MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers



تعلق على قرار المجلس الأعلى -محكمة النقض- حول احداث اطلس آسني

     

قرار عدد 953 الصادر عن المجلس الأعلى (محكمة النقض) بغرفتين، الإدارية والتجارية
بتاريخ 14 ديسمبر 2005 - الملف الإداري عدد 461/14/2002



إعداد محمد زعاج
طالب باحث في سلك الدكتوراه.
مخبر الأنظمة المدنية والمهنية – جامعة محمد الأول بوجدة.
إطار بمصلحة المحافظة على الأملاك العقارية بالناظور.



تعلق على قرار المجلس الأعلى -محكمة النقض- حول احداث اطلس  آسني
يتعلق الأمر بملف إداري تداولت فيه كل من المحكمة الإدارية بالرباط والمجلس الأعلى( محكمة النقض) بغرفتيه الإدارية والتجارية.

موضوعه جريمة قتل تعرضت لها سائحة مقيمة ب " فندق أطلس آسني بمراكش" نتيجة إعتداء مسلح شهده الفندق في 24 غشت1994.

بعد مرور حوالي خمس سنوات عن الحادث، وبالضبط في 30مارس1999 تقدم زوج الضحية بصفته الشخصية، وبالنيابة عن ابنيه من الضحية بمقال حمل فيه المسؤولية ل" فندق أطلس آسني" و "الدولة المغربية" نتيجة تقصيرهما في ضمان الحماية الملقاة على عاتق كل منهما، وطالب بالحكم له ولابنيه بتعويض معنوي وآخر مادي، هذا الأخير الذي تم رفعه بمقال إصلاحي.

دفع الفندق بعدم مسؤوليته وحمل الدولة مسؤولية الحفاظ على الأمن العام، حيث أجابت هذه الأخيرة بعدم تحملها لأية مسؤولية لعدم صدور أي خطأ مصلحي من موظفيها، دافعة بعدم الإختصاص النوعي للمحكمة الإدارية، ومحملة المسؤولية لمرتكبي الجريمة.

غير أن المحكمة الإدارية صرحت باختصاصها بمقتضى حكم عارض بتاريخ 16/08/2000، تلاه حكم في الجوهر حمل الدولة المسؤولية نتيجة خطأ مرفقي في حق الإدارة وقضى بتعويضات مادية، ومعنوية للمدعي وبنتيه.

هذا الحكم تم استئنافه من قبل الدولة بتاريخ 15/03/2002 ، مؤكدة من جديد عدم مسؤولياتها وملقية هذه الأخيرة على عاتق الفندق الذي قصر في حراسة زبناءه، واعتبرت الاستناد إلى تسرب أسلحة نارية عبر الحدود الوطنية ليس دليلا على تقصير الدولة، بالنظر لجسامة مهمة حماية الحدود وحفظ الأمن، ومادام لا يوجد اثبات بارتكاب خطأ جسيم فالتعويضات المحكوم بها تعتبر غير مبررة.

أجاب المستأنف عليه بالتماس التأييد للحكم المستأنف، وهو ما استجاب له المجلس الأعلى ( محكمة النقض) في قراره الصادر بتاريخ 14/12/2005، رغم اقتناعه بالمبررات المقدمة من قبل الدولة لدفع المسؤولية، وذلك لاعتبارات تقتضيها طبيعة الاعتداء وقواعد العدالة والإنصاف، والمعاملة بالمثل.

إن هذا القرار يثير اشكالية :

حدود المسؤولية التقصيرية للدولة و موقع العمل الإرهابي داخلها

يبدو من خلال ملف الدعوى أن المدعي أسس دعواه على الفصلين 79 من ظ ل ع م([[1]]url:#_ftn1 )، والفصل 8 من قانون إنشاء المحاكم الإدارية([[2]]url:#_ftn2 )، حيث ينص الفصل الأول على المسؤولية التقصيرية للدولة الناتجة عن تسيير إدارتها والأخطاء المصلحية لمستخدميها.

أما الفصل الثامن فيتعلق بالمسؤولية عن الأخطاء المصلحية للعاملين بالمؤسسات العمومية.

ومحاولة منا إسقاط أحكام هذه المادة 79 على وقائع القضية، فإنه بالرجوع إلى المادة 77 من ظ ل ع م([[3]]url:#_ftn3 ) نستنتج أنه لا مسؤولية تقصيرية بدون توافر ثلاث أركان هي الخطأ والضرر ثم العلاقة السببية بينهما.

وبصرف النظر عن الضرر  الذي يعتبر محققا في هذه النازلة، والمتمثل في واقعة وفاة زوج المدعي، وما صاحبه من أضرار مادية ومعنوية، فلا بد من وقفة تحليلية للعنصرين الآخرين:
يقصد بالخطأ " إخلال الشخص بالتزام أو أكثر من الالتزامات القانونية مع إدراكه بهذا الإخلال".  والاخلال الذي يعتبر خطأ في المسؤولية التقصيرية يتمثل في عدم بذل العناية اللازمة من طرف المسؤول في سلوكه، بأن يتحلى بقدر كاف من  اليقظة والتبصر لتجنب الإضرار بالغير.

إذن بالرجوع إلى ما تقدم من حجج سواء من قبل المدعي الذي اعتبر أن الضرر هو نتيجة مباشرة لخطأ وتقصير الدولة المغربية في حفظ مرفق مهم، وفي ضمان سلامة المصابين في الهجوم، أو من قبل المحكمة الإدارية التي اعتبرت تسريب أسلحة نارية إلى التراب الوطني دليل على التقصير. الشيء الذي رفضته الدولة معتبرة أن الأمن المطلق غير ممكن وتسرب الأسلحة أمر وارد.
وبالتالي، كما يبدو أن تحميل الدولة المسؤولية انطلاقا مما تقدم من الحجج فيه خروج عن إطار المسؤولية التقصيرية إلى المسؤولية المفترضة أو المسؤولية بدون خطأ، على اعتبار أن قيام هذا الأخير يستوجب الاثبات، والقاعدة أن البينة على المدعي، وهو ما لم يتم إثباته.

أما بخصوص العلاقة السببية، فإن الأمر يحتاج إلى البحث عن ما إذا كان لتقصير الدولة - إذا افترضناه- علاقة مباشرة مع حصول الضرر، أو بعبارة أخرى هل الضرر تحقق نتيجة خطأ أم أن الأمر يتعلق بعمل مدبر قابل للتحقق حتى أمام أكبر الأجهزة المخابراتية في العالم.

قطعا الجواب هو هذا الأخير على اعتبار أن الفعل ارتكب بعد اتخاذ مرتكبيه كل الاحتياطات. وبالتالي فالأمر يتعلق بحادث فجائي ممكن التوقع وصعب الصد.

أما فيما يخص المادة 8 من قانون إنشاء المحاكم الإدارية، والذي يتعلق بخطأ مصلحي للعاملين بالفندق كمؤسسة عمومية، فالخطأ المصلحي يبدو مستبعدا، على اعتبار حجم العملية المسلحة التي لن يستطيع الفندق بإمكانياته الدفاعية المحدودة صدها، وبالتالي فتأسيس مسؤولية الفندق على المادة 8 يبدو غير وارد في هذه الحالة على الأقل.

غير أن الملفت ليس هذا، بل مرتكز الدفوع المقدمة من طرف كل من الدولة والفندق، وكذا الحكم الصادر عن المجلس الأعلى(محكمة النقض) بغرفتين.

بخصوص الوسائل الدفاعية لكل من الدولة والفندق، يبدو أنه بالنسبة للفندق لم يكتفي بدفع مسؤوليته على أساس غياب المسؤولية التقصيرية أصلا في هذه الحالة، وإنما دفع بمسؤولية الدولة كجهة ملزمة بحفظ الأمن العام، وبالتالي فهو يقر ضمنيا بوجود مسؤولية تقصيرية.

أما الدولة، فبعدما دفعت بعدم مسؤوليتها الجنائية محملة إياها لمرتكبي الهجوم،  وبالتالي اختصاص القضاء العادي، عادت في المرحلة الاستئنافية للدعوى لتلقي بدورها المسؤولية على الفندق على أساس كون المسؤولية الجنائية لمرتكبي الفعل تستتبع المسؤولية المدنية للفندق الملزم بتعويض ضحاياه، وهو ما يعني أنها بدورها تقر ضمنيا بقيام مسؤولية تقصيرية، رغم أنه كما وضحنا لا وجود لمسؤولية تقصيرية في هذه الحالة. والأمر يتعلق بحادث فجائي.

أما النقطة الثانية والأخيرة فتتعلق بالحكم الصادر عن المحكمة الإدارية شكلا وموضوعا باختصاصها والحكم بالتعويض. وذلك الصادر عن المجلس الأعلى (محكة النقض)بغرفتين.

فيما يتعلق بالحكم الصادر عن الصادر عن المحكمة الادارية، فقد قضت باختصاصها، وبالتالي وجود خطأ مرفقي، وقضت بالتعويض، ما يعني وجود مسؤولية تقصيرية للدولة، دون إثبات لطبيعة هذا الخطأ وعلاقته السببية مع الضرر المحقق، والمشكل أساسا للمسؤولية التقصيرية.

أما فيما يتعلق بالقرار الصادر عن المجلس الأعلى(محكمة النقض)، نلاحظ أنه أقر مايلي:

أولا: الدولة لا تضمن سلامة أي متضرر فوق أراضيها، ما لم يثبت في حقها خطأ جسيم(غياب الخطأ كأول ركن للمسؤولية التقصيرية).

ثانيا: قواعد العدالة والانصاف والمعاملة بالمثل تقتضي تعويض الضحايا.

وبالتالي فبعد أن قضت بغياب خطأ جسيم في النازلة، وهو ما يعني أن الحكم الصادر عن المحكمة الإدارية والقائم على خطأ مرفقي لا أساس له. أقرت التعويض الذي حكمت به ، وهو ما يعني تأييد الحكم في شقه الموضوعي، وإن اختلف أساسه( المسؤولية التقصيرية/ قواعد العدالة والانصاف)

عموما فالقرار الصادر عن المجلس الأعلى يشكل في حد ذاته سابقة، وينسجم مع عرف دولي بدأ يتشكل – وإن كنت أعتقد أن التعويض في هذه الحالة يجب أن لا يكون مجاله القضاء بل مؤسسات أخرى([[4]]url:#_ftn4 ) – إلا أن مسطرة إصداره اعتراها بعض الإضطراب الناتج عن طبيعة القضية التي تتجاوز الإطار القانوني، وانعكاسات أحداث 16 ماي و11 سبتمبر، ضف إلى ذلك خصوصية الضحايا وارتباطهم بقطاع مهم في الاقتصاد الوطني (السياحة).
 


الهوامش

[[1]]url:#_ftnref1 ينص الفصل 89 من ظ ل ع م " الدولة والبلديات مسؤولة عن الأضرار الناتجة مباشرة عن تسيير إدارتها وعن الأخطاء المصلحية لمستخدميها".
 
[[2]]url:#_ftnref2 تنص المادة 8 من ظهيـر رقم 1.91.225 صادر في 22 من ربيع الأول 1414 (10 سبتمبر 1993) بتنفيذ القانون رقم 41.90 المحدث بموجبه محاكم إداريه،  ج ر عدد 4227 بتاريخ 03/11/1993 ، ص 2168
" تختص المحاكم الإدارية. مع مراعاة أحكام المادتين 9 و11 من هذا القانون، بالبت ابتدائيا في طلبات إلغاء قرارات السلطات الإدارية بسبب تجاوز السلطة وفي النزاعات المتعلقة بالعقود الإدارية ودعاوي التعويض عن الأضرار التي تسببها أعمال ونشاطات أشخاص القانون العام، ما عدا الأضرار التي تسببها في الطريق العام مركبات أيا كان نوعها يملكها شخص من أشخاص القانون العام.
وتختص المحاكم الإدارية كذلك بالنظر في النزاعات الناشئة عن تطبيق النصوص التشريعية والتنظيمية المتعلقة بالمعاشات ومنح الوفاة المستحقة للعاملين في مرافق الدولة والجماعات المحلية والمؤسسات العامة وموظفي إدارة مجلس النواب وعن تطبيق النصوص التشريعية والتنظيمية المتعلقة بالانتخابات والضرائب ونزع الملكية لأجل المنفعة العامة، وبالبت في الدعاوي المتعلقة بتحصيل الديون المستحقة للخزينة العامة والنزاعات المتعلقة بالوضعية الفردية للموظفين والعاملين في مرافق الدولة والجماعات المحلية والمؤسسات العامة، وذلك كله وفق الشروط المنصوص عليها في هذا القانون".
 
[[3]]url:#_ftnref3 ينص هذا الفصل أن " كل شخص يسأل عن الضرر الحاصل من الأشياء التي في حراسته، إذا تبين أن هذه الأشياء هي السبب المباشر للضرر، وذلك ما لم يثبت:
1 - أنه فعل ما كان ضروريا لمنع الضرر؛
           2 - وأن الضرر يرجع إما لحادث فجائي، أو لقوة قاهرة، أو لخطأ المتضرر".
[[4]]url:#_ftnref4  خاصة وأن أصوات بعض المتضررين المغاربة من احداث 16 ماي2003 بدأت ترتفع وتطالب بتعويضات من الدولة المغربية، استنادا إلى هذا القرار الذي يشكل مرجعا كسابقة قضائية.



الخميس 20 يونيو 2013

تعليق جديد
Twitter