MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers



التنظيم القانوني لليمين بالمادة المدنية في التشريع المغربي الواقع والآفاق

     



التنظيم القانوني لليمين بالمادة المدنية في التشريع المغربي الواقع والآفاق
أنوار بوهلال
طالب باحث بسلك الدكتوراه
 مختبر القانون والتنمية بكلية العلوم القانونية والإقتصادية والإجتماعية
بمكناس.



إن وجود اليمين في القانون دليل على التقائه مع الدين والأخلاق، وأنه لا يستغني عن اللجوء إلى ذمة الإنسان وضميره وعقيدته [1].

 وقد عرفها شراح القانون بتعريفات مختلفة  إذ عرفها الأستاذ الصدة بأنها : " إشهاد الله تعالى على صدق ما يقوله الحالف تقوية لهذا القول و تعزيزا له "[2]، وعرفها  الدكتور سليمان مرقس بأنها: "إخبار عن أمر مع استشهاد الله تعالى على على صدق الخبر "[3].

ويتسم التنظيم القانوني لليمين باعتبارها وسيلة اثبات في التشريع المدني المغربي بالإزدواجية  بين قانون الإلتزامات والعقود الذي خصها بالفصل 460 وقانون المسطرة المدنية الذي ضمَنها في الفصول 85 إلى 88، وهذا الإشتراك في تنظيم اليمين بين قواعد الموضوع وقواعد الإجراءات أمر طبيعي؛ طالما أن المشرع المغربي تأثر بالنهج اللاتيني في قواعد الإثبات، إنه النهج القائم على التمييز بين ما هو موضوعي وما هو إجرائي، وإن هذا الوضع التنظيمي غير الموحد لوسيلة الإثبات هذه ليدفع إلى طرح التساؤل الآتي:

-هل يحقق التنظيم المزدوج لليمين التكامل بين القانونين؟ أم أنه يساهم في خلق علاقة تنافر ولا انسجام بينهما؟ وكيف يمكن أن يتحسن التنظيم القانوني لهذه الوسيلة
الإثباتية؟

إن العلاقة الموجودة بين قانوني الإلتزامات والعقود والمسطرة المدنية على مستوى
الإثبات باليمين هي علاقة تنافرية بلا شك، ويظهر ذلك بوضوح من خلال استئثار القانون المسطري بتنظيمها دون قانون الموضوع، وفيما يلي نتطرق لإظهار هذه العلاقة التنافرية ولآفاق جعلها رابطة أكثر تكاملا بين القانونين من خلال التصميم الآتي:
 
 
 
المبحث الأول: التنظيم القانوني لليمين في قانون المسطرة المدنية.
المبحث الثاني: مظاهر قصور تنظيم اليمين في قانون المسطرة المدنية وآفاق تحسين العلاقة بينه وبين قانون الإلتزامات والعقود على هذا المستوى.
 
المبحث الأول
التنظيم القانوني لليمين في قانون المسطرة المدنية


إن التنظيم القانوني لليمين  في ق.م.م يشمل نوعين: اليمين الحاسمة، واليمين المتممة؛ فاليمين الحاسمة هي التي توجه من أحد الخصمين إلى الآخر بقصد حسم النزاع، فهي حسب أحد قرارات مح. ن. م (المج.أ. س) " وسيلة من وسائل الإثبات يوجهها الطرف الذي يعوزه الدليل"[4]، بحيث يتم اللجوء إلى هذه اليمين عادة عندما لا يوجد لدى الخصم دليل على الحق الذي يطالب به[5]، واليمين الحاسمة بهذا المعنى تشكل نظاما من أنظمة العدالة التي أريد بها تخفيف مساوئ تقييد الدليل في مذهب الإثبات القانوني[6]، فهذه اليمين حسب البعض هي بمثابة الإسعاف الذي يتقدم به القانون إلى الخصم الذي يعوزه الدليل القانوني فيوجهها إلى خصمه؛ فإن حلفها هذا الأخير أثبت بذلك أن ضميره راض بإنكار صحة الإدعاء، وإن نكل كان في هذا النكول إقرار ضمني بصحة الإدعاء فوجب الحكم عليه بصحة هذا الإقرار[7]، واليمين الحاسمة من حيث طبيعتها بحسب قانون المسطرة المدنية المنظم لها هي إجراء تحقيقي سابق على الفصل في الموضوع[8]. ونفصل أكثر في التنظيم القانوني لليمين الحاسمة من خلال قانون المسطرة المدنية في (المطلب الأول).
أما اليمين المتممة فهي التي يوجهها القاضي تلقائيا إلى أحد الأطراف ليستكمل قناعته عندما تكون وسائل الإثبات المدلى بها غير كافية، فهي وسيلة للبحث التكميلي الممهد للحكم[9]. ونفصل أكثر في الحديث عن التنظيم القانوني لليمين المتممة من خلال قانون المسطرة المدنية  في (المطلب الثاني).

المطلب الأول: التنظيم القانوني لليمين الحاسمة من خلال قانون المسطرة المدنية

نعرض في هذا التنظيم لتوجيه اليمين الحاسمة وأدائها في (الفقرة الأولى)، وللنتائج المترتبة عن توجيهها في (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى:  توجيه اليمين الحاسمة وأداؤها

نتحدث عن توجيه اليمين الحاسمة في (أولا)، ونترك أمر أدائها ل (ثانيا).

أولا:  توجيه اليمين الحاسمة

إذا رجعنا إلى الفصل 85/1[10] من ق.م.م فإننا نستخلص منه أن اليمين الحاسمة يوجهها الخصم إلى خصمه حتى يحسم بها النزاع؛ ومقتضى ذلك أن الخصم الذي يعجز عن تقديم دليل على ما يدعيه يحتكم في شأن صحة ادعائه إلى قول خصمه تحت وطأة القسم الذي يوجهه إليه.
 والقاضي ليس له أن يوجه هذه اليمين الحاسمة من تلقاء نفسه، بل بناء على طلب من أحد الخصوم لأنها ملك للخصوم وهذا ما أكدته مح.ن.م (المج. أ. س) " اليمين الحاسمة ملك للخصم الذي يبتغي منها إثبات دفوعه في مواجهة خصمه "[11]، وفي قرار آخر " اليمين الحاسمة ملك لأطراف النزاع لا ملك للمحكمة، فللخصوم وحدهم الحق في توجيهها لحسم النزاع "[12].
 ورغم أن هذه اليمين الحاسمة هي ملك للخصوم ولا تملك المحكمة صلاحية توجيهها؛ فإن المتقاضي لا يسوغ له أن يوجهها مباشرة إلى خصمه، بل يفعل ذلك عن طريق المحكمة، أي أنه يتقدم بطلب توجيه اليمين الحاسمة للمحكمة إلى هذا الأخير ابتغاء الوصول إلى ثبوت حقه الذي يعوزه الدليل عليه[13].
والمقصود بالخصم الذي يوجه اليمين الحاسمة هو كل خصم مكلف بإثبات واقعة قانونية لا يملك دليلها، سواء كان مدعيا يريد اثبات حق يدعيه، أو مدعى عليه يريد اثبات دفع يدعيه أيضا[14]، وهذا المعنى كرسته مح.ن.م (المج. أ. س) في قرار لها ورد فيه "تعتبر اليمين الحاسمة وسيلة من وسائل الإثبات يوجهها الطرف الذي يعوزه الدليل "[15].

ثانيا: أداء اليمين الحاسمة

حسب ما يستفاد من الفصول 85 و 86[16] و 88[17] من ق.م.م فإن المشرع المسطري قد فصّل على مستوى تنظيمه لإجراءات أداء اليمين الحاسمة، وتتمثل هذه الإجراءات في مكان وصيغة أدائها.
فعلى مستوى مكان الأداء فإن الفصل 85 من ق.م.م نص على أنه " إذا وجه أحد الأطراف اليمين إلى خصمه لإثبات ادعاء أو ردها لحسم النزاع نهائيا فإن الخصم يؤدي اليمين في الجلسة"؛ وقد ذهبت مح.ن.م (المج. أ. س) في ما يمكن اعتباره تطبيقا لهذا الفصل إلى القول "لكن حيث إنه إذا كان الفصل 85 من قانون المسطرة المدنية يقضي بأن اليمين الحاسمة تؤدى بالجلسة بحضور الطرف الآخر أو بعد استدعائه بطريقة قانونية فإن هذا لا يعني أداءها في نفس الجلسة التي صدر الحكم بها بل يمكن أداؤها بجلسة أخرى "[18].
 وإذا كان الطرف الذي وجهت إليه اليمين الحاسمة أو ردت يسكن خارج دائرة نفوذ المحكمة التي تثور الدعوى فيها، فإن هذه المحكمة لها أن تأمر بأن يؤدي اليمين أمام المحكمة الإبتدائية لمحل موطنه، على أن تسجل له تأديته لهذه اليمين( الفصل 86/2).
 ونفس هذا  الفصل في فقرته الأولى (86/1) نص  على أنه "إذا عاق الطرف مانع مشروع وثابت بصفة قانونية أمكن تأدية اليمين أمام قاض أو هيأة منتدبة للتوجه عنده مساعدا بكاتب الضبط الذي يحرر في هذه الحالة محضرا بالقيام بهذه العملية". لكن هذا التنصيص ألا يمكن اعتباره بمثابة الإشكال الكبير في ق.م.م والذي يجب تداركه؟  ذلك أن هذا القاضي المنتدب أو الهيأة المنتدبة المنصوص عليها في الفصل 86/1 لم تأتي في محلها.
 على اعتبار أنها لا تخص الحالة التي يكون فيها مكان تنفيذ إجراء التحقيق خارج دائرة نفوذ المحكمة، بل تتعلق بالحالة التي يتعذر فيها على الطرف الذي وجهت له اليمين الحاسمة الحضور للجلسة، وكان مكان تواجده داخل دائرة نفوذ المحكمة. فمثل هذا التنصيص قد يفهم منه نزع الإختصاص عن المقرر في هذه الحالة بالذات، فاللجوء إلى هذا الإنتداب يجب ألا يكون إلا في حالة وجود الشخص المعني خارج نفوذ المحكمة ونحن فيما قلناه في هذه النقطة لا نختلف مع الأستاذ محمد المجدوبي الإدريسي[19].
 وانطلاقا من الفصل 88/1 الذي ينص "يمكن للمحكمة أن تأمر دائما بعد اتفاق الأطراف على أن تؤدى اليمين طبقا للشروط التي تلزم دينيا ضمير من يؤديها" بعض الفقه يذهب إلى إمكانية الإستناد على هذه الفقرة لكي يتفق الخصمان ليس فقط على صيغة أدائها بل حتى على مكان أدائها كأن يتفقا مثلا على أدائها بدار للعبادة كالمسجد[20].
هذا عن مكان اداء اليمين الحاسمة، أما عن صيغتها فالمشرع المسطري حددها في الفصل 85/2 بالعبارة الآتية " أقسم بالله العظيم".
 وذهب بعض الفقه[21] إلى القول أن المشرع المسطري حينما جاء بهذه الصيغة فهذا دليل على تأثره بالشريعة الإسلامية ومسايرته لحديث روي عن الرسول (ص) "لا تحلفوا بآبائكم و لا بالطواغيت ومن كان منكم حالفا فليحلف بالله أو ليدر"[22].
 والمشرع المغربي لئن كان قد حصر صيغة أداء اليمين في عبارة " أقسم بالله العظيم "، فإنه نص في الفصل 88/1 على إمكانية أن تأمر المحكمة بعد اتفاق الأطراف على أن تؤدى اليمين طبقا للشروط التي تلزم دينيا ضمير من يؤديها، وهذا يعني أن صيغة اليمين الحاسمة في ق.م.م هي ملك للخصم الذي يوجهها وليس للقاضي فلا يحق للقاضي أن يعدّل في صيغة اليمين.
النقطة الموالية نخصصها للنتائج المترتبة عن توجيه اليمين الحاسمة.

الفقرة الثانية: نتائج توجيه اليمين الحاسمة

من خلال استقراء الفصول المنظمة لليمين الحاسمة في ق.م.م نستخلص أن النتائج التي عالجتها هي أداء اليمين الحاسمة(أولا)، و ردّها (ثانيا).

أولا: أداء اليمين الحاسمة

يترتب عن أداء اليمين الحاسمة ممن وجهت إليه خسارة موجهها، وبالمقابل فإن الذي أداها هو الذي يحكم لفائدته؛ بعبارة أخرى أن أداء اليمين يترتب عنه حسم النزاع. وهذا ما نص عليه الفصل 85/1 من ق.م.م، لكن الملاحظ أن هذا الفصل زاد عبارة أخرى على حسم النزاع وهي عبارة  "نهائيا" فهل هذا يعني أن المشرع المسطري يقصد أن الحكم الصادر اعتمادا على هذه اليمين الحاسمة هو حكم نهائي لا يقبل أي طعن؟
 بعض الفقه[23] يعتبر أن عبارة "نهائيا" لم يكن لسياقها ضرورة ما دامت عبارة "لحسم النزاع" كافية في الدلالة على حجية هذه اليمين الحاسمة.
وهذه العبارة " نهائيا" كان لها تأثير على العمل القضائي المغربي إذ أن أعلى هيأة قضائية في البلاد قد عرفت تذبذبا على مستوى مدى قابلية الأحكام الصادرة بعد أداء اليمين الحاسمة للطعن من عدمه وهكذا:ذهبت هذه المحكمة في أحد قراراتها إلى أن " توجيه اليمين الحاسمة إلى الخصم يقصد به الإحتكام إلى ضميره، فإن أداها اعتبر النزاع منتهيا بين الطرفين بصفة لا رجعة فيه، و لا يقبل الحكم المبني عليها أي طعن من طرف الطاعن إلا بشأن خلل في إجراءات أداء اليمين"[24].
ونفس المحكمة ذهبت في قرار آخر إلى أن " ما نص عليه الفصل 85 من قانون المسطرة المدنية من حسم النزاع نهائيا إنما يعني ثبوت الحق بشأنه لأحد الطرفين...اليمين الحاسمة لا أثر لها على قابلية الحكم أو عدم قابليته للطعن...والفصل 19 من قانون المسطرة المدنية يجيز الطعن بالإستئناف في جميع الطلبات التي تتجاوز 3000درهم ـــ تجدر الإشارة أن الفصل 19 من قانون المسطرة المدنية تم تعديله بالقانون رقم 10-35 فأصبحت الطلبات التي تقبل الإستئناف أمام المحاكم الإستئنافية هي تلك التي قيمتها غير محددة أو تتجاوز قيمتها 20000درهم، أما القضايا التي لا تتجاوز قيمتها 20000درهم فإنها تقبل الإستئناف أمام الغرف الإستئنافية التي أحدثت حديثا بالمحاكم الإبتدائيةـــ"[25].
أمام هذا الوضع التشريعي الذي عوض أن يوحد العمل القضائي وهذا هو المفروض فيه فإنه يشتته، ندعوا المشرع المغربي إلى التدخل من أجل توضيح المقصود. فإذا كان قصده هو أن الأحكام الصادرة بناء على اليمين حاسمة لا تقبل الطعن فعليه أن ينص على ذلك صراحة، وإذا كان خلاف ذلك فهو مدعو للتدخل على الأقل من أجل حذف عبارة " نهائيا" التي تسمح بتأويلات متضاربة للفصل 85 من قانون المسطرة المدنية.

ثانيا: ردّ اليمين الحاسمة

 ورد النص على ردّ اليمين الحاسمة باعتباره نتيجة لتوجيهها في الفصلين 85/1 و86/2 من ق.م.م، فمن وجهت إليه هذه اليمين قد يفضل ردها على موجهها بدلا من أن يحلفها هو، لأنه غير متأكد بصفة قاطعة من صحة ما يطلب منه الحلف عليه فلا يطعن في ضميره، بل يفضل أن يحتكم إلى ضمير خصمه فيردها عليه[26].
والملاحظ أن المشرع المغربي المسطري لم يفصل في مسألة رد اليمين لا من حيث الشروط ولا من حيث النتائج أو الآثار[27] وهذا من جوانب النقص في تنظيم هذه الوسيلة الإثباتية.
 ويرى البعض أن من شروط رد اليمين أن تكون الواقعة موضوع اليمين مشتركة بين المتخاصمين، فإذا كانت الواقعة خاصة بشخص من وجهت إليه اليمين الحاسمة فإنه لا يقوم له الحق في الرد[28]، ويجب أيضا أن يكون الرد عن نفس الواقعة التي وجهت من أجلها اليمين وإلا فكون بصدد يمين جديدة[29]، وإذا ردّت اليمين على موجهها فإنه لا يسوغ له ردها مجددا بل يملك خيارين الحلف أو النكول[30] وهذا بهدف عدم الوقوع في الحلقة المفرغة إلى ما لا نهاية[31].
على إثر فراغنا من التحليل في إطار التنظيم القانوني لليمين الحاسمة حسب ق.م.م، ننتقل فيما يأتي لتناول التنظيم القانوني لليمين المتممة من خلال هذا القانون.

المطلب الثاني: التنظيم القانوني لليمين المتممة في قانون المسطرة المدنية

إن اليمين المتممة هي التي يوجهها القاضي تلقائيا إلى أحد الأطراف ليستكمل قناعته عندما تكون وسائل الإثبات المدلى بها غير كافية، فهي وسيلة للبحث التكميلي الممهد للحكم[32].
إن اليمين المتممة حسب ما جاء في أحد قرارات مح.ن.م (المج. أ. س) " تكمل أدلة الإثبات وليست بديلا لها فلا توجه اليمين إلا إذا أقام المدعي دليلا اعتبرته المحكمة غير كامل فلا يمكن أن تكون وحدها أساسا للقضاء بحق وقع إنكاره "[33].  وهذه اليمين أيضا حسب ذات المحكمة " توجه من طرف قضاة الموضوع تلقائيا عندما يقدم الخصم دليلا غير كافي وتؤدى طبقا للشكليات المنصوص عليها في الفصل 87 من قانون المسطرة المدنية "[34].
 أما عن طبيعة اليمين المتممة فقد تباينت الآراء حولها بين من يعتبرها وسيلة من وسائل الإثبات أو إجراء من إجراءات التحقيق، أما الفقيه السنهوري فيراها من وسائل التحقيق والإثبات في نفس الوقت[35].
لكن القضاء المغربي متضارب على هذا المستوى؛ فمح.ن.م (المج. أ. س) اعتبرت في أحد قراراتها أن اليمين المتممة إجراء تحقيقي " إن الأمر باليمين المتممة يكون موضوع حكم تمهيدي وتسجل تأدية اليمين قبل الفصل في النزاع لأن توجيه اليمين المتممة من القاضي إجراء من إجراءات التحقيق "[36]، ونفس التوجه كرس في قرار آخر " تعتبر اليمين المتممة إجراء من إجراءات التحقيق ويعتبر الحكم الصادر بشأنها حكما تمهيديا لا يقبل الطعن إلا مع الحكم في الموضوع "[37].
 إلا ان هذه المحكمة ذهبت في قرار آخر إلى تكريس أن اليمين المتممة إنما هي وسيلة من وسائل الإثبات "... باعتبار اليمين المتممة وسيلة من وسائل الإثبات، يتعين تهيئتها واستيفاؤها مسبقا لتبين وجه الحكم في الدعوى"[38].
ولكننا حول طبيعة اليمين المتممة نميل إلى رأي الأستاذ السنهوري الذي يعتبرها إجراء تحقيقي ووسيلة إثبات في نفس الوقت، وهذا الرأي نبنيه على كون ق.ل.ع أشار في الفصل 404[39] إلى أن اليمين وسيلة إثبات، وق.م.م نظم اليمين –بشقيها-[40] ضمن إجراءات التحقيق.
وإن التنظيم القانوني لليمين المتممة في ق.م.م يستفاد منه أنه حدد الجهة التي توجهها(الفقرة الأولى)، وأيضا فيه إشارة إلى كونها تكمل الحجة الناقصة باعتبارها نتيجة لهذه اليمين(الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: توجيه اليمين المتممة

من خلال الفصل 87 من ق.م.م يمكن استخلاص أن توجيه اليمين المتممة لأي واحد من الخصمين سواء كان مدعيا أو مدعى عليه هي من حق القاضي وحده. لكن التساؤل المطروح من هو الخصم الذي توجه له اليمين المتممة؟
إن الخصم الذي توجه له اليمين المتممة من تقدير القاضي، والغالب أنه يوجهها للخصم الذي قدم ما يجعل دعواه قريبة التصديق أو الذي يراه أجدر بالثقة[41].
وإذا تأملنا في الفصل 87 من ق.م.م يمكن القول أن توجيه هذه اليمين من عدمه هو أمر جوازي بالنسبة للقاضي، فلا إجبار عليه في توجيهها فلجوؤه إليها يكون من تلقاء نفسه ورغبة منه في تحري الحقيقة وفي استكمال الدليل الناقص منها[42] وبالتالي حسم النزاع.
 لكن ما يجب الإنتباه إليه هو أن هذه الصلاحية ليست مطلقة بل هي مقيدة بشروط، المشرع المغربي لم يتطرق لها (أي لهذه الشروط) وبالمقابل انبرى العمل القضائي المغربي من أجل تكريسها ويمكن تلخيص هذه الشروط[43] في اثنين:

الشرط الأول ألا تكون الدعوى خالية من أي دليل: فاليمين المتممة تتمم ما ينقص من الدليل القانوني ولكنها لا تقوم مقامه[44]، ولقد أشارت مح.ن.م (المج. أ. س) إلى هذا الشرط في أحد قراراتها: " لا يمكن أن توجه لأحد الأطراف (أي اليمين المتممة) إلا إذا كانت حجة الطرف الموجهة له اليمين غير كافية وغير مقنعة  "[45].

الشرط الثاني ألا يكون في الدعوى دليل كامل: والمقصود من هذا الشرط هو منع القاضي من أن يكتفي بادعاء الخصم المجرد من أي دليل وتلبية رغبته بمجرد يمين يؤديها[46]، وهذا ما أشارت إليه مح.ن.م (المج. أ. س)."لا توجه(الكلام هنا عن اليمين المتممة) إلا إذا أقام المدعي دليلا اعتبرته المحكمة غير كامل.."[47].
فيما يلي نخوض في النتائج المنجرة عن توجيه اليمين المتممة.

الفقرة الثانية: نتائج اليمين المتممة

إن ق.م.م لم يشر إلا إلى إكمال الحجة الناقصة باعتباره نتيجة مستهدفة من وراء توجيه اليمين المتممة، فلا وجود للتنصيص على إمكانية النكول.
 إذاكان الأمر كذلك فهل هذا يعني أن المتقاضي الذي يوجه له القاضي اليمين المتممة لا يكون أمامه إلا خيار واحد وهو الحلف؟[48]
بعض الفقه يعتبر أن اليمين المتممة إن وجهت إلى المتقاضي فحق لهذا الأخير أن ينكل عن أدائها أو يؤديها، على أنه لا يحق له أن يردها لأن  القاضي هو الذي وجهها له لا الخصم، فالعلاقة تربط هنا بين القاضي ومن وجهت له اليمين لا بين الخصمين[49].
وما تجدر الإشارة إليه أن الفقه يرى أن أداء اليمين المتممة أو النكول عنها لا يقيد القاضي لأنها دليل إثبات تكميلي ذو قوة محدودة[50].
بعد أن عرضنا من خلال هذه الفقرة الأولى للتنظيم القانوني لليمين بنوعيها حسب ما هو منظم في ق.م.م على اعتبار أنه يستقل بتنظيمها دون ق.ل.ع، من خلال الفقرة الثانية نسلط الضوء على مظاهر القصور في تنظيم هذه الوسيلة الإثباتية بق.م.م وكذلك نحاول اقتراح ما قد يفضي إلى تجاوز علاقة التنافر هذه وبالتالي تحسين العلاقة بين القانونين.

المبحث الثاني
مظاهر قصور تنظيم اليمين في قانون المسطرة المدنية وآفاق تحسين العلاقة بينه
وبين قانون الإلتزامات والعقود على هذا المستوى


إن مظاهر القصور في تنظيم اليمين بقانون المسطرة المدنية تكمن في اقتصار هذا القانون على تنظيم جانبها الإجرائي فقط دون الجانب الموضوعي –الذي من حيث الأصل يجب أن يكون منصوصا عليه في قانون الموضوع (ق.ل.ع)-، بل حتى على مستوى هذا الجانب الإجرائي  هناك قصور ونقص في التنظيم.
هذا، وإن التنظيم الأحادي لقانون الإجراءات دون قانون الموضوع لوسيلة إثبات لها وزنها داخل منظومة الإثبات المدنية، يؤسس لعلاقة تنافر وعدم انسجام بين قانون المسطرة المدنية وقانون الإلتزامات والعقود على هذا المستوى.
لذلك نعتقد أن تحسين العلاقة بين القانونين رهين بالتنصيص في ق.ل.ع.م على قواعد موضوعية لليمين إسوة بالتشريع الفرنسي[51] والتونسي[52] خاصة وأنهما يعتبران مصدرا لقانون الإلتزامات والعقود (المطلب الأول).
وكذلك بما أن التشريع المغربي يجد مصدره في التشريع الإسلامي فإن في هذا الفقه أيمانا أخرى غفل عنها التشريع المسطري، وإن من شأن استوعابها موضوعيا في ق.ل.ع وإجرائيا في ق.م.م أن يغني الترسانة القانونية المغربية على هذا المستوى (المطلب الثاني).

المطلب الأول: تحسين العلاقة بين القانونين عن طريق التنصيص على القواعد
الموضوعية في ق.ل.ع والزيادة في التفصيل في الإجراءات في ق.م.م


إن الملاحظة الأولى التي تسترعي الإنتباه على مستوى تنظيم اليمين، هي انفراد القانون المسطري بهذا التنظيم دون قانون الموضوع –ق.ل.ع-، وإن هذا التنظيم المسطري لليمين تعتريه مجموعة من النواقص التي يجب تداركها سواء على المستوى الإجرائي (الفقرة الأولى)، أو الموضوعي (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: على مستوى الجانب الموضوعي

لم يهتم ق.م.م بتنظيم مقتضيات موضوعية لليمين: وتتمثل في موضوع اليمين(أولا)، والآثار المترتبة عن أداء اليمين (ثانيا).

أولا: موضوع اليمين

يتضح من خلال فصول ق.م.م المنظمة لليمين أن هناك فراغا قانونيا على هذا المستوى. وحسب الفقه فإن موضوع اليمين أو محلّها يجب أن يكون واقعة قانونية وليست مسألة من مسائل القانون، لأن هذه الأخيرة من شأن القاضي وحده لا من شأن الخصوم، وليس من الضروري إرشاد القاضي إلى نص القانون في مسألة الموضوع، و في هذا السياق من الأقوال المأثورة في القانون الروماني  أن القاضي يقول للخصوم : اذكروا لي الوقائع وأنا أذكر لكم القانون[53].
إذن فموضوع اليمين هو الواقعة القانونية، لكن هل كل واقعة تصلح لتكون محلا لليمين؟
يجيب الفقه[54] بنعم على هذا التساؤل؛ إذ يجوز توجيه اليمين في أية واقعة قانونية حتى لو جاوزت هذه القيمة نصاب الشهادة ما دام أن هذا المتقاضي يعوزه الدليل على الواقعة المستحلف بشأنها، بحيث فاته تحصيل الدليل سواء جراء إهمال أو إسراف في الثقة حيث لم يعد له سبيل لكسب دعواه إلا الإحتكام إلى ضمير خصمه.
 ونتلمّس هذا التوجه في بعض قرارات مح. ن. م (المج. أ. س) كالقرار الذي ورد فيه"المحكمة التي رفضت توجيه اليمين الحاسمة إلى الخصم بعلة أن الفصل 443 من قانون الإلتزامات والعقود يمنع إثبات ما جاوز 250 درهم –  بمقتضى التعديل الذي أدخل بالقانون رقم 05-53 على هذا الفصل أصبح المبلغ 10000 درهم -  بشهادة الشهود وأن توجيه اليمين بمقتضى وجود بداية حجة غير كافية تكون قد خرقت الفصل 85 من قانون المسطرة المدنية المستدل به وعللت قرارها تعليلا فاسدا"[55]، وفي قرار آخر " استبعاد طلب توجيه اليمين الحاسمة بعلة أنه لابد من الإدلاء بحجة كتابية مخالفة لمقتضيات الفصل85 من قانون المسطرة المدنية "[56].
بالإضافة إلى هذا هناك توجه لذات المحكمة تذهب فيه إلى حد إمكانية اللجوء لليمين كوسيلة إثبات في مواجهة عقد مبرم بين الطرفين، بل وهذه اليمين تقوض هذا العقد كما هو واضح من القرار الذي جاء فيه "اليمين الحاسمة ملك للخصم... فيجوز له توجيهها ولو لتقويض ما ورد في العقد المبرم بين الطرفين"[57].
ومن الشروط التي يشترطها الفقه في هذه الواقعة القانونية محل اليمين أن تكون غير مخالفة للنظام العام؛ وهذا الشرط منصوص عليه صراحة في قانون الإثبات المصري الفصل 115.
 ويشترط أيضا في هذه الواقعة أن تكون شخصية؛ أي متعلقة بشخص من وجهت إليه اليمين، فلا يجوز توجيه اليمين الحاسمة عن واقعة لا تتعلق بشخص من توجه إليه إلا إذا كانت تنصب على مجرد علمه بتلك الواقعة[58].
وأخيرا يجب أن تكون الواقعة محل اليمين، حاسمة في الدعوى ذلك أن مهمة اليمين الحاسمة كما هو ظاهر من اسمها هي حسم النزاع، وهي بمجرد توجيهها إلى الخصم تكون الدعوى على وشك الإنتهاء، فإذا حلفها الموجهة إليه خسر من وجهها و إذا نكل الأول أو ردها على الثاني ربح هذا الأخير، لذلك فإن اليمين الحاسمة لا يمكن توجيهها إلا في الواقعة التي ينحسم بها النزاع[59].

ثانيا: الآثار المترتبة على أداء اليمين

إن ق.م.م وكما أنه لم يتطرق لمحل اليمين فإنه بالمقابل لم  يفصل في آثارها، فقد أشار إلى  أدائها وأشار أيضا إلى ردها. لكنه لم ينص على النكول عن اليمين، ولم ينص أيضا على الآثار المترتبة على الرد.
فبالنسبة لردّ اليمين  فمن ردّت عليه في غياب التنصيص هل له الحق في ردها من جديد؟
ما نستفيده ضمنيا من الفصل 85/1 أنه من ردت عليه اليمين لا يمكن له ردها من جديد، وهذه الإستفادة الضمنية استقيناها من العبارة الواردة بهذا الفصل "أو ردها هذا الأخير لحسم النزاع نهائيا"؛ فإذا ردت اليمين إذن فهذا يعني أن من ردت عليه لا يملك إلا خيارين:إما الحلف، أو النكول، فإذا حلف ربح الدعوى، وإذا نكل خسر الدعوى وفي الحالتين طبعا ينحسم النزاع.
 هذا عن رد اليمين، أما عن النكول فالمشرع المغربي لم يحط النكول عن أداء اليمين بالتفصيل الكافي؛ ذلك أن الإشارة الوحيدة إليه وردت في الفصل 404 من قانون الإلتزامات والعقود الذي حصر  وسائل الإثبات و من بينها النكول ، بمعنى أنه رتب عن نكول من وجهت إليه اليمين ثبوت الحق في ذمته لفائدة خصمه.
 وإذا رجعنا إلى بعض التشريعات المقارنة نجدها تطرقت للنكول ولآثاره كالمشرع المصري من خلال المادة 118 من ق.الإث. التي ور فيها " كل من وجهت إليه اليمين فنكل عنها دون أن يردها إلى خصمه، و كل من ردت عليه اليمين فنكل عنها خسر دعواه".
 إذن النكول عن اليمين يعني خسارة الدعوى، وبعبارة الفقيه السنهوري النكول عن اليمين الحاسمة هو إقرار ضمني بصحة الدعوى يحكم بمقتضاه[60].
 لكن هذا المقتضى القانوني عن النكول يختلف عن ما يقوله الفقه الإسلامي (والذي كرس في المجلة التونسية  للإلتزامات  العقود[61]-باعتبارها مصدرا لقانون الإلتزامات والعقود المغربي-) فحسب بن رشد المالكي نكول المدعى عليه لا يوجب للمدعي شيء[62] وإنما لابد له من يمينه ، فيكون نكول المدعى عليه شاهدا عرفيا لصالح المدعي لابد أن يعضد بيمينه تكملة للنصاب[63]، وإذا اعتبر نكول المدعى عليه في يمين الإنكار شاهدا عرفيا لصالح المدعي وجبت اليمين على هذا الأخير، لكن إذا نكل بدوره سقط حقه تطبيقا للقاعدة الفقهية القائلة بأن النكول بالنكول تصديق للناكل الأول[64].
تبين لنا إذن أن ثمة من يقول في إطار الشريعة الإسلامية بعدم ترتب أي أثر على النكول إلا إذا أدى اليمين الطرف الآخر، وقد تأثر بهذا التوجه التشريع التونسي، وذلك ظاهر من الفصل 503 من المجلة التونسية للإلتزامات والعقود، لكن التساؤل الذي يفرض نفسه هنا هل قانون المسطرة المدنية بعدم تطرقه للنكول يكون قد تأثر بذلك بهذا الفقه الإسلامي الذي لا يعترف للنكول عن أداء اليمين بأي أثر؟
لكن كيف يمكن تصديق ذلك والحال أن قانون الموضوع يعتبرها وسيلة من وسائل الإثبات من خلال إشارته إليها في الفصل 404 وإحالته في الفصل 460 على أن قانون المسطرة المدنية هو من يتكفل بتنظيم اليمين والنكول عنها؟
نعتقد أن المشرع المغربي عليه أن يتخذ موقفا واحدا في هذا الصدد فإما أن يتبنى النكول وينظم أحكامه الموضوعية في ق.ل.ع و إجراءاته في ق.م.م، أو يحذف الإشارة إليه مطلقا في قانون الإلتزامات والعقود.
من خلال النقطة الموالية نتطرق لجوانب القصور في تنظيم اليمين في ق.م.م على المستوى الإجرائي.

الفقرة الثانية: على مستوى إجراءات اليمين

رغم أن ق.م.م قانون إجرائي ويغلب على تنظيمه لليمين الطابع الشكلي، إلا أننا نلاحظ وجود نواقص في جانب هذا التنظيم الإجرائي؛ وتكمن هذه النواقص في عدم تنصيصه على رقابة القاضي لمدى التعسف أو عدمه في توجيه اليمين (أولا)، وفي عدم تنصيص هذا القانون على المرحلة التي يمكن خلالها توجيه اليمين (ثانيا).

أولا: رقابة القاضي على مدى التعسف أو عدمه في توجيه اليمين

نشير في البداية إلى أن هذا المقتضى المنعدم في قانون المسطرة المدنية يلعب دورا إيجابيا في تدعيم دور القاضي المدني في عملية الإثبات، ومن المعلوم أن توجيه اليمين الحاسمة هو حق للخصوم، لكن من الواجب أن تعطى للقاضي الصلاحية ليمارس رقابته على توجيه هذه اليمين، وليطمئن إلى أنها ليست تعسفية.
إذا رجعنا إلى بعض التشريعات المقارنة نجد مثلا التشريع التونسي يحدد حالات في الفصل 500 من المج. التونسية للإلتزامات والعقود[65] لا يمكن أن توجه فيها اليمين الحاسمة، وإذا أراد المتقاضي أن يوجهها في تلك الحالات فإن القاضي يتدخل ليمنعه من توجيهها، ومن بين تلك الحالات ما تسميه المجلة التونسية بالتعنت بها.
والقضاء الفرنسي يذهب إلى ضرورة الإعتراف للقاضي بسلطة تقديرية في قبول توجيه اليمين، رغم أن القانون المدني الفرنسي  يكرس ملكية الخصوم لليمين الحاسمة في الفصل 1357 ويؤيده الفقه في هذا، لأنه يكيف اليمين الحاسمة صلحا وليس للقاضي أن يتعرض على الصلح[66].
أما التشريع المصري فإنه يعطي هذا الحق صراحة للقاضي من خلال المادة 114/1 من ق. الإث. وتنص على أنه " يجوز للقاضي أن يمنع توجيه اليمين الحاسمة إذا كان الخصم متعسفا في توجيهها".
 ويعتبر الفقه أن اليمين تكون تعسفية؛ إذا كانت الوقائع المدعى بها غير محتملة الصدق، أو تكذبها أو تناقضها المستندات، أو توافرت الأدلة على ثبوت الوقائع المتنازع عليها، أو إذا تبين للقاضي أنها من باب تأخير الدعوى أو إستغلال ورع الخصم وشدة تدينه، أو حتى في حالة توجيه اليمين لإثبات واقعة مخالفة للنظام العام[67].
وما ينبغي التأكيد عليه هو أن المنع من توجيه اليمين هو من الأمور الدقيقة التي تحتاج إلى الكثير من الرؤية وحسن الفهم، فنية الخصم الذي يوجه اليمين الحاسمة من الأمور النفسية الخفية التي لا يمكن الإهتداء إليها بسهولة، ومن العسير أن يحرم المتقاضي من حق الإلتجاء إلى ذمة خصمه راضيا بيمينه، ظنا بأنه يقصد الكيد من تحليفه. وإذا كان من حق القاضي أن يرفض توجيه اليمين التعسفية، فلابد في ممارسة هذا الحق من أن تكون النية التعسفية ظاهرة من وقائع الدعوى ظهورا قاطعا لا أثر فيه للشك أو الظن، وإلا انقلب الأمر من إيجابية للقاضي في الإثبات إلى تعسف وظلم[68].
 ورغم عدم التنصيص على هذه الصلاحية في ق.م.م، إلا أن القضاء المغربي حاول تكريسها عمليا ويتعلق الأمر بقرارات صادرة عن مح. ن. م (المج. أ . س) من قبيل ما ورد في أحد القرارات " المحكمة غير ملزمة بتوجيه طلب اليمين الحاسمة إذا ما ظهر لها بأن صاحبه يتعسف فيه "[69]، وفي قرار آخر "...كان على المحكمة قبل أن تقبل توجيه اليمين الحاسمة أن تتأكد بأنها ليست كيدية وأن طالبها ليس متعسفا في توجيهها... "[70].
لكن مقابل هذا النوع من القرارات التي تعطي الحق للقاضي في التأكد من مدى تعسفية طالب اليمين الحاسمة. هناك قرارات أخرى تعتبر أن توجيه اليمين الحاسمة حق للخصوم وملك لهم، ولا دخل للقاضي بالرقابة على مدى التعسف أو عدمه، ومن تلك القرارات ما ذهبت إليه مح. ن .م (المج. أ .س ) "محكمة الإستئناف حينما رفضت توجيه اليمين التي وجهها الطاعن إلى المطلوب في النقض بعلة أن هذه اليمين تعسفية ولا يستجاب لها إذا توفرت قرائن بسيطة تؤيد مزاعم الطاعن، تكون قد خرقت الفصل 85 وطبقته تطبيقا سيئا مما يعرض قراراها للنقض "[71]، وفي قرار آخر"اليمين الحاسمة ملك أطراف النزاع لا ملك المحكمة، فللخصوم وحدهم الحق في توجيهها لحسم النزاع "[72].
يتضح إذن من خلال القرارات السابقة وجود تناقض في التوجه لدى المحكمة الأعلى درجة في المملكة والمفروض فيها أن توحد العمل القضائي لا أن تساهم في ذبذبته، لكن اللوم يلقى على المشرع الذي عليه أن يحدد موقفا واضحا من سلطة القاضي تجاه توجيه اليمين الحاسمة فإما أن ينص صراحة على وجود هذه السلطة، وإما أن ينص صراحة على عدم وجودها وأن اليمين الحاسمة ملك لأطرافها ولا دخل للقاضي فيها.
ثانيا: المرحلة التي توجه خلالها اليمين
إن ق.م.م - الموكول له من طرف قانون الإلتزامات و العقود تنظيم اليمين – وكما أنه لم ينص على سلطة القاضي في مراقبة مدى تعسف المتقاضي في توجيه اليمين الحاسمة، فإنه أيضا لم ينص على المرحلة أو المراحل التي يمكن توجيه اليمين الحاسمة خلالها؛ فهل توجيه اليمين الحاسمة محصور على المرحلة الإبتدائية؟ أم أن عدم التنصيص يستفاد منه السكوت الذي يبيح توجيه اليمين في سائر أطوار الدعوى؟
في الواقع إذا رجعنا إلى مصدري التقنين المدني المغربي أي القانون المدني الفرنسي(الفصل 1360)[73] والمجلة التونسية للإلتزامات  والعقود (الفصل 497)[74]؛ فإننا نجدهما يحددان هذه المرحلة فيعطيان للمتقاضي الحق في توجيه اليمين الحاسمة في أي مرحلة كانت عليها الدعوى، بل إن المشرع المصري أيضا من خلال المادة 115/2[75] من ق. الإث. حيث نص على نفس المقتضى إذ أجاز توجيه اليمين الحاسمة في أية حالة كانت عليها الدعوى.
لم يعين المشرع المغربي إذن وقتا يتم فيه توجيه اليمين الحاسمة، ولكن لما كان توجيه اليمين الحاسمة يستتبع التنازل عما عداها من أدلة ويؤدي إلى حسم النزاع نهائيا، فإن المستفاد من سكوت النص هو قبول توجيهها في أية حالة كانت عليها الدعوى، وفي سائر أطوار المسطرة من افتتاحها إلى حين إقفالها، بل إنه من الجائز أن يتقدم بطلبه (الخصم) بعد إقفال باب المرافعة وقبل صدور الحكم، ويتعين على المحكمة في هذه الحالة أن تخرج القضية من المداولة وتوجه إلى الخصم الآخر اليمين الحاسمة. فضلا عن هذا يجوز للخصم أن يتقدم بطلبه لأول مرة أمام محكمة الإستئناف، على أنه لا يحق ذلك أمام محكمة النقض لأنها ليست محكمة واقع بل محكمة قانون؛ و أن توجيه اليمين الحاسمة تتعلق بإثبات الواقع وهو ليس من اختصاص هذه المحكمة[76].
 أما عن توجيه اليمين الحاسمة أمام القضاء الإستعجالي فقد ثار خلاف حول جواز توجيهها، فأجاز البعض ذلك على أن يقتصر أثر اليمين على التدبير المؤقت، في حين رأى آخرون عدم جوازه لأن اليمين الحاسمة من شأنها أن تحسم النزاع نهائيا، وبالتالي تجعل الحكم الذي يصدر بناء عليها حاسما في أصل الدعوى وهو ما يحظر على القضاء المستعجل التصدي له[77].
إذن يظهر أن هذا الفراغ التشريعي حول وقت توجيه اليمين يفتح الباب واسعا أمام التأويلات الفقهية المتضاربة؛ لذلك ندعوا المشرع إلى التدخل من أجل تحديد نيته بهذا الصدد.
لقد حاولنا في ما مر معنا أن نوضح جوانب القصور في تنظيم اليمين من خلال ق.م.م سواء على المستوى الموضوعي أو الإجرائي، ومن خلال ما يلي نقترح على المشرع إغناء الترسانة التشريعية الخاصة باليمين باستوعاب أيمان الفقه الإسلامي.

المطلب الثاني: إغناء الترسانة التشريعية الخاصة باليمين باستوعاب أيمان الفقه الإسلامي[78]

إذا كان قانون المسطرة المدنية يقتصر في تصنيفه لليمين إلى نوعين–حاسمة ومتممة-،  فإن تنظيم الفقه الإسلامي لليمين حري بالمشرع المغربي أن يأخذه بعين الإعتبار؛ لأنه جاء شاملا وجامعا لكل الحالات والإفتراضات ولذلك تعددت أنواع اليمين بين تلك التي يحلفها المدعى عليه (الفقرة الأولى)، وبين التي يؤديها المدعي (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: يمين المدعى عليه

يميز فقهاء الشريعة في اليمين التي يؤديها المدعى عليه بين نوعين هما يمين الإنكار(أولا)،  ويمين التهمة (ثانيا).

أولا: يمين الإنكار

يقصد بيمين الإنكار تلك اليمين التي يوجهها المدعي للمدعى عليه عندما يعجز عن إثبات دعواه، وتسمى أيضا باليمين الدافعة[79]، وتعتبر يمين الإنكار وسيلة احتياطية، بحيث لا يلجأ إليها الخصم من أجل الإثبات إلا عندما يعوزه كل دليل آخر، فتسعفه هذه الوسيلة التي يحتكم بها لضمير خصمه وذمته، آملا ألا يقدم الخصم على أداء يمين يعتقد أنها كاذبة فيكسب دعواه نتيجة نكول خصمه.

ثانيا: يمين التهمة

هي اليمين التي يحلفها المدعى عليه في دعوى غير محققة، كأن يتهم شخص شخصا آخر بأنه يظن أنه سرق له متاعه أو بأنه لم يؤدي له ما عليه من الدين وغير ذلك... ففي مثل هذه الحالات لا يمكن للمدعي أن يأتي بالبينة التي تؤيد دعواه، لأنه  لا يتحقق بما يدعيه، و الأصل أن هذه الدعوى تسقط مادام المدعي ليس متحققا بما يدعيه؛ لأن من شروط الدعوى أن تكون في شيء محقق، لكن المالكية فرقوا بين نوعين من الدعوى غير المحققة:

النوع الأول: دعوى بشيء يضر بسمعة المدعى عليه ممن يشهد له بالخير ومخالطة أهله ومجانبة أهل الشر، فهذه الدعوى لا تقبل ولا تتوجه فيها اليمين على المدعى عليه، بخلاف ما إذا كان المدعى عليه ممن يمكن أن يتهم بما ادعي عليه به، كأن يكون من أهل الشر والعدوان[80].

النوع الثاني: دعوى بشيء لا معرة فيه على المدعى عليه، كأن يقول المدعي: أظن أن لي على فلان ألف درهم من سلف، فهذه الدعوى تسمع كيفما كان المدعى عليه، ويطالب بالجواب عنها؛ فإن أقر حكم عليه وإن أنكر فهنا اختلف فقهاء المالكية على ثلاثة أقوال:

القول الأول: عدم توجيه يمين التهمة مطلقا كيفما كان المدعى عليه، وذلك يفيد أنه لا يمين في الشك إذا لم تكن الدعوى محققة[81].

القول الثاني: أن يمين التهمة توجه مطلقا، أي سواء كان المدعى عليه بارا أم فاجرا، و لكن إذا كان المدعى عليه مبرزا في العدالة فإن يمين التهمة لا توجه إليه ولو اتهم بما فيه معرة[82].

القول الثالث: لا توجه يمين التهمة على المدعى عليه، إلا إذا أثبت المدعي أنه ممن يتهم بذلك فإن أثبت ذلك حلف المدعى عليه ولم يكن له رد اليمين[83].

هذا وإن يمين التهمة أقرت من طرف الفقه المالكي، واعتبرت استثناء من القاعدة القائلة الأصل في الإنسان البراءة ما لم يثبت العكس لذلك تعين تطبيقها في حدود ضيقة[84].
هذا ما يمكن قوله باختصار عن اليمين التي توجه للمدعى عليه في الفقه الإسلامي أما اليمين التي توجه للمدعي فنتطرق لها فيما يلي.
 
الفقرة الثانية: يمين المدعي

الأيمان التي توجه للمدعي في الفقه الإسلامي تتمثل في يمين القضاء (أولا)، واليمين مع الشاهد(ثانيا).

أولا: يمين القضاء

يقصد بيمين القضاء؛ اليمين التي يؤديها من أثبت حقا على غائب أو ميت أو صغير أو مجنون أو غير هؤلاء ممن لا يستطيع الدفاع عن نفسه، وأثبت المدعي دعواه بالحجة الكافية فإنه يطالب بأن يحلف يمينا زيادة على بينته التي أثبت بها دعواه[85] ، وقد أوجبها المالكية والحنفية استحسانا واحتياطا على مال الغائب[86]، وتعتبر يمين القضاء واجبة –فيما ذكر- لذلك لا يحكم بما يدعيه المدعي إلا إذا حلفها[87].

ثانيا: اليمين مع الشاهد

هذه اليمين هي تلك التي توجه للمدعي لتعضيد دعواه إذا أقام شاهدا وعجز عن الآخر، سواء كان ذكرا أو امرأتين أو شاهدا عرفيا[88]، ولقد اختلف الفقهاء حول مدى قبول الشاهد مع اليمين في الإثبات؛ فذهب الإمام أبو حنيفة وفقهاء آخرون إلى أنه لا يقضى باليمين مع الشاهد في شيء وحجتهم[89] في ذلك قول الله تعالى في سورة البقرة " و استشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين، فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء "[90]، بينما ذهب الإمام مالك والشافعي وأحمد بن حنبل إلى جواز اعتماد اليمين مع الشاهد؛ ويستدلون في ذلك إلى ما يروى عن أن رسول الله (ص) بأنه قضى بيمين وشاهد[91].
ويرى جانب من الفقه[92] أن اليمين مع الشاهد تقابلها في القانون الوضعي اليمين المتممة، لكننا لا نعتقد ذلك ونميل إلى رأي آخر[93] يعتبر أن اليمين المتممة من شروط توجيهها أن يكون هناك دليل ناقص، أما اليمين مع الشاهد فهي مكملة للنصاب وبذلك فهما يختلفان.
اتضح لنا إذن من خلال استعراض أنواع اليمين في الفقه الإسلامي، أن هذا الأخير غني في هذا الصدد بما يتلاأم مع الواقع المعروض على القاضي، لذلك ندعوا المشرع المغربي إلى الإستفادة من هذه الأيمان.
 
الهوامش

[1]الزحيلي ، محمد مصطفى: وسائل الإثبات في الشريعة الإسلامية في المعاملات المدنية والأحوال الشخصية ج.1 و ج.2، ط.1 1982 بيروت ص363.
[2]الصدة ، فرج عبد المنعم: الإثبات في المواد المدنية، الطبعة الثانية 1995 القاهرة مصر ص 419.
[3]مرقس ، سليمان: الوافي في شرح القانون المدني أصول الإثبات وإجراءاته في المواد المدنية الأدلة المطلقة الجزء الخامس المجلد الثاني، الطبعة الخامسة 1991 شبرا مصر ص 134.
[4]ق.ع. 126 في الم. المدني ع. 67/86،صاد. بتا. 17/1/90 منشور بمج. المع، ع.17 ص 77 ومايليها.
[5]منصور ، محمد حسين: قانون الإثبات مبادئ الإثبات و طرقه طبعة 2007 دار الجامعة الجديدة للنشر مصر ص 224 .
[6]مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني المصري الجزء 3 ص 446.
[7]السنهوري ، أحمد عبد الرزاق: الوسيط في شرح القانون المدني الجديد نظرية الإلتزام بوجه عام الإثبات-آثار الإلتزام، الجزء الثاني طبعة 1973 دار إحياء التراث العربي بيروت لبنان ص 516.
[8]الخمليشي ، أحمد: وجهة نظر ج.2، ط.2 1998 دار نشر المعرفة الرباط ص271.
لكن ما تجب الإشارة إليه بخصوص طبيعة اليمين الحاسمة أن هناك اختلافا في تكييفها؛

    إذ أن هناك من يكيفها تعاقدا أو صلحا لكن هذا التوجه تم انتقاده لسببين:

الأول: أن كل تعاقد يفترض إيجابا وقبولا والملاحظ في القبول هو ثبوت الخيار لمن وجه إليه الإيجاب بغير مسؤولية عليه فإذا انتفى الخيار فليس ثمة تراض أو تعاقد.
الثاني: ليس في توجيه اليمين الحاسمة ما يمكن ان يستند عليه لتكيف صلحا، لأن في الصلح يتنازل كل من طرفيه على وجه التقابل على جزء من ادعائه، أما في اليمين الحاسمة فيترتب عن توجيهها قبول دعوى كاملة أو رفضها بحسب موقف الخصم الذي وجهت إليه هذه اليمين الحاسمة تفاصيل أكثر يمكن الرجوع لمؤلف:

    بادن ، محمد: إشكالات اليمين بين القانون والفقه الإسلامي على ضوء الإجتهاد القضائي،ط.1  2002 دار القلم للطباعة والنشر والتوزيع الرباط ص 47. ومجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني المصري ج.3 ص 445.

    وهناك من يكيفها تصرفا قانونيا بإراة منفردة:

و يستند هذا الإتجاه في تأصيل رأيه إلى أن توجيه اليمين الحاسمة ينتج أثره بمجرد هذا التوجيه، وأن قبول من وجهت إليه اليمين الحلف ليس قبولا لإيجاب؛ لأن من وجهت إليه اليمين ليس له إلا أن يقبل الحلف أو أن يرد اليمين على موجهها، أي لا يملك إلا قبول الإحتكام إلى ضميره أو أن يحتكم هو إلى ضمير خصمه.
هذا الرأي أيضا لم يسلم من النقد؛ باعتبار أن قوام التصرف القانوني بالإرادة المنفردة يكمن في حرية صاحبه في انشائه وفي تحديد آثاره على نحو معين، وهذا الأمر متخلف في شأن توجيه اليمين الحاسمة وإن كان لا يتم إلا بمبادرة من الخصم المكلف بالإثبات تفاصيل أكثر يمكن الرجوع إلى مؤلفي

    السنهوري ، أحمد عبد الرزاق : م.س ص 677.  
    زهران  همام محمد ، محمود: م.س ص367.

    وهناك اتجاه ثالث يكيف اليمين الحاسمة على أنها نظام خاص أقره القانون استجابة لمقتضيات العدالة:

 فإذا أعوزت المدعي كتابة او بينة ولم يتيسر له الحصول على إقرار، و أنكر خصمه دعواه أو دفعه أخفق في مسعاه، ولكن طريق اليمين الحاسمة تظل ممهدة له، ففي مقدوره أن يوجهها وفق أحكام القانون وبذلك يتسنى له الإحتكام إلى ذمة خصمه ولمروؤته أو شعوره الديني تفاصيل أكثر راجع:

    زهران همام محمد ، محمود: أصول الإثبات في المواد المدنية والتجارية، ط.2002 دار الجامعة الجديدة للنشر الإسكندرية ص 367.

[9]ريولط ، أدولف: قانون المسطرة المدنية في شروح، ط. 1996 منشورات جمعية تنمية البحوث والدراسات القضائية ص 89.
[10]ينص الفصل 85 من ق.م.م: " إذا وجه أحد الأطراف اليمين الحاسمة إلى خصمه لإثبات إدعاء أو ردها هذا الأخير لحسم النزاع نهائيا.."
[11]ق.ع 330 في المل. التجاري ع. 4154/92، صاد. بتا. 1/3/2000 منشور بمج. ق.م.أ،ع.66 ص 287 و ما يليها.
[12]ق.ع 639 في المل. المدني ع. 1729/7، صاد. بتا. 25/2/2009 منشور بمج.ق.م.أ،ع.72 ص 73 وما يليها.
[13]مرقس ، سليمان: م.س ص 750.
[14]نشأت ، أحمد: رسالة الإثبات، الجزء 2 ط.2005 مكتبة العلم للجميع بيروت لبنان ص 81.
[15]ق.ع 126 في المل. المدني ع 67/85،صاد. بتا. 17/1/1990 منشور بمج. المع.ع،17 ص 77 وما يليها.
[16]ينص الفصل 86 من قانون المسطرة المدنية: " إذا عاق الطرف مانع مشروع و ثابت بصفة قانونية، أمكن تأدية اليمين أمام قاض أو هيأة منتدبة للتوجه عنده مساعدا بكاتب الضبط الذي يحرر في هذه الحالة محضرا بالقيام بهذه العملية
إذا كان الطرف الذي وجهت إليه اليمين أو ردت يسكن في مكان بعيد جدا أمكن للمحكمة أن تامر بأن يؤدي اليمين أمام محكمة ابتدائية لمحل موطنه على أن تسجل له تأديته لهذه اليمين ".
[17]ينص الفصل 88 من ق.م.م على ما يلي: "يمكن للمحكمة أن تأمر دائما بعد اتفاق الأطراف على أن تؤدى اليمين طبقا للشروط التي تلزم دينيا ضمير من يؤديها
في حالة حصول مثل هذا الإتفاق يثبت ذلك في الحكم الذي يحدد الوقائع التي تستوفي اليمين عليها، والأجل والمحل والشروط المحددة لإتمام تأديتها
تؤدى اليمين حينئذ بحضور الطرف الآخر أو بعد استدعائه بطريقة قانونية و بحضور القاضي المنتدب أو الهيأة المنتدبة و كاتب الضبط الذي يحرر محضرا بالقيام بهذه العملية."
[18]ق.ع 586، صاد. بتا. 25/2/1995 مشار إليه في مؤلف محمد بادن: إشكالات اليمين بين القانون والفقه الإسلامي على ضوء الإجتهاد القضائي، ط.2002 ص 20.
[19]راجع موقف الأستاذ محمد المجدوبي الإدريسي في هذه النقطة: إجراءات التحقيق في الدعوى في قانون المسطرة المدنية، ط.1 1996 مطبعة الكاتب العربي دمشق ص 180
[20]Razon , Jean Paul : Les instructions judiciaire et la procédure civil du Maroc edi.1988. p.186.
وفي هذا السياق تنص مجلة الإلتزامات والعقود التونسية في الفصل 495 على أنه " يكون أداء اليمين بجامع الخطبة أو بغيره من أماكن العبادة التي يعينها الخصم الذي وجهها وبحسب ديانة الذي يؤديها ".
[21]الجبوجي ، المعطي: القواعد الموضوعية والشكلية للإثبات وأسباب الترجيح بين الحجج، ط.1 2002 مكتبة الرشاد سطات ص 128.
[22]رواه النسائي و ابن ماجة و مسلم.
[23]لبريس ، نور الدين: نظرات في قانون المسطرة المدنية، ط.1 2012 مطبعة الأمينة الرباط ص 102.
[24]ق.ع. 1934 في الم.ع.3559/91،صاد. بتا. 1/6/1994 مشار إليه في مؤلف محمد بفقير : قانون المسطرة المدنية والعمل القضائي المغربي ط.2012 ص 180.
[25]ق.ع. 986،صاد. بتا.2/3/2010 مشار إليه في مؤلف نورالدين لبريس:نظرات في قانون المسطرة المنية ط. 2012 ص 103.
[26]العبودي ، عباس : شرح أحكام  قانون الإثبات المدني ط.2005  دار الثقافة عمان ص 310.
[27]فقد كانت الإشارة بسيطة ومقتضبة إلى إمكانية الرد في الفصلين 85/1 و 86/2.
[28]بادن ، محمد: إشكالات اليمين بين القانون و الفقه الإسلامي على ضوء الإجتهاد القضائي، ط .1  2002 دار القلم للطباعة والنشر والتوزيع الرباط المغرب ص 22.
[29]شهبون ، عبد الكريم: الشافي في شرح قانون الإلتزامات والعقود المغربي الكتاب الأول ج.3 ط.1990 النجاح الجديدة.ص 514.
[30]و سنتطرق للنكول ضمن الفقرة الثانية من هذه الراسة، باعتبارها من جوانب القصور في قانون المسطرة المدنية على مستوى اليمين الحاسمة.
[31]الجبوجي ، المعطي: م.س ص 129.
[32]ريولط ، أدولف: قانون المسطرة المدنية في شروح، م.س ص 89.
[33]ق.ع. 1726، صاد. بتا.23/11/1983 مشار إليه في مؤلف محمد بفقير: قانون المسطرة المدنية والعمل القضائي المغربي ص186.
[34]ق. في الم. المدني ع. 2599/83،صاد. بتا.27/10/1987 مشار إليه في مؤلف محمد بفقير : قانون المسطرة المدنية والعمل القضائي المغربي ص 186.
[35]تفاصيل أكثر مؤلف السنهوري: م.س ج.2 ص 577.
[36]ق.ع. 3094 في الم. المدني ع. 1892/91،صاد. بتا.24/11/1993 منشور بمج. المع،ع.20 ص 159 وما يليها.
[37]ق.ع. 92 في الم. المدني ع. 1502/97،صاد. بتا.17/1/97 منشور بمج. اش،ع.24 ص 119 وما يليها.
[38]ق.ع. 6367 في الم. المدني ع. 1059/94،صاد. بتا.92/10/1993مشار إليه في مؤلف نورالدين لبريس : نظرات في قانون المسطرة المدنية، ط. 2012 ص 120.
[39]ينص الفصل 404 من قانون الإلتزامات و العقود: وسائل الإثبات التي يقررها القانون هي:
.....
5)اليمين و النكول عنها
[40]ضمن الفصول 85 إلى 88 وهي الفصول موضوع الدراسة ضمن هذا المطلب الأول من المبحث الثاني من الفصل الثاني من بحثنا.
[41]جلال علي العدوي: م.س ص 489.

    السنهوري ، أحمد عبد الرزاق : م.س ج.2 ص 577.

[42]الروبي ، أسامة: الوسيط في شرح قانون الإثبات العماني، ط.2009 مطابع شتات مصرص 306.
[43]المشرع الفرنسي من خلال القانون المدني حدد هذه الشروط في الفصل 1367: و هي ألا تكون الدعوى ثابتة بأدلة كاملة  وأن لا تكون خالية من أي دليل. و النص الأصلي لهذا الفصل ورد كالآتي:
Arti. 1367 du c.civ.fr :
" Le juge ne peut déférer d'office le serment, soit sur la demande, soit sur l'exception qui y est opposée, que sous les deux conditions suivantes ; il faut : 1. Que la demande ou l'exception ne soit pas pleinement justifiée ; 2. Qu'elle ne soit pas totalement dénuée de preuves. Hors ces deux cas, le juge doit ou adjuger ou rejeter purement et simplement la demande".
[44]مرقس ، سليمان: م.س ص 682.
[45]ق. صادر في الم. المدني ع. 2659/90،صاد. بتا.21/11/95 مشار إليه في مؤلف محمد بفقير قانون المسطرة المدنية والعمل القضائي المغربي ص 187.
[46]بادن ، محمد : مرجع سابق ص 26.
[47]ق.ع. 1726،صاد. بتا.23/11/83 منشور بمج.ق.م.أ،ع.م 35 و 36 ص 18 وما يليها.
[48]لا وجود أيضا إشارة في القانون لمدى إلزامية هذه اليمين  للقاضي إن هي أديت، ولا تنصيص كذلك لمدى إمكانية الإدلاء بحجج أخرى بعد أداء اليمين هذه من جوانب القصور التي تعرفها قانون المسطرة المدنية على مستوى تنظيم اليمين.
[49]المجدوبي الإدريسي ، محمد : م.س ص 192.
[50]النداوي ، آدم وهيب : دور الحاكم المدني في الإثبات دراسة مقارنة، ط.1 2001 الدار العلمية الدولية ودار الثقافة عمان الأردن ص 298، أنظر أيضا:

    السنهوري ، أحمد عبد الرزاق : م.س: ص 586 .
    العبودي ، عباس: م.س ص 316.

[51]القانون م.ف. نظم اليمين في الفصول 1357 إلى إلى 1369 بحيث أن الفصل 1357 هو القاعدة العامة لليمين في هذا القانون، أما اليمين الحاسمة "Du serment décisoire." فقد نظمها في الفصول 1358 إلى 1365،وبالنسبة لليمين المتممة "Du serment déféré d'office." فقد نظمها في الفصول 1366 إلى 1369.
[52]مجلة الإلتزامات والعقود التونسية نظمت اليمين في الفصول 492 إلى 512 بحيث أن الفصول 492 إلى 496 هي عبارة عن القواعد العامة لليمين، أما اليمين الحاسمة فنظمتها المجلة في الفصول 497 إلى 507، وبالنسبة ليمين الإستيفاء -المتممة عندنا- فنظمتها هذه المجلة في الفصول 508إلى 512.
[53]شهبون ، عبد الكريم: م.س ص 515.
[54]نشأت ، أحمد: م.س ج.2 ص 115.

     السنهوري ، أحمد عبد الرزاق: مرجع سابق ص 539 .
    زهران همام محمد ، محمود: أصول الإثبات في المواد المدنية والتجارية، ط.2002 دار الجامعة الجديدة للنشرالإسكندرية مصر ص378.

[55]ق.ع. 2932 بالم.ع.120/02،صاد. بتا.25/2/2002 مشار إليه في مؤلف محمد بفقير: قانون المسطرة المدنية والعمل القضائي المغربي ص 121.
[56]ق.ع. 684 في الم. ع. 587/04،صاد. بتا. 21/6/2006 منشور بمج. المع، ع.38 ص 133 وما يليها.
[57]ق. ع. 330 في الم. التجاري ع. 4154/92،صاد. بتا.1/3/2000 منشور بمج. ق.م.أ، ع.56 ص 287 وما يليها.
[58]سعد ، نبيل إبراهيم: الإثبات في المواد المدنية والتجارية في ضوء الفقه والقضاء،ط.2000 منشأة المعارف الإسكندرية مصر ص 232.
[59] السنهوري ، أحمد عبد الرزاق: م.س ص 543.
[60]السنهوري ، أحمد عبد الرزاق : م.س ص 516.
[61]للإطلاع على هذا الموقف نستعرض مقتضى الفصل 503 من م.ل.ع.التونسية "إذا كان من وجهت عليه اليمين مطلوبا فلا يكفي نكوله لإثبات حق خصمه إلا بيمينه فإن أداها أو رجع المطلوب في توجيهها عليه حكم له، وإن نكل حكم عليه ولو مع نكول المطلوب."
[62]ابن رشد: بداية المجتهد و نهاية المقتصد ج.2، تحقيق عبد الله العبادي، ط.1  1995 دار السلام للنشر والتوزيع  ص46.
[63]بن معجوز ، محمد: وسائل الإثبات في الفقه الإسلامي، ط.1 1984 مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء المغرب ص 289.
[64]بادن ، محمد : م.س ص 55.
[65] مضمون الفصل 500 من م.ل.ع. التونسية :
"لا يجوز توجيه اليمين في الصور الآتية :
أولا – إن كانت يمين تهمة وأراد المتهم توجيهها على الطالب.
ثانيا- لإثبات معاملة يوجب القانون أن يكون إثباتها بحجة رسمية أو بالتسجيل.
ثالثا- لنفي أمر شهدت به الحجة الرسمية إذا صرح المأمور الذي حرره ابأن ذلك وقعبمحضره.
رابعا- لإثبات دعوى يمنع القانون القيام بها نظرا للنظام العام أو للأخلاق الحميدة.
خامسا- لإثبات أمر قدألغي بحكم لا رجوع فيه.
سادسا- إن كان من البيّن عدم فائدتها أو قصد التعنيت بها".
[66]مرقس ، سليمان: م.س ص 758.
[67]نشأت ، أحمد : م.س ص 144.
[68]النداوي ، آدم وهيب: م.س ص 289.
[69]ق.ع. 75/28/98 في الم.ع. 2857/97،صاد. بتا.28/07/1998 غير منشور مشار إليه في مؤلف: محمد بفقير قانون المسطرة المدنية والعمل القضائي المغربي ص 181.
[70]ق.ع.399 في الم. المدني ع.3156/05،صاد. بتا. 31/1/2007 منشور بمج. المع.ع.40 ص 222 ومايليها.
[71]ق.ع. 5111 في الم. المدني ع. 1994/3/98،صاد. بتا.9/1/1999 غير منشور مشار إليه في مؤلف سعيد كوكبي:الإثبات وسلطة القاضي في الميدان المدني دراسة بين الفقه الإسلامي و القانون المغربي م.س ص 90.
[72]ق.ع. 639 في الم.ع. 1729/07،صاد. بتا. 25/2/2009 منشور بمج.ق.م.أ،ع.72 ص 73 وما يليها.
[73]Artic. 1360 du c.civ.fr :
"Il peut être déféré en tout état de cause, et encore qu'il n'existe aucun commencement de preuve de la demande ou de l'exception sur laquelle il est provoqué."
[74]النص الأصلي للفصل 497 من م.ل.ع التونسية : "يجوز توجيه اليمين الحاسمة للنزاع في كل دعوى مطلقا وفي كل درجة من التقاضي ولو لم يكن هناك بداية حجّة لإثبات المطلب أو الدفع الموجه فيهما اليمين."
[75]تنص المادة 115/2 من قانون الإث. المصري على ما يلي: " يجوز توجيه اليمين الحاسمة في أية حالة كانت عليها الدعوى. "
[76]المجدوبي الإدريسي ، محمد: م.س ص 176.
[77]مرقس ، سليمان : م.س ص 784؛
وفي هذا الخصوص نميل إلى الرأي الأول الذي يجيز الحلف متى تعلق بالتدبير المؤقت الذي لا يؤثر على أصل الحق.
[78]لقد اهتم فقهاء الشريعة الغراء باليمين اهتماما بالغا في موضعين، أحدهما اليمين الموجبة للكفارة وخصصوا لذلك كتابا مستقلا في كتبهم باسم "كتاب الأيمان"، وثانيهما اليمين كطريق للحكم -و هذا ما يهمنا في هذه الدراسة- و خصصوا لذلك كتابا مستقلا في كتبهم باسم "باب اليمين في الدعاوى" لتفاصيل أكثر أنظر:

    محمود هشام ، محمد: القضاء ونظام الإثبات في الفقه الإسلامي و الأنظمة الوضعية م.س ص 326.

[79]ابن فرحون ، اليعمري المالكي: تبصرة الحكام في أصول الإقضية ومناهج الأحكام ج.1، ط.2003 دار عالم الكتب الرياض المملكة العربية السعودية ص 147.
[80]بن معجوز ، محمد: وسائل الإثبات في الفقه الإسلامي،  م. س ص 259.
[81]الونشريسي ، أحمد بن يحيى: المعيار المعرب ج.10 دار الغرب الإسلامي أخرجه مجموعة من الفقهاء بإشراف الدكتور محمد حجي، ط.1981 نشر وزارة الاوقاف والشؤون الإسلامية المغربية ص 256 .
[82]التسولي ، أبو الحسن علي بن عبد السلام: البهجة في شرح التحفة ج.1، ط.1 1998 دار الكتب العلمية بيروت لبنان ص 290.
[83]ابن فرحون ، اليعمري المالكي: م.س ج.1 ص 262.                                                                                            
[84]التيالي ، سعاد: اليمين القضائية كوسيلة إثبات في المجال المدني رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص السنة 2002. ص16.
[85]يهوذ بن سعد الزكزكي: فتح الجواد في شرح الإرشاد مشار إليه في مؤلف سعيد كوكبي: الإثبات و سلطة القاضي في الميدان المدني دراسة بين الفقه الإسلامي و القانون المغربي ط.2005 دار القلم الرباط ص 77 .
[86]بادن ، محمد: إشكالات اليمين بين القانون و الفقه الإسلامي على ضوء الإجتهاد القضائي م.س ص 33.
[87]بن معجوز ، محمد: م.س ص 263.
[88]بن فرحون ، اليعمري المالكي: م.س ج.1 ص 251.
[89]لتفاصيل أكثر حول الفقهاء اللذين لا يجوزون هذه اليمين يمكن الرجوع إلى مؤلف أبي بكر أحمد بن علي الرازي المعروف بالجصاص: أحكام القرآن ج.1 ص 541 .
[90]الآية الكريمة 282 من سور البقرة.
[91]أخرجه الأمام مسلم في صحيحه، كتاب الأقضية باب القضاء باليمين والشاهد ج.3  دار إحياء الكتب العربية ص 1337.
[92]بفقير ، محمد: دراسات قضائية ج.1 ، ط.2001 مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء ص129.
[93]الخمليشي ، أحمد: وجهة نظر ج.2 هامش ص 271




الاثنين 14 ديسمبر 2015

تعليق جديد
Twitter