MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers



تقرير حول ندوة زواج القاصر بين المقتضى القانوني والبعد الاجتماعي

     

ذ. محمد لشقار
باحث بمركز الدكتوراه
بكلية الحقوق بطنجة




 
 
شغل موضوع زواج القاصر في الآونة الأخيرة الرأي العام، ومن خلال اهتمامات الفاعلين الحقوقيين والفرقاء السياسيين والمهتمين بالدراسات القانونية والفقهية وتعدد وجهات نظر تعدد وجهات نظر المؤيدين والمعارضين ولكل فريق مسوغاته وحججه ، وقد ترتب عن هذا الاختلاف تعدد المقاربات التي تناولت الموضوع بين المقاربة الاجتماعية، الحقوقية والقانونية، غير أن معالجته تتجاوز المقاربات الثلاث وتمتد في شموليتها إلى مدى توفير الأمن القانوني والقضائي لفئة عمرية تعيش أوضاعا مجتمعية لا تسعفها الحالة المادية أحيانا لرفض الزواج المبكر وعقلية أبوية ذ كورية تسعى جاهدة إلى بسط سلطتها على أفراد العائلة وتعتبر الزواج أسمى رباط في حياة المرأة ولو كانت قاصرا.

في ظل هذه البيئة العامة وجد الزواج المبكر الأرضية الخصبة التي تتنامى في مناطق المغرب العميق حيث الهشاشة والفقر والجهل والتقاليد والعادات، كما الموروث الثقافي الذي يختلف من منطقة إلى أخرى والتي تعرف ارتفاع نسبة الزواج دون توثيق، تردد القضاء كثيرا في منح الإذن بزواج الفتى أو الفتاة دون سن الأهلية واختلف العمل القضائي في اعتماد سن لمنح هذا الإذن، ناهيك عن عدم احترام التطبيق السليم للمسطرة، لاسيما على مستوى إجراءات البحث الاجتماعي وما يتطلب ذلك من جهود و مواد بشرية وآليات لو جستيكية تفتقر إليها أقسام قضاء الأسرة.

في ظل هذه الظروف ومطالبة البعض بإلغاء المادة 20 وما يليها من مدونة الأسرة التي تؤطر هذا النوع من الزواج، أصبح الأمر أكبر من ذلك بكثير ويحتاج إلى مقاربة تستحضر جميع الأبعاد، سيما في تهيئة الظروف لإنجاح مشروع مجتمعي يضم جميع الفاعلين وشركهم في اتخاذ القرار بعيدا عن النقاش النخبوي الذي يحيد بالموضوع أحيانا عن أهدافه ويزج به في متاهات التسييس والقراءات الموجهة ليس إلا، تأتي ندوة "زواج القاصر بين المقتضى القانوني و البعد الاجتماعي"، التي نظمها المركز الوطني للمصاحبة القانونية وحقوق الإنسان بشراكة مع القطاع النسائي لحزب جبهة القوى الديموقراطية بقاعة بلدية تطوان، وذلك يوم السبت 03 ماي 2014 المواقف ل03 رجب 1435 على الساعة الثالثة بعد الزوال، من أجل فتح نقاش حول جوانب ظلت مغيبة ولم تصل إلى عمق موضوع زواج القاصر وإلى سبر أغواره والوقوف على تداعياته و أسبابه وتجسيد واقعا عمر ردحا من الزمن في ميزان المجتمع، وبالتالي مدى ملاءمته لثقافة العصر.

وانطلقت أشغال هذه الندوة، بجلسة افتتاحية أطرها الأستاذ الدكتور عبد الله أشركي أفقير: أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق بطنجة، بتلاوة عطرة  من آيات الذكر الحكيم، وبالكلمة الافتتاحية للسيد عبد اللطيف الورياغلي: الأمين العام للمكتب المحلي لحزب جبهة القوى الديموقراطية بتطوان، التي استهلها بكلمة ترحيب وشكر للأساتذة المشاركين في الندوة وللحاضرين فيها، كما اغتنم الفرصة للإشادة بالمركز الوطني للمصاحبة القانونية وحقوق الإنسان وبالقطاع النسائي لحزب جبهة القوى الديموقراطية، مع تأكيده على مواقف المرأة الجبهوية من قضايا المرأة المغربية المتسمة بالديموقراطية والحداثة ليختم مداخلته بالدعوة إلى ضرورة إشراك الآخر في الأعمال السياسية والاجتماعية.

ومن جانبه أعطى الأستاذ عبد الغني حدوش: نائب رئيس المركز الوطني للمصاحبة القانونية وحقوق الإنسان من خلال كلمته الافتتاحية نبذة عن المركز باعتباره منظمة غير حكومية، ديموقراطية ومستقلة، تأسست في شتنبر 2013، ويتكون مكتبها التنفيذي من 19 عضوا يترأسهم الأستاذ الدكتور أحمد قليش.

وأشار إلى أن المركز يعمل على تأسيس فروع له في كافة جهات المغرب، كما يسعى إلى عقد شركات مع كل الجهات والمؤسسات.
ومن أهدافه: المصاحبة والتكوين والتأطير كآليتين من أجل ترسيخ المبادئ الكونية لحقوق الإنسان، وكذلك ترسيخ الفكر القانوني وذلك من أجل استفزاز المشرع غاية ملاءمة القوانين الوطنية مع المواثيق الدولية.

وبذلك يجد في نظره المتدخلين في هذه الندوة أنفسهم ملزمين بتناول الموضوع من عدة جوانب ومداخل، وذلك من أجل توحيد الرؤى.
وفي كلمتها رحبت السيدة أمينة بوخروف، رئيسية القطاع النسائي لحزب جبهة القوى الديموقراطية فرع تطوان، بالحاضرين، وأشاد بجهود أعضاء المركز والأمانة المحلية للحزب في إنجاح هذه الندوة.

 كما أكدت على أن عشر سنوات من تطبيق المدونة أبانت عن مجموعة من الممارسات السلبية منها زواج القاصر، معتبرة هذه الأخيرة ظاهرة أثارت اهتمام كل الفاعلين الحقوقيين والاجتماعيين والاقتصاديين والإعلاميين لما لها من أثر سلبية على القاصر والمجتمع.
وبعد رفع الجلسة الافتتاحية تم الإعلان عن بداية الجلسة العلمية للندوة برئاسة الأستاذ الدكتور عبد الله شركي أفقير بعرض شريط لطفلة يمنية تبلغ من العمر 11 سنة، هربت من بيت عائلتها حتى لا يتم تزويجها.

لتأتي بعد ذلك مداخلة الأستاذ الدكتور أحمد الدردابي: أستاذ التعليم العالي بالكلية المتعددة التخصصات بتطوان، التي تمحورت حول "زواج القاصر بين التشريع المغربي والمواثيق الدولية"، حيث أكد من خلالها على سعي المغرب إلى التحول من دولة الأعراف إلى دولة القوانين، غير أن ذلك ما زالت تعرقله مجموعة من المعيقات.

وإذا كانت مدونة الأسرة قد حددت سن الزواج في 18 سنة ملائمة بذلك نصوصها مع المواثيق الدولية فإن ذلك في نظره مازال يطرح العديد من الإشكاليات التي تعتبر مدخلا لمداخلته من جملتها:
  • أين نحن مما يقوله القانون والعالم؟
  • من نخاطب اليوم؟ الأسرة أم المشرع؟ القاصر أم القانون؟ أم هما معا؟
ينطلق ذ.أحمد الدردابي في جوابه على هذه الإشكاليات من إجماع العلماء على أن زواج القاصر يعد اغتصابا ومن إحصائيات وزارة العدل بخصوص زواج القاصر والمتمثلة في:

  • سنة 2007: 29800 حالة زواج قاصر بالمغرب
  • سنة 2008: 31000 حالة
  • سنة 2010: 34000 حالة
وفي قراءة لهذه الأرقام يتساءل المتدخل كيف تزداد ظاهرة زواج القاصر رغم تطور المجتمع وتطور درجات تعلمه ووعيه؟ وهو السؤال الذي يخلص في الإجابة عنه إلى أن المجتمع المغربي لا يتوفر على ضمير قانوني وبالتالي يلقن القاصر ما الذي ستقوله أمام القاضي من أجل أن يأذن لها هذا الأخير بالزواج. وفي إشارة منه لنص المادة 20 من مدونة الأسرة يتسأل كذلك ما هي التحديات التي تواجه قاضي الأسرة في إطار زواج القاصر؟ وكيف السبيل إلى الطعن في قرار القاضي بالإذن بالزواج؟ وما هي الجهة المختصة بذلك؟ كما أكد على أن زواج القاصر له عدة مخاطر منها:
  • مخاطر اجتماعية: العنف الأسري، الانتحار.
  • مخاطر صحية: ارتفاع احتمال الإصابة بسرطان عنق الرحم، النزيف في الولادة اضطراب الدورة الشهرية، تمزق المهبل، اضطراب الهرمونات، التأثير السلبي على نمو القاصر وعلى الجنين.
وتؤدي إليه عدة أسباب من جملتها:
  • أسباب اقتصادية: الفقر والهشاشة.
  • أسباب اجتماعية: (العادات والتقاليد).
  •  أسباب ثقافية: زواج الفاتحة، شكل الإفتاء، غياب تنسيق المجتمع المدني.
واختتم المداخلة بالتأكيد على أن علاج الظاهرة لا يتم إلا في إطارها الكوني، وذلك من أجل ضمان حقوق القاصر بما فيها حقها في الحياة الكريمة. ومن جانبه استهل الأستاذ الدكتور أحمد قليش مداخلته المعنونة ب"البعد الاجتماعي لزواج القاصر" بالتساؤل عن كيفية إيجاد نص بديل شامل لحل أزمة زواج القاصر مؤكدا على أن كلا من الرافضين لزواج القاصر والمؤيدين له لهم ما يبررون به رأيهم.
ويضيف أن زواج القاصر له علاقة وطيدة بالتنمية حيث كلما تعمقنا في المغرب العميق إلا وارتفعت نسبه، والذي تعود أسبابه بالأساس إلى تحفظ الأسر والفقر وانتشار الأمية ومن الأمثلة التي استدل بها الدكتور أحمد قليش منطقة شيشاوة التي تشتغل بها 7000 قاصر كخادمات منازل.

 ولم يفوت الفرصة لإبداء بعض الملاحظات بخصوص زواج القاصر من جملتها:

  • إقرار البحث الاجتماعي للفتاة القاصر دون الفتى.
  •  فشل وزارة العدل في تحقيق أهداف مسطرة ثبوت الزوجية، نظرا لاعتمادها مقاربة أمنية.
  • رغم إلغاء زواج القاصر سيظل، وذلك بزواج الفاتحة التي تفقد فيها المرأة والأبناء طبيعتهما.
 وفي ختام مداخلته أكد الأستاذ الدكتور أحمد قليش على ما يلي:
  • ضرورة توسيع دائرة الجمعيات النسائية المشاركة في تعديل مدونة الأسرة مع تفعيل نصوص المدونة.
  • لا بد من توسيع دائرة التعديل بالاعتماد على الممارسين وعلى الجمعيات النسائية في المغرب العميق.
  • ضرورة تعميق البحث الاجتماعي مع الفتاة.
  •  ضرورة التشخيص السريري لتحديد مدى قدرتها على الزواج.
  • ضرورة تخصص الأطباء.
  • إعطاء الحق للنيابة العامة في استئناف قرارات القاضي بالإذن بالزواج.
وفي السياق ذاته أكدت السيدة مريم الحيدوري: مكلفة بالقطاع النسائي بالحزب من خلال مداخلتها المعنونة: ب"ـموقف حزب جبهة القوى الديمقراطية من زواج القاصر" على الصفة الجرمية لزواج القاصر، معتبرة الإكراهات المادية السبب الرئيس في هذا النوع من الزواج وزواج الفاتحة.

كما أبدت مجموعة بالملاحظات بخصوص زواج القاصر:
  • تحريم العلماء لهذا النوع من الزواج يؤكد صعوبة التعامل معه من طرف القضاء.
  • زواج القاصر يعرضها لمجموعة من أشكال العنف التي تؤدي إلى نهايته بالطلاق.
  • تغرات النصوص القانونية المنظمة لزواج القاصر سمحت لآلاف الأسر المغربية بتزويج القاصر خارج الإطار القانوني.
  • إذا كانت المدونة قد حددت سن الزواج في 18 سنة، وذلك بشكل يتلاءم والمواثيق الدولية، فإن المشرع المغربي انتقل من الكونية إلى الخصوصية فيما يتعلق بزواج القاصر.
  • تقصير المدونة في حماية القاصر:
ومن أجل كل هذه الملاحظات، اقترحت السيدة مريم حيدوري ما يلي:
  • ضرورة إصلاح المدونة بشكل يضمن الحد من صلاحيات القاضي في هذا المجال.
  • ضرورة إصلاح المدونة بشكل يضمن حذف المادة 10 من المدونة.
  • العمل على إشراك المرأة في الاستراتيجية الوطنية للنهوض بالمرأة والتنمية.
  • تشجيع البحوث العلمية في الميدان.
  •  تفعيل المساعدة الاجتماعية.
  • إيجاد إعلام قوي يقنع الجهات المعنية والرأي العام بخطورة الظاهرة.
وبعد عرضه للسياق الذي جاءت فيه مدونة الأسرة، أكد الأستاذ سعيد موقوش: طالب باحث بمركز الدكتوراه بكلية الحقوق بطنجة، من خلال مداخلته في موضوع: "المقاربة التوفيقية للازدواجية المرجعية في الروابط الأسرية بالمغرب" على جهود الفصل 32 من الدستور المغربي الذي لم يفعل عن طريق إصدار النصوص التنظيمية له، كما أبدى بعض الملاحظات منها:
  • إصلاح منظومة العدالة جاء قاصرا، في إطار الأسرة، حيث أشار فقط إلى ضرورة إعادة النظر في القوانين المنظمة للأسرة.
  • غموض الخطة الحكومية في أفق المناصفة.
  • عدم إشراك المجتمع المدني في معالجة قضايا الأسرة.
  • ازدواجية مفاهيم مدونة الأسرة على المستويين السياسي والحقوقي (مفهوم النكاح، مفهوم الصداق، مفهوم المتعة)
  • تراجع المشرع المغربي عن كثير من المفاهيم وإقراراه مجموعة من الأفكار، وذلك من أجل وضعه حد للنقاش الجاري، فضلا على إقراراه المساواة في إطار المدونة.
  • هاجس اللجنة المعدلة لمدونة الأحوال الشخصية حول كيفية تحقيق المساواة، أدى بها تغليب جانب المرأة على حساب الرجل في كثير من الأحيان.
  • هناك فرق فكري بين الجيل الذي أفرز مدونة الأسرة والجيل الحالي في كثير من مفاهيم المدونة كالمساواة في الإرث والتعدد.
  • نص المادة الرابعة من المدونة ومدى توافقها مع نص المادة 199 من نفس المدونة.
وبناءا على هذه الملاحظات اختتم الأستاذ سعيد موقوش مداخلته ببعض التوصيات منها:
  • ضرورة تدخل المجالس العلمية بالاجتهاد في موضوع زواج القاصر وليس بالفتاوى.
  •  ضرورة لم وجهات نظر جميع المتدخلين وكذا السياسيين والحقوقيين فيما يتعلق بمفاهيم المدونة كالولاية مثلا(م24 و م25).
وفي مدا خلة بعنوان "التأثير السوسيو ثقافي لزواج القاصر" استهل الأستاذ الدكتور محمد بن تاجر: أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق ابن زهر بأكادير تأثير العادات والتقاليد على مدونة الأسرة، مؤكدا على أن هناك الكثير من مناطق المغرب العميق لا يأبهون بالقانون، مما يحتم على المشرع استحضار البعد الثقافي في إعداد مدونة الأسرة كما أبدى في بعض الملاحظات منها:
  • توجيه اللوم للجمعيات التي تشتغل في إطار حماية وضمان حقوق الفتاة القاصر وإغفالها للفتى القاصر الذي تضطهد حقوقه.
  •  تأثير العادات والتقاليد بشكل كبير في مسألة زواج القاصر، مما يطرح سؤال مستقبل البنت؟ (العار في حال عدم الزواج البنت).
  • الطبقة المستهدفة بهذا النوع من الزواج هي الطبقة الفقيرة لانعدام الوعي وانتشار الفقر والأمية، (معظم أفراد هذه الطبقة لا يتجاوز مستوى تعلمهم السلك الابتدائي، وذلك راجع بالأساس إلى أن انتقال الفتاة إلى المدينة من أجل متابعة دراستها يعد عارا في المناطق الهشة.
  • الحل عند أسر المغرب العميق لعدم تعرض الفتاة للتحرش والاغتصاب أثناء جلبها الحطب من الغابة هو تزويجها.
  • إشكال التنمية في هذه المناطق هي السبب الرئيسي في زواج القاصر.
  • تتميز هذه المناطق بمشكل عقليات وليس قانون، بحيث لا تعترف الأسرة بهذه المناطق بالقانون، والجمعيات لا تنزل إلى هذه المناطق.
  • البعد السوسيوثقافي يمكن الآباء من بعض الحيل (لجوء الفتاة القاصر إلى القاضي بجلباب وحذاء عال لتظهر ببنية جسمية تسمح لها بالزواج).
ومن ثم اقترح الأستاذ محمد بن تاجر بعض التوصيات منها:
  • ضرورة الانتباه إلى مجتمع الرحل مشيرا إلى أنهم لا يعرفون القانون، هناك أجدادا وآباء وأبناء ولا وثيقة لهم.
  • ضرورة تنمية مناطق المغرب العميق.
  • ضرورة تغيير العقليات
  • وضع استراتيجية متكاملة
  • إقامة ورش عمل يرفض الزواج المبكر ويشارك فيه جميع المختصين.
  • فتح مراكز الشباب قبل الزواج هدفها التوعية بمؤسسة الأسرة.
أما الأستاذ محسن الندوي: رئيس الجمعية المغربية لحقوق الطفل بتطوان، فقد تطرق من خلال مداخلته "زواج القاصرات بين الشرع والقانون" إلى  منظور الإسلام والشريعة لزواج القاصرات، مع ربطه في ذلك مدونة الأسرة بالشريعة الإسلامية.
 
وأكد معرض بحثه لمنظور الإسلام والشريعة لزواج القاصرات، على أن جميع الحضارات الإنسانية أولت الأسرة أهمية خاصة، مما يجعل من زواج القاصر ظاهرة اجتماعية يتقاطع فيها الاجتماعي بالحقوقي وبالديني، ورغم ما ميز المدونة من نقاش مستفيض بين كافة مكونات المجتمع المغربي بما فيها قبة البرلمان، فإنه على هذا الأخير أن يعمل في إطار احترام قيم الدين والشريعة الإسلامية، التي تبرر الزواج بالبلوغ وليس بالدين.

ومن ثم، يؤكد المتدخل على مخالفة المادتين 19 و20 من المدونة لشرع الله، وذلك لأن المشرع المغربي لم يأخذ في المادة 20 برأي الفتاة في الوقت الذي أخذ برأي الأباء والأولياء، وهو ما يفاجئ القاضي دائما بتقديم طلب التطليق من نفس الفتاة التي أذن له بالزواج سابقا.
وانطلاقا من مجموعة من الإشكاليات التي أثارها الأستاذ، التي منها:
  • لماذا يتم تحديد سن معين للزواج وهو خرق سافر للشريعة؟
  • ألا يدفع ذلك الفتاة إلى الزنا، والذي له أثار وخيمة على المجتمع اجتماعيا وصحيا؟
يذهب إلى القول أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد رغب في الزواج المبكر في حديث عن عبد الله بن مسعود قال: قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم "يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء"، كما أنه صلى الله عليه وسلم تزوج سيدتنا عائشة رضي الله عنها وهي في سن التاسعة.  

ويعلق أن هناك من الآراء الحديثة من سعت إلى انتقاد حديث عائشة رضي الله عنها، ومنها أراء كثيرة غربية أرادت أن تطعن في هذا الزواج لأغراض غير شرعية، وبذلك يتساءل هل تعتبر سيدتنا عائشة قاصرا عندا زواجها؟

وجوابا على هذا السؤال أورد المتدخل مجموعة من الأمثلة الواقعية لزواج الصحابة رضي الله عنهم من فتيات صغيرات بما فيهم زواج سيدنا عمر من أم كلثوم ابنة سيدنا علي وهي ما تزال صبية، ليخلص في النهاية إلى أن بلوغ البنت مرتبط بظروف كل منطقة وليس بالسن. 
أما فيما يتعلق بربط المدونة بالشريعة الإسلام
ية، فقد أكد المتدخل على أن المدونة قد حددت سن الزواج في 18 سنة، وأجازت زواج القاصر بإذن من القاضي بنص المادة 20، غير أن ذلك لم يفلح في معالجة الظاهر، ولم يرتب سوى زيادة سريعة في نسبة زواج القاصرات، وهو ما يتضح بصورة جلية من خلال إحصائيات وزارة العدل:
  • سنة 2008: 31000 حالة.
  • سنة 2010: 34000 حالة.
  • سنة 2011: 36000 حالة.
وفي قراءة لهذه الأرقام يتضح أن 11% من عدد عقود الزواج هي عقود تتعلق بقاصر، كما أن معظم طلبات زواج القاصر تتعلق بالفئة العمرية ما بين 14 و17 سنة. ويعزو صاحب المداخلة منع زواج القاصر إلى التطبيق السيئ للمدونة وإلى التقيد بأحكامها، فضلا على أن هناك العديد من الجهات التي تذهب في اتجاه منع زواج القاصر منها المنظمات النسائية والأحزاب التقدمية والمجلس الوطني لحقوق الإنسان مؤخرا، فضلا على الحزب ذو المرجعية الإسلامية الذي يسعى من خلال مشروع القانون الأخير تحديد سن الزواج. وأمام ما أبداه من ملاحظات يرى الأستاذ محسن الندوي بـ:
  • ضرورة مراجعة طلبات الزواج، وذلك نظرا لما يهدد القاصرات من مخاطر.
  • ضرورة احترام تطبيق الشريعة من المدونة.
  • تعديل المادة المدونة بما يتناسب والشريعة.
  • تعديل المادة 20 مع عدم تحديد سن الزواج والأخذ برأي الفتاة.
  • إلغاء المادة 25 من مدونة الأسرة لمخالفتها للشريعة الإسلامية، ولأنها سبب لتخريب الأسر.
وتم رفع الجلسة العلمية بعد فتح باب المناقشة العامة، التي تميزت بنقاش مستفيض، وأخذت بعد ذلك صورة جماعية للأساتذة المشاركين والحاضرين في الندوة، لتختم الندوة بحفل شاي.  





الاربعاء 14 ماي 2014

تعليق جديد
Twitter