MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية



إحداث اللجان الجهوية للنظر في الطعون المتعلقة بالضريبة - هل يشكل قيمة مضافة في عمل هيئات الطعن ؟

     

بقلم : المختار السريدي

باحث في المنازعات الضريبية .



إحداث اللجان الجهوية للنظر في الطعون المتعلقة بالضريبة - هل يشكل قيمة مضافة في عمل هيئات الطعن ؟

من أجل تخفيف الضغط عن اللجان المحلية لتقدير الضريبة التي ظلت تمارس مهامها منذ ما ينيف على 35 سنة والتي أصبحت اليوم تعاني الأمرَّين فيما يخص كثرة وتراكم الطعون بسبب الصحوات الحقوقية والقانونية التي هبّت على عالم الجبايات ، وضمانا للفعالية والجودة والسرعة في البت في مختلف المنازعات المعروضة عليها و صونا لحقوق الخاضعين للضريبة وحفاظا على حقوق خزينة الدولة وتفاديا لهدر الزمن الضريبي ومسايرةً لما يعرفه العالم من سباقات اقتصادية ومالية محمومة ، تدخل المشرع الضريبي بمقتضى قانون مالية سنة2022 وأحدث لجانا جديدة على الصعيد الجهوي تسمى '' اللجان الجهوية للنظر في الطعون المتعلقة بالضريبة Commissions régionales de recours fiscal '' تقاسمت مع اللجان المحلية لتقدير الضريبة اختصاصاتها ، لتصبح ذات اختصاصين إثنين اختصاص نوعي يتمثل في البت في التصحيحات المتعلقة بالدخول والأرباح الناشئة عن رؤوس الأموال المنقولة و اختصاص قيمي يتمثل في البت في التصحيحات المتعلقة بفحص محاسبة الخاضعين للضريبة الذين يقل رقم أعمالهم المصرح به عن عشرة (10) ملايين درهم عن كل سنة محاسبية للفترة غير المتقادمة موضوع الفحص حسب ما ورد في الفقرة الأولى من المادة225 مكرر من المدونة العامة للضرائب ، و قد كانت اللجان المحلية لتقدير الضريبة هي صاحبة الإختصاص في البت في هذين النوعين من الطعون بالإضافة إلى اختصاصها الأصلي الذي تم تقليصه إلى البت في التصحيحات المتعلقة بالدخول المهنية المحددة وفق نظام المساهمة المهنية الموحدة والدخول والأرباح العقارية وواجبات التسجيل والتمبر.

و قد أصبح بإمكان الخاضع للضريبة في ظل هذا الإختصاص الجديد و طبقا للمقتضيات الواردة بالمادتين 220 - II و221 - II من المدونة العامة للضرائب ، أن يطعن في الأساس الضريبي المحدد أو المقدر من طرف الإدارة أمام اللجنة الجهوية للنظر في الطعون المتعلقة بالضريبة ، داخل أجل الثلاثين (30) يوما الموالية لتاريخ توصله برسالة التبليغ التصحيحية الثانية ، وذلك وفق الشروط والشكليات المشار إليها بالمادتين المذكورتين .

و انطلاقا من مقتضيات الفقرة الثانية- ألف - من المادة 225 مكرر من المدونة العامة للضرائب و مذكرة المصلحة عدد 4582 الصادرة عن المدير العام للضرائب بتاريخ 12 شتنبر 2018 والمتعلقة بالإجراءات المسطرية المنصوص عليها في هذه المدونة و الكتيب الصادر عن المديرية العامة للضرائب بتاريخ 14 شتنبر2017 و المتعلق ب ''مسطرة الطعون أمام اللجان المحلية لتقدير الضريبة '' وهي الواجبة التطبيق بالتبعية فيما يخص '' مسطرة الطعون أمام اللجان الجهوية للنظر في الطعون المتعلقة بالضريبة '' ، فإن مفتش الضرائب الذي قام بعملية التصحيح و المراقبة و بمجرد تسلمه الجواب عن رسالة التبليغ الثانية - بمثابة طعن من طرف الخاضع للضريبة مرفوع إلى اللجنة الجهوية - و بعد دراسة هذا الجواب شكلا و موضوعا ، يقوم بإعداد و صياغة تقرير مفصل في الموضوع ، وبعد التأشير عليه من طرف رؤسائه الإداريين ، يقوم بتوجيهه في أربعة نظائر مؤرخة و موقعة و مختومة إلى اللجنة الجهوية مرفقا بالوثائق المتعلقة بإجراءات المسطرة التواجهية التي تمكن اللجنة من البت ، وذلك خلال أجل لايتعدى ثلاثة (3) أشهر من تاريخ توصل الإدارة بالطعن .

و في هذا السياق قضت محكمة النقض في إحدى قراراتها ببطلان مسطرة الفرض الضريبي إما لعدم احترام أجل الثلاثة أشهر المحددة قانونا لتسليم طلبات الطعن إلى اللجان و إما لعدم إحالة ملفات الطعن عليها بالمرة .

وقد تمسك بعض الفقه بهذا الموقف القضائي الحصيف جملة وتفصيلا حينما اعتبر بأن إدارة الضرائب ملزمة بإحالة ملف الطعن على اللجان الضريبية تحت طائلة بطلان مسطرة التصحيح .

و على هدى القضاء الإداري سارت العديد من اللجان أثناء نظرها في الطلبات والطعون التي توصلت بها خارج أجل الثلاثة أشهر سالفة الذكر ، حيث أصدرت مقرراتها بعدم القبول بسبب عيب شكلي .

أما بالنسبة لطلبات الطعن التي تتوصل بها اللجان الجهوية داخل الأجل فإنها تصدر مقرراتها بشأنها إما بالبت في الموضوع وإما بعدم الإختصاص ، وهي مقررات لا يمكن الطعن فيها إلا عن طريق المحاكم الإدارية و هو المقتضى الذي جاء به قانون مالية سنة 2016 واحتفظ به قانون مالية سنة 2022 ، بحيث أصبحت كل من اللجان المحلية لتقدير الضريبة و اللجان الجهوية للنظر في الطعون المتعلقة بالضريبة و اللجنة الوطنية للنظر في الطعون المتعلقة بالضريبة تتقاسم الإختصاص بحسب نوع و قيمة القضايا موضوع الطعون طبقا لما هو مبيَّن في الفقرات الأولى من المواد 225 و225 مكرر و 226 من المدونة العامة للضرائب ، وبالتالي فإنه لا يمكن رفع الطعن من اللجان الجهوية إلى اللجنة الوطنية إلا في حالة وحيدة و هي حالة عدم بت اللجان الجهوية في الطعن المقدم إليها داخل الأجل القانوني المحدد لها .

وقد ينتهي الطعن أمام اللجان الجهوية - أثناء جريان المسطرة - بالتوصل إلى حلول ودية بين الأطراف وطي ملف المنازعة نهائيا ، ليتم الإشهاد على الصلح أو التنازل إذا ارتأت اللجنة الجهوية ذلك بموجب مقرَّر .

لكن مهما يكن المقرَّر الذي قد تصدره اللجنة الجهوية سواء كان البت في مسائل قانونية أو واقعية أو تم التصريح فيه بعدم الإختصاص أو لم يتم البت فيه داخل الأجل القانوني أو تم فيه الإشهاد على الصلح بين الطرفين ، فإن الكاتب المقرر هو من يتكلف بتبليغه إلى الأطراف بالكيفية و داخل الآجال المنصوص عليها في المادتين 219 و225 مكرر من المدونة العامة للضرائب ، وذلك حتى يتسنى لهم الإطلاع على حيثياته وبناءاته ومعرفة مآله أو الطعن فيه سواء أمام القضاء الإداري المختص أو أمام اللجنة الوطنية للنظر في الطعون المتعلقة بالضريبة .

و لكي تؤدي اللجنة الجهوية للنظر في الطعون المتعلقة بالضريبة مهامها بالكيفية القانونية الصحيحة ، نصت المادة 225 - II -ألف مكرر من المدونة العامة للضرائب ؛ على ضرورة أن تضم كل لجنة جهوية الأعضاء التاليين :

- قاضي بصفته رئيسا للجنة .

- ممثلَين إثنين للإدارة يتكلف أحدهما بمهمة الكاتب المقرر .

- ممثلَين إثنين للخاضعين للضريبة تابعين للفرع المهني الأكثر تمثيلا للنشاط الذي يزاوله الطاعن .

وسنتولى فيما يلي الحديث عن كل عضو من هؤلاء الأعضاء الخمسة الذين يقابلهم أربعة أعضاء فقط بالنسبة للجنة المحلية لتقدير الضريبة ، وذلك قصد معرفة كيفية و طرق تعيينهم و حدود مهامهم واختصاصاتهم .

1- القاضي رئيس اللجنة الجهوية للنظر في الطعون المتعلقة بالضريبة :

ويعين هذا العضو الذي ينتمي إلى الهيئة القضائية من طرف رئيس الحكومة باقتراح من المجلس الأعلى للسلطة القضائية ، وذلك في غياب نص قانوني سواء في المدونة العامة للضرائب أو في غيرها ، يحدد درجة وتخصص القاضي المذكور والمحكمة التي ينتمي إليها من حيث درجتها ابتدائية أو استئنافية أو من حيث تخصصها عادية أو إدارية ، وهذا بخلاف المشرع الفرنسي الذي كان واضحا و حكيما حينما أسند مهمة رآسة اللجنة الجهوية للضرائب إلى رئيس المحكمة الإدارية بحكم أن القضاء الإداري يبدو هو الأقرب للمنازعات الجبائية من القضاء العادي بسبب الممارسة و الخبرة و التجربة و التخصص . و مع ذلك فإن إسناد مهمة رآسة اللجان الجهوية للنظر في الطعون المتعلقة بالضريبة في المغرب إلى قاضي ينتمي إلى السلطة القضائية مهما كانت درجته و مرتبته ومهما كان تخصصه عاديا أم إداريا ، يبقى في حد ذاته عملا محمودا الغاية منه أجلّ و أسمى و تتمثل في حفظ الحقوق و الفصل بين طرفين غير متوازنين ، ويا حبذا لو تم إسناذ هذه المهمة النبيلة إلى قاضي إداري لتطمئن قلوب الطاعنين على حقوقهم وواجباتهم ، لأن القاضي هو صمّام الأمان بالنسبة للجنة ومركز الثقل والثقة داخلها ، ولذلك فقد خصّه المشرع بهذه المهمة وفصّل له اختصاصاته حيث هو من يأمر باجتماع اللجنة الجهوية و هو من يحدد تاريخ ومكان انعقادها وهو من يترأس أشغالها ويسير جلساتها .

و مع ذلك فلازلنا نتساءل لماذا لا يتكلف القاضي رئيس اللجنة الجهوية باستدعاء أعضاء اللجنة للإجتماع و استدعاء الأطراف لحضور الجلسة بحكم استقلاليته و حياده و بعثا للثقة و الإطمئنان في نفوس الطاعنين ؟ و لماذا لا يتكلف بالإضافة إلى ذلك بتبليغ مقررات اللجنة الجهوية إلى الأطراف أسوة بالقاضي رئيس اللجنة الفرعية الوطنية ؟

2 – ممثلا الإدارة اللذان يتولى أحدهما مهمة الكاتب المقرر :

يلعب ممثلا الإدارة اللذان يقوم أحدهما بمهام الكاتب المقرر دورا محوريا و فعالا داخل اللجنة الجهوية لا يمكن الإستهانة به ، باعتبارهما ينتميان لإدارة الضرائب و لهما إلمام واسع و دراية كبيرة بالنصوص الضريبية ، بالإضافة إلى خبرة في الميدان الجبائي والمحاسباتي والإقتصادي و تجربة و ممارسة سواء على مستوى ربط أو مراقبة أو تحصيل الضرائب والرسوم .

وتتمثل المهمة الأساسية لممثلي الإدارة المذكورين بعد تلقيهما ملفات الطعون و مراقبتهما لمختلف الوثائق المرفقة بكل ملف شكلا و مضمونا ، في إعداد تقرير مفصل عن كل طعن يبسطان فيه طبيعة النزاع المعروض على أنظار اللجنة ، ونوع الضريبة أو الرسم المطعون فيه ، والهوية الكاملة للطاعن ، و مسطرة التبليغ و التوصل ، والضرائب أو الرسوم المؤداة أو الأسس المصرح بها ، و كذا مبلغ الضرائب أو الرسوم أو الأسس الجديدة المعدلة ، و موقف الخاضع للضريبة أو الرسم من التعديلات و التصحيحات التي أدخلت على إقراراته و محاسباته و مجموع وضعيته الضريبية مع ملاحظاته و ردوده ، ثم موقف إدارة الضرائب من خلال الأسس و المعايير و العناصر و المقارنات و المعلومات التي اعتمدتها في عملية المراقبة والتصحيح ، هذا و دون إغفال الإشارة إلى تاريخ توصل الإدارة بالطعن من طرف الخاضع للضريبة و تاريخ توصل اللجنة بهذا الطعن من طرف الإدارة ، طبقا لمقتضيات الفقرة الثانية - ألف من المادة 225 مكرر من المدونة العامة للضرائب والتي تحدد أجلا أقصاه ثلاثة (3) أشهر للإدارة قصد تسليم اللجنة المطالبات و الوثائق المتعلقة بإجراءات المسطرة التواجهية التي تمكن اللجنة من البت .

و لعل المهام القوية للكاتب المقرر للجنة الجهوية للنظر في الطعون المتعلقة بالضريبة التي جاء بها قانون مالية 2022 وهي نفس مهام الكاتب المقرر للجنة المحلية لتقدير لضريبة تتمثل في كونه هو من يتكلف باستدعاء أعضاء اللجنة الجهوية خمسة عشر(15) يوما على الأقل قبل التاريخ المحدد للإجتماع وهو من يتكلف بإخبار الأطراف بتاريخ انعقاد الإجتماع قبل حلول موعده بما لا يقل عن ثلاثين (30) يوما و هو من يتكلف بتحرير محاضر الجلسات وتحرير المقررات الصادرة عن اللجنة و تبليغها إلى الخاضعين للضريبة و إدارة الضرائب خلال الأربعة (4) أشهر الموالية لتاريخ صدورها ، و دائما وفق الإجراءات المنصوص عليها في المادة 219 من المدونة العامة للضرائب .

و يهدف المشرع المغربي من وراء تعيين عنصرين ينتسبان إلى الإدارة كعضوين من أعضاء اللجنة الجهوية للنظر في الطعون المتعلقة بالضريبة يتكلف أحدهما بمهمة الكاتب المقرر للجنة ، مساعدة القاضي رئيس اللجنة على التعرف عن قرب على بعض الملفات المطعون فيها بسبب إطلاعهما الواسع ومعرفتهما الكبيرة و الدقيقة بالمسائل الجبائية والحسابية .

ولو أن المادة 225 مكرر من المدونة العامة للضرائب حينما تحدثت عن ممثلي الإدارة كعضوين من أعضاء اللجنة الجهوية و بصفة أحدهما كاتبا مقررا للجنة ، اكتفت بالقول أنهما يمثلان الإدارة دون أن تشير أو توضح هوية هذه الإدارة هل هي إدارة الضرائب أو أي إدارة عمومية أخرى ، رغم أن الأمر يخص إدارة الضرائب لوحدها بحكم طبيعة الطعن أو طبيعة المنازعة ، إلا أنه مهما كانت هوية أو مهمة الممثلين أو الموظفين الإداريين الإثنين ، فإننا نتساءل عن مدى استقلاليتهما في القيام بعملهما داخل حظيرة اللجان الجهوية للنظر في الطعون المتعلقة بالضريبة ؟

إن العضوان الإثنان اللذان يمثلان الإدارة و اللذان يتم تعيينهما من بين أطر المديرية العامة للضرائب ، هما بمثابة الركيزة القوية التي تستنذ عليها اللجنة ككل ، خصوصا الكاتب المقرر الذي يضطلع باختصاصات مهمة تتجلى في تلقي الطعون و توجيهها إلى القاضي رئيس اللجنة الجهوية واستدعاء أعضاء اللجنة الأربعة الباقين للإجتماع و هو خامسهم وإخبار الطرفين المتنازعين بانعقاد الإجتماع و تحرير محاضر الجلسات و تحرير المقررات الصادرة عن اللجنة و تبليغها إلى الأطراف ، وبالتالي فهو عنصر مهم ونشيط داخل اللجنة بحيث لا يمكن تصور تشكيلتها دون حضوره ، و هذا يستدعي أن يتم تعيينه بمعية الممثل الثاني للإدارة من خيرة الأطر و أن يكونا على بيِّنة و دراية تامة بالنصوص الجبائية .

لكننا مع ذلك نبقى متحفظين على بعض الإختصاصات القوية التي أسندها قانون مالية سنة2022 للكاتب المقرر للجنة الجهوية المتمثلة في استدعاء أعضاء اللجنة ومن بينهم الرئيس واستدعاء الأطراف للجلسة وتبليغها بمقررات اللجنة أو إخبارها بعدم بت اللجنة داخل الأجل القانوني المحدد لها ، وهي نفسها الإختصاصات التي سطّرها قانون مالية سنة 2016 بالنسبة للكاتب المقرر للجنة المحلية لتقدير الضريبة .

وقد كان من الأجدر أن تسنذ هذه الإختصاصات للقاضي رئيس اللجنة الجهوية نظرا لحياده و لإستقلاليته وما يتمتع به من هيبة وسلطة و وقار ، أما الكاتب المقرر الذي هو مفتش ضرائب في الأصل فيجب أن يبقى كاتبا للجنة و عضوا فيها ليس إلا ، كما أن انتماؤه للجهاز الجبائي - ولو أن المادة 225 مكرر تحاشت الإشارة صراحة إلى ذلك - يجعل عمله عرضة للشك و الريبة من طرف بعض الطاعنين في الضريبة وهم على قِلَّتهم .

و يبقى من الأفضل و حفاظا على استقلالية اللجنة الجهوية أن يتم تعيين الكاتب المقرر الذي هو '' ممثل عن الإدارة représentant de l'administration '' كما جاء في نص المادة 225 مكرر ، من بين أطر المديرية العامة للضرائب الحاصلين على تأهيل في الميدان الضريبي و المحاسباتي و القانوني و الإقتصادي و أن تكون له على الأقل رتبة متصرف من الدرجة الثالثة أو ما يعادل ذلك ، كما هو الشأن في تعيين الموظفين في حظيرة اللجنة الوطنية للنظر في الطعون المتعلقة بالضريبة .

ونظرا للدور المحوري الذي من الممكن أن يحظى به ممثلا الإدارة داخل اللجنة الجهوية ،فإن مسألة تعيينهما تبقى مثار شكوك حول انتمائهما وارتباطهما بإدارتهما الأصلية ( المديرية العامة للضرائب ) و الضغوط و التأثيرات التي يمكن أن تمارسها عليهما بطريقة أو بأخرى ، فإننا نتمنى أن يتم تعيينهما من طرف رئيس الحكومة باقتراح من وزير الإقتصاد و المالية و بمبادرة من المدير العام للضرائب تدعيما لإستقلاليتهما في عملهما ولقوتهما أثناء التداول والبت في الملفات ،كما هو الشأن بالنسبة للقضاة رؤساء اللجان الوطنية الفرعية التابعة للجنة الوطنية للنظر في الطعون المتعلقة بالضريبة أو القضاة رؤساء اللجان الجهوية للنظر في الطعون المتعلقة بالضريبة الذين يتم تعيينهم من طرف رئيس الحكومة باقتراح من المجلس الأعلى للسلطة القضائية و كما هو الشأن كذلك بالنسبة لممثلي الخاضعين للضريبة في حظيرة اللجان الجهوية للنظر في الطعون المتعلقة بالضريبة الذين يعينون من طرف رئيس الحكومة بناء على إقتراح مشترك للسلطات الحكومية المكلفة بالتجارة والصناعة والصناعة التقليدية والصيد البحري و بالمالية .

3 – ممثلا الخاضعين للضريبة :

يعين ممثلا الخاضعين للضريبة في حظيرة اللجنة الجهوية للنظر في الطعون المتعلقة بالضريبة تبعا للأنشطة التجارية أو الصناعية أو الخذماتية أو الحرفية أو الفلاحية أو في الصيد البحري التي يزاولها أو يمارسها الطاعنون الخاضعون للضريبة .

و يعين هؤلاء من طرف رئيس الحكومة لمدة ثلاث (3) سنوات بناء على إقتراح مشترك للسلطات الحكومية المكلفة بالتجارة والصناعة والصناعة التقليدية والصيد البحري والسلطة الحكومية المكلفة بالمالية .

ويتم اختيار هذه الفئات من الممثلين قبل 31 أكتوبر من السنة السابقة للسنة التي تبتدئ خلالها مهامهم في حظيرة اللجنة الجهوية من بين :

- الأشخاص الذاتيين أعضاء المنظمات المهنية الأكثر تمثيلا المزاولين نشاطا تجاريا أو صناعيا أو خذماتيا أو حرفيا أو في الصيد البحري ، و المدرجين في القوائم التي تقدمها المنظمات المذكورة و كل من رؤساء غرف التجارة و الصناعة و الخذمات و غرف الصناعة التقليدية و غرف الفلاحة و غرف الصيد البحري .

- الخبراء المحاسبين أو المحاسبين المعتمدين المدرجين على التوالي في القوائم التي تقدمها هيئة الخبراء المحاسبين والمنظمة المهنية للمحاسبين المعتمدين

ولا يمكن لأي عضو أن يحضر اجتماع اللجنة الجهوية عندما يعرض عليها نزاع سبق أن نظر فيه في إطار مزاولة نشاطه أو القيام بمهامه .لكن إذا طرأ تأخير في تعيين الممثلين الجدد أو حال دون ذلك حائل أو مانع أو طارئ ،يتم تمديد انتذاب الممثلين المنتهية مهامهم تلقائيا إلى غاية تعيين الممثلين الجدد .

و تجتمع اللجنة الجهوية بمسعى من رئيسها المنتسب للسلطة القضائية ، و بطلب من أحد ممثلي الإدارة أو من الكاتب المقرر ، هذا الأخير بعد تسلمه للطعون - التي تحدد موضوع الخلاف وتتضمن عرضا للحجج المستنذ إليها- و إعداده لتقارير حول الملفات المزمع عرضها على أنظار اللجنة ، يوجه إرسالية في الموضوع إلى رئيس اللجنة يطلب فيها انعقاد اللجنة ، ويتعين على رئيس اللجنة تحديد تاريخ و مكان الإنعقاد .

و أثناء الإجتماعات التي تعقدها اللجنة فإنها تقوم ببسط النزاع أمام طرفي المنازعة وتستمع إلى ممثلَي الخاضعين للضريبة إما بطلب منه أو إذا رأت أنه من اللازم الإستماع إليه ، ويمكنها أيضا أن تستمع لكل طرف من أطراف الطعن أو هما معا إما بطلب من أحدهما أو كليهما أو إذا ارتأت أن المواجهة بينهما ضرورية ، رغم أن عبء الإثبات هنا يقع دائما على الإدارة مصدرة الضريبة خلافا للقواعد العامة في الإثبات في الميدان المدني حيث '' إثبات الإلتزام على مدعيه '' كما ورد في المادة 399 من قانون الإلتزامات والعقود .

وتبت اللجنة الجهوية في الطعن بكيفية صحيحة إذا حضرها الرئيس و اثنان من أعضائها ، و هذا يعني بأن اللجنة يمكن أن تصدر مقرَّرها بحضور ثلاثة أعضاء فقط من بينهم الرئيس الذي يعتبر حضوره ضروريا و لا غنى عنه باعتباره رئيسا وقاضيا ، و عليه فإذا كان المتغيب من أعضاء اللجنة الخمسة هو أحد ممثلي الإدارة الإثنين أو أحد ممثلي الخاضعين للضريبة الإثنين فليس هناك أي إشكال يمكن أن يطرح على مستوى توازن تشكيلة البت ، لكن الإشكال الحقيقي يبرز في حالة تغيب ممثلي الإدارة معا عن جلسة البت و هما اللذان يملكان مفاتيح الملفات و يقدمان الحلول و المقترحات و يفتيان بأحسن المخرجات و يحرر أحدهما المحاضر و المقررات ، و لذلك فإننا ندعو إلى تعديل هذا المقتضى القانوني بحيث يمكن للجنة الجهوية أن تبت بصورة صحيحة إذا حضرها الرئيس و الكاتب المقرر وأحد ممثلي الخاضعين للضريبة.

هذا بالنسبة للبت في الطعن ، أما بالنسبة للتداول فإن ذلك يتم بأغلبية أصوات الأعضاء الحاضرين ، فإن تعادلت الأصوات رجحت الكفة التي ينتمي إليها الرئيس .

أما بالنسبة للمقرَّر الصادر عن اللجنة الجهوية فيجب أن يكون مفصلا ومعللا ، وذلك حتى يتسنى للخاضع للضريبة و للإدارة على حد سواء ، معرفة الأسس التي اعتمدت عليها اللجنة في إصدار مقررها و مختلف البناءات التي ارتكزت عليها و الحيثيات التي ناقشتها والحجج التي استنذت عليها ، كما أن هذا التسبيب و التعليل قد يساعد القضاء الإداري في مراقبة شرعية أعمال اللجنة .

و بحثا عن السرعة وعدم البطء في البت في الملفات ، أوجبت المادة 225 مكرر من المدونة العامة للضرائب على اللجنة الجهوية البت داخل أجل أقصاه إثنا عشر (12) شهرا ابتداء من تاريخ تقديم الطعن أمامها إلى تاريخ صدور المقرر المتخذ في شأنه ، وهو نفس الأجل المحدد للجان المحلية لتقدير الضريبة و للجنة الوطنية للنظر في الطعون المتعلقة بالضريبة ، ويدخل هذا في إطار توحيد الآجال الذي ما فتئ المشرع الضريبي يقوم به عقب كل سنة مالية .

و إذا لم تبت اللجنة الجهوية داخل الأجل المشار إليه ، وجب على الكاتب المقرر أن يشعر الأطراف بذلك عن طريق رسالة إخبارية ، داخل أجل الشهرين (2) المواليين لانصرام أجل الإثني عشر (12) شهرا المذكور، ويحدد أجل أقصاه شهران (2) إثنان لتسليم الطعون و المطالبات و الوثائق المرفقة بها من طرف الإدارة الضريبية إلى اللجنة الوطنية للنظر في الطعون المتعلقة بالضريبة - وذلك ابتداء من تاريخ تبليغ الإدارة المذكورة بالرسالة الإخبارية المشار إليها .

و في حالة عدم توجيه الطعون والمطالبات والوثائق سالفة الذكر داخل الأجل المضروب ، لا يمكن أن تتجاوز أسس فرض الضريبة تلك التي تم الإقرار بها أو قبولها من طرف الخاضع للضريبة .

أما بخصوص المقررات الصادرة عن اللجان الجهوية للنظر في الطعون المتعلقة بالضريبة سواء بالبت في الطعن أو بعدم الإختصاص أو تعلقت بمسائل قانونية أو واقعية ، فيجوز للطرفين معا الإدارة والخاضع للضريبة الطعن فيها قضائيا أمام المحاكم الإدارية ، شأنها شأن المقررات الصادرة عن اللجان المحلية لتقدير الضريبة و المقررات الصادرة اللجنة الوطنية للنظر في الطعون المتعلقة بالضريبة ، وهي لجان طعن لاتراتبية بينها وليست على درجات بل تتقاسم الإختصاص بشكل أفقي على أساس طبيعة و نوع و قيمة وأهمية الطعون ، و لا يمكن رفع الطعن من اللجان الجهوية إلى اللجنة الوطنية إلا في حالة عدم بت تلك اللجان في الطعن المقدم إليها داخل الأجل القانوني المحدد لها .

إلا أنه في بعض الأحيان و أثناء جريان المسطرة أمام اللجنة الجهوية قد يتوقف الطعن بتوصل طرفيه المتنازعين إلى حل حبي بينهما و طي المنازعة نهائيا ، وفي هذه الحالة يمكن للجنة و بموجب مقرر صادر عنها الإشهاد على الصلح بين الطرفين أو الإشهاد على التنازل عن مواصلة الطعن بعد إدلائهما بما يفيد ذلك كتابة .

ومهما يكن المقرَّر الذي أصدرته اللجنة الجهوية ، فإن من واجب الكاتب المقرر للجنة أن يبلغه إلى الطرفين معا بالكيفية وداخل الآجال المشار إليها أعلاه ، حتى يمكنهم الطعن فيه سواء أمام المحاكم الإدارية أو أمام اللجنة الوطنية للنظر في الطعون المتعلقة بالضريبة بحسب الحالات أو حتى أمام الإدارة مصدرة الضريبة في حالة إذا ما أراد الخاضع للضريبة ذلك.

غير أنه لا يمكن تقديم الطعن في آن واحد أمام اللجنة الجهوية وأمام المحاكم الإدارية وفق ما هو منصوص عليه في الفقرة الأخيرة من المادة 225 مكررII - هاء - من المدونة العامة للضرائب ، حيث لابد من تقديم الطعن أولا أمام اللجنة الجهوية المختصة مكانيا وقيميا ثم بعد ذلك يمكن اللجوء إلى القضاء الإداري وفقا للشروط والكيفيات والآجال المبينة في نفس المدونة .

وفي انتظار صدور نص تنظيمي يحدد عدد اللجان الجهوية للنظر في الطعون المتعلقة بالضريبة ومقارها ودائرة اختصاصها كما وعدت بذلك المادة 225 مكرر من المدونة العامة للضرائب ، فإننا نستبشر خيرا بهذا المولود الجديد ونتمنى أن يشكل قيمة مضافة في عمل هيئات الطعن .

الثلاثاء 19 أبريل 2022




عناوين أخرى
< >

تعليق جديد
Twitter