MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers



المحكمة الابتدائية بالصويرة: القضاء الرئاسي: قضاء الأوامر....... إختصاص رئيس المحكمة بإصدار أمر بإجراءخبرة جينية، إثباتا للنسب، أو نفيا له - لا

     


المملكة المغربية
وزارة العدل والحريات
محكمة الاستئناف بأسفي المحكمة الابتدائية بالصويرة
********
القضاء الرئاسي
قضاء الأوامر

ملف الأوامر عدد: 396/14



 
 
 
 
باسم جلالة الملك وطبقا للقانون
 
نحن عادل حاميدي رئيس المحكمة الابتدائية بالصويرة.

بناء على الطلب الذي تقدم به السيد ............................ إلى كتابة ضبط هذه المحكمة المسجل و المؤدى عنه الرسم القضائي حسب الوصل عدد 12661 وتاريخ 28/04/2014 والذي يلتمس بمقتضاه إصدار أمر بإجراء خبرة جينية للحسم في صحة نسب المولود المسمى              من والدته المسماة ........................ التي كانت تربطها بالطالب علاقة زوجية غير موثقة. معززا دعواه بنسخة طبق الأصل من بطاقته الوطنية و نسخة طبق الأصل من البطاقة الوطنية للمسماة ...................... وصورة شهادة الولادة للابن ..............................

و حيث إن النسب هو حق من حقوق الله أحاطه الشارع الأعظم بمحترزات محافظة عليه، ولأجله  قيدت ممارسة دعوى  اللعان بأجل سقوط قصير  ودعوى نفي النسب بمحترزات موضوعية مشددة وقيود إجرائية عدّدتها المادة 158 من مدونة الأسرة تفصيلا، ولأجله قعّد فقهاؤنا الأفذاذ قاعدة حاكمة في مادة النسب، مُفادها أن النسب وإن كان يثبت بالظن إلا أنه لا ينتفي إلا بيقين.

وحيث إن المشرع وإن كان قد خول لرؤساء المحاكم إصدار أوامر بناء على طلب كل ذي مصلحة، في الحالات المنصوص عليها في الفصل 148 من ق م م، على سبيل المثال لا الحصر، بدليل تعبير المشرع في المقتضى المذكور بتعبير: "اختصاص رئيس المحكمة بإصدار الأوامر في أي إجراء مستعجل لم يرد بشأنه نص خاص"، إلا أن ذلك محصور في نطاق معين تحديدا في القضايا العارضة دون غيرها من القضايا المتعلقة بحقوق جوهرية، وهو ما عناه المشرع عند وضعه بمقتضى الفصل 148 من ق م م قيد عدم الإضرار بحقوق الأطراف عند البت، فقضاء الأوامر لا يبت في حق ولا يفصل في نزاع، بل إنما يأذن بمعاينة وضع قائم أو إجراء استجواب أو تبليغ إنذار.

وحيث إنه من المتفق عليه فقها وقانونا وقضاء أن مناط إصدار الأوامر الرئاسية بإجراء خبرة  كل حالة عارضة يصعب تداركها بغير خبرة حالة، وإجمالا كل حالة قد تضيع معالمها وتندثر إن لم تثبت فورا عبر خبرة، ونطاقها أمور تقنية مجردة، لا مسائل جوهرية مرتبطة بتحقق شروط وتترتب عليها آثار عظيمة نظير ثبوت النسب أو نفيه، ولا ريب أن الاستجابة للطلب في الدعوى محل النظر تفضي لا محالة إلى التسوية بين مسائل عارضة ونزاعات جوهرية متعلقة بالنسب، والذي يدخل قطعا في باب السياسة الشرعية، وهو ينبغي التفطن له بحكم مرجعيتنا الإسلامية، وهو أمر تنبهت إليه دول عدة بما فيها الدول الغربية، ففي فرنسا مثلا خلصت اللجنة الاستشارية لقواعد السلوك في الميدان الطبي إلى أن استخدام الاختبارات الجينية إثباتا للأبوة يجب أن يكون مقيدا ومحدودا، وإلا أضحت الهوية المدنية للمواطنين مادة للبيع والشراء وصار الإنسان كائنا مخبريا منزوعا من آدميته.

حيث إن من شأن الاستجابة للطلب مساس محقق بالنظام العام الأسري، طالما أنه يسوغ لكل أب تشكك في نسب ولده أن يستصدر أمرا رئاسيا بإجراء خبرة جينية للتحقق من نسب ولده إزالة لشك خامره أو ظن انتابه دون أن يعضد دعواه بأدلة يقينية ودون استدعاء الزوج الآخر قصد إعذاره وعرض أدلة خصمه عليه وهو حق أصيل من حقوق الدفاع.

وحيث إن إجراء خبرة جينية لا يكون إلا في نطاق مسطرة تواجهية وبمناسبة دعوى أسرية موضوعية وضمن شروط مستلزمة التحقق عددتها المادة 158 من مدونة الأسرة، وهي ضمانات لا تتحقق بحال في قضاء الأوامر الرئاسية والذي تحكمه محاذير موضوعية ومحترزات إجرائية خاصة.

وحيث إنه وحتى على صعيد القانون المقارن وفي ظل قوانين أسرية غربية مدمجة في القوانين المدنية ومشبعة بالحقوق المجردة من كل عقال  ومتحررة من قيود الدين، فإنه يحظر استصدار مثل هذه الأوامر، ولأجله قيد المشرع الفرنسي اللجوء إلى الخبرة الجينية بصدور أمر قضائي في نطاق دعوى جارية، متعلقة بإثبات أو نفي النسب أو أداء النفقة أو التحلل منها وفق التعديل الذي أدخله بمقتضى القانون المؤرخ في 22 يوليوز 1994 والذي طال مقتضيات المادة 16 من القانون المدني الفرنسي.

وحيث إن الموازنة بين حق الطفل في نسب يدفع عنه المعرة وحق الأب في نفي نسب أي ولد لم يتنسل من مائه وبين المحافظة على النظام العام الأسري والمحافظة على عمود النسب، تقتضي ألا يقدم الدليل البيولوجي إلا تحت مراقبة القضاء الكلي وإشرافه الصارم من خلال دعوى قضائية موضوعية ومسطرة تواجهية متعلقة بالنسب لا في نطاق الأوامر الرئاسية، وذلك عقلا لهذه السبيل التي من شأن استسهال أو استعجال الخوض فيما نقض  عرى الدين وثوابته عن سابق عزم وتصميم أو بتفريط  أو جهل  لا يجوز في ثابت مثله، فكان الإعراض عن إجراء الخبرة الجينية في دعوى الحال من باب سد الذرائع.

وحيث تأسيسا على العلل المذكورة وعلى ما دونها في الأهمية فإن يد رئيس المحكمة مغلولة عن النظر في دعوى الحال الأمر الذي يستلزم التصريح بعدم الاختصاص.

وحيث إنه يتعين إرجاء البت في الصائر إلى حين نظر من يجب.
 
                             
ولهــذه الأسبـــاب

 
وتطبيقا لمقتضيات الفصل 148 و124 من قانون المسطرة المدنية ومدونة الأسرة.


نصرح بعدم الاختصاص وإرجاء البت في الصائر.

وحرر بمكتبنا في: 28/04/2014.

إمضاء رئيس المحكمة:
 
 
 
 
 
 
 



الخميس 18 ديسمبر 2014

تعليق جديد
Twitter