MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers



آفة تزويج الأطفال..

     



آفة تزويج الأطفال..
ونحن نعيش في القرن الواحد والعشرين، مازلنا نجد بيننا من لا يزال يدافع عن تزويج القاصرين والقاصرات ذوات الستة عشرة سنة، ولم يبلغن بعد سن الثمانية عشرة، ومنهم بعض المثقفين ممن يدافعون بكل قواهم على إبقاء هذا الاستثناء، وأنا متأكد، أنه عندما يتقدم لهم ذكر ممن تتوفر فيه كل الخصال المطلوبة في رجل وزوج معين، أخلاق وإيجابيات متوفرة في الزوج الذي يرضوه ليس فقط بميزان (زوجوه)، بل متوفر فيه الغنى والأخلاق والصغر والأسرة الكريمة الطيبة، وفيه كل المميزات التي يمكن أن تحلم بها أية فتاة وأهلها، وتكون ابنته بنت السادسة عشرة أو حتى الثامنة عشرة، لن يسعى إلى تزويجها منه، بل سيعتذر للطالب بكل لباقة، مذكرا إياه بأن ابنته تتابع دراستها، في الإعدادي أو الثانوي أو حتى الجامعي، معللا رفضه، بكونها يجب أن تُكمل دراستها وتعمل وبعدها يمكن أن تبدأ التفكير في الزواج، وفي الوقت الذي يُحرم على بناته الزواج بعلة صغر سنهن، حتى ولو كُن راغبات فيه، نجده يُنافح ويُدافع صباح مساء عن حق بنات أسر فقيرة في تزويج طفلاتها، ويُسند حقهم في الزواج وهن قاصرات بالأحاديث النبوية، وببعض الجمل المتواترة من مثل بيت البنت أفضل لها، وظل الزوج يسعها، مخالفا القول الكريم، يجب أن تحب لأخيك ما تحبه لنفسك.

ودعونا من كل هذا النفاق المجتمعي، لنقف ونرى كيف أن المتعارف عليه حاليا في قوانين المملكة وطنيا، وحتى في قوانين الدول الأخرى، وفي اتفاقيات الأمم المتحدة، أنها تعتبر من لم يكمل الثامنة عشرة من عمره مجرد طفل، وعرفته بكونه كل شخص يتراوح عمره بين الصفر والثمانية عشرة سنة، وهو ما يعني أن سن الرشد المحدد في قوانين المملكة هو المحدد لمرحلة الانتقال من الطفولة إلى الشباب الذي هو ثمانية عشرة سنة، ولا مكان بأي حال من الأحوال أن نُبقي على معيار سن البلوغ بالنسبة للأنثى والذكر، لاعتباره محددا في قابليتهما للزواج كما كان من قبل، لأن البنت يمكن أن تبلغ وهي بنت الحادية عشرة وفي حالات نادرة تبلغ في سن أقل من ذلك، وهو الأمر نفسه بالنسبة للطفل الذكر، لذلك فالمعيار الذي يجب أن يتم اعتماده في نظري هو ليس فقط سن الرشد القانوني، المحدد في المادة 209 من مدونة الأسرة، التي تعتبر من لم يبلغ سن الرشد القانوني، شخصا ناقص الأهلية، لأنه لا يمكن لمن هو ناقص الأهلية، ويحتاج في مباشرة حقوقه لشخص آخر، راشد وأكبر منه، أن نسمح له بالدخول كطرف في هذا الميثاق الغليظ الذي يحتاج سن رُشد خاص بالزواج، يجب أن تحدده مدونة الأسرة، ويجب أن يكون أكبر من سن الرشد القانوني، لأن مسؤولية الدخول في رباط عقد الزواج ليس بالأمر الهين حتى على كبار السن، فما بالك بطفل ناقص الأهلية أو يبلغ من العمر أقل من ثمانية عشرة سنة.

لذلك في اعتقادي، يجب أن تهم تعديلات مدونة الأسرة المواد 19و20 و21، وذلك بجعل أهلية الزواج بالنسبة للبنت محددة في عشرين سنة، وفي حالات جد خاصة واستثنائية، يمكن للقاضي الإذن للبنت التي تبلغ تسعة عشرة سنة بالزواج، بعد إجراء خبرة نفسية وجسدية عليها ومنع تزويجها في حالة ما إذا كانت مازالت تتابع دراستها، ومنح السيد وكيل الملك والمساعدة الاجتماعية، الحق في استئناف كل إذن بتزويج كل فتاة بين التاسعة عشرة والعشرين من عمرها.

اما بالنسبة للذكر، فيجب التنصيص على سن الثانية والعشرين لكي يكون أهلا للزواج، وفي حالات خاصة كما الأنثى يمكن للقاضي منحه الإذن للزواج بين سنة الواحد والعشرين والثانية والعشرين سنة. ويكون مقرر الإذن قابلا للطعن فيه من طرف وكيل الملك والمساعدة الاجتماعية، واعتبار كل استئناف لمقرر الإذن بزواج القاصر ذكرا أو أنثى موقفا لمنحه.

ويتم التنصيص كذلك في المادة 21 من مدونة الأسرة على أن زواج الذكر أو الأنثى الذي لا يتوفر على أهلية الزواج يحتاج إلى موافقة نائبه الشرعي. وتتم هذه الموافقة بتوقيع الراغب في الزواج ونائبه الشرعي، وحضوره إبرام العقد.

إذا امتنع النائب الشرعي عن الموافقة عن زواج ولده غير الأهل للزواج، بت قاضي الأسرة المكلف بالزواج في الموضوع، بطلب الإذن من الراغب في الزواج.

ولكي تصبح هذه المقتضيات مطبقة بشكل صارم ومطبقة من قبل الجميع، وجعل أقل سن الزواج محترما من قبل الجميع، يجب إقران خرق النص وتزويج من ليس له أهلية الزواج بعقوبة جنائية رادعة، ويجب أن لا تطال فقط من لم تتوفر فيهم أهلية الزواج بل كذلك آبائهم، ومن ساهم من قريب أو بعيد في زيجة ممنوعة قانونا، مثل من شهد على الزواج.

والحكم كذلك بتجريدهم من بعض الحقوق الوطنية. المحددة في الفصل 26 من القانون الجنائي.

فتزويج الطفلات والأطفال لا يجب أن يستمر مع مغرب يتطور بشكل ثابت في كل المناحي، وقد حان الوقت لتكون الدولة حاسمة في إنهاء هذه الرخصة التي تُشبع رغبة أولياء فقط يريدون تزويج فلذات أكبادهم وهم صغار، مقابل دكهم لأحلام أطفالهم في اللعب والدراسة والتمع بحياة الطفولة، بسبب قرارات أولياء، يمكن أن يكون طرفها القاصر معارضا لها في الخفاء، وغير قادر على التعبير عنها علنا، قد تنقلهم بدون رغبتهم، وبسطوة وجبروت الولي من عالم الطفولة إلى عالم الزواج والمسؤولية والفراش.

 




الاربعاء 14 فبراير 2024

تعليق جديد
Twitter