MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers



تعليق على حكم المحكمة الإدارية بالرباط عدد 3239 بتاريخ 17/09/2012

     

سعيد الفشتالي

طالب باحث بسلك الماستر شعبة قانون المنازعات العمومية بكلية العلوم القانونية و الإقتصادية بفاس

متدرب بمكتب التوثيق العصري



تعليق على حكم المحكمة الإدارية بالرباط عدد 3239 بتاريخ 17/09/2012




قضت المحكمة الإدارية بالرباط في حكمها ما يلي:

" الدولة لا تسأل عن أعمال السلطة القضائية احتراما لمبدأ حجية الأحكام وقوة الشيء المقضي به، وتبعا لذلك لا يجوز مسائلتها عن الأعمال القضائية إلا في حالتي: إعادة النظر في بعض الأحكام القضائية، ومخاصمة القضاة.
نص الفصل 122 من دستور المملكة على انه " يحق لكل من تضرر من خطأ قضائي الحصول على تعويض تتحمله الدولة " دون تحديد اختصاص جهة قضائية معينة، ونص الفصل الثامن من القانون المحدث للمحاكم الإدارية على اختصاص هذه الأخيرة في " دعاوى التعويض عن الأضرار التي تسببها أعمال ونشاطات أشخاص القانون العام" وعلى اعتبار أن العمل القضائي لا يعتبر عملا من أعمال أو نشاطات القانون العام انطلاقا من نص الفصل 107 من نفس الدستور الذي ينص على أن " السلطة القضائية مستقلة عن السلطة التشريعية وعن السلطة التنفيذية" .... المحكمة الإدارية غير مختصة نوعيا للبت في دعاوى المسؤولية الإدارية عن الأعمال القضائية استنادا إلى مقتضيات الفصل 8 من القانون 41.90 ... ".2
يثير حكم المحكمة الإدارية بالرباط إشكالية تتعلق بمدى اختصاص المحكمة الإدارية بالمملكة في دعاوى المسؤولية الإدارية عن الأعمال القضائية.

وقائع الحكم

طلب المدعى إلى الحكم لفائدته بتعويض مسبق قدره 5000 درهم، جراء الأضرار التي لحقت به طيلة فترة التي قضاها رهن الاعتقال التي دامت أكثر من سنتين وأن اعتقاله تسبب في حرمانه من حريته، كما ضيع عليه وظيفته التي كانت مصدر عيشه الوحيد هو وأسرته التي يعيلها ملتمسا بذلك إجراء خبرة حسابه عن الأضرار التي لحقت به طيلة هذه المدة التي توقف فيها عن العمل مع شمول الحكم بالنفاذ المعجل.
حيثيات الحكم
استند القاضي الإداري على مجموعة من الحيثيات لتأسيس حكمه القاضي بعدم اختصاصه النوعي:
وحيث إنه عملا بمقتضيات المادة 13 من القانون رقم 90/41 تعتبر القواعد المتعلقة بالاختصاص النوعي من قبيل النظام العام، وللأطراف أن يدفعوا بعدم الاختصاص النوعي في جميع مراحل إجراءات الدعوة، وعلى الجهة القضائية المعروضة عليها القضية أن تثيره تلقائيا.
وحيث أنه بالرجوع إلى نص المادة الثامنة من قانون المحاكم الإدارية التي حددت الاختصاص النوعي للمحاكم الإدارية، يستفاد منها أن اختصاص هذه الأخيرة يتحدد في مجال دعاوى التعويض عن الأضرار التي تسببها أعمال ونشاطات أشخاص القانون العام".
وحيث من الثابت في الدفوعات التي قدمها الوكيل القضائي للمملكة، بعدم اختصاص المحكمة نوعيا للبت في الطلب على اعتبار أن المسؤولية عن الأعمال القضائية لهاإطارها القانوني الخاص بها،مستندا في ذلك على أن المسؤولية عن الأعمال القضائية يؤطرها الفصل 391 وما يليه من قانون المسطرة المدنية في إطار مخاصمة القضاة والمادة 571 وما يليها من قانون المسطرة الجنائية في إطار مسطرة مراجعة الأحكام الجنائية أو الجنحية.
وحيث إنه تبعا لذلك، يكون الطلب الحالي يخرج من دائرة اختصاص المحاكم الإدارية.

منطوق الحكم

حكمت المحكمة الإدارية بالرباط علنيا وابتدائيا وحضوريا بعدم الاختصاص النوعي للمحكمة الإدارية بالبت في الطلب.

التعليق

يثير الحكم الصادرعن المحكمة الإدارية بالرباط إشكالية هامة في القضاء الإداري، تتعلق بتنارع الإختصاص النوعي للمحكمة الإدارية ,ودلك بدفع المحكمة الإدارية بعدماختصاصها في دعوى المسؤولية الإدارية عن الأعمال القضائية، على خلاف الحكم عدد 407 في الملف الإداري رقم 32/6/2012 الصادر عن المحكمة الإدارية بفاس ) غير منشور ) والذي أقر باختصاص النوعي الإيجابي للمحكمة الإدارية في الطلب التعويض عن الأعمال القضائية تأسيسا على المادة الثامنة من القانون 41-90 باعتباره أن أعمال السلطة الجهة القضائية تنتمي لنشاطات أشخاص القانون العام في ظل غياب أي نص تنظيمي للفصل 122 من الدستور المغربي الجديد" يحق لكل متضرر من خطأ قضائي الحصول على تعويض تتحمله الدولة".
فبتدعيم الدفوعات التي قدمها الوكيل القضائي للمملكة نيابة عن الدولة المغربية بإنعدام الاختصاص النوعي لهذه المحكمة للبت قي الطلب أمام المحكمة الإدارية بالرباط على اعتبار مسؤولية الدولة عن الأعمال القضائية يبقى استثناء ولا يخرج عما هو مقرر في المادة 391 من قانون المسطرة المدنية, فقد توجهة المحكمة الإدراية بالرباط إلى إعتبار أعمال السلطة القضائية خارجة من نطاق الأعمال و نشاطات أشخاص القانون العام، وهوالأمر الذي يثير إشكالية حول مدلول القانوني للأعمال الناتجة عن المرفق القضائي.

فتعريف الفقهي للمرفق العام والذي يدخل اختصاص البت في نزاعاته أمام المحاكم الإدارية حسب المادة الثامنة من قانون 41-90 , قد عرف اختلافات من حيث العناصر التي يجب أن ينطوي عليها وفي تعين الأركان التي يستدل بها على وجوده.
فالتعاريف التقليدية استعملت كلمة المرفق العام في القانون الإداري للدلالة على معنى إما النشاط الذي يصدر عن الدولة أو إحدى هيئاتها لإشباع حاجة عامة تحقيقا للمصلحة العامة وهو اتجاه المادي الدي يختلف عن الاتجاه العضوي الذي ينطلق في تعريفه لكلمة المرفق العام على الهيئة التي تزاول ذلك النشاط 3
أما التعاريف الحديثة حسب الفقه الفرنسي كما عرفه A. DE LAUBADERE كالآتي : " إن المرفق العام نشاط تباشره سلطة عامة بقصد الوفاء بحاجة ذات نفع عام" وهو التعريف الذي اعتمد عليه الأستاذ بوعشيف أثناء تعريضه للمرفق العام على أنه " ذلك النشاط الذي يهدف إلى تحقيق المصلحة العامة، بدار من قبل الأشخاص العمومية أو الأشخاص الخاصة أو معا، وبتمتعه ببعض امتيازات السلطة العامة فهو يخضع كليا أو جزئيا للقانون الإداري كما يخضع لمراقبة سلطة الوصاية" 4
وعلى الرغم من وجود اختلاف في التعريفات المرفق العمومي فقد تم توحيد العناصر والأركان الأساسية التي يمكن اللجوء إليها لتحديد المدلول القانوني للمرفق العام, والتي تتجلى في:
ـ السلطة العامة
يعد المرفق العام، نشاط يمارس من طرف الدولة، أو من قبل الأشخاص العامة الأخرى، مباشرة أو من قبل أشخاص آخرين ولكن تحت رقابتها 5، فنشاط القضائي يتوفر على هذا الركن باعتبار أن القضاء هو سلطة الدولة لتحقيق العدالة بين المواطنين.


ـ تحقيق المصلحة العامة

تعد المصلحة العامة الركن الأساسي والجوهري في المرفق العام، بل هي الساس والمحور الذي تستند إليه فكرة المرفق العام وتدور حوله، وتتجسد هذه المصلحة في هدف قيام السلطة القضائية باعتبار ما جاءت في الأصل على أساس تحقيق العدل بين المواطنين طبقا للمصلحة العامة.
ـ إشباع حاجات عامة
هذه الحاجات العامة هي الحاجة التي يرى أفراد المجتمع أو الرأي العام في دولة ما، وفي زمن ما، أهميتها البالغة وضرورة قيام السلطات العامة بتأمينها، على أن تقدير هذه الضرورة إنما يعود للسلطات نفسها. والسلطة القضائية تجسد الحاجات أفراد في حقوقهم التي يمكن التعسف عليها داخل الدولة فمن تم كانت مهمة السلطة القضائية العمل في إشباع حاجات الحقوقية للأفراد داخل الدولة.

ـ نشاط منظم

ويقصد به نشاط منظم تباشر الهيئاة العامة أو من ينوب عنها من الخواص قصد تحقيق هدف معين بوسائل قانونية ومادية متنوعة. فالنشاط القضائي هو عمل منظم مباشر من طرف السلطة القضائية في تجسيد العدالة داخل المجتمع.
وبذلك تجتمع أركان الدالة على المفهوم القانوني للمرفق العمومي على المرفق القضائي الدي ينتمي للهيئة العامة التي يحكمها القانون العام، وعلى هذا الأساس فإن المادة 8 من القانون 41-90 المحدث للمحاكم الإدارية والتي منحت الاختصاص للمحاكم الإدارية في البت في دعاوى التعويض عن الأضرار التي تسببها أعمال ونشاطات أشخاص القانون العام تشمل كدلك أعمال السلطة القضائية باعتبار أن الأضرار التي تسببها تنثمي إلى نشاطات أشخاص القانون العام،وعلى هدا الأساسفما جاء به حكم إدارية الرباط هو الاتجاه لا ينبغي تدعيمه من طرف محكمة النقض على أن تأسيس هدا الحكم على نص الفصل 107 من الدستور الذي ينص على أن " السلطة القضائية مستقلة عن السلطة التشريعية وعن السلطة التنفيذية" لايكمن تفسيره في أن نشاط المرفق القضائي يختلف عن نشاط الإداري للسلطة التشريعية و التنفيدية بقدر مايمكن تفسيره وفهمه على أساس مبدأ الفصل بين السلطة القضائية و التشريعية و التنفيدية و التي لا يمكن للإحداها أن تتدخل في مهام و إختصاصات السلطة الأخرى, فالهدف منالمحاكم الإدارية أنها جاءت من أجل تحقيق حصانة للحقوق و حريات المواطن في مواجهة تجاوزات السلطة العامة وهو الهدف الدي لا يمكن تحقيقه في ظلتضيق الإختصاصها للبت في دعاوي المسؤولية عن أعمال ونشاطات أشخاص القانون العام .

االهوامش

1 .حكم غير منشور
2 .ظهير شريف رقم 225 91 .01 صادر في 22 ربيع الأول 1414 (10 شثنبر1993 بتنفيد قانون رقم 41.90.
3 - مدلول المرفق العام والاختصاص النوعي في تسوية وضعية مستخدمي المؤسسات العامة، تعليق على حكم المحكمة الإدارية بالرباط حكم عدد 987 بتاريخ 5/10/2004، وفاء دينه ضد شركات الانتاجات البيولوجية والصيدالية البيطرية,المجلة المغربية للادارة المحلية و التنمية العدد 65 .
4 - أحمد بوعشيف، المرافق العامة الكبرى، على ضوء التحولات المعاصرة، دار النشر المغربية، الطبعة السابعة.
5 -محمد الأعرج القانون الإداري المغربي, الجزء الأول,سلسلة مواضيع الساعة منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية و التنمية,الطبعة الثانية سنة 2010 .



الاربعاء 19 ديسمبر 2012

تعليق جديد
Twitter