كلمة الباحث لتقديم الرسالة أثناء المناقشة
في البداية:
فلما كان الاعتراف بالجميل فضيلة ونكرانه لؤما فإنه لا يسعني والحالة هذه وبكل صدق وإخلاص، إلا أن أتقدم بجزيل الشكر والامتنان العميق إلى أستاذتي الفاضلة الدكتورة دنيا مباركة رئيسة ماستر قانون العقود والعقار بقبولها الإشراف على بحتي وتأطيري ولما قدمته لي من نصائح سديدة أنارت لي طريق اخراج هذا العمل إلى حيز الوجود.
كما أتقدم بجزيل الشكر الخالص والتقدير لأستاذي الفاضل الدكتور إدريس الفاخوري منسق ماستر العقود والعقار على ما بدله من جهد وتفان عظيمين في سبيل البحث العلمي وتأطير وتكوين طلبته كما أتقدم بالشكر والتقدير للأعضاء الطاقم البيداغوجي لمدرسة العقود والعقار كل واحد بإسمه.
كما أشكر الحضور الكريم إخوان وأخوات الطلبة و السادة المحافظين على الأملاك العقارية والسادة القضاة على حضورهم معنا أثناء مناقشة هذه الرسالة.
" إن كل توزيع يجب أن يقوم على أسس هندسية لابد منها ، أولا : أسس الجمع و اللم، ثم أسس التفرقة والتوزيع،وهذه العمليات تقتضي منا ان نقوم بها بنوع من الحكمة و الأناة و التثبيت...،فلا بد إذن لكل من يملك أرضه أن تكون ملكية غير مشبوه فيها...، وهذا يقتضي اذن قانونا عقاريا متقنا، وعمليات مثل اللم والجمع والتوزيع ، متقنة جدا، حتى لا تقع أية بلبلة في العقار ، ومن تم في أسرة الفلاحين وهي كبيرة جدا".
من خطاب الملك الراحل الحسن الثاني ،
بمناسبة إعلان الثورة الزراعية ، بتاريخ
10 شعبان 1392 ( 19 شتنبر 1972 ).
يعتبر العقار الأرضية الأساسية لانطلاق المشروعات المنتجة، وهو يكتسي أهمية بالغة على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي بحيث يعتبر مقر سكن الإنسان ومورد رزقه في القطاع الفلاحي، بما في ذلك تحقيق الاستقرار والسلم الاجتماعي، وما له من دور فعال في الدورة الاقتصادية وكذلك التنمية الجهوية والوطنية.
ومن حيث هذه الأهمية ولخدمة التنمية خصوصا على المستوى الفلاحي فقد جعل المغرب من أولوياته الإهتمام بالسياسة الفلاحية وإتخاذ منها خيار استراتيجي يهدف إلى إستثمار كل الطاقات الطبيعية والبشرية لسد حاجيات المواطنين والرفع من مستوى التنمية الوطنية، وما كان سيتحقق ذلك على الوجه الصحيح إلا بالاهتمام بالعقار الفلاحي من حيث خلق آليات مهمة لاستصلاح الأراضي الفلاحية وتخصيبها والإنتقال إلى فكرة إعادة هيكلة الاستغلالات الفلاحية بتثبيتها وتجميعها لإخراجها من دائرة التجزئة والتشتت وخلق طرق عصرية لإستغلالها وتحسين بنيتها وكذلك تخصيصها بالرسم العقاري لكل واحدة منها يطهرها من كافة الحقوق السالفة ويجعلها بنية قوية من أجل الإستثمار.
والحل الناجح لهذه الوضعية يكمن في عملية ضم الأراضي الفلاحية بعضها إلى بعض والتي عرفها بعض الفقه المغربي والمقارن بأنها تجميع القطع الفلاحية المتناثرة والمجزأة لكل مالك وإعادة توزيعاه، بحيث يكون لكل مالك قطعة واحدة أو أكثر متجانسة ومتوفرة ومجهزة بالوسائل الآلية والتقنية العصرية من أجل استغلالها بكيفية معقلنة وبأكبر مردودية إضافة إلى إخضاعها إلى مسطرة خاصة لتأسيس رسم عقاري لها بشكل إجباري يهدف بتثبيت الملكية العقارية الفلاحية.
وفي هذا الإطار فقد ظهرت البوادر الأولى لهذه العملية بالمغرب بشكل غير مقنن قبل سنة 1952 حيث يعمد السكان إلى تجميع أراضيهم بشكل بسيط يهدف إلى إستغلال جماعي وموحد, لكن نظرا لعدم وجود تشريع منظم لعمليات الضم في ذلك الوقت ونظرا كذلك لعدم تطبيق التحفيظ الإجباري آنذاك لم تعرف عمليات الضم أي نجاح , وعلى إثر ذلك فقد حاول المغرب من الخمسينيات بالضبط سنة 1952 أن يضع سياسة معينة لضم الأراضي الفلاحية بعضها إلى بعض وإعادة توزيعها بعد صياغة أشكالها في صور يستهدف منها تشكيل إستغلاليات صالحة لتحسين الهياكل العقارية وكذا وسائل الإنتاج.
ولقد إختار المغرب آنذاك كميدان إقليمي لتطبيق هذه السياسة في بعض المناطق المغربية بظهائر خاصة ويتعلق الأمر بالدوائر الفلاحية كالواد الفارغ ودائرة تريفة ودائرة بني عمير بني موسى ودائرة سيدي إسماعيل ودائرة خميس متوح أولاد حمدان ودائرة العونات.
ومع ذلك فالمغرب لم يأخذ رسميا بهذه السياسة إلا في حدود سنة 1962 حيث ارتأى المشرع أن يسن تشريعا موحدا قابلا للتطبيق على مجموع التراب الوطني ويتعلق الأمر بالظهير الشريف رقم 1.62.105 المغير والمتمم بالظهير رقم 1.62.32، ومرسومه التطبيقي رقم 2.62.240 المغير والمتمم بالمرسوم رقم 2.69.38 وبالتالي استبعاد الظهائر الخاصة لتطبيق عمليات الضم في المناطق المحددة مما جعل عملية ضم الأراضي الفلاحية بعضها إلى بعض متاحة في جميع الأراضي المغربية وفي كل منطقة يستلزم إجراءها وفق معايير محددة.
ونظرا لارتباطي بإحدى المناطق المغربية التي عرفت هذه العمليات في دوائر متعددة سواء في فترة الظهائر الخاصة أو بعد صدور تشريع موحد ينظم هذه العملية ارتأيت أن أقوم بدراسة هذه العملية أي ضم الأراضي الفلاحية عمليا وفق مزايا المنطقة المعنية وهي منطقة "دكالة" التي تمتد على مساحة 550.000 هكتار تنقسم على أربع دوائر زراعية الدائرة الساحلية ب 3800 هكتار ودوائر الساحل ب 126.000 هكتار ودوائر هضاب الرحمانة ب 70.000 هكتار ودوائر سهل دكالة ب 350.200 هكتار.
عرفت هذه المنطقة البوادر الأولى لضم الأراضي التي لم تكن بشكل مقنن وقانوني لكن كانت بهدف خلق الإشتراك الجماعي في استغلال الأراضي مخافة إاستغلال, المستعمر لأنها ثاني منطقة في المغرب عرفت إستحواذ على أراضيها الفلاحية من طرف المستعمر نظرا لجودتها وخصوبتها وقدر هذا الاستحواذ بثلث المساحة الزراعية للمغرب آنذاك سنة 1917.
ثم عرفت قبل سنة 1962 بظهائر خاصة تنظيم عمليات ضم الأراضي الفلاحية، وبعد إزالة الصبغة الخاصة لضم الأراضي الفلاحية التي كانت تحدد بظهائر خاصة كما ذكر سابقا أصبحت عمليات الضم متاحة في جميع مناطق التراب الوطني وبالتالي عرفت المنطقة عدة دوائر للضم حققت إلى يومنا هذا بما هو مجموع 190300 هكتار من الأراضي المضمومة والتي شكلت نسبة 34,6 % من المساحة الزراعية في المنطقة .
ومادام أنه من الصعوبة بمكان الإقتصار على الدراسة النظرية العامة للحكم على تنظيم قانوني سواء بالنجاعة أو النجاح في تحقيق الأهداف المتوخاة منه فإنه كان من اللازم أن أحاول إخضاع مسطرة ضم الأراضي الفلاحية بعضها إلى بعض لمعيار التطبيق العملي وفق منطقة دكالة كنموذج لدراسة هذه المسطرة معتمدا في ذلك على معيارين الأول قياس مدى صلابة الإطار التشريعي المنظم بمسطرة ضم الأراضي الفلاحية وذلك تحت رقابة القضاء أما المعيار الثاني فهو الجدوى على مستوى الواقع التطبيقي لهذه المسطرة من خلال لغة الأرقام والإحصائيات التي تبرز عمليات الضم بمنطقة دكالة.
أهمية الموضوع:
تظهر أهمية الموضوع من خلال عدة جوانب مهمة مما يضفي عليه أهمية خاصة.
فمن الناحية الاقتصادية، فمشروع ضم الأراضي الفلاحية هدفه جمع شتات وتجزأ الاستغلاليات الفلاحية وتحسينها بمختلف الوسائل والآلات للرفع من المردودية والإنتاجية, مما يساهم في تنمية الاقتصاد في منطقة دكالة من جهة والاقتصاد الوطني من جهة أخرى.
فمن الناحية الاجتماعية: يبلغ عدد سكان منطقة دكالة حوالي 1.103.032 نسمة وتشكل نسبة 80% من الساكنة القروية للمنطقة وإن تفعيل عمليات الضم بالمنطقة من شأنه أن يحسن ظروف عيش الساكنة خصوصا القروية منها لأنها تشكل نسبة مهمة من الساكنة. إذ أن استفادة الأراضي المضمومة من التجهيز المعقلن ومن الري وإلزامية التحفيظ هو أمر يساعد على الرفع من الإنتاجية مما يؤدي إلى التشبت بالأرض الفلاحية والتخفيف من الهجرة القروية.
فمن الناحية القانونية، فإن كانت عمليات الضم تؤدي إلى تحسين مردودية الأراضي الفلاحية والتي يجري
تحفيظها بشكل إجباري مما يساهم في ضبط البنية العقارية من الناحية المادية والقانونية وبالتالي تطهير العقار الفلاحي.
إشكالية الموضوع: سأحاول في هذا البحث الإجابة عن مجموعة من الإشكالات والتساؤلات من قبيل:
- هل نجح المشرع المغربي في خلق ضوابط تشريعية تكفل تنظيما محكما لمسطرة ضم الأراضي الفلاحية؟
- ما هي الآثار القانونية لعملية ضم الأراضي الفلاحية وما مدى توافقها مع حقوق الغير وبعض النصوص القانونية الغير متعلقة بالضم؟
- هل استطاعت عمليات الضم المدعمة بالتحفيظ الإجباري للأراضي المضمومة إعداد هياكل عقارية مستقرة كفيلة بتحقيق التنمية التي أتى بها مشروع الضم سواء بالنسبة لمنطقة دكالة أو الاقتصاد الوطني ككل؟
هذه التساؤلات والإشكالات يمكن جمعها في إطار إشكالية محورية كالتالي:
ما مدى نجاح المشرع المغربي في خلق تنظيم محكم لمسطرة ضم الأراضي الفلاحية بما يساير الغاية من مشروع ضم الأراضي الفلاحية؟
أخيرا ومحاولة مني للإحاطة بمختلف جوانب الموضوع قسمت البحث إلى فصلين كالآتي:
الفصل الأول: إجراءات إعداد مشروع ضم الأراضي الفلاحية بمنطقة دكالة
الفصل الثاني: التحفيظ العقاري للأراضي الخاضعة للضم بمنطقة دكالة.
وفي الأخير من خلال الدراسة التي قمت بها طيلة هذا البحث انطلاقا من المراحل الأساسية لإعداد مشروع ضم الأراضي الفلاحية بعضها إلى بعض ومختلف الآثار القانونية المترتبة عن تنفيذه والمسطرة المتبعة بشأنه ,إلى إجراءات التحفيظ العقاري الإجباري للأراضي المضمومة وخصوصياته إتضح لي ما مدى أهمية ضم الأراضي الفلاحية في إعداد الهياكل العقارية القروية سواء بالمنطقة موضوع البحث (دكالة) أو على الصعيد الوطني ككل بالإضافة إلى تنمية العقار الفلاحي لجعله قبلة للاستثمار وهو مما لاشك فيه سيؤدي إلى تحسين المردودية الفلاحية والرفع من التنمية بالمنطقة سواء على المستوى الاجتماعي أو الاقتصادي إلا أنه رغم هذه العملية فإنها تعرف بعض الصعوبات التي تؤدي إلى طول مدة إنجاز هذه العمليات مما قد يؤثر عل حقوق الملاك والغير في المنطقة المضمومة , مما يحتم مراجعة قوانين الضم سواء بالنظر إلى المقتضيات المتعلقة بإعداد مشروع الضم أو بالنسبة للجوانب المتعلقة بالمسطرة وآثارها والتي سأوردها ضمن بعض المقترحات على التصور التالي :
- إن الأعمال القانونية التي تبتعد عن الطابع التقني يجب إخضاعها إلى جهة خاصة قد تتمثل في لجنة من المحافظة العقارية لتهيء الملاك بما فيه ضبط الحقوق الواردة على العقارات المضمومة لتفادي المشاكل كما سبق ذكره.
- إحتراما للمبدأ التقاضي يجب أن يكون الاختصاص للمحاكم الإدارية للبت في قرارات لجنة الضم دون تخصيص جهة واحدة وهي محكمة النقض وبشروط معقدة.
.- أثناء مسطرة الضم يمنع على المالك إجراء أي تصرف في أرضه وذلك تحت طائلة البطلان وإذا علمنا أن عمليات الضم تدوم لسنوات فإنه ليس من الحق منع المالك من هذا الحق ,والأنسب في نظري هو النص بمنح الإذن للمالك من أجل إبرام أي تصرف على أرضه بعد موافقة لجنة الضم وهذا القرار يكون في الحالة التي لا يؤثر فيها التصرف على عمليات ضم الأراضي الفلاحية وتحت مراقبة لجنة أخرى.
كذلك فإنه لتفادي التصادم مع القوانين الأخرى المنظمة لمساطر متنوعة يجب تحديث مساطر وإجراءات التحفيظ الإجباري لأراضي المضمومة بما يكفل ملاءمتها مع هده المساطر . وبالإضافة جمع النصوص القانونية المنظمة للتنمية الفلاحية بما فيها التحفيظ الإجباري لأراضي المضمومة وتحديثها بصفة مستمرة ضمن مدونة خاصة تحت عنوان (مدونة العقار الفلاحي.)
في البداية:
فلما كان الاعتراف بالجميل فضيلة ونكرانه لؤما فإنه لا يسعني والحالة هذه وبكل صدق وإخلاص، إلا أن أتقدم بجزيل الشكر والامتنان العميق إلى أستاذتي الفاضلة الدكتورة دنيا مباركة رئيسة ماستر قانون العقود والعقار بقبولها الإشراف على بحتي وتأطيري ولما قدمته لي من نصائح سديدة أنارت لي طريق اخراج هذا العمل إلى حيز الوجود.
كما أتقدم بجزيل الشكر الخالص والتقدير لأستاذي الفاضل الدكتور إدريس الفاخوري منسق ماستر العقود والعقار على ما بدله من جهد وتفان عظيمين في سبيل البحث العلمي وتأطير وتكوين طلبته كما أتقدم بالشكر والتقدير للأعضاء الطاقم البيداغوجي لمدرسة العقود والعقار كل واحد بإسمه.
كما أشكر الحضور الكريم إخوان وأخوات الطلبة و السادة المحافظين على الأملاك العقارية والسادة القضاة على حضورهم معنا أثناء مناقشة هذه الرسالة.
" إن كل توزيع يجب أن يقوم على أسس هندسية لابد منها ، أولا : أسس الجمع و اللم، ثم أسس التفرقة والتوزيع،وهذه العمليات تقتضي منا ان نقوم بها بنوع من الحكمة و الأناة و التثبيت...،فلا بد إذن لكل من يملك أرضه أن تكون ملكية غير مشبوه فيها...، وهذا يقتضي اذن قانونا عقاريا متقنا، وعمليات مثل اللم والجمع والتوزيع ، متقنة جدا، حتى لا تقع أية بلبلة في العقار ، ومن تم في أسرة الفلاحين وهي كبيرة جدا".
من خطاب الملك الراحل الحسن الثاني ،
بمناسبة إعلان الثورة الزراعية ، بتاريخ
10 شعبان 1392 ( 19 شتنبر 1972 ).
يعتبر العقار الأرضية الأساسية لانطلاق المشروعات المنتجة، وهو يكتسي أهمية بالغة على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي بحيث يعتبر مقر سكن الإنسان ومورد رزقه في القطاع الفلاحي، بما في ذلك تحقيق الاستقرار والسلم الاجتماعي، وما له من دور فعال في الدورة الاقتصادية وكذلك التنمية الجهوية والوطنية.
ومن حيث هذه الأهمية ولخدمة التنمية خصوصا على المستوى الفلاحي فقد جعل المغرب من أولوياته الإهتمام بالسياسة الفلاحية وإتخاذ منها خيار استراتيجي يهدف إلى إستثمار كل الطاقات الطبيعية والبشرية لسد حاجيات المواطنين والرفع من مستوى التنمية الوطنية، وما كان سيتحقق ذلك على الوجه الصحيح إلا بالاهتمام بالعقار الفلاحي من حيث خلق آليات مهمة لاستصلاح الأراضي الفلاحية وتخصيبها والإنتقال إلى فكرة إعادة هيكلة الاستغلالات الفلاحية بتثبيتها وتجميعها لإخراجها من دائرة التجزئة والتشتت وخلق طرق عصرية لإستغلالها وتحسين بنيتها وكذلك تخصيصها بالرسم العقاري لكل واحدة منها يطهرها من كافة الحقوق السالفة ويجعلها بنية قوية من أجل الإستثمار.
والحل الناجح لهذه الوضعية يكمن في عملية ضم الأراضي الفلاحية بعضها إلى بعض والتي عرفها بعض الفقه المغربي والمقارن بأنها تجميع القطع الفلاحية المتناثرة والمجزأة لكل مالك وإعادة توزيعاه، بحيث يكون لكل مالك قطعة واحدة أو أكثر متجانسة ومتوفرة ومجهزة بالوسائل الآلية والتقنية العصرية من أجل استغلالها بكيفية معقلنة وبأكبر مردودية إضافة إلى إخضاعها إلى مسطرة خاصة لتأسيس رسم عقاري لها بشكل إجباري يهدف بتثبيت الملكية العقارية الفلاحية.
وفي هذا الإطار فقد ظهرت البوادر الأولى لهذه العملية بالمغرب بشكل غير مقنن قبل سنة 1952 حيث يعمد السكان إلى تجميع أراضيهم بشكل بسيط يهدف إلى إستغلال جماعي وموحد, لكن نظرا لعدم وجود تشريع منظم لعمليات الضم في ذلك الوقت ونظرا كذلك لعدم تطبيق التحفيظ الإجباري آنذاك لم تعرف عمليات الضم أي نجاح , وعلى إثر ذلك فقد حاول المغرب من الخمسينيات بالضبط سنة 1952 أن يضع سياسة معينة لضم الأراضي الفلاحية بعضها إلى بعض وإعادة توزيعها بعد صياغة أشكالها في صور يستهدف منها تشكيل إستغلاليات صالحة لتحسين الهياكل العقارية وكذا وسائل الإنتاج.
ولقد إختار المغرب آنذاك كميدان إقليمي لتطبيق هذه السياسة في بعض المناطق المغربية بظهائر خاصة ويتعلق الأمر بالدوائر الفلاحية كالواد الفارغ ودائرة تريفة ودائرة بني عمير بني موسى ودائرة سيدي إسماعيل ودائرة خميس متوح أولاد حمدان ودائرة العونات.
ومع ذلك فالمغرب لم يأخذ رسميا بهذه السياسة إلا في حدود سنة 1962 حيث ارتأى المشرع أن يسن تشريعا موحدا قابلا للتطبيق على مجموع التراب الوطني ويتعلق الأمر بالظهير الشريف رقم 1.62.105 المغير والمتمم بالظهير رقم 1.62.32، ومرسومه التطبيقي رقم 2.62.240 المغير والمتمم بالمرسوم رقم 2.69.38 وبالتالي استبعاد الظهائر الخاصة لتطبيق عمليات الضم في المناطق المحددة مما جعل عملية ضم الأراضي الفلاحية بعضها إلى بعض متاحة في جميع الأراضي المغربية وفي كل منطقة يستلزم إجراءها وفق معايير محددة.
ونظرا لارتباطي بإحدى المناطق المغربية التي عرفت هذه العمليات في دوائر متعددة سواء في فترة الظهائر الخاصة أو بعد صدور تشريع موحد ينظم هذه العملية ارتأيت أن أقوم بدراسة هذه العملية أي ضم الأراضي الفلاحية عمليا وفق مزايا المنطقة المعنية وهي منطقة "دكالة" التي تمتد على مساحة 550.000 هكتار تنقسم على أربع دوائر زراعية الدائرة الساحلية ب 3800 هكتار ودوائر الساحل ب 126.000 هكتار ودوائر هضاب الرحمانة ب 70.000 هكتار ودوائر سهل دكالة ب 350.200 هكتار.
عرفت هذه المنطقة البوادر الأولى لضم الأراضي التي لم تكن بشكل مقنن وقانوني لكن كانت بهدف خلق الإشتراك الجماعي في استغلال الأراضي مخافة إاستغلال, المستعمر لأنها ثاني منطقة في المغرب عرفت إستحواذ على أراضيها الفلاحية من طرف المستعمر نظرا لجودتها وخصوبتها وقدر هذا الاستحواذ بثلث المساحة الزراعية للمغرب آنذاك سنة 1917.
ثم عرفت قبل سنة 1962 بظهائر خاصة تنظيم عمليات ضم الأراضي الفلاحية، وبعد إزالة الصبغة الخاصة لضم الأراضي الفلاحية التي كانت تحدد بظهائر خاصة كما ذكر سابقا أصبحت عمليات الضم متاحة في جميع مناطق التراب الوطني وبالتالي عرفت المنطقة عدة دوائر للضم حققت إلى يومنا هذا بما هو مجموع 190300 هكتار من الأراضي المضمومة والتي شكلت نسبة 34,6 % من المساحة الزراعية في المنطقة .
ومادام أنه من الصعوبة بمكان الإقتصار على الدراسة النظرية العامة للحكم على تنظيم قانوني سواء بالنجاعة أو النجاح في تحقيق الأهداف المتوخاة منه فإنه كان من اللازم أن أحاول إخضاع مسطرة ضم الأراضي الفلاحية بعضها إلى بعض لمعيار التطبيق العملي وفق منطقة دكالة كنموذج لدراسة هذه المسطرة معتمدا في ذلك على معيارين الأول قياس مدى صلابة الإطار التشريعي المنظم بمسطرة ضم الأراضي الفلاحية وذلك تحت رقابة القضاء أما المعيار الثاني فهو الجدوى على مستوى الواقع التطبيقي لهذه المسطرة من خلال لغة الأرقام والإحصائيات التي تبرز عمليات الضم بمنطقة دكالة.
أهمية الموضوع:
تظهر أهمية الموضوع من خلال عدة جوانب مهمة مما يضفي عليه أهمية خاصة.
فمن الناحية الاقتصادية، فمشروع ضم الأراضي الفلاحية هدفه جمع شتات وتجزأ الاستغلاليات الفلاحية وتحسينها بمختلف الوسائل والآلات للرفع من المردودية والإنتاجية, مما يساهم في تنمية الاقتصاد في منطقة دكالة من جهة والاقتصاد الوطني من جهة أخرى.
فمن الناحية الاجتماعية: يبلغ عدد سكان منطقة دكالة حوالي 1.103.032 نسمة وتشكل نسبة 80% من الساكنة القروية للمنطقة وإن تفعيل عمليات الضم بالمنطقة من شأنه أن يحسن ظروف عيش الساكنة خصوصا القروية منها لأنها تشكل نسبة مهمة من الساكنة. إذ أن استفادة الأراضي المضمومة من التجهيز المعقلن ومن الري وإلزامية التحفيظ هو أمر يساعد على الرفع من الإنتاجية مما يؤدي إلى التشبت بالأرض الفلاحية والتخفيف من الهجرة القروية.
فمن الناحية القانونية، فإن كانت عمليات الضم تؤدي إلى تحسين مردودية الأراضي الفلاحية والتي يجري
تحفيظها بشكل إجباري مما يساهم في ضبط البنية العقارية من الناحية المادية والقانونية وبالتالي تطهير العقار الفلاحي.
إشكالية الموضوع: سأحاول في هذا البحث الإجابة عن مجموعة من الإشكالات والتساؤلات من قبيل:
- هل نجح المشرع المغربي في خلق ضوابط تشريعية تكفل تنظيما محكما لمسطرة ضم الأراضي الفلاحية؟
- ما هي الآثار القانونية لعملية ضم الأراضي الفلاحية وما مدى توافقها مع حقوق الغير وبعض النصوص القانونية الغير متعلقة بالضم؟
- هل استطاعت عمليات الضم المدعمة بالتحفيظ الإجباري للأراضي المضمومة إعداد هياكل عقارية مستقرة كفيلة بتحقيق التنمية التي أتى بها مشروع الضم سواء بالنسبة لمنطقة دكالة أو الاقتصاد الوطني ككل؟
هذه التساؤلات والإشكالات يمكن جمعها في إطار إشكالية محورية كالتالي:
ما مدى نجاح المشرع المغربي في خلق تنظيم محكم لمسطرة ضم الأراضي الفلاحية بما يساير الغاية من مشروع ضم الأراضي الفلاحية؟
أخيرا ومحاولة مني للإحاطة بمختلف جوانب الموضوع قسمت البحث إلى فصلين كالآتي:
الفصل الأول: إجراءات إعداد مشروع ضم الأراضي الفلاحية بمنطقة دكالة
الفصل الثاني: التحفيظ العقاري للأراضي الخاضعة للضم بمنطقة دكالة.
وفي الأخير من خلال الدراسة التي قمت بها طيلة هذا البحث انطلاقا من المراحل الأساسية لإعداد مشروع ضم الأراضي الفلاحية بعضها إلى بعض ومختلف الآثار القانونية المترتبة عن تنفيذه والمسطرة المتبعة بشأنه ,إلى إجراءات التحفيظ العقاري الإجباري للأراضي المضمومة وخصوصياته إتضح لي ما مدى أهمية ضم الأراضي الفلاحية في إعداد الهياكل العقارية القروية سواء بالمنطقة موضوع البحث (دكالة) أو على الصعيد الوطني ككل بالإضافة إلى تنمية العقار الفلاحي لجعله قبلة للاستثمار وهو مما لاشك فيه سيؤدي إلى تحسين المردودية الفلاحية والرفع من التنمية بالمنطقة سواء على المستوى الاجتماعي أو الاقتصادي إلا أنه رغم هذه العملية فإنها تعرف بعض الصعوبات التي تؤدي إلى طول مدة إنجاز هذه العمليات مما قد يؤثر عل حقوق الملاك والغير في المنطقة المضمومة , مما يحتم مراجعة قوانين الضم سواء بالنظر إلى المقتضيات المتعلقة بإعداد مشروع الضم أو بالنسبة للجوانب المتعلقة بالمسطرة وآثارها والتي سأوردها ضمن بعض المقترحات على التصور التالي :
- إن الأعمال القانونية التي تبتعد عن الطابع التقني يجب إخضاعها إلى جهة خاصة قد تتمثل في لجنة من المحافظة العقارية لتهيء الملاك بما فيه ضبط الحقوق الواردة على العقارات المضمومة لتفادي المشاكل كما سبق ذكره.
- إحتراما للمبدأ التقاضي يجب أن يكون الاختصاص للمحاكم الإدارية للبت في قرارات لجنة الضم دون تخصيص جهة واحدة وهي محكمة النقض وبشروط معقدة.
.- أثناء مسطرة الضم يمنع على المالك إجراء أي تصرف في أرضه وذلك تحت طائلة البطلان وإذا علمنا أن عمليات الضم تدوم لسنوات فإنه ليس من الحق منع المالك من هذا الحق ,والأنسب في نظري هو النص بمنح الإذن للمالك من أجل إبرام أي تصرف على أرضه بعد موافقة لجنة الضم وهذا القرار يكون في الحالة التي لا يؤثر فيها التصرف على عمليات ضم الأراضي الفلاحية وتحت مراقبة لجنة أخرى.
كذلك فإنه لتفادي التصادم مع القوانين الأخرى المنظمة لمساطر متنوعة يجب تحديث مساطر وإجراءات التحفيظ الإجباري لأراضي المضمومة بما يكفل ملاءمتها مع هده المساطر . وبالإضافة جمع النصوص القانونية المنظمة للتنمية الفلاحية بما فيها التحفيظ الإجباري لأراضي المضمومة وتحديثها بصفة مستمرة ضمن مدونة خاصة تحت عنوان (مدونة العقار الفلاحي.)