MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية



وضعية مكري المحل التجاري بين حقه في استرجاع محله وإمكانية مساءلته عن إخلاله بالمادة 112 من مدونة التجارة

     

ذ، الزتـوني الحسيـن
باحث في العلوم القانونية
مفتش إقليمي بوزارة الاقتصاد والمالية



وضعية مكري المحل التجاري بين حقه في استرجاع محله وإمكانية مساءلته عن إخلاله بالمادة 112 من مدونة التجارة
يعتبر عقد الكراء من العقود المسماة الكثيرة التداول، حيث وضع له المشرع المغربي أحكاما عامة في قانون الالتزامات والعقود تطبق على كافة عقود الأكرية كيفما كانت كما وضع له بالموازاة مع ذلك بعض النصوص الخاصة تنظم هذا العقد أو ذاك، علما أن سكوت النص الخاص عن تنظيم مسألة معينة يفرض الرجوع إلى النص العام.

وقد عرف المشرع عقد الكراء في الفصل 627 من قانون الالتزامات والعقود بأنه عقد بمقتضاه يمنح أحد طرفيه للآخر منفعة منقول أو عقار خلال مدة معينة في مقابل أجرة محددة يلتزم الطرف الآخر وهو المكتري بدفعها له، وبذلك قد يكون محل عقد الكراء منفعة منقول أو عقار.

ومن بين الأكرية التي وضع لها المشرع المغربي تنظيما خاصا نذكر أكرية المحلات المعدة لاستغلال تجاري أو صناعي أو حرفي وذلك بمقتضى ظهير 24 ماي 1955.

و تحتل الأكرية التجارية أهمية اقتصادية واجتماعية بارزة كما تشكل نصيب الأسد من النزاعات المعروضة على القضاء المغربي، أهمية تجد تفسيرها في كون أغلب التجار والحرفيين يمارسون أنشطتهم التجارية والحرفية في محلات يشغلونها على وجه الكراء.

وتطرح الأكرية التجارية ولا زالت العديد من الإشكالات تعمل الكتابات الفقهية والاجتهادات القضائية على رصدها بين الفينة والأخرى ومعالجتها عن طريق مقالات فقهية يتم نشرها في المجلات العلمية والقانونية المتخصصة.

من هذا المنطلق ارتأينا أن نساهم في إغناء النقاش حول هذا الموضوع من خلال بحث إحدى الإشكالات التي يطرحها وتتعلق أساسا بوضعية مكري المحل التجاري بين حقه في استرجاع محله وإمكانية إثارة مسؤوليته المدنية عند ممارسته لهذا الحق، حيث سوف نعمل على مقاربة الموضوع في نقطتين تتعلقان بالمسطرة التي يتعين على المكري التقيد بها عند رغبته في استرجاع محله وآثارها تجاه المكتري( الفقرة الأولى) ثم ما مدى إمكانية مساءلة المكري عند ممارسته لهذا الحق وحدود هذه المسؤولية( الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: مسطرة استرجاع المكري لمحله وآثارها تجاه المكتري

أولا: مسطرة استرجاع المحل التجاري

خول المشرع لمالك العقار الذي سبق أن أبرم بشأنه عقد كراء حق استرجاع محله، غير أن ممارسته لهذا الحق ليست مطلقة بل مقيدة بضرورة مراعاة عدة إجراءات شكلية.

وعلى غرار باقي الأكرية الأخرى، لم تخرج الأكرية التجارية المنظمة بموجب ظهير24 ماي 1955 عن هذا المسار شريطة توفر شروط تطبيق هذا الأخير، حيث يمكن تلخيص هذه الشروط فيما يلي:

ـ أن ينصب عقد الكراء على عقار، والمقصود بالعقار هو كل ما يتصل بالأرض اتصال ثبات وقرار بيحث لا يمكن نقله من مكانه بدون ضرر ويندرج ضمن هذا المفهوم الأراضي وما عليها من أبنية ومنشآت علما أن هذه الأخيرة يجب أن يتوفر فيها عنصر الثبات والاستقرار، وهو ما أكدته محكمة الاستئناف بالدار البيضاء في قرارها عدد 2812 الصادر بتاريخ 31/5/2007 في الملف عدد 4233/05 ـ 2057/06 الذي جاء فيه : " إن المنشآت التي لا يتوفر فيها الثبات والاستقرار مثل المنشآت القابلة للتفكيك أو القابلـة للنقل لا يحكمها ظهير 24/5/1955، لأن الحماية التي يكفلها الظهير لمكترين يتطلب وجود منشآت من مواد صلبة قارة ومتينة. فالحماية لا تمتد إلى الأكشاك أو البنايات التي يسهل فكها أو نقلها".

كما يجب ألا يندرج العقار ضمن العقارات المستبعدة من مجال تطبيق ظهير 1955 بمقتضى الفصلين 4 و40 من هذا الأخير، ويتعلق الأمر بالأملاك التابعة للأحباس الخالية من حقوق المنفعة أو التي تملك فيها حقوقا مشاعة بنسبة ثلاثة أرباع العقار، والأملاك التابعة لملك الدولة الخاص أو الجماعات أو المؤسسات العمومية إذا كانت مخصصة لمصلحة عمومية أو وجد شرط يحضر استعمالها لأعمال تجارية أو صناعية أو حرفية، وفي هذا الصدد ورد في قرار محكمة الاستئناف التجارية بمراكش عدد 1215 صادر بتاريخ 19/12/2006 في الملف عدد 342/2006 ما يلي: " لكن حيث إن الثابت مما سبق بيانه أعلاه أن الحكم المطعون فيه علل ما قضى به من أن الأصل التجاري المراد بيعه غير موجود قانونا لأن الأصول التجارية لا تؤسس على أملاك حبسية حسب مقتضيات الفصل 4 من ظهير 24/05/1955 وأن هذا التعليل قانوني وسليم".

ـ أن يخصص هذا العقار لممارسة أعمال تجارية أو صناعية أو حرفية، والمرجع في تحديد هذه الأعمال هو المواد من 6 إلى 10 من القانون رقم 95-15 المتعلق بمدونة التجارة.

ـ أن تمر المدة التي اشترطها الظهير وهي سنتين إذا كان العقد مكتوبا وأربع سنوات إذا كان شفويا الشيء الذي يترتب عنه اكتساب المكتري الملكية التجارية أو الحق في الكراء.

وفي حالة عدم توفر أحد هذه الشروط فإنه يتعذر معه تطبيق الظهير المذكور، ويصبح القانون الواجب التطبيق إذاك هو ظهير 25 دجنبر 1980 المنظم لكراء المحلات المعدة للاستعمال السكني والمهني، وهو ما يمكن أن يفهم من قرار المجلس الأعلى الذي اعتبر أن "استبعاد تطبيق مقتضيات ظهير 25/12/1980 على نازلة نظمها الفصل 41 من ظهير 24 ماي 1955 اعتمادا على القواعد المنصوص عليها في قانون الالتزامات والعقود بعلة عدم مرور سنتين على عقود الكراء لاكتساب الحق التجاري يعتبر بمثابة نقصان التعليل الموازي لانعدامه" (قرار عدد 4155 الصادر بتاريخ17/6/1988 في الملف المدني عدد 1475/97).

ورغبة المكري في وضع حد لعقد الكراء واسترجاع محله قد تكون مؤسسة إما على انقضاء العقد نتيجة انتهاء مدته أو انتهاء العمل أو الغرض الذي أبرم من أجله، وإما على فسخ العقد بسبب إخلال المكتري بالتزاماته التعاقدية كما سوف نرى لاحقا.

ويقتضي وضع حد لعقد الكراء التجاري أن يوجه المكري إنذارا إلى المكتري ـ أو ورثته ـ يشعره فيه بأنه عازم على عدم تجديد العقد أو على فسخه، وهذا الإنذار هو إجراء إلزامي لا غنى عنه، ذلك أن المجلس الأعلى سبق أن نقض قرار محكمة الاستئناف بالدار البيضاء عندما أيدت حكم محكمة الدرجة الأولى القاضي بالإفراغ دون احترام المكري لهذا الإجراء حيث بنى قراره على الحيثية التالية: " حيث إن المطلوبة قدمت دعواها الرامية لإفراغ الطالب من المحل المعد للتجارة الذي يكتريه منها لتماطله في أداء الكراء في نطاق القواعد العامة واستنادا لمقتضيات الفصل 692 من قانون الالتزامات والعقود وأن المحكمة مصدرة القرار المطعون فيه أيدت الحكم الابتدائي فيما قضى به من إفراغ في إطار القواعد العامة ودون سلوك المكري لمسطرة ظهير 24/5/55 مع أن الفصل السادس من الظهير المذكور أوجب لإنهاء العقد توجيه المكري للمكتري إعلاما بالإفراغ في نطاقه قبل انقضاء العقد بستة أشهر على الأقل، مما يكون معه القرار ناقص التعليل الموازي لانعدامه فيما قضى به من تأييد الحكم الابتدائي بخصوص الإفراغ وعرضه للنقض جزئيا بخصوص ذلك"( قرار صادر بتاريخ 31/1/2001 منشور بمجلة الواحة القانونية عدد2 ).

ويجب أن يتضمن هذا الإنذار جملة من البيانات الشكلية وهي كالتالي:

1 ـ أن يكون مكتوبا وهذا شرط بديهي طالما أن المشرع أوجب أن يتضمن بيانات إلزامية لا غنى عنها.

2 ــــ أن يكون معللا من خلال الإشارة إلى الأسباب الداعية إلى عدم التجديد أو الفسخ.
3 ـــــ أن ينقل فيه نص الفصل 27 من ظهير 1955 وهذا البيان من الأهمية بما كان حيث يبين للمكتري ما يجب عليه أن يتخذه من إجراءات للحفاظ على حقوقه.

4 ـــــ أن يوجه خلال المدة الذي حددها الظهير والتي تختلف بحسب ما إذا تعلق الأمر بعدم تجديد العقد أو بفسخه لسبب غير عدم أداء الوجيبة الكرائية فتكون المدة هي ستة أشهر قبل نهاية العقد( الفصل 6) أو بفسخه بسبب عدم أداء الوجيبة الكرائية حيث يمنح للمكتري أجل 15 عشر يوما( الفصل 26).

وباعتبار الإنذار تصرفا قانونيا صادرا عن إرادة واحدة، وجب أن يكون موقعا عليه من قبل المكري أو نائبه حتى يتم الوقوف على مدى جديته وينتج آثاره القانونية ولذلك جاء في قرار محكمة الاستئناف بمراكش عدد 1491 بتاريخ 25/12/2008: "حيث إنه خلافا لما ذهب إليه الحكم المستأنف، فإن الإنذار بالإفراغ باعتباره تصرفا قانونيا وتعبيرا عن إرادة المكري بوضع حد لعقد الكراء يجب لكي ينتج آثاره القانونية بين الطرفين أن يكون موقعا ممن صدر عنه، وأن يكون التوقيع بخط اليد ووفق الشكليات المنصوص عليها فـي الفصل 426 ق ل ع وأنه لا شيء يغني عن هذا التوقيع خلافا لما جاء بتعليل الحكم الابتدائي وأنه ترتيبا على ذلك فإن الإنذار الخالي من التوقيع لا يعتد به ويعتبر كأن لم يكن وأن غياب التوقيع يؤدي إلى نتيجة حتمية هي بطلان الإنذار... الأمر الذي وجب معه القول بمجانبة الحكم الابتدائي للصواب في شقه هذا والمتعين إلغاؤه والحكم تصديا ببطلان الإنذار المذكور".

كما يتعين أن يبلغ الإنذار إلى المكتري أو إلى ورثته في حالة وفاته تحت طائلة اعتباره بدون أثر وهو ما أكده المجلس الأعلى في قراره عدد 630 الصادر بتاريخ7/5/2008 في الملف التجاري عدد 1139/3/2/2007 الذي جاء فيه:" إن الإنذار كتصرف قانوني يجب توجيه ضد ذي أهلية ليترتب عنه الآثار القانونية وأن توجيه الإنذار بإفراغ أصل تجاري لشخص متوفى لا يترتب عنه أي أثر ولو مارس ورثته دعوى الصلح ودعوى المنازعة موضوع الفصلين 6 و32 من ظهير 24/5/1955".

وتطرح مسألة التبليغ عدة نزاعات، إذ غالبا ما يتمسك المكتري بعد دفوع يرمي من خلالها المنازعة في التبليغ كإنكاره التوقيع على شهادة التسليم،أو توصله بالظرف البريدي فارغا، أو أن الذي توصل بالإنذار لا يندرج ضمن الأشخاص الذي حددهم الفصل 38 من قانون المسطرة المدنية ولا تربطه به أية علاقة تجعل من توصله بالإنذار توصلا قانونيا ينتج آثاره في مواجهته... إلى غير ذلك من الدفوع التي من شأنها أن تؤثر في قضاء المحكمة المعروض عليها النزاع، مما يفرض عليها الجواب عليها تحت طائلة اعتبار حكمها ناقص التعليل الموازي لانعدامه، وعلى كل حال فالمكري هو الملزم بإثبات أن المكتري قد توصل بالإنذار.

أما بالنسبة للتبليغ إلى الورثة فمن بين الدفوع التي قد تثار بشأنه عدم تضمين الإنذار أسماء كافة الورثة أو عدم توصل جميعهم، لذلك ففي معرض جوابه على هذه الدفوع استقر القضاء على أن المكري غير ملزم بتضمين الإنذار أسماء جميع الورثة إذا يكفي أن يوجه الإنذار في اسم ورثة المكتري كما أن توصل أحدهم ينتج آثاره في مواجهة الكافة وهو ما يتضح من قرار المجلس الأعلى الذي نص على: " أن توجيه الإنذار بالإفراغ من المكري إلى ورثة المكتري عند جهل هويتهم ينتج آثاره بالنسبة إليهم جميعا. ويعتبر الإنذار مبلغا تبليغا قانونيا إذا تسلمه واحد منهم وفق أحكام الفصلين 38 و39 من قانون المسطرة المدنية"( قرار عدد 1650 الصادر بتاريخ 17/11/1999 في الملف التجاري عدد 5018/97).

وفي حالة ما إذا كان المكري يرتبط بعدة عقود مع المكتري وجب عليه أن يبين بدقة في الإنذار العقد الذي يرغب في إنهائه حتى يكون هذا الأخير على بينة من العقد المعني بالإنذار تحت طائلة اعتباره بدون أثر (أحمد عاصم، الحماية القانونية للكراء التجاري، ص 67).

ويترتب عن عدم مراعاة الإنذار لهذه الإجراءات والبيانات البطلان إلا فيما يتعلق بعدم تعليل الإنذار بالمرة أو أن التعليل المعتمد من طرف المكري غير جدي أو غير صحيح، حيث لا يكون لهذا البيان من تأثير سوى على مسألة منح المكتري تعويضا كليا أو جزئيا أو عدم تعويضه بالمرة كما سوف نرى لاحقا.

ومما تجدر الإشارة إليه في هذا السياق هو أن حق المكري في استرجاع محله قد يصطدم ببعض المقتضيات القانونية الخاصة التي تمنع عليه مباشرة الإجراءات السالفة الذكر كما هو الشأن بالنسبة للمقتضيات المتعلقة بصعوبات المقاولة ولا سيما المادة 653 من مدونة التجارة التي نصت على أنه " يوقف حكم فتح المسطرة ويمنع كل دعوى قضائية يقيمها الدائنون أصحاب ديون نشأت قبل الحكم المذكور ترمي إلى الحكم على المدين بأداء مبلغ من المال، فسخ عقد لعدم أداء مبلغ من المال...".

وهكذا فإذا فتحت في مواجهة المكتري مسطرة المعالجة فإنه يمنع على المكري توجيه إنذار بالإفراغ إلى المكتري تمهيدا لرفع دعوى فسخ عقد الكراء بسبب عدم أداء الوجيبة الكرائية المستحقة قبل صدور الحكم المذكور تحت طائلة عدم القبول وحتى في حالة ما إذا رفعها قبل صدور الحكم المذكور فإن هذا الأخير يوقفها، وبالتالي فلا يبقى أمام المكري سوى الصريح بدينه إلى السنديك عملا بالمادة 686 من مدونة التجارة داخل أجل شهرين ابتداء من تاريخ نشر حكم فتح المسطرة في الجريدة الرسمية كما نصت على ذلك المادة 687 من نفس المدونة.

غير أن هذا المنع لا ينطبق على حالة عدم أداء المبالغ الكرائية المستحقة بعد صدور الحكم بفتح مسطرة المعالجة.

ثانيا: آثار توجيه الإنذار إلى المكتري

يترتب على توصل المكتري بالإنذار بإنهاء عقد الكراء نتيجة رفض تجديد العقد أو فسخه بعض الآثار، تتمثل بالأساس في ضرورة رفع دعوى الصلح ثم دعوى الفصل 32 من ظهير 1955 بالإضافة إلى التزامه بالاستمرار في أداء الوجيبة الكرائية.

1 ـ دعوى الصلح

أوجب المشرع في الفصل 27 من ظهير 1955 على المكتري الذي توصل بإنذار من المكري بعدم تجديد العقد أو بفسخه وأراد المنازعة في الأسباب التي يدعيها المكري والحفاظ على حقوقه، أن يرفع دعوى الصلح أمام رئيس المحكمة الابتدائية للمكان الذي يوجد بدائرة نفوذه الملك داخل أجل 30 يوما ابتداء من تاريخ توصله بالإنذار.

وعدم مبادرة المكتري إلى رفع هذه الدعوى ضمن الأجل المحدد لها تترتب عنه عدة نتائج خطيرة تجاه هذا الأخير، لعل أهمها سقوط حقه في المطالبة بتجديد العقد أو المطالبة بالتعويض الذي يضمنه له القانون بالإضافة إلى اعتباره في حكم المحتل بدون سند ولا قانون، الشيء الذي يفتح الباب أمام المكري قصد اللجوء إلى قاضي المستعجلات لإفراغه وهذا ما استقر عليه القضاء المغربي وعلى رأسه المجلس الأعلى في عدة قرارات منها قراره قراره عدد 630 بتاريخ 18/1/1984 الذي ورد فيه أنه " بناء على الفصل 27 من ظهير 24 ماي 1955 والفصلين 149 و152 من قانون المسطرة المدنية فإن المكتري الذي لم يلتجئ إلى المطالبة بتجديد العقد داخل الأجل يسقط حقه في التجديد ويحق لقاضي المستعجلات أن يأمر بإفراغه...".

و أجل الثلاثين يوما هو أجل سقوط لا تقادم الشيء الذي يترتب عنه عدم خضوعه لأحكام الوقف والانقطاع.

2 ـ دعوى الفصل 32 من ظهير 1955

في حالة تقديم دعوى الصلح أمام رئيس المحكمة الابتدائية يقوم هذا الأخير بمحاولة التوفيق بين الطرفين، وعلى ضوء هذه المحاولة يحرر محضرا يشهد فيه إما بنجاح الصلح أو بفشله، ففي الحالة الأولى يعمل الطرفان على إبرام عقد جديد وفق الاتفاق الذي توصلا إليه، أما في الفرضية الثانية فإن المكتري ملزم بالتقيد بمقتضيات الفصل 32 من ظهير 1955 الذي يوجب عليه إن أراد المحافظة على حقوقه التي يضمنها له ظهير1955 أن يرفع دعوى أخرى لكن هذه المرة أمام محكمة الموضوع.

ويوجب الفصل المشار إليه أعلاه أن تقدم هذه الدعوى داخل أجل 30 يوما تبتدئ من تاريخ تبليغ المكتري محضر عدم نجاح الصلح، وقد اشترط المشرع حتى يكون التبليغ صحيحا وينتج آثاره القانونية تجاه المكتري أن يشار فيه إلى أجل الثلاثين يوما حتى يكون على بينة من الإجراء الذي عليه اتخاذه.
ويترتب على عدم الإشارة في الإعلام إلى هذا البيان عدم سريان الأجل المذكور مما يبقى معه الأجل مفتوحا في وجه المكتري إلى أن يتم تبليغه تبليغا صحيحا الشيء الذي تكون معه دعواه مقبولة حتى لو رفعها خارج أجل الثلاثين يوما وفي في هذا الصدد ورد في قرار المجلس الأعلى أنه:" لا يترتب على التبليغ المجرد من الإشارة إلى الأجل المذكور ـ أي أجل 30 يوما لإقامة دعوى الموضوع ـ سريان هذا الأجل في حق المكتري. تكون المحكمة قد عرضت قرارها للنقض لما اعتبرت أن إعلاما عاديا مجردا من الإشارة إلى الأجل كان كافيا لسريان هذا الأجل ورتبت على ذلك أن المكتري بعدم إقامته دعوى الموضوع خلال الأجل أصبح محتلا للمحل بدون موجب قانوني" ( قرار عدد 566 صادر بتاريخ 31/10/1979 في الملف المدني عدد 71027).
وتجدر الإشارة إلى أنه في كافة الأحوال يتعين على المكتري أن يرفع دعواه داخل أجل سنتين من صدور مقرر عدم نجاح الصلح طبقا للفصل33 من الظهير الذي نص على أن: " جميع الدعاوى التي تقام عملا بهذا الظهير تسقط بمرور سنتين.. ".

والملاحظة التي يتعين إثارتها في هذا الصدد هي أنه في حالة ما إذا تقدم المكري بدعوى تصحيح الإنذار ولم يدفع المكتري ببطلان التبليغ وحكم القضاء وفق مطالب المكري، فإن المكتري يصبح إذاك محتلا بدون سند ولا قانون يمكن إفراغه عن طريق القضاء المستعجل وفق ما سبق بيانه أعلاه.
وعلى المستوى الإجرائي يجب على المكتري أن يتقدم بدعواه إلى المحكمة المختصة بواسطة مقال مكتوب موقع عليه من طرف محام مقيد بجدول إحدى هيئات المحامين بالمغرب مؤدى عنه الرسوم القضائية ومرفقا بموجبات الدعوى التي تتمثل على الخصوص في نسخة من الإنذار الذي ينازع فيه وكذا طي التبليغ حتى يثبت للمحكمة أنه رفع دعواه داخل الأجل المنصوص عليه قانونا، وفي حالة المطالبة بالتعويض عليه أن يدلي للمحكمة بالوثائق التي تثبت توفره على أصل تجاري والضرر الذي لحقه من جراء فقدان هذا الأخير.

ويترتب على إغفال المكتري الإدلاء بالإنذار أو بطي التبليغ عدم قبول الدعوى، وإذا كان الحكم بعدم القبول كقاعدة عامة لا يحوز الحجية مما يسمح للمدعي بإمكانية إعادة تقديم الدعوى أمام نفس المحكمة لتفادي الخلل الشكلي الذي طال طلبه الأول، فإنه يتعذر تطبيق هذه القاعدة على هذه الحالة على اعتبار أن أجل الثلاثين يوما هو أجل سقوط وأن المحكمة بالنظر إلى طبيعة الإجراءات المسطرية غالبا ما تصدر حكمها بعد مرور الأجل المذكور، وبالتالي لا يبقى أمام المكتري سوى اللجوء إلى الطعن بالاستئناف في حكم محكمة الدرجة الأولى والإدلاء بالوثائق التي أغفلها خلال المرحلة الابتدائية مادام الاستئناف ينشر الدعوى من جديد.

وتقتضي مصلحة المكتري في حالة لجوئه إلى دعوى الفصل 32 أن يطالب أساسا بطلان الإنذار واحتياطيا المنازعة في أسبابه والتعويض عن فقدان ملكيته التجارية.

ويتعين على محكمة الدرجة الأولى وهي تنظر في دعوى المكتري أن تنظر أولا في طلبه الأصلي، فإذا تأكد لها أن هناك خلالا شكليا اعترى الإنذار فإنها تحكم ببطلانه مما يترتب عليه مواصلة ترتيب العقد لجميع آثاره القانونية وبنفس الشروط، أما إذا تبين لها خلاف ذلك فإنها تصرف النظر عن ذلك وتنتقل إلى البت في طلباته الاحتياطية.

ولا يخرج حكم المحكمة في هذه الحالة الأخيرة عن ثلاث فرضيات:

ـ إما أن تحكم بعدم جدية السبب المؤسس عليه الإنذار مما يترتب عليه الحكم لفائدة المكتري بالتعويض الكامل عن فقدان أصله التجاري، حيث تعمل في هذه الحالة على تعيين خبير لتقييم عناصر هذا الأخير وقد اعتبر المجلس الأعلى أن العناصر التي تدخل في التقييم هي تلك التي تتأثر بعملية الإفراغ وفي هذا السياق جاء في قراره عدد 1306 بتاريخ 01/12/2004 ملف تجاري عدد 826/3/2/2004 ما يلي: " أن المعتبر في تحديد عناصر الأصل التجاري التي تدخل في تقدير التعويض الكامل عن فقدان الأصل التجاري هي تلك العناصر التي تتأثر بعملية الإفراغ أي ما قد يلحق المكتري من خسارة حقيقية وما فاته من كسب متى كانا ناتجين مباشرة عن عملية الإفراغ ونقل النشاط التجاري إلى جهة أخرى"، وهي نفس القاعدة التي أكدها في قراره عدد 710 بتاريخ 15/6/2005 ملف تجاري عدد 357/3/2/2005.

ـ وإما أن تحكم له بتعويض جزئي إذا بني الإنذار على إحدى الحالات التي حددها المشرع في ظهير 1955 وهي هدم العقار وإعادة بنائه ـ بتعلية البناية القائمة ـ تحويل المتجر إلى سكن أو بناية الأرض ـ نزع الملكية لأجل المنفعة العامة، وهذه الأسباب هي التي تضمنتها الفصول 12، 15، 17،16 من ظهير1955، وبعكس الحالة الأولى فقد حدد المشرع في هذه الفصول قيمة التعويض الواجب منحه للمكتري.

ـ أما الاستنتاج الثالث الذي يمكن أن تصل إليه المحكمة فيتمثل في رفض طلب التعويض الذي تقدم به المكتري في حالة ما إذا أثبت المكري أحد الأسباب التي من شأنها أن تحرم الأول من التعويض كليا، ويتعلق الأمر بعدم أداء الوجيبة الكرائية ـ إهمال المحافظة على العقار المكرى ـ استعمال العقار في غير ما أعد له بحسب طبيعته أو بمقتضى العقد ـ هدم العقار بناء على قرار السلطة الإدارية بسبب وضعيته الصحية والأمنية ـ ثبوت سبب خطير ومشروع في حق المكتري أي إخلال المكتري بالتزاماته التعاقدية حسبما استقر على ذلك القضاء المغربي.

ومما تجدر الإشارة إليه في هذا الصدد أنه لا يجوز للمحكمة أن تحكم بإفراغ المكتري في ضوء بتها في دعوى هذا الأخير المرفوعة في إطار الفصل 32 المشار إليه أعلاه ما لم يقدم المكري طلبا صريحا بذلك وأدى عنه الرسوم القضائية وهو ما أكده المجلس الأعلى في أحد قراراته التي جاء فيها :" لا يجوز للمحكمة وهي تنظر في دعوى المكتري الرامية إلى المنازعة في صحة الإنذار بالإفراغ طبقا للفصل 32 من ظهير 24 مايو 1955 أن تحكم بإفراغه بصورة تلقائية وكنتيجة للبت في دعواه إلا إذا كان المكري قدم إليها طلبا بذلك".( قرار عدد 812 بتاريخ5/2/1982 ملف رقم 91837/81)، نفس القاعدة أكدها في قراره عدد 1639 بتاريخ 2/7/1986 ملف عدد 1273/84.

3 ـ الالتزام بأداء الوجيبة الكرائية

إن المكتري الذي توصل من المكري بإنذار بوضع حد لعقد الكراء يبقى ملزما بتنفيذ بنود هذا الأخير وخاصة أداء الوجيبة الكرائية حتى مع وجود دعوى المنازعة في الإنذار ودعوى الإفراغ، حيث أكد المجلس الأعلى هذه القاعدة في قراره عدد 868 بتاريخ 12/6/2002 في الملف المدني عدد 75/3/1/2000 الذي جاء فيه:" لا يوجد ما يمنع المكري الذي وجه الإنذار بالإفراغ إلى المكتري من الاستمرار في قبض الكراء والمطالبة بواجبات استحقت بعد توجيه الإنذار بالإفراغ ولا يمكن أن يستنتج من هذه المطالبة موافقة المالك على تجديد عقد الكراء أو استمراره مع المكتري بعد فشل محاولة الصلح ".

الفقرة الثانية: مدى إمكانية إثارة مسؤولية المكري عن الفسخ المفاجئ لعقد الكراء التجاري:


إذا كان المكري محقا في استرجاع محله إما نتيجة رفضه تجديد العقد أو فسخه للأسباب المشار إليها سابقا، فإن حقه هذا مقيد بعدم الإضرار بالغير الذي له حقوقا على الأصل التجاري المؤسس من قبل المكتري على المحل المكرى، وهذا الالتزام ما هو إلا تطبيق لقاعدة عدم التعسف في استعمال الحق.

غير أن هذا التقييد ينطبق بالأساس على حالة الفسخ دون غيرها، باعتبار أن الغير عندما يتعامل مع مالك الأصل التجاري غالبا ما يأخذ بعين الاعتبار مدة عقد الكراء، وما دام الفسخ يضع حدا لهذا الأخير قبل نهاية مدته فإن هذا الإنهاء قد يضر بهذا الغير مما يفتح الباب أمامه للرجوع على المكري بالتعويض عن الأضرار التي لحقته من جراء ذلك.

و معرفة طبيعة مسؤولية المكري وحدودها، يفرض علينا تسليط الضوء على موضوع الأصل التجاري باعتبار أن الحقوق الموجبة لهذه المسؤولية ترتبط ارتباطا وثيقا بهذا الأخير( أولا) قبل أن ننتقل إلـى دراسة هذه المسؤولية ( ثانيا

أولا: مفهوم الأصل التجاري وعناصره


أسبغ المشرع صفة التاجر في مدونة التجارة على الشخص الذي يمارس على سبيل الاعتياد أو الاحتراف أحد الأنشطة التجارية الواردة في المادة السادسة وما يليها ، فهذا الشخص إما أن يمارس نشاطه التجاري في عقاره يملكه شخصيا أو في محل يشغله على وجه الكراء من الغير.

ويتمتع التاجر بمجموعة من الحقوق منها إمكانية الاعتراف له بمزية الأصل التجاري على المحل الذي يمارس فيه نشاطه متى توفرت عناصره التي سنتطرق إليها لاحقا.

وقد نظم المشرع المغربي الأصل التجاري في المواد من 79 إلى 158 من مدونة التجارة، حيث معرفا إياه في المادة 79 بكونه: " مال منقول معنوي يشمل جميع الأموال المنقولة المخصصة لممارسة نشاط تجاري أو عدة أنشطة تجارية".

أما المادة 80 فقد حددت عناصر الأصل التجاري يمكن النظر إليها انطلاقا من تصورين، فمن جهة أولى هناك عناصر مادية وتتمثل في البضائع والمهمات ثم عناصر معنوية وتضم الزبائن والسمعة التجارية والاسم التجاري والشعار والحق في الكراء وبراءات الاختراع والرخص وعلامات الصنع والتجارة والخدمة والرسوم والنماذج الصناعية وكل حقوق الملكية الصناعية أو الأدبية أو الفنية الملحقة بالأصل، أما التصور الثاني فيعتمد أهمية العنصر بالنسبة للأصل التجاري حيث توجد عناصر أساسية لا تقوم للأصل قائمة بدونها ويتعلق الأمر بالزبناء والسمعة التجارية وهو ما نص عليه المشرع صراحة في المادة المذكورة التي جاء فيها:" يشمل الأصل التجاري وجوبا على زبناء وسمعة تجارية"، ثم عناصر ثانوية ويتعلق الأمر بباقي العناصر المشار إليها سابقا والتي تتباين درجة أهميتها بالنسبة للأصل بحسب نوعية النشاط التجاري فمثلا هناك أنشطة تجارية يصعب ممارستها دون رخصة إدارية، بينما تقوم أنشطة أخرى على الحق في الكراء خاصة عندما يمارسها التاجر في محل يكتريه من الغير.

وبمجرد ما يكتسب التاجر أصلا تجاريا يصبح بين يديه أداة اتمانية تمكنه من الحصول على قروض من أجل تنمية استثماراته وتطوير تجارته وعصرنة وتجهيز محله التجاري مقابل رهن أصله لفائدة الدائن المقرض، كما تخول هذه الأداة للغير الذي له حقوق على التاجر إيقاع رهن على أصله المذكور مثل إدارة الضرائب والخزينة العامة...

غير أن الملاحظة الأساسية التي يتعين إبداؤها في هذا السياق هي أن مسألة الاعتراف بوجود أصل تجاري من عدمه هي من اختصاص القضاء وهو ما أكده المجلس الأعلى في قراره الصادر بتاريخ 13/7/1962 الذي جاء فيه:" وجود الأصل التجاري يستخلص من تحقيقات قضاة الموضوع" وأكدته أيضا محكمة الاستئناف التجارية بمراكش في قرارها عدد 342 المشار إليه سابقا:" إذا كان ظهير 24/5/1955 هو الذي أوضح شروط اكتساب الأصل التجاري فإنه ليس ضمن القانون ما يمنع المحكمة من البت في قانونية اكتساب الأصل التجاري في دعوى تحقيق الرهن وبيعه في إطار الفصل 114 من مدونة التجارة.."

وإذا كانت القاعدة العامة في قانون الالتزامات والعقود تقضي بأن رهن المنقول يقتضي حيازة الدائن المرتهن لمحل الرهن، فإن هذه القاعدة يتعذر تطبيقها بخصوص رهن الأصل التجاري باعتباره مال منقول، إذ من شأن انتقال هذا الأخير إلى الدائن أن يحرم التاجر المدين من استغلال أصله واستثماره وبالتالي الوفاء بالتزاماته التجارية.

وللحفاظ على مصالح جميع الأطراف وخلق توازن فيما بينهم،عمل المشرع على إنشاء سجل تجاري يمسك من طرف كتابة ضبط المحكمة التجارية أو المحكمة الابتدائية بالنسبة للمدن التي لا تتوفر على محاكم تجارية، حيث يستطيع الدائن المرتهن بفضل هذا السجل تقييد حقه على الأصل المرهون مما قد يجعله في مأمن من كل ما يهدد حقه المضمون بالرهن ، في مقابل ذلك يحتفظ التاجر بأصله ويستغله بنفسه أو بواسطة الغير.

وقد سبق للمشرع المغربي أن نظم رهن الأصل التجاري بمقتضى ظهير 31 دجنبر1914 ليعيد هذا التنظيم بموجب القانون رقم 15.95 المتعلق بمدونة التجارة حيث خصص له المواد من 106 إلى 110 بالإضافة إلى الأحكام المشتركة بين بيع الأصل التجاري ورهنه والواردة في المواد من 111 إلى 151.

ويترتب على تقييد الرهن بالسجل التجاري اكتساب الدائن المرتهن مجموعة من الحقوق من بينها حق الأولوية، الحق في التتبع، ثم الحق في الإخبار، هذا الأخير يحتل أهمية بالغة بالنسبة للدائن حيث يراهن عليه لرصد وتتبع جميع التحولات والتغييرات التي تطرأ على الأصل المرهون، الشيء الذي يمكنه من اتخاذ جميع الإجراءاتالضرورية للحفاظ على حقوقه.

وإذا ربطنا حق المكري في فسخ عقد الكراء بحق الدائن في الإخبار، يمكن التساؤل حول مدى إمكانية مساءلة المكري عن إخلاله بهذا الحق وما هي وسائل دفعها وما هي حدود هذه المسؤولية في حالة ثبوتها؟ هذا ما سوف نعمل على توضيحه في النقطة الموالية


ثـانيـا: آثار إخلال المكري بمقتضيات المادة 112 من مدونة التجارة

1 ـ مسؤولية المكري تجاه دائني الأصل التجاري

يعتبر الحق في الكراء القاعدة الترابية التي يبنى عليها الأصل التجاري، وإقدام المكري على الفسخ المفاجئ لعقد الكراء سيؤدي لا محالة إلى انهيار القيمة الاقتصادية للأصل بسبب نقله إلى جهة أخرى وفقدان الاتصال بالزبناء، بل وأحيانا قد يفاجئ الدائن الذي سعى إلى تحقيق الرهن و حصل على حكم ببيع الأصل التجاري اختفاء عناصر هذا الأخير بسبب إفراغ المحل الذي أٌسٍس عليه، مما يلحق به أضرارا جسيمة قد يصعب تداركها.

لذلك نجد المشرع قد أقر لفائدة الدائن الحق في الإخبار سواء في الفصل 14 من ظهير 1914 الملغى أو في المادة 112 من مدونة التجارة الحالية حيث نصت هذه الأخيرة على أنه: " إذا أقام المالك دعوى بفسخ كراء العقار الذي يستغل فيه أصل تجاري مثقل بتقييدات، وجب عليه أن يبلغ طلبه إلى الدائنين المقيدين سابقا، في الموطن المختار المعيـن فـي تقييد كل منهـم.

ولا يصـدر الحكم إلا بعد ثـلاثيـن يومـا من هذا التبليغ.لا يصبح الفسخ الرضائي للكراء نهائيا إلا بعد ثلاثين يوما من تاريخ تبليغ الدائنين المقيدين في الموطن المختار لكل منهم."

فإذا كان المشرع من خلال هذه المادة قد أقر لمالك العقار حق فسخ عقد الكراء سواء بمقتضى حكم قضائي أو باتفاق مع المكتري، فإنه في نفس الوقت حرص على حماية الدائن المقيد حقه على الأصل التجاري، ذلك أنه ربط ممارسة المكري لحقه في الفسخ بضرورة تبليغ طلبه إلى هذا الأخير حتى يتأتى له حماية حقوقه وذلك إما بأداء ما هو مترتب بذمة المكتري من سومة كرائية إذا كان سبب الفسخ هو عدم أداء هذه الأخيرة مع حفظ حقه في الرجوع عليه بما أداه عنه، وإما بالبحث عن مشتري للأصل التجاري، وإما بتحقيق الرهن والمطالبة ببيع هذا الأخير.

غير أن الخيار الأول هو الذي يبدو أكثر ملاءمة للدائن المرتهن وصونا لحقوقه من الخيارين الآخرين، على اعتبار أن لجوئه إلى تحقيق الرهن والحصول على حكم ببيع الأصل التجاري ليس من شأنه أن يمنع المكري من استرجاع محله شريطة تقيد هذا الأخير بمقتضيات المادة 112 من مدونة التجارة وهو ما يمكن أن نستنتجه من قرار محكمة الاستئناف التجارية بمراكش في قرارها رقم 487 الصادر بتاريخ 21/4/2009 في الملف رقم 1169/2007 الذي صدر على ضوء نقض المجلس الأعلى لقرار المحكمة المذكورة الصادر في الملف عدد 374/03 بتاريخ 07/10/2003 بعلة أن المحكمة بالرغم من ملاحظتها أن المكري قد تقيد بمقتضيات المادة 112 رتبت على حصول الدائن المرتهن على حكم ببيع الأصل التجاري الذي أنشأه المكتري في المتجر المكترى له فقدان حقه في الالتجاء إلى المطالبة بفسخ عقد الكراء المبرم بينه وبين المكتري دون تبيان الأساس القانوني الذي ارتكزت عليه، وبعد إحالة الملف على المحكمة المذكورة قضت فيه هذه الأخيرة بواسطة قرارها رقم 487 الذي جاء في قاعدته: "رفع دعوى من قبل الدائن المرتهن من أجل بيع الأصل التجاري لا يسلب حق المالك في المطالبة بإفراغ المحل المؤسس به الأصل التجاري بسبب عدم أداء واجبات الكراء. المالك الذي عمل على إشعار الدائنين المقيدين بالسجل التجاري وبلغهم مقال الدعوى الرامي إلى الإفراغ يكون قد إلتزم بمقتضيات الفصل 112 من مدونة التجارة ولا مسؤولية عليه تجاه الدائنين" نفس الشيء أكده في قراره رقم 383 الصادر بتاريخ 02/04/2008 حيث جاء فيه:"إذا كان مالك الرقبة ملزما بإشعار الدائن المرتهن بدعوى الفسخ التي يقيمها ضد مالك الأصل التجاري فإن التزامه المذكور موضوع المادة 112 من مدونة التجارة يقتصر على مجرد الإشعار ولا يغل يد مالك الرقبة من ممارسة حقوقه ضد مالك الأصل التجاري المخل بالتزامه تجاهه".

ويترتب على عدم مبادرة الدائن باتخاذ أي موقف بعد إعلامه من المكري اعتباره مهملا، مما يترتب عنه سريان الحكم أو الاتفاق بفسخ عقد الكراء في مواجهته.

وإذا كان المشرع في المادة 112 من مدونة التجارة قد وضع هذا الالتزام على عاتق المكري، فإنه لم يرتب في ذات المادة أي جزاء على مخالفتها، علما أن غياب هذا الأخير من شأنه أن يجعل الالتزام المذكور حبرا على ورق وبدون جدوى وفعالية عملية، الشيء الذي يصبح معه البحث في القواعد العامة أمرا ضروريا لسد هذا النقص.

مبدئيا يمكن القول بأن المادة 112 قد وضعت التزاما قانونيا على عاتق مالك المحل، والإخلال بهذا الالتزام على نحو يلحق ضررا بالدائن يلزمه بتعويض هذا الأخير في إطار الفصول 77 و78 و98 من قانون الالتزامات والعقود.

وهذا ما ذهب إليه القضاء ومن ذلك قرار محكمة الاستئناف بالرباط الصادر بتاريخ 24/11/1933 الذي جاء فيه: "يرتكب خطأ إذن يجب عليه إصلاح ضرره المالك الذي قام بإخلاء مكتريه بموجب أمر استعجالي في إطار الشرط الفاسخ دون قيامه بالتبليغ للدائنين المقيدين".

لذلك فإن مكري المحل الذي تمارس به تجارة ملزم بأن يتحرى الوضعية القانونية للأصل التجاري المؤسس فوق محله من خلال مراجعة مصلحة السجل التجاري المحلي الممسوك من طرف كتابة ضبط المحكمة التجارية أو المحكمة الابتدائية حسب الأحوال والتي يوجد في دائرة اختصاصها المقر الاجتماعي أو إن تعلق الأمر بتاجر فرد أو مقاولة مقر مؤسسته الرئيسية أو مقر مقاولته، والحصول على نسخة أو مستخرج مشهود بصحته للتقييدات التي يتضمنها السجل التجاري أو شهادة تثبت عدم وجود أي تقييد أو أن التقييد الموجود قد شطب عليه.

وهكذا فإذا وجد المكري أي تقييد يثقل الأصل التجاري، وجب عليه إشعار الدائن أو الدائنين المقيدين في موطنهم المختار المعين في التقييد بدعوى الفسخ أو بالفسخ الاتفاقي.

والمكري في هذه الحالة يمكن أن يكون شخصا طبيعيا أو معنويا وهذا الأخير بدوره قد يكون من أشخاص القانون الخاص أو العام وفي هذا الحالة الأخيرة يجب استحضار الفصل 40 من ظهير 1955 الذي يستثني من الخضوع لهذا الأخير الأملاك أو الأماكن التابعة إلى الأملاك الخاصة بالدولة الشريفة أو بأشخاص آخرين أو الجماعات العمومية إن كانت تلك الأملاك أو الأماكن مخصصة لمصلحة عمومية، أو كانت عقود كرائها تحتوي بندا يستثنيها استثناء صريحا من استعمالها لشؤون تجارية أو صناعية أو حرفية، وهذا يعني أنه إن تعلق الأمر بشخص من أشخاص القانون العام ولم يكن العقار المكرى تتوفر فيه شروط الفصل 40 المذكور وجب على هذا الشخص أيضا التقيد بمقتضيات المادة 112.

أما الدائن الذي ينبغي إشعاره من قبل مالك العقار فهو المقيد سابقا على رفع دعوى الفسخ بصرف النظر على مدى صيرورة هذه الأخيرة نهائية أم لا.

والملاحظ أن المشرع لم يتطرق إلى شكليات هذا التبليغ، غير أنه ما دام الأمر يتعلق بإجراء شكلي ومسطري يترتب عنه نتائج قانونية في غاية الأهمية، فإن اللجوء إلى القواعد العامة المتمثلة في المواد 37 ،38 ، 39 من قانون المسطرة المدنية يبقى أمرا حتميا.

وإذا كنا قد عنونا هذه الفقرة بمدى إمكانية مساءلة المكري عن فسخ عقد الكراء التجاري، فإن هذا التساؤل لم يأت اعتباطا بل ينطلق من قراءة شخصية للمادة 112 م ت وهو ما سوف نعمل على توضيحه.

لقد سبق أن قلنا بأن المادة 112 م ت لم تضع أي جزاء على مخالفة أحكامها وإن كان من الناحية المبدئية يمكن مساءلة المكري عن إخلاله بمقتضيات المادة المذكورة في إطار القواعد العامة للمسؤولية ولا سيما الفصل 77 من قانون الالتزامات والعقود.

غير أن هذا الكلام ينطبق إلى حد كبير على حالة الفسخ الاتفاقي أي الحالة التي يتفق فيها المكري مع المكتري على فسخ العقد الرابط بينهما وإفراغ هذا الأخير العقار في غيبة الدائن المرتهن.

أما حالة الفسخ القضائي فإننا نعتقد أن تطبيق القضاء مقتضيات المادة 112 تطبيقا سليما وفي ارتباط مع باقي مواد مدونة التجارة ذات الصلة من شأنه أن يمنع إثارة مسؤولية المكري.

وفي هذا الإطار يتعين على المحكمة المرفوعة إليها دعوى الفسخ والتي تبين لها من خلال دراسة وثائق الملف أن الأمر يتعلق بأصل تجاري، أن تستحضر مقتضيات المادة 112 وتبحث في شروط تطبيقها.

هكذا وبناء على الفصل 32 من قانون المسطرة المدنية وانطلاقا من الدور المتحرك للقضاء فإن المحكمة مطالبة بالتأكد من الوضعية القانونية للأصل التجاري من حيث وجود أو عدم وجود تقييدات تثقله، من خلال مطالبة المدعي (المكري) الإدلاء بنسخة أو مستخرج مشهود بصحته للتقييدات التي يتضمنها السجل التجاري أو شهادة تثبت عدم وجود أي تقييد أو أن التقييد الموجود قد شطب عليه خاصة وأن المادة 29 من مدونة التجارة تسمح بإمكانية الحصول على هذه الوثائق، كما أنه يمكن للمكري أن يدلي بهذه الشهادة تلقائيا رفقة مقاله لتسريع وثيرة الملف وتمكين المحكمة من البت في دعواه في أقرب الآجال.

فإذا تبين للمحكمة من خلال الإطلاع على النسخة أو المستخرج وجود تقييد سابق على تاريخ تسجيل دعوى الفسخ، وجب عليها إشعار المدعي بضرورة تبليغ دعواه إلى الدائن أو الدائنين المقيدين مع منحه أجلا لذلك وإعذاره بالإدلاء بما يفيد القيام بهذا التبليغ، على اعتبار أن المشرع ربط مسألة صدور الحكم في دعوى الفسخ بشرطين أساسيين هما حصول التبليغ ثم مرور أجل ثلاثين يوما من وقوع هذا التبليغ.

وعليه فإن حرص المحكمة على تطبيق هذه المقتضيات من شأنه أن يحافظ على مصالح المكري والدائن على حد سواء، فهي تمنع إثارة مسؤولية المكري من جهة وتضمن حقوق الدائن وبالتالي تساهم في دعم الائتمان وتشجع الدائنين وخاصة مؤسسات التمويل على منح قروض وتمويل مختلف الأنشطة الاقتصادية مما ينعكس إيجابا على الاقتصاد الوطني من جهة أخرى.

وهذا التفسير هو ما يكمن أن نستشفه من قرار المجلس الأعلى رقم 2574 الصادر بتاريخ 28/10/1992 الذي جاء فيه: "إن القرار الذي أبعد تطبيق المقتضيات المذكورة ـ المقصود مقتضيات الفصل 14 من ظهير 1914 ـ بعلة أن المكري لم يسترجع محله بناء على احتياجه أو رغبته فيه، وإنما ممارسة لحقه خوله له القانون دون إلزامه بإعلام الدائن بخطأ المكتري الذي ثبتت في حقه المماطلة في أداء واجب الكراء مما أفقده الأصل التجاري يكون قد أخطأ في التعليل وخرق الفصل المذكور مما يعرضه للنقض".

غير أن التساؤل الذي يثار في هذا الصدد يتعلق بنقطتين أساسيتين الأولى حول مآل دعوى المكري الذي لم يستجب لطلب المحكمة وخاصة عدم الإدلاء بما يفيد القيام بالتبليغ المذكور رغم إمهاله، أما الثانية فترتبط بآثار الحكم الذي قضى بالفسخ والإفراغ تجاه الدائن دون مراعاة أحكام المادة 112 رغم توفر شروط تطبيقها.

بخصوص الجواب على النقطة الأولى يمكن القول بأن تطبيق القواعد العامة كفيل بتقديم جواب عن ذلك، بحيث يتعين على المحكمة، ما دامت ملزمة بالبت في الجانب الشكلي للدعوى، أن تقضي بعدم قبول الدعوى على اعتبار أن هذه الأخيرة غير معززة بما يٌمكٍن المحكمة من تجاوز المنع المفروض عليها بمقتضى المادة 112، كما أنها مقيدة بمبدأ عدم إنكار العدالة الذي يفرض عليها أن تبت في كل دعوى رفعت إليها بمقتضى حكم نهائي.

أما الجواب على النقطة الثانية فإننا نعتقد أن هذا الحكم لا يمكن أن يواجه به الدائن ويجعله غير نافذ في حقه وبالتالي لا سبيل أمام هذا الأخير سوى التعرض عليه تعرض الغير الخارج عن الخصومة طبقا للفصل 303 من قانون المسطرة المدنية الذي جاء فيه: " يمكن لكل شخص أن يتعرض على حكم قضائي يمس بحقوقه إذا كان لم يستدع هو أو من ينوب عنه في الدعوى".

غير أن الملاحظ أن المشرع وإن لم يحدد أجلا لممارسة هذا الطعن خلافا لباقي أنواع الطعون الأخرى، فإن مدى فعالية دعوى تعرض الدائن يلعب فيها الوقت دورا حاسما بالنظر إلى أنها ترتبط إلى حد كبير بمسألة تنفيذ الحكم في حق المكتري وإفراغه من المحل من عدمه.

ذلك أنه في الحالة الأولى فإن إمكانية استفادة الدائن من دعواه تبقى ضئيلة جدا حتى لو حصل على حكم قضى بإبطال الحكم الأول، حيث قد يتعذر عليه تنفيذه خاصة إذا ما عمل المكري على كراء محله لشخص آخر، مما يضع الدائن أمام إشكال صعوبة تنفيذ حكمه ضد هذا الأخير الذي غالبا ما يدفع بمبدأ نسبية الأحكام الذي يقضي بأن الحكم لا يسري إلا على من كان طرفا فيه.

من هذا المنطلق يمكن القول بأن تفعيل المكري لمقتضيات الفسخ الاتفاقي دون مراعاة حقوق الدائنين، وكذا عدم تقيد المحكمة بالشروط التي فرضتها المادة 112 وفق التصور الذي بيناه أعلاه ولجوئها إلى الحكم وفق طلبات المكري الذي يعمل على تنفيذ هذا الحكم، يفتح الباب أمام الدائن لمقاضاة المكري في إطار المسؤولية التقصيرية الشيء الذي يطرح معه التساؤل حول الوسائل التي يمكنه أن يستند عليها لدفع هذه الأخيرة.

2 ـ وسائل دفع دعوى دائن الأصل التجاري:

في حالة ما إذا لجأ الدائن إلى مقاضاة المكري استنادا إلى المادة 112 من مدونة التجارة، يمكن لهذا الأخير أن يرد دعوى المسؤولية من خلال التمسك بعدة دفوع.

من بين هذه الدفوع نذكر الطعن في الوجود القانوني والواقعي للأصل التجاري الذي يطال الدائن بالتعويض عنه كعدم توفر شرط المدة في عقد الكراء لاكتساب الأصل التجاري أو كون عنصر الزبائن لا يتمتع بخاصية الاستقلالية والذاتية كما هو الحال بالنسبة للمحلات المتواجدة بالفنادق والمراكز التجارية ومحطات النقل حيث إن مكتري هذه المحلات لا تخوله صفة مالك أصل تجاري لافتقاده عنصر الزبائن، أو أن العقار يندرج ضمن العقارات المستبعدة من نطاق تطبيق ظهير 1955 مما يتعذر معه تصور تأسيس أصول تجارية عليها ، أو كون التاجر لم يمارس قط نشاطه أو أنه توقف عن مزاولته قبل إفراغه نتج عنه اندثار أو تبديد كل أو بعض عناصر الأصل التجاري لاسيما عنصري الزبائن والسمعة التجارية باعتبارهما عنصرين لا غنى عنهما في تكوين هذا الأخير كما نصت على ذلك المادة 80 من مدونة التجارة.

وتبعا لذلك فإن الدائن مطالب قبل إنشاء الرهن أن يتحقق من الوجود القانوني والفعلي للأصل التجاري ولا يجب عليه أن يقتصر على ما هو مقيد بالسجل التجاري لأن هذا الأخير لا يفيد قيام الأصل التجاري.

ولذلك فإن الدائن الذي يقبل إنشاء على أصل تجاري رهن مكتفيا بالمراهنة على التسجيل في السجل التجاري دون البحث في باقي العناصر الأخرى للأصل، يكون قد أساء تقدير الطبيعة القانونية لهذا الأخير على اعتبار أنه من جهة أولى لا يعذر أحد بجهله القانون ومن جهة ثانية فالتسجيل بالسجل التجاري هو مجرد إشهار للصفة التجارية وأنشطة التاجر ومن جهة ثالثة فإن التسجيل المذكور مجرد قرينة بسيطة قابلة لإثبات العكس، وبالتالي فإن نتائج هذا التقصير لن يتحملها سوى الدائن وحده دون سواه.

كما يمكن للمكري أن يواجه الدائن بسقوط حق امتيازه نتيجة إخلاله بمقتضيات الفقرة 2 من المادة 111 من نفس المدونة التي أوجبت على الدائن المرتهن خلال 15 يوما من تاريخ إخطاره أو 30 يوما التالية بعلمه بنقل الأصل التجاري إلى دائرة محكمة أخرى أن يطلب إعادة تقييده الأول في تاريخه الأصلي بسجل المحكمة التي نقل إليها مع بيان مقره الجديد.

كذلك يمكن للمكري أن يتمسك بمقتضيات المادة 137 من مدونة التجارة التي أوجبت على الدائن المرتهن تجديد تقييد امتيازه قبل انقضاء مدة 5 سنوات تحت طائلة اعتباره لاغيا.

وتبعا لذلك فإن الدائن الذي يطالب بالتعويض عن حق ثبت أنه غير موجود أصلا أو أنه سقط فيما بعد بسبب تقصيره لن يكون مبنيا على أي أساس قانوني سليم.

3 ـ حدود مسؤولية المكري:

إذا تبين من خلال وثائق ومعطيات الملف أن طلب التعويض مرتكز على أساس وله ما يبرره وأن جميع دفوع المكري غير وجيهة وليس من شأنها أن تعفيه من المسؤولية وفقا لما سبق أن بيناه أعلاه، فإن أول تساؤل يطرح على المحكمة بعد أن تقرر في مبدأ المسؤولية هو ما هي الحدود التي يسأل ضمنها المكري هل يلزم بتعويض جميع الأضرار التي لحقت الدائن من جراء عدم إشعاره في إطار المادة 112 أم أن لهذه المسؤولية حدودا معينة؟

يجيبنا على هذا التساؤل قرار المجلس الأعلى الذي أيد قرار محكمة الاستئناف بطنجة التي قضت في حق المكري الذي تسلم المحل من المكتري ولم يقم بإشعار الدائن المقيد بتعويض هذا الأخير في حدود قيمة الأصل التجاري التي حددتها الخبرة المنجزة في الموضوع حيث رفض المجلس الأعلى طلب النقض معتمدا في ذلك على الحيثية التالية:" لكن، حيث إنه في حالة ثبوت إخلال المالك بمقتضيات الفصل 14 من ظهيـر 31/12/1914 ( المادة 112 من مدونة التجارة )، فإن الحكم عليه بالتعويض لفائدة الدائن المرتهن لا يمكن أن يتعدى في جميع الأحوال قيمة الأصل التجاري في تاريخ الاستحقاق، والمحكمة مصدرة القرار المطعون فيه التي اعتبرت : أن التعويض لا يمكن أن يتعدى قيمة الأصل التجاري الواقع رهنه لضمان أداء الدين المقيد في مواجهة المكري المتسبب في إتلاف الأصل التجاري في حدود قيمة هذا الأصل، لأنه ليس كفيلا ليضمن أداء الدين كله أو التعويض الكامل عن الضرر اللاحق بالدائن، وإنما يضمن بسبب تقصيره في إعلام الدائن بنيته في فسخ الكراء وإفراغ المكتري في حدود قيمة الأصل التجاري المحددة في نازلة الحال في مبلغ 50.000 درهم حسب الخبرة المنجزة، تكون قد سايرت ما ذكر فجاء قرارها مرتكزا على أساس قانوني والوسيلة على غير أساس".

تاريخ التوصل:22-7-2011
تاريخ النشر:22-7-2011




لطبع أو حفظ المقال يرجى التحميل على الرابط التالي





الجمعة 22 يوليوز 2011

عناوين أخرى
< >

الاربعاء 27 مارس 2024 - 19:15 "تمغربيت" والقانون


تعليق جديد
Twitter