MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers



تحليل المادة 27 من قانون شركة المساهمة

     





أبرغ محمد

ماستر: المقاولة والقانون
كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، أكادير



تحليل المادة 27 من قانون شركة المساهمة
مقدمة

تنص المادة 27 من قانون شركات المساهمة على أنه:" يسأل الأشخاص الذين قاموا بعمل باسم شركة في طور التأسيس وقبل اكتسابها الشخصية المعنوية، على وجه التضامن وبصفة مطلقة، عن الأعمال التي تمت باسمها إلا إذا تحملت الجمعية العامة الأولى العادية أو غير العادية للشركة الالتزامات الناشئة عن هذه الأعمال بعد تأسيسها وتقييدها بشكل قانوني.
يعتبر حينئذ هذه الالتزامات كما لو قامت بها الشركة منذ البداية".

وتندرج المادة 27 ضمن القسم الثاني المعنون تحت عنوان " تأسيس شركات المساهمة وتقييدها"، من القانون رقم 17.95 المتعلق بشركات المساهمة، الصادر بمقتضى ظهير رقم 1.96.124 الصادر في 14 من ربيع الآخر 1417، الموافق ل 30 غشت 1996، منشور بالجريدة الرسمية عدد 4422، بتاريخ 04 جمادى الآخرة، الموافق ل 17 أكتوبر 1996، الصفحات من 2321 إلى 2369.

هذا وقد تم تقسيم نص المادة قيد الدراسة من طرف المشرع المغربي إلى فقرتين، حيث أن الفقرة الأولى تبتدئ بعبارة " يسأل الأشخاص..." وتنهي بعبارة " تقييدها بشكل قانوني"، في حين أن الفقرة الثانية تبدأ بعبارة " تعتبر..." وختمت بعبارة " منذ البداية".

ويتضح أن المشرع المغربي استعمل مصطلحات قانونية، فباستخدامه لعبارة يسأل الدالة على تحمل المسئولية القانونية من طرف جميع الأشخاص الذين قاموا بعمل أو تصرف في طور تأسيس الشركة، أي في مرحلة من مراحل تأسيسها وقبل أن تكتسب الشخصية المعنوية، وهذه "تطلق في القانون على كل مجموعة من الأشخاص تستهدف غرضا مشتركا أو مجموعة من الأموال ترمي لتحقيق غرض معين، فتصبح هذه المجموعة من الأفراد أو الأموال في حد ذاتها من عداد الأشخاص القانونية لتمتعها بالشخصية المعنوية المستقلة أي أنها تصبح متمتعة بالأهلية القانونية تماما كالأشخاص الطبيعيين، فتكون أهلا لاكتساب الحقوق والتحمل بالالتزامات" ، كما نلاحظ أن المشرع المغربي استخدم عبارة " التضامن"، بمعنى تحمل جميع الأشخاص المسئولية على حد سواء، كما أورد المشرع عبارة " بصفة مطلقة" والتي تدل على الشمولية ودون الاستثناء، كما تثيرنا عبارة الالتزامات الناشئة عن الأعمال والتي تدل على كافة الآثار التي تترتب عن الأعمال والتصرفات التي قام بها هؤلاء الأشخاص، فما هي أهم الأفكار الواردة في هذه المادة، وما مضمونها؟ وما هي غاية المشرع المغربي من هذه المادة؟

للإحاطة بهذه الاشكاليات سنعمل على تفصيل المادة 27 قيد الدراسة، ومناقشتها وكذلك مقارنتها ببعض المواد في التشريعات المقارنة، وذلك كما يلي:

• المطلب الأول: تحديد مضمون المادة وفرضياتها.
• المطلب الثاني: مناقشة نص المادة 27 من القانون رقم 17.95.

المطلب الأول: تحديد مضمون المادة وفرضياتها

سنتناول في إطار هذا المطلب تحديد أهم أفكار النص ومضمونه – الفقرة الأولى، على أساس أن نبين بعض الفرضيات التي يحتويها نص المادة وذلك في الفقرة الثانية.

الفقرة الأولى: تحديد أفكار النص ومضمونه

يتضح من خلال قراءة نص المادة 27 من قانون شركات المساهمة أن جميع التصرفات والأعمال التي تصدر من طرف الأشخاص باسم الشركة وذلك في فترة من فترات تأسيسها ، يتحمل فيها هؤلاء المسؤولية على وجه التضامن، ما لم تتحمل الجمعية العامة العادية أو الاستثنائية في اجتماعها الأول تلك المسئولية، بحيث تكون الشركة في هذه الحالة هي المسئولة بعد اكتسابها الشخصية المعنوية.

ومن هنا يتضح لنا أن الشخصية المعنوية للشركة للتجارية تؤول بأثر رجعي، لتشمل جميع التصرفات والأعمال التي قام بها الأشخاص باسمها قبل تقييدها في السجل التجاري.

الفقرة الثانية: فرضيات نص المادة 27 من قانون رقم 17.95


يحيل نص المادة 27 من قانون شركة المساهمة على فرضيتين أساسيتين:

- الفرضية الأولى: تتمثل في تحمل الأشخاص القائمين بأعمال معينة باسم الشركة في طور التأسيس وقبل اكتساب الشخصية المعنوية، المسئولية على وجه التضامن عن تلك الأعمال وبشكل مطلق.

- الفرضية الثانية: تحمل الشركة بعد قيدها في السجل التجاري لمسئولية الأعمال الصادرة عن أولئك الأشخاص والتي قاموا بها باسم الشركة، وذلك بقرار من الجمعية العامة الأولى العادية أو غير العادية.

المطلب الثاني: مناقشة نص المادة 27 من القانون رقم 17.95

سنخصص هذا المطلب لمقارنة مضمون المادة 27 مع مواد من نصوص أخرى في التشريع المغربي – الفقرة الأولى-، على أساس مقارنتها بمواد مشابهة في التشريع المقارن – الفقرة الثانية-.

الفقرة الأولى: مقارنة المادة 27 بمواد أخرى من التشريع المغربي

نص المشرع في إطار المادة 07 من قانون شركة المساهمة على أنه:" تتمتع شركات المساهمة بالشخصية المعنوية ابتداء من تاريخ تقييدها في السجل التجاري، ولا يترتب عن التحويل القانوني لشركة مساهمة إلى شركة ذات شكل آخر، أو العكس، إنشاء شخص معنوي جديد، ويسري نفس الحكم في حالة التمديد"، ويتضح من خلال هذه المادة أن المشرع المغربي ربط تمتع الشركة بالشخصية المعنوية بالتقييد في السجل التجاري ، مما يعني أنه لا حديث عن وجود قانوني للشركة قبل هذا التقييد، غير أن مقارنة هذه المادة بنص المادة 27 قيد الدراسة، يتضح من خلال هذه الأخير أن الشخصية المعنوية للشركة التجارية تعود بأثر رجعي إلى ما قبل التقييد في السجل التجاري، لتشمل جميع التصرفات التي قام بها أشخاص معينة باسم الشركة، بشرط أن تتحمل الجمعية العامة العادية أو غير العادية هذه المسئولية للشركة بعد تقييدها بشكل قانوني، حيث تصبح الشركة في هذه الحالة كأنها القائمة بهذه الأعمال.
تنص الفقرة الثانية من المادة 75 من مدونة التجارة على أنه:" يجب أن يطلب تسجيل الأشخاص المعنويين الخاضعين للقانون العام أو الخاص داخل الثلاثة أشهر الموالية للإحداث أو التأسيس"، بربط هذه المادة بالمادة 27 قيد الدراسة يتضح أن هناك نوع من الانسجام بين المادتين، بحيث أن هذه المدة – أي الثلاثة أشهر- تدخل ضمن عبارة – قبل اكتساب الشخصية المعنوية الواردة في المادة 27، مما يعني أن المادة 75 من مدونة التجارة تدخل في نظرنا ضمن حكم المادة 27 من قانون رقم 17.95.

الفقرة الثانية: مقارنة نص المادة 27 بنظيرتها في التشريع المقارن

في إطار هذه الفقرة سنقوم بمقارنة المادة 27 من قانون شركات المساهمة مع بعض المواد في قوانين شركات بعض التشريعات المقارنة وذلك كما يلي:

أولا: في التشريع المصري

تنص المادة 11 من قانون شركات المساهمة المصري على أنه: "يجب على المؤسس أن يبذل في تعاملاته مع الشركة تحت التأسيس أو لحسابها عناية الرجل الحريص ، ويلتزم المؤسسون - على سبيل التضامن -بأية أضرار قد تصيب الشركة أو الغير نتيجة مخالفة هذا النظام .
وإذا تلقى المؤسس أية أموال أو معلومات تخص الشركة تحت التأسيس كان عليه أن يرد إلى الشركة تلك الأموال وأية أرباح يكون قد حصل عليها نتيجة استعماله لتلك الأموال أو المعلومــات"، ويتضح من خلال هذه المادة أنها توافق المادة 27 من قانون شركة المساهمة المغربي في نقطة ألا وهي تحميل المسئولية للأشخاص على وجه التضامن في الأعمال التي قاموا بها باسم الشركة في طور التأسيس، إلا أن المادة 11 من القانون المصري اشترطت ذلك ببذل عناية الرجل الحريص لقيام هذه المسئولية.
كذلك تنص المادة 12 من شركة المساهمة المصري على أنه:" لا يسرى في حق الشركة بعد تأسيسها اى تصرف يتم بين الشركة تحت التأسيس وبين مؤسسيها وذلك ما لم يعتمد هذا التصرف مجلس ادارة الشركة اذا كان أعضاءه جميعا لا صلة لهم بمن أجرى التصرف من المؤسسين أو لم تكن لهم مصلحة في التصرف أو من جماعة الشركاء أو بقرار من الجمعية العامة للشركة في اجتماع لا يكون فيه للمؤسسين ذوى المصلحة أصوات معدودة .
وفى جميع الأحوال يجب أن تضع المؤسس ذو المصلحة تحت نظر الجهة التي تعتمد التصرف كافة الحقائق المتعلقة بالتصرف المذكور"، كما تنص المادة 13 على أنه:" مع مراعاة أحكام المادة السابقة تسرى العقود والتصرفات التي أجراها المؤسسون باسم الشركة تحت التأسيس في حق الشركة بعد تأسيسها متى كانت ضرورية لتأسيس الشركة أما في غير ذلك من الحالات فلا تسرى تلك العقود والتصرفات في حق الشركة بعد التأسيس إلا اذا اعتمدتها الجهة المنصوص عليها في المادة السابقة"، باستقرائنا لنص هاتين المادتين، يتضح أن المشرع المصري ميز بين تلك التصرفات التي يقيمها المؤسسون مع الغير لصالح الشركة، وتلك التي يربطها المؤسس بالشركة في طور التأسيس، وهو المقتضى الذي أغفلته المادة 27 من قانون شركة المساهمة المغربي، بحيث أن التصرفات التي يجريها المؤسس فيما بينه وبين الشركة تعود على ذلك المؤسس، ولا تعود إلى الشركة إلا إذا وافق عليها مجلس الإدارة للشركة أو بقرار من الجمعية العامة للشركة، لكن دون أن يكون لهؤلاء المؤسسين ذوي المصلحة حق التصويت على ذلك، أما التصرفات التي يقوم بها المؤسسون باسم الشركة فقد ميزها هي الأخرى المشرع المصري بعكس المشرع المغربي، حيث إن المشرع المصري اعتبر تلك التصرفات والأعمال التي يقوم بها المؤسسون باسم الشركة، وكانت ضرورية لتأسيسها، كما لو قامت بها الشركة ولا يحتاج فيها لقرار لمجلس الإدارة أو الجمعية العامة، في حين أن التصرفات والأعمال التي لا تكون ضرورية للتأسيس تتحملها الشركة لكن بشرط أن يوافق عليها مجلس الإدارة أو الجمعية العامة.

ثانيا: في التشريع الإماراتي

تنص المادة 12 من قانون شركة المساهمة الإماراتي على أنه:" فيما عدا شركات المحاصة لا يكون للشركة شخصية اعتبارية ولا يجوز لها أن تبدأ أعمالها إلا بعد قيدها في السجل التجاري، وينشر المحرر الرسمي الصادر في النشرة الخاصة التي تصدرها الوزارة، وكل ما يتم من أعمال أو تصرفات لحساب الشركة قبل إجراء القيد يسأل عنه بالتضامن الأشخاص الذين اجروا العمل أو التصرف، ومع ذلك يكون للشركة خلال فترة التأسيس شخصية اعتبارية بالقدر اللازم لتأسيسها".
إن الملاحظ من خلال قراءة هذه المادة أنها تختلف عن المادة 27 من قانون رقم 17.95 في عدة نواحي نجملها فيما يلي:
- حملت المادة 12 من قانون الشركات التجارية الإماراتي المسئولية عن التصرفات والأعمال التي يقوم بها الأشخاص المؤسسون باسم الشركة في مرحلة من مراحل تأسيسها وقبل قيدها في السجل التجاري، وذلك على وجه التضامن، ودون أن تشير إلى إمكانية تحمل الشركة لهذه التصرفات، وهذا بعكس نص المادة 27 من قانون شركات المساهمة المغربي الذي نص على الإمكانيتين معا.
- كذلك تتميز المادة 12 من قانون الشركات الإماراتي، عن نظيرتها في التشريع المغربي، بميزة فريدة من نوعها، ألا وهي الاعتراف بالشخصية المعنوية الناقصة للشركة التجارية بالقدر اللازم لتأسيسها.


خاتمة

نرى من وجهتنا المتواضعة أن المادة 27 من قانون شركات المساهمة تطرح عدة إشكاليات نجملها فيما يلي:
- إذا منح المشرع المغربي إمكانية تحمل الشركة التصرفات والأعمال التي يقوم بها المؤسسون في طور التأسيس وقبل تمتعها بالشخصية المعنوية، فهذا يعني أن الشخصية المعنوية للشركة تعود بأثر رجعي لتشمل تلك التصرفات، وهنا نصطدم بإشكالية مدة الشركة، حيث إن المادة 3 ربطت بداية مدة الشركة بتاريخ التسجيل في السجل التجاري وبالتالي باكتسابها الشخصية المعنوية، ومن هنا إذا كانت الشخصية المعنوية تعود بأثر رجعي، فمتى تبدأ في هذه الحالة مدة الشركة؟
- كما أن رفض الجمعية العامة العادية أو غير العادية للشركة، تلك التصرفات التي أقيمت لصالح الشركة، يؤدي إلى مساءلة الأشخاص الذين أبرموا التصرف بشكل تضامني ومطلق، وبالتالي أليس هذا حيفا في حق هؤلاء؟
- كم أن الشرع المغربي منح مهلة ثلاثة أشهر - للأشخاص المعنوية العامة أو الخاصة وبما فيها الشركات التجارية-، للتسجيل في السجل التجاري، وبعد تمام إجراءات التأسيس الأخرى، مما يطرح إشكالا مفاده، لماذا أطال المشرع المغربي من هذه الفترة؟ وما مصير تلك التصرفات التي تبرم لصالح الشركة في هذه الفترة؟، هذا ما يدفعنا للقول بضرورة إسراع المشرع المغربي منح الشخصية المعنوية للشركة التجارية في مرحلة مبكرة من مراحل تأسيسها، دون انتظار القيد في السجل التجاري، وذلك بغية إعطائها الحق في التعامل باسمها، خاصة وأن المجال التجاري كما هو معلوم ينبني على السرعة، وربما هذا ما دفع التشريعات المقارنة إلى الاعتراف على الأقل بالشخصية المعنوية الناقصة للشركة التجارية في طور التأسيس.

نسخة التحميل




الاثنين 25 يونيو 2012

تعليق جديد
Twitter