MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers





المجلس الوطني لحقوق الإنسان...الآفاق والتحديات

     



الباحث/ الكبسي عبد المالك حسين علي
ماجستير في الحقوق
كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية
جامعة محمد الأول بوجدة



المجلس الوطني لحقوق الإنسان...الآفاق والتحديات
شكل العاهل المغربي محمد السادس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وهو هيئة جديدة للدفاع عن حقوق الإنسان بدلا من المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان الذي شكل في 1990م وكان دوره استشاريا.

وقد جاء تشكيل المجلس بعد تظاهرات شهدها المغرب في 20 شباط/ فبراير، وشارك فيها عشرات الالاف للمطالبة بإحراز تقدم في مجال حقوق الإنسان.

وصرح مصدر حكومي أن المجلس الجديد يضم ممثلين للسلطات العامة ومنظمات المجتمع المدني والاحزاب السياسية وشخصيات مستقلة، مؤسسة وطنية لحماية حقوق الانسان والحريات بالمغرب نصوصها التنظيمية لمبادئ باريس الناظمة للمؤسسات الوطنية لحقوق الانسان، ويتوفر المجلس الوطني على اختصاصات أوسع، سواء على المستوى الوطني أو الجهوي، الشيء الذي يضمن للمجلس مزيدا من الاستقلالية والتأثير في مجال حماية حقوق الانسان والدفاع عنه.

واستنادا الى الفصل 19 من الدستور المغربي صدر الظهير الشريف رقم 1.11.19 الصادر في 25 ربيع الأول 1432هـ الموافق فاتح مارس 2011 المنظم للمجلس الوطني لحقوق الانسان وقد تم نشره في الجريدة الرسمية عدد 5922 بتأريخ 27 ربيع الأول 1432هـ الموافق 3 مارس 2011، والذي تضمن في بابه التمهيدي واحكامه العامة في مادته الأولى والتي نصت على إحداث مجلس وطني لحقوق الانسان.

وقد نظم في بابه الثاني تركيبة المجلس ولجانه الجهوية، نظم الفصل الأول منه تركيبة المجلس من المادة 32 الى المادة 39، ونظم الفصل الثاني الآليات الجهوية لحماية حقوق الانسان والنهوض بها من المادة 40 الى المادة 34.

يعتبر المجلس الوطني لحقوق الانسان الوريث الشرعي للمجلس الاستشاري لحقوق الانسان، الذي يشهد تأسيسه على بداية تحول نوعي بالمغرب، يتوخى ضبط عمل المؤسسات على ايقاع حقوق الانسان، وهو المجلس الذي شهدت ولايته الاخيرة انخراطا كليا في صيانة هذه الحقوق، حيث اضطلع بالكثير من المهام، أبرزها القيام لأول مرة في تأريخ المغرب بتأطير عملية ملاحظة الانتخابات، الى جانب مساهمته في تنفيذ توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة.

وقد نظم الظهير الشريف المكون للمجلس الوطني لحقوق الانسان اختصاصات هذا المجلس في فصوله الثلاثة الأولى من بابه الأول، حيث نظم فصله الاول من المادة الثالثة الى المادة السادسة منه في مجال حماية حقوق الانسان، ونظم الفصل الثاني بمواده من المادة 31 الى المادة 24 في مجال النهوض بحقوق الانسان، ونظم الفصل الثالث من المادة 25 الى المادة 27 في مجال اثراء الفكر والحوار حول حقوق الانسان والديمقراطية.

وانطلاقا من الصلاحيات المعهود بها للمجلس المضمنة بالظهير الشريف المتعلق بإعادة تنظيمه، يشمل عمل المجلس فيما يخص حماية حقوق الانسان ومساعدة ضحايا الانتهاكات، التصدي لحالات خرق حقوق الانسان إما تلقائيا أو بطلب ممن يعنيهم الأمر، وذلك بدراسة وتقديم توصيات بشأنها للجهة المختصة، كما يسعى بالتعاون مع المؤسسات المماثلة الى الاسهام الفعال في حماية حريات المغاربة القاطنين بالخارج وصون حقوقهم.

ـ في مجال حماية حقوق الانسان والحريات والدفاع عنها:


يسهر المجلس الوطني لحقوق الانسان على مراقبة ورصد حالبة حقوق الانسان على المستويين الوطني والجهوي، ورصد الانتهاكات، مع إمكانية إجراء التحقيقات والتحريات اللازمة، واعداد تقارير تتضمن خلاصات ونتائج الرصد والتحقيقات ورفعها الى الجهات المختصة مشفوعة بتوصيات لمعالجة الانتهاكات التي تم رصدها، ويجوز له في إطار المهام المسندة اليه وبتنسيق مع السلطات العمومية المعنية أن يتدخل بكيفية استباقية وعاجلة كلما تعلق الأمر بحالة من حالات التوتر التي قد تفضي الى انتهاك حق من حقوق الانسان بصفة فردية أو جماعية، ويساهم في تفعيل الآلياتالمنصوص عليها في المعاهدات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان التي صادقت عليها المملكة أو انضمت اليها.

ويقوم المجلس بزيارة أماكن والمؤسسات السجنية ومراكز حماية الأطفال وإعادة الإدماج والمؤسسات الاستشفائية الخاصة بمعالجة الأمراض العقلية والنفسية وأماكن الاحتفاظ بالأجانب في وضعية غير قانونية وبإعداد تقارير عن الزيارات ويرفعها الى السلطات المختصة.

ويتولى المجلس بحث ودراسة ملائمة النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل مع المعاهدات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان وبالقانون الدولي الإنساني ويقترح التوصيات التي يراها مناسبة في هذا الشأن ويرفعها الى السلطات الحكومية المختصة.

ويساهم في اعداد التقارير التي تقدمها الحكومة لأجهزة المعاهدات، ويقدم المساعدة والمشورة الى البرلمان والحكومة بناءا على طلبها في مجال ملائمة مشاريع ومقترحات القوانين مع المعاهدات الدولية، كما يعمل على تشجيع مواصلة مصادقة المملكة على المعاهدات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني.

ـ في مجــال النهـــــوض بحقـــوق الإنســان:


يسهر المجلس على النهوض بمبادئ وقواعد لمبادئ وقواعد القانون الدولي الإنساني والعمل على ترسيخها، ويساهم بكل الوسائل في النهوض بثقافة حقوق الانسان والمواطنة، ويرفع الى جلالة الملك التقارير السنوية والمواضيع المرتبطة بحقوق الإنسان.

ويقدم أمام كل مجلس من مجلسي البرلمان مضمون التقارير، كما يتم نشر التقرير السنوي حول حقوق الإنسان وعمل المجلس في الجريدة الرسمية.

وعلاوة على ذلك، يتوفر المجلس على اختصاصات جهوية من خلال اللجان الجهوية لحقوق الانسان التي سيتم تعيين رؤساءها بموجب ظهير، وستسهر هذه اللجان الجهوية على رصد ومراقبة حالة حقوق الانسان على الصعيد الجهوي، وتلقي وفحص الشكاوي والانتهاكات التي تعرض عليها وإعداد التقارير الخاصة أو الدورية حول التدابير المتخذة لمعالجة القضايا والشكاوى بالجهة.

وتعمل هذه اللجان على ضمان تنفيذ برامج ومشاريع المجلس الوطني في مجال النهوض بحقوق الإنسان بالتعاون مع الفاعلين المحليين، وتساهم على تشجيع وتسهيل إنشاء مراصد جهوية لحقوق الانسان التي تسهر على تتبع تطور حقوق الإنسان على الصعيد الجهوي.

ويتوفر المجلس الوطني على اختصاصات في مجال القانون الدولي الإنساني، ويشرف بالتنسيق مع السلطات المعنية على تنسيق أنشطة مختلف الجهات المعنية، وتتبع تنفيذ المعاهدات الدولية التي صادقت عليها المملكة انضمت اليها، والمساهمة في برامج التربية والتكوين والتوعية المرتبطة بذلك وتطوير علاقات تعاون وشراكة لتعزيز تبادل الخبرات مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر وجميع الهيئات العاملة في مجال القانون الدولي الإنساني.

وبالإضافة الى ذلك يتولى المجلس تنظيم منتديات وطنية وإقليمية ودولية لحقوق الإنسان لإثراء الفكر والحوار حول قضايا حقوق الإنسان وتطوراتها وآفاقها، كما يساهم في تعزيز البناء الديمقراطي من خلال النهوض بالحوار المجتمعي التعددي، وتطوير كافة الوسائل والآليات المناسبة لذلك، بما فيها ملاحظة العمليات الانتخابية.

هذا ويساهم المجلس في إحداث شبكات للتواصل والحوار بين المؤسسات الوطنية والأجنبية المماثلة، وكذا بين الخبراء من ذوي الإسهامات الوازنة في مجالات حقوق الإنسان.

ومن صلاحيات المجلس أن يطلب من القضاء فتح تحقيق في انتهاكات حقوق الانسان وتطبيق توصيات هيئة العدالة والمصالحة المنبثقة عن المجلس الاستشاري لحقوق الانسان بهدف كشف الحقيقة بشأن أعمال القمع التي شهدتها ما يعرف باسم " سنوات الرصاص" 1960/1999 في عهدالملك الحسن الثاني،لكن هذه الهيئة حلت في 2005 بعد تقديم تقريره االذي أوصت فيه بإلغاءعقوبة الاعدام واعتماد سياسة لمكافحة الافلات من العقاب من خلال تبني اصلاحات قانونية.

وفي إطار ممارسته لمهامه يسهرالمجلس على تتبع تفعيل توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة وتحليل الانتهاكات الماسة بالحريات العامة والفردية، في ضوء الشكايات المحالة على المجلس و تقاريرالمنظمات الحقوقية وسائر الجمعيات المعنية أو المهتمة، كما يهتم بمتابعة الأوضاع في السجون ومراكز حماية الطفولة و أوضاع ذوي الاحتياجات الخاصة ودراسة حاجاتهم وأحوالهم، والسعي الى اصدار توصيات واقتراحات بخصوصهم.

إن المتأمل في اختصاصات وتركيبة واستقلالية هذه المؤسسات، سيجد نفسه أمام برلمان مصغر مختص في حقوق الإنسان باتت تفرض عليه مختلف التحولات، القيام بدور حيوي كي يتم استحضار حقوق الانسان عند صياغة السياسات العامة، لاعلى المستوى الوطني بل الجهوي أيضا.

ـ التحديــــــــــــــــــــــــــات:


في الحقيقة فإن أغلب هذه المبادرات قد فشلت لسبب اساسي وهو أن النوايا لم تستقم وأن الهدف من أنشاء هذه الهيئات لم يكن خدمة حقوق الإنسان والسير في طريق إصلاحات ديمقراطية حقيقية وإنما لذر الرماد عن العيون وتلهية المواطنين وتسويق صورة الأنظمة على الصعيد الدولي.

ومن جانب آخر فغن مثل هذه وإن كانت مهمة في رمزيتها باعتبارها تبرز انخراط الحكومات والأنظمة
في منظومة الحريات وحقوق الانسان فإنها ليست قادرة لوحدها أن تؤمن النجاعة والجدوى، ذلك أن الدفاع عن حقوق الانسان وحمايتها وتعزيزها هي مسؤولية المجتمع المدني قبل سواه وأن الهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان لا يمكن أن تطلع على المجتمعات بقرارات فوقية بل هي نتاج احتياجات حقيقية تشق هذه المجتمعات.

لذلك فأن الهيئات المستقلة التي تعلنها الحكومات لا يمكن إلا أن تكون رافدا لا غير من روافد العمل الحقوقي الوطني الذي تتحمل مسؤوليته الأولى الجمعيات والرابطات الحقوقية التي كانت نشأتها خارجة عن أي قرار رسمي.

لكن ما سبق ذكره لا يعني انه يجب رفض هذه الهيئات المستقلة التي أعلنت الحكومات عن إنشائها، فمسألة حقوق الإنسان لا يضيرها تعدد المنابر، بل أن حقوق الإنسان ونشر مبادئها وتوسيع دائرة المدافعين عنها تحتاج إلى جهود جميع الأطراف الحقوقية بكل تلويناتها الفكرية مادامت هذه الأطراف تصب في خانة التربية على حقوق الإنسان في مجتمعات مازالت فيها ثقافة الاختلاف والحرية والمساواة هشة وضعيفة.



تاريخ التوصل: 5 يوليوز 2012
تاريخ النشر: 7 يوليوز 2012




السبت 7 يوليوز 2012

عناوين أخرى
< >

الاربعاء 15 ماي 2024 - 01:09 الأرشيف العمومي ورهـان الاستدامـة


تعليق جديد
Twitter