MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers



قراءة في القانون التنظيمي الجديد المتعلق بمجلس المستشارين

     





ذ. الشكاري كريم
باحث في ميدان الجماعات الترابية



قراءة في القانون التنظيمي الجديد المتعلق بمجلس المستشارين
مقدمة

لقد شكل القانون التنظيمي الجديد المتعلق بمجلس المستشارين (1) نقلة نوعية في مغرب ما بعد دستور 2011 (2)، حيث تم تعزيز المشهد الديمقراطي ببلادنا عن طريق تعزيز المشاركة والتعديدية والحكامة الجيدة.
وطبقا لأحكام الفصل 63 من الدستور المغربي لسنة 2011 : « يتكون مجلس المستشارين من 90 عضوا على الأقل، و120 عضوا على الأكثر، ينتخبون بالاقتراع العام غير المباشر، لمدة ست سنوات، على أساس التوزيع التالي :
 ثلاثة أخماس الأعضاء يمثلون الجماعات الترابية، يتوزعون بين جهات المملكة بالتناسب مع عدد سكانها، ومع مراعاة الإنصاف بين الجهات. ينتخب المجلس الجهوي على مستوى كل جهة، من بين أعضائه، الثلث المخصص للجهة من هذا العدد. وينتخب الثلثان المتبقيان من قبل هيئة ناخبة تتكون على مستوى الجهة، من أعضاء المجالس الجماعية ومجالس العمالات والأقاليم ؛
 خمسان من الأعضاء تنتخبهم، في كل جهة، هيئات ناخبة تتألف من المنتخبين في الغرف المهنية، وفي المنظمات المهنية للمشغلين الأكثر تمثيلية، وأعضاء تنتخبهم على الصعيد الوطني، هيئة ناخبة مكونة من ممثلي المأجورين...».
كما نص الفصل 137 من الدستور المغربي لسنة 2011 : « تساهم الجهات والجماعات الترابية الأخرى في تفعيل السياسة العامة للدولة، وفي إعداد السياسات الترابية، من خلال ممثليها في مجلس المستشارين ».
إن هذا النص قد حقق قفزة نوعية في مجال تعزيز اللامركزية ببلادنا حيث نص في مادته الأولى : « يتألف مجلس المستشارين من 120 عضوا ينتخبون وفق القواعد والكيفيات التالية :
I. يوزع الأعضاء بمجلس المستشارين على الهيئات الناخبة كما يلي :
 72 عضوا، يمثلون الجماعات الترابية وينتخبون على صعيد جهات المملكة ؛
 20 عضوا تنتخبهم في كل جهة هيئة ناخبة واحدة تتألف من مجموع المنتخبين في الغرف المهنية الآتية في الجهة المعنية : غرف الفلاحة وغرف التجارة والصناعة والخدمات وغرف الصناعة التقليدية وغرف الصيد البحري ؛
 8 أعضاء، تنتخبهم في كل جهة هيئة ناخبة تتألف من المنتخبين في المنظمات المهنية للمشغلين الأكثر تمثيلية ؛
 20 عضوا، تنتخبهم على الصعيد الوطني هيئة ناخبة مكونة من ممثلي المأجورين... »
كما تم التنصيص في المادة 3 على : « تجري انتخابات أعضاء مجلس المستشارين عن طريق الاقتراع باللائحة وبالتمثيل النسبي على أساس قاعدة أكبر بقية ودون استعمال طريقة مزج الأصوات والتصويت التفاضلي.
غير أن الانتخاب يباشر بالاقتراع الفردي وبالأغلبية النسبية في دورة واحدة إذا تعلق الأمر بانتخاب مستشار واحد في إطار هيئة معينة ناخبة ».
كما تم سن عقوبات زجرية في مجال المخالفات المرتكبة بمناسبة الحملة الانتخابية والعمليات الانتخابية حيث تم التنصيص في الباب السادس على عقوبات تصل من سنة إلى خمس سنوات وبغرامة من 50.000 إلى 100.000 درهم، وتتضاعف العقوبة إذا كان مرتكب المخالفة موظفا عموميا أو مأموري الإدارة أو جماعة ترابية، وكذلك الحرمان من التصويت لمدة سنتين ومن حق الترشح للانتخابات لفترتين نيابيتين متتاليتين.
بالإضافة إلى جعل بطاقة التعريف الوطنية هي الوثيقة المستعملة في يوم الاقتراع بدل بطاقة الناخب تسهيلا للإجراءات المتعلقة بالتصويت، وكذا إمكانية التصويت بالوكالة لناخب مقيم خارج تراب المملكة...
إن تبني نظام معاصر وعام للامركزية هو من إبداع المغرب المستقل، فالنصوص الأولى المحددة لهذا التنظيم الجماعي بعد الاستقلال (3)، هي ظهير 1 شتنبر 1959 بشأن انتخاب المجالس الجماعية (4) كما وقع تغييره وتتميمه الذي كرس لأول مرة قاعدة انتخاب أعضاء المجالس الجماعية لمدة ست سنوات بالاقتراع الأحادي الاسمي بالأغلبية النسبية ثم ظهير 2 دجنبر 1959 كما تم تغييره وتتميمه (5) المتعلق بإحداث ورسم الحدود الترابية للجماعات. وتطورت التجربة فيما بعد بمرسوم 30 يونيو 1992 (6)، واستمر التطور بمرسوم 31 ماي 1996 (7).
ومرسوم 31 دجنبر 1998 (8) الذي وقع تتميمه بمرسوم 25 مارس 2003 بعد دخول نظام المقاطعات، المحدث بالميثاق الجماعي لسنة 2002، حيز التطبيق (9)، وأخيرا مرسوم 11 يونيو 2009 (10) الذي تصادف مع تنظيم الانتخابات الجماعية ل 12 يونيو 2009.
ويمكن إجمال مختلف تعديلات التقسيم الجماعي في الاتجاهات التالية، ميز كل منها مرحلة معينة من مراحل تطور مسلسل اللامركزية بالمملكة :

 1959-1976 : وضع اللبنات الأساسية للامركزية ؛
 1992-2002 : الارتقاء بالجهة إلى جماعة محلية واعتماد ميثاق جماعي جديد ؛
 2009 : تحسين الحكامة المحلية وعصرنة التدبير المالي للجماعات ؛
 29 يوليوز 2011 : نحو مرحلة جديدة من تطور اللامركزية والجهوية المتقدمة ببلادنا (11).

تكتسي دراسة المقتضيات الجديدة للقانون التنظيمي الجديد المتعلق بمجلس المستشارين تشكل فرصة مهمة للوقوف على مستجدات هذا القانون التنظيمي، وكذا لتقييم مستجداته في ميدان تعزيز الديمقراطية المحلية والحكامة الترابية.
وتبعا لذلك فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو ما هو الجديد الذي جاء به القانون التنظيمي الذي جاء به القانون التنظيمي المتعلق بمجلس المستشارين وكيف يمكننا تقييم مستجدات هذا القانون التنظيمي ؟ وتتفرع عن هذه الإشكالية أسئلة فرعية :

 كيف ساهم القانون التنظيمي الجديد في تدعيم الجهوية ؛
 ماهية تخليق الحياة المحلية ؛
 أية آفاق يمكننا استشرافها لمقتضيات هذا القانون التنظيمي الجديد.
ومما سبق، فقد تقرر تناول هذا القانون التنظيمي وفق المبحثين الآتيين :

 المبحث الأول : مستجدات القانون التنظيمي المتعلق بمجلس المستشارين ؛
 المبحث الثاني : آفاق القانون التنظيمي المتعلق بمجلس المستشارين.

المبحث الأول
مستجدات القانون التنظيمي المتعلق بمجلس المستشارين


أضحت الجماعات الترابية المغربية في الآونة المغربية إحدى المحددات الرئيسية للتدخلات العمومية في مختلف مظاهر الحياة العامة للدولة.
ولم تأت هذه الأهمية بمحض الصدفة ولا من فراغ، بل كانت نتيجة طبيعية لتطورات وطنية ودولية أملتها ظروف ومعطيات معينة أفرزت لنا وحدات ترابية معينة، نشيطة، فعالة وساهرة على تدبير الشأن العام المحلي ومساهمة في القضايا الكبرى للبلاد (12).
ومن جملة تلك الظروف المتحكمة في تنامي دور الجماعات الترابية، ما يتعلق بالعوامل الدولية والمتجلية أساسا في انتشار الفكر الديمقراطي والمشاركة السياسية ودعائم دولة الحق والقانون (13) التي تدعو إلى إشراك الساكنة المحلية في جميع المبادرات التي تهم الشأن العام المحلي حتى تكون أكثر إسهاما في التعاطي مع الرهانات المطروحة عليها.
وإلى جانب ذلك، ساهمت العولمة بكل تجلياتها في تجاوز المفهوم التقليدي للحدود المتعارف عليها دوليا إلى مفهوم أكثر امتداد شمولا للمعرفة والاقتصاد والسوق بحيث لا تعترف بالجهود الفردية للدولة المركزية، بل تضع من الفكر التشاركي إحدى المبادئ الأساسية للتنمية المستديمة.
كما جاءت التوصيات الصادرة عن الهيئات المالية الدولية كالبنك العالمي وصندوق النقد الدولي لتحث الدولة على إشراك فاعلين اقتصاديين آخرين لحل إشكالية التنمية والنمو (14)، وفي هذا الصدد يمكن التذكير مثلا التقرير الشهير للبنك الدولي لسنة 1995 بخصوص وضعية الإدارة المغربية، والذي من جملة ما دعا إليه هو البحث عن أدوار جديدة للجماعات الترابية وتقوية مساهمتها في تدبير الشأن العام المحلي والوطني.


وإذا كانت العوامل الدولية قد ساهمت بشكل كبير في تنامي دور الجماعات الترابية للعب دور أكثر ديناميكية، فإن المعطيات الداخلية كرست أيضا هذه الطفرة نتيجة أسباب من بينها تراجع دور الدولة بسبب أزمة القطاع العام وتزايد النفقات العمومية وتزايد النفقات العمومية وسوء التسيير (15)، زيادة على مشكل المديونية وضعف مؤشرات الاقتصاد وانتشار الفقر والأمية والإقصاء الاجتماعي.
تبعا لهذه المعطيات ، فقد ارتأينا تناول هذا المبحث وفق المطلبين الآتيين : تدعيم الجهوية المتقدمة ( المطلب الأول)، وترسيخ آليات تخليق الحياة المحلية (المطلب الثاني).

المطلب الأول : تدعيم الجهوية المتقدمة


إن ورش الجهوية المتقدمة يتطلع إلى بلورة الإدارة الملكية السامية الرامية إلى تمكين المغرب من جهوية متقدمة، ديمقراطية الجوهر مكرسة للتنمية المستدامة والمندمجة اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وبيئيا، تكون مدخلا لإصلاح عميق لهياكل الدولة من خلال السير الحثيث المتدرج على درب اللامركزية واللاتمركز الفعليين النافذين، والديمقراطية المعمقة، والتحديث الاجتماعي والسياسي والإداري للبلاد والحكامة الجيدة (16).
ولهذه الأسباب فقد جاء القانون التنظيمي الجديد المتعلق بمجلس المستشارين لتكريس ورش الجهوية المتقدمة من خلال التنصيص على مقتضيات متقدمة في هذا المجال :
 يتألف مجلس المستشارين من 120 عضوا ينتخبون وفق القواعد والكيفيات التالية :
I. يوزع الأعضاء بمجلس المستشارين على الهيئات الناخبة كما يلي :
 72 عضوا، يمثلون الجماعات الترابية وينتخبون على صعيد جهات المملكة... (17) ؛
 الناخبون والناخبات هم الأعضاء المتألفة منهم الهيئات الناخبة المشار إليها في المادة الأولى المقيدون في اللوائح الانتخابية العامة.
لا يجوز لأي ناخب أن يصوت أكثر من مرة واحدة برسم انتخاب أعضاء مجلس المستشارين…. (18)
إلى جانب تدعيم الجهوية المتقدمة، فقد تم ترسيخ آليات تخليق الحياة المحلية.
المطلب الثاني : ترسيخ آليات تخليق الحياة المحلية
ما انفكت المملكة المغربية منذ خطواتها الأولى على طريق بناء الدولة الوطنية المستقلة، تعمد إلى اتخاذ كل الإجراءات التي ترى أن من شأنها أن تساهم في تخليق العامة، وتعزيز آليات الوقاية من الفساد ومحاربته، وذلك وعيا منها لهذه الآفة من تأثير ضار على السياسات التنموية على جميع الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية.
وفي هذا السياق تدخل التدابير الساعية إلى توطيد قيم النزاهة والشفافية في تدبير الشأن العام (19).
يرتكز المسلسل الانتخابي على مبدأ المساواة في جميع مراحله، ولا وجود للمساواة إلا إذا كانت الوسائل التي يحظى بها جميع المترشحين متقاربة. ويعني هذا وجوب استبعاد أن تتوقف حظوظ الفوز في الانتخابات على وفرة الوسائل المالية، والحرص على أن تستعمل تلك الوسائل بشفافية ضمانا لتخليق الحملة الانتخابية، ومن تم تدعيم المؤسسات الديمقراطية المنتخبة (20) تبعا لذلك، فقد سن المشرع المغربي في القانون التنظيمي المتعلق بمجلس المستشارين من أجل تخليق الحياة المحلية

 يعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات وبغرامة من 50.000 إلى 100.000 درهم كل من حمل أو حاول أن يحمل ناخبا على الإمساك عن التصويت أو أثر أو حاول التأثير في تصويته بالاعتداء أو باستعمال العنف أو التهديد أو بتخويفه من فقد وظيفته أو تعرض شخصه أو أسرته أو ممتلكاته إلى ضرر (21) ؛
 تضاعف العقوبة في الأحوال المقررة في المواد من 62 إلى 64 أعلاه، إذا كان مرتكب المخالفة موظفا عموميا أو مأمور من مأموري الإدارة أو جماعة ترابية (22) ؛
 يترتب بقوة القانون على العقوبات الصادرة بموجب المواد من 62 إلى 64 أعلاه الحرمان من التصويت لمدة سنتين ومن حق الترشح للانتخابات لفترتين نيابيتين متتاليتين (23)...
بعد استعراض مستجدات القانون التنظيمي الجديد المتعلق بمجلس المستشارين، فإن السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو أية آفاق يمكننا استشرافها في هذا الصدد ؟

المبحث الثاني
آفاق القانون التنظيمي المتعلق بمجلس المستشارين


إن تحليل المقتضيات القانونية للقانون التنظيمي المتعلق بمجلس المستشارين أبان عن كون هذا الأخير قد حقق قفزة نوعية في مجال تدعيم اللامركزية الترابية ببلادنا وذلك من خلال إرساء دعائم الجهوية المتقدمة المبنية على الأهداف الآتية :
 ترسيخ الحكامة الجيدة ؛
 تعزيز القرب من المواطن ؛
 تفعيل التنمية الجهوية المندمجة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
إضافة إلى ماسبق، فقد رسخ القانون التنظيمي المتعلق بمجلس المستشارين آليات لتخليق الحياة المحلية من خلال التنصيص على عقوبات زجرية في مجال المخالفات المرتكبة بمناسبة الانتخابات.
مما سلف، فسوف نتناول هذا المبحث وفق المطلب الآتيين : ضرورة تنصيب المحكمة الدستورية (المطلب الأول)، ووجوب إصدار قانون التصريح بالممتلكات والأصول (المطلب الثاني).

المطلب الأول : ضرورة تنصيب المحكمة الدستورية


استنادا إلى مقتضيات الفصل 130 من الدستور المغربي لسنة 2011 : « تتألف المحكمة الدستورية من اثني عشر عضوا، يعينون لمدة تسع سنوات غير قابلة للتجديد، ستة أعضاء يعينهم الملك، من بينهم عضو يقترحه الأمين العام للمجلس العلمي الأعلى، وستة أعضاء ينُتخب نصفهم من قبل مجلس النواب، وينتخب النصف الآخر من قبل مجلس المستشارين من بين المترشحين الذين يقدمهم مكتب كل مجلس، وذلك بعد التصويت بالاقتراع السري وبأغلبية ثلثي الأعضاء الذين يتألف منهم كل مجلس... ».
كما نص الفصل 132 من الدستور المغربي لسنة 2011 : « تمارس المحكمة الدستورية الاختصاصات المسندة إليها بفصول الدستور، وبأحكام القوانين التنظيمية، وتبت بالإضافة إلى ذلك في صحة انتخاب أعضاء البرلمان وعمليات الاستفتاء
تحال إلى المحكمة الدستورية القوانين التنظيمية قبل إصدار الأمر بتنفيذها، والأنظمة الداخلية لكل من مجلس النواب ومجلس المستشارين قبل الشروع في تطبيقها لتبت في مطابقتها للدستور...».
إنه بمقتضى التعديلات الدستورية، تم التأكيد من جديد بأن المحكمة الدستورية تحتكر مجال الرقابة على دستورية القوانين، سواء تعلق الأمر بالرقابة الوقائية (الرقابة السياسية)، التي تتوخى بأن يصدر القانون بشكل مطابق للدستور، أو تعلق الأمر بالرقابة عن طريق الدفع (رقابة امتناع). وعلى هذا الأساس، يستخلص بأن الدستور المغربي أخذ بالرقابة السياسية والرقابة عن طريق الدفع مع احتكار مجال الاختصاص للمحكمة الدستورية، لمعنى عدم جواز البت في دستورية القوانين من طرف المحاكم (مدنية، جنائية، إدارية أو تجارية). فالرقابة الدستورية على القوانين،هي الآلية التي تضمن للدستور سموه، تطبيقا لمبدأ التدرج في قوة القواعد القانونية، بحيث يتعين وجوبا أن تكون القاعدة الأدنى تطابق القاعدة الأعلى درجة وإلا اعتبرت باطلة، وهو المبدأ المدني الذي أخذ به دستور 2011 في فصله 6، مؤكدا « تعتبر دستورية القواعد القانونية، وتراتبيتها، ووجوب نشرها، مبادئ ملزمة ».
إن الرقابة الدستورية يراد منها إقران توازن بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، في إطار العمل بمبدأ دولة القانون الذي يستلزم القبول بسلطة الدستور دون تعسف من أي سلطة كانت، وأعمال الرقابة الدستورية تشمل القوانين التنظيمية والعادية، والقانون الداخلي لمجلس النواب ومجلس المستشارين. ونشير إلى أن قرارات المحكمة الدستورية غير قابلة للطعن، فهي ملزمة لجميع السلطات العامة وجميع الجهات الإدارية والقضائية، علما أن الرقابة الدستورية على القوانين نوعان إما إجبارية أو اختيارية. (24).
إضافة إلى ضرورة تنصيب المحكمة الدستورية، فإنه يجب إصدار قانون التصريح بالممتلكات والأصول.

المطلب الثاني : وجوب إصدار قانون التصريح بالممتلكات والأصول


طبقا للفصل 158 من الدستور المغربي لسنة 2011 : « يجب على كل شخص، منتخبا كان أو معينا، يمارس مسؤولية عمومية، أن يقدم، طبقا للكيفيات المحددة في القانون، تصريحا كتابيا بالممتلكات والأصول التي في حيازته، بصفة مباشرة أو غير مباشرة، بمجرد تسلمه مهامه، وخلال ممارستها، وعند انتهائها ».
إن مبدأ المسؤولية ينطوي على بعد أخلاقي وبعد قانوني :
 يتمثل البعد الأخلاقي في كون الشخص يمارس مسؤولية تجعل منه عضوا من أعضاء المجموعة ؛
 أما البعد القانوني فيعني أن المسؤولية تتأسس على دعامتين ملازمتين : واجب الشفافية وضرورة دفع أو تقديم الحسابات.
تعتبر الشفافية خاصية من خصائص الحكامة (25)، وعنصرا من العناصر التي يجب أن يتأسس عليها التدبير الجيد للشأن العام المحلي.
وهذه المقاربة للمسؤولية أو ممارسة الحكامة تؤدي إلى الوقوف عند النتائج الأساسية :
 إن أية سلطة يمارسها الحكام والإدارات العمومية والجماعات الترابية تنطوي على مسؤولية الشخص الذي يمارسها ليس فقط أمام أولئك الذين قلدوه هذه المسؤولية مع إمكانية سحبها بل حتى أمام كل شخص يمكن أن يتأثر من ممارسة هذه السلطة في المجتمع أو في محيطها.
إن الفكرة التي مفادها أن مسؤولية الحكام لا تمارس إلا إزاء المنتخبين كانت واقعية في السابق لما كانت تعتبر أن البلاد مجرد تجمع لمقاطعات أو أقاليم أو مناطق ترابية. وهذا التعريف الضيق لعملية دفع أو تقديم الحساب لا يتلاءم مع واقع العالم الحالي.
فالتعريف الواسع للمسؤولية هي طريقة من الطرق للإقرار بأننا نمر إلى عهد التسيير العائلي أو المنزلي. إن واجب تقديم الحساب لا ينحصر في واجب الوكيل أو المفوض إزاء موكليه، فالأمر يتعلق بواجب يمارس بطريقة شمولية وواسعة ؛
 إن مبدأ المسؤولية فيما يخص المرافق العامة المحلية والوطنية يؤسس في نفس الوقت لتراتبية المعايير والقواعد وتسلسل في الإخلاص والأمانة.
فكل عون أو موظف عمومي يميل إلى حصر مسؤوليته في ميدان اختصاصات مؤسسته وإلى إعفاء نفسه من كل مسؤولية شخصية ما دام أنه احترام القواعد ونفذ الأوامر.
إن مبدأ المسؤولية على العكس من ذلك يجعل كل مؤسسة عن تأثيرات عملها حتى على أبعاد أخرى موازية أو مسائل لا تتكفل بها أصلا.



خاتمة عامة


وفي الختام، يتبين لنا أن القانون التنظيمي المتعلق بمجلس المستشارين قد حقق قفزة نوعية في مجال تدعيم اللامركزية ببلادنا التي عرفت نقلة نوعية منذ صدور الدستور المغربي لسنة 2011 الذي ترجم الإرادة الملكية السامية لبناء مغرب جديد مبني على ثقافة التعددية والمشاركة والتضامن.
إلا أن هذا القانون التنظيمي يبقى ناقصا إذا لم يتم العمل على تنصيب المحكمة الدستورية وإصدار قانون التصريح بالممتلكات والأصول بغية ضمان حسن سير انتخابات أعضاء مجالس المستشارين.




النسخة الحاملة للهوامش و المجهزة للنسخ




الثلاثاء 10 يوليوز 2012

تعليق جديد
Twitter