الإداري الداخلي فقط[33]، غير أنه وبالنظر إلى التطور الذي عرفته التدخلات الاقتصادية للدول عبر الحدود تم الإقرار بوجود العقد الإداري الدولي فقها و قضاءا .[34]
وفي إطار تعديلات المزمع إدخالها على قانون المسطرة المدنية المغربي، جاءت مسودة تعديل هذا القانون بعدة تعديلات همت مقتضيات القانون رقم 08-05.
ولعل من حسنات  هاته المسودة  أن  المادة 376 منها- والتي حلت محل الفصل 46-327  من ق م - تضمنت إضافة فقرة أخيرة تم بموجبها إسناد الاختصاص للقضاء الإداري  للبت في الاعتراف و منح الصيغة التنفيذية للمقررات التحكيمية الدولية الصادرة في المنازعات  المتعلقة بالعقود الإدارية الدولية .
فمقتضيات الفصل 46-327  من ق م م كانت قد خلقت عدة إشكالات قانونية، وذلك انطلاقا من أن القراءة الظاهرية  لمقتضيات الفصل 310  من ق م م  تفيد بأن هاته المقتضيات  تتعلق بالتحكيم الداخلي في العقود الإدارية فقط [35]، أما فيما يتعلق بالتحكيم الدولي فالمشرع المغربي لم يميز العقد الإداري عن باقي العقود التجارية  ولم يحدد أي قيد من القيود التي حددها بخصوص التحكيم  الداخلي في العقود الإدارية، كما أنه أقصى القضاء الإداري من مجال تذييل الأحكام التحكيمية  بالصيغة التنفيذية متى تعلق الأمر بالتحكيم الدولي، وأسند الأمر إلى القضاء التجاري[36].
ولقد أتيحت للقضاء المغربي مناسبة لتحديد معالم الازدواجية القضائية للبت في مسطرة الاعتراف بالأحكام التحكيمية و تنفيذها في ظل القانون رقم 08-05 ، وذلك بخصوص نظره في قضية "شركة سليني كونستروتوري س ب أ " ضد الدولة المغربية[37].
فبالرجوع إلى الأمر الصادر عن السيد رئيس المحكمة التجارية بالرباط، نجده قد  قضى بعدم اختصاصه النوعي في الطلب المقدم من قبل "شركة سليني كونستروتوري س ب أ " ضد الدولة المغربية، مستندا في ذلك على التعليل التالي: "حيث أن الحكم التحكيمي موضوع طلب التذييل بالصيغة التنفيذية صدر في إطار نزاع ناشئ عن تنفيذ صفقة عمومية تتعلق بإنجاز المدار الطرقي المتوسطي.
وحيث أنه واستنادا إلى الفصل 310 من ق.م.م. فإنه يرجع اختصاص النظر في طلب تذييل الحكم التحكيمي الصادر في إطار النزاعات  المتعلقة بالعقود التي تبرمها الدولة إلى المحكمة الإدارية التي سيتم تنفيذ الحكم التحكيمي في دائرتها أو إلى المحكمة الإدارية بالرباط عندما يكون تنفيذ الحكم يشمل مجموع التراب الوطني.
وحيث بذلك فالطلب الحالي الموجه لجهة غير مختصة ويتعين التصريح بذلك".[38]
ولعل هذا الاتجاه هو الذي تبنته محكمة النقض بموجب قرارها الصادر بتاريخ 7/3/2013[39]، و ذلك بعد أن قضت بتأييد القرار الصادر عن محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء عدد 2012/5275 الصادر بتاريخ 2012/11/20 ملف 4/2012/3902.[40]
وبناءا على قرار الإحالة الصادر عن محكمة النقض، أحيلت القضية على المحكمة الإدارية بالرباط لتصدر حكمها بتاريخ 11/3/2014[41] ومستندة على التعليل التالي: "وحيث أنه عطفا على ما سبق بسطه أعلاه ، ولما كان الثابت من خلال المقرر التحكيمي موضوع طلب التذييل بالصيغة التنفيذية كون ما تضمنه من بنود تتعلق باسترجاع الرسوم والضرائب المفروضة على الشركة المدعية، وبالتالي مساسه بقواعد النظام العام التي تم النص عليها في المادة 310 من قانون المسطرة المدني المحلية أو غيرها من الهيئات المتمتعة باختصاصات السلطة العمومية ما عدا المتعلقة بتطبيق قانون الجبائي " وما جاءت به المادة 46-327 من نفس القانون التي تنص على أن " يعترف بالأحكام التحكيمية الدولية في المملكة إذا أثبت وجودها من يتمسك بها، ولم يكن هذا الاعتراف مخالفا للنظام العام الوطني " مما يجعل الطلب الرامي إلى تذييل حكم المحميين في الجانب المتصل منه بالمجال الجبائي غير قائم على أساس وأن محكمة التحكيم لم تكن على صواب عندما بتت في هذا الجانب، كذلك أيضا مع مقتضيات المادة 244 من المدونة العامة للضرائب الذي  نصت على أنه "بصرف النظر عن المقتضيات المختلفة ... لا يمكن للنزاعات المتعلقة بتطبيق القانون الجبائي أن تكون موضوع تحكيم "لمساسها بقواعد النظام العام المغربي ذات الارتباط بسيادة الدولة المغربية في تطبيق قوانينها ".    
 
  1. الأثر الموقف  للطعون :
نظم القانون المغربي للتحكيم الطعن ببطلان حكم التحكيم الداخلي   في الفصل 327ـ 36، في حين أنه نص في الفصل 327-51 على الطعن بالبطلان في الحكم التحكيمي الدولي الصادر في المغرب فقط ، دون حكم التحكيم الأجنبي  ، هذا النوع الأخير من الأحكام التحكيمية التي اقر المشرع المغربي بإمكانية الطعن بالاستئناف في الأمر بتخويل الاعتراف بها او تذييلها بالصيغة التنفيذية [42].
خصوصية  الطعن بالبطلان في القانون المغربي :
 أولا : الطعن بالبطلان من القواعد الآمرة .
نص الفصل 327-36 في مستهله على انه وبالرغم من كل شرط مخالف فان الاحكام التحكيمية تكون قابلة للطعن بالبطلان ويقدم هذا الطعن طبقا للقواعد العادية امام محكمة الاستئناف التي صدر في دائرتها الحكم التحكيمي  ، فمؤدى هذا الفصل أن المشرع المغربي منع  امكانية التنازل  المسبق عن دعوى البطلان  أو ما يعرف ب "شرط الاستبعاد" أو “Clause exclusion”  ، إذ يعتبر هذا الشرط مخالفا للنظام العام. [43]
ثانيا -  الطعن بالبطلان  طعن شكلي : 
بنصه على امكانية الطعن في حكم التحكيم عن طريق الطعن بالبطلان فان المشرع المغربي يكون قد ساير التشريعات المقارنة التي تنصت على امكانية الطعن في حكم التحكيم عن طريق الطعن بالبطلان.
غير أنه وبالرغم من اندراجه تحت طائفة الطعون ، فان الطعن بالبطلان يختلف نطاقه عن باقي الطعون الاخرى مادام ان هذا الطعن هو في حقيقته طعن شكلي يتمحور حول حكم التحكيم و لايمتد الى النزاع موضوع الحكم التحكيمي .
 فالقاضي المختص بنظر دعوى البطلان لا يعيد فحص مضمون الحكم بقصد تعديله، مهما كانت درجة عدم عدالته أو مهما كانت جسامة الغلط في التقدير الذي ينتسب إليه، و إنما ينظر إلى الإجراءات السابقة أو المعاصرة لصدور الحكم لتقرير مشروعيته من عدمها.[44]
ثالثا - أجال تقديم الطعن بالبطلان :
نص الفصل 327ـ36 (فق.2) من قانون رقم 05ـ08 المتعلق بالطعن بالبطلان في حكم التحكيم الداخلي على ما يلي: "..يكون تقديم هذا الطعن مقبولا بمجرد صدور الحكم التحكيمي. و لا يتم قبوله إذا لم يقدم داخل أجل 15 يوما من تبليغ الحكم التحكيمي المذيل بالصيغة التنفيذية...".
فمن خلال  هذا الفصل يتبين على أن المشرع المغربي نص على أن  طلب الطعن بالبطلان يمكن تقديمه بمجرد صدور الحكم التحكيمي، غير أنه قد حدد أجلا لذلك، بحيث اعتبر أنه لا يمكن قبول الطعن إن لم يقدم داخل أجل 15 يوما التالية لتبليغ الحكم القابل للتنفيذ، بمعنى أن القرار التحكيمي بعد أن يكتسي الصيغة التنفيذية يتعين أن يبلغ إلى الطرف المحكوم عليه و من تاريخ هذا التبليغ يبدأ سريان أجل 15 يوما .
و نفس الشيء في القانون الفرنسي: فإن طلب الإبطال يمكن قبوله فور صدور القرار التحكيمي، و لا يعود مقبولا إذا لم يقدم خلال شهر من تاريخ تبليغ القرار التحكيمي سواء بالنسبة لحكم التحكيم الداخلي[45] أو الدولي[46]، على أن يكون التبليغ مبدئيا بطريقة رسمية ما لم يتفق الأطراف على خلاف ذلك.
و يفهم من خلال المرسوم الفرنسي الجديد، على أن المشرع الفرنسي قد أعطى الحرية للأطراف في تحديد طرق تبليغ القرار التحكيمي بالطريقة التي يتوافقون عليها،  و هذا ما تضمنه في الفقرة الثانية من المادة 1494 و الفقرة الأخيرة من المادة 1519  من هذا القانون المشار إليهما.   
رابعا - الأثر الموقف لأجل الطعن و الطعن بالبطلان
 
نص الفصل 36-327 في فقرته الاخيرة على ان أجل ممارسة الطعن بالبطلان يوقف  تنفيذ الحكم التحكيمي ، كما أن ممارسة هذا الطعن داخل الأجل  يوقف تنفيذ الحكم التحكيمي [47]، غير أن هذا الفصل يجب ربطه بمقتضيات 36-327 و الذي اعتبر بأن الحكم التحكيمي  المتعلق بنزاع يكون أحد الأشخاص المعنويين الخاضعين للقانون العام طرفا فيه ،  لا يكتسب حجية الشيء المقضي به  إلا بناء على أمر بتخويل صيغة التنفيذ ، وأنه فيما عدا  الحكم التحكيمي  المتعلق بنزاع يكون أحد الأشخاص المعنويين الخاضعين للقانون العام طرفا فيه تطبق بشأنها  القواعد المتعلقة بالتنفيذ المعجل للأحكام على الأحكام التحكيمية .
كما أنه من جهة أخرى ، فانه يجب التذكير بأن جميع الطعون و أجالها هي موقفة للتنفيذ ، ذلك أن القانون المغربي نص فيما يتعلق بالتحكيم الدولي بأن أجل تقديم الطعون موقفة لتنفيذ الحكم التحكيمي [48] ، و نفس الشيء أقره فيما يتعلق بالتحكيم الداخلي و قرر كذلك بأن  أجل ممارسة الطعن بالبطلان يوقف تنفيذ الحكم التحكيمي كما  أن ممارسة هذا الطعن داخل الأجل تنفيذ توقف الحكم التحكيمي[49] ، وهذا في نظرنا يحد من فعالية التحكيم و يخالف الغاية التي شرع من أجلها التحكيم .
 
وختاما وفي إطار الحديث الدائر مؤخرا حول اعتماد مدونة مستقلة للتحكيم بالمغرب، نتمنى أن يتم إعادة النظر في طريقة صياغة مواد هذا القانون الجديد ، وذلك رفعا لكل لبس وإبهام.
 وشكرا لكم
 
 
[1] - منذ تاريخ صدوره، عدل قانون التحكيم المصري بموجب القوانين والقرارات التالية :
- قانون رقم 9 لسنة 1997 بتعديل بعض أحكام قانون التحكيم في المواد المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم 27 لسنة 1994.
- قانون رقم 8 لسنة 2000 القاضي بتعديل المادة 19 من قانون التحكيم فى المواد المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم 27 لسنة 1994.
- قرار وزير العدل رقم 8310 لسنة 2008 القاضي بتنظيم إجراءات إيداع أحكام التحكيم طبقاً لنص المادة 74 من قانون التحكيم فى المواد المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم 27 لسنة 1994.
- قرار وزير العدل رقم 6570 لسنة 2009 القاضي بتعديل تنظيم إجراءات إيداع أحكام التحكيم
[2] - القانون رقم 08.05 القاضي بنسخ وتعويض الباب الثامن بالقسم الخامس من قانون المسطرة المدنية الصادر الأمر بتنفيذه ظهير شريف رقم 1.07.169 بتاريخ 19 من ذي القعدة 1428 (30 نوفمبر 2007)، الجريدة الرسمية عدد 5584 بتاريخ 25 ذو القعدة 1428 (6 ديسمبر 2007)، ص 3894.
[3] Décret n° 2011-48 du 13 janvier 2011 portant réforme de l'arbitrage. JORF n°0011 du 14 janvier 2011.
[4] عمل المشرع الفرنسي على تبني قانون جديد يتعلق بالتحكيم وحدد تاريخ دخوله حيز التطبيق بتاريخ 11/5/2011 وذلك بموجب المرسوم الصادر بتاريخ 14/1/2011، وقد جاء هذا التعديل المهم مرفقا بتقرير صادر عن الوزير الأول الفرنسي ومنشور بنفس العدد من الجريدة الرسمية التي نشر بها هذا المرسوم.
(Rapport au Premier ministre relatif au décret n° 2011-48 du 13 janvier 2011 portant réforme de l'arbitrage (JORF n°0011 du 14 janvier 2011 page 773 texte n° 8.
[5] - الخطاب السامي الذي ألقاه جلالة الملك بمناسبة افتتاح السنة القضائية بأكادير في 29 يناير 2003.
[6] - انظر تقديم السيد وزير العدل المغربي  لمشروع قانون رقم 08.05 يقضي بنسخ وتعويض الباب الثامن بالقسم الخامس من قانون المسطرة المدنية، محضر مداولات مجلس النواب – دورة أبريل 2007 ص 15 وما بعدها.
[7]  انظر المادة 49 من مدونة الأسرة.
[8]  ينص الفصل 310 من القانون رقم 05ـ08 على أنه:  "لا يجوز أن تكون محل تحكيم النزاعات المتعلقة بالتصرفات الأحادية للدولة أو الجماعات المحلية أو غيرها من الهيئات المتمتعة باختصاصات السلطة العمومية.
غير أن النزاعات المالية الناتجة عنها، يمكن أن تكون محل عقد تحكيم ماعدا المتعلقة بتطبيق قانون جبائي....يمكن أن تكون النزاعات المتعلقة بالعقود التي تبرمها الدولة أو الجماعات المحلية محل اتفاق تحكيم في دائرة التقيد بالمقتضيات الخاصة بالمراقبة أو الوصاية المنصوص عليهما في النصوص التشريعية أو التنظيمية الجاري بها العمل فيما يخص العقود المعنية...".   
[9]  تضمن قانون المسطرة المدنية الملغى أيضا في الفصل 306 المواضيع غير القابلة للتحكيم كما يلي:
"يمكن للأشخاص الذين يتمتعون بالأهلية أن يوافقوا على التحكيم في الحقوق التي يملكون التصرف فيها، غير أنه لا يمكن الاتفاق عليه:
ـ في الهبات و الوصايا المتعلقة بالأطعمة و الملابس و المساكن.
ـ في المسائل المتعلقة بحالة الأشخاص و أهليتهم.
ـ في المسائل التي تمس النظام العام و خاصة:
  • النزاعات المتعلقة بعقود أو أموال خاضعة لنظام يحكمه  القانون العام.
  • النزاعات المتصلة بتطبيق قانون جنائي.
  • النزاعات المتصلة بقوانين تتعلق بتحديد الأثمان و التداول الجبري و الصرف و التجارة الخارجية.
  • النزاعات المتعلقة ببطلان و حل الشركات."
و نفس الشيء كانت المادة 2 من مشروع مدونة التحكيم المغربية تنص على ما يلي: "لا يمكن الاتفاق على التحكيم في:
1ـ النزاعات المتعلقة بالأحوال الشخصية باستثناء النزاعات ذات الطابع المالي الناتجة عنها.
2ـ المسائل التي لا يمكن إبرام الصلح بشأنها.
3ـ المسائل التي تهم الدولة و الجماعات المحلية و المؤسسات العمومية ذات الطابع الإداري، باستثناء النزاعات التي تنتج عن العلاقات الدولية ذات الطابع الاقتصادي أو التجاري أو المالي التي تخضع لمقتضيات الباب الثالث من هذه المدونة.
4ـ كل المسائل التي تتعلق بالنظام العام". انظر عبد الرحمان المصباحي: المادة التحكيمية أو قابلية النزاع للتحكيم. منشور بمجلة القضاء و القانون، عدد 154/2007، ص 65.
[10]  المقصود بها الحالة المدنية، أي كل ما يتعلق بالحياة و الموت و السن و الجنس و الجنسية و الحالة العائلية من نسب و زواج و تطليق، لما تعد حقوق المجتمع و حقوق الله.
[11]  و نفس الشيء في الفصل 306 من ق م م الملغى، ففضلا عن الهبات و الوصايا المتعلقة بالأطعمة و الملابس و المساكن التي تعد أيضا من المسائل التي تمس بخصوصية الفرد و المجتمع، تضمن أيضا في هذا الفصل ما يلي: "..غير أنه لا يمكن الاتفاق عليه: ـ في المسائل المتعلقة بحالة الأشخاص و أهليتهم..."
و كذلك المادة 2 من مشروع مدونة التحكيم المغربية التي كانت تنص على ما يلي: "لا يمكن الاتفاق على التحكيم في:
1ـ النزاعات المتعلقة بالأحوال الشخصية باستثناء النزاعات ذات الطابع المالي الناتجة عنها.
2ـ المسائل التي لا يمكن إبرام الصلح بشأنها.
[12]  الحق الشخصي أو الالتزام: هو رابطة بين شخصين تمكن أحدهما من أن يطالب الآخر إما بالقيام بعمل أو الامتناع عن القيام بهذا العمل، فهو التزام شخص تجاه الآخر، كالكراء، مثلا. على خلاف الحق العيني. للتفصيل أكثر في الحقوق الشخصية الرجوع للمراجع العامة حول النظرية العامة الالتزام، مثل الطيب الفصيلي: النظرية العامة للالتزام، الجزء الأول، ـ مصادر الالتزام، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء. و عبد الكريم شهبون: الشافي في شرح قانون الالتزامات و العقود المغربي، الكتاب الأول ـ الالتزامات بوجه عام ـ الجزء الأول، مصادر الالتزام، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء.
[13]  ج.ر عدد 5397 بتاريخ 20/2/2006.
[14]   انظر المادة 15 من قانون حماية الملكية الصناعية المغربي الصادر بتنفيذ قانون رقم 17ـ97.
[15]  تضمن الفصل 306 من ق م م الملغى بموجب قانون 05ـ08 في فقرته الأخيرة من بين المسائل غير القابلة للتحكيم ما يلي:
"... ـ في المسائل التي تمس النظام العام و خاصة:
  • النزاعات المتعلقة بعقود أو أموال خاضعة لنظام يحكمه القانون العام.
  • النزاعات المتصلة بتطبيق قانون جنائي.
  • النزاعات المتصلة بقوانين تتعلق بتحديد الأثمان و التداول الجبري و الصرف و التجارة الخارجية.
  • النزاعات المتعلقة ببطلان و حل الشركات."
إلا أن الفصل الثاني من مرسوم 30 دجنبر 1998 المتعلق بتحديد شروط و أشكال إبرام صفقات الدولة، يفيد أنه يمكن إخضاع عقود أشخاص القانون العام لقواعد القانون العادي و شروط إبرام الصفقات المنصوص عليها بالمعاهدات التي قد تخضع النزاع للتحكيم. كذلك ثمة الفقرة الأخيرة من المادة 17 من القانون الإطار رقم 18ـ95 بمثابة ميثاق الاستثمار التي نصت على أنه " يمكن أن تتضمن العقود الاستثمارية بنودا تقضي بفض كل نزاع قد ينشأ بين الدولة المغربية و المستثمر الأجنبي بخصوص الاستثمارات وفقا للاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب في ميدان التحكيم الدولي". كما أن  القانون رقم 39ـ89 المأذون بموجبه في تحويل منشآت عامة إلى القطاع الخاص الذي أجاز النص في عقود الخوصصة على شرط اللجوء إلى التحكيم في حالة حدوث نزاع.
[16]   للفقرة الثانية من الفصل 310 من قانون 05ـ08.
[17]  القانون رقم 69.00 المتعلق بالمراقبة المالية للدولة على المنشآت العامة و هيئات أخرى الصادر بتاريخ 18 ديسمبر 2003، نص بموجب المادة 9 منه على أن مراقب الدولة يتمتع ضمن الحدود التي يعينها الوزير المكلف بالمالية بسلطة تأشير مسبق على الاقتناءات العقارية و جميع العقود أو الاتفاقات المتعلقة بالأشغال و التوريدات و الخدمات و كذا منح الإعانات المالية... و هو ما يعني أن اتفاقات التحكيم ى تكون صحيحة إلا بعد التأشير عليها من طرف مراقب الدولة. و في حالة رفض التأشيرة، يبت الوزير المكلف بالمالية في الأمر بصفة نهائية.
[18]  القانون رقم 08.05 الصادر بتنفيذه ظهير شريف رقم 1.07.169 بتاريخ 19 من ذي الحجة 1428 (30 نوفمبر2007)، الجريدة الرسمية عدد 5584 بتاريخ 25 ذو القعدة 1428 (6 ديسمبر 2007)، ص 3894.
 
[19] للمزيد حول نطاق الرقابة القضائية على حكم التحكيم بصفة عامة وحكم التحكيم المتعلق بالعقود الإدارية الرجوع إلى :
  • نهال اللواح : القاضي الوطني و التحكيم التجاري الدولي  – دراسة مقارنة –أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص، كلية الحقوق بطنجة 2013  ، ص 651 وما بعدها .
  • مصطفى بونجة : التحكيم الداخلي والدولي في العقود الادارية بالمغرب ، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام، كلية الحقوق بطنجة سنة 2013 ، ص 325 و ما بعدها .
[20] عزمي عبد الفتاح عطية: قانون التحكيم الكويتي، الطبعة الأولى مطبعة جامعة الكويت، 1990، ص 343.
[21] أحمد عبد الوفا : التحكيم الاختياري و الاجباري، منشأة المعارف، الاسكندرية، الطبعة الخامسة، 2001، ص 292. 
[22] إذ يمكن إصدار الأمر بالصيغة التنفيذية للحكم التحكيمي التجاري من طرف رئيس المحكمة الابتدائية  مادام النزاع لا يتجاوز 20.000 درهم طبقا للمادة 6 من قانون إحداث المحاكم التجارية رقم 53ـ95.
[23] ونقول هذا بالرغم من أن بعض الفقه اعتبر بأن الاختصاص يعود للمحكمة الإدارية وليس لرئيسها .
[24] كان النص الأصلي الوارد بمشروع مدونة التحكيم في المادة 3 على أنه: "يقصد في مدلول هذا القانون ب:..."5ـ رئيس المحكمة: رئيس المحكمة الابتدائية أو رئيس المحكمة التجارية حسب الطابع المدني أو التجاري للنزاع المعروض على التحكيم".
[25]  محمود التحيوي: تنفيذ حكم المحكمين، دار الفكر الجامعي، الاسكندرية، طبعة أولى، 2002، ص 10.
[26] منير عبد المجيد: الأسس العامة للتحكيم الدولي و الداخلي، منشأة المعارف الاسكندرية، سنة 2001 ص 484.
[27] أمر صادر عن المحكمة التجارية بالدار البيضاء، عدد 569 في الملف عدد 261/1/2008، بتاريخ 05/03/2008. منشور بكتاب "التحكيم التجاري من خلال العمل القضائي المغربي- رصد لقرارات محكمة النقض و محاكم الموضوع"، مصطفى بونجة و نهال اللواح، مطبعة اسبارطيل – طنجة، الطبعة الأولى،  2014، ص 472.
[28] قرار المجلس الأعلى، عدد 430 بتاريخ 16/4/2008 في الملف التجاري عدد 1387/3/1/2004. منشور بنفس المرجع، ص 67.
و انظر في ذلك عبد الرحمان المصباحي: "قانون التحكيم المغربي الجديد، قراءة للقانون رقم 05ـ08 المنظم للتحكيم و الوساطة الاتفاقية المغربي الجديد". مقال منشور بمجلة التحكيم، العدد الثالث ـ يوليو 2009، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت ـ لبنان، مطبعة دار التعاونية الطباعية، ص 114.
وانظر أيضا ما ذهب إليه ذ. رياض فخري: الإطار التشريعي الداخلي لتنفيذ أحكام التحكيم في المغرب. منشور بالمجلة المغربية للوساطة و التحكيم، صادرة عن المركز الدولي للوساطة و التحكيم بالرباط " CIMAR"، عدد 5، 2011، الطبعة الأولى، ص 16 و ما بعدها.
[29] عبد الكبير العلوي الصوصي: رقابة القضاء على التحكيم – دراسة في القانون المغربي و المقارن –  دار القلم ، الطبعة الآولى 2012،  ص 133 و ما بعدها .
[30] أمر صادر عن رئيس المحكمة التجارية بالدار البيضاء عدد 569 صادر بتاريخ 05/03/2008، ملف عدد 261/1/2008، منشور بكتاب ، مصطفى بونجة ونهال اللواح ، التحكيم التجاري من خلال العمل القضائي المغربي ، م. س،  ص 472 .
  1. المادة 12 من الظهير الشريف رقم 1.91.225 صادر في 22 من ربيع الأول 1414 (10 سبتمبر 1993) بتنفيذ القانون رقم 41.90 المحدث بموجبه محاكم إدارية حسبما تم تعديله بموجب قانون 2000 و المنشور بالجريدة الرسمية عدد 4858 في 21/12/2000.
[32] انظر عبد المجيد غميجة: مستجدات مشروع القانون المتعلق بالتحكيم و الوساطة. منشور بمجلة المحاكم التجارية، عدد 2/دجنبر 2006، ص 45 و 47.
[33] A. PATRIKIOS, L'arbitrage en matière administrative, préf. Y. GAUDEMET, Paris,. LGDJ, 1997
[34] Rita Waked Jaber : Le contrat administratif international : Essai d'une théorie générale à travers l'exemple du contrat BOT (Build, Operate and Transfer) Paris,. LGDJ,2014
[35]  جاء بالفقرة الأخيرة من الفصل 310 من هذا القانون ما يلي:
"...يرجع اختصاص النظر في طلب تذييل الحكم التحكيمي الصادر في نطاق هذا الفصل إلى المحكمة الإدارية التي سيتم تنفيذ الحكم التحكيمي في دائرتها أو إلى المحكمة الإدارية بالرباط عندما يكون تنفيذ الحكم التحكيمي يشمل مجموع التراب الوطني".
[36]   نص الفصل 46-327 من هذا القانون على ما يلي:
"يعترف بالأحكام التحكيمية الدولية في المملكة إذا أثبت وجودها من يتمسك بها، ولم يكن هذا الاعتراف مخالفا للنظام العام الوطني أو الدولي.
يخول الاعتراف والصيغة التنفيذية لهذه الأحكام في المغرب وفق نفس الشروط لرئيس المحكمة التجارية التي صدرت في دائرتها أو رئيس المحكمة التجارية التابع لها مكان التنفيذ إذا كان مقر التحكيم بالخارج".
[37] أمر صادر عن رئيس المحكمة التجارية بالرباط، رقم 670، بتاريخ 18/6/2012، في الملف رقم 414/3/2012 منشور بكتاب ، مصطفى بونجة ونهال اللواح، التحكيم التجاري من خلال العمل القضائي المغربي ، م. س،  ص 455
[38] أمر صادر عن رئيس المحكمة التجارية بالرباط، رقم 670، بتاريخ 18/6/2012، نفس الأمر و نفس المرجع. ص455 .
[39] قرار محكمة النقض عدد 241 الصادر عن الغرفة الإدارية بتاريخ 2013/3/7 في الملف عدد 2013/4/182 (غير منشور).
[40] القرار عدد 2012/5275 الصادر عن محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء بتاريخ 2012/11/20 في الملف رقم 4/2012/3902. منشور بكتاب  مصطفى بونجة ونهال اللواح، التحكيم التجاري من خلال العمل القضائي المغربي ، م. س، ص 167.
[41] حكم المحكمة الادارية بالرباط رقم 897 الصادر بتاريخ11/3/2014  في الملف رقم 133-13-2013 (غير منشور) .
[42]    الرجاء الاطلاعلى على مانصت عليه الفصول 48-327  من ق م م و مابعدها :
الفصل 48-327 .يكون الأمر الذي يرفض الاعتراف بالحكم التحكيمي أو يرفض تخويل الصيغة التنفيذية قابلا للطعن بالاستئناف .
الفصل 49-327 . لا يمكن الطعن بالاستئناف في الأمر القاضي بتخويل الاعتراف أو الصيغة التنفيذية إلا في الحالات الآتية :
1-     إذا بتت الهيئة التحكيمية دون اتفاق  تحكيم أو استنادا إلى اتفاق باطل أو بعد انتهاء أجل التحكيم ؛
2-                     إذا تم تشكيل الهيئة التحكيمية أو تعيين المحكم المنفرد بصفة غير قانونية؛
3-                     إذا بتت الهيئة التحكيمية دون التقيد بالمهمة المسندة إليها؛
4-                     إذا لم تحترم حقوق الدفاع؛
5-                     إذا كان الاعتراف أو التنفيذ مخالفا للنظام العام الدولي أو الوطني.
الفصل 50-327 . يرفع الطعن بالاستئناف المشار إليه في الفصلين 48-327 و 49-327 أعلاه أمام محكمة الاستئناف ذات الاختصاص المكاني بالنظر إلى مقر المحكمة التابع لها رئيس المحكمة وذلك داخل أجل 15 يوما من تاريخ تبليغ  الأمر .
تبت محكمة الاستئناف طبقا لمسطرة الاستعجال .
الفصل 51-327 . يكون الحكم التحكيمي الصادر بالمملكة في مادة التحكيم الدولي قابلا للطعن بالبطلان في الحالات المنصوص عليها في الفصل 49-327 أعلاه .
الأمر الصادر بتخويل الصيغة التنفيذية لهذا الحكم التحكيمي غير قابل لأي طعن . على أن الطعن بالبطلان يتضمن ، بقوة القانون ، في حدود  النزاع المعروض على المحكمة ، طعنا في الأمر الصادر عن رئيس المحكمة أو رفعا ليد هذا الرئيس
الفصل 52-327 . ترفع دعوى البطلان المشار إليها في الفصل 51-327 أعلاه أمام محكمة الاستئناف التي صدر الحكم التحكيمي في دائرتها ويمكن تقديم هذا الطعن بمجرد صدور الحكم التحكيمي . ولا يتم قبوله ، إن لم يقدم داخل أجل خمسة عشر يوما على تبليغ الحكم القابل للتنفيذ .
[43]  J.-F. POUDRET et S. BESSON :Droit comparé de l‘arbitrage international, op. cit., p. 966.
 
[44]  انظر في هذا المعنى، طارق مصدق: قراءة في مستجدات القانون المغربي للتحكيم 08ـ05. م. س، ص 45.
فبالنسبة لقانون التحكيم المغربي، فيما يتعلق بالتحكيم الدولي ينص الفصل 327ـ54 من هذا القانون على ما يلي: "لا تطبق مقتضيات الفصل 327ـ37 على الطعن بالبطلان." و الفصل المذكور 327ـ37 يتعلق بالتحكيم الداخلي الذي ينص على أن: "إذا أبطلت محكمة الاستئناف الحكم التحكيمي، تبت في جوهر النزاع في إطار المهمة المسندة إلى الهيئة التحكيمية ما لم يصدر حكم بالإبطال لغياب اتفاق التحكيم أو بطلانه".  و نفس الشيء بالنسبة للقانون الفرنسي، فإن طلب إبطال القرار التحكيمي الدولي الصادر بفرنسا محصور بالحالات الخمس و هي في كل حالة لا تترك أي مجال للغوص في أساس النزاع أو التصدي له. انظر عبد الحميد الأحدب: التحكيم الدولي، ج. 2، م. س، ص 362.
[45] Art. 1494 : « L’appel et le recours en annulation sont portés devant la cour d’appel dans le ressort de  laquelle la sentence a été rendue.
Ces recours sont recevables dés le prononcé de la sentence. Ils cessent de l’etre s’ils n’ont pas été exercés dans le mois de la notification de la sentence ». 
[46]  هذا ما نصت عليه المادة 1519 من المرسوم الفرنسي الجديد فيما يخص التحكيم الدولي، و ذلك في فقرتها الثانية التي جاء فيها:
« …Ce recours est recevable dés le prononcé de la sentence.Il cesse de l’etre s’il n’a pas été exercé dans le mois de la notification de la sentence.. ». 
و ليس كما كانت تنص عليه المادة 1505 من ق. م.م. الفرنسي الملغى "من تاريخ تبليغ القرار النافذ".
[47]    اعتبر القرار الصادر عن محكمة الاستئناف بالدار البيضاء بأنه  "حيث إن الطلب يرمي إلى إيقاف تنفيذ الأمر القاضي بالتذييل بالصيغة التنفيذية للحكم التحكيمي الصادر عن هيئة التحكيم لدى غرفة التجارة الدولية.
حيث إن الطلب أعلاه جاء معيبا شكلا لأنه ينصب على الأمر القاضي بالتذييل في حين أن الحكم المشمول بالنفاذ المعجل هو القرار التحكيمي.
حيث إن طلب إيقاف التنفيذ على الحالة المعروض عليها أعلاه يكون مستوجبا للتصريح بعدم قبوله". قرار محكمة الاستئناف بالدار البيضاء رقم 5627/2010 بتاريخ 30/12/2010 ملف رقم 5316/2010/02.
[48] الفصل 53-327. يوقف أجل تقديم الطعون المنصوص عليها في الفصول 48-327 و 49-327 و 51-327 أعلاه تنفيذ الحكم التحكيمي .
كما يوقف الطعن الممارس داخل الأجل تنفيذ الحكم التحكيمي  ما لم يكن القرار التحكيمي مشمولا بالنفاذ المعجل، ويمكن في هذه الحالة للجهة التي تبت في الطعن أن تأمر بوقف التنفيذ إذا ظهر لها ما يبرر ذلك .
[49]  الفصل 36-327 . رغم كل شرط مخالف ، تكون الأحكام التحكيمية قابلة للطعن بالبطلان طبقا للقواعد العادية أمام محكمة الاستئناف التي صدرت في دائرتها .
ويكون تقديم هذا الطعن مقبولا بمجرد صدور الحكم التحكيمي .
ولا يتم قبوله إذا لم يقدم داخل أجل 15 يوما من تبليغ الحكم التحكيمي المذيل بالصيغة التنفيذية .
لا يكون الطعن بالبطلان ممكنا إلا في الحالات الآتية :
1-     إذا صدر الحكم التحكيمي في غياب اتفاق التحكيم أو إذا كان اتفاق التحكيم باطلا ، أو إذا صدر الحكم بعد انتهاء أجل التحكيم
2- إذا تم تشكيل الهيئة التحكيمية أو تعيين المحكم المنفرد بصفة غير قانونية أو مخالفة لاتفاق الطرفين
3-إذا بتت الهيئة  التحكيمية دون التقيد بالمهمة المسندة إليها أو بتت في مسائل لا يشملها التحكيم أو تجاوزت حدود هذا الاتفاق ، ومع ذلك  إذا أمكن فصل أجزاء الحكم الخاصة بالمسائل الخاضعة للتحكيم عن أجزائه الخاصة بالمسائل غير الخاضعة له ، فلا يقع البطلان إلا على الأجزاء الأخيرة وحدها
4- إذا لم تحترم مقتضيات الفصلين 23-327 (الفقرة 2) و 24-327 فيما يخص أسماء المحكمين وتاريخ الحكم التحكيمي والفصل 25-327
5- إذا تعذر على أي من طرفي التحكيم تقديم دفاعه بسبب عدم تبليغه تبليغا صحيحا بتعيين محكم أو بإجراءات التحكيم أو لأي سبب آخر يتعلق بواجب احترام حقوق الدفاع
6- إذا صدر الحكم التحكيمي خلافا لقاعدة من قواعد النظام العام
7-  في حالة عدم التقيد بالإجراءات المسطرية التي اتفق الأطراف على تطبيقها أو استبعاد تطبيق القانون الذي اتفق  الأطراف على تطبيقه على موضوع النزاع . 
تحكم محكمة الاستئناف التي تنظر في الطعن بالبطلان من تلقاء نفسها ببطلان حكم التحكيم إذا تضمن ما يخالف النظام العام في المملكة المغربية أو إذا وجدت موضوع النزاع من المسائل التي لا يجوز التحكيم فيها .
تبت محكمة الإستنئاف طبقا لمسطرة الاستعجال.
يوقف أجل ممارسة الطعن بالبطلان تنفيذ الحكم التحكيمي
كما توقف ممارسة هذا الطعن داخل الأجل تنفيذ الحكم التحكيمي
 
 



الاثنين 27 أبريل 2020

تعليق جديد
Twitter