يعتبر الحق في الدفاع من المكونات الرئيسية و الأساسية التي توجبها القوانين و الأنظمة الدولية و الوطنية مرورا بالدساتير التي تكرس هذا الحق ضمانا لمبدأ قرينة البراءة و تكريسا للمحاكمة العادلة و حماية الحرية الفردية التي على رأسها حق الفرد في الحرية و الأمان على شخصه و عدم جواز اعتقاله "تعسفا إلا لأسباب ينص عليها القانون و طبقا للإجراء المقرر فيه" ،و ذلك كما ورد في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان و العهد الدولي الخاص بالحقوق السياسية و المدنية في مادته التاسعة.
بتاريخ 3 مايو 1979 صادقت الدولة المغربية على العهد الدولي الخاص بالحقوق السياسية و المدنية المذكور كما صادق المجلس الوزاري بتاريخ 12 نونبر 2012 على البروتوكول الاختياري الأول الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية بشأن تقديم شكاوي من قبل الأفراد (16 دجنبر 1966) في حال خرق حقهم في الأمان على شخصهم و احترام حقوقهم المترتبة عن ذلك خصوصا في حال اعتقالهم للاشتباه فيهم في ارتكاب فعل ما ،و لا زال البروتوكول المذكور في طور إجراءات تفعيل المصادقة لدى الأمم المتحدة.
كما إن دستور المملكة المغربية كرس هذا الحق في بابه الثاني و المتعلق بالحريات و الحقوق الأساسية ،خصوصا الفصل 23 منه و الذي ينص أنه "يجب إخبار كل شخص تم اعتقاله على الفور و بكيفية يفهمها، بدواعي اعتقاله و بحقوقه و من بينها حقه في التزام الصمت و يحق له الاستفادة في أقرب وقت ممكن من مساعدة قانونية...".
و حيث إنه على اعتبار أن قانون المسطرة الجنائية هو المرجع الذي تستند عليه النيابة العامة من أجل إعطاء تعليماتها للشرطة القضائية في إطار الصلاحيات التي يخولها إليها القانون لتحقيق الدعوى العمومية و إنجاز الأبحاث القضائية لحفظ النظام العام، فإنه عندما تقوم هذه الأخيرة بالأمر بإلقاء القبض على مشتبه فيه و وضعه رهن الحراسة النظرية لارتكابه أحد الأفعال المنصوص عنها ضمن مجموعة القانون الجنائي، فإن الضابطة القضائية ملزمة باحترام مجموعة من المقتضيات و التي من بينها حق المشتبه فيه من المساعدة القانونية و التي تستوجب حضور دفاعه من أجل حماية حقوقه الأساسية.
و على اعتبار أن احترام هذه الحقوق يعد مؤشرا على مدى سيادة القانون و احترام مبدأ قرينة البراءة و توفير محاكمة عادلة في ظل سياسة الدولة للنهوض بمستواها الحقوقي و السياسي و الاجتماعي من بين دول العالم فلابد من استقراء النصوص القانونية التي تؤطر حقوق الفرد أثناء وضعه رهن الحراسة النظرية و حقه في الدفاع على ضوء الممارسات الواقعية.
فما هو موقف المشرع المغربي من حضور دفاع الشخص الموضوع رهن الحراسة النظرية؟ و ما هي الضمانات التي وضعها لأجل احترام اتصال الشخص الموضوع رهن الحراسة النظرية بدفاعه و سرية المقابلة بينهما بمصالح الشرطة القضائية؟ و هل يمكن اعتبار الوضع الراهن حقق تقدما في إطار المعاهدات الدولية التي صادق عليها المغرب و تفعيل المقتضيات الدستورية من خلال تعديل قانون المسطرة الجنائية؟
وضع المشرع حق الاتصال بالمحامي من خلال الفصول 62 و 80 من قانون المسطرة الجنائية حيث تنص المادة 62 أنه "يحق للشخص الذي ألقي القبض عليه أو وضع تحت الحراسة النظرية الاستفادة من مساعدة قانونية....و يتم الاتصال بالمحامي قبل انتهاء نصف المدة الأصلية للحراسة النظرية" حيث "يتم الاتصال بمحام بترخيص من النيابة العامة لمدة لا تتجاوز 30 دقيقة تحت مراقبة ضابط الشرطة القضائية في ظروف تكفل سرية المقابلة".
باستقراء هذه المادة لا بد من الإشادة بوجود هذه الإمكانية التي تخول للمشتبه فيه ضمانا لحقوقه الاساسية و قرينة براءته، على افتراض انعدام أي خروقات بإشعاره بحقه في حضور دفاعه و توفير الظروف اللازمة للاتصال به أو بأقربائه لأجل تعيين محام قبل قيامه بأي تصريح موازاة مع حقه في التزام الصمت.
ذلك أنه في نظرنا فإن طلب حضور الدفاع و الحق في التزام الصمت لا يعدان إلا أن يكونا عنصرا واحدا. فالحق في التزام الصمت و الحصول على المساعدة القانونية جاءتا مقترنتان حتى يبين المشرع أنها حقوق متكاملة و تخول لصاحبها الحق في عدم الإدلاء بأي تصريح إلا بحضور دفاعه. لكن واقع الأمر و الممارسة القضائية تبين عكس ذلك، لكون الشرطة القضائية تشعره بحقه في الاتصال بمحاميه و تبدأ باستنطاق المعني بالأمر، و هو ما يعد تفريغا للنص من روحه التي وضعها المشرع عندما أقرن الحق في التزام الصمت بالمساعدة القانونية التي يخولها قانون المسطرة الجنائية.
كما أنه من بين الإشكاليات التي يطرحها النص المذكور حول اتصال المحامي بمؤازره أثناء الحراسة النظرية، هي وضع الاتصال المذكور تحت إشراف النيابة العامة و بإذن منها دون تحديد صلاحيات هذه الأخيرة في قبول الطلب من عدمه و الجزاءات المترتبة عن ذلك، و أن هذا الفراغ القانوني قد يجعل من هذا الحق مجرد حبر على ورق في حال صدور قرار بالرفض و هل يدخل ضمن القرارات التي يمكن الطعن فيها أمام غرفة المشورة باعتبارها قرارا يدخل ضمن سلطة الملائمة التي تمارسها النيابة العامة.
و أخيرا لابد من التطرق إلى الظروف التي تتم فيها المقابلة بين المحامي و طالب الاتصال أثناء وضعه في الحراسة النظرية، حيث تقتضي المادة 62 أنه يتم الاتصال بإذن من السيد وكيل الملك لمدة لا تتجاوز 30 دقيقة تحت مراقبة الشرطة القضائية في ظروف تكفل سرية المقابلة.
و في هذا الإطار فإن المشرع لم يحدد ما إذا كانت المدة الزمنية المحددة تقبل التجزيء في حال تعدد الدفاع من جهة، أو أن المدة المذكورة في حال استنفاذها يفقد الشخص حقه في الاتصال بمحام خصوصا في حال تنازل هذا الأخير عن نيابته. كما أنه من جهة أخرى، فإن حضور ضابط الشرطة القضائية أثناء المقابلة جاءت غامضة حيث لم يوضح النص شروط إجراء المقابلة و قد يخول ذلك إمكانية حضور الضابط المذكور للمخابرة بين المحامي و مؤازره في خرق سافر لمبدأ السر المهني بين المحامي و موكله التي يخولها القانون المنظم لمهنة المحاماة رقم 28.08 ، خصوصا أن السرية التي يتحدث عنها الفصل 62 جاءت غير واضحة فهل هي سرية البحث بشكل عام أم سرية المقابلة.
و الراجح في نظرنا أن الفرضية الأخيرة هي الأقرب إلى الصواب لتطابق هذه الأخيرة مع حق الدفاع و قرينة البراءة و المحاكمة العادلة و كذلك مع روح قانون المسطرة الجنائية و القانون المنظم لمهنة المحاماة في شقيه المتعلقين بمهام الدفاع و بواجب السر المهني، لتصبح المراقبة المذكورة يقصد بها مراقبة عن بعد تمكن فقط من ضمان أي تصرف قد يمس بالسلامة الجسدية للأشخاص أو أي تسريبات يمكن معاينتها و التي من شأنها خرق سرية البحث (نذكر أن الدفاع شريك في تحقيق العدالة و في مواجهة خصم شريف فهو بالتالي يتوفر على نفس هذه الصفة و يفترض فيه حسن النية أولا).
فبالتالي حضور ضابط لمراقبة المقابلة ليس حضورا يسمح له بسماع ما يجري بها و حرمان صاحب الحق من التعبير بحرية أمام دفاعه و تمتيعه بسرية التخابر ضمانا لحقه في المساعدة القانونية التي يكفلها القانون.
و هنا قد نتساءل عن ضرورة الشروع في التسريع من تفعيل كافة المعطيات القانونية الضامنة للحقوق و الحريات الفردية في إطار المساطر القضائية و خصوصا أثناء إلقاء القبض و الوضع رهن تدابير الحراسة النظرية و كذا ضمان عدم إخضاع هذه الحقوق لشروط تحول دون تحقيقها و تحديد وسائل الطعن في حالات رفض تمتيع صاحب الحق، و ندق ناقوس إلزامية حضور الدفاع فور إلقاء القبض بقوة القانون مع جعلها من النظام العام و أهمية تكريس هذا الحق بشكل أدق ضمن مقتضيات قانون المسطرة الجنائية و القانون المنظم لمهنة المحاماة، في احترام تام للدستور و المعاهدات الدولية المصادق عنها سيرا نحو تعريف حقيقي لدولة الحق و القانون و التي من مؤشراتها المحاكمة العادلة.
بتاريخ 3 مايو 1979 صادقت الدولة المغربية على العهد الدولي الخاص بالحقوق السياسية و المدنية المذكور كما صادق المجلس الوزاري بتاريخ 12 نونبر 2012 على البروتوكول الاختياري الأول الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية بشأن تقديم شكاوي من قبل الأفراد (16 دجنبر 1966) في حال خرق حقهم في الأمان على شخصهم و احترام حقوقهم المترتبة عن ذلك خصوصا في حال اعتقالهم للاشتباه فيهم في ارتكاب فعل ما ،و لا زال البروتوكول المذكور في طور إجراءات تفعيل المصادقة لدى الأمم المتحدة.
كما إن دستور المملكة المغربية كرس هذا الحق في بابه الثاني و المتعلق بالحريات و الحقوق الأساسية ،خصوصا الفصل 23 منه و الذي ينص أنه "يجب إخبار كل شخص تم اعتقاله على الفور و بكيفية يفهمها، بدواعي اعتقاله و بحقوقه و من بينها حقه في التزام الصمت و يحق له الاستفادة في أقرب وقت ممكن من مساعدة قانونية...".
و حيث إنه على اعتبار أن قانون المسطرة الجنائية هو المرجع الذي تستند عليه النيابة العامة من أجل إعطاء تعليماتها للشرطة القضائية في إطار الصلاحيات التي يخولها إليها القانون لتحقيق الدعوى العمومية و إنجاز الأبحاث القضائية لحفظ النظام العام، فإنه عندما تقوم هذه الأخيرة بالأمر بإلقاء القبض على مشتبه فيه و وضعه رهن الحراسة النظرية لارتكابه أحد الأفعال المنصوص عنها ضمن مجموعة القانون الجنائي، فإن الضابطة القضائية ملزمة باحترام مجموعة من المقتضيات و التي من بينها حق المشتبه فيه من المساعدة القانونية و التي تستوجب حضور دفاعه من أجل حماية حقوقه الأساسية.
و على اعتبار أن احترام هذه الحقوق يعد مؤشرا على مدى سيادة القانون و احترام مبدأ قرينة البراءة و توفير محاكمة عادلة في ظل سياسة الدولة للنهوض بمستواها الحقوقي و السياسي و الاجتماعي من بين دول العالم فلابد من استقراء النصوص القانونية التي تؤطر حقوق الفرد أثناء وضعه رهن الحراسة النظرية و حقه في الدفاع على ضوء الممارسات الواقعية.
فما هو موقف المشرع المغربي من حضور دفاع الشخص الموضوع رهن الحراسة النظرية؟ و ما هي الضمانات التي وضعها لأجل احترام اتصال الشخص الموضوع رهن الحراسة النظرية بدفاعه و سرية المقابلة بينهما بمصالح الشرطة القضائية؟ و هل يمكن اعتبار الوضع الراهن حقق تقدما في إطار المعاهدات الدولية التي صادق عليها المغرب و تفعيل المقتضيات الدستورية من خلال تعديل قانون المسطرة الجنائية؟
وضع المشرع حق الاتصال بالمحامي من خلال الفصول 62 و 80 من قانون المسطرة الجنائية حيث تنص المادة 62 أنه "يحق للشخص الذي ألقي القبض عليه أو وضع تحت الحراسة النظرية الاستفادة من مساعدة قانونية....و يتم الاتصال بالمحامي قبل انتهاء نصف المدة الأصلية للحراسة النظرية" حيث "يتم الاتصال بمحام بترخيص من النيابة العامة لمدة لا تتجاوز 30 دقيقة تحت مراقبة ضابط الشرطة القضائية في ظروف تكفل سرية المقابلة".
باستقراء هذه المادة لا بد من الإشادة بوجود هذه الإمكانية التي تخول للمشتبه فيه ضمانا لحقوقه الاساسية و قرينة براءته، على افتراض انعدام أي خروقات بإشعاره بحقه في حضور دفاعه و توفير الظروف اللازمة للاتصال به أو بأقربائه لأجل تعيين محام قبل قيامه بأي تصريح موازاة مع حقه في التزام الصمت.
ذلك أنه في نظرنا فإن طلب حضور الدفاع و الحق في التزام الصمت لا يعدان إلا أن يكونا عنصرا واحدا. فالحق في التزام الصمت و الحصول على المساعدة القانونية جاءتا مقترنتان حتى يبين المشرع أنها حقوق متكاملة و تخول لصاحبها الحق في عدم الإدلاء بأي تصريح إلا بحضور دفاعه. لكن واقع الأمر و الممارسة القضائية تبين عكس ذلك، لكون الشرطة القضائية تشعره بحقه في الاتصال بمحاميه و تبدأ باستنطاق المعني بالأمر، و هو ما يعد تفريغا للنص من روحه التي وضعها المشرع عندما أقرن الحق في التزام الصمت بالمساعدة القانونية التي يخولها قانون المسطرة الجنائية.
كما أنه من بين الإشكاليات التي يطرحها النص المذكور حول اتصال المحامي بمؤازره أثناء الحراسة النظرية، هي وضع الاتصال المذكور تحت إشراف النيابة العامة و بإذن منها دون تحديد صلاحيات هذه الأخيرة في قبول الطلب من عدمه و الجزاءات المترتبة عن ذلك، و أن هذا الفراغ القانوني قد يجعل من هذا الحق مجرد حبر على ورق في حال صدور قرار بالرفض و هل يدخل ضمن القرارات التي يمكن الطعن فيها أمام غرفة المشورة باعتبارها قرارا يدخل ضمن سلطة الملائمة التي تمارسها النيابة العامة.
و أخيرا لابد من التطرق إلى الظروف التي تتم فيها المقابلة بين المحامي و طالب الاتصال أثناء وضعه في الحراسة النظرية، حيث تقتضي المادة 62 أنه يتم الاتصال بإذن من السيد وكيل الملك لمدة لا تتجاوز 30 دقيقة تحت مراقبة الشرطة القضائية في ظروف تكفل سرية المقابلة.
و في هذا الإطار فإن المشرع لم يحدد ما إذا كانت المدة الزمنية المحددة تقبل التجزيء في حال تعدد الدفاع من جهة، أو أن المدة المذكورة في حال استنفاذها يفقد الشخص حقه في الاتصال بمحام خصوصا في حال تنازل هذا الأخير عن نيابته. كما أنه من جهة أخرى، فإن حضور ضابط الشرطة القضائية أثناء المقابلة جاءت غامضة حيث لم يوضح النص شروط إجراء المقابلة و قد يخول ذلك إمكانية حضور الضابط المذكور للمخابرة بين المحامي و مؤازره في خرق سافر لمبدأ السر المهني بين المحامي و موكله التي يخولها القانون المنظم لمهنة المحاماة رقم 28.08 ، خصوصا أن السرية التي يتحدث عنها الفصل 62 جاءت غير واضحة فهل هي سرية البحث بشكل عام أم سرية المقابلة.
و الراجح في نظرنا أن الفرضية الأخيرة هي الأقرب إلى الصواب لتطابق هذه الأخيرة مع حق الدفاع و قرينة البراءة و المحاكمة العادلة و كذلك مع روح قانون المسطرة الجنائية و القانون المنظم لمهنة المحاماة في شقيه المتعلقين بمهام الدفاع و بواجب السر المهني، لتصبح المراقبة المذكورة يقصد بها مراقبة عن بعد تمكن فقط من ضمان أي تصرف قد يمس بالسلامة الجسدية للأشخاص أو أي تسريبات يمكن معاينتها و التي من شأنها خرق سرية البحث (نذكر أن الدفاع شريك في تحقيق العدالة و في مواجهة خصم شريف فهو بالتالي يتوفر على نفس هذه الصفة و يفترض فيه حسن النية أولا).
فبالتالي حضور ضابط لمراقبة المقابلة ليس حضورا يسمح له بسماع ما يجري بها و حرمان صاحب الحق من التعبير بحرية أمام دفاعه و تمتيعه بسرية التخابر ضمانا لحقه في المساعدة القانونية التي يكفلها القانون.
و هنا قد نتساءل عن ضرورة الشروع في التسريع من تفعيل كافة المعطيات القانونية الضامنة للحقوق و الحريات الفردية في إطار المساطر القضائية و خصوصا أثناء إلقاء القبض و الوضع رهن تدابير الحراسة النظرية و كذا ضمان عدم إخضاع هذه الحقوق لشروط تحول دون تحقيقها و تحديد وسائل الطعن في حالات رفض تمتيع صاحب الحق، و ندق ناقوس إلزامية حضور الدفاع فور إلقاء القبض بقوة القانون مع جعلها من النظام العام و أهمية تكريس هذا الحق بشكل أدق ضمن مقتضيات قانون المسطرة الجنائية و القانون المنظم لمهنة المحاماة، في احترام تام للدستور و المعاهدات الدولية المصادق عنها سيرا نحو تعريف حقيقي لدولة الحق و القانون و التي من مؤشراتها المحاكمة العادلة.