MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers



محكمة الإستئناف بالقنيطرة:إذا كان تاريخ تحرير محضر الوضع تحت الحراسة النظرية غير مستقيم ومنطق مجريات الأحداث المضمنة به، بل ومتناقض مع ما تضمنته باقي المحاضر المكونة للمسطرة المجراة، يصير كأن لم يكن، طالما أن عدم صحته تتنزل، منطقا وقانونا، منزلة عدمه

     

القاعدة

بغض النظر عن عدم الإشارة إلى تاريخ وساعة إنجاز إجراء الإيقاف ، فإن تاريخ تحرير هذا الأخير عندما يكون غير مستقيم ومنطق مجريات الأحداث المضمنة به، بل ومتناقض مع ما تضمنته باقي المحاضر المكونة للمسطرة المجراة، يصير كأن لم يكن، طالما أن عدم صحته تتنزل، منطقا وقانونا، منزلة عدمه، إذ هو والعدم سيان، فضلا عما يترتب عن ذلك من غَلِّ يد المحكمة عن مراقبة مدى شرعية ومشروعية الإجراءات المنجزة بمقتضاه، ولا سيما إجراء الإيقاف والوضع تحت تدبير الحراسة النظرية المحتسب ابتداء من ساعة الإيقاف نفسه، مما يجعل منه بالتَبع محضرا غير صحيح من الناحية الشكلية، ويتعين عدم الاعتداد به تطبيقا للمادتين 24 و289 من قانون المسطرة الجنائية.



نسخة كاملة للتحميل


وبعـد الـتأمل وطبـقـا للـقـانون
 
  1. من حيث الدفع الرامي إلى بطلان محضر المعاينة
حيث تقدم دفاع المتهمتين الثانية والثالثة بدفع شكلي، يرمي إلى التصريح ببطلان محضر الضابطة القضائية، ذلك أن محضر الانتقال والمعاينة والإيقاف مؤرخ في 17-10-2017، بينما محاضر الاستماع إلى أطراف النزاع مؤرخة في 16-10-2017، والحال أن في تاريخ محضر المعاينة كانت المتهمة الثانية تحت تدبير الحراسة النظرية، لأن الوقائع وقعت حقيقة بتاريخ 16-10-2017.
وحيث عقب السيد وكيل الملك على ذلك، ملتمسا عدم قبول الدفع المثار، موضحا أن المحضر أنجز محترما لكافة الشروط المتطلبة قانونا، وأن الأمر لا يعدو أن يكون خطأ ماديا، لأن المنطق يقتضي أن يكون محضر المعاينة منجز قبل محاضر الاستماع، وأن ذلك لا أثر له على صحة المحضر.
وحيث لا يعتد بالمحاضر والتقارير التي ينجزها ضباط الشرطة القضائية، كجزاء قانوني خصه المشرع بها، "(..) إلا إذا كانت صحيحة في الشكل وضمن فيها محررها وهو يمارس مهام وظيفته ما عاينه أو تلقاه شخصيا في مجال اختصاصه"، تطبيقا للمادة 289 من قانون المسطرة الجنائية.
وحيث إن من بين الشروط الشكلية المتطلبة قانونا، طبقا للمادة 24 من قانون المسطرة الجنائية، لصحة محاضر الشرطة القضائية، أن "يتضمن المحضر خاصة اسم محرره وصفته ومكان عمله وتوقيعه، ويشار فيه إلى تاريخ وساعة إنجاز الإجراء، وساعة تحرير المحضر إذا كانت تخالف ساعة إنجاز الإجراء".
وحيث إنه، وبالرجوع إلى محضر المعاينة المنجز على ذمة هذه القضية، بتاريخ 17-10-2017، على الساعة 16 و20 دقيقة، تبين للمحكمة أنه يوثق لثلاث إجراءات من إجراءات البحث، وهي: الانتقال، والمعاينة، والإيقاف المفضي إلى الوضع تحت تدبير الحراسة النظرية.
وحيث إنه، وبعد تفحص المحكمة لباقي المحاضر المكونة للمسطرة المجراة في هذه النازلة، ولاسيما محضر استماع المتهمين الأول والثانية، اتضح أن إجراء إيقاف هذين الأخيرين ووضعهما تحت تدبير الحراسة النظرية، بحسب ظاهر ذات المحاضر، كان بتاريخ 16-10-2017، وهو تاريخ سابق على تاريخ تحرير محضر المعاينة بيوم واحد. 
وحيث إنه، وبغض النظر عن عدم الإشارة إلى تاريخ وساعة إنجاز إجراء الإيقاف والوضع تحت تدبير الحراسة النظرية بمحضر المعاينة المذكور، فإن تاريخ هذا الأخير لا يستقيم ومنطق مجريات الأحداث المضمنة به، بل هو متناقض مع ما تضمنته محاضر استماع أطراف القضية، إذ الجميع يشهد أن تلك الأحداث وقعت بتاريخ 16-10-2017 وليس 17-10-2017، مما يكون معه تاريخ تحرير المحضر، ومن تم تاريخ وساعة إنجاز إجرائي الانتقال والمعاينة، كأن لم يكن، طالما أن عدم صحتهما تتنزل، منطقا وقانونا، منزلة عدمهما، إذ هما والعدم سيان.
وحيث إنه، ونتيجة لذلك، فإن عدم صحة تاريخ وساعة تحرير المحضر المُنَزَّل منزلة العدم، مع ما يترتب عن ذلك من غَلِّ يد المحكمة عن مراقبة مدى شرعية ومشروعية الإجراءات المنجزة بمقتضاه، ولا سيما إجراء الإيقاف والوضع تحت تدبير الحراسة النظرية المحتسب ابتداء من ساعة الإيقاف نفسه، يجعل منه بالتَبع محضرا غير صحيح من الناحية الشكلية، ويتعين عدم الاعتداد به تطبيقا للمادتين 24 و289 أعلاه.
وحيث إنه، واستنادا إلى كل ما سلف، فإنه يتعين على المحكمة الاستجابة إلى الدفع المثار من قبل دفاع المتهمتين الثانية والثالثة، والتصريح بقبوله، وذلك بإبطال محضر الضابطة القضائية في حدود محضر الانتقال والمعاينة والإيقاف، وعدم الاعتداد به.
  1. من حيث الدعوى العمومية
حيث توبع المتهمون من طرف السيد وكيل الملك من أجل عدم الامتثال وإهانة رجال القوة العمومية أثناء قيامهم بمهامهم والعنف في حقهم بالنسبة للأول، وإهانة رجال القوة العمومية أثناء قيامهم بمهامهم بالنسبة للثانية والثالثة، طبقا لفصول المتابعة أعلاه.
وحيث اعترف المتهم الأول تمهيديا، أنه بالفعل استوقف شاحنته بمكان يمنع التوقف فيه، ولما طالبه أحد عناصر شرطة المرور بوثائقها، رفض تسليمه لها، وربط الاتصال بالممثل القانوني للشركة قصد إخباره بالواقعة، حينها أقدم الشرطي على نزع هاتفه من يده، مما قام معه هو الآخر بنزع هاتف الشرطي من جيبه بالقوة، وصعد إلى مقطورة الشاحنة، وأحكم إغلاق أبوابها، وشرع في إجراء مكالمة هاتفية منه، موضحا، أن هذه الواقعة عرفت تجمهرا كبيرا من الفضوليين، وكانت منهم المتهمتين اللتين شرعتا في إحداث الضوضاء بدعوى الاحتجاج، موجهتين لرجال الشرطة عبارات تحقيرية. فيما أنكرت المتهمة الثانية المنسوب إليها، واعترفت ابنتها المتهمة الثالثة بكل ذلك.
وحيث استنطق المتهمون حول المنسوب إليهم من طرف السيد وكيل الملك، وأمام المحكمة، فاعترف أولهم أنه أخذ هاتف الشرطي من جيبه لإجراء اتصال بأحد السائقين لإحضار وثائق الشاحنة، وأنكر تعنيفه بالمرة، بينما أنكرت المتهمتان كل المنسوب إليهما جملة وتفصيلا.
وحيث إن "المحاضر والتقارير التي يحررها ضباط الشرطة القضائية في شأن التثبت من الجنح والمخالفات يوثق بمضمنها إلى أن يثبت العكس" طبقا للمادة 290 من قانون المسطرة الجنائية.
وحيث لئن كانت القوة الثبوتية لمحاضر الضابطة القضائية واضحة لا لبس فيها طبقا للمادة 290 المذكورة، فإنه: "يدخل ضمن السلطة التقديرية للمحكمة ألا تَأْخُذ بما يرد في محاضر الضابطة القضائية في الجنح والمخالفات لعدم اطمئنانها لها"، (قرار محكمة النقض،  عدد 1247، مؤرخ في 28-03-2002).
وحيث أفاد الشاهد ع. ز، بعد أدائه اليمين القانونية، أنه: "وبعد خروجه من العمل، اتجه نحو اقتناء مادة الخبز، وكان حينها يمسك بيده هاتفه النقال، فطالبه شرطي بتمكينه من هاتفه، وأخبره بأن يتقدم إلى مركز الشرطة"، مضيفا، أنه: "وبعد أن ذهب إلى هذا الأخير، استفسره رجال الشرطة حول ما إذا كان يقوم بالتصوير، ثم أرجعوا له هاتفه"، موضحا أنه: "لم يشاهد المتهمتين بالمرة إلى أن شاهد أولاهما بالمخفر، وأنه لم يشاهدها تسب وتشتم الشرطة"، مؤكدا أن: "رجال الشرطة طلبوا منه التوقيع دون أن يعلم ما ضمن بالمحضر".
وحيث جاءت هذه الشهادة مخالفة لما ضمن بمحضر أقوال صاحبها أمام الضابطة القضائية من تصريحات، إذ نُسب له أنه: "وساعة الواقعة، شاهد المتهمة الثانية وهي تصيح بعبارة: "شوفوا أعباد الله .. والحكارة .. صوروا أعباد الله .. صوروا"، مصرة على تحريض جميع الفضوليين اللذين كانوا بعين المكان، وقد تزامن ذلك لما كان رجال الشرطة يزاولون مهامهم أثناء إيقاف صاحب الشاحنة المتهم الأول، الذي أبدى مقاومة شرسة في حقهم، وعرضهم لوابل من عبارات السب والشتم والإهانة".
وحيث إنه، وترجيحا للشهادة القانونية المدلى بها في مجلس القضاء على غيرها من التصريحات، ومراعاة لما جاء في مضمونها المُناقض لما تضمنه محضر استماع الشاهد نفسه أمام الضابطة القضائية، والمُخالف لما تضمناه محضرا استماع المتهمتين الثانية والثالثة ؛ فإنه، قد تسرب للمحكمة شكٌّ في مدى صِدقية فحوى المحاضر الثلاثة المذكورة.
وحيث إن مما يُعمق هذا الشك، هو ما أقدمت عليه المتهمتان من رفضهما التوقيع على محضري استماعهما.
وحيث لما تسرب إلى وجدان المحكمة شك في صدقية المحاضر المذكورة، لتناقضها مع شهادة الشاهد ع. ز، فإنه، وإعمالا لطريقة "الاستدلال بدلالة الالتزام" كما هي مقررة في محلها من "علم المنطق" ؛ فإن استبعاد مضمون تلك المحاضر للشك، يستلزم، عقلا وواقعا ووجدانا، استبعاد المسطرة المجراة بكل أجزائها، بما فيها محضر استماع المتهم الأول، وذلك لعدم اطمئنان المحكمة إلى فحواها بحسب ما لها من سلطة في تقدير وسائل الإثبات.
وحيث كلما اعتوَر الشك أو الريبة تكوين قناعة المحكمة، فإن من واجبها أن تفسره لفائدة المتهم، تطبيقا للمادة الأولى من قانون المسطرة الجنائية.
وحيث إنه، وأمام استبعاد المحكمة لمحضر المعاينة، وعدم اطمئنانها لفحوى باقي أجزاء المسطرة المجراة، وفق التعليلات أعلاه، فإنه يتعين عليها أن لا تلتفت، عند تكوين قناعتها، في نازلة الحال، إلا إلى محاضر استنطاق المتهمين أمام السيد وكيل الملك التي جاءت، جميعها، سليمة من الناحية الشكلية وموافقة لما يقتضيه صحيح القانون، فضلا عما راج أمامها علنيا وشفاهيا بجلسة الحكم.
وحيث إنه، وترتيبا على ما سلف، فلا دليل للمحكمة على ثبوت جنحة إهانة رجال القوة العمومية أثناء قيامهم بمهامهم والعنف في حقهم ضد المتهمتين الثانية والثالثة، نظرا لخلو الملف من أية وسيلة قاطعة لإثبات ذلك غير محضر المعاينة ومحضري استماعهما أمام الضابطة القضائية، المتسرب بشأنهما شكٌ إلى وجدان المحكمة كما تقرر وفق التعليلات أعلاه، مما يتعين معه القول بعدم مؤاخذتهما من أجلها، والتصريح ببراءتهما، عملا بالمبدأ المنصوص عليه في المادة الأولى من قانون المسطرة الجنائية، والقاضي بأن : "الأصل في الإنسان البراءة"، وأن الأحكام الجنائية "لا تبنى على الشك والتخمين بل على الجزم واليقين".
وحيث إنه، واستنادا إلى الاعتراف التمهيدي للمتهم أمام السيد وكيل الملك، وكذا اعترافه القضائي أمام المحكمة، فإن جنحة عدم الامتثال وإهانة رجال القوة العمومية أثناء قيامهم بمهامهم والعنف في حقهم، تبقى ثابتة في حقه، وذلك بالنظر لعناصرها التكوينية المنصوص عليها في ذات الفصول أعلاه، مما كونت معه المحكمة اقـتناعها الوجداني بإدانته من أجلها.
وحيث ارتأت المحكمة تمتيع هذا المتهم بظروف التخفيف، نظرا لقساوة العقوبة المنصوص عليها في فصل المتابعة مقارنة بخطورة الأفعال المرتكبة، ودرجة إجرامه، فضلا عن حالته الاجتماعية والعائلية وانعدام سوابقه القضائية، عملا بمقتضيات الفصل 141 و146 من القانون الجنائي.
وحيث تبعا لكل هذا، يتعين تحميل المتهم صائر الدعوى، تطبيقا للمادة 367 من قانون المسطرة الجنائية.
وحيث ارتأت المحكمة، تحديد مدة الإكراه البدني في الحد الأدنى، تطبيقا للمادتين 636 و638 من قانون المسطرة الجنائية.
وتطبيقا لمقتضيات قانون المسطرة الجنائية، وكذا فصول المتابعة.
 
 
 
 
 
لهذه الأسبـــاب
 
تصرح المحكمة علنيا وابتدائيا وحضوريا:
  • في الدفع الشكلي: بقبوله، والتصريح بعدم الاعتداد بمحضر المعاينة والإيقاف عدد 1054-د1.
  • في الدعوى العمومية:
    • بعدم مؤاخذة المتهمتين (م. و. ل) و (أ.  ك) من أجل المنسوب إليهما، والحكم ببراءتهما ؛
    • بإدانة المتهم (ط. هـ) من أجل المنسوب إليه، والحكم عليه بشهر (01) حبسا نافذا، وتحميله الصائر، والإجبار في الأدنى.
 
 
وبهذا، صدر الحكم وتلي بالجلسة العلنية المنعقدة في اليوم والشهر والسنة أعلاه، بقاعة الجلسات الاعتيادية بالمحكمة الابتدائية بالقنيطرة، وهي مشكلة من نفس الهيأة التي ناقشت القضية، والمتركبة من السادة:
 
                                          الأستاذ:                عبد الـرزاق الــجبـاري      رئـيسـا
                                           بحضور الأستاذ    عبد الـصـديق فـضـيلات     ممثلا للنيابة العامة
                                           وبمساعدة السيد    الـمـهــدي الرفــيـق      كاتبا للضبط
 
 
   الرئيـس                                                                                                 كاتب الضبط
 
 
 



الجمعة 8 يونيو 2018

تعليق جديد
Twitter