طرحت وزارة العدل في الأيام القليلة الماضية مسودة مشروع قانون يرمي إلى استعمال الوسائط الالكترونية في مجال الإجراءات القضائية سواء في المادة المدنية أو في المادة الزجرية، وقد حملت هذه المسودة العديد من المقتضيات القانونية الجديدة والتي تروم إلى تعزيز وسائل التكنولوجيا الحديثة في مجال التقاضي أمام المحاكم في إطار سعي الوزارة إلى تنزيل مشروع المحكمة الرقمية كأحد أهداف وتوصيات اللجنة العليا لإصلاح منظومة العدالة.
ويأتي هذا المشروع كذلك في إطار السياق العام الذي تعرفه بلادنا حاليا مع انتشار جائحة كورونا وما نتج عنها من توقف في العديد من الأنشطة الاقتصادية والإدارية وأصبح معه العمل داخل المرافق العمومية بما فيها المحاكم محفوفا بخطر الإصابة بهذا الفيروس، لذلك كان من اللازم التفكير في وسائل وآليات بديلة تساعد على العمل في ظل هاته الظروف وتجعل المرفق القضائي مستمرا في أداء خدماتها الأساسية لعموم المرتفقين باعتبار طبيعة هذا الجهاز المتصل بحقوق وحريات الأفراد.
وهذا التصور هو ما جعل الوزارة الوصية بمعية المؤسسات القضائية الجديدة إلى الإسراع باعتماد تقنية التقاضي عن بعد كأهم أحد الإجراءات الناتجة عن هذه الجائحة المرتبطة بفيروس كورونا، والتي شرع العمل بها بمختلف محاكم المملكة في الأسبوعين المنصرمين مع ما رافق اعتماد هذه الوسيلة من ملاحظات وإشكالات قانونية مرتبطة أساسا بمدى استجابتها لضمانات المحاكمة العادلة و في انعدام أساسها القانوني .
ولعل هذه الملاحظات هي ما دفع بالمشرع إلى التفكير في خلق إطار قانوني يسمح بالتقاضي بالوسائط الالكترونية عبر مسودة المشروع التي أعدتها وزارة العدل في هذا الصدد.
وباستقرائنا لما جاءت به مقتضيات هذه المسودة يتضح لنا أنها تثير بدورها العديد من الملاحظات والاشكالاليات القانونية، كتب بشأنها العديد من المقالات والتدوينات الالكترونية من طرف القضاة والمحامون ومختلف الباحثين في المجال القانوني كما رفعت بشأنها مذكرات إلى وزارة العدل قد تصحيح وتدارك ما اعترى هذه المسودة من نواقص وتجويدها ما أمكن بملاحظات إضافية اعتبار لأهمية هذا القانون المرتبط بحقوق الأفراد في مجال التقاضي بالمحاكم.
غير أن ما أثار الانتباه و شكل دافعا لإعداد هذه الورقة العلمية أنه بالرغم من الكم الهائل للملاحظات سواء على مستوى الشكل أو على مستوى المضمون فإنها لم تتطرق إلى مسألة تبدو لنا في غاية من الأهمية، وتتعلق هذه المسألة في مدى إمكانية استعمال الهاتف النقال في مجال تبليغ الإجراءات القضائية على ضوء مقتضيات مسودة مشروع القانون المذكور.
وهكذا فبالعودة إلى هذه المسودة في الباب الأول مكرر المعنون بالتبليغ الالكتروني يلاحظ أن مقتضياتها ركزت بشكل أساسي وكلي على تبليغ الإجراءات القضائية باستعمال العنوان الالكتروني الرسمي أو الحساب الالكتروني المهني لمساعدي القضاء أو للإدارات العمومية والذي يتم تضمينه بالمنصة الالكترونية المحدثة لهذا الغاية -مع ملاحظة هنا عدم تفريق المشرع بين المقصود بالعنوان وكذا الحساب الالكتروني- دون أن تتم الإشارة أو التنصيص على إمكانية الاعتماد كذلك في التبليغ الالكتروني على الرسائل النصية القصيرة الموجهة عبر الهاتف النقال بالرغم من كون هذه الوسيلة يملكها تقريبا جل المواطنين المغاربة في عصرنا الحالي وتشكل الأداة رقم واحد في التواصل فيما بينهم وما بين محيطهم العملي كما تشكل أيضا إحدى أهم الوسائل الحديثة للتبليغ التي تعتمد عليها أغلب المؤسسات والمقاولات الخاصة لإشعار زبنائها بمختلف العمليات التي باشروها عند استفادتهم من خدمة معينة أو لإشعارهم وإبلاغهم بعروض جديدة أو أي نوع كيفما كان من الخدمات التي تقدما لعموم المواطنين.
وعلى الرغم من أن مشروع المسودة نص في فصله 6-41 على أنه يمكن للمحكمة أن تأمر بالقيام بإجراءات التبليغ بواسطة الوسائط الالكترونية تلقائيا أوبناء على طلب أحد أطراف الدعوى، فإن المشرع لم يحدد في هذا النص الوسيلة التي يمكن استعمالها في هذا الغرض أماما تعدد الوسائط الالكترونية وتنوعها بالإضافة إلا انه جعل ذلك مسألة اختيارية متروكة لتقدير المحكمة ولرغبة الأطراف مع ما يمكن أن ينتج عن ذلك من صعوبة في تطبيق هذا النص مرتبطة من جهة عند ما يحصل اختلاف بين الأطراف في اعتمادها من عدمه ومن جهة ثانية عندما تقرر المحكمة من تلقاء نفسها اعتماد تقنية تبليغ الكترونية معينة ويعترض عليها أحد الأطراف أوكليهما، حيث لم يبين المشرع كيف يمكن الفصل في مثل هذه الاختلافات التي قد تنشا عن ذلك.
وبسب ما أبانت عنه تقنية الرسائل النصية القصيرة وما أثبتته من نجاح باهر في عملية التواصل مع الأشخاص فقد وجدت هذه الوسيلة طريقها لدخول عمل بعض الإدارات والمؤسسات العمومية، اذ سبق ولازال لوزارة الداخلية أن اعتمدتها في العديد من المحطات الانتخابية سواء لتسجيل المواطنين أو التأكد من تسجيليهم في اللوائح الانتخابية كما تم اعتماد هذه التقنية من طرف اللجنة الوطنية الخاصة بتدبير جائحة كورونا في إطار عملية دعم الأسر بسبب هذه الجائحة وأتثبت أيضا فعالية ناجعة من خلال التواصل مع المواطنين في الحواضر والقرى فقط باعتماد الرسائل النصية القصيرة المتضمنة للقن السري لاستخلاص مبالغ الدعم العمومي .
وتبليغ الإجراءات القضائية عبر الهاتف يعتبر من بين التقنيات الثماني عشر التي نص عليها التقرير الصادر عن مركز تطوير النظام القانوني الأمريكي التابع لجامعة دنفر الأمريكية سنة 2018 كأفضل خدمة يمكن استعمالها من قبل المحاكم لتقديم أحسن الخدمات للمتقاضين والمتعاملين معها بوجه عام، وقد عرفت استعمالا واسعا في العديد من الدول الأوروبية، بحيث يتوصل الشخص برسالة نصية قصيرة تتضمن اسم المدعي والمدعى عليه وموضوع الدعوى وتاريخ الجلسة مع رابط الكتروني إلى الموقع المخصص لتقديم الخدمة، كما أخذ بهذا النظام بعض دول الخليج العربي مثل الكويت والإمارات العربية المتحدة و السعودية من خلال الأمر الملكي لسنة 2018 والقاضي باعتماد هذه التقنية في إطار نظام التقاضي الالكتروني مع اعتبارها حجة قائمة في الإثبات، وكذلك الشأن بالنسبة للأردن من خلال قانون أصول المحاكمات المدنية ونظام استعمال الوسائل الالكترونية في الإجراءات القضائية المدنية رقم 95 لسنة 2018 مع اعتبار هذا الإجراء إلزاميا حسب المواد من 05 إلى 12 من نفس القانون بحيث لا يتم قبول تسجيل أي شكوى أو دعوى من المشتكي أو المدعي أو المحكوم له إلا بعد قيامه أو قيام وكلائهم من المحامين بتتبيث أرقام هواتفهم وعناوينهم وبريدهم الالكتروني على عريضة الدعوى، وعلى نفس النهج سار المشرع الجزائري من خلال المقترحات التي قدمتها وزارة العدل في الجزائر لاعتمادها في قانون الإجراءات بهذا البلد.
في حين لا يفهم موقف المشرع المغربي من عدم تنصيصه بالتبليغ بواسطة الرسائل النصية القصيرة الموجهة عبر الهاتف من خلال مسودة مشروع القانون المتعلق باستعمال الوسائط الالكترونية في الإجراءات القضائية بالرغم من نجاعتها وفعاليتها في هذا الإطار.
وتبعا لذلك فإننا نرى ضرورة أن يتدارك المشرع هذا الأمر بالتنصيص على هذا المقتضى في مشروع القانون المذكور، بشكل يسمح للأطراف وكذا المحكمة باعتماد هذه التقنية في مجال التبليغ مع جعلها حجة في الإثبات وترتيب الجزاء عن عدم تضمين أطراف الدعوى للأرقام هواتفهم في مقالات الدعوى لاعتمادها في عملية التبليغ .
ويأتي هذا المشروع كذلك في إطار السياق العام الذي تعرفه بلادنا حاليا مع انتشار جائحة كورونا وما نتج عنها من توقف في العديد من الأنشطة الاقتصادية والإدارية وأصبح معه العمل داخل المرافق العمومية بما فيها المحاكم محفوفا بخطر الإصابة بهذا الفيروس، لذلك كان من اللازم التفكير في وسائل وآليات بديلة تساعد على العمل في ظل هاته الظروف وتجعل المرفق القضائي مستمرا في أداء خدماتها الأساسية لعموم المرتفقين باعتبار طبيعة هذا الجهاز المتصل بحقوق وحريات الأفراد.
وهذا التصور هو ما جعل الوزارة الوصية بمعية المؤسسات القضائية الجديدة إلى الإسراع باعتماد تقنية التقاضي عن بعد كأهم أحد الإجراءات الناتجة عن هذه الجائحة المرتبطة بفيروس كورونا، والتي شرع العمل بها بمختلف محاكم المملكة في الأسبوعين المنصرمين مع ما رافق اعتماد هذه الوسيلة من ملاحظات وإشكالات قانونية مرتبطة أساسا بمدى استجابتها لضمانات المحاكمة العادلة و في انعدام أساسها القانوني .
ولعل هذه الملاحظات هي ما دفع بالمشرع إلى التفكير في خلق إطار قانوني يسمح بالتقاضي بالوسائط الالكترونية عبر مسودة المشروع التي أعدتها وزارة العدل في هذا الصدد.
وباستقرائنا لما جاءت به مقتضيات هذه المسودة يتضح لنا أنها تثير بدورها العديد من الملاحظات والاشكالاليات القانونية، كتب بشأنها العديد من المقالات والتدوينات الالكترونية من طرف القضاة والمحامون ومختلف الباحثين في المجال القانوني كما رفعت بشأنها مذكرات إلى وزارة العدل قد تصحيح وتدارك ما اعترى هذه المسودة من نواقص وتجويدها ما أمكن بملاحظات إضافية اعتبار لأهمية هذا القانون المرتبط بحقوق الأفراد في مجال التقاضي بالمحاكم.
غير أن ما أثار الانتباه و شكل دافعا لإعداد هذه الورقة العلمية أنه بالرغم من الكم الهائل للملاحظات سواء على مستوى الشكل أو على مستوى المضمون فإنها لم تتطرق إلى مسألة تبدو لنا في غاية من الأهمية، وتتعلق هذه المسألة في مدى إمكانية استعمال الهاتف النقال في مجال تبليغ الإجراءات القضائية على ضوء مقتضيات مسودة مشروع القانون المذكور.
وهكذا فبالعودة إلى هذه المسودة في الباب الأول مكرر المعنون بالتبليغ الالكتروني يلاحظ أن مقتضياتها ركزت بشكل أساسي وكلي على تبليغ الإجراءات القضائية باستعمال العنوان الالكتروني الرسمي أو الحساب الالكتروني المهني لمساعدي القضاء أو للإدارات العمومية والذي يتم تضمينه بالمنصة الالكترونية المحدثة لهذا الغاية -مع ملاحظة هنا عدم تفريق المشرع بين المقصود بالعنوان وكذا الحساب الالكتروني- دون أن تتم الإشارة أو التنصيص على إمكانية الاعتماد كذلك في التبليغ الالكتروني على الرسائل النصية القصيرة الموجهة عبر الهاتف النقال بالرغم من كون هذه الوسيلة يملكها تقريبا جل المواطنين المغاربة في عصرنا الحالي وتشكل الأداة رقم واحد في التواصل فيما بينهم وما بين محيطهم العملي كما تشكل أيضا إحدى أهم الوسائل الحديثة للتبليغ التي تعتمد عليها أغلب المؤسسات والمقاولات الخاصة لإشعار زبنائها بمختلف العمليات التي باشروها عند استفادتهم من خدمة معينة أو لإشعارهم وإبلاغهم بعروض جديدة أو أي نوع كيفما كان من الخدمات التي تقدما لعموم المواطنين.
وعلى الرغم من أن مشروع المسودة نص في فصله 6-41 على أنه يمكن للمحكمة أن تأمر بالقيام بإجراءات التبليغ بواسطة الوسائط الالكترونية تلقائيا أوبناء على طلب أحد أطراف الدعوى، فإن المشرع لم يحدد في هذا النص الوسيلة التي يمكن استعمالها في هذا الغرض أماما تعدد الوسائط الالكترونية وتنوعها بالإضافة إلا انه جعل ذلك مسألة اختيارية متروكة لتقدير المحكمة ولرغبة الأطراف مع ما يمكن أن ينتج عن ذلك من صعوبة في تطبيق هذا النص مرتبطة من جهة عند ما يحصل اختلاف بين الأطراف في اعتمادها من عدمه ومن جهة ثانية عندما تقرر المحكمة من تلقاء نفسها اعتماد تقنية تبليغ الكترونية معينة ويعترض عليها أحد الأطراف أوكليهما، حيث لم يبين المشرع كيف يمكن الفصل في مثل هذه الاختلافات التي قد تنشا عن ذلك.
وبسب ما أبانت عنه تقنية الرسائل النصية القصيرة وما أثبتته من نجاح باهر في عملية التواصل مع الأشخاص فقد وجدت هذه الوسيلة طريقها لدخول عمل بعض الإدارات والمؤسسات العمومية، اذ سبق ولازال لوزارة الداخلية أن اعتمدتها في العديد من المحطات الانتخابية سواء لتسجيل المواطنين أو التأكد من تسجيليهم في اللوائح الانتخابية كما تم اعتماد هذه التقنية من طرف اللجنة الوطنية الخاصة بتدبير جائحة كورونا في إطار عملية دعم الأسر بسبب هذه الجائحة وأتثبت أيضا فعالية ناجعة من خلال التواصل مع المواطنين في الحواضر والقرى فقط باعتماد الرسائل النصية القصيرة المتضمنة للقن السري لاستخلاص مبالغ الدعم العمومي .
وتبليغ الإجراءات القضائية عبر الهاتف يعتبر من بين التقنيات الثماني عشر التي نص عليها التقرير الصادر عن مركز تطوير النظام القانوني الأمريكي التابع لجامعة دنفر الأمريكية سنة 2018 كأفضل خدمة يمكن استعمالها من قبل المحاكم لتقديم أحسن الخدمات للمتقاضين والمتعاملين معها بوجه عام، وقد عرفت استعمالا واسعا في العديد من الدول الأوروبية، بحيث يتوصل الشخص برسالة نصية قصيرة تتضمن اسم المدعي والمدعى عليه وموضوع الدعوى وتاريخ الجلسة مع رابط الكتروني إلى الموقع المخصص لتقديم الخدمة، كما أخذ بهذا النظام بعض دول الخليج العربي مثل الكويت والإمارات العربية المتحدة و السعودية من خلال الأمر الملكي لسنة 2018 والقاضي باعتماد هذه التقنية في إطار نظام التقاضي الالكتروني مع اعتبارها حجة قائمة في الإثبات، وكذلك الشأن بالنسبة للأردن من خلال قانون أصول المحاكمات المدنية ونظام استعمال الوسائل الالكترونية في الإجراءات القضائية المدنية رقم 95 لسنة 2018 مع اعتبار هذا الإجراء إلزاميا حسب المواد من 05 إلى 12 من نفس القانون بحيث لا يتم قبول تسجيل أي شكوى أو دعوى من المشتكي أو المدعي أو المحكوم له إلا بعد قيامه أو قيام وكلائهم من المحامين بتتبيث أرقام هواتفهم وعناوينهم وبريدهم الالكتروني على عريضة الدعوى، وعلى نفس النهج سار المشرع الجزائري من خلال المقترحات التي قدمتها وزارة العدل في الجزائر لاعتمادها في قانون الإجراءات بهذا البلد.
في حين لا يفهم موقف المشرع المغربي من عدم تنصيصه بالتبليغ بواسطة الرسائل النصية القصيرة الموجهة عبر الهاتف من خلال مسودة مشروع القانون المتعلق باستعمال الوسائط الالكترونية في الإجراءات القضائية بالرغم من نجاعتها وفعاليتها في هذا الإطار.
وتبعا لذلك فإننا نرى ضرورة أن يتدارك المشرع هذا الأمر بالتنصيص على هذا المقتضى في مشروع القانون المذكور، بشكل يسمح للأطراف وكذا المحكمة باعتماد هذه التقنية في مجال التبليغ مع جعلها حجة في الإثبات وترتيب الجزاء عن عدم تضمين أطراف الدعوى للأرقام هواتفهم في مقالات الدعوى لاعتمادها في عملية التبليغ .