MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers




المسؤولية السياسية للحكومة في فرنسا

     


كريم بودرة

طالب باحث في العلوم السياسية

كلية العلوم القانونية والإقتصادية والإجتماعية وجدة



المسؤولية السياسية للحكومة في فرنسا

مقدمة

 
تعتبر المسؤولية السياسية للحكومة بمثابة إرغام الحكومة على الاستقالة من طرف البرلمان[[1]]url:#_ftn1 ، أو هي عبارة عن استقالة الحكومة بعد فقدان ثقة البرلمان[[2]]url:#_ftn2 .
إن تاريخ المسؤولية السياسية للحكومة أمام البرلمان يرجع إلى النظام البرلماني، والذي تطور في بريطانيا في القرنين 17 و18م، قبل أن يتم الاحتكام إليه كنموذج في أوروبا، ففي فرنسا والتي ستكون محور هذا العرض ،شهدت المسؤولية السياسية الحكومية أمام البرلمان تطورا تاريخيا، إذ كرس الدستور الفرنسي لسنة 1814 المسؤولية الجنائية للوزراء، فقد كان الملك يعين الوزراء، وكان بإمكان مجلس النواب تفعيل الاتهام الجنائي في حالات الخيانة، وهذه المسؤولية تم توسيع مضمونها مع دستور 1830 لتشمل جميع الجنايات المرتكبة من طرف الوزراء، لكن ومع الجمهورية الثانية (1848-1851) بطابعها الرئاسي، ومع الإمبراطورية الثانية شهد مفهوم المسؤولية تراجعا.
لكن ومع فشل إرساء النظام الملكي سنة 1873، وبعد قيام الجمهورية الثالثة (1875-1940) بنظامها البرلماني ظهرت المسؤولية السياسية للحكومة أمام البرلمان، وهو ما أكدته الجمهورية الرابعة (1946-1958)، إلا أن دستور الجمهورية الخامسة سنة 1958، حاول أن يؤسس للاستقرار الحكومي، فبالرغم من تنصيصه على المسؤولية الحكومية أمام البرلمان إلا أنه أرفق ذلك بمجموعة من الشروط والإجراءات التي يصعب على البرلمان تفعيلها، فاشتراط تصويت الأغلبية المطلقة على ملتمس الرقابة أو سحب الثقة من الحكومة، يجعل من إسقاط الحكومة أمرا صعب المنال.
فمنذ إقرار دستور الجمهورية الخامسة، تم إسقاط حكومة وحيدة سنة 1962، في الوقت الذي باءت فيه جميع ملتمسات الرقابة بالفشل، لتقتصر الرقابة البرلمانية للحكومة على الأسئلة واللجان الدائمة ولجان تقصي الحقائق...
ولموضوع المسؤولية السياسية للحكومة أهمية دستورية، تتمثل في الاطلاع على الفصول التي تؤطرها وتنظمها وتقيدها قصد دراستها، كما أن لهذا الموضوع  أهمية عملية، تتجسد في التطرق لواقع هذه المسؤولية وتطبيقاتها في فرنسا.
ويطرح موضوع المسؤولية السياسية للحكومة إشكالية تتمثل في تدعيم الاستقرار الحكومي وإحاطة تفعيل المسؤولية بقيود دستورية ،تجسد عقلنة برلمانية صارمة لتفادي سقوط الحكومات المتعاقبة على غرار الجمهوريتين الثالثة والرابعة في فرنسا، وأمام صعوبة الإجراءات المسطرية للإطاحة بالحكومة اصبحت الرقابة البرلمانية على العمل الحكومي تلجأ للأسئلة المحرجة ،إضافة للرقابة التقنية عن طريق اللجان.
ولمحاولة توضيح الإشكالية، سأقسم صلب الموضع إلى مبحثين:
المبحث الأول: الاليات غير المباشرة لإثارة المسؤولية السياسية للحكومة
المبحث الثاني: الآليات المباشرة لإثارة المسؤولية السياسية للحكومة
 
 

المبحث الأول: الآليات غير المباشرة لإثارة المسؤولية السياسية للحكومة

يتيح النظام البرلماني إمكانية مساءلة الوزراء في جلسة عامة من طرف أعضاء البرلمان،وقد تختلف هذه الأسئلة بين ما هو شفوي وما هو كتابي، إلا أن الرقابة البرلمانية التي لا تثير المسؤولية الحكومية بشكل مباشر لا تقتصر على الأسئلة وإنما تشمل الرقابة من خلال اللجان الدائمة إضافة للجان تقصي الحقائق. وسأحاول التطرق للأسئلة البرلمانية والتصريحات الحكومية التي تناقش دون أن يعقبها تصويت في( المطلب الأول)، على أن أخصص (المطلب الثاني)، للرقابة من خلال اللجان الدائمة ولجان تقصي الحقائق

المطلب الأول: التصريح الحكومي والسؤال

تقوم الحكومة الفرنسية بعدة تصريحات امام البرلمان، والتي قد تعقبها وقد لا تعقبها المناقشة، إنما لا يمكن أن يتم التصويت عليها لهذا قررت أن أعرض لها رفقة الاليات التي لا تثير المسؤولية الحكومية مباشرة(الفرع الأول)، كما تشكل الأسئلة البرلمانية آلية كلاسيكية لا يمكن الاستغناء عنها لجمع المعلومات واستفسار الحكومة(الفرع الثاني)

الفرع الأول: التصريحات الحكومية

إضافة للتصريحات الحكومية والمشار اليها في الفصل49 والتي تثير مسؤولية الحكومة بصفة مباشرة وهو ما سأتناوله خلال المبحث الثاني،يمكن للحكومة ان تطلب تقديم تصريحات أمام الجمعية الوطنية قد تليها المناقشة  وقد لا تتم مناقشتها، وبدون تصويت.
ففي حالة التصريح مع المناقشة،تقوم ندوة الرؤساء بتوزيع الوقت الاجمالي للمداخلات بين الفرق استنادا الى التمثيل النسبي والعددي لكل فريق، مع العلم أنه يحق لكل فريق التدخل لمدة 30 دقيقة على الأقل، وتمنح للنائب اللامنتمي والذي كان أول المسجلين في المناقشة، مدة 10 دقائق، ويأخذ الوزير الأول أو أحد أعضاء الحكومة الكلمة عقب انتهاء المداخلات قصد تقديم الاجوبة والايضاحات.
وفي حالة التصريح بدون مناقشة، يمكن للرئيس أن يسمح لأحد المتدخلين كل فريق بالرد على الحكومة.[[3]]url:#_ftn3 و تطرق الدستور إلى ثلاث حالات تقدم خلالها الحكومة تصريحات امام البرلمان.
_ عند إجراء الاستفتاء المنصوص عليه في الفصل 11، باقتراح من الحكومة والتي تقدم تصريحا أمام كل من المجلسين مع المناقشة.
_ حسب مقتضيات الفصل 72_4(..... رئيس الجمهورية.......... يمكن أن يقرر استشارة الناخبين  في إحدى الجماعات الإقليمية الواقعة فيما وراء  البحر، في مسألة تتعلق بتنظيمها واختصاصاتها أو نظامها التشريعي، ومتى كان موضوع الاستشارة ينصب على التغيير المنصوص عليه في الفقرة السابقة، وجاء تنظيم هذه الاستشارة بناء على اقتراح من الحكومة، فإن الحكومة تقدم أمام كل مجلس، تصريحا تعقبه مناقشة.
_ حسب الفصل  35 تخبر الحكومة بقرارها الذي يسمح للقوات المسلحة بالتدخل في الخارج، في ظرف ثلاثة أيام من بداية التد خل على الأكثر وتوضيح الأهداف المسطرة لذلك، ويمكن أن يترتب عن هذا الاخبار فتح مناقشة لا يعقبها أي تصويت.
ويمكن للحكومة استنادا الى قوانين تنظيمية، أن تقدم تصريحا متبوع أو غير متبوع بنقاش أمام البرلمان في الحالات التالية[[4]]url:#_ftn4 :
_ في مجال السياسة المالية والاجتماعية:
مناقشة التوجهات المالية السنوية، في دورة الربيع، حول الخطوط العريضة لمشروع القانون المالي الذي ستتم مناقشته خلال دورة الخريف.
مناقشة المالية الاجتماعية.
مناقشة الاقتطاعات الإجبارية.
_ في مجال السياسة الأوروبية:
_ قبل عقد أي اجتماع للرؤساء أو الحكومات على المستوى المجلس الأوروبي، تقدم الحكومة الفرنسية تصريحا أمام البرلمان، والذي يكون متبوعا بالمناقشة.
_ كما يمكن للحكومة أن تقدم تصريحا أمام البرلمان حول موضوع مستجد وخاص، وتشمل هذه التصريحات مختلف مجالات النشاط العام (السياسة الخارجية، الطاقة، التعليم، مواضيع اجتماعية.....) ويمكن أن تعقبها مناقشة.
هكذا وخلال الدورة البرلمانية 2005_2006[[5]]url:#_ftn5 ، تم إجراء تسع مناقشات في البرلمان عقب تقديم تصريحات حكومية، ثلاثة منها قبل عقد المجلس الأوروبي، تصريحين تم تقديمهما بمناسبة مناقشة التوجهات المالية لسياسة الدولة، وأربع تصريحات تعلقت بمواضيع مختلفة.

الفرع الثاني: الأسئلة

بمختلف أشكالها الشفوية والكتابية، تشكل الأسئلة تلك الآلية التقليدية والمباشرة والتي من خلالها يراقب البرلمان العمل الحكومي ومساطر الأسئلة ليس فيها أي تصويت، وهي تحمل طابعا فرديا،يسعى من خلالها النواب الى جمع المعلومات حول المواضيع الراهنة والمستجدات دون تحريك المسؤولية السياسية للحكومة.
لقد حققت الأسئلة نجاحا متزايدا بفضل وسائل الإعلام التي عملت على بث الجلسات (الأسئلة الموجهة للحكومة)، أو من حيث بساطتها وطابعها واللامحدود (الأسئلة الكتابية).

الفقرة الأولى: الأسئلة الشفوية

 
إن حق مساءلة الحكومة خلال الجلسات كرسه دستور 1958، ورسخته المراجعة الدستورية لسنة 1995، حيث نص الفصل 48 في فقرته الثانية على "تخصص جلسة واحدة على الأقل في الأسبوع من باب الأولوية لأسئلة أعضاء البرلمان وأجوبة الحكومة عليها".
في هذا الإطار تقوم الجمعية الوطنية وكذا مجلس الشيوخ تسيير جلسات الأسئلة الشفوية وبكل حرية باتفاق مع الحكومة، ففي الجمعية الوطنية تحدد شروط إيداع الأسئلة من طرف المكتب، في حين أن تنظيم الجلسات تسطره ندوة الرؤساء[[6]]url:#_ftn6 .

1) الأسئلة الشفوية بدون مناقشة:


 
تطرح الأسئلة الشفوية بدون مناقشة[[7]]url:#_ftn7 من طرف النائب البرلماني على وزير معين، وهو ما يمنع كل سؤال جماعي (وبالخصوص تلك التي يمكن أن يطرحها الرئيس باسم الفريق السياسي، أو باسم اللجنة الدائمة).تحرر الأسئلة باختصار وتقتصر على العناصر الأساسية لفهم السؤال، وغالبا ما يكون مضمونها ذو اهتمام محلي بالنسبة لصاحبها، تودع لدى رئيس الجمعية الوطنية الذي يحيلها على الحكومة[[8]]url:#_ftn8 .
في الجمعية الوطنية، تخصص جلسة الثلاثاء للأسئلة الشفوية، باستثناء، فترة المناقشة المالية، أو الدورات الاستثنائية، أو عندما تخصص هذه الصبيحة مرة في الشهر، لجدول الأعمال الذي تحدده الجمعية.
تحدد في بداية الولاية التشريعية عدد الاسئلة التي تطرح في الجلسة، وتوزيعها بين الفرق السياسية، كل فريق له الحق في الكوطا التي تتناسب مع حجم تمثيليته وقوته العددية، وفي اختيار أسئلته[[9]]url:#_ftn9 .
في الجمعية الوطنية، يملك صاحب السؤال 7 دقائق لطرح سؤاله مع التعقيب المحتمل على جواب الوزير،في حين يتوفر صاحب السؤال بمجلس المستشارين على 3 دقائق لإلقائه، ليجيبه الوزير خلال أربع أو خمس دقائق، بعد ذلك تعطى دقيقتين على الاكثر لصاحب السؤال أن هو أراد أن يعقب على جواب الوزير[[10]]url:#_ftn10 .
خلال الدورة العادية،2007_2008، تم عقد 15 جلسة للأسئلة الشفوية، فطرح384 سؤال بالجمعية الوطنية[[11]]url:#_ftn11 .
في المقابل، تناقش الأسئلة بمجلس المستشارين صباح يوم الثلاثاء كل أسبوعين، حسب جدول أعمال تسطره ندوة الرؤساء التي تحدد أيضا لائحة 18 سؤال المسجلة خلال الجلسة. لقد ناقش مجلس الشيوخ 253 سؤال من هذا الصنف، خلال 16 جلسة[[12]]url:#_ftn12 .

2) الأسئلة الشفوية مع المناقشة:

 
فاذا كانت الأسئلة الشفوية مع المناقشة قد أصابها التقادم في الجمعية الوطنية، فإنه يستمر العمل بها في مجلس الشيوخ[[13]]url:#_ftn13 .
فكل عضو بمجلس الشيوخ بإمكانه إيداع سؤال لدى الرئيس مع طلب المناقشة، وشروط الإيداع، التوصل والنشر هي نفسها بالنسبة للأسئلة الشفوية والكتابية. تسجل هذه الأسئلة في جدول الاعمال بناء على قرار مجلس الشيوخ، وباقتراح ندوة الرؤساء.
صاحب السؤال هو الذي يفتتح المداخلات، وله 20 دقيقة كحيز زمني ليعبر عن تساؤلاته واستفساراته، بالنسبة لباقي المتدخلين، فإن ندوة الرؤساء تلجأ إلى الاختيار بين مسطرتين[[14]]url:#_ftn14 :
_ إما أن تنظم النقاش، عن طريق تحديد المدة الإجمالية للمناقشة، والتي تقسم على الفرق السياسية على اساس التمثيل النسبي، فيتم التدخل بالتتابع وفق الترتيب الذي أفرزته القرعة.
_ أو تمنح مدة 10 دقائق لكل ممثل للفريق السياسي، مع حق الجواب في 5 دقائق لصاحب السؤال وباقي المتدخلين.
خلال دورة 2007_2008[[15]]url:#_ftn15 ، ناقش مجلس الشيوخ 13 سؤالا شفويا مع المناقشة

 

3) الأسئلة الموجهة للحكومة:

 
في الجمعية الوطنية، تم اعتماد مسطرة الاسئلة الموجهة للحكومة في سنة 1974[[16]]url:#_ftn16 ، ومنذ 1995 تم تخصيص ساعة في كل من يومي الثلاثاء والأربعاء أسبوعيا في بداية جلسات بعد الزوال، وبالرغم من فترات المناقشة المالية لكن خلال الدورات العادية فقط، النواب يسألون الوزراء شفويا، والذين يجيبون دون تحديد الآجال.
الوقت المخصص لكل سؤال بما في ذلك جواب الوزير هو 5 دقائق، هكذا يتم طرح 12 سؤال خلال كل جلسة، والأسئلة توزع بين الفرق على أساس التمثيل النسبي، وكل فريق بإمكانه طرح سؤال واحد على الأقل، بالإضافة إلى هذا وخلال جلسة كل شهر يعطى سؤال إضافي لعضو لا ينتمي لأي فريق.
يقوم رئيس الجلسة بتلاوة بحسب الترتيب الذي يسمح لكل فريق بالتدخل أولا وبالتناوب، ويسهر الرئيس على احترام وقت الكلام، ليتمكن كل المتدخلين من الاستفادة من النقل التلفزي المباشر، الذي شرع العمل به منذ 1981 من طرف قناة عمومية[[17]]url:#_ftn17 .
فبعكس الأسئلة الشفوية، فإن الأسئلة الموجهة للحكومة (أو الأسئلة الحكومية)، لا يتم إيذاعها، أو إحالتها على الحكومة أو نشرها مسبقا. مبدئيا، مضمون هذه الأسئلة لا يتم عرضه على الحكومة، التي لا تطلع إلا على أسماء أصحاب الأسئلة ساعة واحدة قبل افتتاح الجلسة. إن الطابع العفوي لهذه الأسئلة وحضور كل الوزراء يضمن تميزا لهذه الجلسات التي يتم نقلها تلفزيا، وتشكل حدثا برلمانيا بامتياز[[18]]url:#_ftn18 .
ومضمون هذه الأسئلة يكون حرا (السب والشتم والتهديد تبقى ممنوعة)، لقد أثبتت الممارسة العملية، بأن الأسئلة الشفوية تمتاز بطابعها المحلي، في حين أن الأسئلة الحكومية تكتسي طابعا سياسيا عاما.
خلال الدورة العادية (2007-2008) تم طرح 662 سؤال في 55 جلسة[[19]]url:#_ftn19 .
في مجلس الشيوخ، لقد تم الشروع في العمل بهذه الأسئلة منذ 1982، وتقام الجلسات بعد زوال يوم الخميس، كل أسبوعين، لمدة ساعة واحدة تبث مباشرة على قناتي فرنسا الثالثة والقناة العمومية لمجلس الشيوخ[[20]]url:#_ftn20 .
يحق لصاحب السؤال والوزير التحدث لمدة دقيقتين ونصف لكل منهما، فلا يوجد أي حق للتعقيب على جواب الحكومة، كما لا يمكن تعويض صاحب السؤال.
إن الأسئلة التي تناقش خلال كل جلسة، توزع على الفرق السياسية على أساس التمثيل النسبي، والتي تطرح حسب الترتيب الذي تفرزه القرعة، والتي تجرى بعد كل تجديد على مستوى تركيبة المجلس، في الوقت الذي تودع فيه أسماء أصحاب الأسئلة واسم الوزير المعني من طرف الفرق السياسية في نفس اليوم للجلسة وقبل 11 ساعة من انعقادها، بالمقابل وللحفاظ على عفوية الأسئلة، لا يتم الكشف عن مضمونها رسميا وبصفة مسبقة[[21]]url:#_ftn21 .
وقبل ختم الأسئلة الشفوية أشير إلى أن النظام الداخلي لمجلس الشيوخ يشير إلى ما يسمى بالمساءلة حيث يمكن لأحد أعضائه أن يسائل وزيرا أو عدة وزراء أو مسؤولي المقاولات والمؤسسات العمومية حول قضية معينة[[22]]url:#_ftn22 .

الفقرة الثانية: الأسئلة الكتابية

 
تعتبر من الصلاحيات الفردية لأعضاء البرلمان، فهي بمثابة المسطرة الوحيدة التي تطبق خارج إطار الجلسة.
إن الأسئلة الكتابية[[23]]url:#_ftn23 تطرح من طرف النائب أو عضو مجلس الشيوخ على وزير معين، بينما توجه الأسئلة المتعلقة بالسياسة العامة للحكومة للوزير الأول. وكل عضو من أعضاء البرلمان بإمكانه أن يطرح العديد من الأسئلة حسب إرادته ودون تقييد.
تحرر الأسئسلة باختصار، وتقتصر على العناصر الضرورية لفهم السؤال، لكن لا يمكن أن تطلق الاتهامات لأشخاص معنيين. إضافة إلى ذلك، فإن مبدأ الفصل بين السلط وكذا عدم مسؤولية الرئيس، يمنع على صاحب السؤال الكتابي اتهام رئيس الجمهورية.
تتعلق هذه الأسئلة بمواضيع مختلفة (أسئلة ذات طابع محلي أو وطني، أسئلة فردية أو جماعية...)، ولكن تجدر الإشارة إلى أن حوالي نصف الأسئلة الكتابية تتعلق بمواضيع جبائية واجتماعية[[24]]url:#_ftn24 .
إن الأسئلة الكتابية تودع لدى رئاسة أحد المجلسين، قبل أن يتم إشعار الحكومة بها. منذ الولاية التشريعيةXIII، أصبح بإمكان النواب استعمال البريد الإلكتروني لإرسال أسئلتهم، فالأسئلة الكتابية تنشر كل أسبوع (خلال وخارج الدورات) في الجريدة الرسمية التي تضم أجوبة الوزراء للأسئلة التي طرحت سابقا، فالأجوبة يجب أن تنشر شهرين بعد نشر الأسئلة. ونظرا لبساطتها وطابعها غير المحدود، فإن مسطرة الأسئلة الكتابية لاقت نجاحا باهرا، إذ تسمح لأعضاء البرلمان بالتدخل عندما يريدون ذلك في القضايا التي تمس مباشرة بناخبيهم، مما نتج عنه تضخم عدد الأسئلة الكتابية، والتي ارتفع عددها من 3700 سؤال كتابي تم إيذاعها سنة 1959، حيث وصل عددها 12000 سنة 1994، لتصل إلى أزيد من 32000 سنة 2006[[25]]url:#_ftn25 .
إلا أن نجاح هذه المسطرة تعترضه صعوبات كثيرة تتمثل في عدم قدرة الحكومة على الجواب في الآجال القانونية.
ففي الجمعية الوطنية، لقد تم اتخاذ عدة مبادرات للتخفيف من هذا المشكل[[26]]url:#_ftn26 :
- نشر لائحة الأسئلة التي طرحت قبل شهرين وبقيت دون إجابات، في الجريدة الرسمية الأسبوعية.
- تم اعتماد مسطرة "الأسئلة المشار إليها"، كل أسبوع وخلال الجلسة، يختار رؤساء الفرق الأسئلة الكتابية التي بقيت دون جواب في الآجال القانونية (شهرين) بعض الأسئلة التي يشار إليها في الجريدة الرسمية، والتي يلتزم الوزراء بالإجابة عليها خلال أجل عشرة أيام، هذا الالتزام تم اختراعه منذ تطبيق هذه المسطرة سنة 1994.
وخلال دورة (2007-2008)، لقد كان مجموع الأسئلة الكتابية يقدر ب 25758 سؤال، تمت الإجابة على 19150 سؤال، فيما تمت الإشارة إلى 516 سؤال في الجمعية الوطنية[[27]]url:#_ftn27 ، في الوقت الذي طرح فيه 2436 سؤال بمجلس الشيوخ وتمت الإجابة على 2899[[28]]url:#_ftn28 . لقد أصبح من السهل الاطلاع على الأسئلة والأجوبة حسب المواضيع، على المواقع الإلكترونية للجمعية الوطنية ومجلس الشيوخ.

المطلب الثاني: المراقبة من خلال اللجان الدائمة ولجان تقصي الحقائق

 
على خلاف المراقبة السياسية التي تمارس من خلال الجلسة العامة، فإن المراقبة التقنية، تتم من خلال بنيات تنظيمية محددة في شكل اللجان الدائمة، فهي تهتم بفعالية السياسات العامة في شموليتها و لا تخضع كثيرا للأضواء الإعلامية(الفرع الأول)، كما أن المجالس بإمكانها تشكيل لجان لتقصي الحقائق ، إما جمع معلومات عن أحداث معينة، أو حول تسيير المرافق العامة والشركات العامة(الفرع الثاني).

الفرع الأول: الرقابة في اللجان الدائمة

إن الممارسة المؤسساتية إضافة لمختلف التعديلات التي طرأت على الأنظمة الداخلية، منحت تدريجيا للجان الدائمة رقابة مباشرة على العمل الحكومي.
وفي هذا الإطار، يتم جمع المعلومات عن طريق آليتين: جلسات الاستماع، ومهام الاستطلاع (الإخبار).
إن الفصل 5 من مذكرة 17 نونبر 1958 نص على أن "كل لجنة خاصة أو دائمة، بإمكانها أن تستدعي كل شخص لتستمع إليه إذا رأت ذلك ضروريا، باستثناء مواضيع ذات طابع سري، تتعلق بالدفاع الوطني، الشؤون الخارجية، والأمن الداخلي والخارجي للدولة من جهة، ومن جهة أخرى، هناك احترام مبدأ الفصل بين السلط"[[29]]url:#_ftn29 ، وفي سنة 1996، تم الاعتراف للجان بحق استدعاء كل شخص حسب اختياره (عدم الاستجابة للاستدعاء تنتج عنه غرامة مالية تقدر ب 7500 أورو)، فاللجان أصبحت تستمتع لأعضاء الحكومة و الخبراء وممثلي الشرائح السوسيو مهنية[[30]]url:#_ftn30 .
جلسات الاستماع يمكن أن تكون عمومية ومفتوحة للصحافة عموما[[31]]url:#_ftn31 ، وتندرج جلسات الاستماع في إطار تحضير النص، ولكن يمكن أن يكون موضوعها استطلاعيا (إعلاميا) خالصا، خصوصا بالنسبة للجان التي يعد نشاطها التشريعي محدودا (الشؤون الخارجية، الدفاع). ففي سنة 2006، لقد استمعت اللجان الثمانية الدائمة في الجمعية الوطنية ل 294 شخص[[32]]url:#_ftn32 .
في الجمعية الوطنية، كما في مجلس الشيوخ، للجان الدائمة إمكانية إحداث لجان استخبارية مؤقتة.
هذه اللجان يمكن أن تكون فردية كما يمكن أن تكون جماعية، محددة في نفس اللجنة أو مشتركة لمدة متوسطة المدة، والتي قد ينتقل أعضاؤها داخليا أو خارجيا، وهذه اللجان تحدث أحيانا لتحضير مشروع القانون أو مراقبة تطبيق القانون الذي تم اعتماده حديثا[[33]]url:#_ftn33 .
ومهام الاستخبار تختتم غالبا بتقديم تقارير إعلامية، والتي يمكن للجنة أن تسمح بنشرها.
منذ قانون 14 يونيو 1996[[34]]url:#_ftn34 ، أصبح للجان الدائمة حق الطلب من الجمعية (ولمدة محددة ومهمة محددة) إعطاءها صلاحيات لجان تقصي الحقائق، هذه المرونة الجديدة تسمح لها بأن تحظى بسلطة التقصي والتحقيق بدون الخضوع لإكراهات تشكيل لجان تقصي الحقائق. 
هذه المسطرة تم تفعيلها على مستوى مجلس الشيوخ، ولم يتم اللجوء إليها في الجمعية الوطنية، فقد تم استعمالها لأول مرة من طرف لجنة التشريع بمجلس الشيوخ، حول موضوع تتبع الوزارات المعنية لمسلسل التعاون الأوروبي الأمني[[35]]url:#_ftn35 .
في المقابل، وفي الجمعية الوطنية[[36]]url:#_ftn36 ، تم اعتماد مقتضى جديد في مارس 2003 في إطار التفاعل مع تحديث مناهج عمل الجمعية، وأعطي الحق لندوة الرؤساء في إمكانية إنشاء مهام أو لجان الاستخبار، حول مقترح رئيس الجمعية الوطنية، إن المجلس الدستوري وضح بأن هذه المهام يجب أن تكون مؤقتة وتقتصر على الدور البسيط المتمثل في الاستخبار.
إن المسطرة المستعملة والمتبعة، تمنح نوعا من الرسمية للأشغال المتعلقة بالمواضيع الحساسة أو المستجدات التي تهم جميع الفرق السياسية وجميع اللجان، كما أن رئيس الجمعية لديه إمكانية رئاسة المهمة. لقد تم إحداث عشر مهام للاستخبار والاستعلام، من طرف ندوة الرؤساء خلال الولاية التشريعية XII (2002-2007)، و ترأس رئيس الجمعية الوطنية ترأس لجنتين[[37]]url:#_ftn37 ، إن أشغال لجان الاستخبار كيفما كان شكلها، تضم عقد جلسات الاستماع، وقد تتطلب التنقل في فرنسا والخارج، وقد تسفر هذه العلاقات على نقاش بدون تصويت في الجلسة، حسب موضوع المهمة، يمكن أن تختتم أشغالها بإيداع مشروع توصية قانون وعند الاقتضاء إيداع أعضاء المهمة لمشروع قانون (لجنة حول الرموز الدينية في المدرسة[[38]]url:#_ftn38 ) أو مرسوم) لجنة حول منع التدخين في الأماكن العامة[[39]]url:#_ftn39 ).
كما تمارس اللجان المراقبة المالية والاجتماعية حيث تضطلع  اللجان المالية، بسلطة خاصة لمراقبة ميزانية الدولة نظرا لصلاحيات التحري والتحقيق التي يمارسها المقررون.
فالقانون التنظيمي لفاتح غشت 2001 المتعلق بالقوانين المالية كرس دور لجان المالية في مجال مراقبة الميزانية، فالفصل 57 من القانون التنظيمي السالف الذكر يؤكد على أن لجان المالية في الجمعية الوطنية ومجلس الشيوخ تتكلف بتتبع ومراقبة تنفيذ قوانين المالية، وتقييم كل قضية لها علاقة بالمالية العامة.
كما أصبح البرلمان الفرنسي يضطلع بصلاحيات في تتبع تنفيذ القوانين، عن طريق الحرص على تنفيذ القوانين التي صوت عليها البرلمان والتأثير في شروط دخولها حيز النفاذ.
فإذا كان مجلس الشيوخ الفرنسي سباقا إلى إدخال مسطرة تتبع اللجان الدائمة لتطبيق القانون، فقد سارت الجمعية الوطنية على نفس النهج عندما عدلت نظامها الداخلي سنة 2004، فبعد مرور ستة أشهر على دخول القانون حيز التنفيذ، وإذا كان تطبيق هذا القانون يحتاج نشر نصوص ذات طبيعة تنظيمية، فإنه يتم نشر تقرير على تطبيق هذا القانون، حيث تدرج النصوص التنظيمية التي نشرت، والدوريات الوزارية المتخذة لأجل تطبيق قانون معين.
إضافة للسهر على مراقبة تطبيق القانون، فقد احدثت على مستوى لجنة المالية  بالجمعية الوطنية سنة 1996، لجنة التقييم والمراقبة التي تقيم سنويا بعض السياسات العمومية[[40]]url:#_ftn40 . بالمقابل احدثت لجنة التقييم ومراقبة قوانين تمويل الضمان الاجتماعي بمجلس الشيوخ الفرنسي سنة2006[[41]]url:#_ftn41 .

 الفرع الثاني: لجان تقصي الحقائق

ظهرت هذه اللجان في فرنسا مع النظام البرلماني، لكن المراجعة الدستورية ل 23 يوليوز2008، أدخلت فصلا جديدا ينص أنه" يمكن إنشاء لجان تحقيق داخل كل مجلس للقيام، وفق الشروط التي ينص عليها القانون، باستقاء معلومات تساعد على ممارسة مهام المراقبة والتقويم المحددة في الفقرة الأولى من الفصل 24.يحدد القانون قواعد تنظيمها وعملها، ويحدد نظام كل مجلس شروط إنشائها[[42]]url:#_ftn42 .
 وينظم النظام الداخلي للجمعية الوطنية لجان تقصي الحقائق في فصوله من137إلى144[[43]]url:#_ftn43 ، في حين تطرق الفصل 11من النظام الداخلي لمجلس الشيوخ لتشكيل لجان تقصي الحقائق[[44]]url:#_ftn44 .
نظرا لتوسيع وسائلها في التقصي والتحقيق، وعلنية جلسات الاستماع التي تقوم بها منذ 1991، فإن لجان الحقيقة تعتبر في الوقت الراهن وسائل إخبار ومراقبة فعالة، إذ يمكن لخلاصاتها أن تؤثر على العمل الحكومي[[45]]url:#_ftn45 .
إن إنشاء لجان الحقيقة يأتي بمبادرة برلمانية خالصة، التي تبتدئ إما بإيداع عضو أو عدة أعضاء في البرلمان لمقترح توصية تهدف إلى تشكيل لجنة التحقيق، مع شرح لأسباب هذا الطلب وتحديد موضوع التحقيق، الذي يكون عادة، إما جمع معلومات عن أحداث معينة، أو حول تسيير المرافق العامة والشركات العامة.
يحال مقترح التوصية على اللجنة الدائمة المختصة في الموضوع، والتي تقدم تقريرا داخل أجل شهر، بعد ذلك يقوم المجلس المعني وفي جلسة عمومية بإعلان تشكيل اللجنة.
ويمنع إنشاء لجنة حقيقة في مواضيع تكون رهن متابعات قضائية، وهذا ما يفسر ضرورة إشعار وزير العدل بمقترح توصية تشكيل لجنة التحقيق.[[46]]url:#_ftn46
إن تحديد مجالات التحقيق البرلماني والتحريات القضائية تسبب في ظهور اجتهادات قضائية معقدة، إذ هناك تأويل مفاده أن المتابعات القضائية لا تمنع تشكيل لجان الحقيقة وإنما تقيد التحري حول الأفعال التي لا تشملها المتابعات القضائية فقط. لكن وكيفما  كان الحال فأشغال لجان الحقيقة تتوقف فور فتح تحقيق حول الأفعال التي كانت سببا مباشرا لتشكيل هذه اللجان.
فبعدما اتضح جليا بأن الآليات غير المباشرة لا تؤدي إلى إسقاط الحكومة فورا، سأتناول الآليات المثيرة للمسؤولية خلال المبحث الثاني.

المبحث الثاني: الآليات المباشرة لإثارة المسؤولية السياسية للحكومة

 
بالرغم من الصلاحيات الواسعة والممنوحة للسلطة التنفيذية فان دستور الجمهورية الخامسة، وعلى غرار جميع الانظمة البرلمانية اعترف للبرلمان بحقه في اثارة المسؤولية السياسية للحكومة.
فالفصل 20 من هذا الدستور نص على مسؤولية الحكومة أمام البرلمان، وفق الشروط والمساطر التي حددها الفصلان 49 و50  من نفس الدستور، ويستشف من مقتضيات الفصول السالفة الذكر بان اثارة مسؤولية الحكومة تبقى من اختصاص الجمعية الوطنية لوحدها دون مجلس الشيوخ.
لقد حدد الفصل 49 وفي ثلاث فقرات ثلاث مساطر لإثارة مسؤولية الحكومة والتي تختلف باختلاف صاحب المبادرة والوقت الذي تثار فيه هذه المسؤولية. وسأتطرق لسحب الثقة خلال( المطلب الأول)، في حين سأخصص(المطلب الثاني) للحديث عن ملتمس الرقابة

المطلب الأول: سحب الثقة

إن الوزير الأول في فرنسا هو من يبادر إلى طلب ثقة الجمعية الوطنية حول برنامج أو تصريح يتعلق بالسياسة العامة، فالثقة تمنح وترفض بأغلبية الأصوات المعبر عنها،وفي حالة رفض الثقة، فإن الوزير الأول يقدم  للرئيس استقالة الحكومة.وسأتناول الإطار القانوني والإجراءات المسطرية لسحب الثقة في فرنسا في (الفرع الأول)، على أن أستعرض الواقع العملي لسحب الثقة خلال (الفرع الثاني)

الفرع الأول: الإطار القانوني والإجرائي لسحب الثقة

لقد نص الفصل 49 من الدستور الفرنسي في فقرته الاولى على أن الوزير الأول، وبعد التداول في المجلس الوزاري يحرك مسؤولية الحكومة  امام الجمعية الوطنية عن برنامجها أو عند الاقتضاء،عن بيان السياسة العامة.
ففيما يتعلق بطلب الحكومة بمسالة الثقة بناء على البرنامج الحكومي، فهي مسالة تقليدية تلجا اليها كل حكومة لاستكمال مسلسل تنصيبها.
فحسب مقتضيات الفصل152 من النظام الداخلي للجمعية الوطنية ،ترجع لندوة الرؤساء مهمة تنظيم النقاش طبقا للشروط الواردة في الفصل 132 للنظام الداخلي(فهي التي تحدد الوقت الاجمالي المخصص لكل فريق سياسي، فكل فريق يحق له، وباستثناء قرار مخالف من طرف ندوة الرؤساء، كيفما كانت أهميته التمثيلية والعددية التحدث لمدة 20 دقيقة عن طريق الناطق الرسمي).
والمناقشة قد يعقبها تفسير التصويت.
ويكون التصويت بالأغلبية المطلقة للأصوات المعبر عنها، ويكون التصويت علنيا في المنصة، أو في القاعات المجاورة لقاعة الجلسات قصد تسريع وتيرة التصويت.[[47]]url:#_ftn47
 

الفرع الثاني: الممارسة العملية لسحب الثقة

والحكومات الأولى في ظل الجمهورية الخامسة لم تكن تطلب ثقة الجمعية الوطنية قصد الشروع في مهامها إيمانا منها بأنها تستمد شرعيتها من تعيين الرئيس لها[[48]]url:#_ftn48 .
وبالمقابل وخلال الولاية التشريعية السادسة بين 1988و1993، فان سبب عدم التوفر على الأغلبية المطلقة في الجمعية الوطنية، أرغم ثلاث حكومات متتالية_ميشيل روكار، ايديث كريسون، بيير بيغيغوفوي_على عدم تحريك مسؤولية الحكومة أمام الجمعية الوطنية على برامجها.
وعلى العكس من ذلك فمنذ 1993، فإن جميع الحكومات طلبت ثقة الجمعية الوطنية أياما قليلة بعد تعيينها.[[49]]url:#_ftn49
إلا أن الحكومات وخلال فترة ممارستها لمهامها لجات في العديد من المرات إلى طلب ثقة الجمعية الوطنية بمناسبة حد ث خاص، وهو ما سمح باللجوء إلى الفقرة الأولى من الفصل 49، إلا أن الحكومات نالت الثقة في جميع المناسبات التي التمست فيها ذلك[[50]]url:#_ftn50 .
 

المطلب الثاني: ملتمس الرقابة

يكتسي ملتمس الرقابة في فرنسا ميزة خاصة، فقد تثار مسؤولية الحكومة بمبادرة خالصة من نواب الجمعية الوطنية، وقد يثير الوزير الأول مسؤولية حكومته بعد التداول في المجلس الوزاري حول نص لازال رهن المناقشة في إطار ما يسمى بملتمس الرقابة المثار.
وعليه سأتناول في( الفرع الأول) الإطار القانوني والإجرائي، بينما سأخصص (الفرع الثاني) للحديث عن الواقع التطبيقي لملتمس الرقابة.

الفرع الأول: الإطار القانوني والإجرائي لملتمس الرقابة

لقد أتت مقتضيات الدستور الفرنسي لسنة 1958 بمستجد على مستوى الممارسة البرلمانية، عن طريق إقرارها لصنفين من ملتمسات الرقابة: اولهما ملتمس تقليدي، بمبادرة النواب والذي تحدده الفقرة الثانية من الفصل 49، ويتمثل الثاني في الملتمس المثار من الحكومة التي تحرك مسؤوليتها بناء على نص، وهو ما يستشف من الفقرة الثالثة من الفصل السالف ذكره.
والمسطرة الواردة في الفقرة الثانية من الفصل 49 تحدد شروط تحريك النواب لمسؤولية الحكومة، فالنواب بإمكانهم إيداع الملتمس لدى رئاسة الجمعية الوطنية، شريطة ان يكون موقعا من طرف عشر النواب( 58 نائبا)، ولتفادي تكرار الملتمسات لا يسمح لكل نائب بالتوقيع على اكثر من ثلا ث ملتمسات، خلال الدورة العادية وملتمس واحد خلال الدورة الاستثنائية (والملتمسات التي تنظمها مضامين الفقرة الثالثة من الفصل 49 لا يتم احتسابها في هذا الإطار). بعد إيداع الملتمس لا يمكن إضافة أو حذف أي توقيع، وتنشر أسماء الموقعين في الجريدة الرسمية.
وتنظم مناقشة الملتمس بنفس الطريقة لمسالة الثقة، إلا أن المتدخل الأول يكون واحدا من بين الموقعين على الملتمس، ومع التطبيق العملي ترسخ عرف يقضي بمنح لمتدخل واحد عن كل فريق مدة 20 دقيقة دون ان يكون هناك تفسير للتصويت.[[51]]url:#_ftn51
أن العقلنة البرلمانية تجعل من الاستقرار الحكومي هدفا لها،وهو ما يتضح بجلاء في الشرطين الآتيين:
_ إن إيداع ملتمس الرقابة وارجاء التصويت عليه لغاية مرور 48 ساعة، وهذا من شأنه أن يضعف من حماس التصويت لصا لح الملتمس، إضافة إلى أنه بإمكان الحكومة أن تحشد الدعم والتأييد خلال المدة الفاصلة بين ايداع الملتمس والتصويت عليه.
_ لا يشارك في التصويت الا النواب الذين يوافقون على الملتمس (يكون التصويت في المنصة أو في إحدى القاعات المجاورة لقاعة الجلسات لمدة 30 دقيقة) ولا يقبل التصويت إلا بموافقة الأغلبية المطلقة لأعضاء الجمعية عليه[[52]]url:#_ftn52 .

الفرع الثاني: الواقع العملي لملتمس الرقابة في فرنسا

وتتضح صعوبة إسقاط الحكومات من خلال ملتمسات الرقابة في فرنسا، فرغم كثرة الملتمسات التي تودع في الجمعية الوطنية فان مصيرها يكون الرفض،باستثناء الملتمس الذي اطاح بحكومة جورج بومبيدو سنة 1962[[53]]url:#_ftn53 .
لقد حدد الفصل 49 من خلال فقرته الثالثة شروط اثارة مسؤولية الحكومة بناء على نص.
أن تحريك المسؤولية في هذا الإطار ينتج عن مبادرتين:
مبادرة الوزير الأول بتحريك مسؤولية الحكومة، بعد التداول في المجلس الوزاري، أمام الجمعية الوطنية حول التصويت على نص تتم مناقشته. علاوة على مبادرة النواب في إيداع ملتمس للرقابة كرد فعل على تحريك المسؤولية من طرف الوزير الأول.
بعد التداول بالمجلس الوزاري يحرك الوزير الأول مسؤولية الحكومة،وهو ما يسفر توقيف المناقشة لمدة 24 ساعة حول النص الذي اثيرت بشأنه مسؤولية الحكومة، وإذا لم يتم ايداع أي ملتمس خلال هذه المدة (أو إذا لم تتم الموافقة على الملتمس في حالة إيداعه) فإن النص الذي تمت مناقشته يتم اعتماده،وتتم مناقشة الملتمس  طبقا لنفس الشروط التي تطبق على الملتمس العفوي والصادر عن إرادة النواب وحدهم[[54]]url:#_ftn54 .
هذه المسطرة تسمح باعتماد النص دون التصويت عنه،وهو ما يعتبر احد مظاهر العقلنة البرلمانية والتي تتجلى في كون الحكومة تطلب من الاغلبية التي تساندها(أو على الأقل الأغلبية التي لا تريد الاطاحة بها).
منحها جميع الوسائل التي تمكنها من تطبيق السياسة التي تراها مناسبة.
إن اللجوء إلى الفقرة الثالثة من الفصل 49، كان محتشما خلال الحكومات الاولى للجمهورية الخامسة، إلا أن استعمال مقتضيات هذا الفصل تم تفعيلها من طرف حكومات  لا تتوفر إلا على أغلبية هشة داخل الجمعية الوطنية(على الخصوص حكومات باري، روكار، كريسون، بيغيغوفوي)[[55]]url:#_ftn55 .
فإذا كان المنطق الاصلي من وراء اعمال هذه المسطرة هو تأكد الحكومة من موقع الاغلبية التي تساندها او غياب المساندة البرلمانية لسياستها، إلا أن استعمال هذه المسطرة تحول الى هدف يروم توقيف مناقشة نص تم طرح العديد من التعديلات حول مضمونه.
لقد تم اللجوء لمقتضيات الفقرة الثالثة من الفصل 49،في ظل الجمهورية الخامسة في العديد من المناسبات وحول نصوص مختلفة(48 ملتمس من أصل82 مناسبة)، هذه المسطرة لم تستعمل خلال الولايات التشريعية(62_67)،( 68_73)، (97،2002)، وفي المقابل لقد تم تفعيل هذه المسطرة وبكثافة (38 مرة حول 21 نص) خلال الولاية التشريعية(88_93)، بسبب غياب الأغلبية المطلقة المساندة للحكومة (275 مقعد من أصل577)[[56]]url:#_ftn56 .
وقبل الختم تجدر الإشارة إلى أن المراجعة الدستورية ل23 يوليوز2008 أدخلت  مستجدا من خلال الفصل 50_1، يتمثل في انه يمكن للحكومة بمبادرة منها، أو بطلب إحدى الفرق البرلمانية ان تقدم بشان موضوع معين امام احد المجلسين،ويمكن التصويت على هذا التصريح أن هي قررت ذلك، دون أن يحرك ذلك مسؤوليتها.
فهذا المقتضى الجديد يسمح بفتح نقاش عميق بين الحكومة واحد المجلسين، خارج إطار الأسئلة الضيق دون أن يؤدي ذلك لإثارة مسؤولية الحكومة .
فإذا كانت المسؤولية الحكومية أمام البرلمان تضبطها قيود دستورية، فإن الواقع العملي أثبت وجود المسؤولية الحكومية أمام رئيس الدولة خارج فترات التعايش السياسي،حيث بإمكان رئيس الجمهورية والذي يعتبر الرئيس الفعلي للسلطة التنفيدية تغيير الوزير الأول متى أراد ذلك، ففي 1972م، قام جيسكار ديستان بإعفاء جاك شابان دالماس من منصب الوزير الأول[[57]]url:#_ftn57 ، في المقابل وخلال فترات التعايش، يمارس الوزير الأول - والمنبثق عن أغلبية برلمانية بلون سياسي يخالف حزب الرئيس- صلاحيات مهمة إلا أن هذا لايعرقل إستحواذ رئيس الدولة على السياسة الخارجية بحسب مقتضيات الفصل 52من الدستور الفرنسي، إضافة إلى تحكمه في مجال الدفاع وهم ما يكرسه الفصل 15من الدستور،إلا أنه وبالرغم من الصلاحيات التي يتمتع بها الرئيس فلم تتم إقالة أي وزير أول خلال فترات التعايش السياسي.[[58]]url:#_ftn58
 

خاتمة

بعد العصر الذهبي الذي عاشته البرلمانات الفرنسية خلال الجمهوريتين الثالثة والرابعة، حيث سقطت العديد من الحكومات المتعاقبة على يد نواب الأمة، أتى دستور الجمهورية الخامسة ليعقلن صلاحيات البرلمان،ضمن خلال تقييد الآليات الرقابية المباشرة فلم تعد الجمعية الوطنية قادرة على الإطاحة بالحكومة،إلا عبر تصويت الأغلبية المطلقة لأعضائها لصالح ملتمسات الرقابة أو سحب الثقة، وهو ما لم يتحقق في تاريخ الجمهورية الخامسة إلا مرة واحدة سنة 1962م،حين تم إسقاط حكومة جورج بومبيدو بعد تصويت إيجابي لصالح ملتمس الرقابة الذي قدم ضدها،رغم تقديم العديد من الملتمسات والتي فشلت في بلوغ مسعاها،أمام صعوبة الإجراءات المسطرية التي كرسها الدستور الفرنسي لضمان الاستقرار الحكومي، وأمام العراقيل التي تحيط بتفعيل الآليات التي تثير المسؤولية المباشرة للحكومة يبقى الحل هو اللجوء إلى الأسئلة لجمع المعلومات أو إحراج الحكومة، أو السماح لها بعرض منجزاتها ،و على خلاف المراقبة السياسية التي تمارس من خلال الجلسة العامة، هناك المراقبة التقنية، تتم من خلال بنيات تنظيمية محددة، والتي لا تخضع كثيرا للأضواء الإعلامية، فهي ترتكز على التحقيق والتحريات التي تفترض وقتا مطولا. وتهتم بفعالية السياسات العامة في شموليتها، ولا تقتصر على العمل الحكومي في مجال من المجالات. إن الوظيفة الرقابية للمجالس تطورت تدريجيا حيث لم تعد مجرد مناقشة للمقتضيات التشريعية في عموميتها. فلقد انضاف مجهود التقييم إلى أسلوب الرقابة الكلاسيكي.
بالرغم من العقلنة البرلمانية التي جاء بها دستور سنة 1958، إلا أن شفافية الانتخابات التشريعية والرئاسية الفرنسية تعطي مصداقية وشرعية ديمقراطية للمؤسسات التي تسفر عنها، فالحكومة تشكل من الأغلبية البرلمانية والمعارضة تقدم الاقتراحات والبدائل في أفق الوصول إلى السلطة مستقبلا وفق آلية التناوب بين اليسار واليمين،والذي تم إرساؤه منذ سنة1981 حين فاز الراحل ميتران بالانتخابات الرئاسية كأول اشتراكي يقود فرنسا.
فحتى وإن لم تسقط الحكومات من طرف النواب فإن الشعب قادر على معاقبتها عبر صناديق الاقتراع، لكن السؤال الذي يطرح هو ما الجدوى من تفعيل المسؤولية السياسية للحكومة إذا كان الأمر يقتصر على إبعادها من السلطة دون أن يكون ذلك مقرونا بعقوبات قاسية في حق المسؤولين عن التقصير وسوء التسيير؟
 
المراجع: 

Ouvrages
 
  • M. Duverger, Institutions politiques et droit constitutionnel, P.U.F, coll, Thémis, t, 1, 1990,.
  • B. Chantebout, droit constitutionnel et science politique, A Colin, 1998.
 
Constitution
  • la constitution française.
 
Lois
  • Ordonnance n° 58-1100 du 17 novembre 1958 relative au fonctionnement des assemblées parlementaires.
  • LOI no 96-517 du 14 juin 1996 tendant à élargir les pouvoirs d'information du Parlement et à créer un Office parlementaire d'évaluation des politiques publiques.
  • la loi organique du 2 août 2005 relative aux lois de financement de la sécurité sociale
 
Webographie
  • http://recueil.apf-francophonie.org/spip.php?article 2019.
  • http://www.assemblee-nationale.fr/12/seance/statistiques-12leg.asp.
  • http://www.senat.fr/plateau/tableaux_bord/stats_session2005_20062.htmlS.
  • http://www.assemblee-nationale.fr/connaissance/collection/4.asp.
  • http://www.assemblee-nationale.fr/13/seance/statistiques-13leg.asp
  • http://www.senat.fr/role/fiche/questions.html
  • http://www.senat.fr/actualites_autres/index2.html
  • http://www.senat.fr/actualites_autres/archi_2007_autres_debats2.html
  • http://www.senat.fr/quesdom.html.
  • http://www.assemblee-nationale.fr/connaissance/fiches_synthese/septembre2012/fiche_51.asp
  • http://www.senate.be/www/?MIval=/Registers/List&ACTIE=A&ID=256&LEG=4&LANG=fr
  • http://www.senat.fr/role/fiche/comperm.html
  • http://www.assemblee-nationale.fr/12/seance/statistiques-12leg.asp
  • http://www.assemblee-nationale.fr/12/seance/statistiques-12leg.asp
  • http://www.assemblee-nationale.fr/12/dossiers/tabac_lieux_publics.asp
  • http://www.assemblee-nationale.fr/connaissance/responsabilite.asp
  • http://www.assemblee-nationale.fr/connaissance/engagements-49-1.asp
  • http://www.assemblee-nationale.fr/histoire/tables_archives/michel-rocard.asp#26fevrier1988
  • La commission Stasi est une commission française présidée par Bernard Stasi (médiateur de la République de 1998 à 2004)cité sur le site web http://fr.wikipedia.org/wiki/Commission_Stasi
Revues
 
  • Ardant Philippe, responsabilité politique et pénale des chefs d’Etats ,des chefs de gouvernement et des ministres,in revue internationale de droit comparé.vol.54n°2,avril-juin2002.
  • Charles Henry, Les questions écrites des députés. Analyse des usages d'une procédure parlementaire In: Revue française de science politique, 43e année, n°4, 1993.
 
Règlements intérieurs
  • Le règlement intérieur de l’assemblée nationale.
  • Le règlement intérieur du sénat


[[1]]url:#_ftnref1 - M. Duverger, Institutions politiques et droit constitutionnel, P.U.F, coll, Thémis, t, 1, 1990, p 174.
[[2]]url:#_ftnref2 - B. Chantebout, droit constitutionnel et science politique, A Colin, 1998, p 147.
[[3]]url:#_ftnref3 -article 132 Du règlement intérieur de l’assemblée nationale.
[[4]]url:#_ftnref4 - http://recueil.apf-francophonie.org/spip.php?article 2019.
[[5]]url:#_ftnref5 - http://www.assemblee-nationale.fr/12/seance/statistiques-12leg.asp
http://www.senat.fr/plateau/tableaux_bord/stats_session2005_20062.htmlS
[[6]]url:#_ftnref6 - Article 133 Du règlement intérieur de l’assemblée nationale
[[7]]url:#_ftnref7 - Article 133 Du règlement intérieur de l’assemblée nationale
[[8]]url:#_ftnref8 - http://www.assemblee-nationale.fr/connaissance/collection/4.asp
[[9]]url:#_ftnref9 - http://www.assemblee-nationale.fr/connaissance/collection/4.asp
[[10]]url:#_ftnref10 - http://www.assemblee-nationale.fr/connaissance/collection/4.asp
[[11]]url:#_ftnref11 - http://www.assemblee-nationale.fr/13/seance/statistiques-13leg.asp
[[12]]url:#_ftnref12 - http://www.senat.fr/role/fiche/questions.html
[[13]]url:#_ftnref13 - Article 158 du réglement intérieur du sénat
[[14]]url:#_ftnref14 - http://www.senat.fr/actualites_autres/index2.html
[[15]]url:#_ftnref15 - http://www.senat.fr/actualites_autres/archi_2007_autres_debats2.html
[[16]]url:#_ftnref16 - http://www.assemblee-nationale.fr/connaissance/collection/4.asp
[[17]]url:#_ftnref17 - http://www.assemblee-nationale.fr/connaissance/collection/4.asp
[[18]]url:#_ftnref18 - http://www.assemblee-nationale.fr/connaissance/collection/4.asp
[[19]]url:#_ftnref19 - http://www.assemblee-nationale.fr/13/seance/statistiques-13leg.asp
[[20]]url:#_ftnref20 - http://www.senat.fr/role/fiche/questions.html.
[[21]]url:#_ftnref21 - http://www.senat.fr/role/fiche/questions.html.
[[22]]url:#_ftnref22 - Article 167 du règlement intérieur  du sénat
[[23]]url:#_ftnref23 - Article 155 du règlement intérieur de l’assemblée nationale et les articles de 161à164 du règlement intérieur du sénat
[[24]]url:#_ftnref24 - Charles Henry , Les questions écrites des députés. Analyse des usages d'une
procédure parlementaire In: Revue française de science politique, 43e année, n°4, 1993. pp. 635-654.
[[25]]url:#_ftnref25 - http://www.assemblee-nationale.fr/12/seance/statistiques-12leg.asp
http://www.senat.fr/quesdom.html    
[[26]]url:#_ftnref26 - http://www.assemblee-nationale.fr/connaissance/fiches_synthese/septembre2012/fiche_51.asp
[[27]]url:#_ftnref27 - http://www.assemblee-nationale.fr/13/seance/statistiques-13leg.asp
[[28]]url:#_ftnref28 -http://www.senate.be/www/?MIval=/Registers/List&ACTIE=A&ID=256&LEG=4&LANG=fr
[[29]]url:#_ftnref29 - Ordonnance n° 58-1100 du 17 novembre 1958 relative au fonctionnement des assemblées parlementaires
[[30]]url:#_ftnref30 -art 45 du réglement intérieur de l'assemblée nationale
[[31]]url:#_ftnref31 - art46 du réglement intérieur de l'assemblée nationale
[[32]]url:#_ftnref32 http://www.assemblee-nationale.fr/12/seance/statistiques-12leg.asp
[[33]]url:#_ftnref33 - Ordonnance n° 58-1100 du 17 novembre 1958 relative au fonctionnement des assemblées parlementaires
[[34]]url:#_ftnref34 - LOI no 96-517 du 14 juin 1996 tendant à élargir les pouvoirs d'information du Parlement et à créer un Office parlementaire d'évaluation des politiques publiques
[[35]]url:#_ftnref35 - http://www.senat.fr/role/fiche/comperm.html
[[36]]url:#_ftnref36 - http://www.assemblee-nationale.fr/12/seance/statistiques-12leg.asp
[[37]]url:#_ftnref37 - http://www.assemblee-nationale.fr/12/seance/statistiques-12leg.asp
[[38]]url:#_ftnref38 - La commission Stasi est une commission française présidée par Bernard Stasi (médiateur de la République de 1998 à 2004)cité sur le site web http://fr.wikipedia.org/wiki/Commission_Stasi
[[39]]url:#_ftnref39 - http://www.assemblee-nationale.fr/12/dossiers/tabac_lieux_publics.asp

[[40]]url:#_ftnref40 - Article 146-2 , règlement intérieur de l’assemblée nationale française.

[[41]]url:#_ftnref41 - Créée par la loi organique du 2 août 2005 relative aux lois de financement de la sécurité sociale
[[42]]url:#_ftnref42 - article 51-2 de la constitution française.
[[43]]url:#_ftnref43 -Règlement intérieur de l’assemblée nationale française
[[44]]url:#_ftnref44 - Règlement intérieur du sénat français
[[45]]url:#_ftnref45 - http://www.assemblee-nationale.fr/connaissance/enquete.asp

[[46]]url:#_ftnref46 - Article 139 du règlement intérieur de l’assemblée nationale

[[47]]url:#_ftnref47 - l’article 152 du Règlement de l’Assemblée
[[48]]url:#_ftnref48 - http://www.assemblee-nationale.fr/connaissance/responsabilite.asp
[[49]]url:#_ftnref49 http://www.assemblee-nationale.fr/connaissance/responsabilite.asp
[[50]]url:#_ftnref50 http://www.assemblee-nationale.fr/connaissance/engagements-49-1.asp
[[51]]url:#_ftnref51 - http://www.assemblee-nationale.fr/connaissance/responsabilite.asp
[[52]]url:#_ftnref52 - http://www.assemblee-nationale.fr/connaissance/responsabilite.asp
[[53]]url:#_ftnref53 - http://www.assemblee-nationale.fr/connaissance/responsabilite.asp
[[54]]url:#_ftnref54 - http://www.assemblee-nationale.fr/connaissance/responsabilite.asp
[[55]]url:#_ftnref55 - http://www.assemblee-nationale.fr/histoire/tables_archives/michel-rocard.asp#26fevrier1988
[[56]]url:#_ftnref56 - http://www.assemblee-nationale.fr/connaissance/responsabilite.asp
[[57]]url:#_ftnref57 -Ardant philippe,responsabilité politique et pénale des chefs d’Etats ,des chefs de gouvernement et des ministres,in revue internationale de droit comparé.vol.54n°2,avril-juin2002
[[58]]url:#_ftnref58 - http://jacquesfournier.blog.lemonde.fr/2010/03/30/la-ratique-du-pouvoir-executif-en-france-sous-la-cinquieme-republique-et-son-evolution-recente/



الخميس 6 يونيو 2013

تعليق جديد
Twitter