MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers



الفوائد البنكية في الحساب لأجـل

     


ذ. نورالدين فريش: باحث في قانون الأعمال



الفوائد البنكية في الحساب لأجـل

       بالرجوع إلى مدونة التجارة نلاحظ أن المشرع لم يتناول تعريف الحساب لأجل، لهذا يعرفه  البعض[[1]]url:#_ftn1 بأنه : "عقد يتسلم بمقتضاه البنك مبلغا نقديا يلتزم برده عند حلول الأجل المتفق عليه أو يتم تجديده وفق ما تقتضيه المادة 506 ويلتزم البنك بأداء الفوائد إضافة إلى أصل المبلغ المودع."

       ونعرفه من جانينا بأنه:" عبارة عن حساب مجمد يقوم الزبون بفتحه لدى المؤسسة البنكية لفترة معينة زمنيا، حيث يقوم بالتخلي عن مبلغ نقدي لصالح البنك، على أن يلتزم هذا الأخير برده في الأجل المتفق عليه أو يتم تجديده وفق مقتضيات المادة 506، مضاف إليه – أصل المبلغ المودع-  فوائد يتم الاتفاق عليها بين الطرفين خلال فترة الإيداع."

       وعليه فإنه يتبين أن الحساب لأجل يفتح من طرف الزبون لدى المؤسسة البنكية من أجل توظيف أمواله، ويكون هذا التوظيف بالتزام الزبون المعني بالأمر بترك أمواله التي أودعها في البنك، رهن إشارة وتصرف المؤسسة البنكية طيلة فترة زمنية معينة، في مقابل فوائد يتم الاتفاق على سعرها عند إيداع تلك النقود، وسعر الفائدة المستحقة للزبون المودع يختلف باختلاف مدة الحساب لأجل المتفق عليها بينه وبين البنك المودع لديه[[2]]url:#_ftn2 .

        ويقوم البنك بأداء فوائد تكون مضافة إلى أصل المبلغ المودع، حيث تشكل تعويضا من هذا الأخير عن المبلغ المودع لديه، وقد يقوم أيضا بتقديمه كقرض لزبون آخر، فهذه الأموال المودعة في الحسابات لأجل تشكل أرباحا كبيرة بالنسبة للأبناك بعد إعادة استثمارها، ويتمثل هذا الأخير – الربح – في الفرق بين سعر الفوائد التي تدفعها للزبناء وسعر الفوائد التي تجنيها نتيجة استثمارها لهذه الأموال المودعة[[3]]url:#_ftn3 .

         إلا أن الإشكال الذي يطرح بحدة بخصوص الفوائد في الحساب لأجل - وخاصة الذي يكون محددا في أجل مدته سنة-، فإنه في حالات كثيرة لا يبادر صاحب الحساب بعد حلول هذا الأجل إلى سحب ودائعه النقدية المدرجة في الحساب، فهل يعني ذلك رغبته في تجديد الحساب أم العكس؟

       نبادر للإجابة عن هذا الإشكال بالقول بأنه ما لم يوجد طلب صريح من صاحب الحساب في تجديده، وموافقة البنك على ذلك، فلا يوجد ما يفرض على المؤسسة البنكية تجديد هذا الحساب خصوصا أنه حساب محدد المدة، ينتهي أوتوماتيكيا بحلول أجله كما يستشف من مقتضيات المادة 506 من مدونة التجارة[[4]]url:#_ftn4 .
    
       وبالرجوع إلى مقتضيات المادة 507 من مدونة التجارة نجدها تنص على أنه "لا تدفع الفوائد المشترطة لفائدة الزبون إلا في ميعاد الاستحقاق "، مما يفيد أنها تجيز تمكين الزبون من الفائدة، علما أن الفائدة في الحساب لأجل تكون دائما لفائدة الزبون عكس الحساب بالإطلاع، ذلك أن هذا الأخير في الحساب لأجل يضع أمواله تحت تصرف المؤسسة البنكية التي تمسكه، التي تجعل من هذا الحساب تقنية لتوظيف أموال الزبناء مقابل فوائد، كما يجعل صاحب الحساب ملتزما مبدئيا بعدم استرجاع أمواله إلا عند حلول الآجل المتفق عليه، فلا تستحق هذه الفوائد إلا بحلول ميعاد استرجاع الأموال المودعة.

        غير أنه يمكن للزبون إنهاء الحساب لأجل قبل حلول الأجل المتفق عليه بموافقة البنك، على أن هذا الإنهاء المسبق يخضع للجزاءات المشترطة أثناء فتح الحساب[[5]]url:#_ftn5 هذا من جهة.

      ومن جهة ثانية لا يوجد ما يمنع المؤسسة البنكية من اللجوء إلى إنهاء الحساب لأجل قبل حلول أجله، لكن مع اشتراط دفعها لصاحب الحساب الفوائد المشترطة سابقا، غير أن الملاحظ على مستوى الواقع العملي، أنه من النادر أن يبادر البنك إلى إنهاء الحساب لأجل قبل حلول أجله لاعتبارات تجارية و مصرفية[[6]]url:#_ftn6 .

       و نشير إلى أن سعر الفائدة التي يدفعها البنك لأصحاب الودائع النقدية تتحكم فيها عدة اعتبارات، إذ ترتفع كلما كانت الحاجة ملحة إلى السيولة النقدية وكذا تشجيع الادخار، وفي حالة العكس أي في الحالة التي يرغب فيها الفاعلون في السوق المالية من سلطات نقدية عمومية أو خواص في تشجيع الاستثمار فإن سعر الفائدة يكون منخفضا وذلك لتشجيع أصحاب الأموال على استثمارها بدل ادخارها[[7]]url:#_ftn7 .

       وجدير بالذكر وبما أن الحساب لأجل يعتبر عقدا محدد المدة تستحق عنه الفوائد بمجرد حلول أجل الحساب، فإن رسملة فوائده لا تخضع لمقتضيات المادة 497[[8]]url:#_ftn8 من مدونة التجارة المتعلقة بالحساب بالإطلاع.
    
الهوامش

[[1]]url:#_ftnref1  حسن الحضري: الإطار القانوني والتنظيمي للفوائد البنكية، مرجع سابق، ص:22.
[[2]]url:#_ftnref2 ويمكن أن تكون مدة الحساب لأجل ثلاثة أشهر أو ستة أشهر أو سنة، بمعنى أن هذه المدة لا يمكن أن تقل عن ثلاثة أشهر، كما لا يمكن كذلك أن تفوق سنة.
[[3]]url:#_ftnref3 وتجدر الإشارة إلى أنه إلى جانب الحساب لأجل التقليدي، طورت البنوك حسابات ادخار خاصة، مثل الادخار من أجل السكن، أو من أجل الحصول على اعتمادات في المستقبل تتناسب مع مبلغ الإيداع ومدة الادخار، إلا أن هذه الحسابات الأخيرة لا تفتح إلا للأشخاص الطبيعيين ولا تفتحها إلا بعض المؤسسات البنكية لا غير.
  • أنظر: عائشة الشرقاوي المالقي: الوجيز في القانون البنكي المغربي، مرجع سابق، ص:147.
[[4]]url:#_ftnref4 تنص المادة 506 من مدونة التجارة على أن:" لا يجدد الحساب لأجل بعد حلول أجله إلا بطلب صريح للزبون وموافقة البنك"
[[5]]url:#_ftnref5 وهذا ما أشارت إليه المادة 508 من مدونة التجارة بنصها على أنه:" يمكن للزبون إنهاء الحساب قبل أجله بموافقة البنك.
يؤدي هذا الإنهاء المسبق إلى تطبيق الجزاءات المشترطة عند فتح الحساب."
[[6]]url:#_ftnref6 أنظر: سميحة القليوبي، الشركات التجارية، الجزء الأول، دار النهضة العربية، القاهرة 1992، ص: 233.
 أنظر: حسن الحضري، الإطار القانوني والتنظيمي للفوائد البنكية، مرجع سابق، ص:22.[7]
[[8]]url:#_ftnref8 تنص المادة 497 من مدونة التجارة على أنه: " يسجل في الرصيد المدين للحساب دين الفائدة للبنك المحصور كل ثلاثة أشهر، ويساهم، احتمالا، في تكوين رصيده لفائدة البنك ينتج بدوره فوائد".



الجمعة 22 فبراير 2013

تعليق جديد
Twitter