MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers





أي صفة للمحضريين في الاحتجاج بالحكم الإداري؟ بقلم: ذ عبد الكريم امجـــوض

     


بقلم: ذ عبد الكريم امجـــوض
باحث في العلوم القانونية بالرباط



  أي صفة للمحضريين في الاحتجاج بالحكم الإداري؟  بقلم: ذ عبد الكريم امجـــوض
أثار محضر 20 يوليوز المتعلق بالتوظيف المباشر للأطر العليا المعطلة نقاشا قانونيا وسياسيا بل ودستوريا كذلك، وأسال الحكم الصادر عن المحكمة الإدارية بالرباط القاضي في موضوعه بالحكم على الدولة في شخص رئيس الحكومة باتخاذ إجراءات تسوية الوضعية المالية والإدارية للمدعية ( معطلة تنتمي لمجموعة الإنسانية) وذلك بإدماجها في سلك الوظيفة العمومية مع ما يترتب عن ذلك من آثار قانونية، مدادا كثيرا حيث تناوله رجال القانون والسياسة، واعتبره البعض فتحا مبينا، بل كدنا نعتقد أنه حكم قضائي استثنائي نظرا لما أحيط به من هالة تجاوزت القانون ليرتدي جبة السياسة.

وبعيدا من السياسة وقريبا من القانون، وحتى نساهم قدر المستطاع في مناقشة تداعيات هذا الحكم، فإنه لا بد من إبداء الملاحظات التالية:

1/ إن الحكم السالف الذكر، إن أمكن اعتباره ذا طبيعة استثنائية لدى الأطر العليا المعطلة فإنه من الناحية القانونية يسري عليه ما يسري على كافة الأحكام الصادرة عن المحاكم الإدارية ضد الدولة المغربية (وما أكثر هاته الأحكام) من إجراءات، فهو حكم قابل للطعن بالاستئناف والنقض، والدولة كطرف مدعى عليه في النازلة من حق ممثلها أن يستأنف الحكم ويتخذ كافة الوسائل القانونية المتاحة للدفاع عن مصالحها، ولا يحق لأي كان أن يحول بينها وبين ممارسة هذا الحق، كما أنه لا يمكن اعتبار إقدامه على الطعن بالاستئناف في الحكم محاولة من الدولة للتملص من التزاماتها أو تعبيرا عن سوء نيتها، بل ذلك ممارسة لحق من حقوقها وقيام منها بالواجب المفروض عليها، وبالتالي فإن مطالبة الحكومة بعدم الطعن بالاستئناف في الحكم الصادر ضدها غير مستساغ قانونا، إذ كيف يعقل مطالبة من خسر دعوى أن يحجم عن الدفع عن حقوقه؟

2/ الحكم صدر في إطار القضاء الشامل وليس في قضاء الإلغاء، والمدعية رفعت دعواها أصالة عن نفسها ولا تنوب عن بقية المحضريين، وبالتالي فإن الحكم، من الناحية القانونية، صادر لفائدتها وحدها دون غيرها، ولا يمكن لأي كان أن يستفيد من مقتضياته مهما كانت أوضاعه مشابهة تماما لمن صدر الحكم لفائدتها، لأنه من المعلوم قانونا أن الأحكام في إطار القضاء الشامل لا يستفيد منها إلا من كان طرفا فيها، ولو صدر الحكم في إطار قضاء الإلغاء لاستفاد منه كل من كان القرار الملغى حاجزا بينه وبين تسوية وضعيته، وبالتالي فإنه، لو فرضنا جدلا أن الحكم تم تأييده في مختلف المراحل وحاز قوة الشيء المقضي به، وأقدمت الحكومة على تنفيذ مقتضياته فإنه سينفذ لفائدة المدعية لوحدها دون غيرها، وعلى كل من أراد أن يسوي وضعيته أن يحذو حذوها ويرفع دعواه ضد الدولة المغربية. وبالتالي فإن المحضريين المحتجين بالحكم ضد الدولة لا صفة لهم في ذلك، لأنهم ليسوا أطرافا فيه.

3/ يفترض في الأطر العليا الموقعة على المحضر أن تكون أحرص على سلوك الطرق المؤدية لحقها في التشغيل من غيرها، ذلك أن المنطق يقتضي تبيان أساس المطالبة بالتشغيل/ التوظيف المباشر، فإذا كان المحضر المنفذ للمرسوم هو الأساس السليم فإنه يجب التمسك به دون المخاطرة بإخضاعه لميزان القضاء الذي لن يحابي أحدا، ولا يجوز اللعب على الخيارين في آن واحد: المحضر المستمد قوته من العقد الرابط بين الدولة والمجموعات الموقعة، والحكم القضائي الخاضع لإجراءات وقواعد قانونية صارمة بعيدة عن السياسة والعاطفة، والذي يمكن أن تكون نتيجته النهائية غير متوافقة مع تطلعات المحضريين، مما سيجعل المحضر/ الأساس غير ذي جدوى، ويجعل الصرح الذي بنى عليه المحضريون أمل التوظيف المباشر منهارا، وبالتالي سيتم الرجوع، من جديد، إلى الأسطوانة المشروخة المتمثلة في التدخل في القضاء والاحتجاج ضد ذلك مع المطالبة بتفعيل المحضر مع استبعاد نتيجة القضاء.

خلاصة القول: إن الحكم المحتج به لم يحز بعد قوة الشيء المقضي به، كما أنه لا يخص إلا من صدر لصالحه، والمحضريون لا صفة لهم من الناحية القانونية في الاحتجاج به، أما من الناحية الرمزية والسياسية فإنه يشكل دعما لموقفهم، غير أنه لا يلزم الحكومة في شيء تجاههم مما يجعل الاحتجاج به ذا بعد سياسي ورمزي بعيدا عن القانون.



الاحد 2 يونيو 2013

تعليق جديد
Twitter