MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers





مناقشة رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام حول موضوع "القيود الواردة على اختصاص القضاء الإداري" تحت إشراف الدكتورأحمد بوعشيق تقدم بها الباحث احمد السكسيوي‎

     

ناقش الطالب احمد السكسيوي بتاريخ: 19-10-2016

كلية الحقوق سلا
رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام مسلك : قانون المنازعات العمومية

وذلك في موضوع

القيود الواردة على اختصاص القضاء الإداري
تحت إشراف الدكتور أحمد بوعشيق
وتشكلت لجنة المناقشة من السادة الأساتذة الأفاضل :

الدكتور أحمد بوعشيق، أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق سلا.............. مشرفا ورئيسا
الدكتور بوجمعة بوعزاوي، أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق سلا................... عضوا
الدكتور محمد اليعڭوبي، أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق سلا ...................... عضوا
الدكتور المصطفى منار، أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق سلا....................... عضوا



تقرير حول الرسالة

مناقشة رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام حول موضوع "القيود الواردة على اختصاص القضاء الإداري" تحت إشراف الدكتورأحمد بوعشيق تقدم بها الباحث احمد السكسيوي‎

يتمحور هذا البحث حول موضوع "القيود الواردة على اختصاص القضاء الإداري"، بحيث انه رغم وجود فرضية متعلقة بمكانة القضاء الإداري بالمغرب وما يشهده من أحكام كرست لحماية المواطن من تعسف الإدارة، وكذلك التطور في البنية التنظيمية للقضاء الإداري منذ إنشاء المحاكم الإدارية إلى غاية التأسيس لمحاكم الاستئناف الإدارية.

  لكن الأهمية المثالية التي يسموا إليها القضاء الإداري نظريا بما يتمتع به من ولاية عامة للنظر في المنازعات الإدارية المتعلقة بالنشاط الإداري فإنها تبدأ بالزوال على المستوى الواقعي، ويتم التشكيك فيها من خلال انعكاس الإشكاليات والإستئناءات في اختصاص القضاء الإداري، والتي سيتم تسميتها في هاته الدراسة ب"القيود الواردة على اختصاص القضاء الإداري"، فإلى أي حد إذن تنعكس هاته القيود على اختصاص القضاء الإداري؟ 
إن فرضية الدراسة تنطلق من فكرة أساسية مفادها، أن المشاكل التي يعاني منها القضاء الإداري هي عامل مؤثر ومقلص لدور القضاء الإداري بالمغرب، أو بعبارة أخرى إن البحث عن القيود والاستثناءات يرتب معرفة شاملة بتطور القضاء الإداري، فإذا كان مجال القيود متسعا كانت سلطة القضاء متقلصة، وبمفهوم المخالفة فإن تقليص مجال الاستثناء في عمل القضاء الإداري يوسع من سلطات هذا الأخير.

وينصرف مصطلح القيود في معناه اللغوي إلى العقل، وفعله هو قيَّد، يقيد، ومفعوله مُقيد، والمصدر هو تقييدا، والتقييد كذلك بمعنى التكبيل، أما دلالة مصطلح القيود في هذه الدراسة هو مجموع المشاكل والاكراهات التي ستعيق تطور القضاء الإداري وتنعكس على اختصاصاته.

ومقاربة إشكالية الدراسة، ستكون من خلال مقاربة مركبة من عدة مناهج، فلا يمكن إذن الحسم في منهج واحد تم تطبيقه، إذ المناهج هي انعكاس أساسي للبحث، ولا يمكن الجزم بتطبيق مناهج معينة، لكن باستحضار مقاربات سوسيولوجية وانثروبولوجية في فهم العديد من انعكاسات هاته القيود على اختصاص القضاء الإداري. 

إن هاته القيود يمكن تصنيفها إلى صنفين الأول مرتبط بالقانون، أي القيود القانونية، بمعنى مشروعية القانون نفسه، فالقانون يمكن التشكيك في عمله المؤسس لغرضه، وهو أمر في محاولة متواضعة لطرحه وبطريقة بحثية أولية، ومبدأ سيادة القانون يعاني من عدة انحرافات قانونية تؤثر نظريا في التأثير على مبدأ سيادة القانون على الأعمال الإدارية، وبذلك تزداد صعوباته الواقعية والعملية، ويبدو مع مرور  الوقت التقييد للقاضي الإداري وهو يواجه تلك الصعوبات القانونية، تؤثر لا محالة في عمله واختصاصه القضائي(الفصل الأول).

لهذا استبعدت عدة طوائـف من الأعمال الإدارية من نطاق رقابة القاضي الإداري بدرجة أو بأخرى ولاعتبارات مختلفة تشريعية أو قضائية. سواء منها ما تزامنت مع بداية نشأة القضاء الإداري أو خلال مسيرته القضائية المتأنية، والتي نالت جميعها من فاعلية الرقابة القضائية وضيقت منها بشكل جزئي او كلي.(الفصل الثاني).

هذين الفصلين تما مناقشتهما على الشكل التالي:

الفصل الأول: مناقشة القيود القانونية المؤثرة في إختصاص القضاء الإداري.

حاول هذا الفصل من الدراسة تناول الجوانب القانونية المؤثرة في عمل القضاء الإداري، والتي تؤدي إلى تقييد في اختصاصه، هذه القيود القانونية تم تحديدها في عنصرين:

عنصر شكلي: يتجه نحو التقييد الشكلي للقضاء الإداري بالمغرب، من خلال:

 مختلف الإشكالات الصريحة والضمنية العالقة في الجسم القضائي بالمغرب والمؤثرة والمقيدة لمكانة واختصاص القضاء الإداري، خصوصا مع مشروع التنظيم القضائي للمملكة الذي نص على إحداث أقسام القضاء الإداري في المحاكم الإبتدائية وهذا تراجع صريح على ما وصل إليه القضاء الإداري بالمغرب من تطور.

 كما تم التعريج على مختلف المؤثرات السلبية لتطبيق القواعد العامة للاجرءات المدنية في مجال المنازعات الإدارية، باعتبارها عاملا من العوامل السلبية لعدم تطور القضاء الإداري بالمغرب.

عنصر موضوعي: يرتبط بالتقييد الموضوعي لسلطة القضاء الإداري بالمغرب، من خلال سلطة القضاء الإداري في إنشاء القواعد القانونية والتي كان يتميز بها عن القضاء العادي، إلا أن هاته الخاصية الملازمة لتطور القانون الإداري سرعان ما بدأت تتقلص بفعل التأثير التقني، المتعلق بظهور عدة قوانين تتميز بالتعقد والتقنية الشيء الذي انعكس على الدور الإنشائي للقضاء الإداري، وكذلك التاثير الشكلي المرتبط بالانسياق للتيار الشكلي في القانون.

كما أن العنصر الموضوعي كذلك يضم قيود أخرى تتجلى في إشكالية تنفيذ الأحكام الإدارية والدور السلبي الذي كان لقضاء الإلغاء، في عدم توجيهه الأوامر للإدارة تطبيقا لقاعدة "القاضي يقضي ولا يدير"، لكن سرعان ما بدأت هذه القاعدة تتكسر بفعل توجيه القضاء الإداري بالمغرب لعدة أوامر بتطبيق الغرامة التهديدية جراء عدم تنفيذ الأحكام من قبل الإداري، كما كان لمشروع المسطرة المدنية دور ايجابي في تخصيص بعض النصوص لحل إشكالية تنفيذ الإحكام الإدارية.
    
أما الفصل الثاني: فتمت المعالجة فيه، القيود المؤسساتية المقيدة لإختصاص القضاء الإداري.

عولج هذا الفصل من خلال مستويين:

مستوى نظري: بحيث هنالك غموض مفاهيمي؛ والمرتبط بوجود التباس مفاهيمي لنظرية السلطة التقديرية، وتزداد فداحة هذا الالتباس مع نظرية أعمال السيادة التي ليس لها أي ضبط مفاهيمي، فمن المعلوم أن ضبط المفاهيم هي المهمة الأولى في تحديد الظاهرة العلمية وكذلك تقييدها والحد منها، لذلك فهذا الغموض المفاهيمي يطرح إشكالية أساسية متعلقة بعدم قدرة القضاء الإداري على ضبط مجال هذا الاستثناء المتمثل في نظريتي السلطة التقديرية وأعمال السيادة.

كما أن القضاء الفرنسي لم يستطع إلى الآن أن يضع لأعمال السيادة أي ضوابط دقيقة للحد منها، بحيث ما زالت أحكامه لم تسفر عن حلول ناجعة للحد من هاته النظرية.

في حين القضاء الإداري بالمغرب ما زال لم يؤسس لنظرية أعمال السيادة، وهذا ما يعكسه قلة الأحكام التي تناولت أعمال السيادة بل انعدامها في كثير من الحالات.

ومستوى عملي أو تطبيقي:  بحث إن هذا التوجه الغامض للقيود المؤسساتية نظريا، يؤثر بشكل جلي في تطبيقاتها بالمغرب، ويمكن أخذ نموذج كافي للحديث عن هذا التطبيق المنحرف، وهي الظهائر الملكية، والتي كان يتعامل معها القاضي الإداري بنوع من الريبة، لذلك من اللازم تغيير المنطلقات القضائية، التي كانت الغرفة الإدارية تنطلق منها لتبرير عدم الطعن في الظهائر الملكية.

فلم يعد مقبولا أن تبقى هذه المرجعية التقليدية في ضبط الظهائر الملكية في ظل التطور المتزايد للقضاء الإداري.



النتائج والتوصيات:

أولا: النتائج 
كل ما تم تناوله في هذه الدراسة يطرح النتائج البحثية التالية:

1)    القانون في كثير من الحالات يصبح عاملا مقيدا للقضاء الإداري، وهذا أمر سلبي يمنع من تطور القضاء الإداري.

2)    تطرح البنية التنظيمية للمحاكم الإدارية بالمغرب عدة أسئلة، كلها تصب حول مكانة القضاء الإداري في التنظيم القضائي بالمغرب، فالقيد الأول الذي يمكن طرحه هو قيد تنظيمي، مرتبط بسوء توزيع المحاكم الإدارية، خصوصا مع ما يصبوا إليه مشروع التنظيم القضائي من تقييد للقضاء الإداري، خصوصا عند إحداث تلك الأقسام المتعلقة بالقضاء الإداري في المحاكم الابتدائية.

3)    كذلك هنالك تأثير سلبي للقواعد العامة للإجراءات على القضاء الإداري، من خلال عدم ضبط المجال الإجرائي للمنازعات الإدارية، والذي أضحى متفرقا، غير منضبط في إطار قانوني واحد، وقد زادت هذه المشاكل مع مشروع المسطرة المدنية الذي لم يراعي كم الخصوصيات التي تتميز بها المنازعات الإدارية.

4)    كما أن هاته القيود، تمتد إلى ماهو موضوعي مرتبط، بالتقليص المتزايد للدور الإنشائي للقضاء الإداري، هذا التقليص مرده إلى عدة أبعاد يمكن إجمالها في: بعد شكلي، مرتبط بالعوامل الداخلية والشكلية المؤثرة في آلية إنشاء القواعد من طرف القضاء الإداري، ثم بعد تقني، يتجلى في طغيان الجانب التقني على بعض المنازعات الإدارية، خصوصا المنازعات الضريبية.
5)    وجود عدة استثناءات تخرج عدة مؤسسات، من اختصاص القضاء الإداري، لذلك فهي قيود مؤسساتية، تؤثر سلبا في القضاء الإداري.

6)    السلطة التقديرية هي من بين القيود غير المطلقة، لكن تبقى غير مضبوطة على المستوى المفاهيمي، بل إن بداهة هذا المفهوم، جعلت منه مفهوما غامضا، وقد إختلفت حوله الآراء.

7)    كما أن رقابة القضاء الإداري على السلطة التقديرية بدأت بالتراجع، بحيث تشكل بعض القرارات الصادرة عن الغرفة الإدارية اجتهادا مهما برز بشكل جلي مستوى تطور القضاء الإداري بالمغرب وما وصل إليه من رقابة على السلطة التقديرية للإدارة، لكن سرعان ما تراجع الإجتهاد القضائي حاليا، وأصبحت كثير من الأحكام ذا طبيعة نمطية أصبحت تكرر تلك النظريات التي تم التأسيس لها سابقا.

8)    أعمال السيادة هي كذلك مفهوم آخر، ملتبس؛ لم يحاول القضاء الإداري بالمغرب ضبطه، بل إنه لم يناقِش هاته النظرية إلا في حالات قليلة جدا.

9)    يطرح موضوع أعمال السيادة، إشكالية الالتباس المفاهيمي، فلم يستطع الفقه المؤيد لهاته النظرية أن يجلب معايير مقنعة لتحديدها، والتي سرعان ما انتهت إلى الزوال، ووحده القضاء الإداري الذي حاول أن يطرح بدائل لتحديده هانه النظرية، وبالفعل فقد صمد معياره، والذي كان أكثر منطقية، من خلال تحديد قائمة بالأعمال التي تدخل ضمن نظرية أعمال السيادة.

10)    لكن حاول القضاء الإداري في ما بعد أن يحد من أعمال السيادة من خلال حصر وتضييق هاته القائمة، كما حاول أيضا أن يدخل كثيرا من التحسينات التي تحد من التشعب الذي تعانيه هاته النظرية.

11)    إن تطبيق القيود المؤسساتية على أرض الواقع بالمغرب، يطرح عدة إشكالات تبرز أهمية ضبط المفاهيم، فالظهائر الملكية بالمغرب تعد نموذجا مهما، لكم المشاكل المرتبطة بتحديدها، وعدم التحديد هذا مرده إلى إشكالية تأثير المرجعية التقليدانية المحددة للمؤسسة الملكية في موقف القضاء الإداري، هذا الموقف الذي أصبح غير مساير لتطور البنية السياسية والقانونية بالمغرب.

ثانيا: توصيات:
إن النتائج السابقة بكل دلالاتها وسياقات بروزها، تمكن من إبراز بعض البدائل والحلول النسبية من خلال:

1)    تحديد وضبط المصطلحات، خصوصا مصطلحي السلطة التقديرية وأعمال السيادة،  في إتجاه فرض رقابة شاملة عليها، خصوصا أعمال السيادة التي ما زالت إلى الآن غير مراقبة من القضاء الإداري، خصوصا القضاء الإداري الفرنسي.

2)    تحديد وضبط الجانب التنظيمي للمحاكم الإدارية، من خلال مسايرته للجهوية المتقدمة، والعدول عن تطبيق أقسام القضاء الإداري، لما ستطرحه من مشاكل لم يعد يتحملها القضاء الإداري.

3)    محاولة تأسيس مجال خاص لإجراءات المنازعات الإدارية، من خلال فرضيتين: 
    الفرضية الأولى: استقلال المنازعات الإدارية بمدونة خاصة تعنى بالدعوى الإدارية، ومساطر التنفيذ، وكذا الإثبات، وجل مظاهر خصوصية المنازعات الإدارية.
    الفرضية الثانية: محاولة إصلاح نظام المنازعات الإدارية من داخل قانون المسطرة المدنية، من خلال تحديد مجال خاص وإعطائه حيزا مستقلا، عن الأحكام الأخرى، باستثناء الأحكام العامة التي تخضع لها كل الدعاوى القضائية.
 غير أن الفرضية الثانية هي الأكثر حضورا خصوصا مع مشروع قانون المسطرة المدنية الذي جمع كل القواعد الإجرائية بما فيها المنازعات الإدارية، إلا أن هذه الفرضية لم تطبق بشكل سليم.

4)    ضرورة الاتجاه نحو تأسيس مسؤولية الدولة عن أعمال السيادة، من خلال الاستفادة من أحكام مجلس الدولة والتي أسست لمسؤولية الدولة عن الاتفاقيات الدولية، وأيضا لمسؤولية الدولة عن الأعمال التشريعية.

5)    ضرورة إنتاج موقف جديد للقضاء الإداري بالمغرب مناسبة بته في الظهائر الملكية، وذلك بالتخلص من المرجعية التقليدية المؤثرة في موقفه والذي لم يعد يلائم الدستور المغربي 2011، بحيث لا بد للقضاء الإداري أن يتخلص من المرجعية التقليدانية الناظمة لعمل المؤسسة الملكية، وكذلك يجب أن يتجه نحو تمييز الظهائر الملكية من خلال المعيار المزدوج.



الاثنين 24 أكتوبر 2016

تعليق جديد
Twitter