MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers





قراءة في مشروع القانون رقم 13 – 31 المتعلق بالحق في الحصول على المعلومات

     

مـن إعــداد
يوســـف مرصــــود
المحامــي
بهيئة الدار البيضاء



قراءة في مشروع القانون رقم 13 – 31  المتعلق بالحق في الحصول على المعلومات
 استجابة لمضامين الفصل 27 من الدستور المغربي والذي جاء في ما يلي: " للمواطنات والمواطنين حق الحصول على المعلومات، الموجودة في حوزة الإدارة العمومية، والمؤسسات المنتخبة والهيئات المكلفة بمهام الرفق العام."
 
   أعدت الوزارة المنتدبة لدى رئيس الحكومة المكلفة بالوظيفة العمومية وتحديث الإدارة مشروع قانون رقم 13- 31 المتعلق بالحق في الحصول على المعلومات.
 
   وكذلك من باب ما التزم به المغرب من خلال مصادقته عل معاهدات و مواثيق دولية، خصوصا المادة 19 من العهد الدولي العالمي لحقوق الإنسان والمادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية إضافة إلى المادة 10 من اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد.
 
  وقد أكدت ديباجة هذا المشروع، على الأهمية البالغة التي يكتسبها حق الحصول على المعلومات، ومرجعيته الدستورية والدولية.   
 
   ويبدو مبدئيا أن أهمية هذا المشروع تكمن في ترسيخ مبدأ الحق القانوني في الحصول على المعلومة، تفعيلا لمقتضيات الدستور، وكذا المواثيق والمعاهدات الدولية، وأيضا القطع مع ما تم تكريسه منذ عهود فيما يتعلق بالكتمان والسرية والتكتم، أو ما يعرف عموما بأسرار الدولة، والانتصار لقيم التفافية والانفتاح والتشاركية.
 
   إلا أنه بالاطلاع على مضامين هذا المشروع، يتضح جليا أن ما كرسه الدستور في الفصل 27 من مبدأ الحق في الوصول إلى المعلومة، أفرغه وأفقده معناه مشروع قانون 13 – 13 ويتضح ذلك من خلال ما يلي:
 
 
إغراق المشروع بالاستثناءات من الحق في الحصول على المعلومة:
 
   إذا كان الفصل 27 من الدستور قد حصر الاستثناءات من الحق في الحصول على المعلومة فيما يتعلق بالدفاع الوطني، وحماية أمن الدولة الداخلي والخارجي، والحياة الخاصة للأفراد والوقاية من المس بالحريات والحقوق الأساسية المنصوص عليها في الدستور.
 
    فان المشروع ومن خلال المادة 7 منه، جاء بعدة استثناءات تفرغ مبدأ الحق في الولوج إلى المعلومة من معناه، بشكل يجعل منه مجرد إنزال صوري لمضامين الفصل 27 من الدستور، وغير مستجيب لروحه، وبعيد كل البعد على تجارب دولية في هذا المجال، وأن الأهداف المتوخاة من سن هذا القانون ستبقى بعيدة المنال أمام غزارة الاستثناءات، إلى جانب توظيف عبارات فضفاضة تحتمل أكثر من تأويل، بما يجعل منع الحق في الوصول إلى المعلومة هو الأصل، والاستثناء هو السماح بالحصول عليها.
 
  وعلى سبيل المثال تلك الاستثناءات التي ذهب المشروع في أن من شأن الكشف عنها إلحاق ضرر بالعلاقات مع دولة أخرى أو منظمة دولية حكومية أو غير حكومية، أو بالسياسة النقدية أو الاقتصادية أو المالية للدولة، أو بحقوق الملكية الصناعية أو حقوق المؤلف أو الحقوق المجاورة، أو بحقوق ومصالح الضحايا والشهود والخبراء والمبلغين فيما يخص جرائم  الرشوة والاختلاس واستغلال النفوذ وغيرها، وهي كلها استثناءات تحتمل تأويلا واسعا، بما يصعب معه الحصول على المعلومة.
 
   بالإضافة إلى أن المادة 7 جاءت باستثناءات أخرى وأدخلتها في خانة المعلومات المشمولة بالسرية، وهي سرية مداولات المجلس الوزاري ومجلس الحكومة، وسرية الأبحاث والتحريات الإدارية، وسرية المساطر القضائية والمساطر التمهيدية المتعلقة بها، ومبادئ المنافسة الحرة والمشروعة والنزيهة وكذا المبادرة الخاصة، وحماية مصادر المعلومة.
 
   وهذا التوسع المبالغ فيه من الاستثناءات دون تحديد دقيق لها، ينم عن الاحتراز الكبير الذي أحاط بواضعي المشروع، بما أفقدوا معه الفصل 27 من الدستور من روحه وكنهه، وهو الأمر الذي يستدعي تهذيب مجال هذه الاستثناءات بما يضمن الحق في الحصول على المعلومة بالشكل المتعارف عليه دوليا.
 
تعقيد إجراءات الحصول على المعلومة:
     
  نصت الفقرة الأولى من المادة 14 من المشروع على أنه يتم الحصول على المعلومات بناء على طلب يقدمه المعني بالأمر وفق نموذج معد لهذا الغرض، يتضمن اسمه الشخصي والعائلي وعنوانه الشخصي وعند الاقتضاء عنوانه الالكتروني، والمعلومات التي يرغب في الحصول عليها، مع ذكر مبررات تقديم الطلب.
 
 
  والمثير هنا هو ذكر مبررات تقديم الطلب، وهو ما يجعلنا نتساءل هل أن  ممارسة الحق في الوصول إلى المعلومة لا بد له من مبرر، أم أن مجرد الرغبة في الحصول على المعلومة هو في حد ذاته مبرر للحصول عليها، وإلا لما سيتم تسمية القانون بالحق في الحصول على المعلومات، فإذا كان الأصل فيه أنه حق، فلا ينبغي منحه والسماح بممارسته على شروط ، ومن ضمنها تقديم مبررات طلب الحصول على المعلومة، وهو ما يتنافى مع روح ما جاء به القانون نفسه.
 
  هذا وقد حددت المادة 16 من المشروع للشخص المكلف بالرد على طلب الحصول على المعلومات أجلا لا يتعدى 30 يوما، ابتداء من تقديم الطلب مع إمكانية تمديد هذا الأجل لمدة مماثلة، أي أن الرد على الطلب سيتطلب أحيانا 60 يوما، وهو يضرب في العمق الغاية من الحصول على المعلومة.
 
  كما أن المادة 17 من المشروع جاءت غير واضحة ومبهمة، وقد جاءت كاستثناء عن المادة 16، إذ نصت على أنه يجب على الشخص المكلف بالرد على طلب الحصول على المعلومات في أقرب الآجال الممكنة في الحالات المستعجلة، دون أن تحدد هذه الآجال الممكنة، ودون أن توضح المقصود بالحالات المستعجلة، وهو ما يبعد هذه المادة على الدقة والوضوح التي يتطلبها تشريع قانون ما.
 
شكلية لجنة إعمال الحق في المعلومة:        
 
  نصت المادة 22 من المشروع على أنه تحدت لدى رئيس الحكومة، لجنه لإعمال الحق في الحصول على المعلومات والسهر على تفعيله.
 
  وباستثناء ما حدده المشروع من مهام لهذه اللجنة وتشكيلها، فانه لم يحسم في توصيفها القانوني وتموقعها المؤسساتي، كما أنه ليست لها أية استقلالية، إن إداريا أو ماليا، بما يجعلها لا تتمتع بكامل الأهلية القانونية، وغير متوفرة على ميزانية خاصة للتسيير والاضطلاع بدورها، مما سيؤثر لا محالة على عملها، وبالتالي سيغيب الضمانات لممارسة الحق في الحصول على المعلومة.
 
    وفي حقيقة الأمر يأتي هذا المشروع ليؤكد لنا أن ما أعطته لنا الدولة بيدها اليمنى عن طريق الدستور، تأخذه بيدها اليسرى من خلال مشاريع القوانين المعدة في ظله، أو القوانين الصادرة تحت غطائه، ولنا المثال في المشاريع التي أعدتها وزارة العدل والتي عرفت تراجعات خطيرة، و جاءت متمردة على مبادئ كرسها دستور 2011 ومن ضمنها مشروع قانون تنظيمي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية و مشروع قانون تنظيمي للنظام الأساسي للقضاة، ومسودتي مشروعي قانون المسطرة المدنية وقانون المسطرة الجناية ومسودة القانون الجنائي، والتي عرفت جلها إقبارا لمبادئ كرسها الدستور من مثل استقلالية القضاء، والحق في المحاكمة العادلة والولوج المتبصر للعدالة، والحريات والحقوق الأساسية. 



الاربعاء 24 يونيو 2015

تعليق جديد
Twitter