MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers



صدور العدد الأول من سلسلة الدراسات الدستورية و السياسية

     



صدور العدد الأول من سلسلة الدراسات الدستورية و السياسية


  افتتاحية العدد
السياسة التشريعية للحكومة على ضوء المخطط التشريعي
 
        لقد تميز الدخول السياسي لهذه السنة بتقديم الحكومة للمخطط التشريعي والذي استهدف من خلاله تنزيل المقتضيات الدستورية وخاصة منها القوانين التنظيمية تطبيقا للفصل 86 من دستور 2011 الذي نص على أن "تعرض مشاريع القوانين التنظيمية وجوبا قصد المصادقة عليها من قبل البرلمان في أجل لا يتعدى مدة الولاية التشريعية الأولى التي تلي صدور الأمر بتنفيذ الدستور" وبالرجوع لمضامين الدستور نجد أن هذه القوانين التنظيمية تهم ترسيم اللغة الأمازيغية (ف5) احداث وتنظيم المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية (ف5) والقانون التنظيمي المتعلق بالأحزاب السياسية (ف7) شروط وكيفيات ممارسة حق المواطنين في تقديم ملتمسات في مجال التشريع(ف14) حق المواطنين في تقديم عرائض الى السلطات العمومية (ف15) حق ممارسة الاضراب (ف 29) التعيين في المناصب السامية (ف49) تنظيم مجلس النواب (ف62) تنظيم مجلس المستشارين (ف63) تنظيم لجان تقصي الحقائق (ف67) تنظيم وتسيير أشغال الحكومة والوضع القانوني لأعضائها وحالات التنافي مع الوظيفة الحكومية وقواعد الحد من الجمع بين المناصب والقواعد الخاصة بتصريف الحكومة المنتهية مهامها للأمور الجارية (ف87) النظام الأساسي للقضاة (112) المجلس الأعلى للسلطة القضائية (ف116) قواعد تنظيم المحكمة الدستورية (ف131) الدفوع المتعلقة بعدم دستورية قانون المثارة أثناء النظر في قضية من طرف المواطنين (ف133) تنظيم الجهات والجماعات الترابية (ف146) المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي (ف153)

       هذا بالإضافة الى العمل أيضا على ملائمة المنظومة القانونية مع مقتضيات الدستور علاوة على اعتماد النصوص القانونية التي تنظم الالتزامات الدولية للمغرب وكذا مراجعة القوانين المتعلقة بالمؤسسات ذات الصلة بالحقوق والحريات والحكامة إلى جانب القوانين ذات الصلة بالتدابير التشريعية المندرجة في إطار ملائمة الترسانة القانونية مع مقتضيات الدستور  
    فالتشريع في أي نظام سياسي يعتبر واجهة السياسة العمومية المعتمدة والمتبعة وذلك لكونه يشكل أداة تنزيل السياسات وتفعيلها فلا سياسة عمومية بدون تشريع ولا تشريع بدون سياسة عمومية فالعلاقة جدلية بينهما، لذلك نجد كل الحكومات كلما أتيحت لها فرصة الحكم إلا وتقوم بإدخال عدة تعديلات على القوانين لتواكب السياسة التي ستتبعها في مختلف المجالات.

 وعليه فالحكومة الحالية وعلى غرار سابقاتها وبالرغم من توليها الحكم في ظروف خاصة تميزت بدستور جديد منح لها صلاحيات لم تكن مقررة للحكومات السابقة. هذا الدستور الذي نص على إلزامية تنزيل جميع مقتضياته داخل الولاية الحكومية الموالية أي داخل خمس سنوات وهو ما أعطى خصوصية للتشريع في هذه المرحلة لم تكن لسابقتها نظرا لارتباطها باستكمال صرح البناء الدستوري الذي لا ينتهي فقط بصياغة الوثيقة الدستورية بل يتجاوزها إلى إقرار القوانين التنظيمية المكملة له والى تعديل مختلف النصوص العادية لمواكبته.

 وعليه فان الحكومة أتت بمخطط تشريعي مرتبط بجدولة زمنية وأولويات تشريعية وهو ما يمكن اعتباره التزام سياسي وليس دستوري لأنه لا يوجد في الدستور ما يلزم الحكومة بوضع مخطط تشريعي بهذه الشاكلة إذ كان يكفي أن يتم التعامل مع هذا الموضوع بالارتجالية كما كان في السابق إلا أن مبادئ الحكامة تستدعي التعامل مع هذا الموضوع بنوع من التخطيط لأنه ليس أقل أهمية من باقي المخططات التي يتم إعدادها في القطاعات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية ... الخ
 إلا أن ما يمكن ملاحظته حول السياسة التشريعية والمخطط التشريعي للحكومة في هذا الصدد هو ما يلي:

  •  غياب التدبير التشاركي في مرحلة إعداده وخاصة مع البرلمان بغرفتيه باعتباره مصدر التشريع؛
  •  عدم استحضار نفس النفس الذي طبع منهجية إعداد الدستور فيما يتعلق بتنزيله؛
  •  عدم التمييز في المخطط بين القوانين التنظيمية الذي يجب أن يطبعها التدبير التشاركي والقوانين العادية المرتبطة بتنفيذ السياسات العمومية؛
  •  عدم استحضار مقتضيات الدستور الذي أعطى صلاحية التشريع ومهمة المشرع الأول للبرلمان؛
  •  عدم وجود السند القانوني لهذا المخطط؛
  •  عدم وجود مبرر لتقديمه أمام البرلمان ما دام غير معروض للمصادقة؛
  •  فهو يشكل تضييق للمبادرة البرلمانية؛
  •  إشكال الحيز الزمني المخصص له؛
  •  تغييب المجتمع المدني الذي أعطى له الدستور دور اقتراحي في مجال التشريع وذلك بعدم وضع القانون التنظيمي لهذا الغرض؛
  •   تغييبه للقانون المنظم للمعارضة؛
  •  إشكالية الجدوى من تعديل عدة قوانين لا  تشكل أولوية في هذه المرحلة؛
  •  إشكالية التكلفة المالية لتنزيل المخطط أخذا بعين الاعتبار فقط تكلفة تنزيل مقتضيات الجهوية والتي ستكلف حوالي 500 مليار؛
  •  تغييب القوانين المنظمة للحكامة الأمنية والتي نص عليها لأول مرة الدستور الجديد.
 
  هذا بالإضافة لمجموعة من الملاحظات التي لا يسع المجال لذكرها والتي لا تعني في جميع الأحوال إنكارا للايجابيات التي ستؤسس لها هكذا مخططات ولاسيما على مستوى الأمن القانوني وتوضيح الرؤيا للفاعلين في هذا المجال. إلا أن المطالب من الحكومة في هذا الصدد وفي هذه المرحلة بالذات هو الانتهاء مع المقاربة التي كانت معتمدة والتي تقوم على الاستعانة بمكاتب الدراسات الأجنبية والتي تستنزف أموال طائلة ، وذلك بالاعتماد على الكفاءات الوطنية كما يجب العمل على تأهيل بنيات التشريع وخاصة البرلمان والأمانة العامة للحكومة وذلك بتزويدها بالأطر المؤهلة والموارد الملية للقيام بواجبها في صناعة تشريع عصري وذو جودة عالية وملائم للواقع المغربي.



                                                                 حرر بالرباط يتاريخ 30/03/2013
الأستاذ ميمون خراط

 





الاربعاء 8 ماي 2013

تعليق جديد
Twitter