MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية



تعليـق على قرار المجـلس الدستـوري الصادر بتاريخ 8 اكتوبر 2013

     

تعليـــق على قــرار المجـلس الدستـوري
رقم : 13/ 925 و. ب الصادر في الملف عدد : 13/1381، بتاريخ 8 اكتوبر 2013. في ملف وفاة المستشارين السيدين (ا.ح)و (ع .ا) المنتخبين سابقا خلال اقتراع 6 أكتوبر 2003،




الدكتور رشيد الخويدم
الدارالبيضاء في 2 يناير 2013



تعليـق على قرار المجـلس الدستـوري  الصادر بتاريخ 8 اكتوبر 2013

مقــــدمــة:

بناء على قرار المجلس الدستوري رقم : 13/ 925 و. ب  الصادر في الملف عدد : 13/1381، بتاريخ 8 اكتوبر 2013. في ملف وفاة المستشارين السيدين (ا.ح)و (ع .ا) المنتخبين سابقا خلال اقتراع 6 أكتوبر 2003، الأول: في نطاق الهيئة الناخبة المكونة من ممثلي غرف الصناعة التقليدية بجهة الدار البيضاء الكبرى، والثاني: في نطاق الهيئة الناخبة المكونة من ممثلي الجماعات المحلية بجهة تازة- الحسيمة- تاونات؛ القرار الصادر بناء على رسالتي السيدين رئيس الحكومة ورئيس مجلس المستشارين، لمسجلتين بالأمانة العامة للمجلس الدستوري، الأولى في 4 أكتوبر 2013 والثانية في 30 سبتمبر2013، اللتين يطلبان فيهما من المجلس الدستوري التصريح بشغور مقعدين بمجلس المستشارين، على إثر وفاة شاغليهما.
 
الوقــائـع:

حيث إنه، يستفاد من رسمي الوفــاة، الأول مؤرخ في 5 سبتمبر 2013 مستخرج من سجلات الحالة المدنية بالدار البيضاء تحت رقم 102 ل.ط.و.سنة 2013، أن السيد ا.ح توفي في فاتح سبتمبر 2013، والثاني مؤرخ في 11 سبتمبر 2013 مستخرج من سجلات الحالة المدنية بالرباط تحت عدد 705112 سنة 2013، أن السيد ع.ا توفي في 05 سبتمبر 2013؛ وحيث إنه يتعين، تبعا لذلك، صرح المجلس الدستوري بناءا على الطلبين المقدمان بموجب رسالتي السيدين رئيس الحكومة ورئيس مجلس المستشارين بشغور المقعدين اللذين كان يشغلهما المرحومان ا.ح و ع.ا بمجلس المستشارين، "دون تعويضهما"؛
 

المسطـــرة:

و حيث ان المسطرة المتبعة أمام المجلس الدستوري تقتضي البث في طلبات شغور مقاعد المستشارون المتوفون و ذلك استينادا الى القانون التنظيمي رقم 28.11 المتعلق بمجلس المستشارين، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.172 بتاريخ 21 نوفمبر 2011، خصوصاً المادة 91 منه؛ و القانون التنظيمي رقم 93-29 المتعلق بالمجلس الدستوري، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.94.124 بتاريخ 25 فبراير 1994، كما وقع تغييره وتتميمه؛ و وبناء على الدستور، الصادر بتنفيذه الـظهيـر الشـريـف رقـم1.11.91 ، 29 يوليوز، خصوصاً الفصلين 176 و177 منه؛
 
مطالب الاطــراف:

و حيث إن الطلبين المقدمان بموجب رسالتي السيدين رئيس الحكومة ورئيس مجلس المستشارين، يطلبان فيهما من المجلس الدستوري التصريح بشغور مقعدين بمجلس المستشارين، على إثر وفاة شاغليهما فقط دون طلب تعويضهما و هذا ما يستفاد من وقائع القرار نفسه، و ما ينسجم مع الفصل 91 من القانون التنظيمي رقم 28.11.
 
النقطة النــزاعية:

لكن بالاطلاع على منطوق القرار رقم : 13/ 925 و. ب  الصادر في الملف عدد : 13/1381، بتاريخ 8 أكتوبر 2013. نجده استجاب للطلب بتصريحه بشغور المقعدين الذين كان يشغلهما المستشاران المتوفيان، لكنه تجاوز حدود الطلب و قضى بعدم تعويضهما. و خرق بذلك قاعدة الاختصاص على اعتبار آن مهمة الدعوة إلى تعويض المستشارين أوكلها المشرع إلى الجهة التي تتلقى الطلبات (أي السلطة الإدارية) بصريح الفصل 91 من القانون التنظيمي رقم28.11. و هو نفس الاتجاه الذي نحى اليه المجلس الدستوري في الملف عدد : 13/1387 بالقرار رقـم : 13/930 و. ب، بناء على رسالة السيد وزير الداخلية، المسجلة بأمانته العامة في 22 نوفمبر2013، التي يطلب فيها من المجلس الدستوري التصريح بشغور مقعد بمجلس المستشارين، على إثر وفاة شاغله السيد التجاني حباشيش المنتخب سابقا خلال اقتراع 6 كتوبر2003، في نطاق الهيئة الناخبة المكونة من ممثلي الجماعات المحلية بجهة مكناس ـ تافيلالت؛
 
التعليــق:

حيث انه باستقراء النصوص ذات الصلة و خصوصا ما يستفاد صراحة من الفصل 91 من القانون التنظيمي لمجلس المستشارين، فان قرار المجلس الدستوري هذا يبقى مجرد اجتهاد لا يستند الى نص صريح يعضضه، و ان قاعدة لزوم تعويض المستشار المتوفى تستند الى نص صريح هو الفصل 91، و لا اجتهاد مع النص. مما يبقى معه القرار رقم : 13/ 925 و. ب  الصادر في الملف عدد : 13/1381، المبني على التعليل التالي، على غير صواب.
تعليل القرار:

" ...حيث إنه، لئن كانت مقتضيات المادة 91 من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس المستشارين توجب، إذا صرحت المحكمة الدستورية بشغور مقعد على إثر وفاة مستشار بهذا المجلس أن يُدعى، بقرار للسلطة المكلفة بتلقي التصريحات بالترشيح، المترشح الذي يرد اسمه مباشرة في لائحة الترشيح المعنية بعد آخر منتخب في نفس اللائحة لشغل المقعد الشاغر، فإنه يستفاد مما قرره الدستور في فصله 180، من أنه، مع مراعاة أحكامه الانتقالية، ينسخ نص الدستور الصادر في  7 أكتوبر 1996، وهو النسخ الذي يفقد هذا الدستور كل وجود قانوني، الأمر الذي لا يجوز معه إحياء بعض أحكامه والعمل بها أو الاستناد إليها، ومما ينص عليه في فصله 176من استمرار مجلس المستشارين، القائم في تاريخ دخول الدستور حيز التنفيذ والمنتخب وفق أحكام الدستور السابق، في ممارسة صلاحياته إلى حين انتخاب المجلس الذي سيخلفه، أن استمرار أعضاء مجلس المستشارين في ممارسة مهامهم بهذه الصفة إلى حين انتخاب المجلس الجديد يقتصر على الأعضاء الذين كان يتألف منهم هذا المجلس بتاريخ 29 يوليو 2011، تاريخ دخول الدستور حيز التنفيذ، ولا يمتد إلى غيرهم، الأمر الذي يحول دون إمكان تطبيق ما تقتضيه المادة 91 آنفة الذكر من تعويض أعضاء مجلس المستشارين الذين تغدو مقاعدهم شاغرة لأي سبب من الأسباب؛..."
 
وعليـــه:

 بناء على دستور المملكة المغربية لسنة 2011، و خصوصا المقتضيات الانتقالية الواردة في الفصل176 و ما يليه،
وبناء على القانون التنظيمي رقم 93-29 المتعلق بالمجلس الدستوري الصادر بتنفيذه الظهير الشريف 1.94.124 بتاريخ 25 فبراير1994. كما وقع تغييره و تتميمه. و الظهير الشريف رقم 172-11-1 الصادر في 24 من ذي الحجة 1432 (21 نوفمبر 2011) بتنفيذ القانون التنظيمي رقم 11-28 المتعلق بمجلس المستشارين.
فانه يستفاد من كل ذلك أن مجلس المستشارين الحالي يستمر قائما في ممارسة صلاحيته، الى حين انتخاب المجلس المنصوص عليه في الدستور، و بهذا الخصوص ورد في الباب العاشر من الظهير الشريف رقم 1.11.172  بتنفيذ القانون التنظيمي رقم 28.11 المتعلق بمجلس المستشارين في المادة 91 طريقة تعويض المستشار المتوفى بالنص صراحة على ان السلطة المكلفة بتلقي الترشيحات هي التي تدعو المترشح الذي يرد اسمه مباشرة في لائحة الترشيح المعنية، بعد اخر منتخب (المنتخب المتوفى مثلا) في نفس اللائحة لشغل المقعد الشاغر، و على السلطة المكلفة بتلقي الترشيحات ان تتخذ قرار التعويض  داخل أجل لا ‏ يتجاوز ثلاثة أشهر يبتدئ من التاريخ الذي ينشر فيه في الجريدة الرسمية قرار المحكمة الدستورية القاضي بشغور المقعد. ويبلغ قرار التعويض إلى المعني بالأمر في محل سكناه برسالة مضمونة الوصول مع إشعار بالتسلم.
و تعتبر هذه طريقة عادية لتعويض الشغور، و استكمال اعضاء مجلس المستشارين.
و في حالة عدم تأتي ذلك يمكن اللجوء الى الطريقة الاستثنائية القاضية بإجراء انتخابات جزئية. و هي 6 حالات حسب منطوق المادة 92 من نفس القانون التنظيمي منها  ما ورد في الفقرة 6 و هي حالة تعذر  تطبيق أحكام المادة 91 ‏ أعلاه التي تضم من بين ما تنص عليه طريقة تعويض المستشار المتوفى. على ان تجرى هذه الانتخابات الجزئية في أجل لا يتجاوز ثلاثة أشهر يبتدئ من ‏التاريخ الذي تبين فيه تعذر تطبيق مسطرة التعويض بالنسبة للحالة المنصوص عليها في البند 6 ‏ أعلاه.
و عموما تنتهي مدة انتداب المستشارين الذين اكتسبوا صفة عضو بمجلس المستشارين عن طريق التعويض أو الذين أعلن فوزهم في الانتخابات الجزئية عند انصرام الفترة النيابية المعنية حسب صريح المادة 93.
 
- التعويض كقاعدة يجد سنده في صريح النص 91 و روح التعديلات المدخلة على القانون التنظيمي.

إن القانون التنظيمي لمجلس المستشارين الحالي سعى الى تغيير وتتميم القانون التنظيمي رقم 32.97 المتعلق بمجلس المستشارين بهدف إدخال تعديلات على القانون السالف الذكر بقصد إغنائه بعدد من التحسينات المستوحات من تطبيق القانون الحالي والإجتهاد القضائي الحديث وكذا من إقتراحات الأحزاب السياسية سواء منها تلك المعبر عنها في السابق أو التي تم إقتراحها بمناسبة إعداد هذا المشروع.
 
وتهم هذه التعديلات على الخصوص الباب العاشر القاضي بتعويض المستشارين والانتخابات الجزئية المتمثل في إقرار مسطرة جديدة لملء الشغور الحاصل في مجلس المستشارين في حالة الوفاة- أو الإستقالة أو الإلغاء الجزئي للإنتخاب وذلك عن طريق إستدعاء المرشح الموالي في لائحة الترشيح المعنية داخل أجل ثلاثة أشهر تبتدئ من تاريخ نشر قرار المجلس الدستوري في الجريدة الرسمية مع إقرار إمكانية الطعن في أهلية المرشح المدعو لشغل المقعد الشاغر أمام المجلس الدستوري داخل أجل 10 أيام.
 
أما فيما يتعلق بالإنتخابات الجزئية، فإن التعديل المقترح ينص على أنه لا يتم إجراؤها إلا في حالة الإلغاء الكلي لنتائج الإقتراع أو تعذر تطبيق مسطرة التعويض مع التنصيص على أن سريان أجل 3 أشهر اللازمة لإجراء هذه الإنتخابات يبتدئ من تاريخ نشر قرار المجلس الدستوري في الجريدة الرسمية عوض تاريخ صدوره.
 
- اختصاصات المجلس الدستوري الوظيفية الحصرية.

و اذا كانت وظيفة المجلس الدستوري حساسة للغاية و مسؤولية قضاة المجلس الدستوري، في انتظار تنصيب المحكمة الدستورية كبيرة في ضمان حسن سير المؤسسات الدستورية و استمرارها، من خلال فرض الالتزام بسمو الدستور روحا و مضمونا. و اذا كان يدخل ضمن اختصاصات المجلس الدستوري الأخرى البت في شغور مقعد بمجلس النواب أو المستشارين عقب وفاة شاغله أو استقالته الإرادية. فان صلاحيات هذا الاخير  ليست مطلقة، و انما محدودة و واردة على سبيل الحصر، بموجب مجموعة من النصوص القانونية و بموجب قرارات هذا الاخير.
 
غير ان التوجه الذي نحى اليه المجلس الدستوري بالقول بشغور مقاعد المستشارين المتوفون دون تعويضهما، يقتضي منا القول ان توجه المجلس هذا لم يصادف الصواب على اعتبار انه اذا كان التصريح بالشغور من اختصاص المجلس الدستوري فان القول بالتعويض من عدمه في هذه النازلة ليس من اختصاص المجلس الدستوري بل يبقى من اختصاصات السلطة التي تتلقى الترشيح بصريح عبارة المادة 91 من القانون التنظيمي لمجلس المستشارين. غير انه بالاستناد الى المادة 18 من القانون التنظيمي للمجلس الدستوري فان لهذا الاخير اذا لاحظ وجود خطا مادي في قرار من قراراته جاز له تصويبه تلقائيا.
 
 
 
 - اساس التعليل الذي بني عليه القرار 925 الطعين، و مخالفة الاجتهاد الدستوري لصريح النص.

و حيث ان التعليل الذي جاء به القرار 925 على النحو التالي: " وحيث إنه، لئن كانت مقتضيات المادة 91 من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس المستشارين توجب، إذا صرحت المحكمة الدستورية بشغور مقعد على إثر وفاة مستشار بهذا المجلس أن يُدعى، بقرار للسلطة المكلفة بتلقي التصريحات بالترشيح، المترشح الذي يرد اسمه مباشرة في لائحة الترشيح المعنية بعد آخر منتخب في نفس اللائحة لشغل المقعد الشاغر، فإنه يستفاد مما قرره الدستور في فصله 180، من أنه، مع مراعاة أحكامه الانتقالية، ينسخ نص الدستور الصادر في 7 أكتوبر 1996، وهو النسخ الذي يفقد هذا الدستور كل وجود قانوني، الأمر الذي لا يجوز معه إحياء بعض أحكامه والعمل بها أو الاستناد إليها، ومما ينص عليه في فصله 176من استمرار مجلس المستشارين، القائم في تاريخ دخول الدستور حيز التنفيذ والمنتخب وفق أحكام الدستور السابق، في ممارسة صلاحياته إلى حين انتخاب المجلس الذي سيخلفه، أن استمرار أعضاء مجلس المستشارين في ممارسة مهامهم بهذه الصفة إلى حين انتخاب المجلس الجديد يقتصر على الأعضاء الذين كان يتألف منهم هذا المجلس بتاريخ 29 يوليو 2011، تاريخ دخول الدستور حيز التنفيذ، ولا يمتد إلى غيرهم، الأمر الذي يحول دون إمكان تطبيق ما تقتضيه المادة 91 آنفة الذكر من تعويض أعضاء مجلس المستشارين الذين تغدو مقاعدهم شاغرة لأي سبب من الأسباب؛"

 
ذلك ان ما ورد بصدر القرار هو فساد للتعليل الذي يوازي انعدامه
 
أولا: الرد بما لا يتطابق مع القانون بخصوص الفرع الأول من تعليل المجلس الدستوري.
حيث إن القرار رقم : 13/ 925 و. ب  الصادر في الملف عدد : 13/1381، رد بمناسبة تعليله للقرار المتخذ بأنه: " يستفاد مما قرره الدستور في فصله 180، من أنه، مع مراعاة أحكامه الانتقالية، ينسخ نص الدستور الصادر في 7أكتوبر 1996، وهو النسخ الذي يفقد هذا الدستور كل وجود قانوني، الأمر الذي لا يجوز معه إحياء بعض أحكامه والعمل بها أو الاستناد إليها،..."
 
وحيث إن هذا التعليل لا يتطابق إطلاقا مع ما تضمنه الفصل 180، الذي يفيد بوضوح أنه" مع مراعاة المقتضيات الانتقالية الواردة في هذا الباب، يُنسخ نص الدستور المراجع الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.96.157، المؤرخ في 23 من جمادى الأولى 1417 (07 أكتوبر 1996).، في حين ان القرار اكتفى، فيما قضى به، بالاشارة الى الفصل دون تطبيق المقتضيات الانتقالية. التي لا تتعارض مع قاعدة التعويض.
 
وإذ كان ذلك، وكان ما اجاب به القرار رقم : 13/ 925 و. ب  الصادر في الملف عدد : 13/1381، بخصوص الرجوع الى المقتضيات الانتقالية لا يتطابق مع الواقع الثابت في الفصل 91 الذي يحدد كيفية تعويض الشغور بصفة صريحة على النحو المذكور، فإنه يكون قد صدر منعدم التعليل ويكون بالتالي جديرا بإعادة التصويب من جديد طبقا للقانون.
 
ثانيا: الرد بما لا يتطابق مع الواقع ومع القانون بخصوص الفرع الفرع الثاني من تعليل المجلس الدستوري.
حيث ان منطوق القرار رقم : 13/ 925 و. ب  الصادر في الملف عدد : 13/1381، اعتمد بمناسبة تعليله للقرار المتخذ بأنه: "ومما ينص عليه في فصله 176من استمرار مجلس المستشارين، القائم في تاريخ دخول الدستور حيز التنفيذ والمنتخب وفق أحكام الدستور السابق، في ممارسة صلاحياته إلى حين انتخاب المجلس الذي سيخلفه، أن استمرار أعضاء مجلس المستشارين في ممارسة مهامهم بهذه الصفة إلى حين انتخاب المجلس الجديد يقتصر على الأعضاء الذين كان يتألف منهم هذا المجلس بتاريخ 29 يوليو 2011، تاريخ دخول الدستور حيز التنفيذ، ولا يمتد إلى غيرهم، الأمر الذي يحول دون إمكان تطبيق ما تقتضيه المادة 91 آنفة الذكر من تعويض أعضاء مجلس المستشارين الذين تغدو مقاعدهم شاغرة لأي سبب من الأسباب"
حيث إن القرار المذكور علل منطوقه المتخذ من تحريف مقتضيات الفصل 176 من الدستور الذي ينص على انه: "إلى حين انتخاب مجلسي البرلمان، المنصوص عليهما في هذا الدستور، يستمر المجلسان القائمان حاليا في ممارسة صلاحياتهما، ليقوما على وجه الخصوص، بإقرار القوانين اللازمة لتنصيب مجلسي البرلمان الجديدين، وذلك دون إخلال بالأحكام المنصوص عليها في الفصل 51 من هذا الدستور.
عموما اذا كان يراد بالمجلس جميع الاعضاء المكونين له كهيئة دستورية أي 120 عضوا، فان الفصل 176 من الدستور لم يشر قط الاستتناء الذي نحى اليه القرار بقوله " يقتصر على الأعضاء الذين كان يتألف منهم هذا المجلس بتاريخ 29 يوليو 2011، تاريخ دخول الدستور حيز التنفيذ، ولا يمتد إلى غيرهم" بل ان الاستثناء الوحيد هو ما احال عليه في الفصل 51 من الدستور: " الذي يمنح الحق للملك في حل المجلسين او احدهما" دون غيرم من الاستثناءات.
 
- لائحة المنتخب لها حقوقها كما عليها واجباتها.

و من جهة أخرى و بالرجوع الى المادة 3 من القانون التنظيمي لمجلس المستشارين تنص على انه:" تجري انتخابات اعضاء مجلس المستشارين عن طريق الاقتراع باللائحة...'' مما يفيد بان المشرع تعامل مع الناخبين للمجلس كوحدة و رتب على ذلك آثارا منها ما ورد في المادة 29 من القانون التنظيمي التي تنص على انه: "يجب عل وكيل لائحة او كل مترشح ان يدفع ضمانا قدره 50000 درهم ..." وبغض النظر عن المقتضيات الملزمة للفصل 91  المشار إليه أعلاه، فان المواد 3 و 29 تحميان حق التعويض لأعضاء اللائحة عكس ما ذهب إليه القرار 925 ، فإذا كانت الطبيعة القانونية للمؤسسات تأبى الفراغ فانه من جهة أخرى و بالرجوع إلى مقتضيات المادة 24 من القانون التنظيمي التي تنص على وجوب التنصيص على ترتيب المرشحين في اللائحة إنما قصد منه المشرع ضمان استمرارية مؤسسة المجلس في ممارسة دورها الوظيفي عن طريق الية التعويض.
و بالتالي في حالة شغور مقعد احد المستشارين يتعين تعويضه بالكيفيات الواردة حسب كل حالة، حتى يتحقق النصاب القانوني الذي هو 120 عضوا.
 
- تطبيق قواعد العدالة و الانصاف امام القضاء الدستوري.

و باعتبار المجلس الدستوري محكمة شان باقي المحاكم فيما تقضي به من قرارات فانه و ترتيبا على ذلك، وان كان للقاضي مطلق الحرية في أن يستخلص قضاءه من واقع الإثبات، أو يستخلصها من أوراق الملف، فانه ملزم بعدم إقامة حكمه على واقعة  او قانون لا سند له في أوراق القضية. وهكذا "فان الحكم إذا أقام قضاءه على استنتاج ظني، ليس في تقريرات النزاع المثار  ما يؤيده، ولا يصلح أساسا لقيامه، فان الحكم يكون مشوبا بالقصور". ذلك ان التدليل على ما انتهى اليه القرار، لا يكفي أن يقتنع به المجلس نفسه، اقتناعا تاما، ويقتنع به غيره اقتناعا ناقصا، بل ان الغرض من تسبيب الإحكام- كما تقول محكمة النقض المصرية - " لو كان هو أن يعلم من حكم لماذا حكم لكان إيجاب التسبيب ضربا من العبث، ولكن الغرض من التسبيب أن يعلم من له حق المراقبة من خصوم وجمهور و غيره ما هي مسوغات الحكم، وهذا العلم لا يتأتى بالمبهمات، بل لابد لحصوله من بيان مفصل، ولو الى أقل قدر تطمئن معه النفس والعقل الى ان القاضي ظاهر العذر في إيقاع حكمه على الوجه الذي ذهب إليه دون وجه آخر مباين أو مناقض له[1]".
 
حيث انه اذا كان الثابت فقها وقضاء ان الحكم يكون باطلا متى شابه غموض وإبهام، فان من الغموض والإبهام ما يعبر عنه باضطراب الحكم، وهو عبارة عن اختلال فكرته من حيث تركيزها في موضوع الدعوى و أساس الحكم، بحيث لا يستطاع استخلاص مقوماته، سواء ما تعلق منها بواقعة الدعوى، ام بتطبيق القانون، وبالتالي يتعذر القول عندئذ بأن الوقائع قد استقرت في ذهن المحكمة الاستقرار الذي يجعلها في حكم الأمر الثابت، مما يتعذر معه التعرف على أي أساس كونت تلك المحكمة عقيدتها، ويكون الحكم بالتالي مشوبا بما يبطله.
 
- المجلس الدستوري يسن قرارا يطعن في دستوريته من حيث انه مجلس دستوري.

حيث إنه، بالرجوع إلى ما اتخذه القرار بتعليله من كون الفصل 180 من الدستور الحالي نص على ان الدستور الصادر في 7 أكتوبر 1996، أصبح منسوخا و يفقد كل وجود قانوني، الأمر الذي لا يجوز معه إحياء بعض أحكامه والعمل بها أو الاستناد إليها، فان الفصل 180 اسسثنى المقتضيات الانتقالية التي يستمد منها مجلس المستشارين شرعيته بحكم فصله 176 القاضي باستمرار مجلس المستشارين، القائم في تاريخ دخول الدستور حيز التنفيذ والمنتخب وفق أحكام الدستور السابق، في ممارسة صلاحياته إلى حين انتخاب المجلس الذي سيخلفه، و نفس الشيء بالنسبة للمجلس الدستوري نفسه الذي لم يعد له وجود إلا بالتشبث بالمقتضيات الانتقالية خصوصا المادة 177 التي تنص على  انه : " يستمر المجلس الدستوري القائم حاليا في ممارسة صلاحياته، إلى أن يتم تنصيب المحكمة الدستورية، المنصوص عليها في هذا الدستور". و بالتالي لا يمكن للمجلس الدستوري ان يتشبث بشرعيته من خلال المقتضيات الانتقالية و ان ينكر تطبيقها على مجلس المستشارين.
 
ملاحظة:

اذا كانت مقتضيات الفصل 91 صريحة في تنصيصها على و جوب تعويض المقعد الشاغر بعد و فاة صاحبه، فان اجتهاد المجلس الدستوري، جاء تعليله مضطربا و لا يستند الا نص صريح مما لا يستقيم معه الحال ان يعطل الاجتهاد القضائي تطبيق نص صريح. و يكون قراره هذا استشكال قانوني.
وبما أن الإشكالات المرتبطة بالمؤسسات الدستورية يمكن الرجوع فيها إلى التحكيم الملكي كقاعدة وعرف دستوري مغربي، فإنه لا يمكن استبعاد، توجيه طلب استعطاف لملك البلاد، بناء على الإشكال الدستوري المطروح، ولا فرق في ذلك أن يتم توجيه الطلب من الأفراد (المعني بالأمر شخصيا) أو من طرف مؤسسة حزبية، حسب القواعد العامة للقانون الإداري. على اعتبار ان الملك يبقى "الساهر  على احترام الدستور، و حسن سير المؤسسات الدستورية، و على صيانة الاختيار الديمقراطي" كما ينص على ذلك الدستور في الفصل 42.
و حيث ان المادة 91 من القانون التنظيمي لمجلس المستشارين تنص صراحة انه في حالة وفاة يدعى، يدعى بقرار للسلطة المكلفة بتلقي التصريحات بالترشيح، المترشح الذي يرد اسمه مباشرة في لائحة الترشيح المعنية، بعد آخر منتخب في نفس اللائحة لشغل المقعد الشاغر. يجب أن يتخذ قرار التعويض داخل أجل لا ‏ يتجاوز ثلاثة أشهر يبتدئ من التاريخ الذي ينشر فيه في الجريدة الرسمية قرار المحكمة الدستورية القاضي بشغور المقعد. ويبلغ قرار التعويض إلى المعني بالأمر في محل سكناه برسالة مضمونة الوصول مع إشعار بالتسلم. و عليه فانه من باب المخالفة يجوز لصاحب المصلحة (المترشح الذي يرد اسمه مباشرة في لائحة الترشيح المعنية، بعد آخر منتخب في نفس اللائحة)، إن يتقدم بطلب إلى السلطة المكلفة بتلقي التصريحات بالترشيح، و في حالة عدم إعمالها لمقتضيات الفصل 91 أي : بدعوة المترشح الذي يرد اسمه مباشرة في لائحة الترشيح المعنية، بعد آخر منتخب في نفس اللائحة لشغل المقعد الشاغر، يمكن للمتضرر رفع دعوى إدارية تبعا لذلك بعد احتساب اجل الرفض، يستفيد معها من درجات من التقاضي، يمكنها ان ترفع اللبس عن هذا التوجه.

الهوامش

[1]  - ( نقض 28/2/1929، القواعد القانونية الجزء الاول رقم 183 الصفحـــة 223)
 




الثلاثاء 7 يناير 2014

تعليق جديد
Twitter