MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers



حــدود الســلطة التأديبية للـمشغل على ضوء مدونة الشغل - دراسة مقارنة- ــ تحت إشراف الدكتورة دنيا مباركة

     

ناقش الباحث عبد القادر بوبكري


بكلية العلوم القانونية والاقتصادية و الاجتماعية جامعة محمد الأول بوجدة

وحدة التكوين والبحث
في "قانون العقود والعقار"
شعبة القانون الخـاص

أطروحة لنيل دبلوم الدكتوراه في القانون الخاص تحت عنوان :

حــدود الســلطة التأديبية للـمشغل على ضوء مدونة الشغل - دراسة مقارنة

و تكونت لجنة المناقشة من السادة الأساتذة:

الدكتورة: دنيا مباركة : أستاذة التعليم العالي بكلية الحقوق- وجدة رئيسة ومشرفة
الدكتور : الحاج الكوري أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق- الرباط- أكدال عضوا
الدكتور : إدريس الفاخوري أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق- وجدة عضوا
الدكتور : محمد الشرقاني أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق- مكناس عضوا


السنة الجامعية:
2012-2013



 حــدود الســلطة التأديبية للـمشغل على ضوء مدونة الشغل - دراسة مقارنة- ــ تحت إشراف الدكتورة دنيا مباركة
كلمة الباحث لتقديم موضوع الأطروحة أثناء المناقشة

بسم الله الرحمان الرحيم

والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه؛
سيدتي الرئيسة،
السادة الأساتذة أعضاء لجنة المناقشة،
حضرات السيدات والسادة،
 أيها الحضور الكريم،
 السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

     اسمحوا لي أن أقدم أمامكم عرضا موجزا عن العمل الذي أُخْضِعُهُ اليوم لحكم وتقديرات السادة الأساتذة أعضاء اللجنة العلمية الموقرة، والمتمثل في أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص تحت عنوان : حدود السلطة التأديبية للمشغل على ضوء مدونة الشغل - دراسة مقارنة-

    وإني أود –قبل الشروع في ذلك- أن أعبر عن شكري الخالص وامتناني الكبير لأستاذتي الفاضلة الدكتورة دنيا مباركة لما أسبغته عليّ من شرفٍ بقبولها الإشراف على هذا البحث، الشكر موصول لها على أن تعهدتني بنصائحها العلمية القيمة، وتوجيهاتها البيداغوجية النيرة؛

   كما أوجه شكري وامتناني للسادة الأساتذة الأفاضل أعضاء لجنة المناقشة:

الدكتور الحاج الكوري،الدكتور ادريس الفاخوري،الدكتور محمد الشرقاني، الذين شرفوني بمشاركتهم في مناقشة هذه الاطروحة، والذين تحملوا عناء قراءتها في فترة هي فترة امتحانات الدورة الخريفية وما يطبع هذه الفترة من احتدام المشاغل ووطأة الالتزامات.

    وأتقدم بخالص الشكر والتقدير للأستاذين الدكتور الحاج الكوري والدكتور محمد الشرقاني اللذين تحملا عناء ومشاق السفر للمشاركة في تقييم هذا العمل.  

   كما يسرني أن أتقدم بجزيل الشكر وعظيم الامتنان إلى كافة أساتذتي الأجلاء من داخل وحدة البحث والتكوين في قانون العقود والعقار بكلية الحقوق وجدة،(وأخص بالشكر الدكتور إدريس الفاخوري، رئيس الوحدة، نظرا للعناية الخاصة التي أولاها لمعالجة ملف المناقشة بالرغم من انشغالاته وتعدد مسؤولياته).

    ولتسمح لي السيدة الرئيسة أن أتوجه بشكر خاص إلى أصدقائي وأفراد عائلتي الذين شرفوني بحضورهم.

سيدتي الرئيسة، السادة الأساتدة اعضاء لجنة المناقشة،  أيها الحضور الكريم.

إن المشغل باعتباره رئيسا للمقاولة، فهو الذي يستأثر بسلطات الإدارة والتأديب، ومصدر هذه السلطات نابع من ارتباط علاقة الشغل بعنصر التبعية الذي يعتبر السمة المميزة لعقد الشغل.

وتبعا لهذه السلطات التي يتمتع بها المشغل، فهو الذي يتولى بنفسه أو بواسطة من ينوب عنه، مهام الاشراف والتوجيه والمراقبة للأجراء أثناء وجودهم في مقرات عملهم، إذ هو الذي يتحمل الخسائر الناتجة عن مشروعه. ويتحمل أيضا المسؤولية المدنية عن الأضرار التي تصيب الغير نتيجة ذلك المشروع، بل يتحمل أيضا المسؤولية عن الأضرار التي تصيب عماله أثناء أو بمناسبة قيامهم بالنشاط المسند إليهم داخل المقاولة.

وإذا كانت مهام الاشراف والتوجيه والمراقبة تندرج في إطار مايسمى بالسلطة الادارية، فإن هذه الاخيرة لايمكن أن تحقق مسعاها إلا إذا تم تعزيزها بسلطة أخرى تسمى السلطة التأديبية، إذ هي التي تساعد المشغل على ضمان نجاح مشروعه، وذلك بالاعتراف له بأحقية إيقاع عقوبات تأديبية على كل الأجراء الذين يخلون بنظام العمل داخل المقاولة.

     ويقصد بالسلطة التأديبية، حق المشغل في فرض جزاءات محددة قانونا على الأجير لاجباره على عدم الاخلال بنظام العمل، إذ لايمكن تصور انضباط الحياة داخل المقاولة وحسن سير العمل بها بالشكل الذي يحقق غاية المشروع، دون الاعتراف للمشغل بحق إيقاع الجزاءات على المخالفين.

وعلى أساس ذلك، اعترفت مختلف التشريعات بما فيها التشريع المغربي للمشغل بحق ممارسة السلطة التأديبية، غير أنها أقرت بالمقابل تقييد ممارسة هذه السلطة بمجموعة من القيود والضوابط للحيلولة دون إساءة استعمالها.

         من هذا المنطلق تتضح الاشكالية المحورية التي يقوم عليها موضوع هذه الاطروحة، والمتمثلة في إبراز تجليات الحدود الشكلية والموضوعية، المفروضة تشريعيا وقضائيا على ممارسة المشغل لسلطته التأديبية، وتقييم مدى كفايتها في إرساء قواعد وضوابط كفيلة بحماية الأجراء من مختلف العقوبات التأديبية التعسفية، بالإضافة إلى تحديد الآثار القانونية المترتبة عن الإخلال بهذه الحدود، والإشكالات التي تثيرها هذه الآثار على مستوى تطبيقها.

       وتتفرع عن هذه الإشكالية مجموعة من التساؤلات الكبرى من قبيل؛ ماهي القيود الواردة على سلطة المشغل في تقديره للأخطاء التأديبية وإقرار العقوبات المناسبة لها؟، وما هي الإجراءات الواجب اتباعها من قبل المشغل قبل إقرار هذه العقوبات؟،وهل من إجراءات حمائية خاصة بممثلي الأجراء من تعسف المشغل في ممارسة سلطته التأديبية؟، وما هي مظاهر الرقابة القضائية على ممارسة المشغل لسلطته التأديبية؟، وإلى أي حد ساهم القضاء في تكريس القيود التشريعية المفروضة على المشغل في إعمال سلطته التأديبية؟ وما هي حدود الرقابة القضائية على مدى ملائمة العقوبة التأديبية للخطأ المرتكب من قبل الأجير؟، وما هي الضمانات التي يخولها المشرع للأجير بعد ثبوت تعسف المشغل في ممارسة سلطته التأديبية؟، وما مدى كفاية هذه الضمانات في جبر الأضرار التي قد تلحق الأجير من جراء تعرضه لعقوبات تأديبية تعسفية؟.                                                                 

للوقوف عند مختلف الإشكالات التي يثيرها هذا الموضوع عملت على تقسيم هذه الدراسة إلى بابين، تعرضت في الباب الاول للقيود المفروضة على المشغل في ممارسة سلطته التأديبية، فتناولت في الفصل الأول من هذا الباب القيود التشريعية الواردة على ممارسة المشغل لسلطته التأديبية، حيث تطرقت في المبحث الاول للقيود الموضوعية ، ومن خلال هذا المبحث تعرضت لحدود سلطة المشغل في تقدير الاخطاء التأديبية.

 ومما تم استنتاجه في هذا الصدد هو أن سلطة المشغل في تقديره للاخطاء التأديبية جد واسعة، وذلك لكون الاخطاء المنصوص عليها في المادة 39 من م ش جاءت على سبيل المثال لا الحصر ، كما أن أغلبها ورد بشكل عام وفضفاض مما يثير صعوبة تحديد مفاهيمها من الناحية التطبيقية.

وفي نفس المبحث تم التطرق لحدود سلطة المشغل في إيقاع العقوبات التأديبية حيث وقفت عند تجليات هذه الحدود والمتمثلة أساسا في التحديد القانوني للعقوبات التأديبية، أي أن العقوبات التي يوقعها المشغل على أجرائه لايمكن أن تخرج عن دائرة العقوبات المنصوص عليها قانونا.

وفي هذا الاطار تمت الاشادة بالمشرع المغربي على أن ألغى العقوبات المالية كعقوبات تأديبية، بخلاف ماهو عليه الحال في بعض التشريعات المقارنة كمصر والاردن.

ومما أشرت إليه أيضا في هذا المحور، أن المشغل مقيد في إيقاع العقوبات التأديبية باحترام مبدأي التدرج في العقوبة ووحدتها.

فبالنسبة لمبدأ التدرج في العقوبة ، فإنه يقوم على إلزام المشغل باتباع تراتبية العقوبات التأديبية المنصوص عليها في المادة 37 من مدونة الشغل.

أما مبدأ وحدة العقوبة، فإنه يرتكز على تقييد المشغل بعدم إمكانية إيقاع أكثر من عقوبة واحدة عن الخطأ الواحد.

   وإلى جانب القيود الموضوعية السالفة الذكر، فقد أورد المشرع المغربي مجموعة من القيود المسطرية الواردة على سلطة المشغل في ممارسة سلطته التأديبية، وذلك ما شكل محور المبحث الثاني من هذا الفصل، والذي عملت من خلاله على تحديد القيود المسطرية المتعلقة بعموم الاجراء والمتمثلة أساسا في ضرورة الاستماع إلى الاجير وتخويله حق الدفاع، فضلا عن تبليغ مقرر العقوبة التأديبية. ومما وقفت عنده في هذا الاطار هو أن المشرع المغربي ولأول مرة مع مدونة الشغل لم يحصر إجراء مسطرة التأديب على عقوبة الفصل التأديبي، بل مددها للعقوبات التأديبية الاخرى باستثناء عقوبتي الانذار والتوبيخ الاول.

وبالاضافة الى هذه الاجراءات المتعلقة بعموم الاجراء، فإن المشغل ملزم أيضا بالقيام باشعار العون المكلف بتفتيش الشغل وموافقته على العقوبة التأديبية المتعلقة بأحد مندوبي الاجراء أوالممثلين النقابيين أوأطباء الشغل، كما يتعين عليه إرجاء تبليغ مقرر الفصل بالنسبة للاجيرة الحامل إلى حين انتهاء فترة توقفها عن الشغل بسبب الحمل والولادة.

وفي الفصل الثاني من هذا الباب عملت على تحديد تجليات الرقابة القضائية على ممارسة المشغل لسلطته التأديبية، حيث تناولت في المبحث الاول من هذا الفصل مراقبة القضاء لمدى احترام المشغل لاجراءات التأديب المنصوص عليها في المواد 62-63-64 و65 من مدونة الشغل ومن خلال هذا المبحث وقفت عند الدور الهام الذي يلعبه القضاء المغربي في تكريس إلزامية ووجوبية مسطرة التأديب.

وفي الاطار نفسه، تعرضت لموقف القضاء من مدى ارتباط مسطرة التأديب بالنظام العام، حيث تبين من خلال رصد مجموعة من القرارات القضائية الصادرة عن محكمة النقض أن موقف هذه الاخيرة قبل مدونة الشغل كان يتجه نحو ربط مسطرة التأديب بالنظام العام، بينما بعد صدور مدونة الشغل، لوحظ بأن قضاء محكمة النقض تراجع عن ربط مسطرة التأديب بالنظام العام، وهو مااعتبرته تراجعا في غير محله لكونه يتنافى مع المقتضيات القانونية المنظمة لهذه المسطرة والتي وردت في شكل قواعد امرة، ولكون ربط مسطرة التأديب بالنظام العام يصب في حماية الاجير باعتباره الطرف الضعيف في العلاقة الشغلية.

      وفي هذا المبحث، تطرقت أيضا إلى الرقابة التي يجريها القضاء على تبليغ مقرر الفصل التأديبي ومدى تقيد القاضي بمضمونه، حيث اتضح من خلال مجموعة من القرارات القضائية الصادرة في هذا الشأن أن القضاء ساهم في تكريس الزامية تبليغ مقرر الفصل، كما أقر بأن رجوع مقرر الفصل المرسل عن طريق البريد المضمون الى المشغل حاملا لعبارة غير مطلوب يجعل التبليغ غير تام.

       وبعد التأكد من احترام المشغل لاجراءات التأديب تمر المحكمة الى مراقبة سلطة المشغل في تقديره للاخطاء التأديبية والجزاءات المناسبة لها، وذلك ما تمت دراسته في المبحث الثاني من هذا الفصل، إذ تناولت بالدرس والتحليل الرقابة التي يجريها القضاء على الوجود المادي للخطأ التأديبي ومدى جسامته.

     وفي هذا الاطار تمت مناقشة اثبات الوجود المادي للخطأ باعتباره عبئا يلقى على عاتق المشغل، وكذا مسألة مدى حجية الاحكام الجنائية أمام القضاء الاجتماعي، حيث استنتجت من خلال مجموعة من القرارات القضائية الصادرة في الموضوع أنه إذا كان القضاء مستقرا بشأن الاحكام القاضية بالادانة وحجيتها أمام القضاء الاجتماعي، فإنه اختلف بشأن الاحكام القاضية بالبراءة، حيث برز اتجاهان قضائيان، أحدهما يتجه نحو حجية الاحكام القاضية بالبراءة أمام القضاء الاجتماعي، والاخر لايعتد بهذه الحجية، وذلك مايستدعي تدخل قضاء محكمة النقض لحسم الخلاف وتوحيد الاجتهاد القضائي على صعيد قضاء الموضوع.

        وبالنسبة لرقابة القضاء حول جسامة الخطأ، فقد توصلت من خلال مجموعة من القرارات القضائية الصادرة في هذا الشأن، أن هذه الرقابة تكون محدودة كلما تعلق الامر بالاخطاء المنصوص عليها قانونا، إذ لايكون للمحكمة سلطة إعادة وصف الخطأ المنصوص عليه قانونا، بل تكتفي فقط ببحث مدى وجوده وتكييفه، بينما تتسع هذه الرقابة كلما تعلق الامر بالاخطاء غير المنصوص عليها قانونا، حيث لاتكون المحكمة ملزمة بالوصف الذي يعطيه المشغل للخطأ المنسوب للأجير.

      وفي نفس المبحث تمت معالجة حدود الرقابة القضائية على ملاءمة العقوبة التأديبية للخطأ المرتكب، حيث استنتجت من خلال رصد مجموعة من القرارات القضائية الصادرة في الموضوع، أن موقف القضاء يختلف بحسب نوعية العقوبة التأديبية، فإذا تعلق الامر بالعقوبات التأديبية غير عقوبة الفصل من الشغل، وتبين للقاضي عدم ملاءمة العقوبة للخطأ المرتكب فإنه يقضي بالغائها واستبدالها بالعقوبة المناسبة، وإذا تعلق الامر بعقوبة الفصل من الشغل فإن القاضي يكتفي باقرار عدم الملاءمة ثم الحكم بوصف الفصل على أنه تعسفي دون الغاء القرار التأديبي.

        وانسجاما مع الضمانات الحمائية المقررة للأجراء، رتب المشرع مجموعة من الاثار الناتجة عن تعسف المشغل في ممارسة سلطته التأديبية، وذلك ماشكل محور الباب الثاني من هذه الاطروحة، والذي قسمته إلى فصلين، حيث تعرضت في الفصل الاول لاجراءات المطالبة بالتعويض عن التأديب التعسفي، ومن خلال هذا الفصل تناولت اجراءات المطالبة الودية خصوصا مايتعلق بالاشكالات التي يثيرها الصلح التمهيدي وتوصيل تصفية كل حساب وذلك في المبحث الاول.

      كما تعرضت في المبحث الثاني من هذا الفصل لاجراءات المطالبة القضائية، ومما عالجته في هذا الاطار نطاق المساعدة القضائية للأجير، وخصوصيات تقييد دعوى التأديب التعسفي، ومما تمث إثارته في هذا الاطار، اشكالية تنازع الاختصاص النوعي بين المحاكم الابتدائية والمحاكم الادارية بشأن البت في دعاوى التأديب التعسفي المتعلقة بالاجراء العاملين في المؤسسات العمومية ذات الطابع التجاري والصناعي كالمكتب الشريف للفوسفاط أو المكتب الوطني للسكك الحديدية...؟، بالاضافة الى ذلك عملت على تناول خصوصيات تأليف هيئة الحكم التي تبث في هذه النزاعات ومدى الزامية وفعالية إجراء الصلح قبل البت في الدعوى.

      وقد خصصت الفصل الثاني من هذا الباب لتناول الاشكالات التي يثيرها الحكم بالارجاع الى الشغل أو التعويض النقدي، حيث وقفت عند التساؤل المثار بشأن مدى استحقاق الاجير الذي قضي له بالارجاع الى الشغل للأجرة عن المدة الفاصلة بين الفصل من الشغل والحكم بالارجاع؟، وكذا حالة امتناع المشغل عن تنفيذ الحكم بارجاع الاجير الى شغله ومدى امكانية تطبيق الغرامة التهديدية طبقا للفصل 448 من ق م م؟.

     وفي نفس الفصل تعرضت لنطاق التعويضات المستحقة للأجير بعد ثبوت الفصل التعسفي، وشروط استحقاقها، فضلا عن أجل تقادم دعوى التعويض عن الضرر ومدى شمول الحكم القاضي بهذا التعويض بالتنفيذ المعجل طبقا للفصل 285 من ق م م، وفي نفس الاطار عرضت للاختلاف الفقهي والقضائي بشأن نطاق تطبيق التعويض عن فقدان الشغل باعتباره تعويضا جديدا استحدث لأول مرة مع مدونة الشغل.

    وختاما لهذا العرض الموجز، أبادر الى القول بأن المشرع المغربي قد توفق إلى حد ما في إقرار مجموعة من الضوابط والقيود التي من شأنها التخفيف من تعسف المشغل في ممارسة سلطته التأديبية، كما أقر مجموعة من الضمانات الحمائية للأجراء نتيجة إخلال المشغل بهذه القيود.

وبدوره ساهم القضاء المغربي في تكريس ضوابط ممارسة المشغل لسلطته التأديبية، حيث استقر على إلزامية مسطرة التأديب ووجوبيتها، فضلا عن تشديده على ضرورة الملاءمة بين العقوبات التأديبية والمخالفات المرتكبة، ومع ذلك فإن الرقابة القضائية على سلطة المشغل في تأديب أجرائه لا ترقى إلى مستوى الحماية المطلوبة، طالما لم يجرؤ القضاء على النطق بإلغاء العقوبة التأديبية في حالة عدم ثبوت الخطأ أو استبدالها بالعقوبة الملائمة للخطأ المرتكب كلما اتضح للقاضي عدم التناسب بين العقوبة والخطأ، فضلا عن تراجعه على مسألة ربط مسطرة التأديب بالنظام العام، وكذا إقرار عدم تطبيق الغرامة التهديدية على المشغل الذي يمتنع عن تنفيذ الحكم بالارجاع الى الشغل.

ولتعزيز الحدود القانونية والقضائية الواردة على سلطة المشغل في تأديب أجرائه أدليت بمجموعة من الإقتراحات والتدابير القانونية المتمثلة أساسا في:

- ضرورة إحداث مجلس تأديبي على صعيد كل مقاولة، يعهد إليه النظر في شأن الأخطاء المرتكبة من قبل الأجراء، وإقرار العقوبات التأديبية المناسبة لها، وذلك على غرار مايجري به العمل في الإدارات العمومية.

- ربط مسطرة التأديب بالنظام العام حتى يتأتى للقاضي إثارتها تلقائيا ويسوغ للأجراء أيضا الدفع بعدم احترامها في أي مرحلة من مراحل الدعوى.

- ضرورة حذف الفقرة الأخيرة من المادة 62 من مدونة الشغل تفاديا للإشكالات التي تثيرها على مستوى التطبيق.

-تفعيل التعويض عن فقدان الشغل وعدم اقتصاره على الفصل لأسباب تكنولوجية أوهيكلية أواقتصادية.

- إعمال مقتضيات الغرامة التهديدية المنصوص عليها في الفصل 448 من ق م م، في حالة امتناع المشغل عن تنفيذ الحكم بالإرجاع إلى الشغل.

- إقرار عمومية الفصل 285 من قانون المسطرة المدنية بشأن التنفيذ المعجل القانوني ليشمل التعويض عن الفصل التعسفي للأجير، ويضع حدا للجدل الفقهي والقضائي القائم بشأن ذلك.

- تتميم مقتضيات الفصل 273 من قانون المسطرة المدنية، بما يكفل تمديد المساعدة القضائية للأجراء إلى مرحلة النقض.

  وقبل أن أختم كلمتي هذه، اسمحوا لي أن أجدد شكري وامتناني لأستاذتي المشرفة الدكتورة دنيا مباركة، ولكافة أعضاء اللجنة العلمية الموقرة. 

               والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته


جانب من المناقشة














الاثنين 18 فبراير 2013

تعليق جديد
Twitter