MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers





المحكمة الإدارية بالرباط: وفاة نزيل بالسجن إثر اعتداء من طرف نزيل آخر – مسؤولية الإدارة بناء على نظرية المخاطر - نعم

     


الحمد لله وحده
المملكة المغربية
السلطة القضائية
المحكمة الإدارية بالرباط


أصل الحكم المحفوظ بكتابة الضبط


بالمحكمة الإدارية بالرباط
قسم القضاء الشامل
حكم رقم :3464
بتاريخ : 7/11/2013
ملف رقم : 454/12/2013


القاعدة:
وفاة نزيل بالسجن إثر اعتداء من طرف نزيل آخر –مسؤولية الإدارة بناء على نظرية المخاطر -نعم
- إن مرفق الإدارة السجنية يعد مسؤولا عن الأضرار التي تلحق بالسجناء سواء من طرف الموظفين أو من طرف زملائهم المعتقلين لمواجهة أي إخلال من شأنه أن يهدد سلامة الأشخاص وأمن المؤسسات السجنية المعتبر صيانتها من مسائل النظام العام ،حتى لا ترتب مسؤوليته عن التقصير في توفير الأمن وضمان مقتضيات السلامة على أساس أن الالتزام بالحراسة بالنسبة للمرفق التزام دائم ومستمر في الزمان والمكان تفرضه خصوصية المرفق ،والأخطار المحذقة به ،وهي مسؤولية تقوم على نظرية المخاطر دون حاجة إلى إثبات ارتكاب الإدارة لخطأ مرفقي على أساس أن الأمن -باعتباره نتيجة وليس مجرد وسيلة- من مظاهر السيادة الذي تنفرد به الدولة،مما تكون مسؤوليته قائمة عن التسبب في وفاة الضحية الهالك.



المحكمة الإدارية بالرباط: وفاة نزيل بالسجن  إثر اعتداء من طرف نزيل آخر – مسؤولية الإدارة بناء على نظرية المخاطر  - نعم

باســــم جــلالة المــلك وطبقا للقانون
 
                 بتاريخ الخميس  3 محرم  1434 الموافق لـ  7 نونبر 2013
 
أصدرت المحكمة الإدارية بالرباط وهي متكونة من السادة :
 
                   محمد الهيني...........................................رئيسا ومقررا                                           
             أمينة ناوني..........................................عضوا
                   معاذ العبودي..................................... عضوا
     بحضور السيد سعيد المرتضي  .......................مفوضا ملكيا             
               بمساعدة السيدة زينب الشكيري     .......       كاتبة  الضبط
 
الحكم الآتي نصه :
 
الوقائع

بناء على الحكم  عدد 127 -2013-6 الصادر عن المحكمة الإدارية بمكناس بتاريخ 27-3-2013 والقاضي  بعدم الاختصاص المحلي وبإحالة الملف على هذه المحكمة للبت فيه طبقا للقانون.
وبناء على  على المقال   الافتتاحي  للدعوى المقدم  من طرف المدعي   بواسطة نائبه   لدى كتابة ضبط   المحكمة  الإدارية بمكناس  بتاريخ  4-4-2011 المؤدى عنه  الرسوم القضائية والذي يلتمس    فيه الحكم على  الدولة ووزارة العدل  بأدائهما لفائدته تعويضا قدره 200.000.00 درهم عن الضرر الناتج عن وفاة ابنه  المعتقل        بالسجن المدني بسلا على يد أحد السجناء المسمى خالد بومعود المحكوم عليه بتاريخ 25-3-2003 من أجل الضرب والجرح المؤدي إلى الموت،وأرفق المقال بقرار جنائي عدد 2373.
وبناء على المذكرة الجوابية  المقدمة من طرف الوكيل القضائي بتاريخ   14-3-2012والتي يلتمس التصريح فيها بعدم الاختصاص المحلي .
وبناء على مذكرة إدخال الغير في الدعوى  المقدمة من طرف نائب المدعي بتاريخ 2-6-2012 والتي يلتمس فيها إدخال المندوب السامي للمندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج .
وبناء على  إحالة الملف على هذه المحكمة للبت فيه طبقا للقانون عقب الحكم المومأ إلى مراجعه أعلاه والقاضي  بعدم الاختصاص المحلي .
وبناء على المذكرة التعقيبية عقب الإحالة المقدمة من طرف نائب المدعي  والمودعة بكتابة ضبط هذه المحكمة بتاريخ 25-6-2013 والتي يلتمس فيها رد الدفع الشكلي المثار المتعلق بعدم إدخال المندوبية السامية لإدارة السجون وإعادة الإدماج لمخالفته لحقيقة الواقع وموضوعا رد الدفع بالتقادم لمخالفته مقتضيات الفصل 106 من ق.ل.ع الناص على أجل العشرين سنة تبتدئ من وقت حدوث الضرر،وأن زعم الوكيل القضائي  بالعلم بالضرر لقيام  أم الهالك بتقديم  دعوى التعويض بتاريخ 20-7-2006  لا أساس له لطلاقه منها بتاريخ 16-10-1985  والتمس الاستجابة للطلب.
وبناء على المذكرة التعقيبية عقب الإحالة المقدمة من طرف الوكيل القضائي للمملكة  والمودعة بكتابة ضبط هذه المحكمة بتاريخ 31-10-2013 والتي يلتمس فيها شكلا عدم قبول الطلب لعدم إثبات المدعي  صفته في الدعوى، فضلا عن  عدم إدخال المندوبية السامية لإدارة السجون في الدعوى ،وموضوعا رفض الطلب لتقادمه ،ولكون الفعل المسبب للضرر ناتجة عن فعل الغير .
وبناء على عرض القضية بجلسة 31 -10-2013،حضر خلالها نائب المدعي  وأكد الطلب ،وتخلفت المندوبية السامية لإدارة السجون عن الجواب رغم التوصل والإعذار  بعد طلب الإمهال ،فاعتبرت المحكمة القضية جاهزة وأعطيت الكلمة للسيد المفوض الملكي الذي أكد مستنتجاته الكتابية فتقرر وضع القضية في المداولة قصد النطق بالحكم الآتي بعده.
 
 
وبعد المداولة طبقا للقانون
 
من حيث الشكل :

حيث دفع الوكيل القضائي للمملكة بعدم قبول الطلب لعدم إثبات المدعي  صفته في الدعوى، فضلا عن  عدم إدخال المندوبية السامية لإدارة السجون في الدعوى .
وحيث إن الثابت من وثائق الدعوى ومن مقال إدخال الغير في الدعوى  ثبوت صفة المدعي باعتباره من ذوي حقوق الهالك حسب الإراثة المدلى بها ،فضلا عن إدخال المندوبية العامة لإدارة السجون في الدعوى مما ظلا معه الدفعين  مخالفا لحقيقة الواقع .
وحيث بذلك يكون الطلب مقدما وفق الشروط المتطلبة قانونا مما يتعين معه قبوله شكلا.
 

  من حيث الموضوع :

حيث يهدف الطلب إلى  الحكم على  الدولة ووزارة العدل  بأدائهما لفائدة المدعي  تعويضا قدره 200.000.00 درهم عن الضرر الناتج عن وفاة ابنه  المعتقل     بالسجن المدني بسلا .
حيث دفع الوكيل القضائي للمملكة بتقادم الطلب من جهة ،ولكون الفعل المسبب للضرر ناتج  عن فعل الغير من جهة أخرى,
 
أولا:حول الدفع بتقادم الطلب
 
وحيث ينص الفصل 106 من قانون الالتزامات والعقود على أن "دعوى التعويض من جراء جريمة أو شبه جريمة تتقادم بمضي خمس سنوات تبتدئ من الوقت الذي بلغ فيه إلى علم الفريق المتضرر الضرر ومن هو المسؤول عنه .وتتقادم في جميع الأحوال بمضي عشرين سنة تبتدئ من وقت حدوث الضرر".
وحيث إن الإدارة لم تثبت علم  المدعي شخصيا بالمسؤول  الحقيقي عن الضرر    بأي وسيلة قانونية  لسريان أجل الخمس السنوات للتقادم،أي مدى تحمل المتهم المدان شخصيا للمسؤولية أم الإدارة،مما يجع الدعوى تخضع لأجل التقادم الطويل المحدد في عشرين سنة التي لن تمض بعد لوقوع الفعل أساس المسؤولية بتاريخ 20-9-2002،مما يتعين معه رد الدفع.
 
ثانيا:حول  مسؤولية الإدارة وطلب التعويض
 
حيث  أصدرت  غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف بالرباط  قرارا تحت عدد 237 في الملف عدد 03-03-22 الصادر بتاريخ 25-3-2003  يقضي  بمؤاخذة المتهم المعتقل خالد "بومعود" من أجل الضرب والجرح المؤدي إلى الموت دون نية إحداثه مع استعمال السلاح بعد إعادة التكييف ولمعاقبته على ذلك تحكم عليه بثمانية عشر سنة سجنا نافدا .
وحيث إن الثابت من وثائق الملف أن ابن الهالك القاصر النزيل بالسجن توفي جراء اعتداء شنيع من طرف زميله المعتقل   بالضرب والجرح أكده أيضا التقرير الطبي المشار إليه بالقرار القضائي المستدل به.
وحيث ينص الفصل 79 من قانون الالتزامات والعقود على أن الدولة مسؤولة عن الأضرار الناتجة عن تسيير إدارتها وعن الأخطاء المصلحية لمستخدميها.
وحيث إن عناصر المسؤولية الموجبة للتعويض تستوجب وجود خطأ في جانب الإدارة وعلاقة سببية وضرر.
وحيث ينص  الفصل 20  من الدستور على أن  الحق في الحياة هو أول الحقوق لكل إنسان. ويحمي القانون هذا الحق.
وحيث ينص  الفصل 21 من الدستور  على أن  لكل فرد الحق في سلامة شخصه وأقربائه، وحماية ممتلكاته. تضمن السلطات العمومية سلامة السكان، وسلامة التراب الوطني،في إطار احترام الحريات والحقوق الأساسية المكفولة للجميع.
وحيث ينص  الفصل 22 من الدستور على أنه لا يجوز المس بالسلامة الجسدية أو المعنوية لأي شخص، في أي ظرف، ومن قبل أي جهة كانت، خاصة أو عامة
وحيث يعتبر حق المواطن في  الحياة والأمن والسلامة الشخصية من حقوق الإنسان و التي تكفلها العديد من المعاهدات الدولية التي قام  المغرب بالتوقيع عليها بحيث نصت   المادة 3 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان  على  حق كل فرد في الحياة والأمان على شخصه وأكدت ذات المعنى  الفقرة الأولى من المادة 6،والفقرة الأولى من المادة 9  من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية  .
وحيث نص البنذ27  من " القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء أوصي باعتمادها مؤتمر الأمم المتحدة الأول لمنع الجريمة ومعاملة المجرمين المعقود في جنيف عام 1955 وأقرها المجلس الاقتصادي والاجتماعي بقراريه 663 جيم (د-24) المؤرخ في 31 تموز/يوليو 1957 و 2076 (د-62) المؤرخ في 13 أيار/مايو 1977 على أنه"يؤخذ بالحزم في المحافظة على الانضباط والنظام، ولكن دون أن يفرض من القيود أكثر مما هو ضروري لكفالة الأمن وحسن انتظام الحياة المجتمعية".
وحيث نصت المادة 63 من القانون رقم 23-98 المتعلق بتنظيم وتسيير المؤسسات السجنية على أنه "يجب على مدير كل مؤسسة سجنية أن يسهر على التطبيق الدقيق للضوابط المتعلقة بالحفاط على النظام والأمن بداخلها
يسأل .... على هذا الأساس عن كل الحوادث ...أو عدم مراعاة النظم .."
 حيث نصت المادة 68 من نفس القانون على أنه" يجب أن يخضع المعتقلون في كل حين للتفتيش ،وكلما ارتأي مدير المؤسسة ضرورة لذلك"
وحيث إن مرفق الإدارة السجنية يعد مسؤولا عن الأضرار  التي تلحق بالسجناء سواء من طرف الموظفين أو من طرف زملائهم المعتقلين  لمواجهة أي إخلال من شأنه أن يهدد سلامة الأشخاص وأمن المؤسسات السجنية المعتبر صيانتها من مسائل النظام العام ،حتى لا ترتب مسؤوليته عن التقصير في توفير  الأمن   وضمان مقتضيات السلامة على أساس  أن الالتزام بالحراسة بالنسبة للمرفق التزام دائم ومستمر في الزمان والمكان تفرضه خصوصية المرفق ،والأخطار المحدقة به  ،وهي مسؤولية تقوم على نظرية المخاطر دون حاجة إلى إثبات ارتكاب الإدارة لخطأ مرفقي على أساس أن الأمن  باعتباره نتيجة وليس مجرد وسيلة من مظاهر السيادة الذي تنفرد به الدولة،مما تكون مسؤوليته قائمة عن التسبب في وفاة الضحية الهالك .
 
وحيث إن المحكمة و بما لها من سلطة تقديرية ،وتبعا لقواعد تقدير التعويض المستقر عليها قضائيا في مثل هذه النوازل واستنادا إلى الأضرار  المادية والمعنوية اللاحقة بوالد الهالك باعتباره من أحد ذوي حقوق الهالك  قررت تحديد التعويض المستحق  له شخصيا باعتباره الطالب الوحيد عن فقد ابنه في مبلغ مائتي ألف درهم (200.000.00درهم)تؤديها الدولة(المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج في شخص ممثلهما القانوني ) لفائدة الطرف المدعي  .
وحيث إن طلب  النفاذ المعجل غير مبرر  مما يتعين رفضه  .
وحيث إن خاسر الدعوى يتحمل صائرها.
المنطوق
 
و تطبيقا لمقتضيات الفصول 20 و 21 و 22و 110 و 117 و 118 من الدستور ،والمادتين 63 و 68 من مقتضيات القانون رقم 23-98 المتعلق بتنظيم وتسيير المؤسسات السجنية ومقتضيات القانون رقم 90-41 المحدثة بموجبه محاكم إدارية ومقتضيات قانون المسطرة المدنية
 
 
لهذه الأسباب
 
حكمت المحكمة الإدارية علنيا  ابتدائيا وحضوريا:
 
في الشكل :بقبول الطلب
 
وفي الموضوع :بأداء الدولة (المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج) في شخص ممثلهما القانوني ) لفائدة الطرف المدعي تعويضا عن  الأضرار المترتبة عن وفاة ابنه قدره 200.000.00 درهم ،هكذا مائتي  ألف درهم ،مع الصائر ورفض باقي الطلب.
بهذا صدر الحكم في اليوم والشهر والسنة أعلاه .
 
الرئيس     المقرر                                                     كاتب الضبط
 
 



الاحد 17 نونبر 2013