MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers



تقرير حول المائدة المستديرة المنعقدة في موضوع: العلوم الإدارية وتطور تدبير الشأن العام المغربي

     

من تنظيم: «منتدى الباحثين في العلوم الإدارية والمالية»
كلية الحقوق أكدال – جامعة محمد الخامس، الرباط، بتاريخ الجمعة 7 يونيو 2013



تقرير حول المائدة المستديرة المنعقدة في موضوع: العلوم الإدارية وتطور تدبير الشأن العام المغربي
 
بعد كلمة رئيس المنتدى الترحيبية، والتي أكد فيها على ضرورة سد الفراغ الكبير الملحوظ على صعيد الأنشطة الأكاديمية المرتبطة بالعلوم الإدارية والمالية ومجهودات المنتدى على هذا الصعيد، افتتح المسير الجلسة بتقديم المتدخلَين؛ الأستاذ د. عبد الحق عقلة – الذي قدم مداخلة في موضوع «تطور مقاربات التدبير العمومي»- والأستاذ د. عبد الحفيظ أدمينو – الذي قدم مداخلة تحت عنوان «تحولات التدبير العمومي بالمغرب».

وقد استهل المسير الجلسة بطرح مجموعة من الأسئلة التي شكلت إطار أشغال المائدة المستديرة، وبعدها قدم الأستاذين مداخلتهما، وفي الأخير انخرط الحضور في نقاش أكاديمي منفتح لتدوير الأسئلة وتوجيه النقد وتعميق النظر.

 

الأسئلة الافتتاحية للمائدة المستديرة:
 
تمحورت حول ثلاثة مداخل:

أولا: سؤال المنهج والمعرفة:  
  •  ما هي أهم اهتمامات البحث في العلوم الإدارية بالمغرب اليوم؟
  •  هل البحث في هذا الحقل في انفتاح دائم على باقي الحقول المعرفية الأخرى أم في تقوقع مستمر؟
  •  ما هي مستجدات البحوث التنظيرية الخاصة بهذا الحقل؟
  •  هل يمكن الحديث عن وجود مدرسة مغربية في العلوم الإدارية؟  وما هي اتجاهاتها وأسسها ومن هم روادها؟ أو بعبارة أخرى هل استطاعت تجربة الاشتغال على المادة الإدارية تدريسا وبحثا لأكثر من 50 سنة من تعزيز استقلالية التجربة المغربية؟
  •  هل تواكب مناهج وطرق تدريس المادة الإدارية التحولات المعرفية الحاصلة دوليا؟
  •  ما هو أثر تفعيل الإصلاح الجامعي على تدريس العلوم الادارية؟
  •  هل لا زالت طرق التدريس وفية للمدرسة الفرنسية أم أنها تجاوزتها؛ عبر الانفتاح على المدرسة الأنجلوسكسونية؟
  •  هل المادة الإدارية المدرسة بالجامعات المغربية تتوافق مع متطلبات سوق الشغل؟
 
ثانيا: سؤال الواقع :

  •  كيف هو واقع تدريس المادة الإدارية بكليات الحقوق بالمغرب؟
  •  إلى أي حد ساهمت الأبحاث في العلوم الإدارية في تشخيص واقع تدبير الشأن العام بالمغرب وفي تقديم أجوبة ناجعة للمشاكل المطروحة؟
  •  ما طبيعة الإكراهات التي تواجه العلوم الإدارية تدريسا و بحثا و نشرا؟
 
ثالثا: سؤال المستقبل:

  • ما هو مستقبل العلوم الإدارية تدريسا وبحثا ونشرا في كليات الحقوق بالمغرب؟
 
 
وقد تركزت مداخلتي السادة الأساتذة حول المحاور والأفكار التالية:

  • مداخلة الأستاذ د. عبد الحق عقلة: «تطور مقاربات التدبير العمومي»
اعتماد علم الادارة كمادة للتدريس بكليات المغرب لم يتم إلا بعد التسعينيات، في الوقت الذي دشن هذا التخصص حضوره بالجامعة الفرنسية منذ سنوات الأربعينيات. وفي الواقع، إن التأسيس لهذا العلم بالجامعة المغربية لم يواكبه استيعاب حقيقي لمضمونه سواء من طرف الطلبة أو أساتذة التعليم العالي، واستشهد المتدخل في ذلك بالأستاذ الذي طرح لديه مفهوم المنظمة إشكالا معرفيا يتعلق باستغرابه من إدراجه ببحوث القانون الاداري والعلوم الادارية لاعتقاده بأن المفهوم لا ينتمي لهذا الحقل المعرفي! ومن الإشكالات التي طرحها المتدخل كذلك، مدى قدرة علم الادارة على تطوير التدبير العمومي بالمغرب، وكانت فرضيته في ذلك، غياب مدخلات لعلم الادارة من شأنها التأثير على مخرجات هذه الأخيرة. فمؤشر التحسن البطيء للممارسات والسلوكيات الادارية يرجعه بالأساس الى التراكمات السلبية في العقليات والى غياب إرادة سياسية حقيقية في التغيير.

وفي معرض تفسيره لأسباب ارتباط المقترب القانوني- القضائي بالمدرسة اللاتينية انطلق الأستاذ من المنظومة التي كانت تؤطر العلاقة بين الحاكم والمحكوم ورجال الدين بأوروبا؛ إذ أن ما عاشت عليه هذه الاخيرة من طغيان للكنيسة وتواطؤها مع النبلاء، عجل بظهور الثورات الشعبية التي كان لها الأثر الكبير في بروز الطبقة البورجوازية، لذلك فالتصدع الذي أحدثته هذه الثورات لحساب طرف على آخر كان من نتائجه إحداث قطيعة بين السياسة والكنيسة، الشيء الذي مهد لبروز آلية سعت من خلالها الدولة الى إحداث قوانين تؤطر تدخلاتها وتفصل في نزاعاتها مع الخواص، ومن تم ظهور القانون والقضاء الإداريين كمحددين أساسيين للتخفيف من تعسف الإدارة.

أما بخصوص تطور العلم الإداري بالدول الأنجلوسكسونية، فقد أرجعه الأستاذ إلى نزوح مهاجري أوروبا المضطهدين من الكنيسة الى أمريكا ومحاولتهم فرض الذات، من خلال استفادتهم من نضوج مفهوم الدولة هناك. فالدولة هناك تؤمن أكثر بالمبادرة الذاتية والفعالية على مبدأ الشرعية والمساواة، كما أن« الاقتصادي» يسبق «السياسي»، فكان بذلك للعلم الإداري مصدر يغذيه وهو النهل من التجربة وتطوير أساليب العمل، مع نقل واعتماد أساليب القطاع الخاص في العمل: فالإدارة أصبحت تعتبر مشغلا عادي مثلها مثل الخواص. ولعل ذلك هو ما يفسر غياب قانون خاص بموظفي القطاع العام ووجود حركية سلسة لانتقال المستخدمين بين القطاعين العام والخاص.

فتصور ممارسة النشاط العام ودراسته حسب المدرسة الأنجلوسكسونسة، يخضع لمدخلات سوسيولوجية، سيكولوجية، تدبيرية وغيرها، أكثر مما هي قانونية.

واعتماد هذه المدخلات في فهم الظاهرة الإدارية، يوفر نوع من الواقعية في فهم كيفية تحركها وتواصلها مع محيطها، عكس المقترب القانوني الذي يقدم مثالية وهمية عند تقديسه للنص. فالتطبيق قد يكشف عن عيوب يعجز المقترب القانوني عن تجاوزها أو بالأحرى عن تفسيرها، الأمر الذي يجعل هذا المقترب يندحر أمام المقتربات العلمية التدبيرية في فهم وإعطاء حلول تساعد على تفسير الظواهر الإدارية.

فالنموذج الذي يقدمه المقترب القانوني في الجانب التنظيمي هو نموذج الإدارة العسكرية؛ وذلك من حيث التسلسل الرئاسي ثم الخضوع الصارم للقانون. بل إن الهيكل التنظيمي الذي تمثله الإدارات العمومية في النموذج اللاتيني قد يكون عرضة لتأويل سياسي ضيق يكون من نتائجه وجود تضخم في الهياكل والموارد يفوق الحاجات المزمع إشباعها والخدمات الواجب أداؤها.

ويضاف الى ضحايا النمط اللاتيني للإدارة كل من المجتمع المدني والقطاع الخاص؛ فالأول يتأثر بتوسع نشاط الدولة، والثاني بمزاحمة القطاع العام له في الحصول على مصادر للتمويل.

لذلك، فالمدخل القانوني الصرف في تصريف النشاط العام، يكون من أهم نتائجه:

  • أنه يفوت على الدولة فرصة الاشتغال بفكر مقاولاتي يُحَول نشاطاتها الى مجموعة مشاريع تشترك فيها مع القطاع الخاص والمجتمع المدني، وذلك بعد تسطير الأهداف وتسخير الوسائل الكافية بالشكل الذي يسمح بانجاز المشاريع المحددة وبتقييم حقيقي لكلفتها؛
  • ضعف ثقافة الجودة في أداء الخدمات؛
  • فشل العمل الإداري في تحقيق أهدافه نتيجة غياب سياسة إدارية تعمل على دراسة الجدوى منه والتسويق له؛
  • تبذير المال العام في ظل التأكيد على الشرعية القانونية على حساب المسؤولية والمحاسبة؛
  • الانحصار في إطار نظام تقليدي لتسيير الموارد البشرية عوض الانتقال الى نظام للكفاءات يرتبط بميزة الاستحقاق واستغلال جاد لرأس مال الكفاءات.
 
 
الاستاذ عبد الحفيظ أدمينو: «تحولات التدبير العمومي بالمغرب»
 
محاور التدخلات العمومية لتحسين التدبير العمومي:
 
  • التحكم في الانفاق العمومي بهدف مراجعة العجز العمومي؛
  • تقوية شفافية الفعل العمومي.
 
سمات النموذج الإداري المغربي:
 
  • الحضور الكبير للإدارة المركزية؛
  • هيمنة التنظيم البيروقراطي؛
  • تمركز الأنشطة السوسيو-اقتصادية بيد الدولة؛
  • رقابة قبلية معوقة للفعل العمومي.
 
ونتيجة لهذه الوضعية، والتي تضاف إليها ضغوطات أخرى من قبيل العولمة والأزمة المالية العالمية، يمكن معاينة مجموعة من النتائج على واقع التدبير العمومي، ومنها:

  • عولمة أنماط التسيير الإداري (نموذج التوقيت المستمر)؛
  • اللجوء المستمر للخصخصة؛
  • التأكيد أكثر فأكثر على خيار اللامركزية وتقوية النموذج اللامركزي؛
  • التأكيد على ضرورة تحديد علاقة جديد بين الإداري والسياسي وفق منظور يجعل الإداري في خدمة السياسي؛
  • تعاقد الإدارة مع الحكومة وفق استراتيجية محددة سلفا.
  • تقوية الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص
  • تغيير الاسلوب الاداري المعتمد على الوسائل في افق الانتقال الى الأسلوب المرتكز على النتائج الذي من مبادئه الشفافية، الفعالية، المرونة والتنافسية.
 
الفاعلون وأدوارهم الجديدة:
  •  
  • البرلمان : تقييم السياسات العمومية؛
  • الحكومة: وضع أهداف استراتيجية من خلال الإنتقال الى اعتماد الأهداف القصيرة الأمد والتعاقد بشأنها مع باقي الفاعلين؛
  • الإدارة: الاعتماد على التخطيط الإستراتيجي، توظيف الموارد البشرية بناءا على برنامج للكفاءات، تقديم خدمات وفق الجودة المطلوبة ثم استعمال مؤشرات النجاعة لقياس الأداء.
  • جمعيات المجتمع المدني: مراقبة الاداء الحكومي من خلال تقييم السياسات العمومية
 
التقنيات والآليات الجديدة المطلوب اعتمادها:
 
المؤشرات : لقياس الفعالية، الشفافية ثم الجودة؛
التعاقد : الحكومة / إدارة، قطاع عام / قطاع خاص، ثم قطاع عام / قطاع عام؛
التقييم : لتحديد مكامن الخلل واقتراح التصحيحات والعقوبات.
 
أعد التقرير: عضو المنتدى، الباحث ياسين بلحاج.
5 يونيو 2013.
 
 
















الثلاثاء 11 يونيو 2013

تعليق جديد
Twitter