MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية



تقرير 2 حول أول لقاء علمي يناقش قانون التحكيم والوساطة الاتفاقية- بعد المصادقة عليه من طرف البرلمان والذي نظم كجلسة علمية ثالثة في ندوة تحت عنوان القانون المسطري منظمة من طرف المنصة العلمية ماروك-دروا

     

جرد لأشغال الندوة الوطنية المنظمة عن بعد، يوم الجمعة 29 أبريل 2022 ، في موضوع ''
قراءة في المقتضيات الإجرائية للتحكيم على ضوء القانون رقم 95.17 المصادق عليه من
طرف البرلمان في 25 من أبريل الجاري’’. بإسهام كل من الدكتور هشام البخفاوي، أستاذ
باحث بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية ابن زهر آيت ملول، و الدكتور عمر
السكتاني، أستاذ باحث بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية ابن زهر آيت ملول،
والدكتور زكرياء الغزاوي أستاذ زائر بكلية الحقوق ابن طفيل، و يسير أطوار هذه الجلسة
العلمية الأستاذ الحسين العسري، عضو منتدى الباحثين بوزارة الاقتصاد والمالية، وينسق
أشغالها الأستاذ نبيل محمد بوحميدي وهو مؤسس المنصة العلمية Maroc Droit، انطلقت
الجلسة على الساعة العاشرة ليلا من يومه الجمعة 29 أبريل.

المقرر: مبارك البرهيشي
طالب باحث بسلك الماستر
ماستر قانون الأعمال وآليات تسوية المنازعات
كلية العلوم القانونية والاقتصادية و الاجتماعية أيت ملول



التقرير.pdf التقرير.pdf  (881.5 ko)



كلمــــة افتتاحيـــــة للسيـــــد ممثل لجنة التنسيق

ذ/ الحسين العسري

بسم الله الرحمان الرحيم و الصلاة والسلام على أشرف المرسلين،
نرحب بكم مجددا مشاهدينا الكرام في هذه الندوة العلمية وكتتمة لسلسلة الندوات المنظمة
من طرف المنصة العلمية Maroc Droit ، تحت عنوان القانون المسطري المدني في هذه
الجلسة العلمية الثالثة من الندوة العلمية السالفة الذكر، سنحاول أن نعرج عند قانون جديد ألا وهو
قانون 95.17 المتعلق بالتحكيم والوساطة الاتفاقية هذا القانون بالنظر إلى المستجدات التي جاء
بها ولمكانته المهمة على مستوى الاستثمار وانعكاساته على هذا المستوى، عمل المشرع
المغربي على افراده بنصوص قانونية خاصة به، متجاوزا بذلك الاشكال الذي كان ينص عليه
القانون المسطري المدني، هذه الجلسة العلمية سنحاول ان نغوص في هذا القانون الجديد الذي
صودق عليه مؤخرا من طرف البرلمان، هذه النسخة ستكون محل نقاش فقهي بين الأساتذة
الكرام.
يسعدني أن نرحب بالأساتذة الكرام، الدكتور هشام البخفاوي، أستاذ بكلية العلوم القانونية
والاقتصادية والاجتماعية ايت ملول ومدير المركز الدولي للتحكيم والوساطة بالمغرب، يسعدنا
أيضا أن نستضيف الدكتور السكتاني عمر أستاذ بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية
بايت ملول ومدير مجلة المهن القانونية والقضائية لمناقشة هذا الموضوع باعتباره متخصص في
هذا المجال بالذات، كذلك يسعدنا أن نستضيف الأستاذ زكرياء الغزواني وهو أستاذ زائر لمادة
الوسائل البديلة لتسوية المنازعات بكلية الحقوق ابن طفيل القنيطرة باعتباره أستاذ متخصص في
المادة كذلك.
إذن في هذه الجلسة العلمية سنحاول أن نغوص في هذا القانون باعتباره قانونا مهما جدا و
التعريج على مختلف المستجدات التي جاء بها والاشكالات المحيطة به بالنظر لكون أن مجلس
النواب صادق عليه وننتظر صدوره ونشره في الجريدة الرسمية عما قريب.

 المداخلة الأولى : للأستاذ هشام البخفاوي حول مستجدات القانون 95.17
وأهم إشكالاته.
 المداخلة الثانية: للأستاذ عمر السكتاني حول دور القضاء على مسطرة التحكيم
على ضوء مستجدات القانون الجديد، مع الاشارة إلى السياق العام الذي أدى
إلى إفراز هذا الاصلاح النوعي الجديد.
 المداخلة الثالثة : للأستاذ زكرياء الغزاوي حول تشخيص العوامل البنيوية
للتحكيم باعتبار هذا الأخير كفلسفة.

مداخلة الأستاذ هشام البخفاوي
أستاذ بكلية العلوم القانونية والاقتصادية

والاجتماعية أيت ملول

افتتح الأستاذ هشام البخفاوي مداخلته بكلمة شكر للسيد نبيل بوحميدي مدير منصة Maroc
Droit ، مضمنا إياها عطاءه الدائم واحتضانه لهذه الجلسة العلمية التي لها أهمية كبرى في
الساحة القانونية والتي استأثرت باهتمام الدارسين و الممارسين في المجال القانوني، كما وجه
الأستاذ الكريم تحية شكر جزيل لكل من الأستاذ عمر السكتاني و الأستاذ زكرياء الغزاوي.
إن التعريج على هذا القانون الجديد 95.17 ومناقشته جاء في توقيت عامل مهم جدا، وخير
دليل هو أن هذا القانون صودق عليه يوم الإثنين بإجماع في مجلس النواب بالرغم من المخاض
العسير الذي مر منه، بل أكثر من ذلك هو أن المشرع المغربي تأخر في إصدار هذا القانون،
ولعلكم تعرفون تكلفة التأخر في التشريع، وخاصة القوانين المتعلقة بالإستثمار، لها تكلفة مهمة
جدا في ما يخص الآثار التي يمكن أن تنتج على هذه القوانين.
هذا القانون قدم في عز أزمة كورونا في 22 أبريل 2020 أمام لجنة العدل والتشريع، هو
ثاني مشروع قدم بعد التعديل الثاني الذي عرفه المشروع الصادر سنة 2008، والذي صادقت
عليه الحكومة في 05 مارس 2020، ليحال على البرلمان الذي صادق عليه يوم الاثنين 25
أبريل 2022، الملاحظ هو أن هذا القانون والحديث عن التحكيم في المغرب ليس وليد اليوم
وليس وليد هذا القانون ولا وليد سنة 2007، بل وليد زمن طويل والمغرب كان سباقا
للمصادقة على مجموعة من الاتفاقيات والمعاهدات الدولية، يعني الاعتراف بالتوجه الليبرالي
وإقتصاد السوق جعلت المغرب منذ مدة طويلة ينخرط في هذا المجال وبالتالي كنا من الدول
الأوائل التي صادقت على اتفاقية نيويورك سنة 1962 ، وأيضا من الدول الأوائل التي
صادقت على اتفاقية تسوية المنازعات التي تنشأ عن الإستثمار فيما بين الدول ورعاياها سنة
1966، كنا كذلك من الدول الأوائل التي صادقت على اتفاقية عمان سنة 1987 للتحكيم
التجاري.
إن الحديث عن التحكيم اليوم في المغرب ليس وليد اللحظة، بل هو مسار متراكم من التجارب
من خلال التوجه السياسي الليبرالي للدولة المغربية فيما يخص جلب الإستثمارت. اليوم ونحن
أمام هذا التوجه الجديد ما يميز هذا القانون هو الاستمرارية للقوانين السابقة لكن من حيث
الشكل هناك توجه جديد يتمثل في الاعتراف باستقلالية التحكيم بحيث لم يعد جزءا من المسطرة
المدنية على عكس القوانين السابقة، بحيث أن القانون 08.05 كان جزء من قانون المسطرة
المدنية، إذن أول شيء حسم فيه هذا القانون الجديد هو الشكل، وقد تأخر المشرع المغربي

كثيرا في عزل مدونة خاصة بالتحكيم على عكس بعض الدول، كما هو الشأن بالنسبة للمشرع
المصري سنة 1994 إلى غير ذلك من التشريعات الدولية التي عرفت أهمية استقلالية مدونة
التحكيم واهميتها في تسريع وتيرة الإجراءات التحكيمية وفي جلب الاستثمارات الأجنبية،
النقطة الثانية وهي أنه المشرع المغربي ليس اختيارا منه اللجوء إلى التحكيم بل كان ذلك نتيجة
حتمية لمجموعة من الظروف منها:
أولا : انخراط المغرب في مجموعة من المشاريع الاستثمارية الكبرى ورغبته في جلب
الرساميل الأجنبية، يعني جعله الأمر يعيد النظر في القوانين الاستثمارية و بالتالي كان من بين
القوانين المهمة، هو قانون التحكيم الذي يعتبر العدالة المفضلة للمستثمر الأجنبي،بحيث لايمكن
الحديث عن الاتفاقيات الدولية التجارية بمعزل عن التحكيم.
ثانيا: واقع المحاكم اليوم في المغرب بحيث تراكم قضايا كثيرة بالمحاكم، الوسائل اللوجستيكية
– البشرية، حتمت على الدولة التوجه إلى التحكيم بشكل كبير، بل و الأكثر من ذلك أن هناك
دورية لوزارة الداخلية تفيد الارغام على الولوج للتحكيم.
إن مايروج اليوم أمام المحاكم بالمغرب كثير جدا بحيث نجد ما يقارب ثلاثة ملايين قضية وفي
المقابل مايقارب حوالي أربعة آلاف قاضي وثمان مائة منهم في النيابة العامة، ولكم أن
تتصوروا حجم القضايا مع حجم الأطر البشرية، وكيف الحديث اليوم عن الاستثمار وحجم
المحاكم التجارية بالمغرب، وكيف يمكن الحديث عن جلب الرساميل والمستثمرين الأجانب
وعن احتياجاتهم دون الحديث عن واقع التحكيم بالمغرب؟
أكد الأستاذ على أن اللجوء إلى التحكيم فرضه الواقع الذي أملته الظروف الاقتصادية
والسياسية للمغرب ، وبالتالي تبني المشرع لهذا التوجه هو تبني سليم جدا ومنطقي ومهم ،
بالرغم من أن التشريع في المغرب لازال رهين ببعض الترددات خصوصا في المجال
الاقتصادي الشيء الذي يكلف كثيرا، وخير دليل على ذلك مسألة البنوك التشاركية، بحيث
المغرب تردد كثيرا في إقرار قوانينها الشيء الذي حال دون تطور هذا المجال المتعلق بالبنوك
التشاركية.
أهم خصوصيات القانون الجديد 17-95 والمتمثلة في :
 اخراجه من نظام التحكيم والوساطة المد رج ضمن قانون المسطرة المدنية.

 الحفاظ من حيث الهيكلة على الترتيب، حيث ابتدأ بالحديث عن التحكيم ثم لينتقل
للحديث عن الوساطة الاتفاقية ثم الانتقال الى الاحكام الانتقالية وهو نفس التصور الذي
دأب عليه المشرع المغربي في القانون السابق 05-08 .
 حفاظ المشرع المغربي في هذا القانون على نفس التوجهات فيما يخص المصادر المهمة
في صياغة هذا القانون الجديد، بحيث نجد قانون التحكيم النموذجي الدولي الصادر عن
اللجنة للأمم المتحدة للقانون التجاري الذي يعتبر بمثابة الهيكلة التنظيمية لمجموعة
القوانين التجارية الدولية، كذلك هناك قانون المسطرة المدنية الفرنسي الذي يستمد منه
المشرع مجموعة من القوانين، ثم الاتفاقيات الدولية كاتفاقية نيويورك، اتفاقية جنيف
واتفاقية عمان إلى غير ذلك من الاتفاقيات الدولية و القواعد و المبادئ الأساسية
المتعارف عليها في التحكيم بمعنى ان المشرع حافظ على المصادر العامة التي كانت في
القانون السابق 05-08 كما هو واضح من حيث المواد.
 القانون كذلك جاء في سياق ضرورة عملية والتوجه الجديد للمشرع المغربي و إرادة
سياسية كبيرة على اعتبار أن رئيس الدولة كان في كل مرة يؤكد على أهمية حل
منازعات الإستثمار باعتماد الوسائل البديلة، بدءا من خطاب أكادير سنة 2003، مرورا
بالرعاية التي أطلقها على المناظرة حول التجارة وفرص الاستثمار التى كانت في
مراكش والتي تباناها المجلس الأعلى للسلطة القضائية حول التحكيم التجاري.

إذن نتحدث اليوم عن قانون تشكل مصادره نفس المصادر التي تحدث عنها المشرع المغربي
في القانون 08.05 هذا القانون له عدة أهداف مهمة جدا منها:
أهم الأهداف التي جاء بها القانون الجديد 75-17 والمتمثلة في :
تشجيع التحكيم التجاري بالمغرب جاء مطابقا لمجموعة من الضوابط الدولية فيما يخص
التحكيم، ثم فيما يخص ضبط العلاقة بين التحكيم وقضاء الدولة، خصوصا الإشكال المثار
حول اختصاص رئيس المحكمة، حيث تم في القانون الجديد إزالة اللبس على هذه المسألة
بحيث تحدث الآن في القانون الجديد عن رئيس المحكمة الادارية وهو توجه جديد جدا فيما
يخص الاختصاص النوعي، و يمكن اعتباره اعترافا من المشرع المغربي بالتوجه نحو

التحكيم الاداري، وخير دليل هو أن جميع المنازعات التي تكون الدولة طرفا فيها، هنا
إجبارية اللجوء إلى التحكيم.
 القانون الجديد أيضا قد تبنى توجهات مهمة هو أنه تبنى استقلالية شرط التحكيم في
المنازعات التي تكون المؤسسات العمومية طرفا فيها.
 القانون كذاك جاء بمفاهيم جديدة فيما يخص احترام النظام العام الوطني والدولي
والاعتراف بأحكام التحكيم الدول.
 احترام المبادئ الأساسية للمحاكمة العادلة، تم قبول التحكيم المتفق عليه اثناء المسطرة
القضائية وكذلك وضع لائحة المحكمين لدى محكمة الاستئناف،و الجديد الذي جاء به
المشرع المغربي في القانون الجديد هو اعتبار اللائحة تقييد لمهمة التحكيم، وهذا نوع
من الإعتراف على أنها مهنة لكن المشرع أحال على نص تنظيمي قد يأتي هذا النص
التنظيمى بقوانين جديدة بهذا الخصوص وبالتالي نحبذ ترك الحرية للأطراف بدون
تقييد وبدون الزام، لأن الإرادة هي الأساس الذي يقوم عليه التحكيم.
 تحدث أيضا القانون عن شروط رد وترجيح المحكم وتحدث عن تعيين واستبدال
المحكم إلى جانب قواعد تشكيل الهيئة التحكيمية وامكانية اللجوء الهيئية التحكيمية إلى
الوكيل العام لدى محكمة الاسثئنناف.
 التزام الهيئة التحكيمية كذلك باتباع القواعد من قبل قضاء الدولة وإمكانية تصحيح أو
تأويل التحكيم.

هذه المبادئ ربما كانت في القانون السابق 05-08 . جاء القانون ليؤكدها فقط، خاصة فيما
يخص مجموعة من الأمور المتعلقة بسير إجراءات التحكيم وهي النقطة التي تناولها المشرع
في القسم الأول من المادة 1 إلى المادة 85 ، من خلال الحديث عن ثلاثة اقسام في الباب
الاول، تحدث عن القواعد العامة وفي الباب الثاني، تحدث عن التحكيم الداخلي وفي الباب
الثالث تحدث عن التحكيم الدولي، وهناك تفاصيل مهمة فيما يخص هذا القانون هناك نقط جد
أساسية سيتم التطرق إليها من طرف السادة الأساتذة خصوصا مايتعلق بالاختصاص النوعي .
إن مداخلة الاستاذ حاولت تشخيص أهم الخصوصيات الاساسية للتحكيم وذلك ليحيل الكلمة
للسيد المسير لهذه الندوة العلمية.
بدوره قام مسير الندوة مباشرة بإعطاء الكلمة للأستاذ عمر السكتاني ليعالج لنا دور القضاء في
مسطرة التحكيم.

مداخلة الأستاذ عمر السكتاني
استاذ بكلية العلوم القانونية والإقتصادية
والإجتماعية أيت ملول


إستهل الأستاذ عمر السكتاني كلمته بالتحية على الاساتذة المشاركين، في شخص كل
من الأستاذ هشام البخفاوي والأستاذ زكرياء الغزاوي. ووجه أيضا الشكر الجزيل لمدير منصة
Maroc Droit، الأستاذ نبيل بوحميد. وعبر أيضا الأستاذ عن سعادته للمشاركة فى هذه
الندوة العلمية التي تناقش قانون التحكيم والوساطة الاتفاقية الذي صادق عليه مجلس النواب
مؤخرا.
موضوع مداخلة الأستاذ انصبت حول دور القضاء على مسطرة التحكيم على ضوء مستجدات
القانون الجديد، مع الاشارة إلى السياق العام الذي أدى إلى إفراز هذا الاصلاح النوعي الجديد.
فحينما نتحدث عن دور القضاء في مسطرة التحكيم وكما أشار إلى ذلك الدكتور هشام البخفاوي
عن حق بأن هذا القانون أملته مجموعة من الاعتبارات الاقتصادية السياسية والتجارية،
بمعنى أن المغرب كان مرغما على اخراج هذا القانون إلى حيز الوجود. ولاسيما عامل أساسي
إلى جانب العوامل الداخلية متعلق بتحسين مركز المغرب ضمن مؤشر الأعمال الدولية(دوين
بيزنيس)، إذ هناك مجموعة من العوامل التي تضافرت من أجل إخراج هذا القانون والذي جاء
من أجل تجويد وتنقيح القانون السابق وهو القانون 05-08 ولكن أهم خاصية والتي أشار إليها
الدكتور هشام البخفاوي و هي تكريس استقلالية نظام التحكيم بالمغرب عن طريق اخراجه من
قانون المسطرة المدنية، لكن السؤال الذي يتبادر إلى الذهن:

- هل المقتضيات التشريعية الجديدة تكفي لأن نرتقي بالتحكيم لكي ينتقل من النمط التقليدي
المحدود إلى تحكيم جذاب يساهم في حل وتدبير النزاعات الاقتصادية ونزاعات الاستثمار
بشكل عام؟
هنا يجرنا الأمر إلى الحديث عن أهم المستجدات التي جاء بها هذا القانون وسوف نقتصر على
أهم الجوانب الأساسية من خلال تناول هذه المداخلة في جانبين أساسيين.
فالقانون الجديد يكرس من التخفيف من اجراءات اللجوء إلى التحكيم بمعنى أن هنالك تبسيط
في الاجراءات، من خلال اتباع مجموعة من القواعد المبسطة والتي تتسم بالمرونة ومن ذلك
أن المشرع أصبح يعترف بإمكانية التحكيم الالكتروني ثم إمكانية عقد بعض الجلسات بشكل
الكتروني، اذا عاق عائق حال دون حضور أحد الأطراف للجلسة التحكيمية، ثم انفتح المغرب
على مايسمى بآليات التبليغ الالكتروني مثلا إمكانية تبليغ الحكم التحكيمي بالطريقة الالكترونية،
بل أكثر من ذلك أصبح المشرع في إطار القانون الجديد يعترفبما يسمى بالعنوان الالكتروني،
إذن فالمشرع المغربي أصبح ينفتح على مجموعة من القنوات الرقمية الجديدة التي اقتضتها
ضرورة حماية الإستثمار وحماية مجال الأعمال بشكل عام.
أيضا من بين تمظهرات التخفيف من إجراءات اللجوء إلى التحكيم ، هو اعتراف المشرع باتفاق
التحكيم على بياض، وهذه المسألة قذ أخد بها المشرع المغربي في القانون السابق على نوع من
الحساسية بحيث في إتفاق التحكيم كانت هناك مجموعة من البيانات ومجموعة من الشروط
والقيود التى لا يمكن في غيابها الاعتراف بصحة الشرط التحكيمي أو عقد التحكيم.
لقد أصبح للقضاء دور في حماية وصون مبدأ سلطان الإرادة، لأن التحكيم في نهاية المطاف
يقوم على مبدأ سلطان الإرادة وحتى القضاء حينما يتدخل فهو يتدخل في هذا الجانب أي في
جانب صون وحماية مبدأ سلطان الإرادة، بمعنى إذ أن القضاء يتدخل في حدود هذه الارادة.
هنا سنوضح بعض التجليات التي تجسد الدور المساعد أو المساند للقضاء اتجاه التحكيم ومن
بين ذلك:
 امكانية المساعدة في تعيين المحكمين.
 المساعدة في تمديد المهلة القانونية أو الاتفاقيةللتحكيم.
 المساعدة في حل المشاكل الناجمة عن امتناع المحكم عن العمل أو القيام بالعمل رغم
التوقيع على الاتفاق .
 المساعدة عن طريق تفسير و تصحيح أو إكمال الحكم التحكيمي.

 تدخل القضاء التجاري من خلال مسطرة تذييل الحكم التحكيمي بالصيغة التنفيذية بل
يمكن أيضا أن يتدخل عن طريق المراقبة الشكلية للحكم التحكيمي وبالتالي عن طريق
مايسمى ب دعوى الطعن بالبطلان.
إذن هنالك مجموعة من الجوانب الايجابية التي يروم من خلالها المشرع تفعيل أو تكريس
فعالية القضاء من خلال الدور المساعد الذي يقوم بها ابان مسطرة التحكيم لكن بالرغم من نقاط
القوة التي تحسب للمشرع المغربي في هذا القانون الجديد، إلا أن هناك نقاط ضعف سميناها
بالعيوب المؤثرة على فعالية دور القضاء التجاري في مسطرة التحكيم.
وهنا سأقتصر على جانبين أساسين، العيوب التشريعية ثم العيوب الواقعية.
هناك بعض الأمثلة التي أثيرت في جانب الممارسة والتي لم يتم استداركها من الناحية العملية
من بين ذلك؛ مبدأ التفسير الضيق للشرط التحكيمي وهذا المبدأ أقره القضاء من خلال القانون
السابق، والمقصود به حينما يكون موضوع شرط التحكيم أو اتفاق التحكيم هو تأويل أو تنفيذ
التحكيم وتقام مجموعة من الدعاوى ذات الصلة والتي ترمي إلى الفسخ أو بطلان العقد، هنا
القضاء في ظل التجربة السابقة، كان يقضي بعدم قبول التحكيم، لأن الأمر يتعلق بمسألة تخرج
عن نطاق شرط التحكيم، أو اتفاق التحكيم، والحال أن الفسخ أو البطلان لا يعدو أن يكون إلا
نتيجة من النتائج الحتمية التي قد تترتب عن تأويل وتنفيذ الاتفاق أو العقد، وبالتالي كان على
المشرع أن يتدخل عن طريق مراجعة مبدأ التفسير الضيق للشرط التحكيمي، وبالتالي إعطاء
نوع من المرونة لاتفاق التحكيم حتى يشمل مجموعة من المسائل الأخرى التي تدخل في نطاق
الإتفاق الذي أبرمه الأطراف. أيضا هنالك من بين العيوب أيضا التي لم يتم أخذها بعين
الإعتبار هي ما يسمى بمبدأ تطهير المسطرة التحكيمية، فنتحدث عن التطهير في مجال العقار
قياسا عليه هنالك أيضا تطهير في مجال التحكيم، وخير مثال على ذلك في اطار القانون
السابق08.05 كانت هناك اشكالية تثار من الناحية العملية، أنه كثيرا ما يكون هنالك اتفاق
التحكيم، فيلجأ أحد الأطراف إلى القضاء فيدفع الخصم أو الطرف الثاني بعدم قبول الدعوى
نظرا لوجود اتفاق التحكيم، فتحيلهم المحكمة على التحكيم، ولكن حينما يحال الملف على
التحكيم قد تثار مسألة نزاعية، و تكون خارجة عن اتفاق التحكيم، ولكن أحد الاطراف يسكت أو
لا يتمسك بها خلال إصدار أو بت محكمة التحكيم في اختصاصها بمعنى أن أحد الأطراف لا
يثير المسألة في وقتها. ولما يصدر الحكم التحكيمي يأتي مجددا ويطالب بإمكانية الطعن ببطلان
الحكم التحكيمي فهنا المسألة كان من باب أولى تسريعا وضمانا لفعالية التحكيم، كان على
المشرع المغربي التدخل من أجل إقرار ما يسمى بمبدأ تطهير المسطرة التحكيمية، فحينما نعلم

بأن هنالك إشكال يجب أن تثار، ويجب التمسك بها في إبانها واذا لم يتم التمسك بها في إبانها،
فلا يمكن أن تكون في بعد ذلك سببا لإثارة دعوى أو الطعن ببطلان الحكم، هذه كانت فقط
مسألة كان على المشرع أن يتدخل من أجل اقرارها بموجب نص صريح تفاديا للعبث بمساطر
وإجراءات التحكيم.
أيضا هنالك مسألة أخرى وتتعلق بتوسيع مجال تمديد مواعيد وآجال التحكيم، فكما نعلم جميعا
فإن آجال التحكيم قد يكون إما قانونيا أو اتفاقيا. إذا كان قانونيا، فهو في كافة الأحوال لا يتعدى
ستة أشهر ولكن لما يكون الآجال اتفاقي فيمكن أن يتفق الأطراف على الآجال وقد يكون 15
يوم في شرط التحكيم. لكن هذه الآجال 15 يوما لا تكفي للبت في النزاع لأن أولا لدينا مسألة
تعيين المحكميين و تبليغ مقال الدعوى للطرف الآخر يقتضي مهلة معينة، و أيضا مهلة جواب
الخصم عن الحكم التحكيمي أو انشاء خبرة ، كلها أمور قد تستغرق مدة زمنية معينة، اذن
فالمشرع المغربي حينما اجاز امكانية تمديد الاجال الاتفاقي أو القانوني لمرة واحدة فإنه فلم يكن
موفقا في ذلك وإنما كان يجب أن يفتح المجال أمام القضاء المساند، من أجل تمديد الآجال
حسب الحالات والملابسات التي تختلف باختلاف كل قضيةعلى حدة.إذن كان على المشرع أن
يأخذ بعين الإعتبارهذه المسألة.
وأيضا من بين المسائل المطروحة والتي لم يعالجها القانون الجديد وهي إيداع الحكم التحكيمي
وتذييله بالصيغة التنفيذية
أولا فيما يتعلق بالإيداع، فالمشرع المغربي يقول أنه يجب أن يتم إيداع أصل الحكم التحكيمي
مرفوقا باتفاق التحكيم وفي حالة ما إذا كان هاذين الوثيقتين بلغة أجنبية يجب أن يتم ترجمتهما
إلى اللغة العربية لكن ما يـــــهمنا هنا هو الإيداع وما المقصود بالإيداع ؟ بل أكثر من ذلك
هناك إشكاليات عملية تثار لاسيما فى حالة تعدد أطراف الخصومة، وسنشير إلى بعض الامثلة
التي تثار بشكل كبير على المستوى العملي فقد يكون هناك نزاع بين طرف مقابل عدة أطراف
اخرين كخصوم فيصدر الحكم التحكيمي لفائدة الطرف المنفرد ولكن لما يريد بتنفيذه يكون
ملزما بإيداع اصل الحكم لدى كتابة الضبط من أجل تذييله بالصيغة التنفيذية ولكن نحن نعلم أن
هذا الحكم التحكيمى يجب أن يبلغ إلى باقى الأطراف و هنا أتحدث عن أربعة أطراف أو خمسة
أطراف وأن أجل التبليغ أو أجل الطعن المتمثل في 15 يوم يبتدأ من تاريخ تبليغ الحكم
التحكيمي المذيل بالصيغة التنفيذية، إذن هنا نتساءل كيف يمكن لهذا الطرف الذي صدر
لصالحه الحكم التحكيمي أن يبلغه لأطراف متعددة؟ وكيف يتأتى لهذه الأطراف أن تقوم بالطعن
في هذا الحكم؟ أيضا المسألة الثانية التي يؤاخذ عليه المشرع وهي ما يتعلق بتذييل الحكم

التحكيمي، هنا المشرع يقول أنه يجب أن تكون المسطرة بصيغة التواجهية ، بمعنى لابد من
استدعاء الأطراف لكن ما الغاية من استدعائهم بمعنى أنه سيتم اعادة نفس المسطرة القضائية
وبالتالي فالأطراف حينما يعلمون مسبقا بأن المسطرة سوف تأخذ مسطرة تواجهية سوف تأخذ
وقتا معينا من الوقت وربما قد يتم الطعن في ذلك الأمر القاضي بالتذييل بالصيغة التنفيذية.
أوبرفض التذييل بالصيغة التنفيذية، أمام محكمة ثاني درجة. ومحكمة ثاني درجة ربما قد
تستغرق مدة معينة من الزمن لذلك فربما الخصوم أو الأفراد قد يفضلون منذ البداية اللجوء إلى
القضاء طالما أن المسطرة سوف تؤول مجددا إلى نفس المساطر القضائية التي كانت نيتهم أو
ارادتهم ترمي إلى تجنبها.
المسألة الأخيرة وهي الطعن بإعادة النظر وهي مسألة فى الحقيقة لم ينتبه إليها المشرع، حينما
نظم لنا هذا الطعن بإعادة النظر، أحال القواعد العامة للمسطرة المدنية. وحينما نعود إلى الفصل
المنظم لإعادة النظرفي قانون المسطرة المدنية، نجدهيتكلم تقريبا عن سبع حالات، وهذه السبع
حالات يستحيل من الناحية العملية إعمالها خلال مسطرة التحكيم، لأن مختلف هذه الحالات قد
تكون موضوعا للطعن بالبطلان. بمعنى أنها تتيح لأحد الأطراف إمكانية سلوك مسطرة الطعن
بالبطلان كما هو الشأن في حالة ما إذا تم إغفال البت في أحد الطلبات إلى غير ذلك، بمعنى
كان على المشرع أن يقوم كما ذهب إلى ذلك بالمشرع الفرنسي. وأن يقوم بإنتقاء حالات الطعن
بإعادة النظر التي تتلاءم مع مسطرة التحكيم. واستبعاد باقي الحالات الأخرى بل أكثر من ذلك
فحينما نتحدث عن الطعن بإعادة النظر فالمشرع هنا يتحدث عن هذا الطعن بمعناه أنه يقدم أمام
المحكمة التي سوف يقدم أمامها النزاع بمعنى إذا كانت المحكمة المختصة هي المحكمة
الابتدائية أو التجارية أو الادارية فالطعن بإعادة النظر ضد الحكم التحكيمي سوف يقدم أمام
إحدى الهيئات القضائية العادية. وهنا المشرع كان له أن يتدخل من أجل ملاءمة هذا النص لأن
ربما قد يتم الطعن بالبطلان أمام محكمة الاستئناف وفي نفس الوقت يتم الطعن بإعادة النظر
أمام محكمة الدرجة الأولى سواء كانت تجارية أو عادية أو ابتدائية، مما قد يؤدي إلى صدور
أحكام جد متناقضة لذلك كان بالأحرى للمشرع أن يتدخل من أجل ملاءمة مجموعة من
الإجراءات والقواعد المنظمة لإعادة النظر، مع خصوصيات المسطرة المنظمة للتحكيم بشكل
عام، والمسألة الأخيرة فالمشرع يتحدث عن رئيس المحكمة ويقصد بذلك رئيس المحكمة
التجارية أو رئيس المحكمة الابتدائية أو رئيس المحكمة الإدارية وهنا حسم لنا المشرع في
مجموعة من الإنتقادات التي كانت توجه إلى القانون السابق لكن الإشكال الذي يثار في هذا
الاطار يتعلق بأن هذا المفهوم لرئيس المحكمة لا يحقق المعنى المقصود هل له دور مساند أم

دور رقابي على هيئة التحكيم؟ والحال أننا في حال نطاق قانون التحكيم نتحدث عن قاضيين
الدولة وبالتالى لذلك متوازيين يسيران في نوع من التوازن هناك قاض اتفاقي وهناك قاضي
الدولة، وبالتالي كان على المشرع أن يستعمل التسمية التي استعملها القانون الفرنسي أي
مايسمى بقاضي الدعم أو قاضي الإرتكاز، أو القاضي المساند بمعنى ان هذا الدور الذي يلعبه
القضاء طيلة مسطرة التحكيم هو دور من أجل صيانة وتحقيق فعالية مجريات وإجراءات
الدعوى التحكيمية، إذن بشكل موجز هذه بعض الجوانب الإيجابية التي لا ننكرها والتي جاء بها
القانون الجديد المتعلق بالتحكيم والوساطة الإتفاقية، لكن الملاحظ أن هذ القانون رغم الإيجابيات
التي جاء بها إلا أنه لازالت تعتريه مجموعة من النواقص الكبرى التي كنا نتمنى أن يتفاداها
المشرع بصيغة نهائية، وإخراج هذا القانون بصيغة جيدة تدفع المستثمر إلى طرق القضاء
البديل إلى جانب توسيع جاذبية التحكيم .
توجه الأستاذ الكريم في نهاية مداخلته بالشكر الجزيل للمحاضرين و أحال الكلمة للسيد المسير
لهذه الندوة العلمية.
مسير الجلسة يحيل الكلمة للسيد زكرياء الغزواني، أستاذ زائر لمادة الوسائل البديلة لتسوية
المنازعات في كلية الحقوق بالقنيطرة، وذلك للحديث عن قراءته الخاصة لهذا القانون الجديد.

مداخلة الأستاذ زكرياء الغزاوي
أستاذ زائر لمادة الوسائل البديلة
لتسوية المنازعات في كلية الحقوق بالقنيطرة


إفتتح الأستاذ مداخلته بالترحيب بالجميع وهنأ السادة الأساتذة بأيام رمضان المباركة وأثنى
عليهم، كما ثمن مداخلات السادة الأساتذة بخصوص القانون الجديد محط النقاش.
موضوع مداخلة الأستاذ انصبت حول تشخيص العوامل البنيوية للتحكيم باعتبار هذا الأخير
كفلسفة، وهل استطاع المشرع في القانون القديم والجديد معا أن يواكب التطور الذي تعرفه
الساحة الدولية في هذا المجال.
بدأ الأستاذ مداخلته بالمصادر التي اعتمدها المشرع عند بلورته للمشروع,
فكما نعلم أن هناك مجموعة من المستجدات التي عرفتها الساحة الدولية والتي تهم المملكة
المغربية، سواء فيما يتعلق بالتحكيم أو بالوساطة الإنفاقية، هل تعلمون أن المملكة المغربية
أصبحت عضوا في لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي لمدة خمس سنوات من 2022
الى 2027، وعندما نتحدث عن لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي، فإننا نتحدث عن
مجموعة من الفرق المنضوية تحت لواء هذه اللجنة، والتي تشارك فيها المملكة المغربية سواء
تعلق الأمر بالفريق الثاني المتعلق بالتحكيم والوساطة الاتفاقية، أو بالفريق الثالث المتعلق
بتسوية المنازعات بين الدول المستضيفة للاستثمار، ويلعب المغرب دورا مهما في مناقشة هذه
الآليات، وبالتالي فإن واضعي المشروع كان عليهم أن يستأنسوا بمشاركة المملكة المغربية في
هذا المجال.
هل تعلمون أن المملكة المغربية صادقت في مارس 2022 على التعديلات التي أدخلت على
نظام التحكيم المعتمد من قبل المركز الدولي لتسوية منازعات الإستثمار بواشنطن، والذي جاء
بمجموعة من المستجدات، واللتي كان للمملكة المغربية دور كبير في مناقشة هذه التعديلات،
ووضع مجموعة من الاقتراحات التي تم اعتماد بعضها وتم ترك البعض الآخر، يعني هناك
مجموعة من المصادر التي كان على واضعي المشروع أخذها بعين الإعتبار في حالة إدخال
التعديلات على التحكيم و الوساطة الإتفاقية.
فيما يتعلق بالناحية الشكلية فكما نعرف أن القانون الحالي للتحكيم والوساطة 08.05 وفي إطار
المقارنة الشكلية والعددية بين القانون الحالي و المشروع، فإن المشرع المغربي لدي عليه
ملاحضتين اثنتين.
 أجرأة التحكيم: المقصود بها أن المشرع المغربي حدا المفهوم الفلسفي للتحكيم وحاول
وضع مجموعة من الشكليات والإجراءات على التحكيم، خير دليل على ذلك أنه أضاف
فيما يتعلق ببنود التحكيم سبع فصول في المشروع كمواد إضافية للمواد التي كانت في

السابق، أي أن المشرع حاول أجرأة التحكيم وجعله خاضعا للأجرأة، وبالتالي فالتحكيم
أصبح يخرج عن الغاية التي وجد من أجلها حيث البساطة والاتفاق عليه.
أما فيما يتعلق بالوساطة الإتفاقية فإن المشروع أضاف خمس مواد على القانون القديم، وبالتالي
يتبين لنا توجه المشرع في وضع إجراءات شكلية ومسطرية على قانون التحكيم و الوساطة
الإتفاقية، كما سبق القول فقد حاول المشروع الخروج من غاية التحكيم، والذي سيؤدي به إلى
أن يسقط في نفس مشكل القضاء نظرا لتعقيد الإجراءات حيث كثرة الجلسات وكثرة المذكرات.
 قوضأة التحكيم: الشيء الذي قصده الأستاذ بقوضأة التحكيم، هو الدور البارز للقضاء
على التحكيم كما أشار إلى ذلك الأستاذ عمر السكتاني في مداخلته، خاصة رقابة القضاء
على آلية التحكيم من الاتفاق إلى صدور الحكم التحكيمي.
وعلى هذا الأساس تطرق الأستاذ الغزاوي إلى مجموعة من المقترحات لأجل الخروج عن
الأجرأة والقوضأة التي تطبع المشروع الجديد من بين هذه المقترحات:
 تفادي العديد من التدقيقات عند طرحه للمشروع ومن بينها: تاريخ المذكرات وكيفية
وضعها وآجالاتها، بحيث تتم هذه المسائل باتفاق الأطراف، حيث من اللازم ترك الحرية
للأطراف في اختيار مسطرة التحكيم و الاتفاق عليها.
 فيما يتعلق بالتحكيم الدولي، كان على المشرع أن يدخل في مجموعة من النقاشات أو
بالأحرى كان عليه أن يضع مجموعة من القواعد المادية أمام المحكم من أجل اتباعها عند
البت في النزاع وأن يخرج مما هو إجرائي .

كما قدم الأستاذ في هذا الإطار مجموعة من الإشكالات السلبة التي طبعت المشروع من أبرزها:
المشرع المغربي لازال يؤكد على مذى سيطرة السلطة التنفيذية على قائمة المحكم أو عمل
المحكمين ولا يزال يتمسك بالسياسة القائمة.
لماذا يتعين على المحكم أن يسجل في قائمة ممسوكة من قبل جهة إدارية معينة؟ تطرح لنا
مجموعة من الإشكالات :
 مالمقصود بهذه القائمة؟

 ماهي القرارات الصادرة في إطار التشطيب؟ هل هي قرارات ذات طبيعة إدارية؟ أو
أوامر ولائية أو قضائية؟ وهل تحديد طبيعة هذه القرارات او الاوامر تسمح لنا لمعرفة
كيفية الطعن فيها؟
وفيما يتعلق بالإختصاص المثار في المداخلتين السابقتين، فقد أشار الأستاذ إلى مسألة التحكيم
الدولي في مادة العقد الإداري الدولي، طبقا لهذا القانون الحالي أم القديم فإن اللإختصاص يعود
للمحكمة التجارية كلما تعلق الأمر بالتحكيم الدولي.
لهذا فالإشكال المطروح هو عندما تعلق الأمر بتحكيم إداري دولي فلمن يعود الاختصاص؟
وطرح الأستاذ أيضا إشكالية تهم الطعن بالبطلان والتي تعرف نقاش كبير، هل الأمر يتعلق
بطعن ببطلان أم يتعلق بدعوى بطلان وقدم رأيه الشخصي بهذا الخصوص واعتبر هذا الطعن
بمثابة دعوى بالبطلان.
كما أثار الأستاذ إشكالية حول وصاية الممارسة على عمل المحكمين فعندما يتحدث واضعوا
المشروع عن تعيين المحكمين ذوي الخبرة، من له الإختصاص لإختيار المحكمين واختيارهم
واعتبارهم محكمين أم لا؟، من حيث الكفاءة العلمية؟
وفي الأخير أعطى الأستاذ رأيه الشخصي في أسباب اللجوء إلى التحكيم، حيث وكما
هو متعارف عليه فيتم اللجوء إلى التحكيم لبساطته ومرونته، مع منح العديد من الضمانات
وبالتالي فقد كان على المشرع أن يتفادى التقييدات المتمثلة في (الأجرأة والقوضأة). وترك
التحكيم في بساطته ومنحه الضمانات القانونية لفائدة الاتفاق من أجل تفعيل مسطرة التحكيم
وليس من أجل ممارسة الرقابة القضائية والرقابة الإدارية.

وفي الأخير فتح السيد مسير الجلسة باب المناقشة ليطرح من خلاله الحاضرون أسئلتهم
واستفساراتهم.

ومن بين الأسئلة المثارة في الموضوع نذكر:
 ما العلة من حصر المشرع المغربي البطلان في مسألة مخالفة النظام العام وعدم وجود
اتفاق تحكيم؟
 هل ترون أن المغرب يتجه إلى تكريس مبدأ التحكيم على الوساطة الإتفاقية؟

 هل يتوافق قانون التحكيم الجديد مع مشروع التنظيم القضائي؟
 ماذا عن المسؤولية القانونية للمحكم؟
 هل يجوز إعمال التحكيم في مجال صعوبات المقاولة خاصة في إطار مسطرة التسوية
القضائية وكذا حقوق الملكية الصناعية تحديدا في النزاعات المتعلقة ببراءة الاختراع؟
 كيف يمكن للقانون الجديد كما صادق عليه مجلس النواب بخصوص التحكيم و الوساطة
الاتفاقية من شأنه رفع اللبس بخصوص التناقض الموجود بين مقتضيات الفصلين 327-
27 و 327-32 الذي يتجسد فيما يلي :كيف يمكن وضع الصيغة التنفيذية على أصل
الحكم التحكيمي؟

هكذا أسدل الستار على الندوة العلمية التي تناولت موضوع المشروع الجديد المتعلق بالتحكيم
والوساطة الإتفاقية تحت رقم 95.17، حيث قـــــــــــــام السادة الأساتذة الأفاضل بتشخيص
مجموع النقاط والإشكالات التي جاء بها هذا القانون الجديد.

تقرير بتاريخ 02 ماي 2022
تقرير 2 حول  أول  لقاء علمي يناقش قانون التحكيم والوساطة الاتفاقية- بعد المصادقة عليه من طرف البرلمان والذي نظم كجلسة علمية ثالثة في ندوة تحت عنوان القانون المسطري منظمة من طرف المنصة العلمية ماروك-دروا



السبت 30 يوليوز 2022

تعليق جديد
Twitter